شرح الشیخ جعفر علی قواعد العلامه ابن المطهر

اشارة

نام کتاب: شرح الشیخ جعفر علی قواعد العلاّمة ابن المطهر موضوع: فقه استدلالی نویسنده: نجفی، کاشف الغطاء، جعفر بن خضر مالکی تاریخ وفات مؤلف: 1228 ه ق زبان: عربی قطع: وزیری تعداد جلد: 1 ناشر: مؤسسه کاشف الغطاء- الذخائر تاریخ نشر: 1420 ه ق

ص: 1

اشارة

ص: 2

ص: 3

[مقدمات التحقیق]

[مقدمة]

شرح القواعد

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِیمِ

الحمد لله الذی شرّع لنا دین الإسلام و مَهّدَ للسالکین فی مَهِیْعِه" قواعد الأحکام" بما قیَّضَ له من جهابذةِ العلماء الأعلام الباذلین جهودهم المشکورة لاسْتِکْناهِ أسرارِ تشریعاته علی أوضح منهج و أبدع نظام فکانوا الصُّوی الهادیة لإرشاد الأنام إلی معرفة مسائل الحلال و الحرام. و الصلاة و السلام علی سیّد الأنام المظلَّل من حرِّ الهجیر بالغمام سیّدنا و نبیّنا محمد بن عبد اللّه المبعوث للخاص و العام و آله الطیبین الطاهرین من الأدناس و الآثام إلی قیام الساعة و ساعة القیام.

و بعد:-

فهذا شرحٌ مُوعِب لشیخ الفقهاء و مربّی المجتهدین الفقیه الأکبر الشیخ جعفر کاشف الغطاء (قدس سره) المتوفی سنة (1228 ه) و رَشحَةٌ من رشحات یراعه الشریف فی شرح متاجر" قواعد الأحکام" لآیة اللّه العلامة الحلّی (قدس سره) الحسن بن یوسف بن علی بن المطهّر المتوفی سنة (726 ه). و هو شرحٌ مَتین کاشفٌ عن مراد المصنِّف بأوضح تعبیر و أبلغ بیان مع استیفاء المعنی و إیجاز المبنی کما هو شأنه رضوان اللّه علیه فی کلِّ ما أجال قلمه المبارک فیه. و قد نقل عنه علم الهدی الثانی الشیخ الأنصاری (قدس سره) فی مکاسبه و عبّر عن الشارح بقوله: (قال بعض الأساطین).

و قد اخترنا لهذا الشرح النفیس عنواناً یدلُّ علی معناه و یرشد إلی فحواه فوسمناه ب" شرح الشیخ جعفر علی قواعد العلّامة ابن المطهر". مبتهلین إلی المولی تبارکت آلاؤه أن ینفع به الدارسین الباحثین من العلماء و الطلبة، و یوفق القائمین علی نشره لِمواصلةِ السعی لنشر سائر آثار سلفنا الصالح و مِنَ اللّه التوفیق.

ص: 4

[مقدمة المؤلف]

بسم اللّه الرحمن الرجیم و به نستعین

الحمد لله الذی اشتق نور الوجود من ظلمة العدم، و جعل دین محمد (ص) بین الأدیان کنارٍ علی علم، و أمّته وسطا لتشهدوا علی الخلائق من جمیع الأمم، و صلّی اللّه علی نبیّه و آله سادات العرب و العجم.

أمّا بعد:

فإنّه کان یختلج فی خاطری برهةٌ من الزمان السابق أن أشرح قواعد العلامة (رحمه اللّه) شرحاً بها لائق، و لنظم عباراتها موافق، فمنعتنی صروف الحدثان عن الخوض بذلک حتی منَّ اللّه تعالی علیَّ بالرجوع من خراسان، و سألنی ذلک بعض الأعیان من أکابر المحصّلین من الأخوان، فشرعت فیه معتمداً علی الملک العلّام أن یمنَّ علیَّ بالتوفیق للإتمام.

ص: 5

کتاب المعاملات

تقسیم الفقه

و هو القسم الثانی من أقسام الفقه لأنّه ینقسم إلی أربعة أقسام:

عبادات و هیَ عبارة عمّا اشتُرِط فی صحّته النیّة أو ما شرّع للمصالح الأخرویة، أو ما کان فیه رجحانیة شرعیة أصلیّة أو ما یعمُّ العارضة.

و معاملاتٌ تنقسم إلی ما للألفاظ فیها مدخلیة و لها قسمان هی:

عقود: و هی مشتملة علی الإیجاب و القبول أو المشتملة علی رضا الطرفین أو المتضمنة لقصدٍ من الجانبین.

و إیقاعات: عبارة عن إیجابات أو قصود أو عن رضاً مِن جانبٍ واحد.

و إلی أحکامٍ أثبتها الشرع من غیر توقیف علی لفظٍ أو قصدٍ أو رضا، و جمیع التّعریفات مدخولة فی طردها و عکسها إلّا أنْ یُراد الاستطراد فی دخول آحادهما فی تعدادها و اختلاف کلمتهم مبنیّ علی اختلاف مصطلحهم و فیه کتب.

کتاب المتاجر

اشارة

قوله: (کتاب المتاجر) أی التجارات بالمعنی المصدری و ترک التعبیر بها کما فی اللمعة خلافاً للشرائع لظهورها فی غیر المرام، و هو الصناعات الدّاخلة فی الملکات أو محالّها لقیام احتمال المصدر المیمی و اسم المکان فی

ص: 6

مفردها و لکلٍّ منهما ما یوافقه من الأقسام الآتیة أو هما معاً من باب عموم الاشتراک أو غیره لیصحّ التعلق بالقسمین من دون اعتبار الحیثیة فی تعلّق الأحکام فی أکثر الأقسام، اکتفاءً بإرادة الأعمّ فی المقسم، و لیس المعنی بها ما فی الزکاة مما یوافق ظاهر العرف و اللّغة من المعاوضة لطلب الربح زائداً علی رأس المال إذ لیس لها هنا خصوصیة، و لا ما یحصل الاکتساب به علی أیّ حالٍ کان کما فی" الدروس" و إلّا لم یکن قسیماً للدیون و الإجارات و لا مطلق الاکتساب بالأعیان، و إلّا دخل کثیر من أبواب هذا الکتاب فیه فیُراد البیع و توابعه علی نحو ما فی المبسوط و الخلاف، فما ذکر فی المقدمات أو بعض المقامات من غیر ذلک فمن الملحقات و لیس من المقاصد الأصلیة، و ما ورد فی الأخبار من مدح التجارة و التجّار فمحمولٌ علی ما أُرید فی کتاب الزکاة، و کذا مطلقها إذا تعلّق به شی ءٌ من أسباب الالتزام من عقد معاوضة أو نذرٍ أو عهد أو یمین لأنّه المعنی الظاهر عند الإطلاق کما مرّ و فیه مقاصد.

ص: 7

أقسام المکاسب

المقصد الأول: المقدمات

الفَصْلُ الأَوَّل: أقسام مطلق المکاسب
اشارة

قوله: (و فیه مقاصد الأول فی المقدمات و فیه فصلان: الأول فی أقسامها) أی أقسام مطلق المکاسب و لواحقها مما یعمّ الفعل و المحلّ استخداماً حیث نجعل المرجع خاصّاً و لو عممناه أو خصصناه فالضمیر علی حاله، و هی صیَغاً أو نقلًا أو انتقالًا أو آثاراً (و هی تنقسم بانقسام الأحکام الخمسة) لا الثّلاثة بترک الواجب و المندوب، کما فی کلام بعض أو المباح و المکروه کما فی کلامِ آخر، و لکلٍّ وَجْه غیر إن أولها أولاها، و الانقسام مع إرادة الفعل فی العنوان ظاهر لأنّه متعلق الأحکام، و ینافیه ذکر الأعیان فی عدِّ الأقسام، و مع إرادة المکان یلزم الخروج عن ظاهر العنوان. و دفع الإشکال بالکلیّة یحصل باعتبار الحیثیة.

ما یجب من المتاجر

(فمنه واجب) عینیّ تعیینی و هو کسب أو نفس (و هو ما یحتاج الإنسان إلیه)، أو الأعمّ منهما فحال هذا القسم کحال الأقسام الآتیة محتمل للوجوه الثلاثة (لقوتِه و قوت عیاله) الواجبی النفقة أو بعض النفوس المحترمة أو لبعض الأُمور الملزمة إلی غیر ذلک من الواجبات الموقوفة علیه، (و لا وجه له) من مال أو استعفاء أو تخلّص بطلاق و نحوه یدفع به الواجب عن نفسه (سوی المتجر) و لو عمَّمت الوجوب استغنیت عن بعض القیود، و الأقوی کون الواجب أصلیاً یترتب علیه الآثار و یستحق علی ترکه دخول النار کما یظهر من الأخبار.

ص: 8

ما یستحب من المتاجر

و (مندوبٌ) معیّن أو مخیّر فی نفسه أو بالنسبة إلی غیره من أفراد الواجب أو المندوب المخَیّرین (و هو ما یُقصد منه التوسعة علی العیال) الواجبی النفقة أو أصل النفقة علی غیر واجبها (أو نفع المحاویج) أو غیرهم من الناس أو غیر ذلک من الأمور الرّاجحة ما لم تصل إلی حدّ الوجوب بأن تکون (مع حصول قدر الحاجة) الموجبة (بغیره).

ما یباح من المتاجر

(و مباح: و هو ما یُقصد به الزیادة فی المال لا غیر مع الغنی عنه) فالاکتساب فی ذاته مع عدم العوارض مباح لا رجحان فیه، أو فیه رجحان لا یصله إلی الاستحباب الشرعی. و فی الأدلّة ما یفید ندبه فی ذاته و لا محیص عن العمل به کقول النبی (ص):

(العبادة سبعون جزءاً أفضلها طلب الحلال)

و قول الصادق (ع):

(التجارة تزید فی العقل)

و قوله (ع):

(لا تدَعوا التجارة فتهونوا)

و فیما دلَّ من عقلٍ أو نقلٍ علی رجحان الحزم و العزم و القدرة و مرجوحیة التهاون و الکسل و العجز، و ما دلَّ من الکتاب و السنّة علی الأمر بالمشی و السعی فی طلب الرّزق ما یفید الرجحانیة الشرعیة و یتضاعف الرّجحان بتضاعف أسبابه و یقوی بقوّتها عقلًا و نقلًا فعن الباقر (ع):

(نِعمَ العون الدنیا علی طلب الآخرة)

و عنه (ع):

(من طلب الرزق فی الدنیا استعفافاً عن الناس و سعیاً علی أهله و تعطفاً علی جاره لقی اللّه و وجهه مثل القمر لیلة البدر)

، و عن الصادق (ع) إنّه قال:

(لمن قال أطلُبُ الدنیا أعود بها علی عیالی)

و ذکر مرجّحات أُخر (هذا طلب الآخرة) و غیر ذلک من الأخبار.

ص: 9

ما یکره من المتاجر

(و مکروه: و هو ما اشتمل علی وجه نهی الشارع عنه نهیَ تنزیه) عُلم من طریق العقل أو النقل و لو فی واجب کفائی أو تخییری (کالصرف) أی بیع الأثمان بالأثمان، (و بیع الأکفان) من الفرض و النفل، (و الطّعام) أی مطلق الحبوب الّتی تقتات بها الناس لا مطلق المطعوم و لا خصوص الحنطة کما فُسّر بهما، الدقیق (و الرقیق) معللًا بعدم الخلوِّ من الربا و تمنی الغلاء و عدم السلامة من الاحتکار، و إنّ شرَّ الناس من باع الناس فتسریة الحکم إلی غیر البیع من عقد أو معاطاة و إلی جمیع ما تجری فیه العلل کبیع الأمثال من المکیل و الموزون، و التکسب بالجریدتین و السدر و الکافور و النعش، و النیابة فی العبادات و جمیع ما تعمُّ الحاجة به إلی القوت و یتعلق به الاحتکار غیر بعید، و أمّا تمام الانتفاع من غیر الأقوات کالأقمشة و نحوها فلا تسری إلیه. (و اتخاذ الذبح و النحر صنعة) معللًا بقساوة القلب و ربما تمشّت إلی جمیع ما بیعت علی ذلک، و قصر العلّة علی موضع أقوی، و قید الصنعة جارٍ فی الجمیع و إنْ اختص فی ظاهر العبارة بالأخیر (و الحیاکة و النساجة) تفسیر، و ربما خُصّتْ الحیاکة بالغلیظ و النساجة بالرقیق، و تفسیر اللّغویین لهما بالصناعة أغنی عن قیدها و عُلل بأنّ ولد الحائک لا ینجب إلی سبعة أبطن، و لا یدخل فیهما ما کان من خوص أو لیف لعدم انصراف الإطلاق علیه و لأنّه عمل النساء. (و) منه (الحجامة) جمعاً بین أخبار المنع و أخبار الرخصة بالحمل علی الکراهة (مع الشرط) حملًا للمطلق علی المقیَّد، و تنزیل أخبار المنع علی شدّة الکراهة فتکون مکروهة مطلقاً کما ذهب إلیه بعض أصحابنا غیر بعید، و ترک الشّرط من المحجوم مکروه کغیره من المُتأخّرین، و حمل

ص: 10

الحجّام علی فعل مکروه لا یمنع الرجحان فی حقّه و لو شرط المحجوم و سکت الحاجم فلیس بمشترط، و لو صرّح بالقبول کان مشترطاً علی تردد، و مع طلب المحجوم من غیر شرط یرجع إلی أُجرة المثل و عدم التعرض لتعداد المحجمة و الجروح و قدر الدّم لا یقتضی الجهالة. (و) تقبیل (القابلة معه) لحصول النقص فیها مع الشرط حینئذٍ.

(و أُجرة الضراب) للخبر و یعتبر ذکر عدد العرْد فی الخیل و الإبل و المدّة فی الغنم فما دونها. و فی البقر وجهان و النطفة من التوابع فلا یلزم المعاوضة علی النجس و کون متعلق الإجارة عیناً، (و کسب الصبیان) الذین لم یبلغوا حدّ التکلیف و لم یُعلَم أنه بحیازة أو بطریق غیر حائز من معاملة لا یصحُّ منهم أو غصب و مع العلم یجوز بلا کراهته فی الأول و یحرُم فی الثانی (و غیر المتجنب للحرام) و تتفاوت الکراهة شدّةً و ضعفاً بتفاوت التهمة و الظاهر زوال الکراهة مع انتقاله إلی أیدی أُخَر، و لو أُخبر صاحب الید بحرمة ما فی یده قُبِل قوله و لو کان فاسقاً. (و أُجرة تعلیم) أصل قراءة (القرآن) ما لم یدخل فی الواجب عیناً أو کفایة کتعلیمها للصلاة المفروضة، و لا بأس بأخذها لتعلیم القراءات و تلقین بعض الکیفیات، و النّواهی عن أُجرة العلم معارضة بمثلها و بالإجماع المنقول فتُحمَل علی التقیة کما یظهر منها، أو الکراهة أو حال وجوبها. و أمّا کتابته فسیجی ء الکلام فیها بحول اللّه تعالی. (و تعشیر المصحف) و کتابته (بالذهب) و بغیر السواد مطلقاً للأخبار و إطلاق تذهیب الأجزاء و الإنصاف و الأحزاب و الجداول و نحوها بالتعشیر غیر بعید. (و) صنعة کلٌّ من (الصیاغة) للناس لقوله (ص): ( (

یکره لأنَّ الصائغ یعالج

ص: 11

عین أُمَّتی)

). (و القصابة) المشتملة علی الذبح أو النحر لقوله (ص):

(إنَّ القصاب یذبح حتی تذهب الرحمة من قلبه)

فیرجع إلی ما مرَّ بتکلُّف، و الأقوی إنَّ کراهة هذه الصنائع لا یعادل ترک الاکتساب. و من المکروه و إن لم یکن صناعة (رکوب البحر) المعروف ذی الماء المالح أو مطلق الماء الکثیر و هو المعنی الثانی له، و المراد الأول (للتجارة) أو لشی ء من أغراض الدنیا دون الحجّ و نحوه مع ظنّ السلامة و إلّا حرُم و قد رویَ کراهة رکوبه. (و خصاء الحیوان) بأی نحوٍ کان لکراهة أذیَّته، و فی الخبر لا بأس به و أمّا فی الإنسان فحرمته غنیٌّ عن البیان. (و معاملة الظالمین) لظلمهم أو لحصول الشبهة فی أموالهم مع قوله (ع):

(دع ما یریبک إلی ما لا یریبک)

. (و السفلة و الأدنین) الذین یحاسبون علی الشی ء القلیل المدوّن أو من لا یسره الإحسان و لا تسوئه الإساءة أو من لا یبالی بما قال و لا ما قیل، و فی" الفقیه" نسبة التفاسیر الثلاثة إلی الأخبار فالعمل علی الجمیع، و فی الخبر (إیاک و مخالطة السفلة فإنّ السفلة لا تؤول إلی خیر). (و المحارفین) الّذین لا یُبارَک لهم و رویَ (إنَّ معاملة أرباب الحظوظ تزید فی الحظ). (و ذوی العاهات) للنهی عن معاملتهم. (و الأکراد) جیلًا جدّهم کرد بن عمرو، و المدار علی صدق الاسم عرفاً (و مجالستهم و مناکحتهم) و مخالطتهم، و فی الخبر (إنّهم قوم من الجنّ کشف اللّه عنهم الغطاء فلا تخالطوهم). (و أهل الذمّة) لأنَّ البعد عن أهل الضلال بُعْدٌ عن الرکون إلیهم، و فی الخبر (لا تستعن بمجوسیّ و لو بأخذ قوائم شأنک) و کراهة الاکتساب بمجرّدها لا تستلزم کراهة الأعواض دون العکس و لکلٍّ من العوَضَین حکم بنفسه. و فی الأدلة ما یعطی کراهة

ص: 12

الانتفاع بأجرة الحجّام فی غیر مصرف حیوانٍ أو عبد. و من المکروه ما سیجی ء فی الآداب.

ما یحرم من المتاجر

(و محظور: و هو ما اشتمل علی وجهِ قبح) فی نفس العمل أو الاستعمال أو فی قصد بعض الجهات أو الأحوال أو فی المعاملة علیها بمالٍ أو بغیر مال أو ما ترکّب من المذکورات أو کسب اشتمل فیغنی عن التقسیمات سواء کان مما یهتدی إلیه العقل بنفسه أو بإرشاد الشرع إلیه.

أقسام المحظورات:
بیع النجس
اشارة

(و هو أقسام: الأول کل نجسٍ) بالأصل أو بالعارض لشموله للثانی حقیقةً أو بنحوٍ من المجاز کائناً ما کان (لا یقبل التطهیر) فلو قبل التطهیر بغیر الاستحالة أو الانتقال کالإسلام و لو من المرتدّ الفطری علی أصحّ القولین، و النقص و الاتصال و غیرها لم یدخل فی المنع انتفاعاً و لا اکتساباً، و کذا ما کان من المائعات یقبل ظاهره التطهیر مع الجمود و لا تمسّ الحاجة إلی باطنه فی المنفعة الغالبة کالفضة و الذهب و الزجاج و نحوها بخلاف الصابون و نحوه أو مع قابلیته لها ظهراً و بطناً لنفوذ الماء فیه من غیر انقلاب کالعجین فی وجه و الطین و نحوهما بخلاف الدهن و الدبس و العسل، و لا مانع فی التکسب بالصفات، و یجوز الانتفاع بالأعیان النجسة و المتنجسة فی غیر ما ورد النصّ بمنعه کالمیتة النّجسة التی لا یجوز الانتفاع بها فیما یعدّ استعمالًا عرفاً للأخبار و الإجماع، و کذا الاستصباح بالدهن المتنجس تحت الظلال کما سیجی ء بیانه، و ما دلَّ

ص: 13

علی منع الانتفاع بالنجس و المتنجس مخصوص أو منزّل علی الانتفاع الدال علی عدم الاکتراث بالدین و عدم المبالاة، و أمّا من استعمله لیغسله فغیر مشمول للأدلة و یبقی علی حکم الأصل، و لا یتعلّق بما لا یقبل التطهیر فیما عدا بعض أقسام الکلب و بعض أفراد الدهن الآتی ذکرها تملیک مطلقاً و لا بالأعیان منها مِلْک، و فی النجس بالعارض وجهان، و عدم المِلْک لا ینافی ثبوت الاختصاص فیما له منفعة محللة و دفع شی ء لانفکاکه یُشَک فی دخوله تحت الاکتساب المحظور فیبقی علی أصل الجواز، ثمّ المکاسب و أعواضها متساویة فی المنع لِما مرّ و لِما دلّ من الأخبار علی تحریم أعواض الحرام کما رواه ابن عباس عن النبی (ص): ( (

إنَّ اللّه إذا حرّمَ شیئا حرّم ثمنه)

) و نحوه لما نُقل من الإجماع و الأخبار فی تحریم أعواض أُمور مخصوصة کالخمر و نحوه مع القطع بإلغاء الخصوصیة فیها کإلغائها فی خصوص البیع فی مثل قول النبی (ص): ( (

لعن اللّه الیهود حُرِّمت علیهم الشحوم فباعوها)

). و النهی فی باب الاکتساب یتعلق بالصیغة مع قصد النقل و به مع عدمها شرعیاً کان النقل المقصود أو عُرْفیاً و بالانتفاع بالأعواض کما یظهر من الروایات و منقول الإجماعات و فساد المعاملة و إن لم یثبت بالملازمة العقلیة بینه و بین النهی عنها و لا بالدّلالة اللفظیة لا لغویة و لا شرعیة یثبت من ظهور النهی فی الإرشاد فیها أو من حال الناهی أو من الأصل مع منع شمول الأدلّة لها أو من الإجماع علی حمل النهی علی الفساد حکماً مطلقاً أو حیث یَتوجّه إلی حقیقة المعاملة حیث لا دلیل علی خلافه أو إرادته حیث وقع النهی و إن لم یستعمل فیه علی أحد النحوین

ص: 14

السابقین أو مما دلّ علی حرمة الأعواض ثمّ حکم المنع جارٍ فی کلِّ نجس (سواء کانت نجاسته ذاتیة) من أعیان النجاسات (کالخمر) التی تخمر العقل و تغمره المتخذة من العنب فیراد المثال أو الأعم منها أو من باقی المسکرات المائعات بالأصالة کالنقیع من الزبیب، (و النبیذ) من التمر و البتع من العسل و المرز و الجعة کحبة من الشعیر و غیرها من عطف الخاص علی العام (و الفقاع) من الشعیر یساویها فی الحکم و إن لم یساویها فی السکر. (و المیتة) من نجس العین و أجزائها مطلقاً و من طاهر العین ذی النفس السائلة و أجزائها التی تحلّها الحیاة دون ما لا تحلّه الحیاة منها و دون ما لا نفس له و عدّها فی أقسام النجاسة: (و) کذا (الدم) یغنی عن تقییدهما بها و غیر النجس منهما إن حصل فیه منع فلجهات أُخر. (و أبوال ما لا یؤکل لحمه) حین خروجها من الأصل أو بالعارض من ذوات النفوس، (و أرواثها و الکلب) عدا ما سنذکره (و الخنزیر) البریّان (و أجزائهما) مطلقاً (أو عرضیة کالمائعات النجسة التی لا تقبل التطهیر) بغیر استحالة أو استهلاک یشبهها، فإنه لا یجوز المعاوضة علیها حال انفرادها و احتیازها و لا حال اختلاطها و اشتباهها مع حصرها لا مع المسلم و إن جاز فی حقّه لمخالفته الناقل فی الاجتهاد أو لتقلیده للخبر و لا مع الکافر مستحلًا و لا محترم المال أو لا لظاهر الکتاب و السنّة و الإجماعات المنقولة علی وجه العموم فما ورد من الأخبار فی جواز بیع المخلوط من المیتة و المذکّی علی المستحلّ محمولٌ علی التقیة أو علی التعجیز إذ لا یوجد مستحلٌ أو متروک مطروح لأنّه حیث اتضح من الأدلة إن الکافر مکلفٌ بالفروع کان فی بیعه إعانة علی الإثم مضافاً إلی النهی عن المنکر علی بعض الوجوه، و أما ما ورد فی العجین النجس من

ص: 15

بیعه کذلک ففیه ما مرّ، و لو قلنا بقابلیة التطهیر بعد الجفاف جاز بیعه علی الجمیع، و ما ورد من أمر بائع الخمر بالتصدّق بثمنه لیس صریحاً فی صحّة المعاملة علیه و لیس من المائع المتنجس بعد الماء باقیاً علی المیَعان شی ء یقبل التطهیر من غیر استحالة أو استهلاک دهناً أو غیره لظاهر الإجماعات المنقولة و الأخبار و لأنها مع الانقلاب تخرج عن حقائقها و بدونها لا یستولی الماء علی أجزائها فمن ادّعی إمکان تطهیرها بکلّها أو خصوص الدهن منها أو خصوص غیره مردود بذلک، و یمکن القول بمنع التکسب بها کلّا أو بعضاً و إن قلنا بقابلیة التطهّر لظاهر الأخبار و ما نُقل من الإجماع و إن کانا واردین فی خصوص بعضها للإجماع علی عدم الفرق فیما حکم الشارع بعدم قابلیّته فمن بنی المنع علی عدم إمکان التطهر فمحجوج بما مرّ، و لا یجوز الانتفاع بشی ءٍ منها و من سائر المحرمات فی الجهة المحظورة مما لم یقم دلیلٌ علی جوازه و لو بالدفع إلی غیر مکلّف لنقصٍ أو سهوٍ أو جهل ما لم یکن مضطراً و إلّا جاز دفعه إلی عیاله أو أقربائه و أصدقائه مع جهلهم و أطفاله و أطفالهم فلا یبقی فرقٌ بینه و بین الحلال إلّا فی الأمر الیسیر و لا فرق فی جواز الاستعمال فی الوجه الحاظر بین ما یستلزم الاستعمال أو المباشرة أو التلویث أو غیرها فیما عدا ما دلّ الدلیل علی منعه، و قد سبق بیانه و الإجماع منقولٌ فی تسمید الخضر و المزارع و المراد فیه المثال و لا ملازمة بین جواز الاستعمال و جواز الاکتساب و یجوز الانتفاع بها فی الجهة المحظورة مع الاضطرار لحفظ البدن من التلف کدفع العطش و الجوع المهلکَین أو التداوی لدفع المرض بشرط کونه ضارّاً و کون الطبیب حاذقاً و الدواء فی نظره منحصراً و لیس غیره یداوی بغیره، و لا فرق حینئذٍ بین الخمر و غیره و متی فُقد

ص: 16

شرط من الشروط بقیت الحرمة و دخل تحت قوله (ع):

(ما جعل اللّه فی حرام من شفاء)

حکم الدهن النجس لفائدة الاستصباح به تحت الماء

و أما الاکتساب فلا یجوز فی شی ءٍ منها (إلّا الدهن) الحیوانی أو غیره (النجس) بالعارض القابل للإسراج فإنه یجوز (لفائدة الاستصباح به) خاصة فلو لم یکن له قابلیة الاستصباح علی النحو المألوف لم یجز و لیس قصدها شرطاً مع وجودها فلو لم یقصدها أو قصد غیرها من الوجوه السابقة فلا مانع و لو قصد الحرام فیأتی فیه الکلام و لا مانع من الانتفاع به فی الوجه الحلال کطَلْی الأجرب به و جعله صابونا و نحوهما إلا الاستصباح به تحت الظلال و یختص الجواز بما یکون (تحت السماء خاصة) مکشوفاً غیر محجوب لا بساتر و لا بغیره و إطلاق الأخبار فیه مُضَعَّف بمخالفة الشهرة و مقیّد بالإجماعات المنقولة و المرسلة فی" المبسوط" المنجبرة بعمل الأصحاب و إسنادها إلیهم فیه و لیس المنع من جهة نجاسة الدخان للقدح فی مقدمتی البرهان و حیث کانت المنفعة الغالبة هی الاستصباح و امتنع تحت الظلال انحصر ما یجوز له الاکتساب بقابلیته تحت السماء فلو کان فی زمان أو مکان لا تحصل المنفعة الغالبة إلّا بالاستصباح تحت الظل و لا یمکن تحویله و لا تأخیره فلا یجوز المعاوضة فیه للأصل المستفاد من عمومات منع المعاملة علی النجس و الحرام و خصوص الإجماع المنقول فی هذا المقام و ما روی من جواز بیعه لمن یعمله صابوناً مطروح أو محمول علی الإفکاک و لیس الإعلام شرطاً فی صحة العقد و إن أوجب الخیار مع الجهل لکنه واجب علی الدافع الإخبار کما یجب علی دافع الحرام فی کلّ مقام، و فی النصوص

ص: 17

ما یدلّ علی هذا المقام بالخصوص، و لو أخبره وجب قبول خبره لکونه ذا ید أصلًا کان أو لا. و ربما یقال بوجوب التأَسّی و لو لم یدفعه لم یجب علیه الأعلام للأصل و ظاهر الأخبار. (و لو کانت نجاسة الدهن ذاتیة کالألیة المقطوعة من المیتة أو الحیّة لم یجز الاستصباح به و لا تحت السماء) فضلًا عن غیره من الانتفاعات الموقوفة علی الاستعمال مع المباشرة و التلویث للإجماع المنقول عن جماعة و الروایات الدالة علی منع الانتفاع بالمیتة و أجزائها التی تحلّها الحیاة و لِما دلّ علی المنع من إسراج المقطوع من الحیّ فضلًا عن المیّت فلیس للخبر و إن صحَّ سنده أهلیة المعارضة و أما الانتفاع بلا مباشرة و لا تلویث کدفعه لسباعه من کلب أو سنَّور أو طیر أو کجعله برّا ففیه وجهان أوجههما الجواز لعدم شمول الدلیل فیبقی علی الأصل الأصیل، و أما المعاوضة علیه فمنعها ظاهر لعدم المنفعة الغالبة و للعمومات الواردة فی الأعیان النجسة مما لا یقبل التطهیر و للإجماع فیها و فی خصوص المیتات. (و یجوز بیع الماء) المطلق دون المضاف (النجس) کغیره من المتنجسات القابلة للتطهیر علی نحو باقی المعاملات (لقبوله الطهارة) باتصاله بالمعتصم منه أو بنقصه کما جاز بیع الکافر قبل الإسلام و العصیر قبل التطهیر علی الأقوی فیخرج بذلک عن أدلّة المنع و یدخل فی عمومات العقود جنساً و أنواعاً و للإجماع المحصل من حصرهم المنع بما لا یقبل التطهر و کلما ذکرنا فیه أو یذکر صحّة الملک أو التملیک یجری فی حقّ المسلمین و غیر المستحلّین من الکفّار دون المستحلّین منهم و لو قیل بترتب الآثار و لا ملک و لا تملیک کغیرهم لم یکن بعیداً.

ص: 18

حکم بول الإبل للاستشفاء

(و الأقرب فی) شرب (أبوال ما لا یؤکل لحمه) حین خروجها المحکوم بطهارتها (التحریم للاستخباث) المحرم لمفهوم آیات تعلیق التحلیل بالطیبات و منطوق ما دلَّ علی تحریم الخبائث من کتاب أو سنّة، و هل هو محرم لذاته؟ فیبقی حکمه و إن زالت صفته أو لا وجهان أوجههما الثانی و حیث حرّم الاکتساب به لقوله (ص):

(إنَّ اللّه إذا حرّم شیئاً حرّم ثمنه)

و قوله (ص)

(لعن اللّه الیهود حرّمت علیهم الشحوم فباعوها)

. و فیه نظر إذ لیس المراد منهما إن ما حرّم منه جهة حرّم بیعه من کلِّ الوجوه و إلّا لما جاز بیع شی ء أبداً فالمراد بیعه لقصد الجهة المحظورة أو حیث یکون المحللة نادرة و لعله المراد هنا فیدخل فیما لا نفع فیه. و أمّا أرواثه فلا بأس بالمعاملة علیها للأصل و السیرة و الإجماع ظاهراً و عن المرتضی صریحاً و شموله الأبوال لا یمنع الاستدلال (إلّا بول الإبل) فیحل شربه (للاستشفاء) و إنْ لم یبلغ حدّ الضرورة مع انحصار الدواء و عدمه و هو منفعة غالبة مقصودة للعقلاء فجازت المعاملة علیه مع دخوله فی قصد المتعاملین و مع خلوّهما أو خلوّ أحدهما عن القصد وجهان أوجههما الجواز فی الأخیر حیث یکون القصد حاصلًا من المشتری و یقتصر فی الجواز علی مقدار الحاجة و جواز الاستشفاء مع الضرورة بأبوال غیرها لا یعدّ من المنفعة الغالبة و لیس سواها فلا یجوز علی القاعدة و المرجع فی معرفة الداء و ما به الاستشفاء إلی التجربة و قول الطبیب.

حکم کلب الصید و الماشیة و الزرع و الحائط

(و الأقرب جواز بیع) کلاب أربعة و الاکتساب بها، لا یزاد علیها

ص: 19

کلب الدار و لا یقتصر منها علی أوّلها علی وجه الانحصار و (کلب الصید) علی التعمیم و إن کان من الأسود البهیم غیر مخصوص بالسّلوقی من کلاب قریة سلوق بالیمن و فی کلام الإسکافی تخصیص الجواز بغیر البهیم و الشیخین بالسلوقی و هم محجوجون بإطلاق الروایات و منقول الإجماعات (و) کلب (الماشیة) من أی المواشی کانت (و الزرع) و لو فی غیر حائط (و الحائط) و لو بغیر زرع فاجتماع الصفتین و الصفات أدْعی إلی جواز الاکتساب و المنع فی الأول قول متروک و قد یعلّق خلاف الأقرب به لذلک فجواز الانتفاع و التکسب بکلب الصید مطلقاً مدلول الإجماعات و الروایات و صفة الصیدیة و غیرها من الصفات المجوّزة لا یشترط فیها النیة فلو غفل عن الأصل و قصد غیرها من الجهات المملّکة فلا بأس، و عدم جواز التکسب مما عدا الأربعة مقطوعٌ به للإجماعات المنقولة و الروایات الدالة علی منع التکسب بالمحرمات و النجاسات و خصوص السباع علی ما قیل و علی المنع فی خصوص ما عدا الأربعة المذکورة و ما دلّ علی اشتراط غلبة الانتفاع فی الجهة المحللة و لیست فیما عداهن فیبقی الخلاف فی الثلاثة الأخیرة فلمانع العمومات السابقة خرج الصیود بالدلیل و بقی الباقی و ما دلّ علی المنع من الکلاب ما عدا الصیود و هو عدّة روایات و روایة الجواز مردودة بالإرسال و أصلهم مقطوع بما مرّ من ضروب الاستدلال و تضعّف الشهرة لوقوع الاختلاف فی عباراتهم إذ هم بین جامع بین ثلاثتهن أو مقتصرٌ علی الحائط مع الماشیة علی نحو المرسلة و الزرع معها فقط و الاحتجاج بالدّیات مردود بأنها إن لم تکن ظاهرة فی عدم الملک فلیست ظاهرة فیه و ثبوت الغرامة أعم من الدیَة و جواز الإجارة محلّ تأمل مع إنه لا ملازمة بین الملک

ص: 20

و جواز التملیک و لا بین الغرامة و بینه إذ أقصی ما تفید الملک و لا بین ملک المنفعة و لا جواز تملیکها و بین ملک العین فضلًا عن تملیکها کما فی منفعة الحرّ و إذا جاز بیعها جازت المعاملة علیها. (و إجارتها) و رهانتها و إعارتها و إهدائها (و اقتناؤها) وهبتها و تربیتها للعمومات من آیاتٍ أو روایات تدلّ علی جواز التصرف بالملک و المعاملة علیه کیف شاء مالکه إلّا ما قام الدلیل علی منعه. (و إن هلکت الماشیة) أو خرب الحائط أو هلک الزرع فلا یزول الحکم للأصل و بقاء الاسم و لیس المبدأ فی صدق الصفة الفعل بل القابلیة فلا یکون کما مبدئه الفعل کالصائد و الحارث و نحوهما من المشتقات و لو لم یجز الاقتناء (و التربیة) لم یتوصل إلی الصفات و لو ضَعُف عن المنفعة لکبر أو مرض لا یرجی زواله أو کسر لا یرجی انجباره جاء المنع، و لا یدخل ما عداها فی ملک و لا حرمة لها فیجوز إتلافها کسائر النجاسات و المؤذیات و لو قیل بعدم ثبوت الحرمة لما کان نافعاً منها نفعاً محللًا ککلب الدار لم یکن بعیدا. (و یحرم اقتناء الأعیان النجسة) و المتنجسة التی لا تقبل التطهیر (إلّا لفائدة) غیر محظورة (کالکلب) لفوائده الأربعة (و السرجین) مما لا یؤکل لحمه (لتربیة الزرع) (و الخمر للتخلیل) و العسل و نحوه لأکل النحل و نحو ذلک إما لو قصد فائدة محظورة و منها استعمالها علی نحو استعمال الطاهر فلا یجوز و مع الخلوّ عن القصد لا یبعد الجواز أیضاً کل ذلک لما یظهر من الجمع بین الأخبار و بین کلمات الفقهاء و إجماعاتهم (و کذا یحرم اقتناء المؤذیات کالحیّات و السباع) لقصد الإیذاء أو رجائه لما دلّ من الإجماع و الأخبار علی وجوب إتلاف ما فیه ضرر من

ص: 21

ضروب الفساد و لا یجوز الاکتساب بها لخطر منفعتها الغالبة و ندرة غیرها فیلحق بما لا نفع فیه و سیجی ء تمام الکلام فیها إن شاء اللّه تعالی.

بیع آلات اللهو و السلاح و غیرهما

(الثانی کلّ ما) من شأنِه أن (یکون المقصود منه حراماً کآلات اللهو کالعود، و آلات القمار کالشطرنج، و هیاکل العبادة کالصنم) و أوانی الذهب و الفضة و کذلک الدراهم الخارجة و بعض التغلیظات فی الجواهر و الأقمشة إلی غیر ذلک مما جُعل للتوصل إلی الحرام و فیه الفساد العام فإنه لا یجوز عمله و لا استعماله و لا الانتفاع به و لا إبقائه و لا الاکتساب به بجمیع وجوهه من غیر فرق بین قصد الجهة المحللة و غیرها و لا بین قصد المادة و قصد الصورة لظاهر الإجماع و الأخبار و لا تدخل الصورة فی ملک المسلم و غیر المسلم المستحل من الکفار و فی المستحل ما مرّ من الوجهین. و أمّا المادة فالأقوی ملکیتها لکنها لا تضمن و لو توقف إتلاف الصورة علی إتلافها بل لا یبعد عدم الضمان مطلقاً و لیس بیعهما من قسم بیع المتغایِرَین فی صفقة حتی یصح فی البعض دون الآخر بل هما شی ء واحد و لو تجردت عن الصورة کسائر الأملاک. و مع اشتراک الصورة بین الحلال و الحرام یتبع القصد و متی دخلت صفة الحرام فی معاملة أفسدتها فلا یصح بیع المغنی و الکاهن و الساحر و المقامر و النائح بالباطل و العارف بطرق اللهو و اللعب و المؤذی مع ملاحظة صفاتهم فیه و الدفع إلی الکافر الحربی لأخذ ماله حرام و فی حرمة المال وجهان و لو اختلف المجتهدان أو مقلداهما فی الحکم اختص کلٌّ منهما بحکمه و یلحق بهذا القسم المعاملة مع أهل الباطل علی ما یقوّیهم علی أهل الحقّ حال قیام الحرب بینهم.

ص: 22

بیع السلاح لأعداء الدین
اشارة

(و) منه (بیع) أولیاء الدین أو أعدائه (السلاح) و هو مطلق ما یتخذ للحرب و لو أُرید خصوص الحدید کان مثالًا و کذا مطلق نقله (لأعداء الدین) من إسلام أو مذهب أصل أو نوع قُصد به المساعدة أو لا مع قیام الحرب بین الظالمین و المظلومین (و إن کانوا مسلمین) مع احتمال انتفاعهم به فی ذلک الحرب للإجماع و ظاهر الأخبار، و مع عدم قیام الحرب لا تحرم إلّا مع القصد أو الشرط و یفسد لو کان أحد المسلمین المتعاملین مسلماً أو کافراً غیر مستحل و لو کانا مستحلّین لم تبعد الصحّة. و فی حکم ذلک بناء القناطر و إصلاح الطریق الموصل إلی المسلمین و تهیئة الدواب و أسباب السفر و السعی فی تقویتهم بقلم أو شعر أو استمالة الخلق إلی غیر ذلک و لو حصلت المعاملة لجهلٍ بالحال أو تقیة فسدت أیضاً و لو زعم مع الحرام و الواقع خلافه صحت و إن کان عاصیاً و لیس الحکم هنا معلولًا لمظنة ترتب الحرام إذ لا یصلح للعلّیّة بل لقیام الحجّة علی خصوصه و لا فرق فی جهة الحرام بین الأصلیة الوضعیة و المقارنة الغالبیة و بین المأخوذة فی النیّة و لو مع ندرتها. (و) من هذا القسم (إجارة السفن و المساکن) و المراکب و غیرها (للمحرمات).

بیع العنب لیعمل خمراً و الخشب لیعمل صنماً

(و بیع العنب) و غیره (لیُعمل) حراماً (خمراً) أو غیره (و الخشب) أو غیره (لیُعمل صنماً) أو صلیباً أو آلة لهو أو نحوها. (و یکره) إجارتها لمن یحمل أو یضع فیها أو علیها شیئاً من المحرمات لا یقصد الصرف فی الوجه الحرام و (بیعهما علی من یعمله من غیر شرط) و ظاهر التقیید بعدم الشرطیة أنّه لا بأس به مع النیّة أو التصریح بالعلیّة أو العلم الیقینی

ص: 23

فضلًا عن الظنّی مع إنّه لا ینبغی التأمل فی تحریم القسمین الأولین للإجماع المنقول و ظاهر الأخبار و لأنّ فیه منافاة للنهی عن المنکر بل إعانة علی الإثم و لو أُرید بالشرط ما یعمّ العلّة منویّة أو مصرّحة لم یکن بعیداً و یؤیده قوله لیُعمل خمراً لیُعمل صنماً مع ما سیجی ء من قوله فی الذمّی المتاجر و لو آجره لذلک حرم و أما مجرد العلم الیقینی أو الظنّی فلا یبعث علی التحریم فی غیر الدماء و الأعراض فإنْ أوجب النهی عن المنکر مع شرائطه للأصل المستفاد من العموم فی أجناس العقود و أنواعها و الأخبار الکثیرة المشتملة علی الصحاح و غیرها و لقضاء سیرة المسلمین بجوازه إذ عادتهم المعاملة مع الملوک و الأمراء فیما یعلمون صِدْقَه فی تقویة الجُند و العساکر المساعدین لهم علی الظلم و الباطل و فی إجارة الدور و المساکن و المراکب لهم لذلک و بیع المطاعم و المشارب للکفار فی نهار شهر رمضان مع علمهم بأکلهم فیه و بیع بساتین العنب منهم مع العلم العادی بجعل بعضه خمراً و بیع القرطاس منهم مع العلم بأنّ منه ما یُتخذ منه کتب الضلال إلی غیر ذلک علی إنّ العلم الیقینی غیر ممکن الحصول إلّا نادراً لأن العوارض لا تضبط و لا یعلم الغیب إلّا اللّه و من هذا یظهر إنّ فساد المعاملة مقصورٌ علی الشرطیة لأن العلّیّة من طرف المشتری معلومة إذ العلم إنما یتعلق بقصده غالباً فلو فسد العقد من جانب فسد من الجانبین و لا فرق فی التحریم بین قصد جهة الحرام منفردة أو منضمّة إلی جهةٍ محللة و نیّة الوکیل المتصرف مؤثرة فی المنع دون الوکیل فی إجراء الصیغة فإن المدار علی قصد موکله (و) یحرم بل یفسد (التوکیل) من المسلم الأصیل أو الوکیل (فی بیع الخمر) و أضرابها من المحرمات و النجاسات و جمیع المعاملات المتعلقة بها من مسلم أو

ص: 24

کافر (و إنْ کان الوکیل) بقسمیه کافراً (ذمیّاً) أو حربیاً إذ سلطان الوکیل تابع لسلطان موکّله الموقوف علی الملک و عدم الحجر (و لیس للمسلم منع الذمّی المستأجر داره) أو سفینته أو دابّته مثلًا بغیر شرط (من بیع الخمر) و نحوها من المحرمات المحللة فی مذهبه مما لا یقدح فی شرائط الذمّة فی الدار أو وضعها (فیها) أو فی سفینته أو علی دابته (سراً) لا جهراً، و لا بأس علی المسلم إذا خلی عن النیة و العلّیة (و لو أجّره لذلک) مصرحاً أو ناویاً (حَرُم) و إن لم یشترطه (و لو استأجر دابته) أو سفینته أو غیرها (لحمل الخمر) أو سائر المحرمات و النجاسات (جاز إن کان للتخلیل أو الإراقة) أو نحوهما من الوجوه المحللة و لم ینضم إلیها جهة محرمة (و إلّا حرم و لا بأس ببیع ما یکن من آلة السلاح) کالدرع و البیضة و لو علی أعداء الدین ما لم یکن حین الحرب باعثاً علی جرأتهم علی قتال المسلمین و أمّا ما کان باعثاً علی جرأتهم و قوة شوکتهم و استضعاف المسلمین و مقاتلتهم فإنّه حرام و لو تعلق بالمطعوم و المشروب و غیرها.

بیع ما لا ینتفع به
اشارة

(الثالث: بیع) بل مطلق المعاملة علی (ما لا ینتفع به) نفعاً معتبراً عادة و شرعاً و حیث أُریدَ ما یعمّ الشرعی أغنی عن کثیر من القسمین الأولَین فلو فقد المنفعة الغالبة الظاهرة لحرمته أو لخسته فلا ملک و لا تملیک لا مجاناً و لا بعِوَض و فاقدها لقلته قد یصادف الملک مع امتناع التملیک مطلقاً أو مع التعویض خاصة کل ذلک لما فهم من الأخبار و کلام الأصحاب بل ظاهر الکتاب من إنَّ جمیع المعاملات عباداتها و غیرها إنما شرّعت لمصالح الناس و فوائدهم الدّنیویة و الأخرویة مما تسمی مصلحة و فائدة عرفاً علی إنّ الشک فی دلیل الصحة قاضٍ

ص: 25

بالفساد مضافاً إلی الإجماع و الأخبار عامة و خاصة (کالحشرات) صغائر دواب الأرض و صغار هوامها أو هوامها مطلقاً التی هی عبارة عن المخوّف کالحیّة و نحوها، أو ما لا یعقل من الحیوان أو ما لا یحتاج إلی الماء و شمّ الهواء و علی کلّ حال ففی التفصیل عطفٌ خاص علی عام حیث قال (کالفأر و الحیات و الخنافس و العقارب) و المراد جمیع الدواب الصغار الخالیة عن النفع المعتبر، و کذا کل ما لا نفع فیه کالمنفصل من شعر أو ظفر أو عرق أو بصاق أو نخامة و نحو ذلک فلیس المانع الکون من الحشار و الدواب الصغار بل المدار علی النفع و عدمه. فما کان منها نافعاً بنفسه کالعلق بیع علی حاله أو مع الترکب لغیره بیع حین ترکیبه بل لو اشتهر ترکیبه بیع منفرداً أیضاً علی الأقوی، و هل یعتبر فی المنفعة الغالبة قصدها حین المعاملة حتی لو خلی عن القصد أو قصد النادر فسدت أو لا؟ وجهان أقواهما الثانی، و یجوز الانتفاع بها فی جمیع الوجوه المحللة ما لم یدخل فی حکم المیتة و لا ملازمة بینه و بین جواز الاکتساب (و) عدّ من جملة الخالی عن الانتفاع (السباع) جمع سبع و هو المفترس من الحیوان أو ما له ناب أو مخلاب یفترس به (مما لا یصلح للصید) الّذی هو من أعظم المنافع (کالأسد و الذئب) و نحوهما مما یفترس بنابه (و الرخم) جمع رخمة طائر یأکل العذرة یعد من الخبائث حرام أکله یشبه النسر فی الخلق لکنه یضعف عن الاصطیاد و ان عدّ من السباع (و الحدأة) کعنبة طائر یعدّ من سباع الطیر و الأسود و الآکل للجیف الساکن فی الجبال و إلّا یقع الأکل للجیف أیضاً من سباع (و الغراب) فیحرمان لذلک إجماعاً و لا اعتبار بالقول النادر. و أما زاغة

ص: 26

فهو غراب الزرع و غدافة و هو صغیر أغبر اللون فلیسا من السباع و لکنهما حرام للإجماع المنقول و الأخبار الدالة علی حرمة الغراب بعمومه و خصوصه (و بیضها) یساویها فی التحریم لأن المتولد من الحرام حرام، قیل و لا یصحّ المعاوضة علیها لأنها لا نفع فیها فتدخل فی الأخبار و الإجماع المانعة منها فیما لا نفع فیه و للإجماع المنقول فی خصوص الأسد و الذئب و النمر و المناط منقح و لأنّها نجسة فتدخل فی النجس و لقوله (ص): ( (إذا حرّم اللّه شی ء حرّم ثمنه)) و قوله (ص): ( (لعن اللّه الیهود حُرمت علیهم الشحوم فباعوها)) و نحوهما و لحومها حرام بالإجماع. هذا أقصی ما یستند إلیه و الجمیع فی محلّ المنع لوجود النفع الغالب بالجلود و الوبر و نحوهما فی کثیر منها، و الإجماع المنقول و الخبران تضعّف بالشهرة و لا تقاوم العمومات فی العقود عموماً و خصوصاً فی الکتاب و السنّة، و یراد من الخبرین تحریم الجهة الغالبة أو مع القصد و إلّا فلیس فی الوجود ما یحلّ من کل وجه، و القول بالنجاسة مردودٌ بالإجماع و الأخبار و ما دلَّ علی جواز استعمال جلود السباع مطلقاً أو جلود النمر المدبوغة من إجماع منقول و أخبار و فی الإجماع المنقول علی جواز بیع فری السباع و جلودها و بیع الهر أبْیَن شاهد علی الدعوی و لیس بیعه لجلده بیعاً لجلده حتی تلزم الجهالة و الغرر، فظهر أن مجرد السبعیة أو مع عدم الصیدیة لیس له فی تحریم المعاملة مدخلیة فلیس المدار إلّا علی النفع و عدمه کما یستفاد من صدر العنوان (و) حکم السباع جارٍ فی (المسوخ) المحولة من صورة إلی أقبح منها و المراد الحیوانات التی حُوِل الإنسان إلیها و موالیدها أو صورها معاً أو صورها

ص: 27

فقط بناءً علی عدم بقائها أکثر من ثلاثة أیام و عدم توالدها و اعتبار الجمیع مسوخاً و موالیدها خلاف البدیهة للعلم بسبق أنواعها کلّا أو جلّا علی المسخ و عدم انقطاع موالیدها سباعاً کانت المسوخ أو لا، نجسة العین أو لا، و قد تتعدد الجهات المانعة من الاکتساب. (بریّة) کانت (کالقرد و إن قصد به حفظ المتاع) لندرته (و الدب) و الخنزیر و الکلب البریین أو مطلقاً و الفیل و الذئب و الفأرة و الأرنب و الطاووس و الوطواط- و هو الخطّاف- و الخفاش أو النقعاء و لعلّ المراد بها العنقاء- و هی طائر عظیم معروف الاسم مجهول الجسم لا یراه أحد و قیل أنّه طیر أبابیل و قیل طائر غریب و سمیت بذلک لأنّ فی عنقها بیاضاً کالطوق و قیل طائرٌ عند مغرب الشمس و لذا قیل عنقاء المغرب- و الثعلب و الیربوع و القنفذ و الطافی و هو قسم من الحیّات و العقرب و الزنبور و الوزغ و الدبا و المهرجل نوعان من الجراد و العنکبوت و الوبْر بالتسکین- دویبة لا ذنب لها و لها ألیة مثل ألیة الخروف- و قیل هیَ بنات عرس و الوَرَل بفتحتین- دابّة علی خلقة الضب- و البعوض و القمل و سهیل و زهرة و قیل و النعامة و لیس کذلک لإلحاقهم فی کتاب الحجّ بالصید الحلال و إلحاق بیضها ببیضته و قضاء السیرة بأکله. (أو بحریة کالجرّی) و هو الجریث أو نوع آخر (و السلاحف) و الضفادع (و التمساح) و الدعموص دویبة سوداء تغوص فی الماء فتکون فی الغدران و السرطان و هو عقرب الماء له ثمانیة أرجل وعیناه فی کتفیه و صدره یمشی علی جانب واحد یقول (استغفروا اللّه یا مذنبین) و الزمّیر و المارماهی و عن النبی (ص): (إنَّ اللّه مسخ سبعمائة أمّة فأخذ أربعمائة بَرّاً و ثلاثمائة بحراً) و حیث إنّا

ص: 28

لا نری للمسخ من حیث هو أثراً فی ترتب الحکم لم یحسن منّا البحث فیما صحَّ من الروایات الواردة فی التعداد أو ضعف منها و تفصیل الحال أن ما کان منها من نجس العین کالکلب و الخنزیر أو من الحشرات و الدواب الصغار کالوزغ و العقرب أو من السباع کالذئب یجری فی أحکامها و أما ما خرج عنها فإن خلی عن الفائدة المعتبرة فلا تصح المعاوضة علیه لما تقدم فی صدر البحث و أما ما ینتفع به کالفیل المنتَفَع بعظمه المسمی بالعاج و الثعالب و الأرنب المنتفع بجلودهما بشرط الدباغ أو مطلقاً فلا مانع من المعاملة علیه و الجلد و البیع للجلد و العظم غیر بیع الجلد و العظم فلا غرر فیصحّ المعاملة علیهما مطلقاً مع الانفصال للإجماع و السیرة و لا اعتبار بالنادر و ما روی عن أبی إبراهیم (ع) من الاستدلال علی جواز بیعه بأنه کان عند أبیه من أمشاط و خصوص الصلح و نحوه مع الاتصال فإطلاق المنع فیها لعدم الانتفاع لا وجه له لقیام الإجماع علی جواز الانتفاع بها و الأخبار کادت تبلغ التواتر و المدعی فی" الخلاف" و" المبسوط" و ظاهر" الغنیة" علی عدم جواز بیعها بقول مطلق فی محل المنع و إجماع" المبسوط" علی نجاستها معارض بالإجماع و الأخبار الشاهدة علی جواز الانتفاع بجلودها الموقوف علی تذکیتها الموقوفة علی طهارتها و بأنّ کثیراً منها مما لا نفس له الطاهرة میتته و دمه و بوله و خرئه فقد ظهر أنّه لیس للحشاریة و السبعیة و المسخیة فی ذواتها تأثیر فی مانعیة الاکتساب و إنما ذلک فی خصوص صفة النجاسة و صنعة الحرام و فعله و آلاته و فیما عداها المدار علی النفع المعتبر و بذلک تجتمع أکثر الروایات و کلام الفقهاء (و لو قیل بجواز بیع) المسوخ و (السباع أجمع لفائدة الانتفاع بذکاتها إن کانت مما تقع علیها الذکاة کان

ص: 29

حسناً). (و) به یظهر أنه (یجوز بیع الفیل) من المسوخ (و الهرّة) من السباع (و) جمیع (ما یصلح للصید) منها (کالفهد) لحصول الثمرة المعتبرة به (و) یجوز (بیع دود القز) و نحوه من الحشار (و بیع النحل) و نحوه من الحیوانات الصغار و إن لم یکن معها قزّ و عسل مع بقاء قابلیتهما لترتب النفع المراد منهما علیهما بشرط کونه (مع المشاهدة) الرافعة للجهالة ظاهر المانعة منه فی المعاملة الأخر ما یشترط فیها. (و) یشترط (إمکان التسلیم) عرفاً و إمکان الانتفاع به و إلا فلا و العلم بهما حذراً من لزوم السفه فی اشتراط قصد الانتفاع به أو عدم قصد خلافه وجهان. (و بیع الماء) من الراکد و النابع الواقف کماء البئر و الجاری منفرداً أو مع مجراه و العلم بما ظهر منه و التسلیم کافٍ فی العلم (و) کذا (التراب و الحجارة) مع الوزن فیما یوزن منها و الکیل فیما یکال و العدّ فیما یعد و الجزاف فیما یباع جزافاً و یعتبر فی المعاملات الأخر شرائطها و لیس فی الثلاثة مانع من جهة الذات (و إن کثر وجودها) لإمکان حصول النفع فیها. نعم لو خلت عن النفع بالمرّة لم تصلح للمعاملة.

بیع التریاق

(و یحرم بیع التریاق) بکسر التاء مرادف التریاق الفاروق بل مطلق المعاوضة علیه (لاشتماله علی) علی نجسین (الخمر و لحم الأفاعی) إن کانت من ذوات النفوس أو نجس و متنجس لامتزاجه بالخمر لا یقبل التطهیر أو نجس و محرم لیس فیه نفع غالب إن لم یکن منها لأنه من الحشار و یقوی جواز الانتفاع به فی غیر جهة الحرام و اقتنائه لذلک و بذل المال فی استخلاصه (و لا یجوز شربه للتداوی) و لا لغیره کسائر المشروبات من الحرام (إلّا مع) التقیة أو (خوف التلف) أو الوقوع فی

ص: 30

مشقّة یزید علی الوسع مع الشرائط المذکورة سابقاً مما یندفع بها المحظور من المحرّمات کشرب الخمور. و (أما السم) إن کان (من الحشائش) و هی النباتات الباقیة التی لا ساق لها (و النبات) العام لما له ساق و من المعادن فلا مانع من الاکتساب به إلّا من جهة عدم الانتفاع لو کان (فیجوز بیعه) و الاکتساب به (إن کان مما ینتفع به و إلّا فلا) و أما ما کان من الحیوانات فیشترط فیه مع ذلک عدم المنع من جهة الحیوان الذی أتخذ منه.

بیع لبن الآدمیات

(و فی جواز بیع) المنفصل من (لبن الآدمیات) المسلمات حرائر و إماء و مطلق المعاوضة علیه فیما لا یشترط فیه العلم مع انفصاله أو بقائه فی الثدی حیث یتعلق به المعاملة لا بعمل الرضاع (نظرٌ أقربه الجواز) لطهارته و إمکان الانتفاع به نفعاً معتبراً سواء أبحناه علی الإطلاق أو لخصوص الأطفال و إلحاقه بالفضلات کالبصاق و المخاط لا وجه له و الحر یملک فوائده کما یملک منافعه و یجری ذلک فی جمیع الحیوانات المحللة من مأکول اللحم عادة و غیره و نقل الإجماع علی جواز بیع لبن الأتن مع حصول الانتفاع المعتبر، و أما حرام اللحم من الحیوانات الطاهرة فلا مانع من تعلق المعاملة بلبنه مع الانتفاع لو فُرض حصوله علی النحو المطلوب و الأجرة لو جعلت فی مقابلة العمل دون اللبن لم تضر حرمته علی المکلف و لا نجاسة من جعلها لغیره و بذلک صحّ استئجار الیهودیة للإرضاع و لا بأس بالاستئجار علی رضاع إنسان من إنسان أو حیوان أو حیوان من حیوان لأن اللبن فی حکم التابع فلا یلزم تعلُّق الإجارة بالأعیان (و لو) عامله علی عقار کأن (باعه دار) أو حمّاماً أو بستانا (لا طریق) یوصل (إلیها و لا مجاز) یتسوّر منه علیها (جاز)

ص: 31

و احتمال الخطر بعدم الانتفاع مدفوع بإمکانه بإذن الجار و شراء الدار الداخلة فی الجواز و غیر ذلک و لزم (مع علم المشتری) بالحال لإقدامه حینئذٍ علی ذلک (و إلا تخیر) لعدم علمه بالعیب ما لم یسقط الخیار و لو حصل من جمیع الوجوه دخل تحت العبث المنکر عند العقلاء غیر إنّ ذلک فرض بعید و کل ملک صدّ عنه صاد یرجی زواله و یؤمل أن یحسن ماله فحاله فی الجواز حاله و سیجی ء تمام التحقیق فی کتاب البیع إنشاء اللّه تعالی.

ما نصّ الشارع علی تحریمه عیناً
عمل الصور المجسمة:

(الرابع ما نص الشارع علی تحریمه عیناً) لذاته لا لنجاسته و لا لغایة و لا لعبث (کعمل الصور) الحیوانیة و ظهورها فیها أغنی عن القید (المجسمة) ذوات الظل و أمّا غیرها فلا. و التفصیل أن المجسمة إما المجسم أو غیره حیوانی أو غیره و غیرها کذلک و المحظور واحد من الثمانیة و إذا رجع تصویر الصورة إلی تصویر المصوّر فالحرام اثنان منها أو أربعة و لو زدت الوهمی تضاعفت اقتصاراً علی المتیقن فما خالف الأصل و هی الصورة الحیوانیة لصغیر أو کبیر حیّ أو میت تامّ أو ناقص مع صدق الاسم عرفاً. و أمّا غیر المجسمة الحیوان ففیها قولان أقواهما الجواز للأصل و إطلاق الآیات و الروایات فی الاکتساب (و) المشی فی طلب الرزق بأی نحوٍ کان و ما فی الأخبار من الصور و المثال و التمثال ظاهر فی الحیوانیة و یؤیده إنّ فی بعضها صورة إنسان و صورة طیر و تمثال جسد و فی المجسمة لأن فی بعضها لا بأس إذا غیّرت رءوسها و فی بعضٍ آخر قطعت و فی الآخر کسرت و فی الأخبار الکثیرة المعللة بنفخ الصور إشعار بذلک

ص: 32

و أن الصورة حیوان لا ینقص منه شی ء سوی الروح مع إن الظاهر فی ذلک علی نحو الأصنام و فی حدیث المناهی عن الصادق (ع) عن النبی (ص) بعد النهی عن التصویر إن المصور المکلّف بنفخ الروح قال: ( (و نهی أن ینقش شی ء من الحیوان علی الخاتم)) فظاهر المقابلة یعطی خروج ما لم یکن جسماً عن اسم الصورة، و یؤیده أیضاً فهم المشهور من الصّور خصوص المجسمة و الأخبار المجوزة للتماثیل علی الفرش و الوسائد الدالة علی استعمال الأئمة (علیهم السلام) لها المستثنیة لما نصب علی الحائط و السرائر مرشدة إلی ذلک و إن لم تکن صریحة فیه لأن حرمة الابتداء لا تستلزم حرمة الاستدامة لکن استعمالهم لها و کثرة وجودها فی منازلهم یرشد إلی ذلک و فی الأخبار ما یدل علی منع الاستدامة أیضاً. و علی کلّ فلیس فی الأخبار ما یصلح للاستدلال به علی تحریم الصور الغیر المجسمة للحیوان. و أما تصویر غیر الحیوانات من الجمادات و الأشجار و النباتات صوراً مجسمة فلا مانع منه للأصل و الأخبار المنجبرة بالشهرة التی کادت أن تکون إجماعاً و المانع مردود بضعف دلیله عن مقاومة الأدلّة السابقة و السیرة المألوفة فلا بد من طرحه أو حمله علی الکراهة و المدار فی صورة الحیوان علی صدق الاسم و تصویر البعض مع عدم صدقه علیه لا مانع منه و لو حصل الصنع من اثنین دفعة کانا مصورین و مع التدریج المدار علی الأخیر و التعلق بالأول أیضاً مع النیة قوی و مع التفریق یتعلق الحکم بالجامع و لو اشترکت الصورة بین الحیوان و غیره اتبع القصد إن لم یکن لأحدهما ظهورٌ فیها و فی جواز بیع الصورة و اقتنائها و استعمالها و الانتفاع بها و النظر إلیها مع

ص: 33

بقائها علی حالها وجهان أقربهما ذلک. و فی الأخبار ما یدل علی منعه و حمله علی الکراهة لأنه خلاف الأصل و ظاهر الأکثر أقوی و لیس مما صنع للحرام حتی یلزم إتلافه بل من الصنع الحرام و لیس من المحظور تصویر البیضة و العلقة و المضغة و بذر القزّ و الأقوی إلحاق صورة الملَک و الجن بالحیوان و القول بوجوب منع الصبیان عنه لا یخلو من قوة.

الغناء

(و الغناء) من مقولة الأصوات کما یظهر من کثیر من اللغویین و الفقهاء أو کیفیاتها کما یظهر من الأکثر من الجانبین و لعلّه الأقوی و لیس اختلاف کلامهم فی تفسیره حیث قیل مدّ الصوت أو ترجیعه أو إطرابه أو تحسینه أو رفعه و موالاته أو مدّه و تحسینه أو مدّه و ترجیعه أو تحسینه و ترقیقه أو ترجیعه و إطرابه إلی غیر ذلک أو الصوت مقیّداً بالطرب أو الرفع و الموالاة أو الترجیع و الإطراب إلی غیر ذلک مبنیاً علی التعارض حتی ینظر فی التعادل و یرجّح الأکثر أو الأبصر أو علی الجمیع فیؤخذ بالجامع للصفات لأنّه المتیقّن، و الأصل جواز ما عداه أو الجمیع عملًا بقول المُثبِت فیما أثبته و رداً للنافی فیما نفاه بل إنما قصدهم کما لا یخفی علی من مارس کلامهم فی بیانهم لمعانی الألفاظ الشائعة المشهورة الدوران حول العرف و الإشارة إلیه و بیان المعنی العام لیحترز عن إدخاله فی جنسٍ آخر کبیان إن الغناء من مقولة الأصوات و کیفیاتها أو سعدانة من مقولة النبات و نحو ذلک. لذا تری بینهم معرکة و نزاعاً مع اختلاف العبارات و تفاوت الکلمات فلم یبقَ سوی الرجوع إلی العرف الذی هو المرجع و المفزع فی فهم المعانی من المبانی و هو لا یکال بمکیال و لا یوزن بمیزان فقد تراه یری تحقق الغناء فی صوت خال عن الحسن

ص: 34

و الرقّة مشتملة علی الخشونة و الغلظ، و فی خالٍ عن المدّ مشتمل علی التقطیع و التکبیر، و فی خالٍ عن الترجیع متصف الخفاء، و فی مهیجٍ للطرب بمعنی الخفّة المقرونة بالانشراح و اللذة، و فی مفرّح للقلب مهیّجٌ علی البکاء و العشاق إلی غیره فلیس للفقیه الماهر سوی الرجوع إلیه و التعویل علیه و لو فرض ثبوت معنی اللغوی کان الرجوع إلی العرف إلیه و إذا أشکلت علیه الأمور لاضطرابه رجع إلی أصل إباحته إن کان من أهلها أو إلی الأخذ بحائطته إن کان من أهلها (و تعلیمه) لا یفعله بجنسه و فصله (و استماعه) مراعیاً صفته أولًا دون مجرد سماعه، (و أجرة المغنیة) و هو حرام لنفسه إجماعاً محصلًا و منقولا نقلا متواتراً، و الکتاب العزیز و السنّة المتواترة شاهدان علیه و من حرّمه لأجل الملاهی و دخول الرجال علی النساء و نحوهما قائلا بإباحته لنفسه مخالف للإجماع بل الضرورة من المذهب لأن حاله کحال الزنا عند الإمامیة و إلی أخبار یطعن فی أسانید أکثرها و فی دلالاتها ضعیفة بمعارضة الشهرة بل الإجماع موافقة للعامة مقابلة بأقوی منها مذکور فی هذا الباب و فی بیع المغنیات و فی أجرهن و فی استماعه و تعلیمه و غیر ذلک مما لا وجه له، و استثناء القرآن لأخبار لیس علیها مدار موافقة لآراء المخالفین و المتصوفة و معارضة بأقوی منها من الأدلة العامة و الخاصة و کذا استثناء التعزیة الحسینیة لروایة مرسلة لا نعرف مأخذها لا وجه له أصلًا و ما ادّعی من السیرة مبنیّ علی عدم الفرق بین الغناء و النوح و سیجی ء بیانه إن شاء اللّه تعالی. و من أعجب ما سمعت ما استند إلیه بعض الفضلاء من العموم من وجه بین ما دلّ علی استحباب قراءة القرآن و التعزیة مثلًا و بین تحریم الغناء و الرخصة أوفق بالأصل إذ یلزم علیه أن جمیع أدلّة

ص: 35

المحرمات معارضة بأدلة السنن حتی الزنا و اللواط و الغیبة و الکذب و السب خصوصاً حیث تقع بالتماس المؤمن و مع العلم بإدخال السرور علیه فلو حکمت أدلة السنن بتأییدها بأصالة الإباحة علی أدلة التحریم لم یبق حرام علی إن الظاهر من أدلة تحریم الغناء أنه قبیح لا یقبل التخصیص لجعله من قول الزور و لهو الحدیث هذا و قد ورد عنهم (علیهم السلام): ( (ما اجتمع الحرام مع الحلال إلا و غلب الحرام الحلال)) علی إن ذلک جار فی التعزیة و مدح النبی (ص) و الأئمة (علیهم السلام) أو مدح کل من یستحق المدح و ذم کل من یستحق الذم و الأذکار و الدعوات و قراءة الصلوات و المناجاة بل فی مطلق ما یجری من الکلام علی اللسان من الطاعات و غیرها إذا حصل فیها وجه رجحان بأی نحو کان علی إن التعارض یثبت حیث یُجعَل الغناء من الأصوات أما لو جعلناه من الکیفیات کما هو الأقوی فلا معارضة إذ لا مناقضة لعدم وحدة الموضوع و أعجب من هذا کلّه وقوع بعض العلماء فی الاشتباه من جهة غلط عرف العوام حیث لا یطلقون الغناء إلّا علی ما لا یُسمی قراءة أو مدحاً أو ذکراً أو مناجاة أو ما لا یکون بلسان الفصحاء و البلغاء مع أنهم علموا و سمعوا أن الغناء فی أیام العباسیین و الأمویین لا یکون إلا من ذلک القبیل غالباً و هو عمل إبراهیم شیخ المغنین، و أعجب منهم من زعم أن حسن الصوت یستلزم الغناء حتی أخذ الروایات الدالة علی حسن صوت داود (ع) بحیث یسقط له الطیر و صوت زین العابدین (ع) حتی نقل سقوط بعض المارّین حجّة علی جواز الغناء و منشأ ذلک عدم الفرق بین الحسن الّذی هو من عطاء الرحمن و التحسین الناشئ من الترجیع الناشئ من دعوة الشیطان و ما أحسن

ص: 36

التشبیه بامرأة ذات حسن و جمال و أخری متحیّلة متحسّنة لترغیب الرجال، و قد ورد فی بعض الأخبار، أنه متی حصل الاشتباه خُیّل فی نفسه الحق و الباطل و رأی أنه إلی أی الأمرین أقرب حتی یلحِقه به و لعمری أن البصیر الخبیر بأحوال الشرع یعلم أن أصل الفساد و رأسه فیما یتعلق بالعفّة و ضدّها من الزنا و اللواط الباعث علیهما الشهوة الخبیثة و المحرک لها النظر إلی محاسن الأجنبیات و أشد منه أصوات المغنین و المغنیات و سماعها یهیج الأشواق و یحرک شهوة العشاق و یتعاظم الهمّ بتذکر الفراق و یزداد الشوق إلی حصول التلاقِ و ما زعمه المتصوفة من أن ما أصابهم من عشق الحضرة القدسیة زورٌ و افتراء علی ربِّ البریة و إنما هو من شدّة المیل إلی الزنا بالحسان و اللواط من المرد من الولدان و إلّا فکیف تقع الجنابة حینئذٍ منهم، کما روی جمع من الثقات ذلک عنهم و علی کلِّ حال فالذی یقع فی نظری أن الغناء فی باب الطاعات کقراءة القرآن أعظم من الغناء فی غیرها فی العصیان لزیادة الذنب الفظیع بازدیاد معصیة التشریع. (و قد وردت رخصة) عن الصادق (ع) بطریق صحیح و غیره (فی إباحة أجرها) بنحو أن المغنیات لا بأس بکسبهن و بأجرهن لا نفی البأس عن غنائهن و لا عن أجرهن و یشکل التعلّق به فی إباحته (فی العرس) کما ذهب إلیه جمع کثیر حتی ظُنّ أنّه المشهور و هو المتعلق بالنکاح و لو بالمنقطع دون ملک الیمین اقتصاراً علی محلّ الیقین و دون الختان و غیره من أسباب الفرح اقتصاراً علی المعتاد أو الأقلّ منه (إذا لم تتکلم بالباطل و لم تلعب بالملاهی) اقتصاراً علی المتیقّن فیما خالف العمومات من الکتاب و السنّة و الإجماعات (و) لتقیید الرّخصة فی الصحیح بالتی (لم تُدخِل الرجال علیها) و فیه ظهورٌ لا یخلو

ص: 37

عن قصور فی اعتبار القیدین السابقین و قد ظهر مما مرّ أنّه لا ینبغی صدور الاستثناء من أهل النظر کیف لا و تحریم الغناء کتحریم الزنا و أخباره متواترة و أدلّته متکاثرة عبّر عنه بقول الزور و لهو الحدیث فی القرآن و نادت الأخبار بأنّه المحرک علی الفجور و العصیان فکأنّ تحریمه من الأمور العقلیة التی لا یقبل تقییداً و لا تخصیصاً بالکلیة و کیف یخطر بالبال أو یجری فی الخیال أن یقع مثل هذا الکلام من سادات الأنام الآمرین بترک الشبهات خوفاً من الوقوع فی المحرمات مع أنه مؤذنٌ بجواز ما فیه معظم اللهو عن ذکر المعاد و مدنی إلی الزنا و اللواط اللّذین هما رأس الفساد علی أن فی ضعف دلالة تلک الأخبار ما یخرجها عن محل الاعتبار و موافقتها للتقیة یرفع اعتبارها فی مقابلة ما مرّ بالکلیة و لو کانت فی غایة الکثرة ما عادلت فکیف مع أنّها فی نهایة الندرة و لو فرّق بین الحق و الباطل لرأیته من القسم الثانی بدیهة. و ربما کان قبحه فی غیر الأعراس أقل منه فیها ثمّ إن القول بالتحریم هو المشهور علی الظاهر لأن کل من حرّم الغناء و لم یستثنِ فهو من المحرمین و حاله کحال المصرحین و هم عدد کثیر من الفحول و الأساطین لکنه بعید عن طریقة المخالفین و المتصوفین.

أجر النائح و النائحة بالباطل

(و یحرم أجر) النائح و (النائحة) و العرف فارَقَ بینهما و بین المغنی و المغنیة للفرق بین الأصوات المهیّجة للأحزان لفراق الأرحام و الأخوان و بین ما یهیّج حرق الأشواق و یضرم النار فی قلوب العشاق. أین صرخة المحزون من تطریب العاشق المفتون فلو طرق السمع من داخل الدار و محلّ بعید

ص: 38

عن الأبصار صوت النداء عُرِف أنه من الغناء، فبعد التأمل فی البین و ظهور الفرق بین القسمین لم یکن من الاستثناء من الغناء کما یظهر من بعض الفقهاء و هذا هو الذی جرت علیه سیرة الإمامیة علی مرِّ الأعصار متلقّین له بالقبول دون الإنکار. و لکن قد وجدنا بعض التصرفات من المتخذین لقراءة التعزیة من طرق الاکتساب ألحاناً کألحان المغنین و المغنیات و عند التحقیق و إمعان النظر الدقیق یعلم أن النائح و النائحة لو مدّا صوتیهما تمام المدّ و تجاوزا فی الترجیع ما فات عن الحد و لم یخرجا عن صنعة النائحة المعروفة لم یوصفا بصفة الغناء الموصوفة فقد اتضح أن النیاحة یجوز أخذ الأجرة علیها کسائر المباحات و المکروهات و إنما یحرم حیث یکون النوح (بالباطل) أمّا بأن تذکر صفات کاذبة لیست فی المیت أو تذکر الصفات التی لا یسوغ ذکرها کأن تصفه بما یرفعه فی دنیاه و یضعه فی أخراه أو نقص یرفعه و صفة بغیره أو تأتی بالنوح غیر السائغ لسماع الأجانب لو حرمناه و نهی مفترض الطاعة أو لکونه علی الکفار و نحوهم. و أما الباطل بمعنی الهذر فالظاهر عدم المنع فیه و علی کلّ حال فالمدار علی المنع الشرعی حتی تکون الأجرة أجرة علی الحرام و الظاهر عدم الفرق بین الإعطاء بعد المقاطعة و بدونها و بین الدفع مع قصدها التبرع و بدونه لأن الظاهر من الأدلة أن جمیع ما یتولد من الحرام حرام. نعم لو أعطاها لا لأجر نوحها فلا بأس و لو خلطت بین الحق و الباطل حرمت أیضاً، و لو خلطته بصوت الغناء حرمت أجرتها أیضاً لظاهر الأخبار و لعدم الانفکاک عن خلیط الحقّ غالباً. (و یجوز بالحقّ) خلاف الباطل علی کراهة مع الشرط لقوله (ع): ( (قل لها لا تشارط)) أو مطلقاً لما دلّ علی الإطلاق مع حمل الأول

ص: 39

علی شدّة الکراهة لعدم المانع منها و لخروجها عن حقیقة الغناء و للإجماع المحصل فضلًا عن المنقول و السیرة المستمرة خلفاً عن سلف و لأمر الباقر و الصادق (ع) فی الموثق بوقف شی ء من ماله و صرفه فی نوادب یندبنّه عشر سنین فی أیام منی. و فیه دلالة علی عدم تحریمهما مع سماع الأجانب و لا فرق فی منع الأجرة فیما منعنا فیه بین صدوره من مکلف أو غیره علی الأقوی و حیث علم أن المدار فی المنع علی اسم الغناء فلا یخرج عن الحکم إلّا فیما خرج عن الاسم لزم الحکم بحرمة الحداء و هو مدّ الصوت علی نحوٍ خاص لسوق الإبل إن جعلناه منه و استثناء الحداء و النوح من الحکم لروایة مستندة إلی النبی (ص) لا نعرف سندها و لا دلالتها من أنّه قال لعبد اللّه بن رواحة: ( (حرّک بالنوق)) فاندفع یرتجز و کان جیّد الحداء و کان مع الرجال فتبعه أنجشة و کان مع النساء فلما سمعه النبی (ص) قال لأیخشة: ( (رویدک رفقاً بالقواریر))، و لنَوح أمّ سلمة ابن عمّها الولید بمحضر النبی (ص) و عدم إنکاره علیها مما لا وجه له و کیف تخصّ الآیات و الأخبار المتواترة و الإجماعات بمثل هاتین الروایتین اللتین قلّ العامل علیهما لو دلّتا و الشهرة ممنوعة بالنسبة إلیهما و علی کلّ حال فیلزم القائل بالدخول و الإخراج الاقتصار علی خصوص الإبل دون غیرها من المواشی بشرط کونها ماشیة و سرعة السیر مطلوبة و إن جعلنا الحداء قسیماً للغناء و مبائناً له کما هو الأقوی لشهادة العرف بذلک عمَّ الجواز الإبل و غیرها فی حال السیر و غیره و یقوی أیضاً خروج أصوات عَمَلَة السفن عند مباشرة الأعمال و ترجیع الأمهات لنوم الأطفال و النداء لتحریض الرجال علی القتال و الأصوات المشجیة فی المناجاة و الأصوات غیر المشتملة علی

ص: 40

الحروف کالهلهلة علی النحو المعروف و من الجزم اجتناب الشبهات خصوصاً عند اشتباه الموضوعات.

القمار

(و القِمار) بالکسر اللعب بالآلات المعروفة علی اختلاف أنواعها و أصله الرهن علی اللعب بشی ءٍ من الأشیاء المعروفة المعتاد فی القمار و الأقوی عمومه لجمیع آلات اللهو و اللعب من النرد و الشطرنج و الأربعة عشر و الخاتم و الجوز للإجماع المنقول و الفصل إن کل عمل اعتید به المغالبة و المقامرة (حرام) صنعه و نفعه و هو (ما أُخذ به) بشرط أو لا (حتی لعب الصبیان بالجوز و الخاتم) و کذا تعلیمه و تعلّمه بفعله أو لفعله و یجب إتلاف آلاته کباقی آلات اللهو و لا شکّ فی حرمته لظاهر الإجماع و الأخبار و ما لم یکن معتاداً کذلک لذلک. و لا یدخل فی الملاهی فیحرم نفعه و عمله لدخوله فی المیسر المنهیّ عنه فی صریح القرآن المفسّر بأخذ المال بیسیر. و أما مجرد فعله فلم یقم دلیل معتبر علی تحریمه فالمسابقة و المغالبة من دون رهان لا بأس بها و معه حرام إلّا ما استثنی و هذا نظیر اللعب و اللهو فإن تحریمهما مقصور علی ما عمّ لهو الناس و دخل فی قسم اللهو و الملاهی المعتادة التی یتولد منها فساد علی العامة و أما الخاص فلیس حاله ذلک و إلّا لحرم أکثر أقسام الملاعبة بالعیدان و خرج عن العدالة کثیر من أهل الأدیان و لأن اسم اللهو و الآلة و الملاهی إنما ینصرف إلی الفرد الشائع و النفع العائد من الصبیان کالعائد من الکبار و إن اختلفوا فی العصیان و عدمه لأن الکلّ آخذ مال بالباطل و داخل فی المیسر و یجب علی الولی منع الصبی عن استعمال ما فیه بذل

ص: 41

مال، و أما غیره فیلحظ فیه الفساد و خلافه و فی الحدیث أن أبا الحسن (ع) أکل من مال المقامرة شیئاً من غیر علم فلما علم قاءه و روایة أدری به و عن الصادق (ع) بیع الشطرنج حرام و أکل ثمنه سحت و اتخاذه کفر و اللعب بها شرک و السلام علی اللاهی بها معصیة و کبیرة موبقة و الخائض فیها یده کالخائض یده فی لحم الخنزیر و لا صلاة له حتی یغسلها کما یغسلها من لحم الخنزیر و الناظر إلیها کالناظر إلی فرج أمّه و الناظر إلیها و السلام علی اللاهی بها سواء معه فی الاسم و الجالس علی اللعب بها یتبوّأ مقعده من النار و مجلسها من المجالس التی باء أهلها بسخط من اللّه یتوقعونه فی کلّ ساعة فیعمل معهم و هو معمول علیه غیر إن نجاسة الید و بطلان الصلاة بدون غسل مبالغة کالکفر و الشرک و معصیة السلام و النظر و الجلوس لیست علی إطلاقها.

الغشّ

و (الغَش) بالفتح مصدر و بالکسر اسم و الأول ألصق بما بعده و أوفق بتعلق الحکم و ترتب الملک بإدخال الأدنی فی الأعلی أو المطلق فی غیره أو بالعکس من المجانس و غیره أو تعمد ما یظهر الصفة الملیحة و یخفی القبیحة فیدخل التدلیس لیوفر رغبة المُسام (بما یخفی) حاله فیظن کماله فیغریه بالجهل بفعله الخالی عن الاحتمال و المصلحة بل المشتملة علی المفسدة کما لو أغراه بقوله و یکون ساعیاً فی ضرره بإخفاء خبره فالعقل حاکم بقبحه حیث غشّه ترک نصحه و لقد ظلمه حیث شبّه علیه و ما أعلمه و لدخوله فیما وضع للحرام أو قصد به. و أما الشرع فقد توافقت علیه آیاته و روایاته و إجماعاته و فی بعضها التشدید التام علی أنه مخرج

ص: 42

عن الإسلام و یلحقه فی الحکم من لم یکن الغش من فعله لکنه أخفاه حین نقله و من لم یعلم به أو علمه و أخبر به فلا تحریم علیه و یبقی التردد فی الصحة و الفساد بالنسبة إلیه و اسمه أو حکمه مقصور علی حصوله فی ما فیه خفاء (کمزج اللبن) أو بعض المیاه المضافة أو المائعات و نحوها (بالماء) و نحوه و أما ما لیس فیه خفاء فلا بأس به عند جمهور العلماء و وجود الخلاف علی وجه الندرة لا یُلتفَت إلیه فی مقابلة مستفیض الشهرة و فی الأصول و القواعد و الأخبار الخاصة أبیَن شاهد و المعارض لا یُلتفَت إلیه فی مقابلة ما أوردناه من الأدلة الدّالة علیه و بیع المغشوش إن لم ینقلب حقیقته و لم یعلم البائع غشیّته أو أخبر المشتری بها فلا بأس به فیه و القاعدة ترتضیه و مع العلم بالغش و عدم الإعلام فالنهی متوجّه إلیه لا إلی البیع المترتب علیه من حیث نفسه فیصح البیع حینئذٍ إذ لا مانع و یثبت للجاهل خیار العیب أو الوصف أو التدلیس من غیر مدافع، و لیس هذا من تعارض الاسم و الإشارة أما مع اتحاد الجنس فظاهر، و أما مع اختلافه فإن لم تنقلب الحقیقة فلیس منه و مع الانقلاب فقد حکمنا ببطلان ضروب الاکتساب و لعموم ما دلّ علی خیار العیب و الوصف و التدلیس و قصد الحرام بلا شرط لا یفسد کما مرّ و فی الأخبار الصحیحة و غیرها ما یفید تعلق النهی بنفس البیع الظاهر فی الفساد و لفظ لا یصلح لا یصلح حجّة علی الکراهة و وضع القطن العتیق فی القلانس لعلّه لا یعد تدلیساً لشیوعه فقوله (ع) لفاعله: ( (أحب أن تبین لهم)) علی فرض ظهور الندب لا ینافی ما قلناه و بما قلناه ظهر وجه القولین و عرفت حجّة کل من المذهبین و قوة الأول

ص: 43

منهما و کوضع الحریر فی البرودة لیکتسب ثقلًا أو حسناً و وضع الماء علی بعض الأشیاء لمثل ذلک.

التدلیس

(و تدلیس الماشطة) علی المعنی الأخیر فی الغش عطفاً علی المزج و لو جعل قسیماً له کان عطفاً علیه و لا فرق بین تدلیسها نفسها و تدلیس الغیر لها بفعل ما یبرز حسنها و یخفی قبحها لیرغب فیها الکاسب أو یعشقها الخاطب و الأول فی الأول أوفق بکتاب المکاسب أو بإبقاء ما فعل سابقاً من غیر إخبار مع إخفاء الحال و عدم الإظهار لحصول القبح فیه و لأن أخبار الغش تعمه أو تقضیه و للإجماع المحصل و المنقول عن بعض الفحول و للنصوص الدالة علی بعض أقسامه بالخصوص کما روی عن النبی (ص) من لعن النامصة و الواشرة و الواصلة و الواشمة، و فسّر بالناتف للشعر، و المحددة للأسنان و الواصلة لشعر امرأة بشعر أخری و التی تغرز شیئاً من بدن المرأة بإبرة و تحشوه بالکحل أو بالنورة فیخضرّ و تخصیص أمثاله بما کان لغیر الزوج و نحوه لما دلّ علی استحباب التزیّن له بأنواع الزینة و علی خصوص الوصل بالشعر و لا عیب فی الصلاة من جهتِه کما ظُنّ فیخص المنع بالتدلیس و مع تنقیح المناط یعم کلّ تدلیس، و لا یُشترط إذن الزوج إلّا فیما یخشی منه النقص فی محاسن الزوجة بانهدام أسنانها أو ضرر فی بدنها و نحو ذلک، أمّا المالک فیلزم استئذانه مطلقاً و ما حُرّم من التدلیس یحرّم النفع المترتب علیه کسائر الأعواض علی المحرمات و ما حلّ یحلّ فیه غیر إنّه یکره مطلقاً و تزداد الکراهة مع الشرط و یحتمل أن لا کراهة إلّا معه و کون بعض الأعیان منها کالشعر الموصول و الحمرة المأخوذة من بعض الحشار و نحوهما مما لا یسوغ أخذ

ص: 44

العوض فیها لا مانع منه لأن المتعلق بالأصل هو العمل و تلک من التوابع و بیع المُدلّس کبیع المغشوش.

تزیین کل من الرجل و المرأة بالحرام

(و تزیین الرجل) أو المرأة أو تزینهما أو دوام ذلک لهما و ما فی الکتاب أنسب بقواعد الاکتساب (بالحرام) علیه فقط کلباس الحریر أو الذهب أو علیهما کالغصب و لبس أحدهما أو تزیینه أو تزیّنه بما یختص بالآخر عادة لتوجه النهی إلی ما حرم علیه بالخصوص و شمول النهی عن لباس الشهرة الشامل بتنقیح المناط للزینة بغیره و فی الخبر النبوی: ( (لعن المتشبهین و المتشبهات بالرجال)) و لا وجه لقصره علی التذکیر و التأنیث و إنما هو فرد منه و ما فی السند من القصور تعضده موافقة المشهور و فی کلام بعض الأواخر کان دلیله الإجماع و هو غیر ظاهر و یجب علی الخنثی ترک الزینتین و لها العمل بما جاز لکل من النّوعین و باختلاف الأحوال و المحال یختلف ملابس النساء و الرجال فقد یختلف حال العجم و العرب و حال الفقراء و حال أرباب الرّتب.

إعانة الظلمة فی ظلمهم

(و معونة الظالمین) لأنفسهم فیعمّ المعاصی أو لغیرهم فی أموالهم أو أبدانهم أو أعراضهم أو أدیانهم کالإفتاء و القضاء ممن لیس له أهلیة ذلک (فی الظلم) لاشتمالها علی الرکون و الإعانة علی الإثم المحظورة عقلًا و شرعاً و للأخبار المتواترة و المعذور لجهل أو نقص أو تقیّة تحرم أعانته و إن لم یعص بفعله. و أما معونتهم علی المباحات بخدمة بدنیة أو معاملة مالیة فإن کانت عن میلٍ إلیهم بسبب ظلمهم و کِبَرهِم و جبروتهم أو

ص: 45

بقصد السعی فی إعلاء شأنهم و رفعة منزلتهم و حصول الاقتدار لهم علی رعیّتهم أو تکثیر سوادهم حرمت أیضاً و إن خلت عن تلک الأحوال و أشباهها کانت سائغة لا حجر فیها و إلّا لم تقم للمسلمین سوق فإن الدراهم و الدنانیر و أکثر ما یخرج من المعادن المنطبعة إنما یصل إلی أیدی الناس من أیدیهم و بالمعاملة معهم، و کذا الزراعات و توابعها إنما تکون غالباً معهم علی أن سدّ باب المعاملة معهم مثیر للفساد باعث علی أذیّة العباد خصوصاً من الفرقة المحقّة، و کیف یخطر بالبال أو یجری فی الخیال إن أئمتنا (ع) مع حثهم لنا علی تشییع جنائز القوم و عیادة مرضاهم و الصلاة معهم و إظهار المحبّة لهم یأمروننا بتجنب معاملاتهم و بترک الدخول معهم فی مباحاتهم و التنفر منهم ظاهراً و التباعد عنهم و کثرة الأخبار علی نحوٍ یبعد خفائها علی الأصحاب مع ترکهم العمل بظاهرها ترفعها عن الاعتبار و لا بدّ من تنزیلها أما علی إرادة قصد المعونة لهم علی ظلمهم فیدخل فیما قصد به الحرام أو علی حصول المیل أو تقویم أمرهم أو إعلاء شأنهم أو جرّ النفع لهم أو ربط المودّة معهم بلا داعٍ إلی غیر ذلک فیدخل فی الرکون. و أما العمل بظاهرها فلا وجه له بدیهة و کفی بالسیرة القاطعة و العمل المستمر خلفاً بعد سلف شاهداً علی ما ذکرنا و أوضحناه. و الظاهر أن الذی أمرنا بزیادة التنفر عنهم باطنا و شدّة التباعد عنهم و لا نحب بقائهم بل نحب فنائهم هم أهل الباطل. و أما من کان من أهل الحق و إن حصل منه ظلم فلا تشمله الأخبار لأن ظاهرها إرادة من کان من الظلمة فی أیام صدور الأخبار عن الأئمة الأطهار (ع) و یظهر من إمعان النظر فی الأدلة إن المعونة علی ظلم الناس لیست کحال المعونة علی باقی المعاصی حیث إن الإعانة علی

ص: 46

الظلم و إن کانت غیر مستلزمة لحصوله و فی غیره الأمر أیسر من ذلک کما لا یخفی.

حفظ کتب الضلال

(و حفظ کتب الضلال) أو ضلالها فی الصدر أو عن التلف (و نسخها) متعلقاً بأصلٍ أو فرعٍ مع صدق الاسم علیها لإعدادها له أو کثرته فیها مع ثبوته بقاطع أو ظنی لا یُعذر فیه صاحبه، و کذا کل کتاب اشتمل علی قدح مؤمن أو أذیة لمسلم و لو مع الأمن عن ترتب الضلال و الفساد و الاطلاع علیها بل یجب إتلافها بکلّها إن لم یکن عزل الضلال منها ممکناً و إلا اکتفی بعزله من غیر ضمان لقیمتها لدخولها تحت الوضع للحرام إذ وُضعت له و تحت ما دلّ علی إن جمیع ما من شأنه ترتب الفساد علیه یمتنع التصرف فیه و قنیته و حفظه و لنفی الخلاف عنه ممن لا خلاف فی الاعتماد علیه، کل ذلک إذا کان (لغیر النقض لها أو الحجة علی أهلها) و أما لها فربما وجب إذ الجهاد بالأقلام أعظم نفعاً من الجهاد بالسهام و إتلاف بعض آحادها لا یقضی برفع فسادها و الإبطال بکلّها إنما یتحقق بإبطالها من أصلها و حیث إن مقصد الشرع فیها الإبطال کان الأقوی فی حصوله الردّ بطرق الاستدلال و لا فرق فی المنع بین ما کان من أصله کتاب ضلال و وُضِع علی ذلک أو صار باعتبار النسخ فیحرم حفظ الکتب السماویة المنسوخة محرّفة کانت أو غیر محرّفة و نسخها و تعلیمها و أخذ الأجرة علیها کسائر کتب الضلال (و) منه (نسخ التوراة و الإنجیل و تعلیمها) لحرمة الإعانة علی الحرام (و أخذ الأجرة علیهما) و قد بسطنا الکلام فیما یستنَد إلیه و کشف الحال أنّه لیس الغرض من کتب

ص: 47

الضلال أنه ما اشتمل علی الضلال فی الجملة و إلّا لم یمکن الرجوع إلی کتب اللغة و العربیة و التفسیر و غیرها من کتب المقدمات و وجب إتلافها لعدم الخلو من ذلک و لا ما کان من الکتب مشتملًا علی ما یحتاجه الفقیه فی طرق الاستدلال. للاطلاع علی مذاهب القوم مما یتوقف علیه ترجیح الروایات بعضها علی بعض و لا ما کان مستنداً إلی أهل الضلال و کان فیه رشاد کالکتب الأصولیة المشتملة علی الضوابط الشرعیة الموصلة إلی تحصیل معرفة الاستدلال فإن ذلک من الواجبات للتوصل إلی معرفة الأحکام الشرعیة بل المراد و اللّه أعلم إن الکتب التی وضِعَت للاستدلال علی تقویة الضلال یجب إتلافها فضلًا عن غیره من نسخ و غیره إلا مع قصد الإبطال و نحوه کما ذکرناه سواء تقوّت بها کلمة الکفر الإسلامی أو الإیمانی أو خلاف الشرعی الفرعی الثابت بالدلیل القطعی و أما الخالیة عن الحجاج و إنما هی أحکام تذکر و أخبار تسطر ککتب الفقه و الحدیث لغیر أصحابنا فلا تجوز قِنْیَتِها و لا استعمالها و لا نسخها للانتفاع بها إلّا بقصد ما ینفع فی الأمور العلمیة أو غیرها و لا یجب إتلافها و أما ما کان من کتب أهل الضلال مما وضِع لمعرفة کیفیة الاستدلال أو الاهتداء إلی معرفة معانی الکتاب و السنّة و الکتب المنسوخة مع قصد الاطلاع علی المواعظ کالزبور و نحوه من کتب الأنبیاء أو علی التواریخ و السیَر و الأمور السائغة فلا بأس به و ربما وجب و حیث کان المعوّل علی الإجماع و بعض القواعد السابقة لزم الاقتصار علی المتیقن. و یؤید ذلک إنهم (ع) کان عندهم بعض کتب الأنبیاء و ربما أخرجوها لأصحابهم فالمدار إذاً علی اختلاف الأغراض و المقاصد و ترتب المصالح و المفاسد فلیتأمل فی ذلک المقام فإنه من مزال الأقدام

ص: 48

و قد زلّت به قدم بعض الأعلام حتی تسرّی إلی القدح فی أعیان الأعیان الذین من قدح فیهم فقد قدح فی الإسلام و الإیمان.

هجاء المؤمنین و ذمّهم

(و) منها (هجاء المؤمنین) و هو ذمّهم بالشعر أو مطلقاً علی اختلاف الرأیین و یقیّد حینئذٍ للمقابلة و یزید علی الغیبة باقتضائه الدوام فیکون کذمّ جعل مثلًا أو رقم فی طومار یعرض علی الأعقاب و لذلک عمّ حکم المؤمنین عدولهم و فسّاقهم المجاهرین منهم و المستترین لاشتمالهم علی الظلم و هتک الحرمة و الإهانة و إدخال النقص المحظورة عقلًا و شرعاً و لعموم الکتاب و السنّة و الإجماع ما لم تقم حجّة معتبرة علی إذن المالک المتصرّف لحکمة أو مصلحة واقعیتین متعلقتین بممالیکه و الرّخصة فی الغیبة لا تدل صریحاً علی حکم الهجاء فیبقی علی أصله و لا یجوز فیه المقاصّة لتعلق الحقّین به و یعلم من تتبع الأدلة أن کلًا من الکافرین إسلامیّ أو إیمانی علی حدٍّ سواء فی جواز لعنهم و هجوهم و سبّهم و شتمهم ما لم یکن قذفاً مع عدم شرطه أو فحشاً بل الظاهر منها أن هجائهم علی رءوس الأشهاد من أفضل عبادة العباد و قد أمر علّة الإیجاد و سیّد العباد بهجو المشرکین معللا بأنّه أشدّ علیهم من رشق السهام، نعم لو رجعوا عن عقیدتهم لزم و حُثَّ محوه، و لو کان لمصلحة عظیمة أو دفع المفسدة عن المهجو دنیاویة کدفع المهلکة عن نفسه أو المؤاخذة بعد الحلول فی رمسه بالنهی عن الفساد حسن و لو بالهجو علی رءوس الأشهاد. و من کتب هجو المؤمن فی دیوانه وجب علیه کفایة محوه و وجب علی الناس ردعه و کلما کان الشعر أجود کان الوزر أشد

ص: 49

کما أن مُسجّع النثر و أفصحه أشد اثماً من غیره و حرمة أخذ الأجرة و ما یهدی من الجائزة إلیه قد حرّما فیه أعظم شاهدٍ علیه.

الغیبة
اشارة

(و) منها (الغیبة) بالإضافة إلی المؤمنین و اللام عوضها بقرینة السوق. العقلاء منهم و الممیِّزین من أولادهم بذکر معایبهم مع الرضا و بدونه أو ذکر یغمّهم و یحزنهم مع ذکر العیب و عدمه أو ذکرهما معاً علی اختلاف الآراء فی معناها بین العلماء و علی القول بأنها مطلق الذکر فلا بدّ من التقیّد لترتب الحظر و یعتبر کونها من مقولة الکلام کما علیه بعض الأعلام أو جمیع ما یفید مفاده من فعلٍ أو تعریض أو إشارة أو تغییر عادة و فی المغتاب اسم مفعول عدم الحضور و إن تشارکا فی لزوم المحظور و خلاف الکذب لئلّا تدخل فی البهتان و تخرج عن الاسم و إن کان أشدّ فی العصیان و حیث اختلف فیها کلام الأساطین من الفقهاء و اللغویین فالمرجع هو العرف الذی هو المیزان مع اختلاف کلام اللغویین فی التفسیر و التبیان و الأدلّة الأربعة متفقة علی حظرها و جمیع ما دلّ علی تحریم أجر المحرّمات شاهد علی حرمة أجرها.

مستثنیات الغیبة

و یستثنی منها أمور:

منها غیبة من فسدت عقیدته حتی دخل فی قسم الکفار و المشرکین أو خرج من رِبقة المؤمنین للأصل و الاقتصار علی المتیقّن من دلیل المنع و تقیید ما دلّ علی عموم المنع فی المسلم بمفهوم ما قصر فیه الحظر علی المؤمن و لأن القسمین فی الکفر کفرسَی رهان إلّا فی مسألة الأموال و الأبدان و حیث هجاء المشرکین یدلّ بالأولی علی جواز

ص: 50

غیبتهم و استمرار الطریقة المستمرة من قدیم الزمان علی اللعن و الطعن فی غیر أهل الإیمان حتّی أن الإنکار لذلک یعدّ من المنکرات و الطعن فیهم من أفضل الطّاعات و حلیة مجالس المتقین ذکر معائب الکفار و المخالفین و من وقع فی خیاله ثبوت الملازمة بین حرمة عرض المخالف و ماله فقد اشتبه کلّ الاشتباه لصدور الغفلة منه و قلّة الانتباه.

و منها التظلم مع ذکر معائب الظالم عند من یرجو أن یعینه و یرفع الظلم عنه لقول المرأة عند النبی (ص) متظلمة بأن زوجها شحیح و لم ینهاها عن ذلک و یقوی جوازه عند غیره لظاهر الکتاب و تفسیره بروایات کثیرة فی هذا الباب و ما فی الأخبار من دخول سوء الضیافة فی ذلک فیجوز ذکر سوء ما صنع یشکل التعویل علیه فی مقابلة ما دلّ علی تحریم الطعن فی أعراض المؤمنین فی کتاب أو سنّة أو إجماع أو عقل.

و منها الاستغاثة بأن یقول فلان ظلمنی کما شکت هند أبا سفیان عند رسول اللّه (ص) بأنه رجل شحیح ما یعطینی ما یکفینی لاستمرار الطریقة علی ذلک.

و منها تحذیر المؤمن من الوقوع فی الخطر و الضرر فی دینٍ أو دنیا کتحذیر الناس من الرجوع إلی غیر الفقیه مع ظهور عدم قابلیته و التعویل علی طریقة من یعلم فساد طریقته و من وقوع أهل التحصیل فی بعض القواعد التی تعدّ من الأباطیل و أما أهل البدع فقد ورد الأمر بالوقیعة فیهم.

و منها نصح المستشیر لورود الأخبار الکثیرة فی أنه یجب أن ینصح المؤمن أخاه المؤمن و لقول النبی (ص) لبنت أبی قیس لمّا شاورته فی

ص: 51

خُطّابها معاویة ( (صعلوک لا مال له))، و أبو الجهم ( (لا یضع العصا عن عاتقه)).

و منها الجرح للشاهد و الراوی و بیان مقدار حالهما لمعرفة المعادلة بین خبر غیره و خبره و شهادة غیره و شهادته، و لذلک وُضعت کتب الرجال فی الجرح و التعدیل، و قُسّمَت الأخبار إلی الأخبار المشهورة و علی ذلک جرت عادة السلف من أهل الحقّ و الباطل لا یتناکرون ذلک من الرواة و المحدثین و الفقهاء و المجتهدین و لو لا ذلک لم یکن الترجیح بالعدالة و خلافها و الأعدلیة و خلافها و انسدّ طریق الاجتهاد من هذا الباب و تعذر ترجیح البیّنات عند المرافعات، و ورد عنهم (ع) ذمّ بعض الرواة و نسبة الکذب إلیهم و وضع الحدیث.

و منها ما یقصد به دفع الضرر عن المذموم فی ذم أو عرض أو مال و قد وقع الطعن منهم (ع) فی زرارة معللین بذلک. و بنحو ذلک یجاب عن الطعن فی الهشامَین.

و منها ذکره بالاسم المعروف و الصفة المعروفة کالأعرج و الأعمش و الأشتر و نحوها لضرورة التعریف کما جرت علیه عادة العلماء فی ذکر الرواة و المحدثین و ورد عن الأئمة (ع) کثیر من ذلک فالسیرة و إجماع المحصّل و الأخبار شاهدة.

و منها الشهادة لإقامة الحدود و حفظ الدماء المعصومة و الأموال المحترمة لئلّا تضیع الحقوق و یغلب الباطل علی الحقّ.

و منها ما دخل عن النهی فی المنکر لتوقفه علیه فیجب الوقیعة فی بعض العصاة حتی یرتدعوا عن معصیتهم.

ص: 52

و منها نفی نسب من ادّعی نسباً و إن کان معذوراً أو عرف بنسب فیجوز نفیُه و ربما وجب حتی لا یقع خلل فی المواریث و النفقات و الأنکحة و ربما یرجع إلی بعض ما سبق.

و منها ما کان لتقیة من الذّام علی نفسه أو عرضه أو ولده أو ماله أو نفوس و أعراض محترمة فإن التقیّة تجوّز الهجاء و السب و الشتم و القذف و ضروب المعاصی ما عدا الدماء.

و منها ذکر المبتدعة و تصانیفهم و مناقصهم حذراً من میل النفوس إلیهم و ظهور الفساد فی العباد.

و منها ذکر المتجاهرین بالفسق فأنهم لا حرمة لهم و لو فی غیر ما تجاهروا به للأخبار و قول النبی (ص): (لا غیبة لفاسق) مخصوص و حمله علی النهی بعید.

و منها ذکره عند من اطلع علی حاله و لم یزده علماً بأخباره لعدم حصول أمر جدید یصلح علّة للمنع فیشکّ فی دخوله تحت أدلّة المنع.

و منها ذکر بعض الصفات الذمیمة التی لا تبعث علی فسق مع تظاهره بها علی رءوس الأشهاد لهتکه حرمة نفسه و قوله (ص): (من ألقی جلباب الحیاء عن نفسه فلا غیبة له) و لأنّه کالذکر عند العالمین بالحال.

و منها تفضیل بعض الرواة و العلماء علی بعض لیقدم المقلد فی التقلید و الروایة و یؤخِّر المؤخر بل مطلق التفضیل لأنّه لیس بقدح.

و منها ذکر من لا عقل له و لا ممیز کالمجانین و بعض أطفال المؤمنین للشکّ فی الدخول تحت أدلة التحریم.

و منها الردّ علیه فی ذکر قدح علیه أو علی مؤمن فإنّه یجوز و لو کان

ص: 53

معذوراً و استلزم قدحاً فیه.

و منها ما لو فعل خیراً من عبادة أو إکرام ضیفاً أو ترحّم علی فقیر أو نحوها فدلّت علی بخل أو کسل أو نقصان غیره فإنه لا یلزمه ترک العبادة و نحوها لذلک مع أنه من أقسام الغیبة علی بعض التفاسیر.

و منها ذکر أولاده و عیاله و أتباعه الملتحقین به ببعض الصفات تأدیباً لهم و خوفاً علیهم من الوقوع فیما هو أعظم لقضاء الحکمة و السیرة به و لأن التابع و القریب لهما حکم آخر فی التأدیب کما یظهر من التتبع.

و منها ذمّ من لا یشخّصه و لا یمیّزه و لا یحصره فإنه لا بأس به و لو دخل تحتها.

و منها تعلیق الذمّ بطائفة أو أهل بلاد أو قریة مع قیام القرینة علی عدم إرادة الجمیع کذمّ العرب و العجم و أهل الکوفة و البصرة و بعض القری.

و منها و ذکر المعایب و المناقص فی شخص ثمّ تعقیبها بما یدل علی رجوعه و عود کماله کالنقل عن الحرّ الشهید و أضرابه.

و منها روایتها عن شخص و تکذیبه فی فعله لها فلو سمّینا الناقل مغتاباً و النقل غیبة لم یدخل فی المنع.

و منها ذکر عیوب الملوک لإسقاط الخیار

و منها ذکر عیوب المرأة فی النکاح خوفاً مما یترتب علی التدلیس و کلّما جاز منها لدفع ضرر و إحقاق حقّ و ردّ باطل لزم الاقتصار فیه علی مقدار الحاجة مع الإخلاص فی النیّة و تهذیب النفس من الشوائب الردیئة و لیست أحادیث النفس منها. نعم یلزم علاجها إن خیف تأدیتها إلی حقدٍ أو بغض أو استهانة أو غیرها و یحرم استماعها أو الإصغاء إلیها

ص: 54

و یجب ردّها، و فی الحدیث: ( (إنّ وزر غیر الرّاد یعادل وزر المغتاب سبعین مرّة)) و فی آخر: ( (أنّ اللّه یردّ عن رادّها ألف باب من الشر فی الدنیا و الآخرة)) هذا مع الإمکان و إلّا فعلیه الإنکار بالجنان و الأحوط القیام عن ذلک المکان و عن النبی (ص): ( (إنّ کفارة الاغتیاب الاستغفار له کلما ذکره)) و القول بلزوم الاستعفاء معارض بلزوم نهایة الإیذاء. نعم لو استعفی مع الإبهام وافق الاحتیاط التام.

الکذب

(و) کما تحرم غیبتهم یحرم تعمد (الکذب علیهم) حرمة مضافة إلی حرمة أصل الکذب لتضاعف الوزر بتضاعف القدر و لو أخذ فی حدّه مخالفة الاعتقاد فقط أو مع الواقع لم یحتج إلی قید التعمد و هو و إن کان من صفات الخبر یجری الحکم فی الإنشاء المنبئ عنه مع قصد الإفادة کمدح المذموم و ذمّ الممدوح و تمنی المکاره و ترجّی غیر المتوقع و إیجاب غیر الموجب و ندب غیر النادب و عدّ غیر العازم إلی غیر ذلک مما یلزمه الإغراء بالجهل و التوریة و الهزل و المراح من غیر قرینة داخلان فی اسمه أو فی حکمه و لا فرق بین ما کان من شعر أو نثر مع عدم قرینة المبالغة و لقد اشتهرت فی الشعر و زادت فی حسنه حتی قیل: (أعذبه أکذبه) و فی بعض الأخبار إن قصد الإصلاح یخرج الکلام عن الکذب و إن إبراهیم و یوسف (ع) قصدا الإصلاح و لا کذب و لم یفعل کبیرهم شیئا و لم یسرق أحد و الحق أنه من الکذب المغتفر لغیر الأنبیاء کما فی الخبر: ( (ثلاث یحسن فیهنَّ الکذب: المکیدة فی الحرب، وعدتک لزوجتک، و الإصلاح بین الناس)) و ما ورد فی حق الأنبیاء مطروح أو مؤول و حیث

ص: 55

یجوز الکذب لتقیّة و غیرها قیل یجب التوریة، و ظاهر الأدلّة خلافه و یجب الاقتصار علی قدر ما یدفع الضرر و مقدار ما یحصل به للسبب الذی له الکذب مغتفر.

النمیمة و الفتنة

(و النمیمة) علیهم فیزداد إثمها بنسبتها إلیهم کالکذب علیهم أو مطلقاً من قولهم ثمّ الحدیث من باب ضرب و قتل سعی به لإیقاع فتنة أو وحشة و هی المعیّنة بقوله تعالی وَ الْفِتْنَةُ أَکْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ و عن الصادق (ع) ( (إنما تفرق بین المتحابین و تجلب العداوة بین المتصافین و تُسفک بها الدماء و تُهدم بها الدور و تُکشف بها الستور و النمّام لأشد من وطأ علی الأرض بقدم)) فقد دلت الأربعة علی حرمتها و شهدت الشواهد الدالة علی حرمة أخذ الأجرة علی المحرمات علی حرمة أجرتها و فی الأخبار ما یدلّ علی حرمة استماعها لکنّها قد تجب لإیقاع الفتنة بین المشرکین و تقویة المحقّین علی المبطلین و هو الداعی لتخصیصها فی أحد الوجهین بالمؤمنین.

حرمة سب المؤمنین

(و سبّ المؤمنین) و شتمهم بمعنی واحد یعمّ اللعن و الطعن و القذف و الفحش و التصغیر و التحقیر و نحوها مع قصد الإنشاء فیخالف الغیبة أو یعم الخبر و یعم الإنشاء و یختلفان فی بعض التعبیرات فیعمّ کل منهما الآخر من وجه، و حال الأشرار من أهل الإیمان هنا کحال الأخیار لتطابق الأدلّة الأربعة علی تحریم ما یفید نقصاً فی مؤمن أو أذیة له أو ظلماً فی غیر ما قام الدلیل علی الإذن به لحکمةٍ ظاهرة أو خفیّة، و فی

ص: 56

الخبر ( (سِبابُ المؤمن فسوق و قتاله کفر)) و یقوی جوازه فی خصوص الظالمین و یُغتفَر للتقیّة و دفع المنکر و حفظه عن الضرر إلی غیر ذلک. و سبّ غیر أهل الإیمان من المسلمین و المشرکین من أفضل الطاعات الموصلة إلی رضاء ربِّ العالمین.

مدح مستحق الذم

(و مدح من یستحق الذمّ) فی الوجه المستحق علیه أو غیره حیث یترتب الفساد علیه و قد یجب الذم له لردعٍ من منکر أو إحقاقِ حق أو إبطال باطل أو کشف حال لدفع اشتباه الخلق فیحکموا بشهادته و یرغبوا بمعاملته و تُبذل له الأموال و یُحمل علی رءوس الرجال و یُرجع فی الفتاوی إلیه و الأحکام و یعدّ من العلماء بین الأعوام و منه نشأ فساد الدین و تقدیم الأذناب علی عترة خاتم النبیین مع إنّه ربما دخل فی الکذب حکماً لاشتماله علی الإغراء بالجهل الذی حَکَم بقبحه الشرع و العقل، و أما حرمته للذات صدقاً أو مع قیام القرینة علی المبالغات فلم یقم علیه برهان و لم یزل یصدر من جمیع الأعیان و لا سیما إذا تعلّق به غرض لبعض أهل الرتب الدینیة أو دفع لبعض المظالم عن المظلومین من الرعیة أو دفع لبعض المفاسد إلی غیر ذلک من الفوائد و هذه عادة العلماء مع الأمراء خصوصاً من کانوا من أهل الحق و لو إنهم من شرار الخلق و من أخذ جائزةً علی مدحه مع حرمته أو نال فائدة منه فقد أخذ الحرام و دخل فی زمرة أهل الآثام. (و) أمّا ما کان (بالعکس) فتحریمه بیّنٌ کلَّ البیان غنیٌّ عن إقامة البرهان إلّا أن یکون لخوف علی المذموم من أضداده أو معاندیه و حسّاده أو علی الذام خوفاً من النسبة إلی محبّته

ص: 57

فتدعوهم إلی الجد فی إضراره و أذیّته و تفصیل الحال بعد الإجمال أنه ینبغی إعطاء کلِّ ذی حقٍّ حقّه فمن سلم من أسباب الذم فهو ممدوح لا یذم و بالعکس بالعکس فلو کان ذا جهتین کان الإنسان معه ذا حالتین قد یمدح و یبالغ و قد یذمّ محافظاً علی الوجه السائغ و من نقل الإجماع فی المنع علی الإطلاق مردود إلّا أن یکون جاریاً علی هذا المذاق. (و التشبیب بالمرأة) بالتعریض لحبها و عشقها فی الشعر (المعروفة) عند القائل أو السامع أو عندهما و الأخیر هو المراد دون المبهمة فإنه لا بأس بالتشبیب بها للشک فی الدخول تحت الاسم أو فی شمول الحکم ما لم یشمل علی فحش أو کلام باطل، و لأنه لا شی ء فیه من وجوه القبح الآتیة فیبقی علی الأصل. (المؤمنة) للزوم تفضیحها و هتک حرمتها و إدخال النقص علیها و علی أهلها و لذلک لا ترضی النفوس الآبیة ذوات الغیرة و الحمیة أن یذکر ذاکر عشق بناتهم أو أخواتهم أو البعیدات من قرباتهم. و أما غیر المؤمنة من المخالفة و الذمّیة و الحربیة المحترمة الدم و المال و الفرج فلا حرمة لها هنا کما لا حرمة لها فی غیبتها و هجائها مما لا یشتمل علی فحش و تحریم خصوص الأموال و الأعراض و النفوس و الشهادتین و بذل الجزیة و العهد و نحوهما و حرمة النظر لقیام الدلیل علیها لا یستلزم حرمة التشبیب بالنسبة إلیها و دعوی القبح فی الذات لأنه مهیج لشهوات العصاة فی محل المنع لأنهم غنیون عن السفاح بالنکاح مع إنه لو تمَّ لربما جری فی غیر المعروفات بل ربما قضی بتحریم ذکر المحاسن و أقسام الزینة. نعم لو کان المشبب من أهل المراتب بحیث ینکر علیه فلا یبعد التحریم بالنسبة إلیه، و أما التشبیب بالمرأة الحسان من

ص: 58

الکفار و المؤمنین المعروفین و المبهمین فهو من عمل السفه و باعث علی التهییج علی الحرام و معدود من الفحش و ظاهر نظر المفاتیح لا یُنظَر إلیه، و ما یشبه التشبیب من النثر مشارک للشعر فی الحظر إلا إن الموزون أشد حرمةً من غیره. و المسجع من النثر أشد وزراً مما لا تسجیع فیه و کلما زادت فصاحته و بلاغته اشتدت حرمته، و قد یقال بجوازه فی المهتوکات الستور و المعلنات بالفجور.

تعلم السحر و تعلیمه

(و تعلم) علم (السحر) فیکون من السحرة أو علمه لیسحر و لو مرّة، و تحقیق المقام یستدعی بسطاً فی الکلام فی بیان الأقسام و هو:

إما أن یکون علم بلا تعلم أو معه أو تعلم لم یقصد بهما العمل بل تحصل مرتبة الفضل و التباعد عن حضیض الجهل أو لیحذر الناس و یتحذر من عامله أو لیتجنب أن یدخل من جملة فاعله أو قصد بهما العمل فالبحث فی قصده و إن لم یعمل أو عمل فالبحث أیضاً فی نفس عمله و علی کلَّ تقدیر فالعمل أما أن یُنوی به الحل و الإبطال أو غیر ذلک من الأحوال ثمّ هی إما من الأحوال الحسان أو داخلة فی أنواع العصیان و حکم تعلیمه تابع حکمه.

أما القسم الأول فلا یخلو منه الأنبیاء و أرباب المکاشفات من العلماء لأن العلم حسن بالذات داخل فی عداد الکمالات و الکراهة فی الصناعات من الحیاکة و الصیاغة و الحجامة و نحوها و الحظر فیها إنما هو باعتبار العمل و إلّا فعلمها خیر من جهلها و التعلیم و التعلم بتلک النیة أو لتحذیر نفسه أو غیره من الوقوع فی البلیة متصفان بصفة الراجحیة

ص: 59

و أصل الإباحة قاضٍ بإباحته و لفظ السحر و الساحر و السحرة منصرف إلی عملته، و نقل قضیة المَلَکَین المعلمین فی القرآن لأهل هذه الملّة شاهد علی المحل، و ما فی الروایات من تحریم التعلم و إن حدّ المتعلم القتل، یراد به من قصد العمل بل مع صدوره منه إذ القتل من حدود العامل مع إن ظاهر انصراف التعلم إلی النحو المألوف من إرادة العمل، و أمّا علمه (و تعلیمه) و تعلّمه للعمل و نفس عمله للحل و الإبطال فسیجی ء بیان ما فیه من الإشکال و إن کان لغیر ذلک من الأمور المباحة فهو محظور؛ لأن ظاهر الأدلة حرمته بحسب الذات لا بما یقارنه أو یترتب علیه من الأموال و الغایات علی نحو باقی المحرمات فی ذاتها لا بسبب اختلاف حالاتها و غایاتها و العلم و التعلم بقصد العمل حرمتهما تابعة لحرمته غیر إن الحد یتبع العمل بل قسماً خاصاً منه و هو ما قصد به المعصیة درءاً للحد بالشُّبهة و هی بمعنی العمل و یتضح بمعرفته معنی العلم أمر یعرفه العاملون و یطلع علی حقیقته الساحرون فلو اشتبه علی غیرهم اشتباه الحیض علی غیر النساء و اشتباه بعض أنواع القمار علی غیر المقامرین لم یشتبه علیهم، و لو خفیَ بالنسبة إلی الناس لم یخفَ بالنسبة إلیهم و الذی علم من التطلع علی أحوالهم و إمعان النظر فی أفعالهم إنّه فی إجماله ما لطف مأخذه و دقّ أو صرف الشی ء عن وجهِهِ أو إخراج الباطل فی صورة الحقّ أو الخدیعة علی اختلاف کلام اللغویین، و فی تفصیله عند الفقهاء خلاف فمنها ما ذکره هنا موافقاً لجمع من الفقهاء من إنّه (و هو کلام یتکلم به أو یکتبه أو رقیة أو یعمل شیئاً یؤثر فی بدن المسحور) أی متعلق العمل المعلوم (أو قلبه أو عقله من غیر

ص: 60

مباشرة) مع إضافة الأقسام و العزائم فی بعض، و استخدام الجنّ و الملائکة و استنزال الشیاطین فی کشف الغائبات و علاج المصاب و إحضارهم و تلبّسهم ببدن صبیّ أو امرأة و کشف الغائبات علی لسانه من بعض آخر و عقد الرجل من زوجته فی الوطء و إلقاء البغضاء بینهما من آخر و فی المنتهی هی إن جمع الجنّ من الخرافات.

و منها أنه عمل یستفاد منه ملَکَةً نفسانیة یقتدر بها علی أفعال غریبة بأسباب خفیة.

و منها أنها استحداث الخوارق بمجرد التأثیرات النفسانیة قال و أما الاستعانة بالفلکیات فهی دعوة الکواکب و بتمزیج القوی السماویّة بالأرضیة الطلسمات و بالاستعانة بالأرواح الساذجة العزائم و بخواص الأقسام السفلیة علم الخواص و بالنسب الریاضیة علم الحیل و جرّ الأثقال و جمیع التعاریف لا یخلو من خلل لأخذ و عقد الرجل عن زوجته فی الثالثة من آثاره لا منه و کیف کان فالظاهر أنه لا یرجع بعد هذا الاختلاف الشدید بحسب التقدیر إلّا إلی العرف العام علی نحو ما مرّ فی الغناء من الکلام، و محصوله أنه عبارة عن إیجاد شی ء تترتب علیه آثار غریبة و أحوال عجیبة بالنسبة إلی العادات بحیث تشبه الکرامات و توهم أنها من المعاجز المثبتة للنبوات من غیر استناد إلی الشرعیات بحروز أو أسماء أو دعوات أو نحوها من المأثورات، و أما ما أخذ من الشرع کالعوذ و الهیاکل و بعض الطلسمات فلیست منه بل هی بعیدة عنه و کان غرض الشارع المنع من التدلیس و التلبیس فی الأسباب علی نحو منعه من التدلیس فی المسببات، و إن حدوث الأفعال من غیر سبب بیّن

ص: 61

مخصوص بربِّ العالمین. و عند الاشتباه فی الدخول تحت الموضوع یرجع الفقیه إلی أصله. و أجرته و منفعته تابعتان له فی حرمته للإجماع بل الضرورة من الدین. (و الأقرب) عنده و عند الأکثر منّا و من المخالفین و بعض نقل فیه إجماع المسلمین (أنّه لا حقیقة له و إنما هو) بجمیع أنواعه (تخییل) لا تأثیر فیه أو فیه تأثیر فی جمیع أحواله أو فی بعض دون بعض فلیس إذاً یتحقق علی الإطلاق و فیما عدا التفریق بین الزوجتین أو ما عدا إحضار بعض الجنّ و الملائکة أو فی خصوص دعوة الکواکب و سبب الاختلاف اختلاف الأدلة ففی القرآن مٰا یُفَرِّقُونَ بِهِ بَیْنَ الْمَرْءِ وَ زَوْجِهِ وَ مٰا هُمْ بِضٰارِّینَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلّٰا بِإِذْنِ اللّٰهِ فمنهم من تعلق بصدرها علی التحقیق و منهم من تعلق بعجزها علی التخییل، و قد یستدلّ بها علی ثبوت القسمین و فیه یخیّل إلیه من سحرهم أنها تسعی و فیه ظهور فی التخیّل لکن لا یفید التعمیم کما ظنَّ. و فی الأخبار ( (حلّ و لا تعقد)) و فیه ظهور فی التحقیق و جواب الصادق (ع) للزندیق حیث سأله عن الساحر هل یقدر علی جعل الإنسان بصورة الکلب أو الحمار فقال ما حاصله: إنه إذا شارک اللّه فی خلقه، ظاهر فی التخیّل. و فی خبر العیون ما یؤذن بالانقسام إلی القسمین و هذا هو الأقوی لأن من تتبع الطرائق و السیَر علم أنَّ له تأثیرات لا تنکر تستند إلیه فی بعض الأحیان و یعلم تحقیقها فی حقّ من لم یطلع علیه مع ما له من المؤیدات من الآیات و الروایات و لا وجه للاستناد إلی ما روی من إن لبید بن عاصم الیهودی سحر النبی (ص) فأثر أثراً حقیقیاً کما یظهر من الروایة لقصور السند أولًا و لظهور الوضع علیها ثانیاً لا لأن العقل یحکم بأن النبی (ص)

ص: 62

قادر علی دفعه بالأسماء و التعویذات فلا یمکن أن یصاب بذلک کما قیل إذ لیس للأنبیاء دفع جمیع ما قدروا علی دفعه بدعاء و تعویذ أو نحوهما و إلّا لما حدث علیهم عرض و لا مرض سماویان أو أرضیان، و لا لأن ذلک ینافی العصمة إذ حدوث المرض غیر الغالب علی العقل لا ینافیها بل المنافاة اللطف الواجب لأن المکلفین إذا رأوا سلطان الساحر علی النبی (ص) أو تصرّفه فیه اختلت عقائدهم و لم یبق لهم اطمئنان و لا وثوق و لا اعتماد لظهور نقصه حینئذٍ و لتجویزهم إذا تسلط الساحر علی عقله (ص) فیصحّ قولهم: إن تتبعون إلّا رجلًا مسحوراً. ثمّ العقل حاکمٌ بأنه لو کان له حقیقة لم یمکَّن اللّه تعالی الساحر منه فی جمیع ما أرادوا و إلّا لزم الفساد و اضمحل أکثر العباد و لم تحتج الملوک و الأمراء إلی وضع الجهاد و اکتفی الأشقیاء بجذب النساء و الأولاد إلی اللواط و الفجور و اغتنوا بذلک عن الخطبة و بذل المهور و صدر من السحّار ما لم یصدر من القادر المختار فلا حادث من نفع أو ضرر إلّا بقضاء و قدر فلا یقدر الساحر علی أن یسحر حیث یدّعی أنه مبعوث إلی البشر، و لا حاجة إلی معرفة الإعجاز بالاستمرار و بإلزام المدّعی بالبدار و الخلو عن المقدمات إلی غیر ذلک من الجهات (و) یترتب ثمرته (علی کل تقدیر) من تحقیق و تخیّل، و منها أنه (لو استحلّه) مسلم (قتل) لصیرورته مرتداً بإنکار ضروریٍّ من ضروریات الدین إن کان إسلامه فطریاً بحیث لا تقبل توبته حیث انعقدت من مسلم نطفته و بنیت علی الإسلام فطرته، و غیر الفطری إن تاب و عاد قتل فی الثالثة أو الرابعة و لو استحلّه کافر فلا قتل علیه، و یقوی فی النظر قتل الساحر

ص: 63

إن کان مسلماً مع عدم الاستحلال أیضاً و ربما أرید بالاستحلال فی کلامه فعله و یؤیده ما سیأتی فی الکهانة لظاهر قوله تعالی وَ مٰا یُعَلِّمٰانِ مِنْ أَحَدٍ حَتّٰی یَقُولٰا إِنَّمٰا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلٰا تَکْفُرْ فظاهر نقله فی القرآن إن حکمه باقٍ إلی هذا الزمان و إطلاق الکفر علیه یقتضی ثبوت حکمه بالنسبة إلیه مضافاً إلی الأخبار الکثیرة الصریحة فی ذلک و الواردة فی الکهانة و لو قیّد الحکم بالاستحلال لساوی أکثر المعاصی الصغار فضلًا عن الکبار و یکمن بأن الثمرة فی البحث عن التحقیق و التخیّل بإمکان القصاص من الساحر و أخذ الدیة منه بناءً علی التحقیق أو التخیّل المؤثر دون غیره و إمکان ترتب لزوم الحلف و الکفارات علیه لو تعلق الالتزام بعدم الفعل بناءً علی الأولَین دون الأخیر. (و) الأقوی أنه لا (یجوز حلُّ السحر) إلّا (بشی ء من القرآن أو الذکر) أو الدعاء أو الحروز أو العوذ و الهیاکل (أو الأقسام) إلی غیر ذلک من الأمور السائغة شرعاً و (لا) یجوز (بشی ء منه) إلّا مع توقف الحلّ علیه مع مضنته حصول مضرّة لا تُتحمل و علی ذلک بنی الجمع بین ما دلّ من الآیات و الروایات علی إن السحر حرام فی حدّ ذاته لا باعتبار التأثیرات المترتب علیه فلا یکون شی ء من السحر حلالًا لا فی الحلّ و لا فی غیره و بین ما دلّ من الروایات علی جوازه للحلِّ مع عدم قابلیتها لتخصیص تلک القاعدة المتقنة المحکمة المستفادة من الکتاب بتنزیل الأخبار المجیزة علی حال الاضطرار و حصوله فی غالب الأوقات لا ینکر کخبر العلل و خبر العیون و غیرهما فإن الغالب إن التأخیر یحاول إضرار الخلق و الغالب عدم حلّه إلا بسحر مثله و هذا التنزیل أولی من تنزیل الحلّ فیها علی الحلّ بغیره لأن ظاهر بعضها کاد

ص: 64

ألّا یقبل التأویل به و القول بجواز الحل به کما علیه کثیر من أصحابنا لیس بذلک البعید لأن الظاهر من أخبار السحر و الساحر و السحرة إرادة من یخشی ضرره.

الکهانة

(و تعلم الکهانة) ککتابة عمل یقتضی إطاعة بعض الجان و بالفتح صناعة و علی کلّ حال فعلها و تعلمها و تعلیمها و الأجرة علیها مع قصد علمها و عملها و الأجرة علیه (حرام) بالإجماع و الأخبار، و أما مجرد العلم و التعلم لا لغرض العمل مع عدم تضمن العمل فلا تنصرف إلیه أدلّة المنع غیر أن الظاهر أن التعلم هنا قلَّ ما یفارق العلم، و المتبادر من لفظ الکاهن و الکهانة العامل و العمل، و ما فی إیضاح النافع من حرمة تعلیمها و تعلمها فی شرع الإسلام فمبنی فی الغالب من إرادة العمل (و الکاهن هو الذی له رئیّ) ککمیّ تابع للإنسان یتراءی له أو متبوع له یتبع رأیه (من الجنّ یأتیه بالأخبار) أو من تنکشف له بعض الأمور لشرارة نفسه کما تنکشف لبعض الأولیاء لطهارة ذاته و الأول أظهر و أشهر و أما ملائکة اللّه فلا ربط معهم لغیر أولیاء اللّه (و) هو کالساحر (یقتل ما لم یتب) بل أشد منه حیث إن حدّه لا یتوقف علی الاستحلال کما یظهر من کلامه و ظاهر الأخبار تشبیهه بالساحر و الساحر کافر و مساواتهما فی الحکم بردّ حکم السحر إلیه أو ردّ حکمه إلی السحر أقرب إلی التحقیق و عدم اشتراط الاستحلال فی استحقاق القتل بهما أوفق بالدلیل.

ص: 65

التنجیم

(و) عمل (التنجیم حرام و کذا تعلم) علم (النجوم) و الفلکیات و تعلیمه و علمه بالنظر من غیر تعلیم مع اعتقاد قدمها لذاتها و هو کفر الإنکار أو الاشتراک أو لقدم علّتها أو حدوثها متصفة بالعلوم و الإدراکات و صفة الاختیار لها مع الصفات و هذان من کفر الإنکار الضروریات أو (مع اعتقاد تأثیرها بالاستقلال) مع الحکم بأنه بتکوین ذی العزّة و الجلال کما تترتب الحرارة علی النار و تفریق البصر علی ضوء النهار (أو) علی اعتقاد أن یکون (لها مدخل فیه) بأن تکون جزء المؤثر لإتمامه أو مع اعتقاد عدمه لکنها جعلها اللّه علامات مفیدة للعلم و الیقین بترتب الأحکام و هذه الأقسام لا کفر فیها لکن اعتقادها من الآثام، و أما اعتقاد جمیع الأحوال المترتبة علی المنازل کالخسوف و الکسوف و الهلال علی وجه الیقین فخطأ یعلم من الاختلاف فی کثیر من الشهور و السنین و لیس معتقدِه من العاصین، و أما العلم ببعضها مع الیقین فی المأخوذ من الحس أو المظنة فی کلها أو بعض الأحکام منها فلیس فیه کراهة فضلًا عن التحریم بل مندوبة و لا تندرج تحت النواهی عن التنجیم و بهذا یندفع الاضطراب فی کلام الأصحاب و یحصل الجمع بین أخبار الباب إذ لا معنی بالقول بالتحریم مطلقاً مع إن کثیر من الرواة و المحدثین ممن کانوا من خواص الأئمة المعصومین (ع) کانوا من أکابر المنجمین فضلًا عن المتقدمین من الفقهاء و المتأخرین، و نسب أیضاً فی الأخبار إلی الأنبیاء السابقین کإدریس وذی القرنین و أخبار الإذن فیه کثیرة حتی نقل عن الکاظم (ع) مدحه. و فی الکتاب بقوله تعالی فَنَظَرَ نَظْرَةً فِی النُّجُومِ فی

ص: 66

بعض الوجوه إشارة إلیه، و کذا لا معنی للقول بإباحته مطلقاً بعد دلالة الأخبار المتواترة و الإجماعات محصّلها و منقولها علی تحریمه مع عدّه فی بعضٍ من الآثام و فی الآخر من منافیات الإسلام و عرف بین المسلمین حتّی عدّ من ضروریات المذهب بل الدین. و طریق الجمع بین الأخبار کما یشهد به طائفة منها و بین کلام الأصحاب کما یشهد به طائفة منهم إن التنجیم الحلال ما کان مع اعتقاد أن النجوم مسخرات و لیس لها فی حدّ ذاتها تأثیرات و إن الأمر إلی خالق الأرض و السماوات علی التفصیل الذی اخترناه و النحو الذی ذکرناه و قد مرَّ سابقاً إن العلم و الإدراک متصفان بالحُسْن تعلقاً بالأفلاک أو غیر الأفلاک ما لم تفسد المقاصد أو تترتب المفاسد فإذاً لا یجوز الطعن فی المنجمین حتی یظهر الحال و یستبین. فمن فسدت فی الظاهر نیّته ظهرت معصیته و إلّا حمل علی الوجوه الحسان و لا أعرف سواها من أصحابنا المنجمین فی هذا الزمان و صلاح نیّتهم من فیض ساداتهم و أئمتهم و حرمة أجرة الأعمال تابعة لحرمتها و إباحتها لإباحتها، و الذی یظهر من الخوض فی أمثال هذه المسائل و التتبع لما ورد فیها من الشواهد و الدلائل أن مقدمة الحرام و إن خالفت مقدمة الواجب من حیث إن حرمتها لیست بضربة لازب لکنها مساویة لغایتها حیث تدخل نیّة التوصل إلی الحرام فی نیتها أو کانت من المقتضیات لا کبعض الشروط و المعدات فمن تعلم علم النجوم أو غیره من العلوم للتوصل إلی بعض المحرمات کان من العصاة، و کذا من أسند التأثیر إلی صنعته کالطبیب فی طبابته و البیطار فی بیطرته و علم الهیئة و الرمل و غیرهما مع اعتقاد لزوم ترتب الأحکام إلا ما کانت مأخوذة

ص: 67

من الآیات و الروایات کالعوذ و الهیاکل و الدعوات فإن الإسناد إلیها إسناد إلیه و التعویل علیها تعویل، علیه و کذا الإسناد إلی نفوس الأولیاء و العلماء و الأتقیاء و التبرک ببعض الأماکن المحترمة و المشاهد المعظمة.

الشعبذة

(و الشعبذة حرام) لإجماع المنتهی و للحرمة بالباطل عند العاقل فیحرم للخبر و لأنها (هی الحرکات السریعة جداً بحیث یخفی علی الحس الفرق بین الشی ء و شبهه لسرعة الانتقال من الشی ء إلی شبهه) فیحکم الرائی لها بخلاف الواقع و تدخل فی باب الإغراء بالجهل و التدلیس و التلبیس و لما فیها من القبح الزائد علی قبح الملاهی، و الاشتغال بها من أعظم اللهو و لا یبعد القول بتحریم جمیع الأحوال الغریبة المستندة إلی الأسباب الخفیة و منها عند الشهید و المقداد السیمیاء و هی خیالات لا وجود لها فی الحس لتأثیر فی شی ء آخر و لعل حرمة الشطرنج و نحوه من جملة أسبابها. ذلک لأنها داخلة فی الحیل و الخدع و التدلیس و التلبیس إلی غیر ذلک.

القیافة

(و القیافة) بمعنی الاستناد إلی علامات و تقادیر یترتب علیها إلحاق بعض الناس ببعض (حرام) لصریح نقل الإجماع فیه من بعض و ظهوره من آخرین مع ما فیها من منافاة ما هو ضروری للدین من إلحاق الولد للفراش بمجرد الوطء و لو فی الدبر. و اختلاف الصور و الهیئات بین کثیر من الأنبیاء و الأوصیاء (ع) أو أولادهم فضلًا عن غیرهم بحیث یری إن بعض أولادهم أقرب إلی اللحوق بغیرهم، و لترتب الفساد العظیم

ص: 68

علی ذلک و لزوم الفضیحة علی المسلمین و نقض أحکام مواریثهم و دیاتهم و مناکحهم إلی غیر ذلک. فمن تتبع الآثار و نظر فی سیرة الأئمة الأطهار (ع) أنکر ذلک کلّ الإنکار. نعم لو قضت الضرورة بها کإنکار نسب بعض المعصومین (ع) أو بعض المؤمنین فالظاهر جوازها کما یجوز ارتکاب بعض المحرمات لدفع بعض المحظورات، و علیه نزل ما فی بعض الروایات أو علی إن حضور القافّة عندهم لم یکن باختیارهم (ع) فلا یدلّ علی تقریرهم و إنما یحرم مع الاعتماد علیها و الرکون إلیها. و أما مجرد معرفتها و الاطلاع علی حقیقتها مع اعتقاد إنها من الحرامات فلیس من المحرمات بل حالها کحال العلوم المباحات لأنها لا تخرج عن مقتضی الأصل إلّا بالدلیل و أقصی ما دلّ علی تحریمها بالنحو المذکور دون غیره. و القیافة فی غیر الإنسان إنما تحرم مع الجزم أو ترتب المحرم.

بیع المصحف

(و یحرم بیع) ما دخل فی رسم (المصحف) مثلث المیم و کتابته جوهریة أو عرضیة من کلمات أو حروف و مدّات و شدّات مجتمعات أو متفرقات و لو فی ورقات منفردات للدخول تحت الاسم أو للقطع بشمول الحکم من کلّ ما سمی کتابة قرآن، و المعاوضة علیها مستقلات أو منضمات إلی جلد أو ورق أو نحوهما، و کذا رسم أسماء اللّه و صفاته الخاصة فی وجه قوی، و ما دخل من الآیات فی بعض الکتب و باقی الکتب السماویة و کتب الحدیث و غیرها لا یجری فیها الحکم. و لا مانع من تعلق الملک و التملیک المجانی بل التملیک التبعی فیترتب الضمان

ص: 69

لمشتریه علی متلفه بل لو قیل بالتملیک الأصلی و النهی إنما هو عن الصوَر المنافی للاحترام و الآداب لم یکن بعیداً غیر إنّ العمل علی ظاهر الأدلّة أقوی و الأصل فی أصل هذا الحکم الأخبار المتکثّرة المعتبرة المنجبرة بموافقة أدلّة التحریم، و الإسناد إلی الصحابة فی نهایة الأحکام و عدم نقل المخالف فی کتب الاستدلال و قول الصادق (ع) فی الصحیح: ( (اشتریه أحبُّ إلیَّ من أن أبیعه)) یراد بها الشراء علی النحو الآتی جمعاً، و منعهم فی بیعه للکافر المؤذن بجواز بیعه مطلقاً للمسلم منزل علی ما ذکرنا. ثمّ الظاهر الفساد لو وقع البیع علی الوجه الممنوع لظاهر النهی فی الأخبار و ظاهر قول الصادق (ع): ( (إیاک أن تشتری الورق و فیه القرآن فیکون حراماً علیک و علی من باعه)) و القول بالصحة فیما یصح و ثبوت خیار التبعیض لیس ببعید، و ربما ظهر من العبارة المیل إلیه و لکن الأقوی ما قدمناه فقد ظهر مما مرّ أنه لا یباع نفس الرسم (بل) یجوز أن (یباع الجلد و الورق) غیر مقیّد بالکتابة فلا ینافی الحدیث السابق، و فی بعض الأخبار ( (قل: إنما أشتری منک الورق و ما فیه من الأدم و حلیته و ما فیه من عمل یدک))، و لعل المراد ما عملته یده مما عدا الکتابة أو الکتابة غیر مقیدة بالقرآنیة. و فیه بُعد و فی بعضها الحدید و الورق و الجلود و الدفتین، و فی بعضها الدفتین و الحدید و الغلاف. و هی کعبارة الکتاب محمولة علی المثال. (و لو اشتراه) أو بعضاً منه (الکافر) المنکر له أو مطلقاً و لو بإنکار الضروری مثلًا و لعلّه الأقوی أو أخذه بعقد معاوضة غیر الشراء أو بهبة مجاناً (فالأقرب البطلان) و لو تعقب الکفر الملک أبطله و بقی بلا مالک و لا یجری فیه حکم العبد المسلم

ص: 70

من الاکتفاء بالبیع علیه قهراً و عدم التسلیم فی وجه قویّ کل ذلک للزوم هتک حرمة القرآن بنفس السلطان الثابت للکفّار و تسریة الحکم إلی الکتب المحترمة من کتب الحدیث و الفقه و الدعوات و نحوها غیر بعید و تسریة الحکم إلی أهل الخلاف فیما لم یستهینوا به بعید. و أما ما یخاف فیه الإهانة فلا یجوز تسلیمه إلیهم و یباع علیهم قهراً. (و یجوز أخذ الأجرة علی کتابة القرآن) فضلًا عن أعماله الأخر مع الشرط و بدونه کسائر الأعمال بل لهذا رجحان علی غیره فإن العامل شریک فی الأجر لسعیه فی انتشار کلام اللّه و أحکامه، و لهذا لم یصرح أحد بالکراهة إلّا مع الشرط فقد نقل الإجماع علیها معه و الظاهر إن کراهتها هنا من الجانبین لا کالحجامة لأن فی إعطاء العوض و أخذه ما ینافی الاحترام و الإخلاص فی الجملة و أما کتابة غیره من الکتب السماویة أو کتب الفقه و الحدیث و نحوها فلا کراهة فیها و لو مع الشرط و المعنی کتابة تسمی کتابة القرآن فکتابة آیات الحرز و الحفظ و ما دخل فی الکتب الاستدلالیة و غیرها لا یجری فیها الکراهة مع الشرط بل الشرط فیها أولی.

السرقة و الخیانة

(و تحرم السرقة و الخیانة) مع العلم بهما فی غیر ما أذن فیه شرعاً (و بیعهما) و نحوه مع قصد التصرف لا مجرد الصیغة و ثمنها عقلًا و نقلًا کتاباً و سنّة و إجماعاً بل ضرورة من الدین فضلًا عن المذهب. (و لو وجد عنده) ما ثبت أنه (سرقة) أو غصب أو عین مضمونة (ضمنها) مع تلفها لصاحبها و إن لم یثبت علیه حدٌّ أو تعزیر إلا مع ثبوت التقصیر ضماناً لا رجوع فیه بعد التأدیة فضلًا عما قبلها (إلا أن یقیم البیّنة) بوصولها إلیه

ص: 71

من الغیر بوجهٍ لا إقدام فیه علی الضمان کهبة أو نحوها أو بوصولها إلیه مضمونة علیه بنفسها دون ما یتبعها کعاریة مضمونة و نحوها أو (بشرائها) و نقلها بعوض کائناً ما کان (فیرجع) علیه مع الجهل فی الأولی بجمیع ما غرّمه من قیمة العین و غیرها مما یترتب علی ملکیتها و فی الثانی بما عدا قیمة العین من الغرامة کذلک و (علی بائعها مع جهله) أیضاً بالثمن مع دفعه إلیه و إلا فلا رجوع له به علیه، و یرجع علی الأقوی بما أخذ منه زائداً علیه و بما اغترم مما عداه من غیر فرق فیه و فیما قبله بین أن یکون فی مقابله نفع مستوفی أو لا، أما ما لم یرجع فیه فلإقدامه علی ضمانه، فلا یکون مغروراً من جهته فتبقی الأصول محکمة فیه و القول بأن الإقدام علی ضمان العین بالثمن فی صحیح البیع إقدام علی ضمان مطلق القیمة فلا یرجع بالزائد أیضاً و أن النفع المستوفی مال محترم وصل إلیه فیضمن عوضه فی محل المنع و الوجه ظاهر، و أما ما یرجع فیه فلأنه مغرور و مضرور و معتدی علیه فیرجع علی من غَرّه أو ضَرّه أو اعتدی علیه عقلًا و شرعاً کتاباً و سنّة إجماعاً محصلًا و منقولًا، و لو أخذ علیه الضمان من غیر رجوع علی فرض مالک آخر قوّی عدم الرجوع لعدم الغرور حینئذٍ. و أما مع العلم فلا رجوع له علیه بغیر ما دفعه إلیه من العوض لاستقرار الضمان علیه و لیس بمغرور من قبلَه. و المباشر أقوی من السبب و ما جاءه الغرر إلا من یده و الإجماع بقسمیه و لا بما دفعه إلیه مع تلفه لتسلیطه علیه مجاناً و هتکه حرمة ماله و للإجماع محصلًا و منقولًا. و ما نقل منه فی خصوص الغصب و الفضولی مبنیٌّ علی المثال کما یقضی التعلیل به، و أما مع البقاء فإن کان فی غصب أو فضولی قیل لا رجوع

ص: 72

علیه غرّمه المالک أو لا للإجماع المنقول من جماعة فیها و یقتصر فیما خالف الأصل علیهما مع انجباره بالشهرة و بموافقة اللطف من سدّ باب الفساد علی العباد و عدم التجری علی أموال الناس و ثبوت الحکم فیهما و تسریته إلی غیرهما لأنه یعود إلی الهبة لدفعه بلا عوض مردود بالمنع أولًا و بعدم اللزوم فی غیر ذی الرحم ثانیاً فلا یثمر عدم جواز الرجوع علی العموم، و دعوی الإعراض المخرج عن ملک المعرض فیملکه القابض ملک الحیازة حریة بالإعراض لمنع الدخول فیه أولًا و منع الدخول فی ملک القابض قبل التصرف ثانیاً و الشک فی اللزوم مع القول بالملک ثالثاً ثمّ أن عدم جواز رجوعه لا یخلو من وجوه الخروج عن ملک الدافع و الدخول فی ملک المدفوع إلیه و یکون حلالًا له أو حراماً علیه و البقاء فی ملک الدافع و لا سلطان له علیه وجب ردّه إلیه أولًا و هو حلالٌ علی المدفوع إلیه بإذن المالک الأصلی و أن فعل حراما فی مبدأ أخذه أو حرام لا یترتب علیه ضمان و الخروج عن الأول و عدم الدخول فی ملک الثانی فیبقی کمال له حجبه الشارع عن مالکه و یرجع أمره إلی الحاکم أو بمنزلة المباحات، و الأقوی الرجوع إلی القواعد المحکمة العقلیة و الشرعیة من تسلیط الناس علی أموالهم و أن منعها منه ظلم ظالم و الأصل بقاء المال علی ملک صاحبه فالخروج عن ذلک الإجماع غیر محقق لا یوافق الفقاهة. نعم لا یجب الردّ إلیه و یجب التخلیة بینه و بینه و قد ینزل علیه بعض کلماتهم و الأصل فی هذا الباب ما روی عن الصادق (ع) فی الرجل یوجد عنده سرقة ( (إنه غارم ما لم یأت علی بائعها بشهود)) و أفتی بمضمونها فی النهایة و المراد بها ما لو ادّعی المالک

ص: 73

سرقتها و ادّعی الآخر شرائها منه و عدم الضمان فلا رجوع و ما هنا قابل للحمل علی إن المشتری لا یتعلق به ضمان لقوة السب و ضعفه فیراد رجوع المالک أو یُقرَأ بالبناء للمجهول و یراد ذلک لکنه بعید عن مقتضی الفقاهة و طریق المصنّف (قدس سره) و الأولی ما ذکرناه و لو جعل مال السرقة عوضا و معوضا (و لو اشتری به) مثلًا (جاریةً أو ضیعة) مثلًا (فإن کان) التعویض (بالعین) مصرحا بها و لم یتعقبها إجازة من المالک (بطل البیع) و نحوه مما یکون العوض و کذا بخلاف النکاح (و إلا) یکن کذلک بأن صرّح بالذمة أو أطلق فیرجع إلیها أو نوی العین غیر مصرح علی إشکال أو تعقیب الإجازة له علی ما سیجی ء تحقیقه (حلّ له) التصرف بالضیعة و نحوها و (وطئ الجاریة) بالملک مع الخلو عن المانع لأنه عقد شرعی لم یفقد شرطاً شرعیاً و لا قارن مانعاً و لکن (علیه وزر المال) و عقوبته (و لو حجّ به) ندباً مطلقاً صحّت حجّته و (مع وجوب الحجّ) علیه (بدونه برئت ذمته) فی جمیع أعمال الحجّ و لا یکون مشغول الذمّة فی شی ء (إلا فی الهدی) و ثوبی الإحرام مما یتعلق بالمال (إذا ابتاعه) مثلًا (بالعین المغصوبة) و لم یجز مالکها إجازة ترفع الحظر عن التصرف بها (أما لو اشتراه فی الذمّة) علی النحو السابق (جاز) سواء کان الابتیاع و الاستعمال ضدّین للأداء أو لا (و لو طاف أو سعی) أو صلّی (فی الثوب المغصوب) أو النعل أو شبهه (أو علی الدابة المغصوبة) أو المباحة ذات السرج أو الرحل أو الوطاء أو النعل المغصوب (بطلا) و بطلت علی الأقوی لاقتضاء النهی فی العبادة الفساد و لانصراف شرائطها إلی المباحات و للإجماع فی بعض و إلحاق بعض بالمناط المنقح.

ص: 74

التطفیف

(و التطفیف) البخس و هو النقیص علی وجه الخیانة. (حرام فی الکیل و الوزن) و مختص بهما أو یعم معناه العدّ و الذرع و الخرص فیما یجوز فیه علی اختلاف التفسیرین و إن کان الأول أشهر. و الحکم فیهما واحد و هو حرام عقلًا و نقلًا کتاباً و سنّة و إجماعاً و لدخوله تحت الظلم و العدوان و للخیانة و أکل أموال الناس بالباطل و غیر ذلک.

الرشوة

(و یحرم) أخذ (الرشا) جمع الرشوة مثلثة (فی الحکم) بسببه (و إن حکم علی باذله) فلم یؤثر بذله بحقّ أو باطل، و لیس مطلق الجعل کما فی القاموس بل بینه و بین الأجرة و الجعل عموماً من وجه و لا البذل علی خصوص الباطل کما فی النهایة و المجمع، و لا مطلق البذل و لو علی خصوص الحقّ بل هو البذل علی الباطل أو علی الحکم له (حقّاً أو باطلًا) مع التسمیة و بدونها. أما ما کان بصورة الإجارة علی أصل القضاء أو علی خصوص الحقّ فسیجی ء الکلام فیه و علی تحریمه إجماع المسلمین بل الملّیین، و فی بعض الأخبار إنه سحت و فی بعض آخر کفر بالله العظیم، و فی بعضها ( (لعن اللّه الراشی و المرتشی)) و دفعه حرام کأخذه لما ذکر مع کونه إعانة علی الإثم و ترغیباً علی المعصیة، و لو توقف الوصول إلی الحق علی البذل جاز لا علی وجه الرشوة کما سیجی ء کما یجوز إلی العشّار و السارق و الظالم لحفظ النفس أو المال.

و الرائش و هو الساعی بینهما شریک فی الإثم لتقویمه أمر المعصیة و مساعدته علیها کالآمر بالمنکر و إرسال الهدایا إلی القضاة و الحکام توطئةً لاحتمال وقوع الترافع بین المهدی و غیره إن لم یدخل تحت الاسم

ص: 75

داخل تحت الحکم. و الدفع لأداء الشهادة علی باطل أو علی الحالین من هذا القبیل، و کذا الدفع لبذل النصرة و الإعانة ظالماً و مظلوماً و حکم الرجوع علیه مع التلف أو بدونه مرّ الکلام فیه و لو دفع إلیه شیئاً بقصد القربة و علم من شرارة نفسه إنها تجوز فی الحکم بسببه وَجَبَ ردّه.

أخذ الأجرة علی ما یجب فعله علی الإنسان
اشارة

(الخامس ما یجب علی الإنسان فعله) وجوباً مطلقاً أو مشروطاً بغیر العوض و قد تحقق شرطه لتعلق ملک أو حقٍّ مخلوقیٍّ أو خالقی (تحرم الأجرة) و الجعل و سائر الأعواض (علیه) عینیاً کصلاة الفریضة وصوم شهر رمضان أو کفائیاً (کتغسیل الموتی و تکفینهم) و تحنیطهم و الصلاة علیهم و حفر قبورهم (و دفنهم) و حملهم إلی محالّها و نحوه من الأعمال اللازمة التی تتعلق بالمال أصلی کما مرّ أو عارضی بنذر و عهد و نحوهما لا لمنافاة القربة فیما یشترط بها کما ظنَّ لأن تضاعف الوجوب یؤکدها کما سیجی ء تحقیقه بل لأن المملوک و المستحق لا یملک و لا یستحق ثانیاً، و لأن الإجارة لو تعلقت به کان للمستأجر سلطان علیه فی الإیجاد و العدم علی نحو سلطان الملّاک و کان له الإبراء و الإقالة و التأجیل و کان للأجیر قدرة علی التسلیم و فی الواجب ممتنع ذلک و هو فی العینی بالأصل أو العارض واضح. و أما الکفائی فلأنه بفعله یتعین له فلا یدخل فی ملک آخر و لعدم نفع المستأجر فیما یملکه أو یستحقّه غیره لأنه بمنزلة قوله استأجرتک لتملک منفعتک المملوکة لک أو لغیرک، و لأن الظاهر عدم الدخول فی عمومات المعاملات فی الکتاب و السنّة فیبقی علی أصل عدم الانتقال عن الحالة الأولی.

ص: 76

و أما ما کان واجباً مشروطاً فلیس بواجب قبل حصول الشرط فتعلق الإجارة به قبله لا مانع منه و لو کانت هی الشرط فی وجوبه فکلما وجبت کفایة من حِرَفٍ و صناعات لم یجب إلّا بشرط العوض بإجارة أو جعالة أو نحوهما فلا فرق بین وجوبها العینی للانحصار و وجوبها الکفائی لتأخر الوجوب عنها و عدمه قبلها کما إن بذل الطعام و الشراب للمضطر إن بقی علی الکفایة أو تعین یستحق فیه أخذ العوض علی الأصح لأن وجوبه مشروط بخلاف ما وجب مطلقاً بالأصالة کالنفقات أو بالعارض کالمنذورات و نحوها. و فی الإجماع المنقول من جماعة علی المنع فی خصوص ما ذکر فی المتن کفایة و یفهم العموم من تعلیلهم ذلک بالوجوب الکفائی و دعوی المحصل غیر بعیدة عند المحصل و علم الهدی موافق فی الأصل مخالف فی الخصوصیة لادعائه أن الوجوب فی التغسیل و نحوه علی الولی أولًا فیکون واجباً مرتباً فلو استأجر علیه غیره قبل الوجوب علیه لم یکن فیه بأس و هو خارج عن المسألة علی إنّا نمنع ما ذکره أعلی اللّه شأنه و أنار برهانه لأن التوقف علی الإذن لا ینافی الوجوب فی أول درجة. نعم إن ما یظهر خلافه فی ما اشتبه إطلاقه و شرطیته فإنّا نمنع عن تعلق الاستئجار به بناءً علی ظاهر الإطلاق. و الظاهر من طریقته تقدیم الشرطیة لأصالة عدم التکلیف عند عدم الشرط و من هذا تبین إن ما علمناه من الواجب المشروط کالصناعات من خیاطة و حیاکة و نحوهما مما یتعلق بصلاح نظام الدنیا فلا نتأمل فی أخذ الأعواض علیه و ما یتعلق بسیاسة الدین و أحکام شریعة سید المرسلین (ص) من العلوم و المقدمات التوصلیة لمن أراد التوصل بها

ص: 77

و الفتاوی الشرعیة و تعلیم الواجبات الحتمیة فلا یجوز أخذ العوض علیها و ما یُشک فیه ملتحق عندنا به. کل ذلک فیما یتعلق بالواجب.

و أما الأحکام الأربعة الباقیة فالحرام منها قد تقدم الکلام فیه بما لا مزید علیه.

و أما الثلاثة الأخری فلا مانع من جهة ذاتها، و لا منافاة بین المعاوضة و بین صفاتها فإن حصل مانع خارج عنها حکمنا بالمنع منها کخلو النفع أو عدم إمکان تعلق الملک أو عدم إمکان النیابة فیه من غیر فرق بین الندب و غیره، فلو استأجره علی خیاطة ثوب نفسه أو بناء حائطه أو کتابة مصحفه أو صلاة نافلة عن نفسه بطل عقده، و لو استأجر لعمل تقع النیابة فیه من حجّ أو زیارة أو أداء مستحب أو فعل مکروه أو مباح فلا بأس به غیر أن الحق أن النیابة عن الحی فی المندوبات لا تدخل فی العمومات فیقتصر علی مورد الدلیل، فما ذکره بعضهم حاکماً و بعضهم متردداً من جواز الاستئجار و المعاوضة علی جمیع المندوبات عن الحی خلاف التحقیق و دعوی عموم الإجارة و النیابة له فی محل المنع فقد ظهر من ذلک إن المانع الذاتی من المعاوضات جارٍ فی الواجبات و المحرمات، و أما ما عداها من المندوبات و المکروهات و المباحات فلا مانع لها من جهة الذات فإن کان منع فمن أمور خارجیات و هذه المسألة من أمّهات المسائل و ینبغی لها استقصاء الفتاوی و الدلائل غیر إن صاحب الذهن الوقاد و الفکر النقاد یجد أن ما ذکرناه مع قلته فوق ما یراد. (نعم لو أخذ الأجرة) أو غیرها من الأعواض (علی المستحب منه فالأقرب جوازه) و کذا علی کلّ مستحب فی غیر ما استثنیناه مما لا یصلح للنیابة

ص: 78

و لا یعود نفعه إلا إلی الأجیر کقنوته و دعائه و بکائه و أذکاره المستحبة فی صلواته و فرائضه و مندوباته.

و الحاصل أنه کلما أمکن القیام به علی وجه النیابة صحّت المعاوضة علیه، و هذه المسألة من توابع المسألة المتقدمة و الشک فیما لا یشترط فیه القربة کمستحبات التکفین و الدفن لا وجه له، و أما ما شرطه القربة کمستحبات التغسیل و الصلاة علی الأموات و نحوها فربما قیل بأن شرط القربة ینافیها. و فیه أن الالتزام بالإجارة یؤکد القربة فیها کما یؤکده النذر و العهد و سائر الالتزامات کما أکدت إجارة الحجّ قربته و الظاهر أن النیابة عن نوابهم نیابة عنهم لا عن النواب فلا تکون عن الحی.

الأجرة علی الأذان

(و تحرم الأجرة) و نحوها (علی الأذان) إعلامیاً کان مع قصد الأذانیة أو صلاتیاً مخاطباً به أو لا مع صحّة النیابة فیدخل فی قاعدة الجواز و عدمها فلا تدخل فیها ما لم یکن لصلاة النیابة فتقع الأجرة فی الفرع وقوعها فی الأصل. و الأصل فی الحکم الروایات و اشتمالها علی ما لا نقول به من حرمة أجرة تعلیم القرآن لا یمنع الاستدلال و السند منجبر و إنکار الدلالة لا وجه له، و کذا منقولات الإجماعات و فهم خصوص الإعلامیّ منها غیر معلوم و لا یدخل الأذان للمسافر و فی إذن الصبی و من ترک اللحم أربعین یوماً و قول الصلاة ثلاثاً بدله فی محله للأصل و عدم شمول دلیل المنع و یفسد الأذان المشترطة بنیة القربة حیث یکون لمحض الأجرة خالیاً عنها و لو عصی بأخذها، و أخلص النیة وقت الفعل صحّ علی وفق القاعدة کغیره من العبادات التی یحرم أخذ الأجرة علیها و تنزیل قول من قال بالفساد علی الأول قریب، و تحریم أخذ الأجرة

ص: 79

علی الإقامة فیما لا تصح النیابة منها واضح و أما مع صحّتها فالقول بالإباحة وجیه و طریق الأولویة منظور فیه. و لا فرق بین کون الأجرة من أوقاف المسجد أو بیت المال المعد للمصالح من زکاة و نحوها أو من متبرع و لو أخذ شیئاً منها لا بقصد المعاوضة فلیس فیه بأس سواء توقف أذانه علی الأخذ لمنافاته الکسب و لا مدخل له سواه أو لم یتوقف و لکن أخذه لأنه أحد المصارف أو لدفع المتبرع فیدخل علی التقدیرین فی الارتزاق، و لا بأس به للأصل و الإجماع المنقول و جریان عادة المسلمین و تقویة الدین. و لا بأس بأخذ الأجرة علی ما یستحب فیه و لیس منه کالشهادة بالولایة لعلیّ (ع).

أخذ الأجرة علی القضاء

(و) تحرم الأجرة و نحوها من عوض صلح أو جعل أو غیرهما (علی القضاء) کالإفتاء سواء أخذت من سلطان عادل أو غیره من بیت مالٍ أو أوقاف أو من المتخاصمین مع الحاجة و عدمها أو من متبرع علی أی نحو کان لوجوبه عیناً مع الاتحاد و کفایة مع إمکان قیام الغیر و لیس من الواجبات المشروطة کالصنائع النظامیة مع أن فی الشک فی دخولها تحتها ما یغنی فی المنع و للأخبار الدالة علیه و للإجماعات المنقولة بعضها علی منع الجعل المخصوص بما کان من المتخاصمین أو الأعم و بعضها علی تحریم الأجرة. (و یجوز أخذ الرزق علیهما) من غیر قصد المعاوضة مع التعیّن و عدمه و مع الحاجة و عدمها (من بیت المال) أو من الأوقاف أو من متبرع و قبول الهدایا للأصل و الإجماع المنقول و قد یجب الأخذ فی القضاء مع اتحاده و عدم تمکنه من القیام به من غیر اکتساب و منافاة الاکتساب له و ما فی کلام جماعة من أصحابنا من تحریم الارتزاق یراد

ص: 80

به تحریم الأجرة، و یؤیده أن فی بعض عباراتهم تفسیر أحدهما بالآخر و کذا الأخبار المانعة من الارتزاق فی القضاء منزّلةً علی ما ذکرناه و لیس بداخل تحت الرشا و لا الأجرة و الجعالة و لا غیرهما من الأعواض. و الأخذ علی مقدمات القضاء من سماع الشهادة أو التحلیف أو التزکیة و الجرح أخذٌ علی القضاء و لیس منه الأخذ علی الکتابة أو الرسم أو الخروج من داره إلی محل آخر طلبه أحد الخصمین و نحو ذلک غیر إنه لا یقع إلّا من السفلة إلّا مع إلجاء الضرورة. و أما ثمن القرطاس و ما تصرفه من المال فلا بأس بأخذه و لو ترافعا عند قاضٍ و تم الحکم و رجعاً إلی الآخر لإحکام الدعوی احتمل جواز الأخذ له. و لا بأس بأخذ الخدام و العمال و المباشرین الأجرة علی عملهم، و یعصی الدافع فی دفعه إلی القاضی فی أحد الوجهین إلا إذا توقف تحصیل الحقّ علیه فیجوز بخلاف الرشوة فإنها لا تجوز علی حال و لو دفعها العالم بالتحریم مختاراً ففی الرجوع بها ما مرّ سابقاً.

أحذ الأجرة علی عقد النکاح

(و یجوز أخذ الأجرة) و نحوها (علی) إیقاع (عقد النکاح) و غیره من العقود و الإیقاعات (و الخطبة فی الإملاک) کغرفة الحمد و الصلاة و نحوهما لا کحسبة طلب المرأة و نحوها من المقدمات للأصل السالم من المعارض مع کونها من النظامیة، و لا تجوز علی تعلیم الصیغة للوجوب الکفائی و فیه علی عمومه بحث و الإجماع المنقول و علیه المعول و لا بأس بالأخذ علی تعلیم الخطبة و الدعوات و الأذکار المستحبات و الأشعار و الرسائل و الکتابة و الآداب و نحو ذلک و علی قراءة القرآن و خبر المنع شاذ. نعم تخصیصه بالحی لا یخلو من وجه و قراءة الزیارات و الدعوات

ص: 81

و نحوها.

أخذ الأجرة علی الإمامة

(و تحرم الأجرة علی الإمامة) الواجبة کفایة فی الجمعة أو العیدین مع اجتماع الشرائط بل مطلق الإقامة لما دلَّ علیها بالخصوص أو علی مطلق الصلاة، و الظاهر إرادتها و لِما یظهر من الأخبار من إن هذه رتبة الإمام و علیه أن یتجنب جمیع المنفّرات لیزید الاعتماد علیه و یحصل الرکون إلیه و لأنها من العبادات المطلوبة لنفس العامل و لتصریح جملة من الأصحاب بذلک من غیر نقل خلاف علی وجه یؤذن بالإجماع (و) تحمل (الشهادة) مع الحاجة لوجوبه کفایة کما هو ظاهر الأکثر أو عیناً إذا دُعیَ إلیها کما یظهر من جماعة من أصحابنا فطریق المسألة علی القولین واضح من دون احتیاج إلی الاستناد إلی الآیة و أما من أنکر الوجوبین فقد جوز أخذ الأجرة و لکنه محجوج بآیة وَ لٰا یَأْبَ الشُّهَدٰاءُ إِذٰا مٰا دُعُوا مفسرة فی الصحیح بالتحمل و أدائها لوجوبه کفایة الآیة وَ مَنْ یَکْتُمْهٰا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ مع الإجماع المنقول و لو قام بالتحمل و الأداء قائمٌ یغنی فی الإثبات و طلب الطالب الزیادة جاز أخذ الأجرة و کذا لو أدّاها مرّةً فتم الغرض و طُلِب لتأکید أو طلبها مع إقرار الخصم بالحقّ. و الحاصل إن کلما کان المنع فیه مستنداً إلی صفة الوجوب دون مجرد صدق الاسم یرتفع المنع عنه بارتفاع وجوبه و لو توقف حضور الشاهد علی نقله من مکانه و تعذر أو تعسّر شاهد الفرع وجب الانتقال علیه مع عدم المشقّة و مع بذل ما یتوقف حرکته علیه من المال إذ وجوب الشهادة لا یقتضی وجوب الغرامة و لو احتال القضاة و الأئمة و المؤذنون و الشهود

ص: 82

و نحوهم لإیقاع الإجارة علی أعمال خارجة أو الوصول إلی محال خاصة أو نحوهما کان لهم ذلک و إن حطّ فی رتبتهم.

خاتمة

(خاتمة تشتمل علی أحکام)
الأول: تلقی الرکبان
اشارة

(تلقی) القاصدین من الرجال و (الرکبان) متّحدین أو متعددین و إیقاع المعاملة معهم کلاهما لیس بمحظور علی رأیٍ مشهور موافق للأصل و عمومات المشی و السعی فی طلب المعاش و لکنه (مکروه علی رأی) و مستنده أنه من طلب الحریص المنصوص علی کراهته مع اشتماله علی نوع من الخدع و المغالبة و اتّباع النفس الأمّارة مع ما تقرر مراراً من الاکتفاء بقول بعض الفقهاء فضلًا عن قول المشهور فی إثبات الآداب مضافاً إلی الإجماع المنقول ظاهراً علی کراهته. و بما مرّ یضعف قول الحرمة لأخبار مخالفة لشهرة الأصحاب و الأصل و العمومات و الإجماع المنقول متروکة العمل عند أکثر القدماء مع نظرهم إلیها و اطلاعهم علیها موافقة للعامة فلو سلمت من ضعف السند جاءها الضعف من الخارج مع إن مقامات الآداب لا یخفی علی أولی الألباب و أرباب التحقیق و النظر الدقیق لا محیص لهم عند إعراض أساطین الفقهاء من الروایات من طرحها لضعف المظنة بصدورها و تنزیلها لضعف المظنة بمدلولها لأن المدار لیس علی ألفاظ الأخبار بل علی ما یفهم من مقاصد الأئمة الأطهار (ع) و ما نحن فیه من القسم الثانی فإنّ تنزیلها علی الکراهة غیر بعید من اللفظ، و ربما نزّل علیها بعض عبارات المحرّمین (و هو

ص: 83

الخروج) من المقصد للرکبان دون السعی فیه و لو قارب الخروج منه دون الخروج من محلٍّ آخر بشرط قصد الرجوع إلیه بعد الوصول (إلی الرکب) و نحوه (القاصد إلی بلد) أو نحوها من مواضع المعاملة قاصداً (للشراء منهم) و نحوه من المعاملة علی الأعیان لا لقصد آخر و لا مع الخلو عن القصد و لا مع العدول عنه حیث لا یعامل (من غیر) اطلاع علی (شعور منهم بسعر البلد) و لا بناء علی إخبارهم بحقیقة الحال و لا علی اشتراط الخیار لهم و لا التماس صدر منهم لإرادتهم سرعة الرجوع إلی أوطانهم أو من موکلیهم أو موالیهم إن کانوا وکلاء أو لهم أولیاء تعمیماً للأدلة و کلمات الأصحاب للعلة المنقّحة أو تخصیصاً لها ببعض الأحوال للعلة المصرّحة و کثیر من القیود لتحقق الحکم لا لصدق الاسم (و) الحکم بأنه (ینعقد) علی ما اخترناه واضح صریح مع إن الإجماع منقول علیه و علی قول المحرِّم لیس له وجه صحیح لأن النواهی فی أخبار المسألة تعلقت بنفس المعاملة لا بخارج منها کما قیل مع إن فیها ( (و لا تشترِ ما یتلقی و لا تأکل منه)) إلّا أن یستند إلی ما نقل من الإجماع علی الصحّة فیفکک الروایات، لأن تحریم الأکل علی تقدیر الصحّة بعید جداً، و الحمل علی الکراهة من التفکیک و العمل علی البعض دون البعض رکیک، (و مع الغبن) الثابت بحصول التفاوت (الفاحش) عرفاً حین إیقاع الصیغة من دون ملاحظة قیمة البلد أو مع ملاحظتها حین إیقاع الصیغة أو حین دخوله، و الأول أوفق بمذاق الأصحاب فی خیار الغبن و الأخیر أوفق بأخبار الباب لعدم أهلیة المعادلة بحسب الذات أو الزمان أو المکان أو خصوص تلک المعاملة دون باقی المعاملات أو تلک السلعة دون غیرها إلی غیرها من الجهات (یتخیّر المغبون) بائعاً أو مشتریاً متلقیاً أو متلقّی

ص: 84

و تخصیصه بالبائع فی بعض عباراتهم جری علی الغالب هنا و ذلک حیث لا یکون عالماً و لا عاقداً عقد مسامحة و لا مشروطاً علیه سقوط الخیار و لا مسقطاً له بعد ثبوته و لا حصل مانع من الردّ فیکون جامعاً للشروط فاقداً للموانع لحدیث نفی الضرر و الضرار المقتضی لسلب الحقیقة فی الشرع لتعذر إرادة الحقیقة و إرادة النهی منه بعیدة عن اللفظ غیر موافقة لفهم الفقهاء فیندفع البحث فی الدلالة بسببه و لنقل الإجماع علی خیار البائع هنا و العلة مشترکة و مطلق المغبون فی بحث الخیار و فی أخبار تحریم غبن المؤمن أو المسترسل إشارة إلیه، و فیما روی فی کتبنا و إن کان من طرق العامة من ثبوت خیار الراکب بعد وصولهم دلالة علیه، و ما فی الروایات من النهی عن التصرف فیما یشتری من الراکب محمول علی الفسخ من المغبون فیحرم علی الغابن أو علی الکراهة و بعد إثبات الخیار یبقی البحث فی أنه هل هو علی التراخی لأصل بقائه بعد ثبوته و فیه ما سیجی ء أو (علی الفور علی رأی) موافق لمذهب جماعة من المتقدمین و المتأخرین؟ بل ربما کان مشهوراً مستندین إلی أن مقتضی العقد اللزوم علی العموم فی الأزمان کما شهد به الکتاب و السنّة، و دلیل الخیار إنما جاء من حدیث الضرار، و من الإجماع المفیدین لاستثناء بعض أفرادها فیقتصر علیها و یبقی العام حجّة فی الباقی و الاستصحاب لا یحکم علی الدلیل و إنما یجری لو تعلق الحکم بالذوات فیکون متعلق الاستصحاب غیر متعلق الدلیل فلا یضعف عن الحجیّة، و لیس فی الأخبار ما یفید ثبوت الخیار علی الاستمرار فثبوته لعارض الضرورة کثبوت إباحة بعض الأشیاء فی مقام الضرورة للمحْرِم أو الصائم أو المصلّی مثلًا، و لیس للاستصحاب حینئذٍ معنی و لعدم جریه فی التابع بعد زوال المتبوع

ص: 85

و لا فی المقید بعد زوال القید فیبطل القول بالتراخی مطلقاً کما علیه طائفة من علمائنا مستندین إلی استصحاب بقاء الخیار و إنه إنما یثبت بعد أن زالت علّة اللزوم و الأصل عدم عودها و هو محجوج بما مرّ. و القول به إلی مضیّ ثلاثة أیام إلحاقاً له بالتدلیس، فساده واضح فتعیّن القول بالفور لکن یراد به العرفی إذ لا یندفع الضرر غالباً علی اعتبار العقل و کذا لا یندفع بثبوته فوراً إلّا بالنسبة إلی العالم أما الجاهل بالموضوع لعدم مباشرته أو الحکم لعدم معرفته و الغافل و الناسی لغفلته و نسیانه و نحوهم من أرباب الأعذار فیستمر خیارهم باستمرار عذرهم و قد ظهر مما مرّ أنه لا فرق بین الرکب و غیره (و) أنه (لا فرق بین الشراء منهم و البیع علیهم) و جمیع المعاملات المبنیة علی المداقّة فی نقل الأعیان دون المنافع فإنها لا تدخل فی الاسم و إن شارکت فی الحکم. (و) أنه (لا یکره لو وقع اتفاقاً و لا إذا کان الخروج لغیر المعاملة) و إن قصدت بعد الوصول إلیه و کذا لو قصدت قبله فی أثناء المسافة علی إشکال. (و حدّه أربعة فراسخ) شرعیة (فإن زاد) علیها (لم یکن تلقیاً) و صار سفره تجارة. و فیه تنبیه علی إن الأربعة مسافة و منه یظهر إلحاق الأربعة بالزائد دون الناقص وفاقاً لبعضهم و تنزیلًا لعبارات آخرین علیه لأن انطباق نفس الحدّ علی تمام البدن ممتنع و متی انتهی إلی الأربعة دخل فی الزائد و لأنه أوفق بجمع الأخبار و الأصل فی هذا الحکم بعد الإجماع محصلًا و منقولًا الأخبار المتکثرة و لو کان له طریقان فسلک أقصرهما لزمته الکراهة و لو سلک بالغ الحدّ زالت، و لو قصد الحد فصادفه دونه لم یکن متلقیاً أو قصد دونه فبلغه ارتفعت کراهة المعاملة، و إن فعل مکروهاً فی قطع الطریق قیل العزم علی التجاوز و لو قصد المعاملة علی الأعیان فعامل

ص: 86

علی غیرها أو قصد غیرها فعامل علیها لم یکن متلقیاً. و جاهل المسافة متلقٍّ و لو قصد رکباً مخصوصاً فصادف غیره أو ترکه و عامل غیره فالکراهة فی تلقّیه دون معاملته، و لو قصد ما فوق المسافة عازماً علی المعاملة فیما دونها فلا یبعد إلحاقه بالتلقی، و لو أجری الصیغة هناک و لم یقبض إلا دونها فلا تلقی و لا سیما إذا لم یکن القبض شرطاً فی حصول الملک بخلاف العکس و لو أمهلهم فی المعاملة إلی دخول البلد و إنما قصد باستقبالهم إظهار المحبّة لهم لتوقع شفقتهم لم یکن به بأس.

النَّجَش

(و النجَش) بفتحتین و یسکن (حرام) للنهی عنه و اللعن لفاعله للنبوی المؤید بالشهرة فإن فیه لعن الناجش و المنجوش و الإجماع المنقول و دلالة العقل علی قبحه لأنه خدع و خیانة و تدلیس و تلبیس و إغراء بالجهل و ظلم و إضرار. و هو عند جماعة أن یزید الرجل فی ثمن السلعة و هو لا یرید شرائها لیسمعه غیره فیزید لزیادته بشرط المواطأة مع البائع أو الأعم من ذلک علی اختلاف التفسیرین، و فُسِّر أیضاً بأن یمدح السلعة فی البیع لینفقها و یروجها لمواطأة بینه و بین البائع أو بدونها علی اختلاف تعریفهم و تحریم القسم الثانی من المعنی الثانی لا یخلو من بعد. (و) أما تعریفه بأنه (هو الزیادة لزیادة من واطأه البائع) کما فی الشرائع لا وجه لتعلیق التحریم به إلّا أن یراد التعریف بالغایة فیکون عبارة عن الزیادة الأولی المسببة للثانیة أو یراد قدر المال بالزائد تقویمٌ علی ثمن المثل المسبب عن الخدع فإنه یحرم علی البائع أو یراد الزیادة علی البذل الحاصلة بسبب زیادة المواطأة أو تمام الثمن المشتمل علیها فیکون عبارة عنها. و منها إنه إذا صحَّ البیع کیف یحرم الثمن ثمّ ذکر البیع و البائع مثال

ص: 87

فیعم نَجَش سائر المعاملات فإن بنینا علی عمومه کما صرّح به بعضهم فلا کلام، و إن بنینا علی الجمود فی الاسم تسرینا فی الحکم لتنقیح المناط و مثله فی الحکم إن یواطئه المشتری فی دفع الناقص لیرغب البائع فی بیعه بأقل ثمن و نحوه مواطأة المشتری فی دفع الزائد إلیه و الذهاب عنه لیمتنع عن بیعه برجاء الزیادة حتی یتفرق الطالبون و یبقی حیران فیشتریه بأقل ثمن إلی غیر ذلک من أسباب الحیل و الخدع و المکر. و یصحُّ العقد بل یلزم معه و إن عصی بفعله للأصل و العمومات و الإجماع المنقول (و) لا خیار فیه إلّا (مع الغبن) لحصول التفاوت (الفاحش) فإنه (یتخیر المغبون) من غیر تردد لقوة دلیله و نقل الإجماع علیه و فیه (علی الفور علی رأی) یرجح علی غیره و قد مرّ الکلام فیه.

[الثانی] الاحتکار

الثانی (یحرم) عقلًا و نقلًا (الاحتکار) بالمعنی الأعم و لو مجازاً و هو حبس کلما یحتاجه أرباب النفوس المحترمة و یضطرون إلیه و لا مندوحة لهم عنه من مأکول أو مشروب أو ملبوس أو غیرها و لا یقید هذا بزمان دون زمان و لا بأعیان دون أعیان و لا انتقال بعقد و لا تحدید بحداد المدار علی حصول الاضطرار و یسعّر علیه بما یکون مقدوراً للطالبین إذا تجاوز الحدّ فی الثمن، و مع عدم الحاجة و وفور الأشیاء یحرم مع قصد الإضرار بحصول الغلاء. و لو قصده مع عدم قصد الإضرار به قام احتمال التحریم أیضاً و بدون القصد علی الإباحة أو الرجحان الذاتی فی التجارة، و أما مع الحاجة و عدم الاضطرار فیحرم الاحتکار بالمعنی الآتی فی متعلقات خاصة و أحوال معینة یجی ء بیانها (علی رأی) راجح علی غیره فتوی و دلیلًا مستنداً إلی القبح العقلی المستفاد من ترتب

ص: 88

الضرر علی المسلمین و کون منشئه الحرص المفهوم عقلًا و منافاته للمروءة و رقّة القلب المأمور بهما کذلک و إلی الأخبار المنقسمة إلی ناهی عن الحکرة و لاعن لصاحبها و واصف له بالخاطئ و جاعل له أعظم وزراً من السارق و آمر له بالبیع و الإخراج دالّ بالملازمة أو الظهور و مشتمل علی لفظ الکراهة المقابلة لنفی البأس، و محتسب له من الثلاثة الذین لهم واد فی جهنم، و مشتمل علی أنه لو تصدق بثمن ما باعه لم یکن کفارة لما صنع، و إلی أنه مما یدخله العقل فی کفة الباطل عند الملاحظة، و فی مقابلة هذا القول قول بالکراهة یعادله بل یقوی علیه فتوی و دلیلًا و من أدلّته أصالة الإباحة و قاعدة تسلیط الملّاک علی أموالهم یصنعون بها ما شاءوا، و إن المعاملة مبنیّة علی المغابنة و لا فرق بین العامة و الخاصة و أنه ربما دخل فی الحزم و حسن التعیش و التدبیر فیرجح لو لا الدلیل علی خلافه و لا أقل من الکراهة، و مما یشهد بذلک ورود الکراهة فی بعض الأخبار و إن الحرمة إنما هی لحصول الضرر و هذا جار فی جمیع الأشیاء و لا قائل به، و العقل هنا لا حکم له و الروایات ترمی بالضعف و الصحیح منها الخطاب فیه مخصوص و فی بعضها ما یؤذن بتحریم القسم الأول منه و تنزیل غیره علیه قریب جداً و الأمر بالبیع و الإجبار علیه لا یقتضی وجوبه کزیارة النبی (ص) و حضور الجماعة فی زمنه و یؤیده التخصیص بالأمصار فی الأخبار و الحمل علی خصوص قصد ترتب الغلاء أو الإضرار لیس ببعید کما یظهر من بعض الأخبار و لا أقل من حصول الشک فیرجع إلی الأصل و هو الأقوی غیر إن طریق الاحتیاط لا یخفی. و علی کلٍّ فمرجوحیته بالمعنی الأعم محل اتفاق و لکنها تختلف شدّةً و ضعفاً لشدّة الحاجة و ضعفها، و یستوی فی الحکم

ص: 89

الأصیل و الوکیل المطلق و کذا الوصی فی وجه قوی و الذمی و شبهه یجری علی مذهبه فلا یمنع منه لو جاز فیه بخلاف غیره ما لم یکن معذورا کالمجتهدین من أهل الحقّ و مقلدیه. و الاحتکار بالمعنی الأخیر الشرعی أو متعلق الحکم (و) إن لم یکن حقیقیاً (هو حبس الحنطة و الشعیر و التمر و الزبیب و السمن) و نقل الإجماع علیه من جماعة بل الإجماع المحصل فی إنه من الاحتکار و لدخوله أیضا تحت تعریفه بأنه احتباس الأطعمة و فی ضمن کلام من احتسبها و أضاف الزیت و الملح أو کلیهما. و الأخبار کادت أن تکون متفقة علی الخمس الأوَل و فی بعضها إلحاق الزیت و الاقتصار علی الخمسة و هو قول أکثر الأصحاب المدلول علیه بالأخبار الموافقة للاعتبار زیادة حاجة الناس إلیها (و) أما (الملح) فقد ألحقه بعض الأصحاب اعتماداً علی العلّة المذکورة إذ لا نصَّ فیه. و فیه بحث من وجهین و فی اختلاف الأخبار فبین عادٍّ ستّة و عادٍّ خمسة و مقتصر علی أربعة ما یرجح أمر الکراهة و تنزیلها علی المثال فی جمیع ما یحتاجه الناس لا علی التعبد قریب فتعمّ الکراهة غیر المذکورات و تخص بعض أفرادها فلا کراهة فی احتکار الزیت إلا فی الشامات و لا فی الملح إلا فی مواضع یعتاد استعماله فیها و هکذا و لو فهمنا إرادة الحاجة لِما کان معتاداً فی طعام نوع الإنسان لم یکن احتکار فی الشعیر فی أکثر بلدان إیران و لو اعتاد الناس طعاماً فی أیام القحط مبتدعاً جری فیه الحکم لو بنی علی العلّة. و فی الأخبار ما ینادی بأن المدار علی الاحتیاج و هو مؤید للتنزیل علی المثال. ثمّ الحکم مشروط (بشرطین) خارجَین عن حقیقته کما هو مقتضی الشرطیة أو مقومین لها علی المجازیة فیهما أو مختلفین علی أحدهما أو مقومین لها أو مختلفین بأن یکون (الاستبقاء) أی

ص: 90

قصد البقاء (للزیادة) مقوماً (و تعذر غیره) و لو غیر مجانس من الأجناس الأُخر خارجاً و هو الأقوی و ربما انطبق اشتراط التعذر علی الاحتکار المؤدی إلی الاضطرار و یکون کثیر من عبارات المحرمین المشتملة علیه منزّلة علی ذلک أو یعم التعذر و التعسر و یقال لا ملازمة بینه و بین الاضطرار، و یکفی فی صدقه مطلق الحاجة المستفادة من الأخبار و بعض أضاف انتقاله بالشراء اقتصاراً علی المتیقن و عملًا بالصحیح فی تفسیره و بغیره، و لعل المراد بالفتوی و الروایة مطلق المعاوضة حملًا علی المثال فی مقابلة المملوک بالزراعة و الإرث و نحوهما و بعض کونه قوتاً مما اختص بالذوات و لو من تلک الأجناس أو لم یکن من المطعوم مع الاحتیاج إلیه کبعض الأدهان المتخذة للإسراج أو نحوها لیس منه و بعض أن یضیّق علی الناس لشرائه فلو لم یکن بفعله ضیق أو کان ببقائه لا لابتدائه لم یکن احتکاراً، و یظهر من بعض الأخبار و قد یضاف إلیه أن لا یکون انتظاره للغلاء لأجل الإنفاق وقت الاضطرار لزیادة الأجر، و أن لا یکون أهل المصر قد ترکوا شراءه عمداً لیباع بأقل القیمة فلا یبقی لهم احترام فی غیر مقام الاضطرار، و أن لا یکون له مانع عن البیع وقت الرخاء فینتظر الغلاء و الحاصل: إنا لو قلنا بالتحریم اقتصرنا علی المتیقن و أدخلنا المشکوک به تحت الرخصة و علی الکراهة لیسهل الخطب و یعمّ الحکم مع عدم المانع و بمثل هذا الاختلاف یتأیّد القول بالکراهة و علی کلّ حال فلا احتکار إلّا مع الإبقاء انتظاراً للغلاء مع الحاجة (فلو استبقاها لحاجته) کقوته و وفاء دینه أو بذر زراعته (أو وجد غیره) باذلًا ترتفع به شدّة الحاجة (لم یمنع) لما یظهر من الأخبار الموافقة للأصل. و مما ذکرناه تبین أنه لا مدخلیة لطول مدة البقاء و قصرها کما هو

ص: 91

المشهور و الحقّ المنصور، (و قیل) فی بعض الکتب لبعض القدماء و حدّه (أن یستبقیها ثلاثة أیام فی الغلاء و أربعین فی الرخص) استناداً إلی بعض الروایات الضعیفة فی ذاتها و لمخالفتها الشهرة بل الإجماع المُحصَّل السابق علی القائلین بذلک اللاحق لهم مع کونهم معلومی النسب و الإجماع المنقول عن جماعةٍ المعارضة بالأخبار الکثیرة المعتبرة فلزم إما تأویلها بتنزیلها علی حصول الحاجة جمعاً بین الأخبار المختلفة کما صنعه بعض أصحابنا فی الجمع بین کلام الأصحاب أو إطراحها و علی ما ذکرنا من الکراهة یسهل الخطب و تنزیل الأخبار علی اختلاف الشدّة و الضعف وجیه جداً. (و یجبر) من قبل الحاکم أو عدول المسلمین مع بعده الأصیل أو الوکیل و الولی (علی) تولی صیغة (البیع) أو ما یقوم مقامها من عقود المعاوضات للإجماع المنقول علی لسان جماعة و الأخبار و إجبار الشرع یلحق بالاختیار، و لو تعذّر إجباره قام الإمام العدل مقامه و جواز القیام مع عدم التعذر خصوصاً للإمام أقوی و لیس بینه و بین التحریم ملازمة و لا بینه و بین الکراهة منافاة، و لو امتنع عن المعاوضة و طلب الصدقة أُجیب إلیها فی حقِّ من لا یدخلها النقص بسببها و لیس له خیار الردِّ للحبس و لا للحیوان و له ذلک فی ما عداها من ذوات الأسباب فیفسخ و یجدد العقد و لیس له اشتراط الخیار أیضاً و لو بذل الطعام بعد إجراء الصیغة و بعد التفرق فلا ردَّ و قبل أحدهما یکون الأمر إلیه و إنما یجوز الإجبار فی البیع (لا التسعیر علی رأی) قوی للأصل القاضی بسلطان المالک و الإجماع المنقول علی لسان جماعة و الأخبار و المخالف محجوج بذلک لکنه لو أُخذ بظاهره ضاعت فائدة الإجبار علی البیع إذ لو طلب ثمنا فوق الطاقة و الاستطاعة تعذر البیع

ص: 92

و الشراء فلا بدّ حینئذٍ من أمر الحاکم له بالنزول عن تلک القیمة و لعله لا یسمی تسعیراً فلذا تُرک ذکره فی کلام الأکثر و إذا امتنع عن ذلک سعّر الحاکم و باع. و کذلک لو طلب جنساً من الثمرة لا وجود له امتحاناً جبره علی ذکر الممکن و کذا لو قال لا أبیعه إلّا لو أخذ جملة بشرط دفعه الثمن إلیه قبل أن یبیع مع تعذر ذلک بل قیل بإجباره علی البیع موزعاً، و لو أمکن انفراد الواحد به کان قویاً. و یرجع التسعیر إلی الحاکم و مع بعده إلی عدول المسلمین و الأحوط تولی الأفضل و الأعدل و إن کان الأقوی عدم لزومه. و الأولی تقدیم شدید الحاجة علی ضعیفها و مع الاضطرار للبعض دون البعض یجب تقدیم المضطر علی غیره و لو خالف عصی و صحّ البیع، و لو کان المحتکر مجتهداً أجبره المجتهد الآخر و إن کان مفضولًا فإن لم یمکن فعدول المقلدین.

[الثالث] دفع المال للتقسیم

(الثالث لو دفع إلیه مالًا) دافع له سلطان علیه بملک أو ولایة أو وکالة من هدیة أو صدقة واجبة أو مندوبة أو خمس مطلقاً إن کان مجتهداً أو مأذوناً منه أو ما عدا سهم الإمام إن لم یکن (لیفرقه) أو لیضعه أو تقسیمه أو یدفعه بهذا الطالب و نحوه أو بقوله: (هو للفقراء) و نحوه أو یقول: (ضعه أو ادفعه أو اعطه) من غیر فرق بینها کما یظهر من تتبع کلامهم خلافاً لمن قصر المنع علی الصیغة الأخیرة و لمن قصره علی سابقتها (فی قبیل) أو من یضاف إلی القبیل مُعبَّراً عنه بالاسم أو بالوصف مع التحلیة باللام و بدونها محصور (و کان منهم) مندرجاً تحت الاسم أو الوصف فأولاد البنات لا یدخلون فی الطائفة معلوم الاندراج فلا نصیب للخنثی المشکل فیما تعلق بأحد الصنفین (فإن عیّن) شیئاً و لو

ص: 93

بالقرائن الخارجة (اقتصر علیه) و لم یجز له المخالفة لتسلیط المالک علی ماله و عدم إباحته إلّا بطیب نفسه عقلًا و سمعاً و للخبر و الإجماع محصلًا و منقولًا (فإن خالف) و تلف فی ید قابضه (ضَمِن) و لا رجوع له علیه مع جهله و إن رجع المالک علیه. و لو رجع المالک علی القابض الجاهل رجع علی الدافع حیث کان غارّاً له و إن عمَّ صریحاً جاز له الأخذ (و إن أطلق) أتیا بأی صیغة کانت من الصیغ السابقة متعلقة بأیّ موضوع کان من الموضوعات المتقدمة بأی نحوٍ اتفق علی نحو ما سبق (فالأقرب تحریم أخذه منه) وفاقاً لکثیر من الأصحاب من القدماء و المتأخرین للأصل و عدم دخوله تحت متعلق الخطاب عرفاً کما فی التوکیل فی أمر النکاح و غیره. و صحیحة عبد الرحمن المسندة إلی الصادق (ع) فی التحریر المضمرة فی غیره الناهیة لمن أعطی مالًا لیقسمه فی محاویج أو مساکین و هو محتاج عن أن یأخذ لنفسه شیئاً حتّی یأذن له صاحبه، و خلاف الأقرب الجواز مطلقاً أو فی بعض الأقسام کما أشرنا إلیه سابقاً و هو قول الأکثر فی روایة بعض، و المشهور فی أخری استناداً إلی أن للوکیل حکم الموکّل و الوکالة مطلقة و الشمول مستفاد من الإطلاق و هما فی محل المنع و إلی الروایات الصحیحة المشتملة علی عبارات مختلفة فی بعضها الإذن فی الأخذ لمن أعطی الزکاة یقسمها فی أصحابه، و فی الأخری الإذن لمن أعطی مالًا یفرقه فیمن یحلّ له أن یأخذ منه مثل ما یعطی غیره و فی الأخری الإذن لمن أعطی الدراهم یقسمها و یضعها فی مواضعها و هو ممن یحل له الصدقة أن یأخذ لنفسه کما یعطی غیره.

و الذی یقتضی به التحقیق و النظر الدقیق إنه لیس الغرض من هذه الأخبار إثبات حکم قاطع من الشرع علی تنزیل الألفاظ علی الشمول

ص: 94

و الدخول و لو لم یفهم من اللفظ کما جری فی بعض ألفاظ الوصایا بل المراد بها و اللّه العالم کشف المعنی اللغوی و العرفی لخفائه کما کشف کثیر من الألفاظ المشتبهة المعانی عرفاً فتنزّل علیه. و من الممکن أیضاً اختلاف العُرْف بحسب الزمان فیکون زمانهم غیر زماننا و لیس مدلول هذه الروایات عاماً لجمیع العبارات المتعلقة بالقبیل و ما هو من هذا القبیل بل هذه الألفاظ المخصوصة بالأنحاء المخصوصة و هی دلالته علی الشمول لأن تسمیتها زکاة، و ذکر الأصحاب و طلب التفریق فیمن یحل له و طلب الوضع فی موضعها کالصریح فی إلغاء الخصوصیة بخلاف الروایة الأولی فإن طلب القسمة فی محاویج أو مساکین بلفظ التنکیر ظاهر فی عدم الدخول. و علی کلّ حال فلو قلنا بالتعبد لزم الجمود علی مقتضی الأخبار، و دعوی الإجماع علی عدم الفرق فی محل المنع، و یجب إمعان النظر فی العبارات الآمرة بصرف بعض الأموال فی جماعة من أخماس أو صدقات أو أوقاف أو هبات أو وصایا أو غیرها مما یتعلق بالنیابات فإنها تختلف أشدَّ اختلاف. و إذا حصل الشک فی الدخول تحت المدلول فالمنع هو الموافق للأصول ثمّ أخبار الجواز قابلة للتقیید بما فی الروایة الأولی من قید الإذن و تقیید الأولی بأخذ الزائد أبعد منه لکن الذی یظهر من أکثر الروایات المتعلقة بالعبادات و العادات إرادة الصنف و المصرف و عدم ملاحظة الخصوصیة مع التعبیر بالصفة و حیث نقول بجواز الأخذ بالإذن الشرعی المتقدم علی إذن المالک وجب الاقتصار علی المتیقن و هو المساوی دون الزائد للأصل و عملًا بظاهر الروایتین، و لما یظهر من بعضهم من إن علیه إجماع المجوزین و لو کان المرجع إذْنُ

ص: 95

المالک المستفادة من العبارة فلا منع من أخذ الزائد فی باب التقسیم علی المصارف لأن الظاهر إن غرض الملّاک اتباع الشرع فیما یبرئ الذمّة. أما ما لم یکن من المصارف الشرعیة فمع الحصر تظهر المساواة لا بدونه، و دلالة الخبرین علی منع الزائد منظور فیه، لأن قوله مثلما یعطی أو کما یعطی غیره ربما یراد به التشبیه فی أصل الأخذ أو إقامة الدلیل علی الجواز. ثمّ لو دلّا علی عدم جواز أخذ الزائد فإنما المتیقن منه المنع و من کان من ذوی الأفهام المتفکرین فی أهوال یوم القیامة یهرب من مثل هذه الأمور مسیرة أَلْفَ أَلف عام. (و یجوز أن یدفع إلی عیاله) و أتباعه و أرحامه (إن کانوا منهم) لشمول الإذن و دلالة الخبر و الإجماع محصلًا و منقولًا بل ربما یقال برجحانهم علی غیره غیر إن صاحب الورع یجده عظیماً فی بعض تلک الأقسام لشدّة تقربه.

[الرابع] أکل نثار العرس

الرابع (یجوز) من غیر کراهة (أکل ما ینثر فی الأعراس) المعدّة للأفراح من المأکول و نقل ما یکون من المنقول (مع علم) الفاعل (بالإباحة) من المالک أو ظنّه الباعث علی الاطمئنان (إما لفظاً) أو ما یقوم مقامه من إشارة و نحوها (أو بشاهد الحال) أو بغلبة العادة کحال ما یوضع فیها بلا نثر أو للأضیاف أو فی الطرقات للمارة و نحو ذلک للإجماع محصلًا و منقولًا و للروایة. و الجوز و السکر فیها محمول علی المثال (و) لکن (یکره انتهابه) و لعله المراد بالأخذ المنقول علیه الإجماع للغضاضة و مخالفة المروءة و إشعاره بالحرص و الحسد، و ربما یخص بقاصد عدم الردّ و فی الروایة کراهة أکل المنهوب و فیه ظهور فی کراهة الانتهاب و إن کانا قد یفترقان کما فی نهب الصبیان و لا یخرج عن الملک

ص: 96

بالنثر و لا بالأخذ و دعوی الإعراض أو الهبة أو التوکیل فیها للموجب القابل فی محل المنع غالباً فیبقی جواز الرجوع إلی حین التلف عقلًا أو عرفاً، و منه دخول المعدة بل الازدراد بل اللوک فی الفم مع غلبة الرطوبة فی وجه قوی أو شرعاً بالانتقال بعقد لازم فی وجه قوی أو جائز علی احتمال و فی بقاء الأعواض علی ملکه فله الرجوع علیها أو لا بحثٌ. (فإن لم یعلم) أو یظن الظن المعتبر (قصد الإباحة) من المالک فی شی ء من الأکل أو النقل أو الجمع أو النهب أو غیرها من التصرفات (حرم) للأصول العقلیة و الشرعیة المستفادة من الکتاب و السنّة و الإجماع بل الضرورة الدالة علی تحریم التصرف بمال المسلم بغیر إذن منه أو ممن له علیه الولایة شرعاً معلومة عند المتصرف.

[الخامس] النیابة عن الإمام و الفقیه
اشارة

و الخامس (الولایة) عامّة لقضاء أو تدبیر نظام أو سیاسة أو نحوها أو خاصة لوصایة علی طفل أو مجنون أو قیمومة علی مال غائب أو شبهها و الألیق فی المقام من القسمین (من قبل) الإمام أو مطلق الفقیه (العادل) و الأول أوفق جائزة بلا خلاف بل (مستحبة) فی نفسها مع عدم الموجب أو قیام الغیر أو من جهة طلبها أو خصوصیتها و إن وجبت کفایة (و قد تجب) عیناً (إن ألزم) الإمام و احتمال الأعم منه له وجه و له العزل؛ لأنه مفترض الطاعة و لغیره مع خوف الفساد علی المنصوب علیهم، و مع مراعاة الأصلح إشکال و بدونهما یقوی المنع لو (افتقر فی الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر) الواجبین علیه عیناً أو القیام بواجب آخر کذلک (إلیها) و مع غیبة الإمام و یجب علیه القیام بما له أهلیة مع حصول سبب الوجوب و لو تعذر الأهل أو قارب التعذر وجب السعی فی

ص: 97

الوصول إلی الرتبة.

الولایة من الجائر

(و تحرم) فی ذاتها (من الجائر) مسلماً أو کافراً، مؤمناً أو مخالفاً عقلًا و شرعاً لتضمنها للتشریع فیما یتعلق بالمناصب الشرعیة و لاشتمالها علی التبعیة و التذلل و الخضوع و الرکون و التقویم و إعلاء الشأن و الرفعة لمن یجب نفی ذلک عنه مع الإمکان، و یتضاعف الإثم بتضمنها ظلم الرعیة فی نفوسهم أو أعراضهم أو أموالهم أو بإدخال الرعب علیهم إلی غیر ذلک من غیر فرق أن یکون خیراً محضاً أو شراً کذلک أو ملفقة لما ذکرناه من ضروب الاستدلال و الآیات و الأخبار المتواترة، فالمنصوبون من أیدی ظلمة سلاطین الشیعة قضاة أو شیوخ إسلام أو نواباً و نحوهم إن فقدوا القابلیة و اعتقدوا التأثیر کانوا عصاة عاصین فی أفعالهم و اعتقاداتهم لکونهم مشرعین فی الدین و مَن وجد القابلیة و داخَله الاعتقاد کان عاصیاً فی تشریعه و أما من لم یداخله الاعتقاد الفاسد مع قابلیته فلیس من ولاة الجائرین و عمالهم لأن الولایة لهم من قبل اللّه و إنما أدخلوا أنفسهم تحت هذا الاسم لینالوا بعض منصبهم و لیستوفوا بعض حقهم کما یستعان بالظالم لاستنقاذ الحقوق فمن کانت ولایته من الأئمة بإذن خاصة کابْنَی یقطین و النجاشی و بزیغ و نحوهم، أو عامّة کعلم الهدی و الخاجا نصیر الدین و المحقق الثانی و البهائی و المجلسی و نحوهم یدخلون فی ولاة إمام العدل (إلّا مع التمکن من الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر) لتوقفهما علیها فیجب علیهم حیث یجبان من باب المقدمة الدخول تحت اسم ولاة الجائر لیقوموا بما لزمهم من إقامة الأحکام التی نصبهم الإمام العادل لها و حیث إن الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر

ص: 98

یعم الإذن فیه و ولایته من جمیع شرائطها من فقیه أو غیره کان المتمکن منهما منصوباً من الإمام العادل لهما فیما یجوز بل یجب الدخول من باب المقدمة تحت الاسم لیؤدی ما فرض علیه بسبب الولایة الشرعیة بشرط أن یأمن علماً أو ظناً باعثاً علی الاطمئنان من ارتکاب المحظورات و الإخلال بالواجبات للإجماع المنقول و ولایة یوسف (ع) من قبل فرعون و طلبها منه بقوله: اجْعَلْنِی عَلیٰ خَزٰائِنِ الْأَرْضِ و ثبوت الحکم بالنسبة إلینا استصحاباً أو لقاعدة إن ما أسنده اللّه إلی أولیائه أو مطلقاً فی کتابه یُحمل علی موافقة ملّة الإسلام إلّا مع قیام دلیل علی الخلاف. و أما مع الاطمئنان من العصیان و التمکن من قضاء حوائج الأخوان و إصلاح العباد و تدبیر نظام البلاد فیقوی فیه الجواز أیضاً لظاهر الأخبار، و مع العمل بها یکون مأذوناً بالإذن العام فیدخل فی ولاة الإمام و لا بد من تصفیة النیة و قصد التوصل إلی المطالب الشرعیة فقد علم أنه لا یجوز الدخول فی ولاة الجائر إلا لما مرّ (أو مع الإکراه) و لا امتثال أمره فیما لا یرضی اللّه إلا مع الإکراه و حدَّه فی الولایة و استمراره (بالخوف علی النفس) من تلف أو ضرر فی البدن (أو المال) المضرّ بالحال من تلف أو حجب أو العرض من جهة النفس (أو الأهل أو) بالخوف فیما عدا الوسط (علی بعض المؤمنین، فیجوز) بل یجب فی بعض الأحوال (حینئذٍ) التولی من قبله أو (اعتماد ما یأمره) به من أنواع التعدّی علی الخلق مقدماً للأهون فالأهون یبدأ بمال المعاهد ثمّ الذمی ثمّ المخالف ثمّ المؤمن مقدماً للفاسق علی غیره و غیر المحتاج علی غیره و هکذا، و کلما دلّ علی حکم التقیة من کتاب و سنّة و إجماع دالٍّ علی ذلک و الأخبار المتکاثرة بل المتواترة الدالة علی الرخصة و الإذن فی

ص: 99

الولایة من حاکم الجور منزّلة علیها أو علی ما سبق علیها (إلّا القتل الظلم) لمؤمن فلا تقیة فیه حتی علی النفس دون غیره فیها علی الأقوی و إنما لا یجوز لأنه لا تقیة فی الدماء للإجماع محصلًا و منقولًا و الروایات فتعمّ التقیة إذاً الأموال و الأعراض و الجروح و إلحاق الجروح بالقتل کما نقل عن بعضهم بعید و یقوی أیضاً عدم لحوق الحمل قبل حلول الروح. و أما الفرق بین الصحیح و المریض و لو حال السیاق و الشیخ و الشاب و المرأة و الرجل فلا معنی له و یمکن أن یفرق بین مستحق القتل بزناً أو لواط و غیره و یضعف فی مستحق القصاص و لو أمکنه التخلص بهرب مع السلامة من الضرر أو بالاستناد إلی من تتحصن به أو بإعطاء الرشوة التی لا تضر بحاله لزمه ذلک فی بعض الأحوال، و الأحوط مراعاة التعادل بین ما یخاف علی الناس و بین ما یخافه علی نفسه و إن کان الأقوی عدم وجوبها و ینبغی إمعان النظر فیما یغتفر بالخوف علی أحد الثلاثة متعلقاً به أو ببعض المؤمنین من التعدی علی الغیر بأحدها مع المماثلة أو المخالفة فی الأفعال أو الرتب مع المعادلة و عدمها ثمّ فیما یغتفر به الخروج عن الشرع فیما یتعلق بأصل أو فرع فإن المسألة طویلة الذیل کثیرة الأقسام، و القول بالفرق بین الابتداء و العروض اتفاقاً فی الصور غیر بعید و المخرّج منها تحقّق الجبر شرعاً و هو رافع للتکلیف کالصغر و عموم التقیة إلّا ما قام الدلیل علی خلافه. (و لو خاف ضرراً یسیراً بترک الولایة) الخالیة عن النفع و الضرر (کُرِه له الولایة حینئذٍ) و دفع الیسیر لتسلطه علی ماله، و أما العمل بأمره فی ضرر الخلق فلا یجوز إلا مع الضرر المعتبر دون غیره و لو نصب الفقیه المنصوب من الإمام بالإذن العام سلطاناً أو حاکماً لأهل الإسلام لم یکن من حکام الجور کما کان

ص: 100

ذلک فی بنی إسرائیل فإن حاکم الشرع و العرف کلیهما کانا منصوبان من الشرع.

[السادس] جوائز الجائر
اشارة

السادس (و جوائز) الظالم (الجائر) الآخذ للأموال بالباطل مع العلم بوجودها فی جملة أمواله و عدمه من سلطان أو عامل أو عشّار أو سارق أو حربی أو مرتشی إلی غیر ذلک و إن کان الظاهر الأول و الثانی (إن عُلمت) یقیناً (غصباً) أو مأخوذة بغیر حقّ ما لم یکن ممن یتولاه الإمام مما سیجی ء علی أی نحو کان متمیزة أو ممزوجة أو فی ضمن محصور (حرّمت) عقلًا و شرعاً کتاباً و سنّة و إجماعاً و ما ورد مما ظاهره إباحة القسم الثانی معارض بما هو أقوی منه (و تعاد) بعینها مطلقاً و بمثلها فی المثلی أو بقیمتها فی القیمی مع الاختیار فی الأخذ أو التقصیر فی الحفظ (علی المالک) و لو بالأجرة من المجاز اختیاراً أو قهراً من الحاکم أو عدول المسلمین ابتداءً مع عدم المزج أو بعد الإفراز معه (إن قبضها) سبق علمه القبض أو لحقه (فإن جهله) جهلًا بلغ به حدّ الیأس لاشتباهه فی غیر محصور أو علمه و تعذر الوصول أو الإیصال إلیه (تصدق بها عنه) لأنه أقرب طرق الإیصال و الإجماع و الأخبار فی نظائره و تعیین الحفظ و الوصیة به احتیاطاً خلاف الاحتیاط و کذا التخیّر بین الأمرین و لا یتعین تولی الحاکم لها و إن جاز تسلیمه بل لعلّه الأولی و لسلامته من الضمان حینئذٍ متولیاً للنیة عازماً علی الضمان ثمّ الأداء لو ظهر فاختار إنّه یرد إلیه ثواب الصدقة و یأخذ ماله و لا یحتسب من دیونه، و لو کان محترم المال من غیر أهل الحق من کافر ذمّی أو مخالف فالصدقة أیضاً علی أهل الحقّ عنه و إن لم ینتفع بها. و فی إجراء حکم أهل مذهبه فیه وجه و الأول

ص: 101

أوجه (و لا تجوز إعادتها إلی الظالم اختیاراً) و یضمن لو فعل و فی الاضطرار و عدم العلم لا عصیان، و إن ترتب الضمان ما لم یجبر علی الأخذ لاستقلال یده بعد القبض علی الأقوی، و یؤخذ من الظالم قهراً مع الإمکان إن بقیت فی یده و عوّضها مع التلف و یقاص بها من أمواله مع حیاته و لو کانت ودائع علی نحو ما سیجی ء فی کتاب الغصب إلّا إن ما فی یده من المظالم تالفاً لا یلحقه حکم الدیون فی التقدیم علی الوصایا و المواریث لعدم انصراف الدین إلیه و إن کان منه و بقاء عموم الوصیة و المواریث علی حاله و للسیرة المأخوذة یداً بید من مبدأ الإسلام إلی یومنا هذا، فعلی ذلک لو أوصی بها بعد التلف خرجت من الثلث و ما کان منها باقیاً یجب ردّه و لو امتنعوا عنه حلّ الحلال و حرم الحرام و لو لم یعلم غصباً جاز أخذها من الجائر مطلقاً للإجماع و الأخبار و من غیره ما لم یعلم إقدامه علی المشتبه المحصور لقضاء الید و أصالة الصحّة فیجوز الأخذ حینئذٍ و إن جاء بها من دار أو دکان أو حجرة أو صندوق فیه غصب أو أشار إلی معیّن من جملةٍ کذلک و لا یعلم حصوله فی المدفوع و المعیّن إلا إن التجنب مع الانحصار من شیَم الأبرار و تختلف مراتب الرجحان باختلافه و لو أشار إلی مبهم منها قوی المنع کالأخذ للمقاصّة و الأکل للمارة- لو جاز- و للدخول تحت رفع الجناح إلّا بعلاج عملًا بالأصل فی غیر محل النص ثمّ المنع فی محلّه مخصوص بما لم یکن للاستنقاذ فما کان له فهو إحسان لا یترتب علیه غرامة أجرة ردّ و نحوها و لا ضمان إلا فیما یتوقف علی الإتلاف فإن له إتلافه مع الضمان، ثمّ المحتاج إلی البحث و النظر ما کان من المحصور و أما مع عدم الانحصار فقد قضت الضرورة و البدیهة بجواز أخذ مال الظلمة و الانتفاع بها

ص: 102

للمعاملات و إلّا لم یقم للمسلمین سوق لأن الدراهم المتداولة من خزائنهم و الأطعمة و التمور المجلوبة جلّها من أموالهم و لا فرق بین المعاوضة علیها و قبولها جائزة علی إن فی قبول أبی الحسن (ع) جوائز الرشید و إن ردّها مرّة أخری و قبول الحسنین (ع) جوائز معاویة و قبول الأصحاب (رضی الله عنهم) جوائز الأمویین و العباسیین و العلماء جوائز السلاطین أبْیَن شاهد علی ذلک و لکن القول بکراهة أخذها مع عدم إخبارهم بإباحتها قریب لمنافاته الاحتیاط و فحوی حکم کسب الصبیان و من لا یجتنب الحرام و لما یظهر من نقل الإجماع و الأقوی استحباب التجنب مطلقاً لما دلّ من رجحان التعفف و عزة النفس و التباعد عن منّة الفسّاق و الفجار بل التجنب عن منّة الخلق جمیعاً أولی. غیر أنّه لو حصلت مرجحات أقوی منها غلبت علیها کما إذا کان الفرض التوصل إلی طلب العلم و إعانة الفقراء وصلة الأرحام و غیر ذلک فإنه ینقلب الرجحان و علیه یحمل اختلاف حال أبی الحسن (ع) فی القبول و الردّ مع إن فی الروایات ما یشهد بذلک و لا فرق فی محل الجواز بین أن یعلم أن له مدخلًا حلالًا أو لا ما لم یعلم بعدمه لعموم الأدلة و ما دلّ علی اشتراط ذلک منزل علی إن ذلک یصیر سبباً للعلم بعین الحرام و لا یجب إخراج الخمس منها و لیس من قسم ما یتعلق به لکن إخراجه لاحتمال الاختلاط لا بأس به و القول باستحباب الصدقة ببعضه علی الأخوان حتی یثبت فیه الرجحان کما ذهب إلیه جماعة لا بأس به و الظاهر أن الکراهة علی القول بها تختص بالمرتبة الأولی فلو انتقل إلی الثانیة أو الثالثة زالت الکراهة، ثمّ إباحة الجوائز مقصورة علی ما یکون لغیر العمال أو لهم لا فی مقابلة عمل محرّم فکل من دفعت إلیه أجرة علی

ص: 103

مساعدة علی ظالم و معصیة حرمت علیه.

الخراج و المقاسمة

(و الذی یأخذه الجائر) المتغلب بجنوده و أتباعه ذا طبل أو جمعة أو عید أو لا فرعاً أو أصلًا مؤمناً أو مخالفاً مستحلًا، أو لا من مؤمن أو مخالف، و إن کان الوجه فی المخالفین أظهر للعموم فی الروایات و أکثر العبارات و بعض منقول الإجماعات (من الغلّات) و غیرها من حاصل الأرض (باسم المقاسمة) جری علی السیرة المألوفة أو لا ما لم یفرط فی التعدی من غیر فرق بین ما کان فی أرض الخراج أو الصلح أو غیرها مما جری عادة السلاطین بالتسلط علیها مع التوافق مع العمال أو الرعیة و بدونه (و من الأموال باسم الخراج عن حق الأرض) کذلک بتوزیع النقود علیها أو علی زروعها أو أشجارها (و من الأنعام) و غیرها مما یتعلق به الزکاة فی مذهبهم- إن کان منهم- و إن لم یوافق مذهب أهل الحقّ دون العکس فی وجه أو و لو بطریق الإیداع فی وجه ضعیف (باسم الزکاة) و من الذمیین باسم الجزیة و من غیرهم من محترمی المال من الکفار باسم الشرط حیث یصح، (یجوز) لمؤمن أو غیره علی إشکال فی الأخیر (شراؤه و اتهابه) و قبول الإحالة به قبل قبضه و بعده و تملّکه بسائر وجوه التملکات و کذا حکم ما یأخذه المخالف من مثله علی وجه مُحِلّ فی مذهبه و إن حرم فی مذهبنا (و لا تجب إعادته علی أصحابه و إن عرفوا) و لو طلبوه منعوا، و لا یجوز لهم الامتناع عن تسلیمه و فی إباحته لسلطان آخر وجهان کلّ ذلک للإجماع محصلًا و ندرة المخالف لا تنافیه و منقولًا و للروایات المعتبرة مع انجبارها بالإجماع و الشهرة و القدح فی دلالتها یردّه التأمل فی عباراتنا و فهم الفقهاء ذلک منها و حرمته علی الجائر

ص: 104

و عمّاله و عدم دخوله فی ملکهم لتهجمهم علی مال الإمام و المسلمین لا ینافی ذلک؛ لأنه کفضولیّ الغاصب؛ و لأن المالک الأصلی رَتَّب هذه الأحکام و أجاز العقود و یقوی حرمة سرقة الحصّة و خیانتها و الامتناع عن تسلیمها أو عن تسلیم ثمنها بعد شرائها إلی الجائر، و إن حرمت علیه و دخل تسلیمها فی الإعانة علی الإثم فی البدایة أو الغایة لنصّ الأصحاب علی ذلک و دعوی الإجماع فیه و جعلها من الجعل له علی حمایة بیضة الإسلام فتحلّ له لم یقم علیه دلیل و لعل الحکمة- و اللّه أعلم- فی ترتب الأحکام لزوم فساد النظام، و الضیق علی أهل الإسلام و التجرّی علی ما یخالف التقیة، و إن قوة الجائر فیها دفع الفساد عن العباد بحفظ بیضة الإسلام، و منع قطّاع الطریق، و السرّاق، و حصن الدماء، و حفظ الأعراض إلی غیر ذلک فیکون صرفاً فی مصالح المسلمین و إن کان علی ید من لم یکن أهلًا لإمرة المؤمنین، و مع عدم السلطان الجائر فالمرجع إلی الفقیه المأمون فیما یتعلق بأمور المسلمین و القول بجواز أخذ الجمع للمؤمنین فیما یکتسبونه بزراعتهم عند عدم تسلط الجائر هو الأقوی علی نحو ما سیجی ء تفصیله لظاهر الأخبار، و لو عزل الجائر بعد البیع أو الحوالة أو الإجارة بقی اللزوم مع القبض و بدونه و لا مانع من معارضته فی أصل الولایة علی الأقوی، و یسلم الحصّة إلی الجائر الجدید مع عدم قبض الأول و لو تساوی الجائران فی الولایة و تضادا برئت الذمّة بالدفع إلی أحدهما، و الأحوط التقسیم و لو کان عامل الجائر کافراً محترم المال أو لا فلا سبیل له علی المسلمین و لا یبعد ثبوت الحکم فی المنتحلین و کلّ من تقبل سهم مقاسمة أو خراج فلا یجوز خیانته و هو حلال بالنسبة إلیه ما لم یکن والیاً عادیاً و من ادّعی سلطاناً بلا شوکة کبعض

ص: 105

سلاطین الهند لا یدخل تحت الحکم و لا مدخل للنّسَب و الأقوی عدم سقوط حق الزکاة لو أخذها لکنه یحتسب ما بقی بعد أخذها فیزکّی و أن نقص عن النصاب بعده.

[السابع] امتزاج الحلال بالحرام

السابع (إذا امتزج) مزج الأجزاء و اختلط خلط الأفراد (الحلال) من المال الطلق (بالحرام) کذلک مع قابلیته لتملکه (و لا یتمیز) أصلًا وجب علیه أن (یصالح) من یعرف من (أربابه) کلّا أو بعضاً بما یرتضونه مع عدم الإجحاف، فإن طلبوا زائداً صولحوا صلحاً قهریاً لوجوب التخلص و إعطاء جمیع المحتمل لتحصیل یقین البراءة إجحاف و إضرار و الاقتصار فی الردّ علی المتیقّن، و إن وافق الأصل إجحاف بالطرف الآخر و الحکم بالتنصیف لوحدة النسبة مردود باتحاد صاحب الید. و یجری الحکم فی الغصب و سائر الحقوق المجملة أعیاناً و ذمماً غیر أن الصلح فی بعضها قهری، و فی بعضها مشروط بالتراضی، و الظن هنا جهل و اختصاص الخمس لا وجه له (فإن جَهِلَهُم) أو جهل بعضهم فیجری البحث فی حقّه جهلًا لا یرجی بعده معرفتهم اقتصاراً علی المتیقن (أخرج خمسه) للإجماع و الأخبار لبنی هاشم خاصة للأصل و ظاهر إطلاق لفظ الخمس کما فهمه أکثر الأصحاب، و فی الروایات خلطه مع الغوص و المعادن و الغنیمة، و فی بعضها فإن اللّه قد رضی من المال بالخمس و لفظ التصدق لا ینافیه و إنما یلزم إخراجه (إن جهل المقدار) علی الإطلاق (و حلّ الباقی) اقتصاراً علی المتیقن فیما خالف الأصل أو من غیر فرق بین ذلک و بین ما إذا علم النقص من الخمس أو

ص: 106

الزیادة علیه تعبداً استناداً إلی إطلاق الدلیل، و الأقوی هو الأول و علیه یحمل لزوم الصلح فی مقام الزیادة ثمّ الصدقة و دفع خمسَین أو أکثر مع حصول الشرط أو التصدق بکل المحتمل، و فی الناقص أما الصدقة بالمحتمل أو الصلح و فی صورة العلم بالمقدار یتعین الصدقة، و لا فرق فی ذلک بین ما أُخذ من ید الجائر و غیره. و العلم بجهة الحرام کخمس و زکاة علم بالأرباب و المتولی لتلک الأمور المالک مع قابلیّته، و إلّا فولیّه و یجوز الدفع إلی الحاکم مطلقاً، و فی صورة الامتزاج بالوقف فقط یتعین الصلح و یجعل وقفاً و لو کان مع الوقف و غیره أعطی کلّ حکمه و لو دخل أبوه أو أحد محارمه ممن ینعتق علیه فی الحرام مع حصول الشرط قوی العمل بالإطلاق فیحکم بالدخول تحت الخمس و لو کان عددهما فی السابق معلوماً فحصل بجهل من جهة النتاج احتمل العمل علی الإطلاق و التوزیع علی النسبة و إذا تعین لبعض الحرام دون البعض الآخر کان لکلٍّ حکمه، و لو کان الخلیط المجهول من اللقطة صولح و عرّف و یحتمل سقوطه و الاکتفاء بالخمس، و لو وقع الصلح مع الحاکم فی مقامه أو أعطی الخمس فاتفق إن علم صاحبه ردّ إلیه ما بقی و لا ضمان علی الدافع، و لا الآخذ من الفقراء و المساکین لا فی صورة الخمس و لا فی غیره، و إن کان الدافع هو الحاکم، و لو کان المتصدق من فی یده ضمن، و له الأجر و لو کان الحرام وقفاً عاماً جُهلت جهته أو خاصاً مجهول الصاحب، و اختلط بمثله من الوقف مجانس أو غیر مجانس، أو بملک احتمل جریان الحکم و انفساخ الوقف و بقائه و إرجاعه إلی القواعد.

ص: 107

[الثامن] عمل الأجیر لغیر المستأجر

الثامن (لا یحل للأجیر الخاص) و شبهه المأخوذ علیه المباشرة لعمل مطلق أو معیّن فی وقت معیّن بتمامه لا یزید علی العمل توقیتاً أو فوریة أو فی مبدئه أو وسطه أو منتهاه أو المرکّب منها لشخص أن یکون أجیراً خاصاً له أو لغیره فی عمل لا یجامع الأول فی غیر محل التعیین لأنه لا سلطان له علی نفسه و لا یقدر علی التسلیم شرعاً کمن تعیّن علیه صوم یوم لرمضان أو نذر أو عهد أو نحوها أو حجّ فی سنة مخصوصة إسلامیّ أو نذری أو نحوهما فإن الإجارة و الجعالة الخاصتین غیر صحیحتین للإجماع و الأخبار و خصوص موردها یعم بتنقیح المناط و یصح الإطلاق بعد الإطلاق و بعد الخصوص، و الخصوص بعده و لا یحل (العمل) المنافی لعمله لا لنفسه و لا (لغیر مَن استأجره إلّا بإذنه) فی العمل، و هو واضح حیث یکون عبادة لعدم إمکان توجه الأمر بعد حرمة الاستیفاء و لامتناع تعلق الإجارة الثانیة بالمحال و لاستحالة التکلیف بالمحال و لزوم التشریع و فی غیر العبادة لدخوله تحت العدوان و الظلم بالاستیفاء من مال الغیر و منفعته أو استعمال جوارح تعلق بها حق الأول تعلق الرهانة و للإجماع محصلًا و منقولًا و الأخبار فی بعض الموارد یعم تنقیح المناط فلیس طریق المسألة مقصوراً علی مسألة النهی عن الضدّ الخاص حتّی یختص فساد العبادة لغیر الأول بصورة العلم و العمل (و یجوز للمطلق) منه و نحوه قبل التضیّق إذ لا منافاة حیث لا یزاحم ما یلزم بترکه الإهمال لعدم البناء علی الفور بل و لا المباشرة فی مطلقات الإجارات من العبادات و غیرها و تنزیل الإطلاق علی الحلول مسلّم لکن بمعنی جواز الفعل لا فوریّته

ص: 108

علی إن حلول کلّ شی ء بالنسبة إلی حاله مع إن القرینة القاطعة شاهدة علی إرادة التوسعة فلا فرق بین أن یعین له وقتا غیر ما عیّن للأول أو یطلق فیقید بغیر ذلک الوقت، و دعوی فهم الفوریّة أو المباشرة عند الإطلاق فی خصوص العبادات أو مطلقاً فی محل المنع و القیاس علی أوامر الشرع فی العبادات مردود بظهور الفرق فإن الظاهر من حال من أراد العبودیة و الانقیاد و الخضوع و التذلل إرادة المباشرة و من کان غرضه مجرد إیجاد الفعل کما هو الظاهر من المعاملات ظاهره خلاف ذلک، و ربما کان فی العبادات أظهر لأن الغرض فراغ ذمّة المنوب عنه أو مجرد وصول ثواب الفعل إلیه. نعم لو قامت قرینة علی تعیین الوقت أو الفاعل بُنی علیها و فی صورة العمل بالمطلق فی محلّ الخاص یجی ء مسألة الضدّ الخاص و تزید علیه ببعض الخواص. و جعلها من مسألة حمل المطلق علی المقیّد لا یخلو من بعد و علی تقدیر المباشرة و التوقیت و کون الأجیر خاصاً أو تماثل العملین أو دخول أحدهما فی الآخر إن أجاز المستأجر الإجارة الثانیة استحق الأجرة المسماة و أعطی الأجیر أجرته و إن لم یجزها و لم تکن إجارة أو کانت مطلقة و قد استوفی الثانی تمام المدة تخیر بین الرجوع علی الأجیر أو المستوفی بأجرة المثل للعمل المستوفی أو الفائت و لو کان الأجیر حُرّاً علی أقرب الوجهین و بین الفسخ و مع الرجوع علی المستوفی بأُجرة الفائت یرجع علی الأجیر بالتفاوت حیث یکون مغروراً من قبله و لو رجع علی الأجیر بأجرة المستوفی رجع علی المستوفی مع عدم غروره بالتفاوت و لو فسخ و أجاز الأجیر الثانیة بعده و قلنا بصحّة هذا النوع من الفضولی صحّت الثانیة و لزم المسمی للأجیر

ص: 109

و إن لم یجز و أفسدناها فلیس للأجیر علی الثانی سوی أجرة المستوفی دون المسمی مع عدم غروره و مع الغرور أقل الأمرین و لو شرک فی العمل بین المستأجر و الغیر، تَسَلَّط المستأجر و الغیر تَسَلُّطِ المستأجر علی الفسخ للتبعض أو الإمضاء فیرجع بأجرة المستوفی علی من شاء من الأجیر و غیره أو أجرة المدة المعلومة و لو ترک الأجیر العمل لها انفسخت الإجارة و الکلام فی الرجوع بالمقبوض من مال الإجارة مبنیّ علی تعیین المستحق و قد علم. و فی صورة التضاد مع الإجارة تفسد الأولی و تصح الثانیة و یختص مسمّاها بالأجیر و مع عدمها فللأول الرجوع بالفائت علی من شاء منهما غیر أنه مع الرجوع علی المستأجر یرجع المستأجر علی الأجیر بالتفاوت مع غروره و لیس للأجیر مع الرجوع علیه سوی الأقل من أجرة المستوفی و المسمی.

[التاسع] أکل المارة و حکمه

التاسع (لو مرّ) مارّ (بثمرة النخل) أو قریب منها بحیث لا یعدّ قاصداً عرفاً و لو قبل التأبیر علی إشکال (و الفواکه) ثمرات الشجر معتادة أو لا، و لو حین الانعقاد علی إشکال أیضاً و منها ثمرة النخل و العنب و الرمان (لا قصداً) منه و لا من ولیّه لخصوص تلک الثمرة لا فی مبدأ المسافة، و لا فی أثنائها لیتحقق صدق اسم المرور، و للإجماع علیه و لو عینها بالإشارة و اختلف الاسم کان قاصداً بخلاف العکس (قیل) فی المشهور (جاز الأکل) منها مقتصرین علیها. و نقل الإجماع علیه من جماعة و قیل بإضافة الزرع و الخضر. و نقلت علیه الشهرة و نقل أنه قول الأکثر و نسب إلی بعض نقل الإجماع و اقتصر قوم علی خصوص النخل و نقلت علیه

ص: 110

الشهرة و تردد قوم فی ثبوت الحکم فی غیره. و اتفق الکل علی تخصیص الجواز بالأکل (دون الأخذ) بقصد النقل للأصل و الإجماع و الروایة و لو حمل بیده شیئاً متشاغلًا بالأکل لم یدخل فی ممنوع الحمل (و المنع) علی الإطلاق کما علیه جمع کثیر من أصحابنا (أحوط) بل الأقوی لقضاء العقل و السمع من الکتاب و السنّة المتواترة و الإجماع بل ضرورة الدین فضلًا عن المذهب لحرمة الظلم و الجور و الخیانة و السرقة و تحریم أکل مال الناس بالباطل مضافاً إلی أن فتح هذا الباب یقتضی أن تضمحل أموال الناس فی مواضع المارة فلا یبقی ثمرة لأحد مع إن أکثر الثمار تکون علی الطرق المسلوکة، و فی بعض الأخبار إشارة إلیه و لأن الإذن فی ذلک باعث علی فتح باب التجرّی علی الحرام حتی إن کلّ مَن یجی ء یقول: لم أکن قاصداً، و مَن کان له عداوة مع أحد یقصد إضراره و له عذرٌ واضح و لزوم استباحة الأغنیاء زکاة الفقراء و غیر السادات خمس السادات مع القول بالتعلق بالعین و لزوم الضمان علی القول بالتعلق بالذمّة، و لما فی الأخبار من المنع و الإشارة إلی التعلیل المذکور و ما دلّ علی الجواز لا یقوی علی تخصیص هذه الأدلّة القاطعة لأن الإجماع مختلف النقل و کذا الشهرة و کم من إجماع و روایات تکثّر نقلها ترکنا العمل علیها لقوة المعارض کالمنقولین علی نجاسة البئر و مضایقة القضاء و الأخبار فی مقابلها ما یعارضها مع أن أکثرها لا یخلو من بحث فی سنده، و بعضها لا یخلو من بحث فی دلالته مع قلة العامل بظاهرها و یمکن حمل کثیر منها و من عبارات الفقهاء علی شهادة القرینة بالإذن کما یرشد إلیه خبر تخریق الجدران و لعل لذلک العصر خصوصیة أیضاً

ص: 111

أو علی حال الضرورة أو علی تعلیم الثمار للرخصة و نزلت أیضاً علی خصوص من أذن لهم فی الآیة أو علی إرادة الذوق و هما بعیدان، و بعد هذا کلّه فلا أقل من حصول المثل فیرجع إلی قاعدة التحریم و بناء الأخبار علی الاکتفاء بالمظنّة بالرخصة کاکتفاء الضیف بها فی دخول الدار و أکل الطعام، و کاستباحة النثار، و غیر ذلک قویّ کلّ القوة و کیف تجامع أخبار المارّة أحادیث التقبیل للشجر و النخیل و أخبار الخرص فی الزکاة و إخراج النخلة و نحوها لأجل المارّة مما یشهد بالتساهل فی أمرها و بناء الحیطان و وضع الأبواب و عدم شیوع مثل هذا الأمر حتی یبلغ التواتر شاهد علی ما قررناه فلا وجه للقول بالجواز إلا مع المظنّة المقرونة بالاطمئنان بالإذن عادة، و یختلف ذلک باختلاف المالک و السالک و البساتین و سبل المسلمین و لا یجوز أکل و لا غیره مع قصد الإفساد إجماعاً یبلغ حدّه أو لا، و مع عدم القصد یقف الجواز عند خوفه و لا فرق بین حصول الفساد من واحد أو من جماعة فلو أکلت المارّة حتی قرب الفساد حرم علی الأخیر و إذا علم ترتب الفساد علی المجموع اقترعوا و المنع مع الفساد فی الجملة مما یقضی به الأصل و العقل و الکتاب و السنّة و الإجماع محصَّله و منقوله و بعض أخبار الباب. و الظاهر أنه لا فرق بین الإفساد فی الشجر و الثمر و فی الجدران و السواقی و المساقی و بمثل ذلک تظهر قوة التحریم لأن المارَّ لا یعلم قدر الثمرة ابتداءً حتی یعلم قدر الفساد فربما أکل من صاع هو بقیة ألف صاع من حیث لا یعلم و الظاهر ثبوت الضمان علیه مع العمد فی الإفساد و بدونه و أجرة المثل لو مکث زائداً علی مقدار ما یحتاج إلیه فی التناول و لو لم یتمکن من

ص: 112

الوصول إلی الثمرة إلّا بآلة لم یجب علی صاحبها الحمل إلیه و لا یجوز له استعمال الآلة بدون إذنه و لا بدّ أن یقتصر فی الأکل علی أکله المعتاد علی وفق المعتاد فإن زاد ضمن الجمیع و له الخیار فی اختیار أقسام الثمرة و لو عیّن المالک شیئاً تعیّن. (و لا یجوز أخذ شی ء منها) للنقل (مع الإفساد) و عدمه للأصل و الإجماع محصّله و منقوله و الأخبار و الظاهر اعتبار کون الثمرة علی الشجر اقتصاراً علی المُتَیقَّن و کون المارّ مسلماً حیث یکون المالک کذلک إذ لا سبیل لغیره علیه و اعتبار الإیمان مع المؤمن لا یخلو من وجه و اشتراط أن یکون له ثمر متصل بثمر الغیر و أن لا یکون حاملًا من جنسه لا یخلو من قوة و اشتراط عدم علم الکراهة أو ظنها و عدم السور و الباب ینافیه ما فی بعض روایات الباب و لا محیص عن القول به و لا یجوز له أن یهب مارّاً و لا غیره أو یجعله نائباً عنه و ما أکلته المارّة حین تعلق الزکاة أو الخمس جاز علی الجمیع فلا شی ء للفقراء علی المالک و لیس حقّ المارّة مما یجوز نقله بصلح أو غیره و لو استناب أحداً فی التناول له جاز (و لو أذن المالک مطلقاً) لکل أحدٍ من غیر تعیین و لو مع فقد الشروط (جاز) إجماعاً.

[العاشر] ثمن الکفن و نحوه

العاشر (یحل ثمن الکفن) واجبه و ندبه إذ لا یجب بذل للمیت حیث لا تکون له شی ء کغیره من الأمور المالیة (و) مثله (ماء تغسیل المیت) من الواجب و الندب و سدره و کافوره و أجرة العمل غیر الواجب کالتکفین بالقطع المسنونة، و حفر القبر الزائد علی الواجب (و أجرة) عمل (البذرقة) بالذال المعجمة المشیعین له إلی قبره الزائدین علی ما یتوقف

ص: 113

علیهم نقله الواجب أو خصوص المتقدمین علیه فإن عملوا من غیر طلب کانوا متبرعین و مع الطلب الأجرة علیه إلّا إذا قامت قرینة إرادة التبرع کما فی هذه الأوقات فی أکثر المحال، و قد یراد بالبذرقة ظاهرها و هم حفّاظ القوافل و الأول أنسب بالمقام.

[الحادی عشر] أخذ الأب من مال الولد

الحادی عشر (یحرم علی الرجل) إن کان أباً- و إن علا- (أن یأخذ من مال ولده البالغ) الذی لا ولایة له علیه- و إن سفل- (شیئاً) من غیر المستثنی بالآیة و دلیل المارّة لو قلنا به و نحوهما (إلّا بإذنه) الحالیّة أو المقالیّة (إلا مع الضرورة المخوف معها التلف) المبیحة لأخذ مال الغیر من غیر إذنه للأصل و قضاء العقل و النقل من کتاب و سنّة و إجماع محصل و منقول بحرمة التصرف بمال الغیر و الإجماع بقسمیه هنا و ندرة المخالف مع مسبوقیته به و ملحوقیته لا تنافیه و للأخبار فی الباب فلا وجه للقول بالجواز مطلقاً أو فی خصوص حجّ الإسلام أو وطئ الجاریة، و الأخبار فی المقامات الثلاثة لا تنهض فی هدم تلک القاعدة المحکمة المتقنة علی إنها معارضة بما مرّ مخالفة لمذهب الخاصة موافقة للعامة فیلزم طرحها أو تأویلها فی بعض آحادها علی حال الاضطرار، و فی بعض علی حال وجوب النفقة، و فی بعض علی الأخذ فرضاً من مال الطفل، و فی البعض علی الاستحباب فی حقّ الولد فینبغی له الإذن و الحمل علی قصد التمیّز عن الولد و الأم لبعض تلک الوجوه ممکن، و الخبر النبوی الذی هو المدار لأکثر هذه الأخبار و فیه ( (أنت و مالک لأبیک)) مصروف عن حقیقته. و إنما یحرم علی الأب و کلّ واجب النفقة ذلک (مع غنائه) و لو کان فقیراً

ص: 114

بنفسه (أو إنفاق ولده علیه) مثلًا بما یکفیه بانفراده. و أما بدونه فیتصرف بمقدار ما یلزم له من النفقة مستقلًا إن کان ولیاً أو مع الإذن إن لم یکن و مع تعذر الرجوع إلیه أو إلی من قام مقامه یتصرف من غیر ولایة و لا إذن و لو قیل بعدم التوقف علی الإذن فی خصوص الأب مطلقاً لظاهر الأخبار کان قویاً. (و لو کان صغیراً أو مجنوناً) و إن تجدد جنونه بعد البلوغ علی رأی أو سفیهاً مستصحب السفاهة مع الصغر (فالولایة له فله الاقتراض مع العسر و الیسر) کما علیه الأکثر و دلّت علیه الأخبار بإطلاقها و لما یظهر منها من أن للأب امتیازاً عن باقی الأولیاء، و شراء الجاریة نسیئة نوع من القرض و القرض لحَجّة الإسلام کغیره من آحاد القرض و المناط فی المقام منقح (و یجوز له أن یشتری من مال ولده الصغیر لنفسه بثمن المثل) کغیره من الأولیاء فی حقّ من لهم علیهم ولایة (فیکون موجباً قابلًا) لعموم الولایة مع عموم العقود مع الإجماع فی خصوص المقام محصلًا و منقولًا (و أن یقوّم جاریته علیه) بثمن المثل (و یطؤها حینئذٍ) مکتفیاً بلفظ التقویم أو معناه أو آتیاً بلفظ البیع و بعد تجویز المعاطاة و کونها مملوکة یسهل الخطب من غیر توقف علی مراعاة صلاح الطفل بل یکفی دفع الفساد و بمثل هذا تفترق ولایة الآباء عن ولایة غیرهم. و یستحب الإعلان کما فی الأخبار و لو أراد ردّها مع عدم المانع من قبله فلا مانع ما لم یتضمن فساداً (و للأب المعسر التناول من مال ولده الموسر قدر مئونته) من غیر استئذان أحد إن کان صغیراً أو له علیه ولایة و إن لم یکن له ولایة استأذن من البالغ أو الولی علی الأصل فإن لم یمکن أخذ من دون رجوع إلی الحاکم، و لو قیل بجواز الأخذ

ص: 115

مستقلًا مطلقاً لظاهر الأخبار کان قویاً کما مرّ. و یحرم علی الولد أن یأخذ شیئاً من مال والده (إلّا بإذنه. و یحرم علی الأم أن تأخذ من مال ولدها شیئاً و بالعکس إلّا مع الإذن) و إن لم یوجب لهم الاحتیاج نفقة و إن لم یدخلوا تحت الآیة فحالهم کحال الأجانب لا یدخلون إلا مع الضرورة فرضاً مع الإذن مع إمکانها و بدونها مع عدمه، و مع إمکان الرجوع إلی الحاکم یقوی وجوبه (و لیس لها أن تقترض من مال ولدها الصغیر) إن لم تکن وصیّه عن ولیّه فضلًا عن الکبیر و لا للولد أن یقترض من مال والدیه و حالهما کحال الأجانب. (و یحرم علی الزوجة) الدائمة فضلًا عن المتمتع بها (أن تأخذ من مال زوجها) من غیر نفقتها لو وجبت و امتنع عن إیصالها (بغیر إذنه) المعلومة نصّاً أو فحوی (شیئاً) أو تنقله أو منفعته بأحد النواقل (و إن قلّ) کسائر الأجانب للقاعدة المحکمة و الأصول المتقنة و للإجماع محصّله و منقوله و الروایات الدالّة بالعموم و الخصوص. (و یجوز لها أن تأخذ المأدوم) به من ملح أو لحم و ألحق الخلّ و الدهن و ترددوا فی الخبز و الفاکهة، و لا بد من الاقتصار علی محل الیقین، و تختلف الحال باختلاف المحال و الأحوال، و الأحوط الاقتصار فی الزوجة علی الدائمة المدخولة بها المتوجهة لأمر البیت، و لا یجری حق الزوجیة هنا فی المطلقة الرجعیة (و) یختص الجواز بأن (تتصدق به) آتیة بشرائط الصدقة (ما لم تجحف) و یختلف الإجحاف باختلاف الأحوال و الأولی اشتراط کونه یسیراً کما صرّح به الأصحاب و أن لا یکون ذا قیمة لا یعتاد إعطائه (إلّا أن) تعلم بمنعه بقرینة الحال أو (یمنعها) صریحاً (فیحرم) اقتصاراً فیما خالف القاعدة المحکمة المتقنة،

ص: 116

و الأدلّة العامة و الخاصة علی المتیقن بالإجماع و الروایة (و لیس للبنت و لا للأخت و لا للأم و لا للأمة) و لا لسائر الأرحام و المحارم (تناول المأدوم) به فضلًا عن غیره ما لم یدخل فی صریح الآیة أو متناولها (إلا مع الإذن) حالیّة أو مقالیّة (و یحرم علی الزوج) بقسمیه (أن یأخذ من مال زوجته شیئاً)- قلَّ أو کثر- (إلّا بإذنها) الصریحة أو لشاهدة الحال (و لو دفعت إلیه مالًا لینتفع به کره له أن) یقرضه لنفسه أو یتملّکه بوجهٍ آخر و (یشتری به جاریة) أو یتملکها بوجه آخر قاصداً أن (یطأها) أو یدفعه عن ثمنها أو یجعله صداقاً لزوجته أو جعلًا علی تحصیلها و نحو ذلک أو یدفعه عوضاً عنها (إلّا مع الإذن). و الغالب أن إطلاق الإذن منها یشهد الحال بأنه مقیّد بغیر هذا القسم من الانتفاع فیحرم إذاً و علیه ینزل ما دلّ علی التحریم عند الإطلاق. و قد یقال بأن صریح الإذن و إن جوّز ذلک إلّا إنه لا یبعد بقاء الکراهة لمنافاة ذلک حسن الوفاء و جزاء الإحسان إلا أن یعلم طیب نفسها و أنّی له بذلک.

ص: 117

الفَصْل الثانِی: آداب التجارة
اشارة

(فی الآداب: یستحب لطالب التجارة) و کل صنعة أصیلًا أو وکیلًا مضافاً إلی الاستحباب الأصلی (أن یتفقّه فیها أولًا) و یتعرّف شرائطها و موانعها و یطّلع علی ظواهرها و بواطنها باجتهاد أو تقلید و لو حمل علی العادة فی غیر موضع الشک لاطمئنانه بشرعیته لم یکن علیه شی ء کما فی العبادات و المباحات فلو ظهر الخلاف جاء بما لزمه و عنه (ع) ( (الفقه ثمّ المتجر)) و عنه (ع) ( (من اتّجر بغیر علم فقد ارتطم فی الربا ثمّ ارتطم)) و فی موضع الشک یجوز له الدخول فی المعاملة و الاستمرار علی العبادة مع طروّه بعد الشروع فیها لا قبله متّبعاً له بالسؤال، و مع تعذره یأتی بالأفراد المحتملة احتیاطاً، و مع إمکانه یتعیّن تقدیمه علی العمل فی العبادات مع عروض الشک قبل الدخول فیها و فیما عدا ذلک ففی الاحتیاط غنیة عن التفقّه کل ذلک لما یظهر من تتبع الأدلّة، (و الإقالة للمستقیل) من المؤمنین بل من المسلمین بل مطلق النادمین و إن لم یکونوا مستقیلین لقوله (ع) ( (

من أقال مسلماً نادماً أقال اللّه عثرته یوم القیامة

)) (و إعطاء الراجح و أخذ الناقص) و مع التنازع یقدّم الأخذ بعد الصفقة و المعطی قبلها أو بالعکس و الأولی القرعة. (و التسویة) بین المعاملین و لا بأس بترجیح أهل الدین (و ترک الربح للموعود بالإحسان و للمؤمن إلّا الیسیر مع الحاجة) بل ترک الربح علی المؤمن مطلقاً إلا أن یشتری بأکثر من مائة درهم فیربح علیه قوت یومه، و لعلّه مقصور علی بعض الأفراد و یکون تاجراً فیرفق به أو یکون هو مضطراً فیقتصر علی ما تندفع به الضرورة، و روی الإذن فی الربح علی المؤمن فی زمان الغیبة

ص: 118

(و التسامح فی البیع و الشراء) و نحوهما مع من یعرف ذلک (و القضاء و الاقتضاء) لأنه من صفات المؤمن (و الدعاء عند دخول السوق) أو ما یشبهه من مواضع المعاملة (و سؤال اللّه تعالی أن یبارک له فیما یشتریه و یخیر له فیما یبیعه) مثلًا (و التکبیر و الشهادتان عند الشراء) و شبهه، و الأولی الدعاء بالمأثور عند دخوله بقوله: (اللهمّ إنی أسألک من خیرها و خیر أهلها و أعوذ بک من شرّها و شرّ أهلها) فإذا جلس تشهد الشهادتین و صلّی علی النبی (ص) و آله (ع) و قال: (اللهم إنی أسألک حلالًا طیباً و أعوذ بک من أن أظلم و أُظلم و أعوذ بک من صفقة خاسرة و یمین کاذبة) فإذا اشتری شیئاً قال ثلاثاً: (اللهمّ إنی اشتریته التمس فیه من فضلک فاجعل لی فضلًا) و ثلاثاً: (اللهم إنی اشتریته ألتمس فیه من رزقک فاجعل لی فیه رزقاً) و إذا طلب شراء دابّة أو رأس قال: (اللهم قدّر لی أطولها حیاةً و أکثرها منفعة و خیرها عاقبة) و إذا أراد شراء جاریة قال ثلاثاً: (اللهم إن کانت عظیمة البرکة فاضلة المنفعة میمونة الناصیة فیسّر لی شرائها و إن کانت غیر ذلک فاصرفنی عنها إلی الذی هو خیر لی منها فإنک تعلم و لا أعلم و تقدر و لا أقدر و أنت علّام الغیوب) إلی غیر ذلک من الدعوات المأثورة و ینبغی المحافظة علی آداب الدعاء و وظائفه و ذکر غیر الشراء فی غیره و فی الاکتفاء بذکر الوکیل نفسه أو لزوم الإتیان باسم الأصیل وجهان، و فی توقف رجحان الدعاء علی رجحان المدعو به وجهان أیضاً.

مستحبات التجارة

و یتبعها مستحبات کثیرة منها الإجمال فی الطلب لقوله (ص): ( (لیکن طلبک للمعیشة فوق طلب المضیّع و دون طلب الحریص)). و منها مباشرة الأعمال بالید عنه (ص) أنه قال: ( (إنی أشتهی أن یرانی

ص: 119

اللّه تعالی أعمل بیدی و أطلب الحلال)) و عن الکاظم (ع) أنه عمل فی أرض له و قال: ( (إن رسول اللّه کان یعمل بیده و أمیر المؤمنین- روحی فداه- عمل بیده و هو من النبیین و المرسلین و الصالحین))، و منها إصلاح المال لقوله (ع): ( (من المروءة إصلاح المال)). و منها إحراز القوت لقوله (ع): ( (إن النملة إذا أحرزت قوتها استقرت)). و منها البیع عند حصول الربح للروایات. و منها المماکسة إلّا فی الأربعة الأضحیة و النسمة و الکفن و الکری إلی مکّة. و منها البکور فی قضاء الحوائج و طلب الرزق لقوله (ص): ( (اللهم بارک لأمتی فی بکورها)) و إذا أراد أحدکم الحاجة فلیُبکِّر إلیها، و قوله (ص): ( (علیکم بتقوی اللّه فإذا صلّیتم الصبح فبکّروا فی طلب الرزق)). و منها زیادة الاهتمام بالحوائج لقوله (ص): ( (إذا أراد أحدکم الحاجة فلیسرع المشی إلیها)). و منها زیادة التوکل علی اللّه لقوله (ص): ( (کن لما لا ترجو أرجی منک لما ترجو فإن موسی بن عمران خرج یقبس ناراً فعاد نبیاً، و خرجت ملکة سبأ فأسلمت مع سلیمان، و خرج سحرة فرعون یطلبون العزّ لفرعون فرجعوا مؤمنین)). و منها نصح المستشیر و قبول نصحه فإن المؤمن مرآة أخیه. و منها مشارکة أرباب الحظوظ فإنها تزید فی الحظ. و منها تبدیل الصنائع حتی یوافق ماله فیها طالع سعد. و منها التعرض للرزق و لو ببسط البساط کما فی الروایة. و منها کتمان المال للأمر به. و منها مهارة العامل فی عمله لئلّا یقع فی المحذور. و منها ابتداء صاحب السلعة بالسّوم کما هو المألوف. و منها الرجوع فی طریق لم یذهب فیه لأنه أرزق. و منها الرفق بالمعیشة. و منها خلط الحنطة بالشعیر فی الغلاء

ص: 120

لیساوی الفقراء. و منها شراء القوت یوماً فیوماً فی الغلاء و سیجی ء دلیلهما. و منها أخذ العقار و الکتب العلمیّة و جمیع آلات العبادة للقنیة حیث لا یتوقف علیها الواجب. و منها شراء الحنطة کما یستفاد من الأخبار. و منها وضع کلّ شی ء فی سوقه و عمل کلّ عامل فی السوق المعدّة لعمله لأنه أرزق. و منها المعاملة مع من نشأ فی الخیر. و منها المکافأة علی الهدیة و مشارکة الجلساء فیها. و منها اتخاذ الحرف الرفیعة کالتجارة فقد روی أنها تزید فی العقل و أن تسعة أعشار الرزق فیها و الزراعة و الغرس و الزرع فقد روی ( (أنه خیر المکاسب))، و روی: ( (إن الزراعة الکیمیاء الأکبر و أنها أحب الأعمال إلی اللّه)) و ( (ما بعث اللّه نبیاً إلّا زراعاً إلا إدریس (ع) فإنه کان خیاطاً)) و روی الأمر بصنعة الصقالة. و منها الخروج عن البلد عند الإعسار. و منها إعلام الأخوان بالإعسار لیُعِیْنوه و لو بالدعاء و الکتمان مع الخلو عن هذا القصد أولی. و منها الإحسان إلی الأخوان من المبتلی بعمل السلطان فیکون کفّارة عمّا کان. و منها الکسب فیما یحصل به تقویة الدین کالسبق و الرمایة. و منها الإتیان بجید السلعة و ترک ردیئها. و منها صرف کسب الحجّام مع الشرط علی الناضح و شبهه. و منها إطالة الجلوس و ملازمة السکوت فی التقاضی. و منها اتخاذ مکسبه فی بلده. و منها طرح الدینار المغشوش بعد قسمته نصفین فی بالوعة. و منها تفریق ماله إذا أرسله فی تجارة حتی لا یذهب بجملته. و منها مباشرة الأمور الکبار بنفسه کشراء العقارات و نحوها. و منها عمل الرجل فی بیته فإن أمیر المؤمنین (ع) کان یحتطب و یستقی و یکنس و کانت فاطمة (علیها السلام)

ص: 121

تطحن و تعجن و تخبز و کان رسول اللّه یحلب عنز أهله. و منها مشارکة الناس فیما یأکلون و یلبسون فقد کان خاتم الأنبیاء یلبس خشن الثیاب و یأکل الجشب لیساوی الفقراء و کان عند الصادق (ع) حنطة اشتراها من أول السنة فقال لغلامه إما أن تبیعها أو تخلطها بالشعیر فإنی أکره أن آکل جیداً و یأکل الناس ردیئاً، و أمر ببیع طعامه و شراء قوت لمّا قل الطعام علی الناس و فعلوا ذلک. و منها الاستعانة بدعاء الأخوان إذا جار الزمان فقد أمر الصادق (ع) ببیع وسادته و إضافة إخوانه و سؤالهم الدعاء ففعل فأغناه اللّه. و منها کیل الطعام إذا أحرز أو أخرج للأکل قال (ص): ( (مرّ الخادم بالکیل فإن البرکة فیما کیل)). و منها المحافظة علی التعقیب إلی بعد طلوع الشمس فإنه أجلب للرزق من الضرب فی البلاد أو علی قراءة: إِنّٰا أَنْزَلْنٰاهُ و إِنّٰا أَرْسَلْنٰا نُوحاً أو یأخذ من القرآن أو الدعاء ما یرتبط بالرزق و ینبغی أن یجعل آخر الدعاء إذا فرغ من صلاة الفجر: (سبحان اللّه العظیم استغفر اللّه و أتوب إلیه و أسأله من فضله) عشر مرّات. و منها إطلاق الوجه مع العاملین و حسن السلوک معهم و استعمال الحلم و مکارم الأخلاق فإنه أدعی للرزق. و منها التوکیل فیما لا ینبغی مباشرته و منها اختیار الأخیار من الوکلاء. و منها اتخاذ مکان مکسبه مجاوراً لأهل الدین. و منها أن یضع حوله فراش لیجلس علیه المعاملون و المارّون. و منها إحکام المعاملة بإیقاع الصیَغ اللازمة. و منها إنظار الدیون و هو مستحب کإبرائه لقوله الصادق (ع): ( (من أراد أن یظلّه اللّه یوم القیامة یوم لا ظلّ إلا ظلّه؟)) قالها ثلاثاً فهابوا أن یسألوه حتی قال: ( (فلینظر معسراً أو یدع له من حقّه)). و منها تعلیم الأولاد الحلال

ص: 122

و الحرام و هم أبناء سبع. و منها تعلیمهم السباحة و الرمایة. و منها تعلیم شعر أبی طالب و تدوینه. و منها صنعة الغزل للمرأة. و منها الذهاب فی الحاجة متطهراً متحنکاً ماشیاً فی الظل. و منها قبول الهدیة و لو کانت معوّضة. و منها تعجیل ظروف الهدایا قبل طلب أربابها و إرجاع العاریة قبل بلوغ وقت الإهمال إلی غیر ذلک.

مکروهات التجارة

(و یکره الدخول أولًا إلی السوق) أو إلی غیره من مواضع المعاملة و الخروج منه أخیراً بل یکون آخر داخل و أول خارج و إذا دخلوا أو خرجوا جمیعاً ففیه وجهان: ارتفاع الکراهة و مراعاة الوقت و یحتمل علی ضعف ثبوت الکراهة مطلقاً. (و مدح البائع) للمبیع و ذمّ الثمن (و ذمّ المشتری) المبیع و مدح الثمن. و یسری الحکم إلی کلّ أخذ بوجه من وجوه المعاوضات و مَعطیّ کذلک ما لم یکن مستشاراً. (و کتمان العیب) فی غیر غشّ أو تدلیس فیحرم (و الیمین) الصادقة و نحوها (علی البیع) و نحوه (و السَّوم) فضلًا عن المعاملة ما (بین طلوع الفجر و طلوع الشمس) (و تزیین المتاع و البیع) و نحوه (فی الظلمة) أو فی مکان أو فی حال یخفی العیوب ما لم یکن تدلیس و غشاً فیحرم (و التعرض للکیل و الوزن مع عدم المعرفة) و عدم ترتب ضرر علی أحد و مثلهما العدّ (و الاستحطاط بعد العقد) مع الخیار و بدونه کما یقتضیه إطلاق الأخبار و بعد انقضاء الخیار أشدّ کما فی الدروس (و الزیادة وقت النداء) حال امتداد الصوت أو بین الصوتین ما لم تَطُل الفاصلة من أی مناد کان من الدلّال أو صاحب المال مؤمناً کان الباذل الأول أو لا و لا بأس بها بعد السکوت (و الدخول

ص: 123

فی سوم المؤمن) بائعاً کان أو مشتریاً أو غیرهما بعد حصول التراضی و قبل العقد و کراهته شدیدة جداً و بذل الزائد لصاحب الخیار لیفسخ أشدّ کراهةً و القول بالتحریم إن لم یأذن للنهی و اشتماله علی إهانة المؤمن و إضراره قوی إلا أن الأول أقوی و أشهر للأصل و عموم المعاملات و تسلیط الناس علی أموالهم مع ما فی دلیل التحریم من البحث فی السند و الدلالة (و أن یتوکل) أو یرشد فی بیع أو شراء أو غیرهما (حاضر) بل مطلق من کان عالماً بالسعر أو ذکیاً حیث کان من أی محلّ کان (لباد) بل مطلق من کان جاهلًا أو غبیاً بلدیین أو قرویین أو بدویین أو مختلفین مع العلم بالحکم و جهله و ظهور السعر و خفائه و عموم الحاجة إلی المتاع و عدمه و رابطة الرحم أو الجوار أو غیرهما بینهما و عدمها و فی إسلام المتبایعین و ضدّه و کون المبیع من الفواکه و غیرها لعموم النهی و الوارد بالخصوص و لقوله (ع): ( (دَعُوا الناس علی غفلاتها یرتزق بعضها من بعض)) و ضعف السند و مخالفة الأصل و الشهرة و ظاهر التعلیل یأبی القول بالتحریم کما علیه جمع من الأصحاب، و فی ارتفاع الکراهة بالتماس وجه قوی، و یعمّ الحکم سائر المعاملات و یتبعها مکروهات کثیرة منها أخذ الوکیل لنفسه مطلقاً مع الإذن لموضع التهمة و الولی فی موضعها. و منها تعاطی المعاملات أو الصناعات الدنیّة ما لم تؤدی إلی الشهرة المنافیة للمروءة فتحرم، و عن الرضا (ع): ( (کلّ شی ء یتّقی به العبد ربه فلا بأس به)). و منها المداقّة فی المعاملة علی الحج و الکفن و الأضحیة و النسمة و قد یلحق بها أمثالها. و منها سلوک طریق لا یتمکن أو فی غایته من بعض العبادات أو شطورها

ص: 124

قبل وجوبها. و منها الاتخاذ بمکة لغیر أهلها و أما فی الطریق فلا بأس. و منها الشکایة فی غیر ما استثنی و استقلال قلیل الرزق لنفسه. و منها وضع المال فی الکم لأنها مضیاع و یتسری الحکم إلی کل مضیاع. و منها کثرة النوم و الضجر و الکسل و البطالة و الدوران فی الأسواق فعن الکاظم (ص): ( (إیّاک و الکسل و الضجر فإنهما یمنعانک حظّک فی الدنیا و الآخرة)). و منها شراء الطحین و أدنی منه شراء الخبز. و منها بیع آلات العبادة و العقارات و نقلها بجمیع أنواع الانتقالات من المعاوضات إلا الشراء خیر منها. و منها استئصال خفض الجواری و غسل الماشطة وجه العروس بالخرقة. و منها جعل نفسه أجیراً مشروطة علیه المباشرة. و منها ترک الدنیا للآخرة و الآخرة للدنیا من غیر خروج عن الشرع لقوله (ع): ( (لیس منّا من ترک دنیاه لآخرته و آخرته لدنیاه)). و منها استعمال الأجیر بلا شرط و لو تنازعا قدّم المستأجر. و منها استخدام من یستحق الإکرام لحسب أو نسب أو کبر السن و نحو ذلک. و منها نزو حمار علی عتیقة و هی النجیبة من الخیل. و منها ضراب الناقة و ولدها طفل إلا أن یتصدق بولدها أو یذبح لئلّا تحمل فلا تعطیه لبناً. و منها إخراج ردی ء السلعة و ترک جیّدها. و منها تملیک الأم دون ولدها أو الولد دون أمّه إن کان رضیعاً. و منها أخذ الوصی شیئاً فی مقابلة عمله. و منها بیع المکیل و الموزون أو نقله بوجه آخر قبل قبضه و لا سیما الطعام. و منها التعرض للحقوق فإذا ابتلی فلیصبر. و منها أن یستأجر الأجیر الأول مع عدم شرطٍ للمباشرة علیه أجیراً آخر بأقل مما استؤجر به و لم یکن عمل شیئاً. و منها أن یجعل المؤمن نفسه أو غلامه المؤمن

ص: 125

أجیراً لمخالف فی الدین من غیر شرط المباشرة و أما معها فأما حرام مطلقاً أو لخصوص الکافر. و منها استکثار الرزق علی غیره مع عدم بلوغ حدّ الحسد. و منها الاکتساب بالسؤال و خصوصاً بالکفّ، و یحرم لبعض الأشخاص و من بعض الأشخاص. و منها الاکتساب بالمدح و إعطاء المادح لقوله (ع): ( (احثوا فی وجوه المدّاحین التراب)). و منها إیجار المستأجر الأرض بأکثر مما استأجر به مع عدم العلم بها. و منها إجارة الأرض بحنطة أو شعیر و لا سیما إذا شرط من حاصلها و لا یبعد جریه فی سائر ما ینبت فی الأرض. و منها المقاصة من الودیعة فإن أراد ذلک یستحب له أن یقول (اللهم لن آخذه ظلماً و لا خیانة و إنما أخذته مکان مالی الذی أخذه منّی و لم أزدد علیه شیئاً) و منها معاملة الشریک لنفسه مع البناء علی تقسیم جمیع المنافع بالخیانة و لو بأن یشتری بعین مال نفسه أو ذمّته شیئاً. و منها تفضیل الأجیر بعض المستأجر علی بعض من غیر داع إلهی. و منها زخرفة المساجد و تزویقها و أخذ الأجرة علیها و یلحق بها المشاهد الشریفة، و حرّمها بعضهم، و الحقُّ الکراهة. و منها الانهماک فی علم النحو فیسلب الخشوع کما فی الخبر و لا بأس بالاطلاع علی الأنساب و الأشعار و الوقائع و إن لم یکن فیها فضل لقوله (ع): ( (هو علم لا ینفع من علِمَه و لا یضرّ من جهله إنما العلم ثلاث آیة محکمة أو فریضة عادلة أو سنّة قائمة و ما سواهنّ فهو فضل)). و منها مدح الظالم صدقاً بغیر ما یبعث علی قوّته و إلا فیحرم. و منها التواضع له من غیر علّة. و منها ردّ الهدایا خصوصاً الطیب و الحلوی. و منها صحبة الظالمین من دون دخول فی معاصیهم و لا سبب یدعوا إلیهم و محبّتهم و قیل بالتحریم.

ص: 126

و منها طلب الحاجة من مستجدّ النعمة من لم یکن فکان. و منها طلب الحوائج باللیل من الناس. و منها استعمال الأمانی فإنها بضائع النوکی و تثبط عن الآخرة و أشرف الغنی ترک المنی. و منها حفظ الشعر مکثراً منه فی غیر حقّ فقد روی: ( (إنّ امتلاء جوف الرجل قیحاً خیر من امتلائه شعراً)). و منها معاملة الرجال الأجانب النساء و بالعکس مع الاحتیاج إلی المکالمة و المحادثة حیث نقول بعدم دخول الصوت فی العورة. و منها أکل الحجّام من أجرته المأخوذة بالشرط. و منها الإسراف إذا لم یصل إلی حدّ الضار الحرام. و منها ما یعارض شیئاً من الطاعات و قیل بتحریم ما عارض الواجبات. و منها فعل المعاملات التی لا تخلو من الشبهات. و منها السهر زائداً عن المعتاد فی الاکتساب فقد ورد: ( (ملعون من لم یعط العین حظّها من النوم)) و فی بعض الأخبار ( (أن الکسب سحت و حرام)). و منها الرجوع فی الهبة فإنّه کالرجوع بالقی ء. و منها شدّة السعی فی الطلب فیکون من طلب الحریص فإنّه یکره التضیع و الکسل إلی غیر ذلک، و فی بعض ما تلوناه مباحث شریفة تأتی فی محالّها إن شاء اللّه تعالی.

محرمات التجارة

(و نهی النبی (ص) عن بیع حبَل الحبَلة) بتحریک الباء مفتوحة فیهما و هو بحسب العبارة علی ما فی کتب اللغة قابل للنهی عن بیع حمل ذوات الأحمال و عن بیع حمل الحمل، و لکن فسّر فی النهایة الأثیریة مسند إلی القیل بعد ذکر المعنیین الأولین بأنّه (و هو: البیع بثمن مؤجل إلی نتاج الناقة) و لعل البیع مثال للمعاوضات و الناقة مثال

ص: 127

للحیوانات و الباعث علی النهی الجهالة أو الغرر، (و عن المَجْر) المجر بفتح المیم و سکون الجیم و التحریک لغةً (و هو: بیع ما فی الأرحام) و یطلق علی نفس ما فیها و علی شراء البعیر مع ما فی بطن الناقة، (و عن بیع عسیب الفحل و هو:) کما فی مجمع البحرین بیع (نطفته) و ظاهر الأکثر أنه العسب و یطلق علی نفس الماء و علی الضراب و علی إعطاء الکراء علیه و علی النسل و الولد، (و عن بیع الملاقیح و هو بیع ما فی بطون الأمهات)، و فی بعض کتب اللغة الأمهات و ما فی بطونها و ما فی ظهور الجمال (و المضامین و هو: ما فی أصلاب الفحول)، و الباعث علی النهی هو الجهالة و الغرر فیجری فی کلّ عقد یفسده الغرر لا لکونه بیع نجس فی بعض الأقسام فیصحّ فیه الصلح و نحوه و وضعه علی الانقلاب یلحقه بالقابل بالتطهیر أو یکون مستثنی من قاعدة المنع، (و عن الملامسة و هو: أن یبیعه غیر مشاهد علی أنه متی لمسه صحّ البیع)، و فی کتب اللغة عدم التقیید بعدم المشاهدة و إضافة معنی آخر و هو أن یلمس المتاع من وراء الثوب و لا ینظر إلیه و یوقع البیع (و عن المنابذة و هو: أن یقول إنْ نبذته إلیَّ فقد اشتریته بکذا) و فی کتب اللغة نبذته إلیک فقد وجب البیع بکذا أو اعتبار مجموع النبذین أو إذا نبذت الحصاة وجب البیع (و عن بیع الحصاة و هو أن یقول ارم هذه الحصاة فعلی أی ثوب وقعت فهو لک بکذا) و قیل هو أن یقول بعتک من السلع ما وقع علیه حصاتک إذا رضیت بها أو بعتک من الأرض إلی حیث ینتهی حصاتک، و یجری الحکم فی أمثالها مما یشتمل علی الغدر و طرق الاختراع کثیرة: منها بیع المسابقة علی أن یقول أن سبقتنی فالثوب لک بکذا، و بیع المناظرة کأن

ص: 128

یقول ما وصل نظرک إلیه من الثیاب فهو لک أو لک بکذا. و منها شرکة النظر مع ملتقط أو حائز أو مشتری بنظره إلی ما استقلّت یده علیه قبل الاستقلال. و منها عقد الأخوة عند أهل الهند لیرث کلّ صاحبه. و منها عقد شرکة الأبدان و الوجوه. و منها عقد المغارسة. و منها تعاقد الزوجین أن لا یتزوج أحد بعد صاحبه. و منها تعاقدهما علی أن الولد له و البنت لها أو بالعکس. و منها بیع الصکّ بما له منه من الدین حصل أو لا أمکن تحصیله أو لا. و منها بیع الجرایات و الوظائف. و منها بیع الغیب و هو أن یبیع شیئاً یحتمل العدم قبل البیع و الوجود بأیسر ثمن و لو ظهر العدم ذهب الثمن من المشتری بلا عوض کما هو معتاد النصاری. و منها المقاسمة بالأزلام کان أهل الجاهلیة یجتمع منهم عشرة رجال فیشترون بعیراً بینهم و ینحرونه و یقسمونه عشرة أجزاء و کان لهم عشرة سهام لا ریش لها و لا نصل تسمّی قداحاً و لها أسماء: (الغذولة) سهم و (الثوام) و له سهمان و (الرقیب) و له ثلاث و (الحِلس) بالکسر و له أربعة و (النافس) و له خمسة و (المُسْبِل) کمحسن قیل الخامس و الحقّ أنّه السادس و له ستّة و (المعلّی) و له سبعة و ثلاثة لا أنصبة لها و هو (المنیح) و (السفیح) کلاهما علی وزن فعیل و (الوعد) و کانوا یجعلون القداح فی خریطة و یضعونها فی ید ثقة فیحرکها و یدخل یده فی تلک الخریطة و یجعلها و یخرج کل قدح باسم فیأخذ أصحاب السهام سهامهم و لا یعطی الثلاثة شیئاً فیحرمون و یغرمون ثمن الجزور کلّه و قیل غیر ذلک و نظیر هذا الاختراع إیقاع النذور لغیر اللّه و القسم بغیر اللّه مع اعتقاد شرعیتها إلی غیر ذلک و المقامرة بهما (و قال (ع): ( (لا یبیع بعضکم علی

ص: 129

بعض)) و معناه: أن لا یقول الرجل للمشتری فی مدة الخیار: أنا أبیعک مثل هذه السلعة بأقل من الثمن أو خیراً منها بالثمن أو أقل) و یجری نحوه فی المعاملات الأخر وقت خیارها لتنقیح المناط و لاشتراکهما فی السعی فی الفساد. (و کذا لا ینبغی أن یقول للبائع فی مدّة خیاره أنا أزیدک فی الثمن) و یسری إلی غیره کالأول (و بیع التلجئة باطل و هو المواطاة علی الاعتراف بالبیع من غیره بیع خوفاً من ظالم) و کذا ما یشبه ذلک من المعاملات و باقی أقسام المواطاة لفقد شرطی العقد و القصد.

ص: 130

المقصد الثانی: فی عقد البیع

اشارة

(المقصد الثانی: فی البیع و أرکانه ثلاثة الصیغة و المتعاقدان و العوضان و فیه فصول).

الفَصْل الأَوَّل:- الصیغة
اشارة

(الفصل الأول:) فی (الصیغة: البیع) لغة أو عرفاً عاماً أو خاصاً عند المتشرعة أو عند الشارع کسائر ألفاظ المعاملات و یضعف احتمال الأخیرین فیها نقل أو (انتقال) أو هما مطلقین أو مقیدین بکونهما مستفادین من ألفاظ مطلقة أو خاصة أو ما دلّ علی أحدهما أو علیهما من لفظ خاص أو مطلق أو ما یقوم مقامه من إشارة و نحوها أو أخذ و إعطاء کذلک فی (عین) لا حقّ و لا منفعة مثمرة فی الخارج أو فی الذمّة (مملوکة) قبل العقد فعلًا أو قوة أو بعده علی احتمال (من شخص إلی غیره) حقیقة إن تعلق بالنقل أو الانتقال أو ما یعم الاعتبار إن تعلق باللفظ الدال (بعوض) مال لاحِق عیناً کان أو منفعة علی الأصح (مقدّر) فی الجملة لاعتباره فی التعریف فی وجه أو علی وجه یدفع الغرر المانع فیکون الغرض ذکر بعض الشروط المعتبرة فی صحیحه بالعارض أو لقصده فی التعریف فیلزم القصور فی الحدّ (علی وجه التراضی) بین المتسلّطَین الأصیلین أو ملفقین أو جبر یقوم مقامه مقارنین للعقد أو متأخرین علی أصح الوجهین. و قد یراد به مجموع النقلَین فی العوضین أو الانتقالین أو مجموع کِلا القسمین أو ما دلّ علیهما علی النحو السابق و إن لم یوافق ما أرید به فی هذا الکتاب و علی نحو اختلاف التعریفات اختُلف بالإطلاقات فمرّة یقع الشراء قسیمه و مرّة قسمه و مرّة جزئه

ص: 131

و یتعیَّن الأول عند تعاطفهما، و الثانی إذا أرید النقل بالنحو الخاص و الثالث إذا أرید العقد فی مقابلة العقود الأخر. و معنی النقل أو إیجابه هو الشائع علی اللسان و العقد إیجاباً و قبولًا ألصق بباب المعاملات و مذاق الفقهاء. و أما الانتقال فلا یوافق مقتضی الحال لأن البیع علی الظاهر من مقولة الفعل لا الانفعال و یشهد بذلک تعدیته بالاستقلال و ذکر الصیغة فی العنوان یؤید التنزیل علی إرادة القول بالتعبیر بالغایة عن مغیّاها و بالمعلول عن علّته و الأولی الاکتفاء بالإحالة علی معروفیته أو بأخذ الخصوصیة فی الصیغة أو قیودها کما صنعه بعضهم و هو راجع إلی الأول، و لیس غرض الفقهاء رضوان اللّه علیهم بهذا التعریف و نحوه فی تضاعیف الفقه سوی الإشارة إلی المعنی فی الجملة و الإحالة علی العرف فشأنهم کشأن اللغویین لا یریدون الحدود الحقیقة و إلا فکیف یخفی علی هؤلاء الأساطین ما لا یخفی علی صغار المتعلمین من لزوم الدور و ذکر شروط الصحّة فی الحدود و الاختصار فی القیود فی کتاب و الإطناب فی الآخر حتی من الواحد منهم و ذکر القول مرّة و ذکر الفعل مرّة و الانفعال أخری إلی غیر ذلک فلا معنی للإیراد و الاعتراض و التطویل بلا طائل و مع البقاء علی ظاهر الحدود من الاختلاف تظهر الثمرة فی الیمین و شبهه و فی الفرق بین الصلح و نحوه و بینه و فی أحکام الصرف و الربا و الشفعة و بعض الخیارات و غیر ذلک.

البیع علی المنافع

ثمّ إن الظاهر إن أحکام المعاملات تدور مدار الحیثیات و إن الأصل فی مطلق التملیک للأعیان التنزیل علی البیع و حیث اعتبرنا فیه نقل العین

ص: 132

(فلا ینعقد علی المنافع) المقابلة للأعیان حیث تکون مثمِّناً للأصل مع القطع بعدم صدق الاسم لما مرّ أو الشکّ فیه و للإجماع و لا بأس فیما لو کانت ثمناً للصدق کما یظهر من الحدود و لشهادة العرف فیثبت الحکم و منع بعض الأعیان ناشئ من قول بعض الفقهاء إنه موضوع لنقل الأعیان و لیس إلّا نظیر قولهم الإجارة موضوعة لنقل المنافع.

البیع علی ما لا یصحّ تملّکه

و أما الحقوق فالظاهر أنها لا تقع ثمناً و لا مثمناً لخفاء الملکیة فیها فلا یتبادر من الملک (و لا علی ما لا یصح تملّکه) فی نفسه أو عن تملیکه مطلقاً أو علی وجه التعویض، و متی فقد شیئاً منه لم یکن بیعاً أو یکون بیعاً باطلًا و قد یفرّق بینهنَّ فیجعل الأول شرطاً لصدق اسمه و غیره شرطاً لصحته و لعلّه أقوی (و لا مع خلوّه من العِوَض) بالمرّة لانتفاء الاسم بدونه أو القابل للعوضیة لانتفاء الحکم و إن صدق الاسم و هو متمشّ فی جمیع المعاوضات (و لا مع جهالته) و إبهامه واقعاً فیکون معدوماً لا یرتبط بوصف الملک أو التملیک الوجودیین أو فی الظاهر من غیر أَوْل إلی العلم فتنفی فائدة العقد المعتبرة مع الضرر الواضح فیه أو مع الأَوْلِ إلیه بعد العقد فیکون من بیع الغرر، و هو جارٍ بأقسامه کلّها فی العقود اللازمة کلّ بالنسبة إلی حاله، و بعضها تجری فی الجائزة أیضاً و التخصیص بالعوض لعلّه لخفائه و دعوی أن علیّة العوض مقدّمة دون المعوض أو إن ذکر العین هناک تغنی أو إن تقدیر العوض مع نسبته إلیه موقوف علی معرفته عنه فیکون مستفاداً منه ضمناً فی غایة البعد ثمّ التعبیر عن مطلق المعلوم بالمقدّر لا یخلو عن خفاء. (و لا مع الإکراه) المستمر

ص: 133

من غیر الشارع و مأذونه عاماً أو خاصاً ممن یقوم جبره مقام الرضا المخرج عن القصد النافی لصدق الاسم أو المجامع له النافی للحکم کغیره من المعاملات و یجری فی لفظ الشراء باعتبار الثمن بعض ما جری فی لفظ البیع باعتبار المثمن.

الإیجاب و القبول

(و لا بدّ) فیه کغیره من العقود اللازمة (من) اللفظ لقوله (ع): ( (إنما یُحلِل الکلام و یُحرِم الکلام)) و هو (الصیغة الدالة) علیه وضعاً علی وجه الحقیقة أو علی الأعم منه أو الأخص فلا یثبت بدونها فی العوضین ملک لازم أو متزلزل و فی نهایته و لا إباحته. ثمّ إما أن یکون مع النیة مجردةً أو مع الفعل أو القول بدون الصیغة الخاصة أو المرکّب من الاثنین أو الثلاثة أو فی طرف أو طرفین بشرط دلالتها عادةً علماً أو ظناً (علی رضا الباطن) إذ لا مدار علی الظاهر مع حصوله مقارناً للعقد أو متأخراً عنه مع عدم تعقّب المنع له و المعتبر صدق صحّة الاختیار عرفاً و قد یجامع کراهة الباطن و إکراه النفس لحیاءٍ أو سخاء أو رجاء أو خوف لا یخرجه عن الاختیار (و هی الإیجاب) المفید له بالوضع حقیقة مع الاتحاد أو لقسم خاص منه مراداً به معناه قیل أو مصروفاً إلی معنی مطلق البیع فیقوم بنفسه أو مع الاشتراک اللفظی فیتعین بالقرینة أو المعنوی فینصرف أو بشرط القرینة علی اختلاف الوجهین (کقوله) فی الأول (بعت) و فی الثانی أسلمت (و) الثالث (شریت) أو اشتریت (و) فی الرابع (ملکت) و ما قام مقامها فی لغة الفرس و الترک و محرفات الناس أو فی لغة حدثت بوضع جدید لو کان فلا یجری غیر الصریح و إن دخل فی الاشتراک المعنوی

ص: 134

کأعطیت و نقلت و سلّطت و عوضت و بذلت و خصصت و رفعت و نحوهن مطلقة أو مقیّدة بالبیع و لا ما کان من المجاز کوهبت و تصدّقت و أهدیت و نحوهن و لا ما کان من الکنایة کانصرفت و ردعت و السلام علیک و بارک اللّه لک و نحوهن آخذاً بالیقین فیما خالف الأصل و لفظ العقد العام و أسماء العقود الخاصة إنما تنصرف إلی الفرد الشائع و للعلم بأن الشارع لم یکتف بمجرد النیّة و لا مجرد الفعل و لا بکل لفظ بل أراد شیئاً خاصاً لا نعلمه بعینه فوجب الاقتصار علی المتیقن منه و هو الألفاظ الحقیقیة فی العقود اللازمة قیل و لأن المجازاة تدخلها الاحتمالات فیقع الجدال و التشاجر معها و تفوت الحکمة التی جعلت لها العقود و إرادة الإنشاء فی تلک الصیَغ الموضوعة للخبر لا تستلزم المَجازیة مع الاستلزام تثبت بالإجماع و ینفی غیرها بالأصل و لو لا قیام الإجماع علی التسامح فی العقود الجائزة لساویناها باللازمة فی اشتراط الألفاظ الحقیقیة. (و القبول و هو) للأول اتبعت و للثانی أسلمت و للثالث و الرابع (اشتریت و للأخیر تملّکت أو للجمیع قبلت) أو ما یقوم مقامها علی وجه الحقیقة و لا بأس بقیام واحد مقام الآخر غیر إن فی قیام الاستلزام مقام مطلق الشراء کقیام الإسلام مقام مطلع البیع کلاماً و لا بد من قصد الإنشاء و ذکر الألفاظ الصریحة فیه علی نحو ما مرّ فی الإیجاب و لا یصحّ فیه التعلیق.

المعاطاة

(و لا تکفی المعاطاة) فعلیه کما هو الظاهر من معناها أو قولیّة بالصیغة المخصوصة أو بغیرها أو ملفقة من الفعل و القول و أحدیهما فی إیجاب أو قبول فتکون صور المعاطاة حینئذٍ إحدی و عشرین من خمس

ص: 135

و عشرین صورةً فی اللزوم إجماعاً محصلًا و منقولًا و المخالف ممن قارب عصرنا لا عبرة به و من القدماء لو دلّ کلامه علی ذلک لا یخلو به لمسبوقیته بالإجماع و ملحوقیته به علی إن فی الأصل المقرر بوجوه کفایة مع عدم الاعتماد علی العموم فی العقود أو أنواعها لانصرافها إلی المتعارفة و تنزیل الفقهاء لها أو فهمهم منها خلاف العموم علی إنا نعلم یقیناً إن للصّیغ الخاصة أثراً خاصاً، و لو کان اللزوم غیر موقوف علیها لم یکن لها أثر مع إن العوام حتی النساء و الأطفال إذا أراد أحد منهم سلعة تعلل بأنی ما صفقت معک صفقة البیع و هو السرّ فی خلوِّ الأخبار عن البیان و لا یختلف الحال فی المتعلقات (و إن کان فی المحقرات) لما مرّ و للإجماع علی عدم الفرق خلافاً لبعض أهل الخلاف ثمّ مقتضی الأصل و القاعدة الاقتصار علی المتیقن من الألفاظ مادة و صورة و وصفاً و کیفیة فلا تأثیر لمجرد الفعل و مطلق القول کما مرّ (و لا الاستیجاب و الإیجاب) علی المشهور بل ظاهرهم نقل الإجماع فیه (و هو: أن یقول المشتری: بعنی، فیقول البائع: بعتک، من غیر أن یردّ المشتری) لیکون علی الوضع المألوف المنقول علیه الإجماع بالخصوص و لا مطلق الصیغة بل (لا بدّ من صیغة الماضی) کما هو المشهور بل ربما نقل علیه الإجماع (فلو قال: اشتر أو ابتع أو أبیعک لم ینعقد و إن قبل) کما هو المشهور و ربما نُقِل فیه الإجماع. (و لا تکفی) العبارة القاصرة و لا (الإشارة إلّا مع العجز) عن المباشرة فتجوز معه و إن أمکنه التوکیل بشرط ألا یمکنه التعلم مع عدم خوف فوت الغرض و العبارة السقیمة مقدمة علیها و الکتابة مؤخرة عنها. (و فی اشتراط تقدیم الإیجاب) علی القبول (نظرٌ) ینشأ من

ص: 136

دخوله تحت المتعارف فیدخل تحت العمومات و من الشک فی اندراجه و الرجوع إلی الأصل فی منعه و هو الأشهر و الأظهر و لا فرق بین لفظة قبلت و غیرها و إن کان المنع فی الأول أظهر. (و لا بدّ من التطابق بین الإیجاب و القبول) فی المتعاقدین و فی قدر العوضین فلو اختلفا فی أحدهما أو کلیهما (فلو قال: بعتک هذین بألف فقال: قبلت أحدهما) أو بعضه منفردین أو مع بعض الآخر (بخمسمائة) أو قبلتهما بنصف الثمن (أو قبلت) أحدهما أو قبلت (نصفهما) أو نصف أحدها (بنصف الثمن) أو بکلّه (أو قال بعتکما هذا) هذا بألف فقال أحدهما قبلت نصفه أو کلّه (بنصف الثمن) أو بکلّه أو قال بعتک أحدهما فقال قبلتهما کلیهما (لم یقع) و إن جمع الشرائط الأخر. و کذا یشترط التطابق فی جنس العوضین أو مکانهما أو زمانهما أو المراکب منهما إلی غیر ذلک. و أما لو حصل التطابق الحقیقی دون الصوری کأن قال فی الأول قبلت کلّ واحدة منهما بخمسمائة، أو قال قبلت أحدهما بخمسمائة و الآخر بخمسمائة و فی الأخر قبلنا کل واحد من نصفیه أو قبلنا بنصفی الثمن أو قبلنا نصفه بنصف الثمن و نصفه الآخر بنصفه الآخر فالأقرب الصحّة. و عدم الفصل بین الإیجاب و القبول بالمعتدِّ به منقول أو سکوت مخلّین بالنظم المعتبرة فی التخاطب، و عدم التطریب بالصیغة و مدّها زائداً علی المعتاد و ربما اشترط عدم کون الإیجاب بلغة و القبول بأخری و الأقوی خلافه إلی غیر ذلک. کلّ ذلک للأصل بعد الشکّ بدلالة الحجّیة علیه و لا یبعد أن یقال إن هذه المسألة تلحق بالمواضیع لأنها مبنیة علی فهم معنی العقد و الأسماء الخاصة لأنواعها و المرجع إلی العرف اللغوی أو الشرعی

ص: 137

و فقهائنا أفقه فی المقامین من غیرهم و بعد فساد القول باللزوم علی الإطلاق یبقی الأمر دائراً بین وجوه و أقوال:

أحدها الحکم بالفساد و حرمة التصرف مع الفعل للمجرد عن القول خاصة.

و ثانیها تعمیمه للقول الجاری علی غیر النهج أیضاً استناداً فیهما إلی الأصل المقرر بوجوه فی غیر محل الیقین و لأن الإذن من المالک مقیّدة بالملک و لا ملک فیحرم التصرف کما فی سائر العقود الفاسدة و أی فرق بین الفساد لفقد شرط من جهة اللفظ أو من جهة غیره و هو علی القول بعدم الملک کلام متین جارٍ علی القواعد الشرعیة فلا محیص عن العمل به لو لا دلالة الإجماع المحصّل و المنقول و السیرة المأخوذة یداً بید فی جمیع عقود المعاوضات علی خلافه و لو أدخله أحد فی جملة الضروریات لم یکن مغریاً.

و ثالثها القول بمجرد الإباحة و الإذن بالتصرف من غیر ملک کما ادعیت علیه الشهرة و نُقل فیه الإجماع. و هو مردود بالسیرة المستمرة القاطعة فی إجراء حکم الأملاک علی ما أخذ بالمعاطاة من إیقاع عقد البیع و الإجارة و الهبة و الصلح و الصدقة و جمیع العقود مما یتعلق بتملیک الأعیان أو المنافع علیه و تعلق العتق و الوقف و الحبس و الرهن و الربا و النذور و الإیمان و الوصایا و نحوهما به، و کذا حکم المواریث و الأخماس و الزکوات و استطاعة الحجّ و النظر إلی الجواری و لمسهن و وطئهن و تحلیلهن و تزویجهن و نحو ذلک فیلزم إما إنکار ما جاز بدیهة أو إثبات قواعد جدیدة: منها إن العقود و ما قام مقامها لا تتبع القصود

ص: 138

و قصد الملک و التملیک عند المعاملة و البناء علیهما لا محض الإباحة بها لا ینافیها. و منها إن إرادة التصرف من المملکات فتملک العین و المنفعة بإرادة التصرف بهما أو معه دفعة و إن لم یخطر ببال المالک الأول الإذن فی شی ء من هذه التصرفات لأنه قاصدٌ للنقل من حین الدفع، و أنه لا سلطان له بعد ذلک بخلاف من قال اعتق عبدی و تصدق بمالی عنک. و منها إن الأخماس و الزکوات و الاستطاعة و الدیون و النفقات و حقّ المقاسمة و الشفعة و المواریث و الربا و الوصایا تتعلق بما فی الید مع العلم ببقاء مقابله و عدم التصرف به أو عدم العلم به فینفی بالأصل فتکون متعلقة بغیر الأملاک و إن صفة الغنی و الفقر تترتب علیه کذلک فیصیر ما لیس من الأملاک بحکم الأملاک. و منها کون التصرف من جانب مملکاً للجانب الآخر مضافا إلی غرابة استناد الملک إلی التصرف. و منها جعل التلف السماوی من جانب مملکاً للجانب الآخر و التلف من الجانبین معینا للمسمّی من الطرفین و لا رجوع إلی قیمة المثل حتی یکون له الرجوع بالتفاوت و مع حصوله فی ید الغاصب أو تلفه فیها فالقول بأنه المطالب لأنه تملک بالغصب أو التلف فی ید الغاصب غریب و القول بعدم الملک بعید مع إن التلف القهری- إن ملک التالف قبل التلف- فهو عجیب و معه بعید لعدم قابلیته حینئذٍ و بعده ملک معدوم و مع عدم الدخول فی الملک یکون ملک الآخر بغیر عوض و نفی الملک مخالف للسیرة و بناء المتعاملین. و منها إن التصرف إن جعلناه من النواقل القهریة فلا یتوقف علی النیّة فهو بعید و إن أوقفناه علیها کان الواطئ للجاریة من غیر علم واطئ بالشبهة و الجانی و المتلف جانیاً علی مال الغیر و متلفاً

ص: 139

له. و منها أن النماء الحادث قبل التصرف إن جعلنا حدوثه مملکا له دون العین فبعید أو معها فکذلک و کلاهما منافٍ لظاهر الأکثر و شمول الإذن له خفیّ. و منها قصر التملک علی التصرف مع الاستناد فیه إلی إن إذن المالک به إذنٌ بالتملک فیرجع إلی کون المتصرف فی تملیکه نفسه موجباً قابلًا و ذلک جارٍ فی القبض بل هو أولی منه لاقترانه بقصد التملیک دونه و إیراد عدم الملازمة بین صحة التملیک مجاناً و صحته معاوضةً مشترک الإلزام و الکلام الکلام.

و رابعها القول بالملک و عدم اللزوم کما صرح به بعض و استفید من ظاهر کثیر حیث ذکروا الإباحة و قالوا: و مع التصرف تلزم فیظهر أن لفظ الإباحة مسامحة فی التعبیر عما قابل اللزوم و علی ذلک بناء الناس فی معاملاتهم و بیعهم و شرائهم، و لذلک تسامحوا فی أمر العقود لأن الملک من إرادتهم و اللزوم لیس من عنایتهم و ترک التعرض فی الأخبار ألفاظ العقود معلل بالظهور و بالوجه المذکور و ذکر غیر الصیَغ فیها مسمّی علی هذا لأن المدار فی التملیک علی الفعل دون القول أو علی مطلق القول فلا حاجة إلی ذکر الصیَغ فمن تأمل فی هذا الباب و نظر بعین الصواب علم أن عمل الجمیع علی هذا لا یتجاوزونه و لا یتعدّونه و لو سُمع واحداً من المتعاطیین قائلا بقوله: کُلْ أو البس حتی تملّک داخلَه العجب، و الذی یظهر بعد التحقیق و إمعان النظر الدقیق أنه لا أثر للألفاظ مع عدم استجماع الشرائط فی کلّ مقام بحسبه فی ملک و لا لزوم لا فی عقد لازم و لا جائز و إنما المدار علی المعاطاة الفعلیة کما هو الظاهر من معناها فما حالها إلا کحال الهبة تملک بالقبض و تلزم بالتصرف غیر

ص: 140

إنها مصروفة عن ظاهرها لأن التسلیم من جانب یکفی فی ملک الجانب الآخر و حصول الإباحة بعد اللفظ من جهة الدلالة علی الإذن کحصولها بطریق الفحوی و غیرها فلا عقد و لا إیقاع و لا عهد و لا نذر و لا یمین، و یجب الوفاء بها إلا بألفاظ خاصة بکیفیة خاصة و یشرعها الأنام قبل التعرض لها فی روایات أهل البیت (ع) و من قال بالإباحة إن أراد أنها مملکة کإباحة المناکح و المساکن فمرحباً بالوفاق. و فی المقام مباحث أخر تستدعی إمعان النظر فیها:

و منها أنه لا ریب و لا خلاف فی إن المعاطاة تنتهی إلی اللزوم فإن التلف الحقیقی و الشرعی بالنقل بالوجه اللازم للعوضین معاً باعث علی اللازم و کذا للواحد منهما و احتمال العدم فیه و فی الناقل الشرعی فی حکم العدم و یلحق به طحن الحنطة و مزجها مطلقاً و بالأجود دون الأدنی و المساوی و خیاطة الثوب و صبغه و قصره و تلف البعض من أحد العوضین علی اختلاف بینهم فی المستثنیات یقیناً و عدداً. و تحقیق الحال أنها و إن بنیت علی الجواز فکان الأصل البقاء علی ذلک لکنه معارض بأصالة اللزوم علی إنا نعلم من تتبع کلام القوم و النظر إلی السیرة القاطعة إن الجواز مشروط بإمکان الرد و بالخلو عن الضرر المنفی بحدیث الضرار فلو تلف کلّ أو بعض منه أو من فوائده بتصرف بعین أو منفعة من رکوب أو سکنی أو حرث أو دخول فی عمل و نحوها أو بیع أو إجارة أو زراعة أو مساقاة و نحوها علی وجه لا یمکن فسخها شرعاً أو بإتلاف أو تلف سماوی تعذر الرد و لم یتحقق مصداقه و لو صدق فی البعض امتنع أیضاً مع حصول الضرر بالتبعیض و تغییر الصورة بطحن

ص: 141

أو تفصیل أو خیاطة أو صبغ و نحوها لو دخل تحت الردّ جاءه ثبوت الضرر غالباً بتبدیل الأوصاف و اختلاف الرغبات. نعم لو بقی الشی ء علی حاله و زاده حسناً بصقل أو إخراج غبار و رفع وسخ و نحوها لم یکن فیه ذلک. و أما المزج علی وجه لا یتمیز فلا یمکن ردّه بعینه و قبول الجمیع فیه مِنّة و دخول مال الغیر فی ماله من غیر فرق بین الأجود و مقابلاته. و الظاهر أن الردّ مقید تبعاً بالملک فلو خرج عنه بقصد جائز دخل فی حکم آخر، و قد یخطر بالبال أن مجرد التصرف- و إن خلا عن المالیة- اختیار اللزوم، کما فی الخیار فیجزی مطلقاً لکنه مردود بالأصل مع ارتفاع الشک و خروج الحدود عن الأصل بالنص لا یقتضی خروج ما نحن فیه و لو صدر الإتلاف عن الدافع لما فی ید المدفوع إلیه کان کالردّ إلیه علی إشکال و لو اختلفا فی حصول سبب اللزوم مع الإطلاق أو الإسناد إلی سبب خاص ابتدائی کالعقد و متجدد کالتلف أو الإتلاف أو مطلق التصرف ففی تقدیم قول مدعی اللزوم أو الجواز إشکال، و لو ادّعی تصرفاً أو إتلافاً بعد الفسخ فالقول قول منکره مع یمینه. و لو تفاسخا رجع کلّ إلی ماله و وجبت التخلیة بینه و بینه و لا یجب ردّه إلیه و منها إن بعد الرد لا رجوع لأحدهما علی صاحبه لو أجزنا الرجوع علی الأصل بالمنافع المستوفاة لحصلها فی ملکه أو تسلیطه عنها بالإباحة علی القول بها، و کذا الفوائد الحاصلة المنفصلة علی القول الأول کالنماء و نحوه بعد تلفها، و أما مع بقائها فلا یرجع علی الأول مطلقاً مع عدم التصرف علی الثانی و معه إشکال علی الأصح و یظهر وجهه مما تقدم. و أما المتصلة کالسمن و الصوف و الشعر الباقیین علی الظهر و اللبن

ص: 142

الباقی فی الضرع فتتبع العین علی الأقوی. و منها إنه هل یعتبر فیها قبض العوضین معا کما یظهر من لفظها أو یکفی أحدهما فیجری فیها السلم و النسیئة و یجری حکمها فی قابض أحد الطرفین إذا تلف فی یده قبل قبض الآخر الظاهر الثانی لقضاء السیرة بقیامها مقام عقود المعاوضات بأسرها. و منها أنها هل هی داخلة فی اسم المعاملة التی قامت فی مقامها فیجری فیها شرائطها و أحکامها الظاهر من جماعة من الأصحاب اختیار ذلک فتجری فیها قائمةً مقام البیع أحکام الشفعة و الخیار و الصرف و السلم و بیع الحیوان أو الثمار و جمیع شرائطه سوی الصیغة. و لم یقم علی ذلک شاهد معتبر من کتاب أو سنّة أو إجماع و الأقوی أنها قسم آخر بمنزلة الصلح و العقود الجائزة یلزم فیها ما یلزم فیها فتصح المعاطاة علی المشاهد من مکیل أو موزون من غیر اعتبار مکیال أو میزان و بنحو ذلک جرت عادة المسلمین. نعم لو أرادوا المدّاقة بنوا له علی إیقاع الصیغة و المحافظة علی الشروط فالظاهر أنه متی جاء الفعل مستقلًا أو مع ألفاظ لا تستجمع الشروط مقصوداً بها المسامحة جاء حکم المعاطاة أو علی الأول فإن صرّح فیها بإلحاق ببیع أو غیره بنی علیه و إلا فالبیع أصل فی المعاوضة علی الأعیان مقدمٌ علی الصلح و الهبة المعوّضة و الإجارة أصل فی نقل المنافع مقدمة علی الصلح و الجعالة ثمّ، اللزوم لیس من المقتضیات الأصلیة و إنما هو من التوابع و اللواحق الشرعیة فقصده غیر مخلّ و إن لم یصادف محله، و قد تبیّن أن حکم المعاطاة إنما یجی ء من خلل بالصیغة أما فی نفسها أو نظمها کتقدیم القبول أو حصول الفصل الطویل و لو جاء الخلل من خارج اللفظ أو منه مراداً به الجامع

ص: 143

للشروط فإن کان مع التصریح بالإباحة المجردة مطلقةً أو مقیدة بالاستمرار و عدمه فی الحکم واضح و إلا (فلو قبض) البائع الثمن أو (المشتری) المثمن أو غیرهما غیرهما فی کلّ عقد بنی علی الضمان کان القابض منهما قابضاً (بالعقد الفاسد و لم یملک) بلفظ و هو ظاهر و لا فعل لأن المقصود غیره و العقود تتبع القصود و لم یستبح کذلک بمثل ذلک (و ضمن) کل من العوضین قابضه للبناء علی التضمین فیه بوجود القابل و المقابل شرعاً و عرفاً للإجماع المحصل فضلًا عن المنقول المعتضد بالشهرة المستفیضة تحصیلًا و نقلًا و للخبر المستفیض المجمع علی مضمونه من قوله (ع): ( (علی الید ما أخذت حتی تؤدی)) و البحث فیه بعدم دلالته علی الوجوب و العموم فی الآخذ و المأخوذ و ظهوره فی خصوص العین و المقبوض بالقهر ظاهر الردّ و للقاعدة الشرعیة بل المجمع علیها الموافقة للقواعد الشرعیة المنادیة بعصمة مال المسلم من إن ما یُضمَن بصحیحه یُضمَن بفاسده و هی صریحة فی أصل الضمان إلا أنها یحتمل فیها وجهان: أحدهما الضمان بمقدار ما أقدم علیه من المقابل. و ثانیهما قیمته بما بلغت و هو الظاهر لأن التقیید غیر مفهوم منها و البحث فی الدلالة عموماً و لزوماً من الأغلاط فیلزم علی نحو الغصب الضمان للعین و نمائها المتصل و المنفصل و منافعها المستوفاة و غیرها، و عدم الرجوع بنفقة بذلها و غرامة تحملها مع الخلو عن الغرور من غیر فرق بین الحاملین و بین العالمین و المختلفین مع علم أحدهما بحال الآخر و عدمه بشرط قصد تعلق الملک للناقلین فی الطرفین حقیقة فی الجاهلین حتی یثبت الإقدام علی الضمان من الجانبین فلو خلی عن جانب کان الدافع

ص: 144

إلیه مضیّعاً لماله و صورة فی العالمین لو أوقعا عناداً أو ابتداعاً أو اختراعاً فإن العقود المبتدعة المخترعة کبیع الحصاة و الملامسة و المنابذة و نحوها من المخترعات لا تثمر ملکاً و لا إباحة و لو علم بالفساد لأن المالک الأصلی حجر علی المالک الصوری فی ذلک العقد، فالعقد الفاسد من الحنفیین لا معاطاة فیه و لا یثمر إباحة. نعم لو وقع العقد من کاملین لاغیین به قاصدَین للمعاطاة أو الإباحة جاءت أحکامها بتمامها ثمّ حیث یجب الردّ فإن کانت العین باقیة ردّها إن کان غارّاً أو خلّا بینه و بینها إن لم یکن مع ما بقی من توابعها الجوهریة و کذا العرضیة ما لم تکن من ماله و کان معذوراً فإنّه یضرب بینها إن بقیت و إلّا دفع إلیه قیمتها إن تلفت بعد الرد و کانت مقوّمة و شابهت العین فیها و لم یقض بنقص فیها علی نحو ما سیجی ء فی باب الغصب، و إن کانت تالفة فإن کانت تسمی مثلیة عرفاً لتساوی أجزائها فی الحقیقة النوعیة کما نسب إلی بعض أو لتساوی قیمة أجزائها کما نسب إلی قول الأکثر أو لتساوی أجزائها أو جزئیاتها أو لأنها متساویة الأجزاء و المنفعة المتقاربة الصفات فی قول آخر أو لکونها إذا جمعت بعد التفریق أو فرقت بعد الجمع عادت الأولی بغیر علاج أو لتقدیرها بالکیل و الوزن کما علیه الآخر و الکل متقارب غیر إن الأخیر تعریف بالأخص، وجب رد المثل و قیمة ما تعذر مثله وقت القبض أو التلف أو الإعواز أو الأداء و هو المختار لموافقته للقواعد الشرعیة أو التخییر بینها لاحتمالاته أو أعلی القیم کذلک فتکون الوجوه عدیدة و لو أُضیفت وقت المطالبة علی وجه تضاعفت و إن کانت قیمته فی مقابل المثلیة ردّت قیمتها وقت القبض أو التلف أو الأداء و خیر الثلاثة

ص: 145

أوسطها لأنه زمان الانتقال إلیها و صحیحة أبی ولّاد فی کری البغل لا ینافیها أو التخییر بینها بأقسامه أو أعلی القیَم کذلک و تنتهی إلی العشرة و تزید الأقسام بإضافة وقت المطالبة کما لا یخفی، و ما ذکر فی المقامین منه ما یدخل فی الأقوال و منه ما هو مجرد احتمال و للبحث مجال واسع فی کتاب الغصب یأتی بعون اللّه تعالی، و تقویم الصفة مع المالیة أو الغرور حیث لا عین بتقویمها مع العین و تقویم العین منفردة فیؤخذ التفاوت علی تفصیل یأتی فی محلّه، و لو کانت عینیة قوماً منفردین و مجتمعین و یؤخذ بالنسبة علی تفصیل یأتی أیضاً و لو اختلفت قیمة السوق و لا ترجیح احتمل الأخذ بالأقل و الأکثر و الصلح القهری و القرعة و الانتزاع من القیِّم لرفع النزاع و الأول أوجه و للبحث مجال واسع و یأتی فی کتاب الغصب إن شاء اللّه تعالی.

ص: 146

الفَصْل الثانِی: المتعاقدان
اشارة

الشرائط العامة للمتعاقدین

(المتعاقدان) و یکفی فی صدقهما التغایر الحکمی (و یشترط فیهما) أصیلین أو وکیلین أو ولیین أو فضولین أو مختلفین إجماعاً هنا و فی کلّ عقد عدا ما استثنی (البلوغ) الثابت ببعض علاماته مع ظهور الحال به و بالقدر الجامع مع الاشتباه بین النساء و الرجال مقارناً فی العاقدین معاً لکل من الصنفین علی أصح الوجهین (و العقل) حین العقد کذلک فلا یفسد بزواله بعد تمامه (و الاختیار) مقارناً أو متأخراً علی المختار (و القصد) کالأولین (فلا عبرة بعقد الصبی) و معاطاته و لا قبضه و لا إقباضه فی إثبات حکم شرعی مطلقاً و لا إباحة و لا إذنه و لا فی کثیر و لا فی یسیر إلا مع مظنة إذن الولی فی الإباحة لقیام السیرة علیه و لولاها لم یستثنها للأصل المقرّر بوجوه عدیدة مع الشک فی دخوله تحت خطابات العقود و أنواع المعاملات لعدم أهلیته و قابلیته و القطع بعدم ثبوت لوازم العقود و التملیکات من الواجبات و المحرمات له لحدیث رفع القلم بل المستحبات و المکروهات علی قول و للإجماع محصلًا و منقولًا و المخالف غیر محقق و الأخبار المستفیضة عموماً و خصوصاً و تصحیح عباراته و إسلامه و إحرامه و وصیته و تدبیره لو قام الدلیل علیه لزم الاقتصار بالنسبة إلیه و آیة الابتلاء محتملة لوجوه الاختبار بصور المعاملات و الحقائق من الولی و اختبار نفس البلوغ کما یظهر من بعض الأخبار أو ما بعد البلوغ أو بغیر أموالهم و لو أتلفوها أو بالحیازة و نحوها أو بالإباحة أو بالسؤال و البحث أو بما جاز لهم من وصیة و نحوها و التعمیم

ص: 147

لإطلاق الأمر ضعیف و بعد ذلک نقتصر علی المورد المخصوص و السیرة القاطعة علی تولی الأطفال بضروب المعاملات و إیصال الهدایا و الإذن فی دخول الدار و نحوها إنما یفید جواز التصرف فی أمور خاصة مع المظنّة بإذن الولی بها فمن لم یصل حد البلوغ بمنزلة الحیوان فیما لم یقم علیه برهان. (و إن بلغ عشراً) و کان عاقلًا للإجماع محصلًا و ما نُسِب إلی الشیخ و بعض الأصحاب لو صحّ لا ینافیه و الاستناد إلی مرسلة فیها جواز التصرف إذا بلغ عشراً مردود بضعفها فی نفسها و بمخالفتها الشهرة بل الإجماع محصله و منقوله و القواعد الشرعیة المحکمة المتقنة علی أن جواز التصرف ربما أرید به الإهمال دون العموم أو بلوغ غیر الذکر عشراً أو بلوغه مقارناً لبلوغه الحقیقی و إن کان نادراً، و ربما یقال بترتب الملک علی الإباحة المستفادة من مباشرة الأطفال إلحاقاً لها بالمعاطاة مع تولی الطرفین، (و لا المجنون) لمساواته الصبی بل نقصانه عنه و لجریان الوجوه المذکورة و الأدلة السابقة من إجماع و غیره فیه (سواء أذن لهما الولی أو لا) إلا فی الإباحة فی خصوص الصبی علی نحو ما سبق، و لو حصل إقباض بین ناقصین و حصل تلف ضمن الولیان لو کانا عالمین مقصرین و إلا فالضمان علی الناقصین، و ما بین الکامل و الناقص یضمن الکامل دونه و لو أرجعه إلیه فتلف کان مضموناً علیه أیضاً و لو أذن المالک فی الإیداع للناقص أو الإعارة له فلا ضمان علی المودع و لا المعیر و لا الودعی و لا المستعیر، و لو أذن الغریم فی تسلیم ما فی ذمة المدین إلی النّاقص بقصد التوکیل فی القبض ثمّ الدفع کان منه و إلا فلا فراغ للذمّة، و لو أقبضه عاقلًا فجن استقر الضمان علی الناقص و لو کان

ص: 148

الدافع جاهلًا بالنقص فالأقوی الضمان علیه و لو تنازعا فی إن التسلیم کان حین النقص أو الکمال و عُلم سبق الصفتین و جهل تأریخ الإقباض و الکمال فلا ضمان علی القابض فی وجه قوی، و لو عُلم تأریخ أحدهما حکم علی الآخر بالتأخر و تبعه الحکم، و لو کان التسلیم من الناقص فالضمان علی القابض مع العلم بتأریخ الکمال فقط لا ضمان حیث یکون الدفع علی وجه غیر مضمون (و لا المغمی علیه و لا المکره) فی غیر حق (و لا السکران) و لا (الغافل و النائم و الهازل سواء رضی کلّ منهم بما فعله بعد زوال عذره أو لا) لدخوله فی الهذر و اللغو و خروجه عن عمومات الأدلة و خصوصاتها و خروجهم عن الخطاب لعدم أهلیتهم فیبقی حکم الأصل غیر معارض و للإجماع محصلًا و منقولًا و لاعتبار القصود فی العقود و الکل خال (إلا المکر) حیث لا یبلغ إلی الخلو عن القصد و فهم المعنی أصیلًا أو وکیلًا أو فضولیاً أو ولیاً (فإن عقده ینفذ لو رضی من له الأمر) بعد (الاختیار) تعلق الإکراه بالصیغتین أو بأحدهما استناداً إلی العمومات فی العقود و أنواعها و لیس من الأفراد التی یشک فی دخولها لندرته و لاحتساب معظم الفقهاء له منها و هم أدری بمدالیل الألفاظ و مفاهیمها مع استظهار الإجماع فیه من جماعة و فهمه من عبارات آخرین، و خروج الشاذ لا عبرة به و نقل الإجماع علی خلافه من بعضهم ظاهر الردّ و الرجوع فی منعه إلی الأصل و الشک فی فهمه من الأدلة محل منع و فی إلزام غیر المجبور بانتظاره فلا فسخ له قبله وجهان. و لو حصل الرضا بعد تمام العقد فلا فصل فلا بحث علی القول بالصحة فلو فسخ فسد العقد و لو استمر الجبر بلا فسخ ثمّ تعقب الرضا قوی

ص: 149

وجه الصحّة و فی کونه کاشفاً أو ناقلًا وجهان أقربهما الأول، و لو بعّض الرضا أو غیّر الأجل أو بعّض الشروط فالظاهر البطلان و لو جبره علی البیع نقداً فأجر أو صالح أو أسلم فلا جبر، و ما اشتهر من أن الحیاء من آلات الجبر لا نعرف له وجهاً.

عدم اشتراط إسلام المتعاقدین

(و لا یشترط) فی صحّة العقد أو إباحته أو فیهما (إسلامهما) بالمعنی العام فضلًا عن الخاص فیصح بین المسلم و الکافر من أی قسم کانا و بین الکافرین حربیین لکون الحربی مالکاً علی الأقوی أو ذمیین أو مختلفین أصلیین أو مرتدین، و فی الفطری إشکال مع اجتماع الشروط المعتبرة عند أهل الحق أو عندهم و من المسلمین المخالفین و المختلفین مع الشروط الحقّة خاصة و فیه ما یدل علی أن الرشد بحسب الدنیا دون الدین. (نعم یشترط) فیهما (إسلام المشتری) مراداً به المعنی الظاهر أو ما یعم البائع و فی الحقیقة هو مثال لکل من یستجد الملک اختیاراً (إذا اشتری مسلماً) متصفاً بالإیمان بالمعنی الخاص أو لا مباشراً للعقد أو مستنیباً و فی نیابته عن المسلم وجهان و کذا فی شراء المنتحل للإسلام، و الحجّة فی أصل الحکم الإجماع المحصل من تتبع الأقوال و لا یخلّ به نسبة الخلاف إلی من لا یعرف و لا ذکر الاحتمال من بعضهم، ثمّ الإجماع المنقول المؤید بالشهرة المستفیضة محصله و منقوله و نفی السبیل للکافر علی المؤمن فی صریح القرآن و خصوص المورد لا یخص العام و السبیل إن بقی علی عمومه فالملک من أعظم أفراده و إن أرید به سبیل الحجة کما فی الروایة ففی سلطان الملک أعظم الحجج عنه معصیة المالک و مخالفة أمره إلی غیر

ص: 150

ذلک و لا نقضی علی ظاهر الآیة بسلطان طغاة الکفار علی أهل الإیمان حتی علی الأنبیاء الرسل لأن ذلک سبیل الشیطان غیر أن اللّه تعالی لم یسدّهُ لمصلحة الاختبار و الامتحان و فیما دلّ علی الأمر بإعزاز المؤمن و إذلال الکافر و علی أن الإسلام یعلو و لا یعلی علیه و علی المنع من البعث علی شرف الکافر و زیادة رفعته و عظمته و علو شأنه و علی الأمر بأبعاد الناس عن الباطل و تقریبهم إلی الحق، و فی مثل هذا تنفیر للمسلمین عن الإسلام ما یؤید ذلک و لو لا ما یظهر من الفقهاء و الأخبار من أنه یکفی مجرد الإسلام و أن الحکم خاص بالابتداء و الاختیار دون الدوام و الاضطرار کالمیراث و نحوه لاشترطنا فی تملک المؤمن الإیمان بالمعنی الخاص و أجرینا الحکم فی الدوام و الاضطرار علی إنه لا یبعد اشتراط الإیمان فی حق الإماء لظاهر بعض الأخبار، و لو أسلم فی أثناء العقد قبل تمامه أو قبل القبض فیما یشترط فیه القبض کالقرض و الهبة بطل العقد علی الأقوی، فإسلامه فی زمن الخیار قبل الدخول لو کان صداقاً یختلف حکمه باختلاف الرأیین و بین العقد و الإجازة فی الجبر و الفضول یبتنی الصحة فیه و الفساد علی الکشف و النقل و یتعین المنع فی المعاطاة علی القول بالتملیک و علی الإباحة فیها وجهان و حیث کان مبنی المنع علی حصول الإهانة بسلطان الکافر علی المسلم منعنا أن یتملک کلّ مسلم (إلّا أباه) و إن علا و الصلبی فیدخل العالی فی التالی نسباً أو رضاعاً علی رأی و مثله لوجود العلّة فیه (جمیع و من ینعتق علیه) قهراً لقرابةٍ أو إقرارٍ أو إذنٍ من المالک له فی العتق عن نفسه أو شرط حریّته علی القول بحصولها بمجرد الشرط أو تحریر متصل بالعقد

ص: 151

أو رِدّة فطریة مع القول بجواز شرائه و الوارث مسلم کل ذلک للأصل المستفاد من عمومات العقود و أنواعها من کتاب أو سنّة أو إجماع العامة للکافر حتی علی القول بخروجه عن خطاب التکلیف و إنما یخرج منه محلّ الإجماع و الدخول المتیقن تحت الآیة و هو الملک القار و لا سبق للملک علی الحریة زماناً فی القسم الأول و الذاتی لا یبعد سبقاً علی إن مثل هذا الزمان لا یدخل تحت الإطلاق و للإجماع المنقول المعتضد بالشهرة فی شراء الأب و ینجبر بتنقیح المناط و الإجماع المرکب إلی ما یشبهه و نفی السبیل لا ینفی ذلک لأنه من سبیل المؤمن علی الکافر لا من سبیله علیه فالحکم لا شبهة فیه غیر أن قصره علی ما إذا کان الإسلام ذا شرکة تمضی أحکامه علی الکفار غیر بعید، و لا فرق فی الصحة و الفساد و إن اختلف حکم الحصر و عدمه بین العلم بالقرابة أو الحکم أو جهلهما و لا بین عزمه علی الانعتاق و عدمه لتوجه النهی إلی خارج من غیر تعلق بحقیقته و لو اشتری عبداً مالکاً لمسلم علی القول بملک العبد و قلنا بأن ملکه یدخل فی شرائه تبعاً لم یدخل حیث لا یکون من المستثنیات، و لو قیل بالجواز فرقاً بین الملک الأصلی و التبعی کان من الغفلة و علیه فیباع قهراً و له خیار التبعیض علی الأول و هل له الخیار علی الثانی لأنه عیب فی حقّه علی نحو أمثاله؟ الأقوی العدم. (أو إذا اشتری) بل تملک مطلقاً اختیاراً ابتداء و یقوی لحوق الاضطرار و الاستدامة هنا (مصحفاً) أو أبعاضه المنفصلة أو المتصلة بما لا یغلب علیه اسمه و فی الغالب أشکال غیر منسوخة التلاوة و فی المنسوخ بحث منسوخة الحکم أو لا و مع الاشتراک فالمدار علی قصد الکاتب و مع الشک فالعمل علی أصل

ص: 152

الإباحة و المحافظة علی جادّة الاحتیاط فیه کما فی الخالی عن القصد أولی، و فی إلحاق المکتوب بخط العبری أو بالحفر أو بالرقم أو البصم أو بالعکس أو الحروف المقطعة أو فرج البیاض و نحوها قوّة إلا إذا اشترط الوقف علی مسلم أو التملک له بمجرد الشرط أو بصیغة متصلة علی نحو ما مرّ أو أقر بالوقف علی المسلمین أو الملک لهم أو کان مرتداً فطریاً و جوّزنا معاملته و الوارث مسلم عالماً أو جاهلًا و مباشراً له أو مستنیباً أو نائباً علی رأی و الأصل فی أصل هذا الحکم لزوم الإهانة و منافاة التعظیم الباعث علی تحریم تملیکه و إن تعلق العقد ظاهراً بجلده و نحوه مع أن منع تملکه الکافر لأهل الإیمان للزوم الإهانة بثبوت السلطان یتمشی بطریق الأولویة إلی القرآن مع إن الإهانة له عین الإهانة للإسلام و الإیمان. و یقوی إلحاق کتب الحدیث و التفسیر و الفقه و المزارات و الخطب و المواعظ و الدعوات و التربة الحسینیة و تراب الضرائح المقدسة و رصاص الصندوق الشریف و ثوب الکعبة، و أما بیع الأرض الشریفة و ما یصنع منها من آجر أو خزف و بیع الآلات و القرطاس من الکتب المحترمة بعد ذهاب الصورة ففیه وجهان و فی نفوذ العقد فی الآلات و ثبوت خیار التبعیض کما لو بیع القرآن مع غیره وجهان أقواهما العدم، و أما کتب دینهم مما لم یدخل فی کتب الضلال و کتب المقدمات و العلوم الغریبة مما لم یبعث علی ضلالهم و اختلالهم فلا بأس به.

ص: 153

استئجار الکافر المسلم أو ارتهانه

(و هل) یحل أو (یصحّ له استئجار المسلم) بما مرّ من معناه و نقل منفعته بأی ناقل کان لازم أو جائز، حراً کان أو عبداً، عیناً أو ذمّة، لخدمته أو خدمة مثله أو مسلم أو فعل طاعة أو استئجار المصحف و نحوه، لنفسه أو لمثله أو لمسلم، اختیاراً ابتداءً، و فی لحوق الاضطرار و الاستدامة قوّة مباشراً للعقد بنفسه، مستنیباً أو نائباً، شرط تولّی الاستیفاء لمسلم أو الوضع عنده أو لا (أو ارتهانه) أو رهنه لهما مع فرض بقاء الملک أصالةً و وکالةً مع اشتراط الوضع علی ید مسلم أو لا أو کونه ولیاً أو موجباً أو وصیاً علیه أو ذا سلطان مقاصّة أو مارة علی مال المسلم أو إذن أحد الأصناف المذکورین فی القرآن فی الأکل من البیوت و نحو ذلک (الأقرب المنع) فی کلّ ما قضی باستهانة فی دین أو نقص فی إیمان أو فی صنف المسلمین من تسلیط علی مصحف أو کتاب حدیث أو عبد مسلم بإجارة لهما أو رهانة و نحوهما فلا مانع من إجارة الحر نفسه لهم معیّنة أو مطلقة فقد آجر بعض الأنصار، و قیل أمیر المؤمنین (ع) بنفسه الشریفة لهم علی الاستقاء لکل دلو بتمرة، و البتول الزهراء (ع) نفسها لغزل الصوف بأصواع الشعیر، و حکایة الفعل و إن لم تعم فالعموم مستفاد من الأصل و الشک فی الدخول تحت دلیل المنع مع إن سیرة المسلمین فی جمیع الأعصار و الأمصار جاریة علی ذلک بوجه العموم و لا سیما فی مبدأ الإسلام فإنه لو لا ذلک لَتَعطّل النظام لِقلّة أهل الإسلام مع أنّ فی خلوّ الأخبار عن مثل هذا الأمر الذی تعمّ به البلوی بین شاهد علی الرخصة و یشتد الابتلاء حیث یکون

ص: 154

بعضهم ممن تُفَوَّض إلیه تصرفات الأمراء کالصابئ و نحوه لکثرة الاحتیاج إلیه و اختلاف الناس علیه و فی الإجماع المنقول علی القسمین معاً أوضح شاهد علی ما ذکرناه و لیس من السلطان المنفی سلطان الغریم و لا المعلم و لا الزوجة فی نفقتها و قسمها و لا العبد فی نفقته و لا العمودین فی نفقتهما إلی غیر ذلک و الأقرب بحسب اللفظ و السوق فی قوله (و الأقرب جواز الإیداع له و الإعارة عنده) عود الضمیرین إلی الکافر بمعنی جواز جعله ودعیاً مستعیراً بل قابضاً إذ لا سبیل للودعی و المستعیر، إنما السبیل للمودع و المعیر و باعتبار الموافقة لما سیجی ء إن شاء اللّه تعالی فی العاریة من المنع أما أن یبقی المرجع علی حاله و یراد قبض الکافر للمسلم و یکون الودعی و المستعیر مسلمین أو یکون المرجع علی حاله و المراد نفس الإیداع من المسلم و الإعارة و لو لمال أو یراد الودیعة من الکافر عند مثله أو یراد إیداعه شیئاً عند المسلم فیکون الضمیر للمسلم دفعاً لتوهم أن الإیداع عند المسلم استخدام له و موادّة و فی الإعارة له تسلیط علی منعه و حصول منّة علی المسلم و موادّة أیضاً، و الوجه هو الأول و المخالفة فی فتوی الفقیه فی الکتاب الواحد کثیرة الوقوع و لا غرابة فیها و إیداع المصحف و إعارته للکافر مع إقباضه أشد قبحاً، و قد یمنع من تسلیط کلّ من لا یری احترام محترم علیه لخوف هتکه.

إسلام العبد الذمّی

(و لو أسلم عبد الذمّی) و غیره من الکفار المتحصنین عن المسلمین ببعض الأسباب أو کان العبد مسلماً ملکه الکافر بغیر اختیار أو ارتد مالک المسلم أو القرآن عن ملّة و لم یکن للملوک تشبث بأسباب العتق

ص: 155

أو النقل إلی مسلم (طولب) بالحکم أو بالحسبة من العدول مطالبة إلزام (ببیعه) علی مسلم، أو نقله بأی ناقل کان بعقد لازم و ربما یکتفی بالجائز، و فی رجوعه إلی اللزوم وجه قوی مباشرة و مع الامتناع یقوم الحاکم أو نائبه أو محتسب مقامه، و قد مرّ سابقاً قوّة خروج القرآن عن الملک حین الردّ لأن القرآن لا یدخل فی ملک الکافر ابتداء و لا استدامة علی الأقوی و أوقفه عاماً أو علی المسلمین (أو عتقه) من غیر شرط الخدمة لغیر مسلم بصیغة و شروط معتبرة عند أهل الحق فی أحد الوجهین و الأصل فی أصل الحکم الآیة و الإجماع المحصل من تتبع کلامهم و عدم نقل الخلاف منهم فیه، و بعض الروایات الدالّة علیه و لا یزول الملک لنفسه لما مرّ و للإجماع و للاستصحاب و هو ظاهر أکثر الأصحاب (و یملک) سیّده (الثمن و الکسب المتجدد قبل بیعه) مثلًا (أو عتقه) لحصولهما فی ملکه و فوائد الملک تتبعه، و لو جهل تأریخ حدوثهما أو حدوث الفوائد فقط لم یکن للسید و لو علم تأریخ حدوث الفوائد و جهل تأریخ الانتقال انعکس علی إشکال فی الجمیع (فلو) أن الذمّی أو مطلق الکافر أو المسلم المرتدّ عن ملة (باعه) اختیاراً لتجدد الکفر بعد البیع أو قهراً (من المسلم) أو باع القرآن و نحوه أو نقلهما بأی ناقل کان (بثوب) مثلًا (و وجد فی الثمن عیباً) أو نحوه مما یسوّغ فیه الردّ و کان الثمن کلّیاً ردّه و أخذ عوضه، و لیس له استرداد المبیع بلا کلام، و لو کان معیباً (جاز له ردّ الثمن) للعیب و نحوه و یحتمل تعین الأرش و جبران النقص (و هل یسترد العبد) علی الأول لردّه الثمن کما هو مقتضی القاعدة (أو القیمة؟ فیه نظر ینشأ من کون الاسترداد مملکاً للمسلم)

ص: 156

الکافر (اختیاراً من کون الردّ بالعیب موضوعاً علی القهر کالإرث) فیجوز الردّ کالعقود الجائزة فی وجه. و الحق أنه سبیل جدید فیتعیّن الأرش و جبران النقص و تبطل الخیارات جمیعاً بین خبر الضّرار و نفی سبیل الکفار و استضعافاً لاحتمال القیمة، (فعلی الأول) من وجهی النظر (یسترد القیمة کالهالک) أو یتعین علیه أخذ الأرش و نحوه، (و علی الثانی یجبره الحاکم) أو نائبه أو محتسب (علی بیعه) أو نقله بأی نحو کان (ثانیاً أو عتقه) و یضعف جواز ردّ الثمن و عدم جواز استرداد المبیع للزوم ملک المعوض بلا عوض و تنزیله منزلة الهالک ضعیف (و کذا البحث لو وجد المشتری به عیباً) أو نحوه فیحتمل تعین الأرش و جبران النقص لأن الرجوع ملک مبتدئ اختیاری و هو الأقوی و یحتمل تعیّن القیمة لمثل ذلک وقت البیع أو الفسخ، و الثانی أقوی و یحتمل جواز الردّ لأنه کالملک القهری و کذا البحث فی جمیع التملکات الحاصلة عن أسباب تلحق العقد کغبن و تأخیر ثمن و خلاف وصف و تدلیس و شفعة و إقالة و رجوع صداق (و بأی وجه أزال الملک من البیع و العتق)، و الوقف، (و الهبة) و نحوها (حصل الغرض) لأن غیر اللازم یکون لازماً علی الأقوی و یحتمل صدق رفع السبیل فیجزی، و یحتمل اشتراط العقد اللازم لعدم حصول الغرض بالجائز و أصالة عدم انقلابه، لازماً و لو أسلم فی زمن خیار البائع بعد انتقاله إلی الکافر أو فی عقد معاطاة فإن بنی علی الملک جبر و إلا انتظر کما ینتظر القبض فیما یتوقف علیه و یحتمل الانفساخ فی الجمیع و الظاهر العود إلیه لو تلف المبیع قبل القبض لدخوله فی القهر و لو اشتراه بعقد فضولی فأسلم قبل الإجازة انتظرت علی القول بالنقل

ص: 157

و یجی ء احتمال الانفساخ من حینه، و علی الکشف فهل یلزم فیه بالنقل احتیاطاً أو یکون کالنقل، و الثانی أقوی و لو أسلم فی یده و للمسلم فیه خیار، فهل یباع و المسلم علی خیاره أو ینتظر به؟ و لعلّه الأقوی و احتمال التزام المسلم بالفسخ و إرجاعه إلیه ضعیف (و لا یکفی الرهن) و لا التحبیس (و) لا (الإجارة) فضلًا عن الجعالة (و) لا (التزویج) فضلًا عن التحلیل (و لا الکتابة المشروطة) بالنجوم و نحوهن عن نقل العین لبقاء السبیل و ظاهر الإجماع و الروایة (أما المطلقة فالأقرب) فیها ما قرّبه المصنف فی بحث الکتابة من عدم (إلحاقها بالبیع) و دعوی الإلحاق (لقطع السلطنة) هنا (عنه) مردودة بأن بقاء الملک سلطان مع أنه ربما عجز فعاد إلی حالته الأولی. نعم لو ترتب العتق فوراً کما لو سلّم العوض دفعة من متبرع أو عن بیت المال فوراً قوی الإلحاق (و لا تکفی الحیلولة) فی تصحیح المملکات للأعیان ابتداء و لا استدامة و لا تکفی فی المستدام مما یتعلق بالمنافع و نحوها من العقود اللازمة من إجارة أو رهانة أو تحبیس و نحوها فی وجه قوی، و أما الجائزة کالعاریة فلا یبعد انفساخها علی القول بمنعها ابتداءً، و أما ما فیه ملک العین فلا بد من نقله و ینفسخ ما ینافیه عملا بإطلاق الروایة المعول علیها، و لو جعل مرجع الحیلولة مرجع الرهن و ما بعده فیختصّ بعبد الذمی إذا أسلم کأن أسلم و لو أسلم بعد الوقف علیه اکتفی بالحیلولة، و لم یخرج عن الوقف و لو لم یؤمر بالبیع علی الأقوی، و لو أسلم المکاتب بقی علی مکاتبته و لا یؤمر ببیعه فی وجه قوی، و لو أوصی به إلی کافر فأسلم قبل الموت بطلت و لو أسلم بعده قبل القبول ففیه وجهان.

ص: 158

إسلام أم الولد

(و لو أسلمت أم ولده) مع إسلام ولدها و عدمه- و لم تکن من المستثنیات- (لم یجبر علی العتق) و الوقف العام، و أن قلنا بصحتهما من الکافر أو جعلناهما من فعل الحاکم لا مجّاناً (لأنه تخسیر) و لا مع بذل العوض من الزکاة أو بیت المال لأنه حکم بلا دلیل (و فی البیع) و مطلق العقود المعاوضة علی العین أو الدفع لعوضها من الزکاة أو بیت المال فیکون لأهلها (نظر) ینشأ من التعارض علی نحو العموم من وجه بینما دل علی المنع من بیع أمهات الأولاد، و نقلهن إلی ملک الغیر و ما دل علی نقل مملوک الکافر إذا أسلم عن ملکه غیر أن الأخیر أقوی لاعتضاده بجمیع ما دل علی لزوم احترام المؤمن و الإیمان و تعظیمهما و بما دلّ من الکتاب علی نفی السبیل علی المؤمن مع ما فیه من الإشعار بأنه عقلی لا یقبل التخصیص و لظهور نقل الإجماع فیه من" المبسوط" و جعله فی" المختلف" مما یقتضیه أصول مذهبنا و أن لم یعتمد علیه و لأن المتیقن من القسم الأول منع الملاک لا الحکّام لحکمة خاصة عن ذلک علی أنه لا یقال فی الأحکام ذلک العام لدخول التخصیص فی أفراده دونه فإنه لا تخصیص إلا فی أحواله و الأصل لضعفه لا یصلح مرجحاً (فإن منعناه) و قدمنا حکم أمهات الأولاد حیل بینه و بینها و بقیت فی یده امرأة مطلقا أو بشرط التدین أو رجل متدین مجبورا علی الإنفاق علیها منتفعا من کسبها حتی یموت المالک أو ولده فیرجع حکم أمهات الأولاد کما فی" الخلاف" أو (استکسبت بعد الحیلولة بید الغیر) فتصل إلیها فوائدها و یصل إلیها نفقته کما هو مستحسن" التذکرة" و محتمل

ص: 159

" نهایة الأحکام" و احتمال استسعائها فی فک رقبتها فإذا استوفت قیمتها تحررت کما فی" المختلف" و مکاتبتها مع بقائها فی یده و عدمه لتؤدی ما علیها و یعتق و یدفع القیمة من بیت المال إن أمکن و إلا بیعت و دفعها من بیت المال کذلک و إلا عتقت خال عن المأخذ (و لو امتنع الکافر من البیع) و نحوه (حیث یؤمر) من الحاکم أو من قام مقامه (باع الحاکم) أو القائم مقامه، و لو عدول المسلمین أو نقله بناقل آخر (بثمن المثل فإن لم یجد راغباً) من الأصل أو وجد من یبذل أقل من ثمن المثل (صبر حتی یوجد فتثبت الحیلولة) دفع لصورة السبیل (و لو مات) مالک المسلم (قبل بیعه فإن ورثه الکافر فحکمه کالموروث) یجری فیه ما سبق (و إلا استقر ملکه) لزوال المانع.

بیع الطفل بإسلام أبیه الحر، أو العبد لغیر مالکه

(و هل یباع) أو ینقل (الطفل) أو المجنون (بإسلام أبیه الحر) و أمه الحرّة نسباً ارتدّا بعد تکونه أولًا (أو) أبیه (العبد) أو أمه الأَمة (لغیر مالکه) فلا یکون لمالکه سلطان علی المسلم من أبویه؟ (إشکال) ینشأ من التبعیة فی الإسلام للأبوین الثابتة بالإجماع محصلا و منقولا و السیرة و لزوم الحرج بدونه و الحدیث المستفیض ( (کل مولود یولد علی الفطرة حتی یکون أبواه هما اللذان یهودانه و ینصرانه)) فیلحقه حکم الإسلام و بنی علیه جماعة من الأصحاب و من أن الأصل بقاء الملک و عدم جواز قهر المالک علی بیع ماله و من کونها تجارة لا عن تراض مع الشکّ فی دخول مَن دخل فی الإسلام تبعاً تحت أدلة المنع و من أن علقة الملک أقوی من علقة النسب إلا مع الاجتماع فی ید واحدة و بنی علیه جمع

ص: 160

آخر أیضا و قوة الأول غیر خفیة لأن ذلک من أظهر أحکام التبعیة و الشرف المانع ثابت هنا، و لو لا ذلک لأجزنا تملک الکفار لأولاد المسلمین، و جوّزنا سلطانهم علیهم، و هو خلاف البدیهة و لو کانا فی ید المولی حکم ببیعهما و بیعه من غیر إشکال (و إسلام الجد) القریب أو الجدة (أقوی اشکالًا) من إشکال إسلام الأبوین للشک فی دخولهما تحت إطلاق اسمها فیشک فی ثبوت الحکم فیهما و مع حیاة الأبوین أعظم إشکالا لضعف سلطان الجدین مع وجودهما و من قوة شرف الإسلام و أنه یعلو و لا یعلی علیه، و إن الجد یتولی أمر الأولاد و یتسلط علیهم بتسلط الآباء، و أن الظاهر من التتبع أن کل حکم یجری علی الأبوین یجری علی الأجداد کما أن ما یجری علی جد الأولاد یجری علی أولاد الأولاد إلا ما خرج بالدلیل و بإسلام البعید من الأجداد یزداد قوة الإشکال، و هل یلحق إسلام السابی بإسلام أحدهما فیقهر علی بیعه لو ارتد وجهان و هل یجری حکم الإسلام فی المعذور کوقت النظر أو لبعده عن محل المعرفة و نحوه الظاهر لا (و لیس) یباح للمملوک آخر أیضا و قوة الأول غیر خفیة لأن ذلک من أظهر أحکام التبعیة و الشرف المانع ثابت هنا، و لو لا ذلک لأجزنا تملک الکفار لأولاد المسلمین، و جوّزنا سلطانهم علیهم، و هو خلاف البدیهة و لو کانا فی ید المولی حکم ببیعهما و بیعه من غیر إشکال (و إسلام الجد) القریب أو الجدة (أقوی إشکالًا) من إشکال إسلام الأبوین للشک فی دخولهما تحت إطلاق اسمها فیشک فی ثبوت الحکم فیهما و مع حیاة الأبوین أعظم إشکالا لضعف سلطان الجدین مع وجودهما و من قوة شرف الإسلام و أنه یعلو و لا یعلی علیه، و إن الجد یتولی أمر الأولاد و یتسلط علیهم بتسلط الآباء، و أن الظاهر من التتبع أن کل حکم یجری علی الأبوین یجری علی الأجداد کما أن ما یجری علی جد الأولاد یجری علی أولاد الأولاد إلا ما خرج بالدلیل و بإسلام البعید من الأجداد یزداد قوة الإشکال، و هل یلحق إسلام السابی بإسلام أحدهما فیقهر علی بیعه لو ارتد وجهان و هل یجری حکم الإسلام فی المعذور کوقت النظر أو لبعده عن محل المعرفة و نحوه الظاهر لا (و لیس) یباح (لمملوک أن یبیع أو أن یشتری) أو ینقل بشی ء من النواقل شیئاً من مال المولی أو غیره (إلا بإذن مولاه) و مجرد العبودیة لا یستلزمها و مع عدمها یکون فضولیاً عاصیاً فی مال المولی و فی غیر مال المولی یصح مع إذن المالک و کذا بدونها و إن کان معصیة و یکون فضولًا بدونها (فإن و کلّه غیره فی شراء نفسه) له أو تملکها بوجه من وجوه التملک (من مولاه) أو ولیّه مباشرة لیضمن الإذن أو وکیله مع سبق الإذن له (صح علی رأی) قویّ و مقتضی ذلک البطلان مع عدم الإذن و الأقوی الصحّة- و إن کان عاصیاً- و الأنسب بالتفریع علی الأول کونه لا عن إذن لکنه فرع علی المفهوم و الاستناد فی المنع إلی

ص: 161

إن ما یصدر منه صادر عن المولی فیکون المولی بائعاً لنفسه مشتریاً لها فیه ما لا یخفی فإن الجهة مختلفة حتی لو اشتری نفسه لموکله من غیر المولی فضولًا دخل فی حکم الفضولی من جانب و لو اشتری نفسه من غیر مولاه فضولًا لآخر فضولًا دخلَ فی الفضولی أیضاً من الجانبین. (و یشترط) فی لزوم البیع و نحوه أو صحته مع عدم تعقّبه بالإجازة (کون البائع) و کل متصرف (مالکاً أو ولیاً عنه کالأب و الجدّ له) أی للأب من طرف الأب (و الحاکم و أمینه و الوصی) له أو لأحد الأبوین المذکورین (أو وکیلًا) للمالک أو لوکیله أو ولیه أو مأذوناً عنهم أو محتسباً من عدول المسلمین أو من غیرهم مع فقدهم أو مقاصاً أو میتاً یخشی من البقاء التلف أو مرتهناً لم یتمکن من الاستیفاء مشترطاً للوکالة أو لا علی وجه أو متولیاً للصدقة فی مجهول المالک أو اللقطة أو التملک فی القطعة و نحوها بشرط عدم المانع فیما لهم فیه الوکالة و الولایة و الأب و الجد مقدمان علی الوصی و هو علی الحاکم، و الحاکم و أمینه علی العدل المحتسب و العدل علی غیره ثمّ الأقوی اعتماداً علی غیره و فی تقدیم الأب علی الجد و الجد علیه أو تساویهما مطلقاً و مع الاقتران یبطل العقدان و یشترط عدم التعارض أما معه فیقدم الأب أو الجد وجوه أقواهما الأخیر جمعا بین ما دلّ علی الاشتراک فی الولایة و بین ما دلّ علی تقدیم الجد مع التعارض فی النکاح مستنداً إلی قول النبی (ص) لمن سأله عن ذلک ( (أنت و مالک من أبیک)) و نحوه ما یقرب منه و لما دلّ علی أن ولی النکاح ولیّ المال مضافاً إلی أن العمدة فی إثبات ولایة الجد أخبار النکاح و أکثر القدماء اقتصروا فی بیان ولایة الجد علیه فیفهم منه أن ولایة المال علی نحو ولایته و قد یرجع فیه إلی طریق الأولویة و قوّة ولایة الأب فی

ص: 162

غیر النکاح و المال مقصورة علی محلها و آیة أولی الأرحام مخصوصة أو محمولة علی أن من أسباب الأولویة القدم أو الولایة علی الولی، و لو فی بعض الأحیان ثمّ العالی من الأجداد أولی من السافل و مراتب الأوصیاء علی نحو مراتب الآباء و الأصل فی الحکم الکتاب و السنّة و الإجماع

بیع الفضولی

(فبیع الفضولی) الخالی عن السلطان کسائر عقوده و ما یتبعها من قبض و نحوه (موقوف علی الإجازة) ممن له السلطان علیها سبق النهی أو لا، و قد یقال بالاکتفاء بحصول المصلحة الباعثة علی حصول الإجازة الإلهیة فی متعلق النیابة الشرعیة و إن لم ینبه له علیه الکتب الفقهیة فإذا حصلت صحّ (علی رأی) قوی هو قول الأکثر فی روایة، و أشهر القولین فی أخری، و المشهور مقتصراً علیه فی ثالثة، و بإضافة بل کاد أن یکون إجماعاً فی رابعة و الأشهر بین المتأخرین فی خامسة، و فی مواضع من" التذکرة" بلفظ عندنا و فی مقام آخر عند علمائنا الظاهر فی نقل الإجماع استناداً إلی السیرة المأنوسة و الطریقة المألوفة من تصرف الوکلاء و المأذونین و لا سیما مع کثرة المال و اتساع الحال فی غیر الوجه الذی تعلق به الإذن ثمّ أخبار الموکلین و طلب الإجازة منهم و کذا الأحباء و الأصدقاء و لا سیما مع بعد البلاد و هی عادة معروفة لا تنکر و بذلک یظهر اندراجه تحت العمومات فی العقود و الإیقاعات و أنواعها و فی إطلاقاتها لما ظهر من أنه العقود الشائعة المتعارفة، و إنما خرج ما لم یتعقب الإجازة فالإجماع و البدیهة ثمّ من المعلوم أنه لا یراد بالعقود المأمور بالوفاء بها فی الکتاب و السنّة العقود الصادرة عن مباشرة الملّاک

ص: 163

و إلا لم یدخل عقد ولی بل و لا وکیل بل المراد اللائی یرتضونها و هم أولیائهم، و یستوی فیه الرضا السابق بالتوکیل أو المقارن أو المتعقب بالإجازة و به یتضح معنی قوله تعالی إِلّٰا أَنْ تَکُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ مِنْکُمْ و لیس معنی التجارة مجرد العقد، و فیما دلّ علی حکم صحّة فضولی النکاح من إجماع و أخبار معتبرة فی نفسها منجبرة بشهرة تشبه الإجماع أبْیَن شاهد علی ثبوتها فی باقی العقود لأن أمر الفروج أشد من غیره و لأنه علم بذلک أن الفضولی قسم من العقود مشمولٌ لعموماتها و لجواز جعل البیع و الإجازة و نحوهما صداقاً أو داخلة فیه فیعمّها الفضولی، و کذا الأخبار الواردة فی اقتراض مال الصبی مع عدم الإذن الشرعی لیتجر به الدالة علی أن الربح للصبی و تطبیقها علی القواعد باشتراط الإجازة ممن له أهلیتها أو علی إغناء الموافقة للمصلحة الشرعیة عنها أولی من طرحها أو الجمود علیها فی مخالف القاعدة و فی أخبار الخمس من تحلیل المناکح و المساکن و خصوص ما صرح فیه منها بالشراء من مال الخمس من الجواری و إجازة الإمام لأهل الحق فی ذلک ما یرشد إلیه و إن احتملت وجهاً آخر و فی إجازة السید عقد العبد أو الوارث للوصیة بما زاد علی الثلث إشعارٌ بذلک، و کذا الأخبار الدالة علی التصدق بمجهول المالک عنه فإن جاء أو أمضی الصدقة مضت و إلّا غرم المتصدق و الثواب له لا یخلو من ظهور فی ذلک، و لحدیث بیع عقیل دار النبی (ص) بمکة من دون إذن فلما أخبره أجازه، و لحدیث عروة البارقی الذی أغنت مشهوریته و استفاضته عند الفریقین عن النظر فی سنده من أن النبی (ص) أمره بشراء شاة بدینار فاشتری به شاتین ثمّ باع أحدهما بدینار فأتی به و بالشاة إلیه فأجازه و بارک له فی صفقة

ص: 164

یمینه و شراء الشاتین بعد الأمر بشراء شاة واحدة و إن لم یصلح شاهداً علی ما نحن فیه لأنه داخل فی الإذن بالأولویة القطعیة لکن بیعه لأحدهما من غیر إذن مع تعقب الإجازة له مغنٍ فی الحجّیة وردها باستبعاد تصرفه من غیر إذن و مع الإذن تجی ء الوکالة و بعدم العموم فی حکایات الأفعال و بما کانت فی البیّن عبارة تفید الوکالة العامة و لم تنقل إلینا و بأن الفحوی مجزیة فی الوکالة و الظاهر حصولها و بأنها ربما کانت إباحة من الجانبین لا تملیک فیها و لفظ الصفقة لا ینافیها و بأن العبارة دلّت علی إرادة الشاة الواحدة و المأتی به مما یتوقف علیه الواجب فیکون مستفاداً من اللفظ و بأنه محتمل أنه طلب الإذن فی البیع بعد الشراء و لم ینقل إلینا مردود بأنه خلاف الظاهر و خلاف ما فهمه الفقهاء فلا ینفی الحجیّة، و لروایة مسمع بن أبی صیاد عن الصادق (ع) فی رجل استودع رجلا مالًا فجحد الودعی فاستربح به أربعة آلاف درهم الدالة علی أن الربح لصاحب المال، و الصحیحة عن الصادق (ع) أنه: لا یجوز لمن باع ثوباً أن یأخذ من المشتری بوضیعة فإن أخذه جهلًا فباعه بأکثر من ثمنه ردّ علی صاحبه الأول ما زاد، و ما للصحیحة فی بعض الطرق الحسنة فی غیرها من قضاء أمیر المؤمنین (ع) فی ولیدة باعها ابن سیّدها فی غیبة أبیه و ولدت من المشتری ولداً فلما رجع طلب بجاریته أنها تردّ و مع الولد إلیه فردت ثمّ أشار (ع) علی المشتری أن یقبض ولد المالک فقبضه فأجاز بیع الولیدة و ردّها مع ولدها و وجه الدلالة غیر خفی و القدح فیه باشتماله علی رد والد المشتری إلی مالکها الأول مع حریّته للشبهة و علی قبض ولد المالک و لیس مملوکاً و إنما علیه الغرامة و علی تأثیر الإجازة بعد الردّ و الفسخ و هو خلاف الإجماع مردود

ص: 165

بتنزیل الردّ لولد المشتری علی إرادة التقویم و التسلیم للحق و قبض البائع لتأدیته ما لزمه من الغرامة و علی أن المنع من المالک صوری لا حقیقی فالاستدلال بالخبر علی حاله و لا حاجة إلی تنزیله علی الأمور المغیبة التی لا یعرف وجهها و لا علی المخیّلة فی استنقاذ الحقوق، کما لا یخفی علی الناظر بعد إمعان النظر إلی الأدلّة یعلم أن منها ما یقضی بصحة الفضولی فی جمیع العقود و الإیقاعات و ما یتبعها مما شُرط فیه القربة أو لا إلا ما دلّ الدلیل علی خلافه. و منها ما دلّ علی البیع و النکاح و ما نقل فی" الروضة" من أنه لا قائل بالاختصاص بهما یثبت فی باقی العقود. و منها ما یعمّ تصرفه لنفسه کالغاصب أو یقصد المالک و منها ما دلّ فیها علی جوازه فی الغاصب فضلًا عن غیره کما فی خبر الولیدة و غیره، و أما القول بالفساد مع الإجازة فهو قول نادر، و من زعم کثرة القائل به مستنداً إلی اشتراطهم الملک فی صحة العقود فهو اشتباه منه لأن مثل ذلک یجری علی لسان کل من الفریقین، و مرادهم أن حصول الأثر موقوف علیه لم أعرف فیه قائلًا محققاً من القدماء سوی من ادعی الإجماع فیه و تبعه ابن إدریس و أنی لهما بإثباته، و کیف یمکن العمل بروایتهما له بعد اتفاق الفقهاء متقدمیهم و متأخریهم سوی من شذّ منهم علی خلافه؟ فالاستناد إلی الإجماع لا وجه له و کذا الاستناد إلی الأخبار المنقولة عند العامة و الخاصة من أنه لا بیع إلا فی ملک أو فیما یملک بالبناء للفاعل أو للمفعول لأنا قائلون بمضمونها سواء أُرید ما قابل الحر أو الوقف العام و نحوهما أو ملک البائع لأن المراد أن صحة البیع موقوفة علی رضاء المالک و لا عبرة بإجازة غیره لا أن صورة البیع لا تقع إلّا من المالک و إلا لم یصح العقد من ولی أو وکیل إذ ملک التصرف غیر

ص: 166

مفهوم، و أضعف منه الاستناد إلی آیة تجارة عن تراض؛ لأن التجارة لا تتم إلا بالنقل و الانتقال و هما ناشئان عن التراضی و إن تأخر عنهما، و مثل ذلک کثیر فی أبواب النکاح و لا بحث فی جریان الفضولی فیه، و أضعف منهما الاستناد إلی توجّه النهی إلی العقد فیترتب الفساد لمنع المقدمتین فی غیر الفضولی الغاصب و إدخاله فی التصرف بمال الغیر فی محل المنع، و أما عقد الغاصب فبعد تسلیم تحریمه یمنع الفساد فیه لعدم تعلقه بالطبیعة و عدم تعلق صورة النهی بالمعاملة لیحصل الاقتضاء اللفظی فالکبری بعد تسلیم الصغری فیه فی محل المنع و أضعف منها الاستناد إلی أنه لا قدرة علی التسلیم فیه و هی شرط لمنع الشرطیة فی العاقد و إلا بطل عقد أکثر الوکلاء، و أما فی المالک فمسلّمة و هی حاصلة، و أضعف منهنّ إیراد لزوم الخلو عن القصد المشروط فی العقد. و فیه أنه إذا جعل الشرط قصد النقل الشرعی فمُسلَّم لکنه فی محل المنع و إن أرید العرفی فهو حاصل، ثمّ مع الاکتفاء بالقصد و لو مع التردد یندفع الإشکال علی أن الاکتفاء بالقصد اللاحق غیر بعید و أضعف من الجمیع الرجوع إلی الأصل بعد الشک فی دلالة أدلّة الصحّة لأنا بینا قوّة الأدلّة علی وجه لا یمکن ردّها.

حکم المالک ما لو ترتبت العقود علی العین المغصوبة

(و کذا الغاصب) قاصداً لنفسه أو للمالک أو لهما معاً علی وجه الإشاعة أو التوزیع لما تقدم من الأدلّة الدالة علیه علی العموم و الخصوص و لیس تعیین المالک من مقدمات العقد مع انحصار وجه الصحّة حتی یتباین قصد العاقد و قصد المجیز و لو أجازه مع القصد لنفسه علی نحو ما قصد احتمل رجوعه إلی هبة و بیع معاً کقوله: اشتر بمالی لنفسک کذا. و أما مع

ص: 167

قصد الغاصب تملیک نفسه ثمّ البیع فلا بحث فی رجوعه إلی ذلک و لو باع المالک عن غیره فأجاز صحّ البیع عن المجیز و فی جری الفضولی فیما جرت فیه الوکالة من العبادات کالأخماس و الزکاة و أداء النذور و الوقوف و الصدقات و نحوها مِن مال مَن وجبت علیه أو من ماله و فیما قام من الأفعال مقام العقود و کذا الإیقاعات مما لم یقم الإجماع علی المنع فیها وجهان أقواهما الجواز و یقوی جریانه فی الإجازة و إجازة الإجازة و هکذا، و یتفرع علیها أحکام لا تخفی علی ذوی الأفهام (و إن کثرت تصرفاته) فی العوض و (فی الثمن) و نحوه (بأن یبیع الغصب) مثلًا (و یتصرف فی ثمنه) و ثمن ثمنه و هکذا (مرّة بعد أخری) أو فی المثمن بأن یشتری بالغصب مثلًا و یتصرف بمثمنه و مثمن و مثمنه و هکذا أو فیهما أو ملفقاً (و للمالک تتبع العقود و رعایة مصلحته) قیمة ما شاء منها و إن کانت متعاقبة علی عین واحدة ثمناً أو مثمناً أو مختلفاً فإجازة العالی تقضی بصحة السافل للإجازة بل لوقوع العقد فی محلها بعد خروج العین عن أهلها هذا علی القول بالکشف و علی النقل یحتمل وجوهاً ثلاثة:-

أحدها البطلان فی الأسافل لعدم مصادفتها الملک.

و ثانیها القول بالصحّة نظراً إلی حدوث الملک بحکم الإجارة.

و ثالثها التوقف علی الإجازة، و لعل الأوسط أوسط، و أما إجازة السافل فلا تقضی بصحّة العالی إذ لا ربط بینهما بل المتوسط من العقود حاشیتاه غیر خارجتین عن القسمین و غیر المتعاقبة علی المحل الواحد إجازة العالی منها لا تقضی بإجازة السافل لأن العوض صار ملکاً للمجیر فلا ینتقل عنه إلا بإجازة أخری و إجازة السافل تقضی بإجازة السافل تبعاً علی نحو حکم المقدمة فمع الاکتفاء بمطلق الرضا أو القول

ص: 168

بأن حکم المقدمة مستفاد من اللفظ فلا إشکال، و من أراد استیفاء الأقسام لیتدرب فی معرفة الأحکام فلیعلم أن العقد و العاقد و المتعلق و الجهة کالعوض و مقابلها إمّا واحد أو متعدد أو مختلف، ثمّ العقود المتعددة إمّا مجتمعة أو مترتبة، معلومة التأریخ فی الجمیع أو فی البعض أو لا، موافقة فی الاقتضاء شطوراً أو شروطاً أو قیوداً أو مختلفة، ثمّ العاقد إمّا أن یعقد لنفسه أو للمالک أو لغیرهما أو للمرکب منهم، ثمّ الإجازة أما متحدة أو متعددة أو مختلفة من متحد أو متعدد أو مختلف، مترتبة أو دفعیة أو مختلفة، معلومة التأریخ فی الکل أو البعض أو لا، متعلقة بالجمیع أو البعض المتعدد أو المتحد، شخصیاً أو کلیاً أو مردداً، مع الکشف أو النقل إلی غیر ذلک من الأقسام، و من أعطی النظر حقّه لم یخف علیه شی ء من الأحکام کلّ ذلک مع عدم المانع أما لو حصل المانع فی بعضها کبیع مسلم أو قرآن علی کافر لم تؤثر الإجازة فیه و لا فی توابعه (و مع علم المشتری) بالغصب و دفع الثمن إلی البائع و دفع المثمن إلی المشتری فی الدخول تحت مسألة الفضولی (إشکال) ینشأ من احتمال الملک فی الثمن أو المثمن بعد الدفع و الإعراض فلا یکون التصرف فیه إلا من تصرف الملّاک و لا یدخل فی الفضولی، و لا یکون للإجازة تأثیر و یقوی فی التعلق بالعین و احتمال عدمه لأن التسلیط لا یقتضی نقل الملک ما لم یکن ناقل شرعی، و فی الفرق بین البقاء و التلف، و بین القول بالکشف و النقل وجه أو من إن العقد یستدعی قصداً و لا قصد من العالم قصد المالک قام مقام قصد الفضولی أو الغاصب فی البیع و لیس للمشتری لنفسه من یقوم مقامه فلا یختص بحال دفع الثمن و یرجع إلی أصل الفضولی و الغاصب و من أن قصد النقل العرفی مجزٍ کما تقدم أو

ص: 169

من إنه یلزم فی الإجازة ملک المثمن بلا عوض علی القول بالنقل و هو مبنی علی الأول و أما الحمل علی إرادة الإضمار و یکون الحاصل إن فضولی الغاصب أو مطلقاً مع علم المشتری و جهله فیه إشکال فضعیف (و الأقرب اشتراط کون العقد له مجیز فی الحال) الذی أخذ فیه بالعقد مستمر إلی نهایته متعلقة بالإیجاب أو بالقبول أو بهما و فی اشتراط الاستمرار أو إلی زمان حصول شرط الملک أو إلی وقت الإجازة وجهان أقواهما الثبوت فی الأول دون الثانی و أن یکون مجیزاً بالأصالة من حاکم ممکن الظهور أو غیره لا بالاحتساب و قد یخص بغیر الحاکم مطلقاً فلا یقضی بأنه یحتاج إلی هذا الشرط علی القول بجواز الخلو عن المعصوم فیحتاج إلی قید الظهور، و قد یراد اشتراط إمکان الإجازة بوجود المصلحة حین العقد فلو حصلت بینه و بین الإجازة لم تؤثر، و بارتفاع المانع حینه فلو اشتری الفضولی عن کافر مسلماً أو مصحفاً ثمّ أسلم قبل الإجازة لم تؤثر أیضاً فیکون الحاصل أنه متی فقد شرط حین العقد ثمّ وجد أو وجد مانع حینه ثمّ ارتفع لم تؤثر الإجازة شیئاً، و فی الجمیع خصوصاً علی القول بالنقل بحث و الأوفق بالتفریع إرادة اشتراط کون المجیز له قابلیة الإجازة حین العقد فلو تجددت له القابلیة فلا أثر لها بالکلیة و فی الاکتفاء بکون الولی حین الإجازة منصوباً عن المتولی حین العقد وجه، و السرّ فی اشتراط المجیز بالمعنی الأول أن الإجازة مع وجوده تجعل العقد واقعاً فی محله و بدون ذلک یقع لغواً، و السرّ فیه علی الوجه الثانی إن المجیز لمّا کانت له القابلیة حین العقد أثرت إجازته فی صحته بخلاف غیره و علی کل حال (فلو باع مال الطفل) أو أجری علیه عقداً من العقود (فبلغ) أو مال المجنون فعقل و المحجور علیه فارتفع حجره، أو

ص: 170

الراهن ففکّ رهنه إلی غیر ذلک (و أجاز لم ینعقد) فی أقرب الوجهین (علی إشکال) ینشأ من الاقتصار علی المتیقن فیما خالف الأصل و هو الأقرب، و مجرد الاحتمال کاف فی حصول الإشکال أو من قضاء العمومات بالنفوذ و لو جعل کلاماً مستقلًا ارتفع التنافی بین الحکم و التردد (و کذا لو باع مال غیره) لنفسه أو مطلقاً بناء علی عدم تأثیر النیة حال غیره أو تصرف فیه (ثمّ ملکه و أجاز) للزوم اجتماع المالکین فی الوقت الواحد علی الکشف فلا نفوذ من غیر إشکال و التمثیل فی أصل عدم النفوذ و قد یقرر الإشکال علی القول بالنقل مطلقاً أو مع امتناع الکشف، أو علی مراعاة قابلیة المجیز حین العقد مع الغفلة عن الموانع الأخر و الأقوی عدم اشتراط وجود المجیز حین العقد و لا قابلیته للإجازة کذلک لقضاء عمومات الکتاب و السنّة بالعموم و شهادة ما دلّ علی جواز نکاح الفضولیین الصبیین ثمّ مات أحدهما و بقی الآخر حتی بلغ و أنه تمضی إجازته مع اعتبار بعض الشروط الأخر علی ذلک بطریق الأولویة. نعم لو جاء فساد من وجه آخر فلا کلام. و مما یلحق بهذه المسائل ما لو باع الفضولی حین کمال المالک ثمّ نقص بجنون و نحوه فتولّاه الفضولی أو غیره و أجاز و ما إذا صار الفضولی و غیره ولیاً لموت ولیّ آخر أو لبلوغ رتبة الاجتهاد أو وکیلًا عن مالک أو ولی تجدد سلطانهما أو أجر نفسه عبداً فصار حرّاً أو آجر مملوکاً فملّکه آخر و أجاز إلی غیر ذلک مما یتولی الإجازة فیه من لم یکن من أهلها سابقاً أو قریباً منه ما إذا عقد عن محرماً نکاحاً فأجازه محلًا أو باع عنه صیداً أو باع عن مسلم خمراً فأجازه مرتدّاً أو اشتری مصحفاً أو مسلماً عن کافر فأجازه مسلماً إلی غیر ذلک. و الأقرب المنع فی هذه الأقسام و کشف الحال إن عدم قابلیة

ص: 171

المجیز حین العقد إن کان النقص فی ذاته فلا مانع من صحّته و إن کان لأمرٍ متعلق بالعقد أو بمتعلقه فلا أثر للإجازة و اشتراط عدم سبق النهی فی صحة الإجازة فی محلّ المنع و کذا اشتراط المطابقة فی الکلّ و البعض. و أما فی الجنس و الکیف و نحوها فنعم (و فی وقت الانتقال) مع تمام الأسباب (إشکال) ینشأ من إن الإجازة إمضاء لمقتضی العقد و لیس سوی النقل حینه و إن مقتضی الإنشاء ذلک و أنه مقتضی العمومات الدالّة علیه و إن قوله (ص) لعروة: ( (بارک اللّه فی صفقة یمینک)) و انه ظاهر خبر الولیدة حیث لم یرجع السیّد علیه بعد الإمضاء بشی ء من أجرة خدمة و غیرها و أنه الموافق لحدیث إجازة الصبیّ البالغ بعد موت الآخر و علی النقل یستحیل لفوت المحل مضافاً إلی أنه الأشهر فی روایة و قول الأکثر فی أخری، و القول بالنقل مرویٌّ عن شاذ من الأصحاب و قلیل منهم من نسب إلیه التردد استناداً إلی الأصل و ظاهر الخبر و ضعیفان لا یغلبان قویاً و لیس فی تأخیر بعض الشروط غرابة لا فی عبادة و لا فی معاملة، و هل بناء القولین علی مقتضی الظاهر فیجوز الانصراف عن مقتضی کلّ منهما بعد وجود الصارف من قبل العاقد أو من خارج أو علی اللزوم فإذا تعذر أحدهما أو صرّح بخلافه بطلت؟ وجهان أقواهما الثانی، و لو تقدمت الإجازة علی القبض و نحوه من شروط الصحّة فلا کشف و لا نقل و إجازة القبض من حیث المعاملة إجازة للعقد دون العکس، و لیس للأصیل و لا للفضولی بعد الإجازة رجوع قبل إجازة الآخر فإذا أجاز صحّ العقد و إن سبق الردّ و محل الخلاف إجازة المالک دون إجازة الفضولی. (و یترتب) علی القولین حکم (النماء) الحاصل بین العقد و الإجازة فعلی الأول للثانی و علی الثانی للأول، و تظهر الثمرة

ص: 172

أیضاً فیما لو انسلخت قابلیة الملک عن أحدهما بموته قبل إجازة الآخر أو بعروض کفر بارتداد فطری أو غیره مع کون المبیع مسلماً أو مصحفاً إن لم نشترط فیها ما لم نشترط من الإسلام حین العقد أو قابلیة المنقول بتلفه و انقلابه إلی النجس أو عروض له مع میَعانه إلی غیر ذلک، و فی مقابله ما لو تجددت القابلیة قبل الإجازة بعد انعدامها حین العقد کما لو تجددت الثمرة أو بدا صلاحها بعد العقد قبل الإجازة و فیما لو قارن العقد فقد الشروط بقول مطلق ثمّ حصلت أو بالعکس و فی تعلق الخیارات و الشفعة و عدم صحّة التصرف من حین العقد و احتساب مبدأ أوقات الخیارات و معرفة مجلس الصرف و السلم و اشتراط بقاء القابلیة بعقل و رشد إلی حین الإجازة حیث نلحقها بالعقد الجدید إلی غیر ذلک و ترتب ما یتعلق بالعهود و النذور و الایمان غیر محتاج إلی الإیضاح و البیان. (و لو باع) أو نقل بأی ناقل کان (مال أبیه) أو بعض مورثه لنفسه غاصباً عالماً أو جاهلًا زاعماً إن للولد أن یبیع مال أبیه لنفسه فبان میّتاً فلا ریب فی صحّة العقد للمصادفة و عدم منافاة القصد و لو باعه أو نقله (بظنِّ الحیاة و أنه فضولی) قصد به تملیک مورثه (فبان میّتاً حینئذٍ و أنّ المبیع ملکه فالوجه الصحّة) عملًا بعمومات العقود لعدم المانع و المخصص. و النیّة لیست من المقومات فظهور خلافها غیر مخلّ حتی لو أجری العقد ناویاً غیره فضولًا فامتنع الأصیل ثمّ ظهر ملکه التزم الفضولی و فی ثبوت الخیار له وجهان، و احتمال البطلان کما ذکره بعضهم لمغایرة الأصل أو لزوم التردید مع التعلیق مردود بما مرّ ذکره، و کذا القول بتوقفه علی الإجازة إذ لا حاجة بها بعد المصادفة و مقتضی ذلک سرایة الحکم إلی عقد الولی و الوکیل مع جهلهما بملکیتهما فیصح نکاح من زوجت نفسها

ص: 173

فضولًا أو وکالة بزعم أنها أمة فظهرت حرّة، و من زوّج امرأة بزعم أنها حرّة أو أمة الغیر فظهرت أمته، و من زوّج أجنبیة صغیرة فظهرت بنته إلی غیر ذلک، و فی تعمیم الحکم حتی بالنسبة إلی الوکلاء و الأولیاء و بعد الإعلام بولایتهم و وکالتهم إشکال و لو انعکس الحال فزعم المُلک أو الولایة أو الوکالة فبان خلافها کان فضولیاً (و لا یکفی فی الإجازة السکوت) من حیث ذاته و لا من حیث إفادته فی غیر ما یثبت الوکالة به کسکوت البکر (مع العلم) فضلًا عن الجهل (و لا مع حضور العقد) فضلًا عن غیبته عنه، لأنه أعم من الرضا المعتبر فیها و العام لا یفید الخاص. نعم مع قیام القرینة یلزم اتباعها، و فی الصحیح أن سکوت المولی بعد علمه إجازةٌ لعقد المملوک، و وروده فی النکاح قد یبعث علی السرایة بطریق الأولیة أو بمفهوم الموافقة إلی غیره، و الأقوی عدم الاحتیاج إلی الصیغة ک (أَجَزْتُ) و نحوها أو ما قام مقامها من إشارة الأخرس و شبهها خلافاً لبعضهم إذ اللازم ما کان معتبراً فی حقّ المالک و حدیث ( (إنما یحلل الکلام و یحرّم الکلام)) ظاهر فی غیر الشروط و لو أجاز عن مولاه أو عن مالک أو ولیّ أو وکیل فضولًا أو وکالة معتقداً لغیره أو لنفسه فظهرت عن نفسه أو أجاز عن نفسه مع اعتقاد أنها لغیره أو لنفسه فظهرت لغیره جاء البحث السابق و لو بلغه عقد متعلق بالعین و آخر بالمنفعة مقترنان کبیع و إجارة فأجازهما دفعه صحّا و یخیر صاحب العین مع عدم العلم أو مع الترتیب و سبق الإجازة کذلک و بالعکس کذلک مع احتمال بطلانها هذا علی الکشف و علی النقل یراعی الترتیب و عدمه فی الإجازة دون العقد و لو تعدد البیع أو بعض العقود الأخر متعددین أو تضادت مطلقاً فحصلت الإجازة دفعة بطلت مترتبة أو لا، و علی

ص: 174

الکشف فی خصوص الاقتران یثبت البطلان و لو قال: أَجَزْت هذا فهذا أو ثمّ هذا کانت مترتبة و بالواو محتملة و لا فوریة فی الإجازة علی الأقوی و یشترط فیها الموافقة هو نفس العقد و فی جنس الثمن و المثمن و المکان و الزمان و الوضع و غیر ذلک علی القولین و فی القدر وجهان و لو تعددت العقود متجانسة فأجازها دفعة صحّ و فی اعتبار المجلس کلام و لو أجاز أحدهما مبهماً بطل و فی المطلق بحث و لو باع شیئین فضولًا عن شخصین جاز وقوع الإجازة من أخذ الطرفین و یقوم خیار التبعیض (و لو فسخ) المالک (العقد) و کانت العین باقیة فی ید المشتری بعد أن کانت فی ید البائع الفضولی بلفظ إفادة کفسخت أو رددت لا بالسکوت راضیاً أو مغضباً و لا بقول لا أجیز أو لم أُجِز إلا مع قضاء العرف و لا بغیرهما مما دلالة فیه علی إنشاء الفسخ بطل حکم العقد و لا تثمر الإجازة بعده للإجماع و لزوم الضرر بدونه فإن شاء رجع علی البائع لاستقرار یده و حیلولته فیلزمه بأخذها من المشتری وردها إلیه و بذل العوض للحجب مع توقف الرد علی مضی زمان طویل و لو توقف الرد علی بذل ما یزید علی المغصوب وجب ما لم یجحف و مع الإجحاف إشکال، فمتی ردّ استرد و لو ردّه المشتری إلی البائع بفسخ أو غیره بقی الخیار فی الرجوع إلیهما و لو لم تستقر ید الفضولی و کانت العین باقیة فی ید المشتری تعیّن الرجوع علیه دون الفضولی و إن استقر الضمان علیه مع الغرور و مع الامتناع یرجع إلی مثلها فی المثلی و قیمتها فی غیره علی نحو التلف و إن شاء (رجع علی المشتری بالعین و یرجع المشتری) مع الرجوع علیه بالعین و عدمه (علی البائع بما دفعه) إلیه (ثمناً) بعینه مع بقائه و مثله مثلیاً و قیمته قیمیاً علی الخلاف فی کیفیة ضمان القیمی مع

ص: 175

تلفه (و بما اغترمه) من مال لم یکن فی مقابلته نفع (من نفقة أو عوض عن أجرة) عمل أو منفعة مملوک أو حیوان لم یصل نفعها إلیه أو ما زاد منها علی مقدار النفع (أو نماء) تالف أو متلف من أجنبی حیث لا یرید الرجوع علیه أو منه أو أرش جنایة مملوک أو حیوان أو قیمة شجر أفسده القلع أو أجرة حفرٍ أو طمٍّ أو بناءِ جدار أو شقّ أنهار أو حفر آبار إلی غیر ذلک للإجماع محصلًا و منقولًا مع ما سیجی ء مما یدل علی حکم ذی النفع و فی النفقة و الأجرة و ضروب الغرامة زائداً علی المعتاد مستندة إلی تقصیره و بذل ما یستحب فی تلک المعاملة و اللوازم البعیدة إشکال و مع إبراء المالک و دفع التبرع وجهان، و یرجع بعوض عمله الجاری علی جادّة الملاک، و فی الأعمال المسنونة من عبادات و غیرها و عمل المتبرع و الزائد علی المعتاد و التوابع البعیدة یقوی الإشکال و أما ما حصل فی مقابلته نفع کاستیفاء منفعة أو بضع أو سکنی دار أو رکوب دابة أو الانتفاع بنماء و نحوها فکذلک علی الأقوی لإقدامه علیه مجاناً بغیر عوض فیدخل تحت الغرر و الضرر و العدوی و قضیة العدل تقضی به و فی خبر جمیل دلالة علیه فیقوی المیل إلیه و إنما یرجع المشتری (مع جهله) مع علم البائع و جهله (أو ادعاء البائع إذن المالک) أو الولیّ أو الولایة علی المالک أو الوکالة عنه أو ظهور ما یفید سلطانه کتصرفه المؤذن بوکالته و نحوه حتی یکون معذوراً مضروراً من قبله، و لو غرّه أحد الشریکین ضمن قدر حصته و لو اشترکا فی الغرور بأن کان کل منهما جزء سبب اشترکا فی الضمان و لو کان کل منهما سبباً تامّاً فکذلک کما لو تعدد العاقدون بدعوی الأصالة أو الولایة أو الوکالة أو علی الاختلاف لتعدد الوکلاء عن المشتری و یحتمل التخییر بینه و بین التغریم و التخصیص لا یهم شاء

ص: 176

(و إن لم یکن) مغروراً (کذلک) بل قادماً علی أنّه مال الغیر و لا إذن فیه و إن کان غیر من هو له و لو قدم أنه مال مورثه أو من هو ولیّ علیه فظهر خلافه قام احتمال الغرور (لم یرجع بما اغترمه) مما فی مقابله نفع أو لا (و لا بالثمن مع علم الغصب) من دون اشتراط الخیار و الرجوع علیه بالثمن مع رجوع المالک أو إبقائه مدّة یقع التلف فیها إجماعاً محصلًا و منقولًا و لأنه سلّطه علی ماله مجّاناً و لدخوله فی شبه الإعراض، و الهبة الخالیة عن الأعواض، و هتک حرمته بالإذن فی إتلافه و إن کان البائع فی أخذه غاصباً إذ لا ملازمة بین الحرمة الإلهیة و المالکیة و لا یجری مثله فی البیع الفاسد و نحوه لأن کلًا منهما قدم علی أخذ العوض من صاحبه و یرجع مع التلف إلی ثمن المثل و إن زاد علی المسمّی لیتحقق مسمّی الإقدام علی الضمان فی الجملة، و لو باعه المغصوب و دفع عوضه من ماله فهل المدار علی مقتضی العقد أو مقتضی الإقباض وجهان أقواهما الضمان اعتباراً بحال الإقباض، و هل یرتفع الضمان عن الثمن بمجرد قبض البائع له أو شرط تقبیض المبیع إلی المشتری؟ وجهان (إلا أن یکون الثمن باقیاً) فی ید البائع أو غیره أو تالفاً فی ید غیره علی وجه یتعقّبه استقرار الضمان علیه (فالأقوی الرجوع به) علی البائع فی الأول و غیره فی الثانی لأنه مال محترم دفع فی مقابل ما لا یصلح للمقابلة فیبقی علی حاله و لم تکن تجارة عن تراضٍ و لا هبة مملکة و لا عن إعراض لأنه لم یرفع یده إلا فی مقابلة شی ء و لا غیرها من المملکات و لم یحصل تلف بتسلیط المالک حتی یُذهِب حرمة المال و لا قام إجماع تسکن النفس إلیه کما فی التلف؛ لذهاب جمع من الفحول إلی وجوب الردّ و إن ظهر عن بعضهم نقله فیکون الأصل محکماً. ثمّ لو قلنا به کان الأمر دائراً بین وجود ملکیة

ص: 177

البائع مع التحریم علیه أو مع عدمه و بقائه علی ملک صاحبه و لا یجب ردّه أو یجب و لیس له المطالبة به و یلزم قصره علی خصوص الغصب کما فی هذا المقام و أمثاله دون البیع الفاسد و نحوه ما لم یرجع إلیه أخذاً بالمتیقن، و یجری الحکم فی الأبعاض و النماء و جمیع ما بقی من توابع الملک، و یقوی تسریة الحکم فی المقامین إلی کل ما دُفع من غیر مقابل أو بمقابل غیر قابل و لو شرط علیه الضمان مع عدم الإجازة ضمن فی المقامین أیضاً (و لا یبطل رجوع المشتری الجاهل بادعاء الملکیة للبائع) المقتضی بظاهره عدم ظلمه و غروره (لأنّه بنی) فی ادعائه (علی الظاهر) المستند إلی الید و التصرف من دون مُعارض علی أصحّ القولین و یشکل الحال فی ادعائه بعد ظهور الخصم قبل قیام بینته أما لو ادعی ذلک بعد قیامها و لو قبل حکم الحاکم فلا رجوع له علی الأقوی و بعد التأویل یقضی بإلزامه بإقراره و حال المشتری فضولًا فی المثمن کحال البائع و حال النقل بغیر البیع من وجوه المعاوضات کحال البیع (و لو تلفت العین فی ید المشتری) أو بعض منها أو نمائها کلّا أو بعضاً (کان للمالک الرجوع علی من شاء منهما) فی القیمی (بالقیمة) و إن زادت بالقبض علی إشکال سوقیة کانت أو عینیة و لو حصلت بفعل الغاصب إلی التلف أو إلی التسلیم کما علیه جماعة و نسبه بعضهم إلی علمائنا و آخر جعله الأشهر استناداً بعد ظهور الإجماع مما سبق إلی طریق الاحتیاط بعد یقین شغل الذمّة و إلی إن الغاصب یؤخذ بأشقّ الأحوال بمقتضی الحکمة و إلی أنّه مخاطب بجمیع أحواله بدفع العین أو القیمة فجمیع القیَم تعلق بها الخطاب، فلا بد من قیمة تأتی علی الجمیع و إلی صحیحة أبی ولّاد الآتیة أو بقیمة یوم الغصب کما علیه طائفة أخری و نسب إلی الأکثر استناداً إلی

ص: 178

أنه زمان تعلق الخطاب بها مرتباً و الأصل بقائها علی تلک الحال إلی زمان الأداء و إلی صحیحة أبی ولّاد أیضاً أو بقیمة یوم التلف و قیل أنه الأشهر و نسب أیضاً إلی الأکثر استناداً إلی إن الرجوع إلی العوض إنما استقر به و قبله لم یجب سوی ردّ العین و هو الذی تقتضیه القواعد الشرعیة، و الذی یعوّل علیه فی الفتوی و دعوی الإجماع علی أعلی القیم کدعوی قضاء الأصل لمراعاة یوم القبض فی محل المنع، و أما صحیحة أبی ولّاد فمحصلها: ( (إنّ رجلًا استأجر بغلًا إلی قصر ابن هبیرة ثمّ خالف و تعدّی إلی بغداد و سأل الصادق (ع): أنه لو تلف البغل ما یلزمنی؟ فقال (ع): قیمة البغل یوم خالفته، ثمّ سأله: فإن أصاب البغل کسراً أو دبراً أو غمزاً؟ فقال (ع): علیک قیمة ما بین الصحّة و العیب یوم تردّه علیه، ثمّ سأله عن مقدار ما یلزمه من القیمة فقال (ع) فی جملة ما قال: یأتی صاحب البغل بشهود یشهدون أن قیمة البغل حین أکری کذا و کذا فیلزمک))، و أنت خبیر بأن لفظ (الیوم) فی الأول إن جُعِل ظرفاً للوجوب أو جُعلت الظرفیة للسببیة فلا دلالة لها علی شی ء، و إن علق بالقیمة أفاد قیمة یوم الغصب و هو أوسع دائرة من حین القبض أن ینزل علیه و فی الثانی أن علق بالوجوب فلا دلالة فیه کالأول و إن علق بالقیمة أفاد قیمة یوم الردّ فلا صراحة فیه فی المقامین فی خصوص شی ء مع أن فهم التعلیل غیر بعید، و دعوی أن الجمع بین العبارتین مع التعلق بالقیمة یفید أعلی القیّم لا تُسمع. و أصالة بقاء الشغل معارضة بأصالة البراءة مع إن هذا الأصل من أصله لا أصل له. نعم لا شکّ فی اعتبار أعلی القیَم فیما لو کان النقص بسبب العین لا لاختلاف السوق لقضاء الأصل العقلی و الشرعی بذلک، ثمّ فی الفقرة

ص: 179

الأخیرة ما یقتضی التقویم فی ابتداء الأمانة و لا قائل به و هو شاهد علی أنه لا یراد بالفقرتین الأُوْلیَیْن تعیین وقت التقویم. و بقیت وجوه أُخر تقدم ذکرها و لا معوّل علیها فلا ینبغی إطالة البحث فیها، و یردّ علیها احتمال اعتبار أقل القیَم و احتمال التفاوت بین التلف حقیقة و بین التعذر مع بقاء العین فیؤخذ فی الثانی بأعلی القیَم من حین التعذر إلی زمان الاستیفاء بل ربما یقال بالرجوع بما یکون فی المستقبل أیضاً و یقوی ذلک فی الحجب هذا کلّه (إن لم یجز البیع) فإن أجازه مطلقاً فما لا یشترط فیه القبض أو بعد القبض فیما یشترط فیه سقط الضمان عن البائع إذا دخل فی ضمان المشتری و اختص به و یحتمل تضمین الغاصب حیث یرجع إلی المالک فی بعض الوجوه فلا یرفع الضمان سوی رجوعه أو وصول عوضه مع رفع الید عنه فی موضع أمن إلی مالکه للأصل و استناد التلف إلیه و قد یفرق بین إجازة الإقباض و خلافها و یرجع هو إلی من کانت فی یده و ما تقدم کلّه فی ما إذا کان قیمیاً و لو کان مثلیاً و تعذر المثل قامت احتمالات کثیرة سبق الکلام فیها أقواها قیمة وقت الدفع إذ به فراغ الذمّة من المثل و یحتمل جریان ما ذکر فی القیمی من الاحتمالین الأخیرین فإن رجع المالک علی البائع مثلًا و قد قبض الثمن بقیمة المبیع لتلفه أو تعذره علی المشتری إن کان قیمیاً و بمثله إن کان مثلیاً فلیس للبائع الرجوع علی المشتری بما له فی یده من الثمن لعدم انحصار طریق الوفاء إلا مقاصّة مع امتناعه و له الرجوع بمساوی المدفوع و الناقص عنه مع مماثلته مع المبیع أو وحدة الثمن إذا کان المبیع قیمیاً فلو تعدد النقد فالخیار إلیه فی دفع أی نقد شاء و إن کان المدفوع قیمیاً رجع بقیمته مع نقصها لا بقیمة المبیع علی الأقوی و لا رجوع له بالزائد مطلقاً

ص: 180

و احتمال الرجوع هنا أضعف منه فیما سیأتی (فإن رجع) المالک (علی المشتری الجاهل) کما هو الفرض (ففی رجوعه علی البائع بالزیادة علی الثمن) فلا رجوع له علی من المثمن فی ید البائع إلا مقاصّة مع الامتناع و له الرجوع علیه بمثل المبیع إن کان مثلیاً و قیمته إن کان قیمیاً و لا رجوع للمشتری حینئذٍ بما ساوی الثمن أو قبل الجنس المدفوع بعد ردّه المسمّی إلیه أو بالقیمة کلّها لو کان المدفوع عرضاً و لو نقصت قیمة التی غرّمها للمالک (إشکال) ینشأ من أنه عقد بنی علی الضمان لا علی المجان فلا رجوع له بغرامة سوی ما ضمانه علیه و هو الثمن کما علیه بعض و من أنه قدم علی ضمان قدر الثمن و جنسه فالزیادة کانت له مجاناً و قدم علی ذلک فهو مغرور بها فیرجع علی من غرّه کما ذهب إلیه قوم آخرون و هو أنسب بقضیة العدول لو تقرر بینهما فرض ظهور مالک یغرمه الزیادة فلا رجوع للمشتری لإقدامه علی ذلک و مع التعذر علی المشتری و حصول التمکن له من العین یجوز بل یجب أن یردّ العین إلی المالک لا إلی البائع و یرجع علی البائع بما دفعه إلیه و یرجع البائع علی المالک بما دفعه إلیه.

بیع ملکه و ملک غیره صفقة

(و لو باع) أو نقل بأی ناقل کان (ملکه) للتسلط علیه (و ملک غیره) أو ملکه الذی سلطانه لغیره (صفقة صحّ فیما یملک) مما سلطانه علیه ما لم یتولد عن عدم الإجازة مانع شرعی کلزوم رباء أو بیع آبق من دون ضمیمة و صرف من دون إقباض، و نحو ذلک للإجماع محصلًا و منقولًا و لعدم المانع، لأن الأسباب الشرعیة کالعقلیة مؤثرة فی القابل دون غیره و الأوْل إلی الجهالة غیر ضار مع حصول العلم بالأصالة و تبعیة العقود

ص: 181

للقصود منطبقة علی المقصود کما سیجی ء تحقیقه مع شهادة العمومات به (و وقف) اللزوم فیه و الصحّة فی (الأخر علی إجازة المالک) أو المتسلط لما دلّ علی الفضولی و لنسبته من بعض أصحابنا هنا إلی بعض علمائنا، (فإن أجاز نفذ البیع) و لزم علی القول بالکشف إذ لیس مجرد التوقیف عیباً و علی النقل یقوی الخیار سیما مع طول الفاصلة بین العقد و الإجازة (و قسط الثمن علیهما بنسبة المالَین بأن یقوما جمیعاً) بقیمة وقت البیع علی القول بالکشف (ثمّ یقوم أحدهما) منفرداً حیث لا یکون للهیئة الاجتماعیة مدخلیة فیؤخذ من الثمن بنحو التقویم مع التوافق، و مع اختلاف الثمن و التقویم یلحظ نسبتهما إلی القیمة فیؤخذ من الثمن بتلک النسبة و مع اعتبار الهیئة الاجتماعیة من جانب واحد یقومان معاً و یؤخذ المنضم بنسبته و المنفرد بنسبته من الثمن و مع اعتبارها من الجانبین فإن تساویا و اتحدا فی النسبة قَسَّما الثمن بینهما و إن اختلفا فی القیمة و تساویا من جهة الانضمام أُخذت قیمة الانفراد مع إضافة نصف ما زاد بالاجتماع و إن اتحدا فی قیمة الانفراد و اختلفا فی جهة الانضمام لوحظ انفراد کلٌّ مع ما یلحقه من جهة الاجتماع و مع الاختلاف فیهما یلحظ قیمة کل ما ینسب إلیه من جهة الاجتماع ثمّ یؤخذ من الثمن بتلک النسبة و لو زادت قیمة أحدهما بالاجتماع و نقصت قیمة الآخر لوحظ الزائد مع زیادته، و الناقص مع نقصه و لو جعل الثمن بینهما قبل العقد علی حال ثمّ جاءت صفقة العقد عمل علی مقتضاها و علی القول بالنقل یعتبر التقویم حینه و حیث لا یدخل الهیئة حین مضی العقد، یلزم التبعیض المسلط علی الخیار فی المقامین و یجری الکلام فی عقد الفضولی عن مالکین مع إجازتهما فی قسمة الثمن بینهما و مع إجازة أحدهما فیما

ص: 182

یستحقه منه، و فی کل متلف مضمون علی المتلف عیناً کان أو منفعة و لو کان للاجتماع قیمة فی وقت دون آخر بنی الضمان و عدمه علی ما تقدم و ما ذکر مبنیّ علی ملاحظة صفة الاجتماع لمالکین مختلفین علی ما علیه جماعة و هو الأقوی، و أنکر بعضهم ذلک مستند إلی أن صفة الاجتماع لیست مملوکة لأحدهما لأنهما ملکاً منفردین و صفة الاجتماع جاءت من العیب و لم تدخل تحت یدِ أحدهما و فرّق بعض بین الإمضاء و الفسخ و عدمه لتلف و شبهه فاعتبر الهیئة فی الأول دون الثانی، و یلزم علی قولهم أن لا یحلّ بیع شیئین منضمین من مالکین مع مدخلیة الهیئة و (هذا) البحث إنما یتمشی فیما (إذا کان) المثمن (من ذوات القیَم) و لا إشاعة فیه أو کانت مع تعدده (و إن کان) مشاعاً أو متحداً أو متعدداً متماثلًا (من ذوات الأمثال) و قد سبق بیانها (قسَّط) الثمن (علی الأجزاء) بحسبها لإمکان التوزیع فیها علی النسبة فلا یحتاج إلی التقویم و لو کان المثمن قفیز الحنطة قُسّط الثمن، علی مقدار السهام منها بعد ملاحظة النسبة بینها و بین الثمن و یجری مثله فی القیمی القابل للتوزیع کأرض و ثوب و نحوه و لعلّه راجع إلی الأول و لو اجتمع قیمی و مثلی أعطی حکم القیمی و تعدد القیمیات و المثلیات و اتحادها فی الثمن لا یثمر شیئاً (سواء اتحدت العین أو تکثّرت) و متی رجع المثلی إلی القیمی جاءه حکم القیمی و تکثیر الأقسام بإنهائها إلی ستّة أو أکثر لا حاجة إلیه، و مع تعذر المثلی یرجع إلی حکم القیمی أو یبقی علی حاله و لو فسخ لم یبطل البیع لعدم المانع مِن مضیّه فی بعض و انفساخه فی آخر، کما فی الثمن و المثمن إذا ظهر معیبین أو ناقصین؛ و لأن الأسباب الشرعیة کالعقلیة إذا تعلقت بمتعدد قابل و غیر قابل أثرت فی القابل دون غیره و لأن العقد علی اتحاده

ص: 183

بمنزلة عقود فلا فرق بین تعدده الصوری و خلافه و لتحقق الوفاء بمقتضی العقد فی المقدار الممکن مضافاً إلی أنه (لا یسقط المیسور بالمعسور) و (ما لا یدرک کلّه لا یترک کلّه) و للإجماع المنقول المؤید بموافقة نقل الشهرة و لِما دلّ من الروایات علیه و الاستناد فی البطلان إلی أن العقود تتبع القصور و ما وقع هنا لم یقصد و ما قصد لم یقع و إلی لزوم الغرور و الجهالة لأن القدر المستحق حقیقة مجهول فیکون من بیع الغرر و إن الأصل عدم صحّة العقد فیما لم یقم برهان علی صحّته و أنه کزواج الأختین أو الأم و البنت و بیع الدرهم بالدرهمین، و إن صیغة العقد واحدة فلا تتبعض و إن الکل و البعض مختلفا الجنس فیکون کبیع الذهب فتظهر نحاساً مردوداً بأن القصد یعم الضمنی و إلا لزم بطلان أکثر المعاملات إذ قلّما یخلو منها شی ء من دخول غیر المقصود فی متعلقه مع أن القصد قد تحقق قبل الإجازة و لو لا ذلک لم تثمر الإجازة و بأن الغرر إنما یترتب علیه الضرر لو قارن الإقدام و لا التفات إلی الغایة بلا کلام و الأصل مقلوب و العمومات کافیة فی إثبات المطلوب و القیاس علی الأختین و الأم و البنت و الدرهم بالدرهمین مردودٌ بأن المانع فیها هو الترجیح بلا مرجح المقتضی للترجیح بلا مرجح المنبعث عن تعارض الصحّتین، و إن التبعیض فی المتعلق لا یقتضی تبعیض العقد، و بأن الحُکمیات لا تدخل فی الشرعیات. (و لو فسخ تخیر المشتری) الجاهل (فی فسخ المملوک) لتبعض الصفقة علیه و لزوم الضرر لذلک بالنسبة إلیه بخلاف البیع لأنه جاء من قبله و لا یبعد ثبوته له مع جهله أو دعواه الإذن لإثبات عذره کما احتمله بعضهم، و الأقوی خلافه (و) فی (الإمضاء) لا یجب علیه حینئذٍ سوی قسطه المقابل له (فیرجع من الثمن بقسط غیره)

ص: 184

و یجری فی التقسیط علی نحو ما سبق بیانه (و لو باع المالک النصف) أو کسر آخر (النصف) أو نقله أو سلّط علیه بأی نحو کان و لم تکن متسلطاً علی غیر مملوکه بولایة أو وکالة أما فیهما فتقوی الإشاعة (انصرف إلی نصیبه) کلّا إن علقه به کلًا و بعضاً، إن علّقه به کذلک لقرینة الحال و لزوم الحکم بالصحّة، و اللزوم من حین العقد بحکم الأصل و ظهور التملیک فی الحقیقی المطابق للشرعی دون الصوری، و لظاهر العرف و العادة کما أنه لو علّق العقد بمشترک الاسم و الوصف لفظاً أو معنی بین ماله و مال غیره لم ینصرف إلا إلی ماله و لذا قوی أکثر العقود و الإیقاعات کالنذور و الایمان و العهود تتعلق بالمشترکات لفظاً أو معنی. و الفرق بین البیع و الوصیة بأن الإجازة ممکنة فی البیع دون الوصیة لا وجه له (و یحتمل) ضعیفاً (الإشاعة) فی النصیبین إذ التخصیص بخصوص الملک مع القابلیة لهما ترجیح بلا مرجّح و لذلک لم یصحّ التقیید بکل منهما و صرفه إلی خصوص ملکه بلا قرینة، کصرف لفظ الحمار فی البیع ممن لیس له حمار إلی العبد البلید، و الاحتمالان مذکوران علی لسان جماعة من الأعیان مع اتفاقهم إلّا مَن شذّ منهم علی ترجیح الأول، فینصرف إلی الکسر المملوک و أما علی الثانی (فیقف فی نصف نصیب الآخر علی الإجازة) فإن أجازه کان للمشتری النصف، و إلا فله الربع و یجری البحث فیما لو باع صاعاً من صبرة مشترکة، و فیما لو باع النصف المملوک من المبعض أو الطلق من الوقف أو الرهن، فإنّه یصحّ فی الربع و علی الأول فی النصف المملوک کلًا و (أما الإقرار) بالآثار أو المؤثرات من غیر إسناد إلی نفسه أما معه فإشکال بلفظ أقررت و نحوه أو بما یفید معناه بوجه آخر (فیبنی علی الإشاعة قطعاً) لأن الخبر قابل للتعلق بملک

ص: 185

الغیر و لا ظهور له فی خلافه بخلاف نقل الملک و الظاهر اتفاق کل من تعرض لهذا الفرع علی ذلک و هو حقّ فیما لو أتی بصورة الإخبار لا بلفظ الإقرار، أمّا لو قال: أُقرّ أو أنا مُقرٌّ أو نحوهما فظاهره الانصراف إلی ملکه عرفاً کالمعاملة علیه و لا سیما فیما إذا عقّبه بقوله علی نفسه و لیس الحال فی التزام به و بالمعاملة کحال الالتزام بصیغة النذر و العهد و الیمین و نحوها فإنها لا تنصرف إلا إلی الملک، و لو علّق صیغة الإقرار ببیع النصف فأظهر فی الدلالة علی القول بالإشاعة (فلو قال نصف الدار لک) و کانت ید شریکه علی النصف (أو قال مع ذلک) مصرّحاً (و النصف الآخر لی و لشریکی و کذّبه الشریک) فأخذ نصفه کاملًا بمقتضی یده فکان بأخذ الربع علی وفق الإقرار فیکون النصف الباقی و الربع الذی أخذه عدواناً بینهما أثلاثاً (فللمقرّ له) علی المقر (ثلثا ما فی یده) من النصف، و ثلثا ما حصل فی ید الشریک ظلماً من الربع الذی غصبه بزعم المقر و للمقرّ ثلث ما فی یده و ثلث الربع المغصوب ج و هو نصف سدس- فالمخرج من اثنی عشر، و الحکم مرتب علی الظلم و ترتبه علی الإشاعة لتحققه بها و إن لم نحتسب الظلم من التلف و نزلناه منزلة الشریک کان ما بیده نصفین و إن قلنا بعدم الإشاعة لم یبق للمقرِّ شیئاً و لو قال: ثلثا الدار و الثلث الآخر بینی و بین شریکی، فمن أنکر الشریک کان للمقرّ له بزعم المقرّ أربعة أسداس فقد حصل الظلم بسدسین فکانا کالتالفین فیکون للمقرّ له أربعة أخماس ما فی ید المقرّ، و أربعة أخماس السدسین المأخوذین ظلماً بزعم المقرّ، و للمقرّ خمس ما فی یده و خمس السدسین المذکورین، و إن قلنا بعدم الإشاعة فلا شی ء له و لو أقرّ بثلث کان الظلم علیهما بسدس فللمقرّ له نصف ما فی ید المقرّ و لکل منهما نصف سدس

ص: 186

عند الظالم و علی القول بعدم الإشاعة فللمقرّ له الثلث و للمقرّ السدس و هکذا و لو قلنا بالإجمال بنی علی الإشاعة فی الجمیع و هکذا (و لو قال: و النصف الآخر لی أو الدار بینی و بینک نصفان أخذ نصف ما فی یده) لاقتضاء الشرکة توزیع ما تلف علی نسبة السهام و لکل منهما نصف ما اقتضته النسبة و مع ثبوت السهم للثالث بطریق قطعی لا یبعد تخصیص الإقرار بحقّ المقر فی جمیع الأقسام (و لو ضم إلی المملوک) و غیره من المتلفات فی عقد مملّک أو غیره من المؤثرات ما لا یتعلق به ملک مطلقاً أو تأثیرٌ مطلقاً أو لخصوص الناقل و المنقول إلیه مما لا یتعلق بمذهب خاص کما إذا کان (حُرّاً) أو و بالنسبة إلی خصوص المذهب کما إذا باع مسلماً کلباً هراش أو مائعاً متنجساً (أو خمراً أو خنزیراً) أو نحوها مما یکون له قیمة (صحّ فی المملوک) ما لم یکن مقصوداً إلا تبعاً أو مطلقاً علی اختلاف الوجهین جاهلًا بالموضوع أو بالحکم أو عالماً بهما استناداً إلی ما دلّ علی الوفاء بالعقود جنساً و نوعاً و إلی أن العقد کعقود متعددة و الغرر مدفوع بصورة المقابلة و إغناء الفرض عن الدافع إلی غیر ذلک مما ذکر فی مثله و قیّده بعضهم بصورة الجهل استناداً إلی لزوم الغرر بعدم تقسیط الثمن و لتوجه النهی إلی البیع باعتبار الضمیمة و النهی باعث علی الفساد و کلا الوجهین لا وجه له إذ الغرر مدفوع بالعلم بالجملة و لا یراد فی ید دفع الغرر أکثر من ذلک و إمّا النهی فإنما یفید الفساد لو أفاد من الجهة التی تعلق بها لا مطلقاً و کشف الحال علی وجه یدفع الإشکال إن الضمیمة إما لا تصلح لمقابلة الثمن شرعاً و لا عرفاً بأن تکون فی حکم العدم کضمیمة الأوساخ و بعض القذرات فاشتراط الجهل فیها حیث لا تکون کضمیمة الأجزاء لدفع الجهل هو الوجه، و إما أن یصلح عرفاً لا شرعاً

ص: 187

عند عصاة المسلمین و الکفار کالخمر و الخنزیر و الکلب و المائعات غیر القابلة للتطهیر أو یکون له نظیر یقابل بالثمن عادة کالحرّ فالأقوی الجواز فیه مع العلم و الجهل لدفع الغرر بمقابلة الجملة، و أولی منه بالجواز ما تأهل للمقابلة بالعوض عرفاً و شرعاً و له مانع خارجی کبیع الفضولی مع الغضب و بدونه، و لو أتی بشی ء من الضمائم غیر قاصد للمقابلة بل أتی بها لغواً کان الثمن کلّه فی مقابلة القابل و لو قصد التوزیع دون الجملة جاءت الجهالة ثمّ، لو جاءت الجهالة فی جانب فسد العقد من الجانبین علی الأقوی (و بطل فی الباقی) لعدم قابلیة المحل. (و یقسّط الثمن) قبل الدفع أو مطلق العوض علی وفق الزعم دون الواقع (علی المملوک) من عبد أو غیره لیأخذ مقابله من المشتری مع علمه و رضاه بعده، (و علی الحرّ لو کان مملوکاً) مراعیاً حسنه و کماله و خصاله و لونه و جمیع ما یختلف به قیمته بتقویمها مجتمعین و منفردین بحسب وقت المعاملة مع مراعاة الهیئة الاجتماعیة لهما أو لأحدهما أو عدم مراعاتها فیهما علی اختلاف الأحوال و قد مرّ الکلام فی نظیره و یستردّ المشتری من الثمن ما قابله بعد الدفع و لو منعنا ذلک فی الغصب لبعض الإجماعات المنقولة مع إن الأقوی فی کِلا المقامین جواز الاسترداد، و أما مع التلف فلا استرداد مع العلم و یثبت الردّ مع الجهل و لا فرق بین الغصب و غیره فی باب التلف علی الأقوی و یسقط فیما لو کانت الضمیمة خمراً (و علی قیمة الخمر عند مستحلیه) من کفار أو مسلمین فیکونون منهم أو غیر مستحلیه ممن یعتادون المعاوضة علیه و یعوّل علی تقویمهم مع قطع أو ظن تطمئن النفس به أو علی تقویم عدلین علما الحال بالمخالطة معهم و السماع منهم و استحدثت عدالتهما بالتوبة أو من رضی به الخصمان

ص: 188

و لو اختلف التقویم عند المستحلّین بین الکفار و المسلمین احتمل التخیّر للبائع أو المشتری أو الإقراع أو تقویم المسلمین و لعلّه الأقوی و لو طرأ علیه الحل بصیرورة الخمر خلًا أو استحال البواقی شیئاً حلالًا قبل الدفع فلا سلطان للمشتری علیه فی أخذه لا منفرداً و لا مع قبض التفاوت، و أما بعد الدفع فیکون فی یده علی نحو المباحات مملک بالحیازة و لو انعکس الأمر فی ید البائع لا عن تقصیره فلا ضمان لقیمته و تنفسخ المعاملة، (و لو باع) أو نقل بأی ناقل کان (جملة الثمرة) أو الغلّة (و فیها عشر الصدقة) و النقود المسکوکة و فیها ربع عشرها و لم یکن فقیهاً له التصرف بمال الفقراء لمصلحتهم مع وجود المصلحة (صحّ فیما یخصّه دون حصّة الفقراء) لتعلق الزکاة بالعین علی أصح القولین أو بالذمّة و تتعلق بالعین تعلق الرهن دون ما إذا قلنا بعدم التعلق أو قلنا به علی نحو أرش الجنایات فیکون فضولًا یتوقف علی إجازة الفقیه (إلا مع الضمان) مظهراً له أو مضمراً موسراً أو معسراً علی إشکال و لو لا ذلک لزم الحرج و الضیق التام علی الملّاک و السیرة المألوفة و أدلّة الخرص تفیده، و هل الضمان ناقل مطلقاً أو موقوفاً علی الأداء فیعود الحق بدونه؟ وجهان و فی انتقال الحصّة إلی البائع قبل البیع أو معه و انتقال الثمن أو البقاء علی الإباحة إشکال، فلو نوی الخلاف عصی و بطل فی الحصّة و فی الغافل وجهان أقواهما عدم المضی لو وقع من دون إذن الحاکم و ذهب بعضهم إلی المنع إلا بإذنهم أو إذن الإمام و فی اعتبار إذنهم علی هذا البحث إشکال و الأقوی إلحاق الحاکم و نائبه بل عدول المسلمین مع فقدهما علی هذا الرأی و لو استثنی حصّة الزکاة و لم یعلم مقدارها لعدم العلم بالواجب أو للجهل بمقدار المخرج فیها بطل البیع

ص: 189

و حیث یفسد البیع فی الحصّة تبعّضت الصفقة و یثبت خیارها و یرجع الأمر إلی حال العلم أو الجهل و الأقوی أنه لا بأس بالشراء من الکفار و أهل الخلاف مع دخول الحصّة معاملة لهم بمذهبهم کما جرت علیه سیرة المسلمین من غیر نکیر و لو کان الحال علی ذلک لنقل بالتواتر إلینا عن أئمتنا (ع) لتوفر الدواعی علی نقله حیث أن معظم الغلّات تشتری و تنهب منهم و فی عموم آیة وَ طَعٰامُ الَّذِینَ أُوتُوا الْکِتٰابَ حِلٌّ لَکُمْ إرشاد إلی ذلک و فی هذا البحث و أضرابه تقویة لصحّة الفضولی و هل یجری الحکم فی الخمس أو لا وجهان مبنیّان علی تعلّقه بالعین أو الذمّة و الذی یقتضیه النظر إلی السیرة المستمرة فی التصرف بالمعادن و المکاسب و غیرهما مما یتعلق به الخمس تعلّقه بالذمّة و یؤیده إسناد بعض الأصحاب ذلک إلی ظاهر کلام الأصحاب لکن فی أخبار التحلیل للمساکن و المناکح من جهة المهر ما یشهد بالتعلق بالعین اللهم إلا أن یراد بعض الأقسام الخاصة و لعل الأقوی هو الأول و کشف الحال أن الحقوق الشرعیة أما مندوبة تتعلق علی نحو الشرکة العینیة کالزکاة المالیة المندوبة أو بالقیمة کزکاة التجارة أو بالذمم کزکاة الفطرة المندوبة و الکفّارات المسنونة و زکاة الخیل و لیس البحث هنا فی المندوبة کثیر فائدة و أما الواجبة فأما أن تتعلق بالذمم کتعلق الدیون کالجزیة و زکاة الفطرة الواجبة و نحوهما و یقوی جواز المعاملة علیها من الحاکم أو نائبه کمعاملة الدیون و أما أن تتعلق بها تعلق العبادات کالکفارات و الملتزمات و لا یجری علیها حکم الدیون و کلا القسمین لا دخل لهما فی التصرف بأعیان الأموال، و أما أن تتعلق بالأعیان تعلق العبادات کالملتزمات و الهدی بعد الإشعار و التقلید، و الأقوی عدم صحّة المعاملة علیها و أما

ص: 190

أن تتعلق بها تعلق الشرکة کالزکاة المالیة الواجبة و الخمس الواجب و حصّة المقاسمة و نحوها و الأصل فیها منع التصرف من دون إذن شرعیة فلو باع الجملة فی حصته فقط کما لو باع عنها منفردةً إلا فی نحو الخمس فی المخلوطات فإنه لا یصح بیعها فیه منفردة إذ لا یتمیز حصّته إلا بعد الإخراج، لکن السیرة و الإجماع و لزوم الحرج قاضیة بجواز التصرف ببعض الأمور اللازمة مما لا یستغنی عنها الملّاک عنها غالباً مع الضمان و علی التصرف مطلقاً مع الضمان فی الزکاة و خمس التجارات و الغوص و المعادن دون الغنائم و الکنوز و المال المخلوط بأرض الذمّی. و أما أن تتعلق بها تعلق أرش الجنایة کالخراج المضروب علی النخل و الأشجار و المزارع و لا مانع من التصرف بالأعیان فیها. نعم لو امتنع الأداء کان له الرجوع علی الأعیان فی وجه قوی. و أما أن تتعلق بالأعیان تعلق الرهن کالواجبات الشرعیة المالیة من النذور و الکفارات و غیرها المتعلقة بالترکة مع قصورها فإنه لا یصحّ التصرف بالأعیان قبل الأداء علی الأقوی (و لو باع) مثلًا (أربعین شاة) أو أزید مما بلغ نصاباً أو زاد و قیَّده بعضهم بالقسم الأول (و فیها الزکاة) و کذا البقر کالإبل أیضاً (مع عدم الضمان لم یصحّ فی نصیبه) أیضاً لأن المتعلق أعیان فیقع فیها الإجمال الباعث علی الغرر المفسد للعقد المشروط به بخلاف ما سبق لأن المتعلق فیه مشاع لا إجمال فیه و إنما یبطل (إذ ثمن حصّته مجهول) فیحصل الغرر (علی إشکال) ینشأ مما ذکر و من احتمال الاکتفاء بصورة المقابلة و هو الأقوی. نعم لو خص حصّته لم یصحّ و احتمال أن الواجب شاة مشاعة فللفقراء فی کلّ شاة جزء من أربعین جزء و لهذا تقسط علی المراض و الصحاح و توزع مع التلف بلا تفریط و یلزم

ص: 191

الإجمال و الإبهام فی الخطاب بدونه و إذن الشارع فی تسلیم أی شاة شاء عوض المشاع تسهیلًا للأمر و لطفاً علی العباد لا ینافی الإشاعة و الظاهر أن مسألة الخمس سالمة عن هذا الثالث لبنائها و لو حکمنا بالتعلق بالعین علی الإشاعة و لو تعلق نذر أو عهد أو یمین بعین مطلقة أو مبهمة أو معینة مضی بیع الکل و إن عصی علی الأقوی (و لو باع اثنان) فصاعداً أو اشتریا أو نقلا بأی ناقل کان (عبدین غیر مشترکین) أو عبید کذلک (صفقة) واحدة أو أکثر علی قصد مقابلة مجموع العوض لمجموع المعوض (قسّط الثمن) أو مطلق العوض (علی القیمتین اتفقتا أو اختلفتا) لارتفاع الغرر بقصد مقابلة الجملة مع ما دلّ علی صحّة العقود جنساً و نوعاً کما فی المعاوضة علی العبد الواحد المشترک بین جماعة و إن اختلفت قیمة أبعاضه بحسب الزیادة و النقص فلا معنی للقول بالمنع مطلقاً و لا فی خصوص المختلفین قیمة و لا فی خصوص تعدد المنقول إلیه لزعم لزوم الجهالة مطلقاً أو فی أحد القسمین و لذلک اختلفت أقوالهم و لو جعل لکل واحد حصّة من الثمن معیّنة فی الواقع مبهمة ظاهراً کان یرجعها إلی تعیین معیّن أو حکم حاکم جاءت الجهالة و لزوم الغرر و بطل العقد الذی یفسده الغرر، فقد ظهر عدم الفرق بین وحدة الموجب و القابل و المثمن و الثمن و تعددها.

ولایة الأب و الجد و الحاکم فی التصرف

(و للأب و الجد له) من طرف الأب کآباء الآباء دون آباء الأمهات و آباء أمهات الآباء (ولایة التصرف) فی المال و النکاح ولایة قهریة لهما و علیهما حیث لا مانع و لو کان مانع فزال عادت الولایة (ما دام الولد) ذکراً کان (غیر رشید) لجنون أو صغر أو سفاهة مستمرة إلی ما بعد

ص: 192

البلوغ و قد یراد بالرشد خصوص ما قابل السفاهة و لا اعتبار بمفهوم الزمان فیندفع السؤال و یتم التفریع (فإن بلغ رشیداً) خالیاً عن الجنون و السفاهة (زالت ولایتهما عنه) فی مال و نکاح و غیرهما و لو عاد النقص بالجنون عادت الولایة علی الأقوی و فی عودها بعود و نقص السفه وجهان أقواهما العدم. و هاهنا مباحث تستدعی التطویل فی غیر مقام (و لهما أن یتولیا طرفی العقد) الواقع بینهما و بین المولّی علیه و بین من ولیا علیهم بعض مع بعض من غیر حاجة أن یوکلا من طرف و یباشرا من آخر لوقوع العقد من أهلّه فی محلّه و دخوله فی عمومات المتعلقة بجنسه أو أنواعه و الإجماع محصلًا و إن أوهمت بعض العبارات وجود المخالف و منقولًا أیضاً و لشهادة السیرة و ما یتوهم من أنه یستدعی فعلًا و انفعالًا و قابلًا و تضایفاً و لا یتحقق إلا مع التعدد مردوداً بإغناء الحیثیة و المغایرة الاعتباریة (و الحاکم و أمینه) منصوباً خاصاً أو عاماً بأن یکون مجتهداً مطلقاً مع فقدهما أو وکیلًا لواحد و لو فاسقاً مع تعقل العقل و لو محتسباً أو خاصاً و (إنما یلیان المحجور علیه) بشرط عدم الأب و الجد و الوصی (لصغر أو جنون) أو سفه مستمر إلی ما بعد البلوغ أو مطلقاً بسبب (فلس) مطلقاً (أو سفه) حادث بعد البلوغ (أو الغائب) الکامل غیبته یحصل فیها بسبب الانتظار بعض المضار و کذا کل ممتنع أو عاجز عن عقد أو إیقاع أو تسلیم حق مخلوقی عاماً أو خاصاً و فی الحقوق الإلهیة کالنذر و العهد و الیمین وجه و مع التعذر یقوم عدول المسلمین مقامه و مع تعذرهم یجب علی المسلمین المکلّفین مطلقاً القیام به کفایة لدفع الضرر و لأنه من المصالح العامة (و الوصی) للأبوین مع عدم المانع لهما عن الولایة أو وصیهما المأذون فی الوصایة (إنما ینفذ تصرفه) مع القابلیة فی

ص: 193

حقوق المیّت و فی مال المولّی علیه علی نحو ما أوصی علیه علی النهج الشرعی (بعد الموت) بلا فصل فما بعده و لو قیّد بوقت معین اتبع و لو رتب الأوصیاء بطل تصرف الثانی مع وجود الأول (مع صغر الموصی علیه أو جنونه) مطلقاً بشرط وجوده متصفاً بأحد الوصفین حین الوصیة أو مطلقاً و لو زاد النقص ثمّ عاد ففی عود الوصایة بالولایة إشکال أو سفهه المستمر إلی البلوغ و فی إلحاق الارتداد الفطری بالموت و بعض أحکام الوصیة إشکال و وصیاً الأبوین مع الاجتماع کالأبوین و فی تسلّطه علی فسخ أو إقالة أو تغیّر أو تبدیل مع عدم النص علی الإذن فیها وجهان أقواهما ذلک، إذ الوصایة ولایة لا وکالة علی الأصح و لو کانت وکالة کانت هنا عامة (و له) کالحاکم أو نائبه فضلًا عن الأبوین (أن یقرض) أو یشتری بالذمّة من مال الطفل و نحوه (مع الملائة) واقعاً بأن یملک وفاء زائداً علی مستثنیات الدیون مطمئناً ببقائه و التمکن من وفاء معتمداً علی وارثه بعد فنائه مع ظهور أماراته للروایات و فتوی الأصحاب و ظاهر الإطلاق فیهما عدم اعتبار شرط سوی الملائة فالمنع مطلقاً و اشتراط الرهن أو مع الضامن أیضاً لا وجه له و أما اعتبار عدم المفسدة فمقطوع به و لعل اشتراط الأشهاد مبنیّ علیه و الأخذ بالمتیقن فی التصرف بأموال الأیتام یقتضی مراعاة المصلحة کالاقتراض للغیر و مع مراعاتها یدور الجواز علی حصولها فیغنی الارتهان و ضمان الملّی المتدین معها عن الملائة و الفرق بینه و بین الأبوین فی اشتراط المصلحة فی صفة دونهما قوی الوجه و إذا اقترض مع عدم الشرط لم یخرج المال عن ملک المولّی علیه فیکون الربح له، و هل ینزل علی قاعدة الفضولی علی بعض الوجوه أو یحکم بخروجه عن القاعدة و العمل به للنصوص؟

ص: 194

وجهان و لو وافق أول القرضین ملاءة دون الثانی بطل الثانی و لو انعکس الحال ففی بطلانها معاً أو بطلان الأول فقط إشکال ینشأ من احتمال الانعزال و عدمه و الأقوی الثانی و لو کان ملیّاً ببعض القرض دون بعض احتمل الفساد فی الجمیع و الصحّة فیما له مقابل (و) له (أن یقوم علی نفسه) من دون إحضار مقوّمین أو یراد من غیر إتیان بصیغة عقد من العقود الناقلة بل یکتفی بلفظ التقویم عوضاً عن الصیغة و فیه بحث و یحتمل رجوعه إلی المعاطاة و یحتمل إرادة التقویم فی الذمّة فیضمن بشرط الملائة اعتماداً علی سبقه و الأقوی إرادة تولیة الإیجاب و القبول معاً لقیامه مقام الأبوین و لأنه ولیّ لا وکیل (و الوکیل یمضی تصرفه ما دام) و دام (الموکّل حیّاً جائز التصرف فلو مات) أحدهما (أو جنّ أو أغمی علیه زالت الوکالة) لزوال الأهلیة و القابلیة أصالةً فی القسم الأول و بمقتضی التابعیة تزول فی القسم الثانی حیث زالت الوکالة و الوکیل علی التوکیل کالأصیل إن کان متصرفاً و إن کانت وکالة علی مجرد إیقاع الصیغة فلا اعتبار به بقیت قابلیته أو لا. و تفصیل الحال أن لا بحث فی بطلان التصرف مع عروض الموت و الجنون و الإغماء- طالا أو قصرا- للإجماع المنقول مکرراً علی ذلک، و فی النظر إلی القواعد بالنسبة إلی العقود الجائزة المتعلقة بالنیابة ما یغنی عن تطلب ما عداها و عدم انعزال الوکیل بالعزل مع عدم العلم لو لا حکم النص لم نقل به و لا کلام فی عود ولایة المالک مع ارتفاع المانع، و فی عود الوکالة أو الوصایة وجهان مبنیان علی أن العقود فیهما عموم الأزمان فیستثنی منها ما علم إخراجه و یبقی الباقی أو هی متعلقة بزمان الوقوع و ینجبر الحکم بالاستصحاب فإذا انقطع استصحب انقطاعه حتی یقوم الدلیل علی عوده و ظاهرهم

ص: 195

اختیار الأخیر و نقل الإجماع فیه و هو الحجّة و لولاه أشکل الحکم حیث أنهم حکموا بعود الوکالة بعد انقضاء الإحرام المانع من مضیّها فی النکاح، و یجری مثله فی الاعتکاف المانع من البیع و فیما إذا خص العزل بوقت معین و فی الجنایة و التفریط یقوی عدم العود بالتوبة و مثله ما لو وکّل علی بیع مسلم أو مصحف فارتدّ عن ملّة و تاب أو أذن لزوجته أو عبده أو شریکه فزالت الصفة ثمّ عادت، و کذا لو انتقل عن المالک بعقد جائز أو لازم فی عین أو منفعة ثمّ عاد أو زوجت نفسها ثمّ عادت خلیّة أو کانت وصیاً لأحد الجدّین بمعنی تصرفه بنقص الآخر ثمّ کمل ثمّ نقص و فی الجمیع بحث، و الاحتیاط فی أموال الناس یقضی بالمنع إلا فیما یتعلق بالتصرف من غیر ترتب عزل کالإحرام و نحوه، و الوصایة لا تفسخ عقد الوکالة و لا العکس (و له أن یتولّی) بحسب ذات الوکالة (طرفی العقد) عن نفسه و موکّله أو عن موکّله و ناقص هو ولیه أو بین موکلیه کما یجوز للولیّ بین نفسه و ناقص و بین ناقصین و لا مانع بحسب الذات لدخوله تحت عمومات العقود جنساً و نوعاً و هو من أفرادها الشائعة التی جرت عادة الناس علیها و جوازه فی الأبوین و شیوعه فی حقهما شاهد بذلک و المغایرة الاعتباریة و ملاحظة الحیثیة مغنیة فی تعلق الإضافة و الارتباط علی أن الشهرة المستفیضة تحصیلًا و نقلًا و الإجماع المنقول ظاهراً مما یقضیان بشیوعه و ظهور فردیته فالاستناد إلی الشک فی الدخول تحت العموم فتبقی أصالة عدم النقل علی حالها لا یخفی ضعفه و أضعف منه ما قیل من أن اللزوم موقوف علی المتفرق المقتضی للتعدد فیکون منتفیاً فتنتفی علّته و هی الصحّة؛ لأن انتفاء المعلول شاهد علی انتفاء العلّة و بطلانه لا یحتاج إلی البیان و ما فی الأخبار من منع مبنی علی

ص: 196

مسألة اللفظ، و أما من جهة اقتضاء اللفظ فمع ما یفیده مخصوص الإذن أو المنع یتبعهما الحکم بلا ریب و أما مع الإطلاق فینصرف إلی المغایرة الحقیقیة لأنها الفرد الشائع و لأن غرض الموکل مماکسة الوکیل مع إن الشرع حاکم بها علیه، و هی ممتنعة من الوکلاء بعیدة من النفس الأمارة بالسوء عادة و الحاصل أن المتکلم و المخاطب لا یدخلان فی متعلق الخطاب إلا مع القرینة و لا یورد الولی لخروجه بالإجماع و فی الشک فی الدخول تحت الإطلاق کفایة فلا یسوغ ذلک إلا (مع الإعلام علی رأی) قوی مسند إلی أکثر المتأخرین و فی الأخبار ما یشهد له و إضافة ألّا یدنس غرضه فیها لیست صریحة فی قصر المانع علیها، و یؤیده أخبار المنع من أخذ الوکیل علی التفریق فیمن یعمّه سهماً لنفسه ما لم تقم قرینة علی الإذن له کما مرّ، مضافاً إلی ظاهر العرف و العادة شاهدان علی ذلک.

أحکام الوصی

(و کذا الوصی) مع الإعلام أو مطلقاً و هو الأقوی (یتولاهما) لأنه ولیّ أو وکیل لهم تعم وکالته ما نحن فیه و یجری ذلک فی جمیع الأولیاء حتی المحتسبین لعدم المانع فیهم، و یشهد له ما ورد من الإذن فی أنْ یحج الوصی عن الموصی فی صورة الإطلاق مضافاً إلی غیره من الأخبار و غیر الوصی منهم أولی لبعده عن الوکالة (و إنما یصح بیع من له الولایة) فضلًا عن الوکیل و تصرفه و نقله بأی ناقل کان (مع المصلحة للمولّی علیه) بحسب الدنیا مع تعلق الغرض بها و الآخرة کذلک و ظاهرهم الإجماع علی ذلک و فی العقل و النقل من الکتاب و السنّة ما یدل علی ذلک و یظهر من تتبع الأخبار إن ذلک شرط فی غیر الأبوین اقتراضاً و معاملة و تقویم جاریة مما یتعلق بها أو نکاحاً للصغیرین و أما فیهما

ص: 197

بشرط عدم المفسدة و کذا مطلق الأولیاء فی الاقتراض مع الملائة و الاقتصار علی ما ذکره الفقهاء و تنزیل الروایات أوفق بالنظر و أسلم من الخطر. (و لو اتفق) آخر إجزاء قبول (عقد الوکیلین) أو الولیین أو الفضولین علی الکشف مع تضادهما متجانسین أو مختلفین الواقع (علی) نحو (الجمع و التفریق فی الزمان) الواحد مع وحدة العبادة و اختلافها أو إجازتهما فی الفضولین علی القول بالنقل أو حصل الشکّ مع جهالة التأریخین، أما مع العلم بأحدهما فإشکال، (بطلا) للتضاد و استحالة الترجیح بلا مرجّح و للتدافع باقتضاء الصحة من جانب انعزال الآخر و یحتمل التخیّر للمالک إلحاقاً بالفضولی لعدم دخول هذا القسم تحت ولایة و وکالة فبإفساد أحدهما و إجازة الآخر تتعین الصحّة فی واحد لأن کلًا من العقدین جامع الشرائط مندرج تحت العمومات و لا مانع سوی التضاد و یرتفع إبطال أحدهما و یضعف احتمال القرعة لأن الاشتباه واقعی و فی صورة إمکان الجمع یتوجه الجواز کما إذا باع أحد الوکیلین من شخص و کان الآخر عن الموکل و عن المشتری فباع من آخر فبناء علی عدم اعتبار النیّة یصح العقدان أو أحدهما. (و لو سبق أحدهما) فی العقد أو الإجازة (صحّ خاصة) فإن استمر التمیز بینهما فلا بحث و إن طرأ الاشتباه رجع إلی الصلح أو القرعة (و یحتمل التنصیف فی الأول) جمعاً بین العقدین کالدلیلین و کالدعویین المتعارضین فی مقام التداعی و لإعمال السببین فی المسببین حیث لا مانع فی البین و هو ضعیف لخروجه عن مقتضی الصیغتین فهو کإبطال الدلیلین لا کالعمل بهما و تتبعض الصفقة حینئذٍ (فیتخیران) حیث لا یکونان عالمین (و لو) اتفق أن الوکیلین أو الولیین (باعا) أو نقلا بأی ناقل کان (علی شخص و وکیله) أو فضوله

ص: 198

أو هما (أو علی وکیلیه) أو ولیه أو فضولیّه أو مع الاختلاف (دفعة فإن اتفق الثمن جنساً و قدراً) و حلولًا و تأجیلًا و شروطاً (صحّ) کما لو وقع القبول بعد إیجابات متعددة للاندراج تحت العمومات و تقوی الأسباب بتعددها و لیست کالأسباب العقلیة لا یجری فیها التعدد فإن الأسباب کثیراً ما تتعدد فی العبادات و المعاملات بأقسامها فلو طلق الوکلاء أو وقفوا أو أعتقوا أو تصدقوا أو فعلوا غیر ذلک ما یشبهه صحّ و مع منع تعدد الأسباب یمکن القول بأن السلب کلّی (و إلّا) یتفق الثمن أو أحد توابعه (فالأقرب البطلان) لحصول التدافع و لو اختلف العقدان نوعاً و اتحدّ أثرهما فی بعض التوابع کالصلح و البیع و الطلاق بعوض و الخلع فلا تبعد الصحّة و إن کان البطلان أوجه أما مع الاختلاف باللزوم و الجواز لإجارة و کالجعالة و البیع و المعاطاة فالمنع فیه أقوی من الأول و لا یقدم الأصلح کما قیل إلا فی الوکیلین إذا ترتب علی عدم ملاحظته الخیانة و الانعزال فیکون العقد من الطرف الآخر غیر جامع للشرائط فاسداً (و لو اختلف الخیار) المشروط کمّاً أو کیفاً أو أیناً أو وضعاً و غیر ذلک، و قد یلحق به اختلافه وجوداً و عدماً فی الإیجابین أو القبولین أو الملفقین من طرف الوکیلین أو الموکلین أو الملفقین من جهة أو أکثر أو اختلفا فی ثبوته و عدمه (فالأقرب مساواته لاختلاف الثمن) فی أن الأقرب البطلان لرجوعه إلی اختلاف الثمن و لحصول التدافع و احتمال العدم لعدم عدّه مالًا فی غایة الضعف (إلّا أن یجعلاه) فی العقدین (مشترکاً بینهما) علی وجه التساوی لیندفع التنافی ثمّ مع الاختلاف فی شرطه زیادةً و نقصاناً إن کان مع کلّ منهما خیار حکمی زائداً علی المشروط أو مع الناقص فقط خیار زائداً علیه یساوی ما زاد علیه فی الطرف الآخر أو

ص: 199

کان التفاوت بین خیار الوکیلین مع دخولهما فی خیار الوکیلین المالکین کزیادة خیار المالک شرطاً أو حکماً علی خیار الوکیل أو شرط دخول خیار أحدهما فی خیار الآخر أمکن القول بالصحّة و مع الاختلاف بالزیادة و النقص یحتمل دفع المنافاة فیه بأن الناقص محل الاشتراک و لا یقتضی رفع ما عداه فالتضاد مخصوص باختلاف الجنس دون الکم و یشکل فی جریانه فی الثمن و المثمن أیضاً و فی عبارة الإیضاح إبهام یحتاج إلی زیادة إیضاح و بما تقدم ینکشف المبهم و اللّه تعالی أعلم.

الفَصْلُ الثالِث:- العوضان
شرط الطهارة و التملک

(و شرط المعقود علیه) فی خصوص البیع لیعمّ الشرائط و یوافق المقام أو مطلق نقل الأعیان و علیه یختص ببعضها کما یظهر بالتأمل بعد التتبع (الطهارة فعلًا أو قوّة) بالقابلیة لها بغیر الاستحالة و الانتقال من إزالة أو نقص فیجوز بیع العصیر علی أصحّ الرأیین أو اتصال أو إسلام أو غیر ذلک دون ما لا یقبلها مما لم یسبق استثناءه من کلب أو دهن مع القیود السابقة أو مرتد فطری علی الشک فی الأصل و الحکم و فی قابلیة الملک و التملیک المجانی و نقل المنافع بقسمیه و التفویض علی رفع الاختصاص بحث تقدم الکلام فیه، و وجوده حین العقد و ملکیّته کذلک علی تفصیل یأتی إن تعلق بعین علی رأی و یکفی فی ملک ما فی الذمّة القدرة علی شغلها به و یغنی ذلک عن الوجود (و صلاحیته) عرفاً (للتملک) الحاصل بعوض أو شرعاً لعدم المانع من خصوص خسّته لقلّته کما یقتضیه التفریع علی أنه لو بقی علی إطلاقه لأغنی عن شرط الطهارة و الانتفاع

ص: 200

و جواز الملک و التملیک المجانی لا یستلزم جوازه (فلا یقع العقد) المخصوص أو المطلق (علی) نحو (حبة الحنطة) و لو بمثلها لا فی الغلاء و لا فی الرخاء (لقلّته) الباعثة علی خسّته و إن ثبت ملکها و حرمة غصبها بالإجماع تحصیلًا و نقلًا و بأنه لو لا ذلک لزم جواز غصب المثلیات الخسیسة تدریجاً و لو بلغت قناطیر و کذا وجوب ردّها و ضمان مثلها الثابتان بحدیث الید المؤید بالقواعد الشرعیة الفرعیة و الأصلیة العدلیة و بأنه لو لا ذلک لزم عدم وجب الردّ مع البقاء و عدم ضمان المثل مع التلف و لو اجتمع عنده من المال ما اجتمع ما لا تحمله الرجال خلافاً" للتذکرة" و محتمل" نهایة الأحکام" و لعدم المنافاة بین ذلک و بین منع النقل بعوض و حیث إن المنع کدلیله مبنی علی لزوم العبث و السفه و عدم الحکمة الباعثة علی شرع العقود المرشد إلیها حدیث التحف و غیره و علی حصول الشک فی الدخول تحت أدلّة العقود عموماً و خصوصاً دار المنع علیها، فمتی ارتفعت لعارض فزال المانع عادت لا بالنسبة إلی خصوص المتعاقدین ارتفع المنع و لو خصّهما المانع قوّی الجواز و لو حصل الاختلاف بحسب البلدان و الأقالیم أعطی کلّ حکمه و لو کان المتعاقدان کلّ من جانب قوّی المنع ثمّ الخسّة الناشئة عن القلّة قد تمنع عن مطلق التملیک و قد یخصّ التعویض، و أما مانعیتها للملک فلا وجه له إلا إذا زالت عن رتبة الانتفاع منفردة و منضمة فی جمیع الأحوال و حصوله فی غایة الإشکال فهذا الشرط علی وجه العموم خاص بالنقل علی وجه التعویض علی الأصح بخلاف ما سبقه، و ما یلحقه من الشرائط الثلاثة الآتیة (و المغایرة للمتعاقدین) و لو کمغایرة الجزء للکل کالمعاملة علی البضع و الشعر فی أحد الوجهین و الصفة للموصوف

ص: 201

کنقل الحر منفعته و الظرف للمظروف کمعاملة الحرّة علی لبنها لأن صفتی المالکیة و المملوکیة و آثارهما متضادة یستحیل اجتماعها فی المحل الواحد. (فلو) إن مولی العبد (باعه نفسه) أو نقلها إلیه بأی ناقل کان (فالأقرب البطلان) کما نسب إلی الأکثر لما ذکر من حکم العقل به. و فیه نظر لأنّا لا نرید بالملک أکثر من ملک الحرّ نفسه و هی الملکیة الإلهیة المعارة للحر و لذلک ملک منفعتها و صح إیجارها فالحر من کان مالکاً نفسه و العبد هو الذی أعاره اللّه تعالی ملکیة نفسه لغیره فمن سلب ید الغیر عنه بإعراض علی القول بزوال الملک بمجرّده علی أحد الوجهین أو المکاتبة أو تحریر أو تنکیل أو تدبیر أو غیرها من الأسباب ملک نفسه و صار حرّاً علی تأمل فی القسم الأول فلا مانع عقلًا من جعل الشراء من تلک الأسباب و فی المغایرة الاعتباریة غنی عن الحقیقة و فی جواز نکاح الأمة و جعل عتقها صداقها ما یرشد إلی ذلک بل ذلک أولی بالجواز و لما کانت للعبد ذمّة تشتغل بقیمة المتلفات و أداء الواجبات أمکن أن یملک نفسه و مرجعه إلی ملک بدنه و یملک مولاه الثمن علیه حالًا فتحصل الحریة و ملکیة الثمن دفعة فالدور معیٌّ مثله فی المکاتبة و جعل العتق صداقاً علی إن الأحکام الشرعیة لیست علی حدّ العقلیة فلم یکن فیما نسب إلی الشیخ من إطلاق الجواز و الناقل أدری بما نقل أو تخصیصه بالتأجیل کما فی المبسوط و هو محل نظر الکتاب فی الکتابة منافاةً للدلیل العقلی کما ظن علی أن التملیک هنا لیس علی حدّ غیره من التملیکات لو قلنا به و إنما هو فکّ و إزالة هذا مع الحلول (و إن کان الثمن مؤجلًا) فهو أقرب إلی الصحّة عقلًا لاستقرار الثمن بعد استقرار الحریّة فیه فیندفع الدور الناشئ عن تنجیز الملک و شرعاً لقرب دعوی التنقیح

ص: 202

المستفاد من حکم الکتابة و الظاهر تساویهما فی الدخول تحت دلیل المنع المتقدم لو تمّ و کیف ما کان فالحق اعتبار هذا الشرط لا لما ذکر بل لأصالة بقاء الشی ء علی حاله حتی یعلم الناقل و لیس سوی الأدلّة النقلیة من کتاب و سنّة أو إجماع مما دلّ علی عموم العقود أو خصوص أنواعها و هی غیر شاملة لغیر المغایرة و یکفی الشک فی شمولها و لو لا قیام الإجماع و الأدلة علی خصوص الکتابة و نحوها لقلنا بمنعها فظهر أن المنع إنما یتم فیه (بخلاف الکتابة) لما ذکرناه، و کذا لا یجوز تملک منفعته باستئجار و نحوه من مولاه لیملک خدمة نفسه و لا یبقی للمولی سلطان علیها و إن حصلت المغایرة لما ذکرناه و لأن المولی لا یملک علی عبده شیئا إلا فیما ورد به النص، و أما شرائه بنفسه بمولاه شیئا و نحو ذلک فبطلانه واضح لا حاجة إلی التنبیه علیه.

شرط الانتفاع و القدرة علی تسلیمه

و من الشرائط المطلقة فی جمیع العقود المعدّة للانتفاع لا بمجرد التسلط و العلقة کالنکاح فی الجهة المعدّة له أو مطلقا علی اختلاف الوجهین (و الانتفاع به) عقلًا و شرعاً و عادةً (فلا یصح) العقد علی ما یستحیل نفسه عقلا لعدم إمکان الوصول إلیه أو تعذر صفة النفع فیه و لا (علی ما أسقط الشرع منفعته کآلات الملاهی) و الأصنام و الصلبان و نحوها و ربما أغنی هذا الشرط عن الشرط الأول و الخامس فی کثیر من أقسامها (و لا علی ما لا منفعة له) فی جمیع ما لا یعدّ نافعاً عرفاً لعدم الحکمة و عدم شمول الأدلة و للأخبار الخاصة عامة و خاصة و الظاهر أن المراتب تختلف فمنه ما لا یعقل فیه ملک و منه ما لا یعقل فیه سوی التملیک المجانی فإن المدار علی دفع السفه و تختلف أحواله باختلاف محالّه

ص: 203

(کرطوبات الإنسان) من فضلاته و عرقه و صدیده و قیئه (و شعره و ظفره عدا اللبن) لحصول الانتفاع به و فی إلحاق شعر النساء و الرجال لیوضع وضع القرامل و الحصی للدواء و نحوهما وجه و من الشرائط المطلقة أیضا فیما یراد منه الانتفاع لا مجرد العلقة و الارتباط (و القدرة) العقلیة العرفیة العادیة بالنسبة إلی المتعاقدین (علی التسلیم) مطلوباً لذاته کما یقتضیه ظاهر الإجماع المنقول بلسان جماعة علی اشتراطها مطلقاً و فی خصوص بعض المحال فیعم بالإجماع علی عدم الفرق أو بطریق تنقیح المناط أو لتوقف التسلم علیه فیکون مطلوباً بالتبع علی نحو المقدمة و هو الأقوی اقتصاراً علی المتیقن فی الإخراج من العمومات بقسمیها و لاستنادهم إلی لزوم السفه و العبث و الغرر و هی مترتبة علی العجز عن التسلیم دونه و هو قرینة علی تنزیل المطلقات أو العمومات من الأخبار و الإجماعات المنقولة علی ذلک، و فی" الانتصار" فی بیع الآبق ما یؤذن بالإجماع علی الاکتفاء به فلو حصل المبیع فی مکان أو فی ید یتعذر علی البائع دون المشتری الوصول إلیه فیهما جاز البیع و سیجی ء تمام الکلام فیه. و یتحقق القدرة علیه بنصب شرک أو حبالة أو توسیط الشفعاء و بذل المال مما لا یضر بالاعتبار و لا بالحال و هو شرط علمی و وجودی معاً علی الأقوی فلو باع علی أنه قادر أو عاجز فظهر الخلاف بطل البیع للزوم العبث و الغرر و الأقوی الاکتفاء ببعض أوقات الاستحقاق فلا یضر انفصالها عن وقت المعاملة. نعم لو قدّر قبل حلول أجل السلم و عرف العجز بعده فالأقرب البطلان و لو تبعضت القدرة فی الأعیان و الأزمان کان کما لو تبعضت الصفقة و ثبت الخیار و هو فی وجه قوی و لو توقفت القدرة علی انقلاب حقیقة المبیع کصیرورة التمر و الزبیب خلًا و الحب زرعاً

ص: 204

و البیض فرخاً قوی المنع و هو شرط من الجانبین بالنسبة إلی العوضین لیرتفع العبث و الغرر عن الطرفین (فلا یصح بیع) المملوک من (الطیر) حیث یکون (فی الهواء) و لا بالشراء به و نحوهما مطلقاً کما نقل الإجماع علیه کذلک من جماعة أو مقیّداً بما (إذا لم تقضِ العادة بعوده) کما أورده جمع من فحول الأواسط و المتأخرین أما مع ذلک فیجوز لحصول القدرة و ارتفاع العبث و السفه به و علیه العمل و ربما نزّل مطلق الإجماع علیه و إذا لم یکن فی الهواء فإن کان فی برج مغلوق علیه ففی" التذکرة" أن الجواز متفق علیه و أما إذا کان مفتوحاً فظاهر المبسوط منعه و نسب إلی بعض الفرق بین سعة الباب فیمنع و ضیقها فلا یمنع و حیث علم من تتبع الکلمات و إمعان النظر فی الروایات إن المدار فی المنع علی لزوم السفه و العبث لا علی التعبد البحت کان الصواب مضمون ما فی الکتاب و علیه یُنزّل إطلاق الإجماع المنقول علی لسان جماعة من الفحول (و) کذا (لا) یصح بیع (السمک) مع بقاءه (فی الماء) فی حال من الأحوال (إلا أن یکون محصوراً) حصر مائه أو لا فلا منع مطلقاً کما ادعی علیه الإجماع فی" المبسوط" و" الغنیة" و نسبه فی" التذکرة" إلی الإمامیة و أکثر العلماء، و إن ذهب بعده إلی الجواز مع القیود الآتیة فی کلامه و لا جواز مقید بملکیته و إمکان صیده و رقّة مائه بحیث لا یمنع مشاهدته کما فی" التذکرة" و لا مع إضافة کونه من صنف ما یباع عدداً کما فی کلام بعض و لا بجمع صفتی المشاهدة و المحصوریة معاً فإن فقد أحدهما فلا یجوز إلا مع الضمیمة کما نقل علیه الإجماع فی" التحریر" و" الروضة" و استظهر عدم الخلاف فیه فی غیرهما و لا فی اجتماع صفات هی قلّة الماء و صفائه و مشاهدة السمک فیه و إمکان تناوله بلا

ص: 205

مئونة کما نفی عنه الخلاف فی" الخلاف" و لا بعدم التعب الشدید فی أخذه، کما هو أضعف الوجهین فی" التذکرة" و" نهایة الإحکام" و غیرهما و حیث کان الظاهر أن المدار فی الصحّة و عدمها علی حصول الغرر و عدمه و القدرة و عدمها و أنه لا مدخلیة للماء و صفائه و لا للسمک مع اختلاف حالاته لزم تنزیل العبارات و منقول الإجماعات علی إرادة ذلک و إن اختلافهم فی تعدد الصفات منشؤه إرادة المثال فی دفع الإبهام و حصول القدرة فیکون الشرط فی صحّة البیع أمرین: القدرة علی التسلیم، و عدم الغرور من جهة الجهالة یؤذن ما فی الخلاف من أنه إذا کان الماء کثیراً صافیاً و السمک مشاهداً إلا أنه لا یمکن أخذه فعندنا أنه لا یصح بیعه إلا أن ینضم إلیه شی ء و إذ انضم إلیه شی ء جاز إجماعاً فیکون الحصر هنا کنایة عن حصول العلم و القدرة و من یأبی عبارته التنزیل فنحن مطالبوه بالدلیل و یکفی فی القدرة حصولها و لو بعد حین بخلاف العلم فإنه لا بد من حصوله حین العقد و قد علم من إجماع" الخلاف" و" الغنیة" و ارتفاع الفساد من جهة عدم القدرة بالضمیمة، و أما دفع فساد الجهالة بها فقد ظهر من بعض عباراتهم غیر أنه لم تقم حجّة واضحة علیه فمنع" التحریر" علی وجه یعمّ المقامین صاحبها أدری بما فسّره و سیأتی تمام الکلام فیها إن شاء اللّه تعالی. (و لا الآبق) الذاهب عن مولاه عاصیاً له بلا خوف و لا کدّ عمل و لا الآبقة و لا الممتنع و لا الضائع مما لا یرجی عوده و لا الضائعة من الإنسان و غیره (منفرداً) عن الضمیمة و للبحث فیها و فی غیر الإنسان محلّ آخر للزوم السفه و العبث و منافاة الحکمة و الشک فی الاندراج تحت الأدلة فیبقی أصل بقاء الملک للأول علی حاله و للإجماع بقسمیه و جعله فی

ص: 206

" التذکرة" مشهوراً و نسبة الخلاف إلی بعض هو أدری بوجه، و للأخبار الدالة علی المنع من دون ضمیمة و فیها المعتبر و المنجبر من غیر فرق بین ضمان البائع و عدمه فلا نخص الفساد بالثانی کالإسکافی و لا بین علم المشتری بعجز البائع و عدمه فلا یخص الصحّة بالأول کبعض الأصحاب (إلا علی من هو فی یده) حقیقةً أو حکماً، و هل تقوم قدرة المشتری علیه مقام الید و ربما أدرج فی العبارة بضربٍ من التأویل؟ الظاهر نعم کما علیه جماهیر من المجتهدین من القدماء و الأواسط و المتأخرین و ظاهر الانتصار من متفردات الإمامیة وجود المقتضی من العمومات مع ارتفاع الموانع من غرر أو سفه أو عبث و غیرها کاف فی إثبات الجواز و قد سبق منا استظهار أن القدرة علی التسلیم لیست مقصودة إلا بالتبع و إنما المقصد الأصلی هو التسلم لأن الحکمة و الغرض منوطان به، و هل یجری حکم المنع فی محلّه إلی العقود اللازمة المتعلقة بالأعیان المبنیّة غالباً علی المسامحة کالصلح أو الجائزة کذلک بالأصل أو بالعارض مع التعریض و عدمه و المتعلقة بالمنافع منهما علی نحو ذلک؟ وجهان أقواهما المنع علی وجه العموم و یظهر وجهه بالتأمل.

(و العلم) بالعوضین علی نحو یصدق اسمه عرفاً أو یحصل بالمعرفة الدافعة للغرر و هو شرط متعلق بجلّ المعاملات أو کلّها و تفصیل الحال أنه یختلف باختلاف المحال و یغتفر الجهالة من دون أَوْلٍ إلی العلم مطلقاً فی مقام الإسقاط کالإبراء و الصلح الإسقاطی و یکفی الأول إلی العلم فلا یشترط العلم حین العقد فما وضع علی المسامحة کالصلح الناقل و النکاح فی شأن المهر و العقود الجائزة و المعاطاة فی الأعیان و المنافع و الشروط التابعة لکنها تختلف ففی بعضها یعتبر العلم حین العقد بوجه

ص: 207

ما و هی مختلفة قوةً و ضعفاً، و فی بعض آخر لا یعتبر ذلک یظهر ذلک بالتأمل، ثمّ ما وضع علی تملیک الحصة یعتبر فیه معرفتها و إن کان ممن یؤول إلیه من المغیبات کالمزارعة و المساقاة و الشرکة و المضاربة، و أما عقود المعاوضات المبنیة علی اللزوم و عدم المسامحة فی الأعیان أو المنافع فیعتبر فیه التمیّز التام الدافع للنزاع و الخصام لأن العقود إنما وضعت لذلک؛ و لنهی سیّد البشر عن دفع الغرر و البحث فی السند من جهة الإرسال و فی الدلالة من جهة أصل النهی أو صیغة نهی أو ثبوت الفساد بعد التحریم أو عموم البیع أو الغرر أو تعمیم العقود اللازمة أو ظهوره فی التدلیس لا وجه له و للإجماع المنقول فی خصوص البیع، و فی تتبع ما ورد من النهی من موارد خاصة مع ضمیمة الإجماع المرکب یظهر ثبوت القاعدة العامة.

بیع المجهول

(و) مما ذکر تبین أنه (لا یصحّ بیع المجهول) جنساً أو نوعاً أو صنفاً أو شخصاً مع إرادته أو کماً أو کیفاً أو زماناً أو مکاناً أو جمیع ما یبعث علی اختلاف الرغبة عادة سوی القیمة السوقیة و لا البیع و لا شرائه به (و لا الشراء به) حتی کون معلوماً عند العاقد المستولی للّفظ أو المعنی أصیلًا أو وکیلًا أو ولیاً أو فضولًا علی الکشف أو النقل علی إشکال یتقوی فی الأخیر کما فی الوکیل علی مجرد إیقاع الصیغة للإجماع المنقول علی اشتراط العلم بالعوضین من بعض و علی خصوص الثمن من آخر مع نقل الإجماع علی عدم الفرق بینه و بین المثمن و علی مطلق العقود علیه من ثالث (و لا تکفی المشاهدة) و لا اللمس و لا التخمین (فی المکیل و الموزون و المعدود سواء کان عوضاً) فی عقد غیر بیع مما بنی علی

ص: 208

المداقّة أو فی غیر عقد أو (ثمناً) أو مثمناً (بل لا بدّ من الاعتبار بأحدها) فی کلّ بما یناسبه عادة أو حدس یفید مفاده و یقوم مقامه لو أمکن لعدم اندفاع الغرر و ارتفاع الجهالة الموجبة له إلا به هو للإجماع محصلًا و منقولًا عن جماعة علی اشتراط العلم فی مطلق المعاملة أو مطلق البیع کما مرّ، و لا یتحقق إلا بذلک أو المنقول منه فقط علی اعتبار الکیل فی المکیل و علیه و علی اعتبار الوزن فی الموزون صریحاً أو بلفظ علیه الفتوی أو علی اعتبار أحدهما فی الصبرة مع استفادة العموم من الإجماع علی عدم الفرق و من تنقیح المناط فلا تأمل بعد ذلک فی ثبوت الإجماع فیه و ما فی بعض عباراتهم من اشتراط الکیل و الوزن فی المکیل و الموزون هو المشهور و فی بعضها أنه الأشهر و فی أخری ذلک فی خصوص ثمن السلم لیس إلّا لخروج معلومی النسب المسبوقین بالإجماع و الملحوقین کابن الجنید و الشیخ فیما نسب إلیه من جواز بیع المجهول مطلقاً أو خصوص بیع الصبرة جزافاً، و کالسیّد فی ثمن السلم و هم محجوجون بما تقدم، و بالأخبار الکثیرة المشتملة علی صحیح و موثوق و غیرهما مع اعتضادها بالإجماع المحصل و المنقول و الشهرة کذلک و بموافقة الحکمة و مخالفة العامة و بذلک تضعف الأخبار المقابلة عن المعادلة فمیل بعض متأخری المتأخرین و تشکیک بعض آخر منهم لا یُلتفت إلیه و اعتبار القدر المشترک بین الأنواع المختلفة کاعتبار رائج المعاملة لا یرفع الجهالة، نعم لو بنیت المعاملة علی المعادلة من غیر اعتبار لخصوص المقدار فلا یبعد ارتفاعها علی أن جانب المنع فیه أقوی، و لا بد من اختبار کل من الموزون و المکیل و المعدود کلٌّ بصفته المعتادة من وزن أو کیل أو عدد فلا یقوم واحد فی غیر محله مقام أحد أخویه فی غیر ما سیجی ء بیانه لعدم اندفاع

ص: 209

الغرر به فی صورة الست و فی" التحریر" عدم الخلاف فی منع بیع الموزون کیلًا فیمتنع بالأولی بیعه بل بیع المکیل عدّاً و الاستناد إلی روایة وهب فی جواز القسم الأول فی السلم مردود بضعفها فی نفسها ثمّ بمعارضتها الشهرة و الإجماع المنقول و القواعد السابقة علی أنها لا دلالة فیها و ذهب جماعة إلی جواز بیع المکیل و المعدود وزناً بناءً علی أنه الأصل و الأقوی فی دفع الغرر و للخبر السابق فی سلم المکیل وزناً و الکل لا یصلح حجّة و تجویز بیع المعدود کیلًا مبنی علی أنه أدفع للغرر، و هو فی محل المنع ثمّ هذا کلّه فیما لم یعلم حاله فی زمن النبی (ص)، أما ما علم فیجوز بیعه علی حاله السابق و لو علم تغییره عادة للإجماع المنقول علیه لا باعتبار صدق المشتق علی الماضی فما کان جزافاً یبقی علی جوازه جزافاً، و ما کان اختیاره بنحو یبقی علی حال اختیاره و إن استلزم الغرر علی إشکال و فی خصوص الحنطة و الشعیر یجوز اعتبار الوزن و إن کانا مکیلین فی عهده (ص) للإجماع المنقول علیه فالمرجع إلی العادة مشروط بجهل الحال فی زمانه بالمرّة أو العلم بالتقدیر و جهل الخصوصیة و مع فقدها فلا یلحظ فی الأول سوی حصول الغرر و عدمه، و أما فی الثانی فقیل یقدم الوزن لأصالته و قیل الکیل لغلبته و قیل یتخیّر و الظاهر أن حاله کحال ما قبله ثمّ الرجوع إلی العادة مع جهل الحال و اتفاقها اتفاقی و لو اختلفت فلکلّ بلد حکمه کما هو المشهور، و هل یراد بلد العقد أو المتعاقدین الأقوی الأول و لو تعاقدا فی الصحراء رجعا إلی حکم بلدهما و لو اختلفا رجح الأقرب أو الأعظم أو ذو الاختیار علی ذی الجزاف أو البائع فی مبیعه و المشتری فی ثمنه أو یبنی علی الإقراع مع الاختلاف و ما اتفقا علیه مع الاتفاق أو التخییر

ص: 210

و لعله الأقرب و یجری مثله فی معاملة الغرباء فی الصحراء مع اختلاف البلدان و الأولی التخلص بإیقاع المعاملة بنوع لا تفسده الجهالة من صلح أو هبة معوضة أو معاطاة و نحوها و لو حصل الاختلاف فی البلد الواحد علی وجه التساوی فالأقوی التخییر و مع الاختصاص بجمع قلیل إشکال (و لا یکفی) الاعتبار بصاع غیر صاع البلد کما فی الروایة أو صاعه مع التعدد و الاختلاف أو الجهل و لا بصخرة مجهولة المقدار عند أهل البلد أو عند أحد المتعاقدین و لا بعدد معیّن مجهول النسبة عند أحد المتعاقدین حین العقد کبیع عدد أصواع من الصبرة و هو أقل عدد له نصف و لنصفه نصف من غیر کسر علی من لا یعرف علم الحساب حتی یقول أربعة و لا (الاعتبار بمکیال مجهول) أو نحوه مما لا یدفع الغرر لما مرّ و للإجماع المنقول علی عدم الفرق بین الاعتبارات الثلاثة و لو وضع حاکم الوقت الجائر للکیل أو الوزن معیاراً أو للمعاملة نقداً معنیین جاز العمل علیه قبل شیوعه علی الأقوی کالعادل، و لو اختلف الحال بتغیر بعض الأنواع عن صورتها بطبخ أو طحن أو خبز أو جزّ أو قطف أو حصاد و نحوها اتبع حاله بعد التغیر و لو نقص لقلة عن اعتبار الکیل أو الوزن أو العد بیع جزافاً و لو قصد بمعاملة یمکن تطبیقها علی البیع و غیره مما یغتفر فیه الجزاف کالمعاطاة حیث یجری حکم العقد فیها و کلفظ ما ملکت و نحوها مجرد نقل الملک من دون قصد خصوصیة نوع فهل ینزل علی وجه الصحّة لو تعلقت بالمجهول أو یحکم بفسادها لانصرافها إلی البیع أو خروجها بالإجمال عن الجمیع؟ وجهان أقواهما الفساد لقوة دلیله و بیع المعدوم من بیع الغرر فی غیر ما سیجی ء استثناءه و لیس منه ما جهلت ملکیته أو بقاءه فیصح مع قیام الاحتمال علی إشکال (و)

ص: 211

المصنف کجمع عبّر بلفظ (لو تعذر) و بعض یتعسر و آخر یشق و فی السؤال عن الإمام بلفظ لا نستطیع أن نعدّه و الظاهر وحدة الجمیع (وزنه أو کیله أو عدّه) لکثرته مطلقاً (اعتبر) فی الأقل المجزی (وعاء) واحد (و أخذ الباقی بحسابه) من غیر وزن و لا عدّ لدلالة کل واحد من الخبرین علی واحد منهما و طریق التنقیح أو طریق الأولی یفید قیام الوزن مقام الآخرین و فی قیام العدّ مقام الکیل و الوزن بحث. و الحق أن المسوّغ إن کان هو العذر و لیس للخصوصیة مدخلیة و لم یکن إمکان التخلص بالصلح و نحوه مسقطاً للعذر جازت الأقسام بتمامها مراعیاً للأولی فالأولی فی دفع الغرر حتی ینتهی إلی الجزاف المحض و کذا علی القول بأن الغرر مندفع بذلک إذ لا یزید علی اختلاف الموازین و المکاییل و لا العقارات و المثلیات مع الاعتماد علی التوصیف و لیس فی الأخبار ما یقتضی التخصیص، أما لو قلنا بثبوت الغرر و الاستثناء من القاعدة لزم الاقتصار علی ما فی الأخبار، ثمّ الحقّ إن الحال یختلف باختلاف المحال فحکم الجواهر و الأمور التی تبتنی علی المداقّة فیها غیر حکم غیرها. (و تکفی المشاهدة) و ما یقوم مقامها من الوصف فی مختلف الأجزاء مما یکون الغرض متعلقاً بهیئته لا بثقله بحسب الوزن و خفته و لا بنقصه بحسب الکیل و زیادته و لا بعدّه و مساحته أو ما لا یکون لأجزائه بعد التفرق لیاقة للاجتماع علی نحو ما کانت و الأول أولی لجریانه (فی الأرض و الثوب) و هو مطلق اللباس دون الثانی فإنه لا یعمّ الأرض مع احتسابها فی مختلف الأجزاء إلا بتکلف فیجوز بیعها (و إن) ذُرِعا و (لم یذرعا) لأن اختلاف الأجزاء باعث علی الاکتفاء بالمشاهدة کما فی البهائم و الغروس و الظروف و نحوها إذ لیس مدار الرغبة فیها غالباً علی

ص: 212

ثقل الموازین و خفتها و لا علی کبر المکائیل و لا علی صغرها و لا علی عدّها و لا علی مساحتها فیرتفع الغرر بالمشاهدة و تبقی العمومات فی العقود علی عمومها و فی الأنواع الخاصة منها علی حالها خالیاً عن المعارض و للإجماع المنقول فی" التذکرة" و ما نقل عنه فی غیرها علی خصوص الثوب و علیه و علی الأرض ربما اتحد مع ما فیها بإرادة المثال و فی طریق الأولویة و تنقیح المناط کفایة و لا ینظر إلی الخلاف فی سلم" الخلاف" و" المبسوط" علی أن فی مسألة بیع الصبرة من الأخیر موافقة لمورد الشهرة کما لا ینظر إلی نظر" المختلف" و اختیار" الشرائع" و احتیاطه و خلاف الحلبی. لو صحّ لا یبعث علی التردد فی الصحّة. و الحقّ أن قاعدة الغرر مثبتة لا یسوغ هدمها إلا بأقوی منها، و أنی لنا بذلک؟ فیدور الحکم مدارها فما کان من الثیاب مخیطاً یطلب وضعه لا ذرعه و من الأرض یطلب فسحته لا ذرعته و من البهائم تطلب هیئة اجتماعها لا عددها لا یتوقف بیعه علی ذرع أو عدّ و ما بنی علی المداقّة فلا بدّ من ذلک منه (و لو عرف أحدهما الکیل أو الوزن) أو العدّ أو الذرع لما فی یده أو ید غیره (و أخبر الآخر) بواسطة أو بدونها و کان المخبر غیرهما فلیس للید مدخلیة و لیست المسألة تعبدیة (صحّ) کما لو أخبر بالکیلة أو الصخرة مع حصول المظنة الدافعة للغرر بذلک الخبر عدلًا کان المخبر أو فاسقاً و لو اختلف الخبر فالمدار علی ما یحصل منه الاطمئنان و مع عدمه لا بدّ من الاختبار و ذلک لأن مقتضی العمومات من الکتاب و السنّة صحّة العقد و لا غرر یعارضها إلا فی بعض الصور فیقصر المنع علیه و للإجماع المصرح بنقله من بعض الظاهر من" التذکرة" علی وجه یشمل المتبایعین فی أحد المقامین و یخص البائع

ص: 213

بالأخیر، و للأخبار الکثیرة و الاقتصار فیها علی الکیل أو غیره محمول علی المثال للإجماع علی عدم الفرق و ما یقتضی خلافه محمول علی عدم حصول الاطمئنان أو علی بیان ما فیه الرجحان فإن لم یوافق الخبر الخبر (فإن نقص أو زاد) علی نحو یترتب علیه الغبن عرفاً (تخیّر) الأخذ فی الأول و الدافع فی الثانی إذا حصلت شرائط خیار (المغبون) و تحقق الغبن باعتبار العین لا یتوقف علی حصوله باعتبار القیمة و یتمشی فیه خیار التبعیض بغیر المعنی المصطلح بین الردّ و بین الأخذ بالثمن أیضاً و احتمال خیار الوصف أو الاشتراط لفوات وصف التمام یضعف بأنهما لا حکم لها إلا مع التصریح بهما (و لو کان المراد) منه (الطعم أو الریح) أو اللمس و نحوها و کان ذا نوعین واجد للوصف و فاقده أو کان مما یختلف فیه الوصف اختلافاً فاحشاً فلا یجری فیه أصل السلامة و لا استصحابها أو کان مما تعارضت علیه الأحوال فلا یجری فیه استصحاب الحال و کان مما لم یکن فیه الاختبار (افتقر إلی معرفته) و فی بعض عباراتهم أنه لا بد من اختباره (بالذوق) فی المذوق (أو الشمّ) للمشموم أو اللمس للملموس و هکذا و التنزیل علی إرادة الرجحان لدفع التدافع بینها و بین العبارات اللاحقة یغنی عنه اعتبار القیود السابقة (و یجوز شراؤه) و الشراء به أو نحوهما مما یلزم فیه الاختبار (من دونهما بالوصف) الدافع للغرر بین البائع أو المشتری أو غیرهما کذلک علی إشکال مع العدالة و بدونها مع حضوره و غیبته لاندفاع الغرر به و الأمن من الضرر بالإقدام علی الخیار حیث یکون صاحب الید و منه یقوم احتمال الفرق بین بیع شرط فیه الخیار و غیره لکن الظاهر من کلامهم عدم الفرق فیبقی عمومات الکتاب و السنّة محکمة فیه و للإجماع المنقول فضلًا عن

ص: 214

المحصل کما لا یخفی علی المحصل، و الأدلة قاضیة بعدم الفرق بین الغیبة و الحضور و احتمال" السرائر" تخصیص الجواز بالغیبة لا نعرف سرّه و ربما کان احتمال العکس أقرب إلی القبول (فإن طابق) مطابقة عرفیة (صحّ) البیع علی وجه اللزوم و الأصحّ (و إلا تخیّر) بین الإمضاء و الفسخ بخیار الوصف لأنه جزئی من جزئیاته (و الأقرب) من الأقوال ما قال بعض أنه خیرة المتأخرین و بعض أنه المشهور، و ثالث أن علیه أکثر أو عامة من تأخر من (صحّة بیعه من غیر اختبار و لا وصف بناءً علی أن الأصل فیه السلامة) بمعنی القاعدة فیعمّ أو الاستصحاب الباعث علی مظنتها الدافعة للغرر لا لمحض التعبد علی الأقوی فیجری فی أکثر الأفراد مع اشتراطها و عدمه و مع إمکان الاختبار و عدمه و مع المشاهدة و عدمها خلافاً لمن أطلق المنع أو مقیّدة باشتراطها أو بإمکان الاختبار أو شرط الجواز بالمشاهدة غیر مقیّد لها بتوقف دفع الغرر علیها مبنی علی نفی الخلاف فیه و الوجه هو الأول للعمومات السالمة عن معارضة دلیل الغرر لاندفاعه بما مرّ و للسیرة القاطعة فإن کثیراً من الصفات لا تظهر إلا بعد ضروب من التصرفات فیلزم الفساد العظیم فی أکثر المعاملات؛ فإنّا إن لم نبنِ علی أصل الصحّة فی المذوق و المشموم لم نبنِ علیها فی غیرهما و یسری إلی الحیوانات و العقاقیر و غیرها مع إن الاطلاع علی العیوب کثیراً ما یتوقف علی التصرف الکثیر فی الزمان الطویل و خبر ابن الغیض المشتمل علی سؤال الصادق (ع) عمن یشتری ما یذاق بذوقه قبل أن یشتری و الجواب بأن قال: ( (نعم فلیذقه و لا یذوقنَّ ما لا یشتری)) مع الإغماض عن سنده ظاهر فی بیان المنع عن ذوق مال الغیر بغیر إذنه إلا مع قرینة الفحوی المحصلة من إرادة الشراء کما یظهر عن عجزه و من

ص: 215

حکم من الأصحاب بالفساد مع عدم الاختبار و ذیل ذلک بأنه مع عدم الانطباق الوصف یثبت الخیار مقتضی تصحیح کلامه بتنزیل أوله علی ذیله فیراد نفی اللزوم و اشتراط المشاهدة من البعض یمکن تنزیله علی ما إذا توقف دفع الغرر علیها فتکون الکلمة متفقة إلا من نادر لا عبرة به (فإن خرج معیباً) و لم یتقدم علمه بالعیب و لا شرط البراءة منه (فله الأرش) خاصة و هو تفاوت ما بین قیمة الصحیح و المعیب حین الانتقال فی ذلک الوقت (إن تصرف) تصرفاً مبطلًا للرد (و إلا) یتصرف کذلک کان له الخیار بین (الأرش أو الرد) علی وفق القاعدة فیهما (و الأعمی و المبصر) و فاقد الذوق و الشمّ و واجدهما (سواء) الاشتراک المقتضی و المانع بینهما فتخصیص بعضهم الأعمی بجواز الرد مع التصرف وکالة لأنه أعذر من غیره فیسری الحکم إلی فاقد الذوق و الشمّ و نحوهما عنده فلیس له وجه یعوّل علیه (و لو أدّی اختباره) علی وجه یدفع الغرر الحاصل للإبهام فی أصل خلقته (إلی الفساد کالبطیخ و الجوز) و اللوز (و البیض) و الرمان و نحوه أو لطروّه بعارض صنعة أو وضع فی ظرف یکون معه کالشی ء الواحد مثلًا إلی الإفساد (جاز) البناء علی لزوم (بیعه) و الدوام علیه (بشرط) ظهور (الصحّة) بعد الاختبار فیجوز البیع من دون اشتمال علی شرطها و شرط البراءة من العیوب کما هو الأشهر فی روایة، و قول الأکثر فی أخری لقضاء العادة الدافعة للغرر فإنه قد یعرض بحدوث صفة کالجز و الجذ و قد یرتفع لعروض أخری خلافاً لمن اشترط إدخال اشتراط الصحّة فی العقد ناقلًا فیه الإجماع و لمن اشترطها مع البراءة أو أحدهما لا علی التعیین مطلقاً أو فی خصوص الأعمی و کثیر من عباراتهم تقبل التنزیل علی رأی المشهور علی نحو ما ذکرناه مما شرحناه و لو بنیت علی

ص: 216

ظاهرها دلّت علی بطلان البیع من دون إدخال الشرط و کأنه لاحتمال الفساد بالمرّة فینتفی أحد الرکنین و ذلک باعث علی عدم قصد المعاملة أو احتمال العیب فتلزم الجهالة. و فیه ما لا یخفی و الظاهر إن ترتب الضرر لیس علّة تامّة مستقلّة فی عدم لزوم الاختبار فی کلّ جهالة لإمکان اندفاعه بالصلح و نحوه و لعدم دورانه مداره علی وجه العموم و إلّا لجاز فی کل ما حصل فیه مانع من خارج کظالم أو بعد مسافة و نحوهما أو من داخل و لا نقول به و دعوی تأثیر الشرط فی صحّة العقد لا وجه لها لأن الغرر علی تقدیر ثبوته لا یدفعه الشرط و مع عدمه لا حاجة إلیه (فإن کسره المشتری) أو غیره مع الضمان علیه قبل القبض أو بعده (فخرج معیباً فله الأرش الخاصّة) دون الردّ لقضیة التصرف (إن کان لمکسوره قیمة) و لم یتقدم علمه بالعیب و لا شرط علیه البراءة منه (و الثمن بأجمعه إن لم یکن) لمکسوره قیمة (کالبیض الفاسد) إذ لا یستحق الثمن مجاناً و لأنه أکل مالًا بالباطل، و تأمل بعضٌ فیه و کأنه لإقدامه علی بذل الثمن علی کلّ حال أو لأن ذلک لا یخرجه عن اسم المال و ربما یجری مثله فی استحقاق الأرش و یجری الکلام فی بیع ما یحتمل الحرام و الغصب و نحو ذلک. و فیه ما لا یخفی و أُسند إلی جماعة من الأصحاب تخصیص الرجوع بعدم اشتراط البراءة مع إن أکثر عباراتهم فیها تخصیص الأرش فیما لمکسوره قیمة و ینکشف فساد العقد من حینه علی الأقوی لفقد الرکن و أسند إلی ظاهر الجماعة و تفرد بعض باختیار وقت الاختبار، و بعض نظر فی المقام و بنی بعض الأصحاب ثمرة الخلاف فی مئونة الرضاض من مقام البیع مدعیاً أنه علی البائع علی الأول و علی المشتری علی الثانی و قوّی بعض تغریم المشتری علی القولین لأن الحمل لمصلحته

ص: 217

لا بآخر البائع و لا بغروره لمساواته له فی الجهل و لو قیل بتغریم البائع مطلقاً لم یکن بعید لصدور الضرر من قبله، و المغرور یرجع إلی من غرّ إلا إذا اشترط عدمه و عنده الدافع للعصیان لا یندفع به الضمان و تظهر الثمرة أیضاً فیما لو اشتری بعد البیع بعین الثمن.

جواز بیع المسک

(و یجوز بیع المسک) بعد الفتق إذ لا مانع له بحسب ذاته و ما نسب إلی بعض من القول بتنجسه مستند إلی وجهین: إبانته من الحی، و کونه دماً مردوداً بأن الغزال یلقیه کما یلقی الولد و کما یلقی الطائر البیضة فلا یکون جلده قطعة مبانة منه، و لو صح کون الجلد قطعة مبانة ثبتت نجاسته لا نجاسة ما فیه إذ لا تعلم رطوبته بعد الاستحالة، و بأن الاستحالة تقضی بطهارته و لو کان دماً من أصله و الأصل و الإجماع بقسمیه علی أن النبی (ص) کان یتطیب به و للسیرة و بالخبر شواهد علی جواز بیعه (فی فأرة و إن لم یفتق) و لا تضر جهالته لجهالة وزن الجلد بعد وزنه معه و لا عدم العلم بالصحّة و الفساد للأصل و ارتفاع الغرر بالبناء علی أصل الصحّة و جری العادة و دخوله غالباً فی قاعدة ما یفسده الاختبار و استمرار السیرة علیه علی أن من أصحابنا من قال: إنه المشهور من غیر خلاف یعرف، و منهم من ذکر الحکم فقال: لعلّه للإجماع أو نصّ. فهم ذلک من" التذکرة" و هو أعلم بمآخذ فهمه منها، و منهم من نفی الخلاف فیه و نسب بعض إلی بعض العبارات نَقْلُ الإجماع علیه و قد سبق منّا إن کلّ شی ء وُضِع علی حال بحیث لا یعدّ بیعه بلا اختیار جزافاً جاز بیعه و ما نحن فیه من ذلک القبیل. (و فتقه) بأی نحو کان و المعروف أنه یتحقق بإدخال خیط ثمّ إخراجه و شمّه و لعله

ص: 218

مثال، و إنما المدار علی دفع الغرر فیه المتوهم لیس بلازم لأن البناء علی أصل الصحّة رافع للجهالة المخلّة لکنه (أحوط) لدفع الشبهة المتوهمة ثمّ إذا کسره المشتری و خرج معیباً جری فیه ما تقدم فیما یؤدی اختباره إلی الفساد و فی جری الحکم فی صدق اللؤلؤ وجهان: أقواهما لزوم الکسر و التخلص فی مواضع الشبهة بالصلح حیث نقول باغتفار الجزاف فیه مع إمکان العلم أو بالهبة المعوضة أو المعاطاة حیث تعلقها بالعقود الجائزة أوفق بالاحتیاط.

بیع المباحات

(و لا یجوز بیع المباحات) و لا نقلها بأی ناقل کان حیث تکون مباحة (بالأصل) لعدم دخولها فی الملک (قبل الحیازة) الجامعة للشرائط (کالکلأ و الماء و الوحش و السمک) و نحوها فی الأرض المملوکة للإمام أو للمسلمین کافة أو لبعضهم مع اتساعها أو محصوریتها و عدم دخوله فی نمائها و کذا ما أبیح بعارض الإعراض قبل حیازته إلحاقاً له بمباح الأصل و لو قلنا بخروجه عن ملک الأول بسببه و دخوله فی ملک الثانی بالحیازة جاز بعدها علی نحو مباح الأصل و ما أبیح، و جاز الانتفاع به لانتقاله بسبب من الأسباب المملکة جاز بیعه و هو المقابل للمباح الأصل و لا یجوز بیع شی ء من طرق المسلمین و أسواقهم و مقابرهم و حریم بلدانهم و قراهم من مطرح ترابها و مسرح أنعامها و حریم سورها و مسقط آلاته و خندقها من داخل أو خارج إلی غیر ذلک لعدم ملکیتها لهم و إنما لهم حقّ الاختصاص فیها کالحجرة أو ملک الانتفاع و علی القول بالملکیة فهی بمنزلة المفتوحة عنوة فلا تملک بالأصالة أصلًا و لو بطل الانتفاع بها علی الوجه المخصوص صرفت منافعها الجدیدة فی مصالح المسلمین

ص: 219

و یحتمل رجوعها إلی حکم أرض الموات، و لو عمّر أحد بعض أطرافها أو أعالیها أو أسافلها حیث لا یضاد شی ء من المنفعة المطلوبة احتمل إجراء الملک و جواز النقل تبعاً للآثار فإذا زالت زال الملک عنها و رجعت إلی الحالة الأولی کالفضاء الأعلی إذا مُلک دون الأسفل فإذا ذهبت آثاره نوی خروجه عن الملک لا سیما حیث یکون فی أرض مباحة أو مشترکة عامة و المُستنبَط من تلک الأمور من طین أو أحجار أو ماء و نحو لک یجری فیه حکم الملک و یقوی ذلک فی الأوقاف العامة.

بیع أراضی الخراجیة

(و لا بیع الأرض) و لا نقلها بأی ناقل کان من الأراضی (الخراجیة) التی بنیت للخراج لا کل من جاز أخذ الخراج منها فإنه یؤخذ من الأرض الإمامیة مع حضور الإمام (ع) نسبةً إلی الخراج و هو النقد و الجنس الذی یضربهما سلطان الحق أو الجور أو عمالهما و فضولیّهما مع الإجازة أو و کلائهما أو مطلق المتغلب ممن یدخل تحت اسم الجائر أو من قام مقامه علی الأرض أو حاصلها أو زرعها أو نخلها أو أشجارها علی النسبة مساحةً فی الممسوح و عدداً فی المعدود أو وزناً وکیلًا فی المکیل و الموزون و قد یسمی الضریبة و الطسق. و أما المقاسمة فهی أخذ الحصة علی نحو قسمة الشریک و ربما یطلق الخراج علی ما یعمّها و یرادفها و منها المفتوحة عنوة بعنوة الغالبین و قوتهم أو عنوة المغلوبین و ذلّتهم و المرجع واحد بمباشرة السلطان العادل أو نائبه العام أو الخاص أو بإذنهم و لو بالفحوی مع قصد المأذونیة و عدمه فیدخل فیها جمیع فتوحات أهل الإسلام من أهل الوفاق و أهل الخلاف بالقهر و الغلبة لدیار أهل الکفر و أراضیهم و غصبهم لمقام الإمام (ع) لا ینافی الإذن

ص: 220

بعده فی تقویة الإسلام فلا یبقی فرق بین الفتح فی زمان عدم ظهور السلطان العادل و ظهوره مع بسط یده و عدمه مع الإذن الصریحة و بدونها ففتوحات الخلفاء الثلاثة و الأمویین و العباسیین و العثمانیین و البویهیین و الصفویة و غیرهم من سلاطین المسلمین من هذا القبیل لأن السعی فی إظهار کلمتی الشهادة مطلوب فی نفسه، و فی بشری النبی (ص) للصحابة حیث برقت من ضربة الصخرة برقة أشرقت بها أطراف بلاد المسلمین بأنهم یملکونها إیذان بذلک و علی هذا و علی هذا فلا حاجة فی عدّ أرض السواد مع کونها مفتوحة الثانی منها و إجراء حکمها فیها إلی ادعاء أن فتوحه بتمامها کانت عن رأی أمیر المؤمنین (ع) و إلی إثبات ذهاب الحسنین (علیهما السلام) فی جیشه المرسل إلیها و عدم الرضا بالمبادئ لا یستلزم عدمه فی الغایات مع إن فیه إیذاناً بما قلناه و یؤیده ما یستفاد من الصحیح عن الباقر (ع) من أن جمیع ما فتحت عنوة بعد النبی (ص) حکمه حکم أرض العراق و إن أرض العراق امام الأراضی یفعل فی جمیعها ما فعل أمیر المؤمنین (ع) فیها و ظاهره دخول جمیع الفتوحات بعده و یؤیده احتسابهم أرض الشام و خراسان منها، و جری الخراج مستمراً علیهما و علی فرض عدم الدخول فی الإذن یمکن تخصیص قاعدة إن کلّ ما أخذ من غیر إذن الإمام من الأنفال بغیر ما أخذ بالقهر من أراضی الکفار لقضاء العموم بأن الأراضی المأخوذة بالقهر للمسلمین و الاختصاص بالإذن ظاهر فی غیر الأرضین و المذکور فی التواریخ.

منها أرض العراق التی سمّاها الجیش حین ظهر علیها و رآها ملتفة الأشجار سواداً و هی ما بین عبّادان- قریة شرقیّ البصرة و بین الموصل

ص: 221

طولًا و ما بین طرفی القادسیة الأعلی و منقطع جبال حلوان الأسفل عرضاً- و الظاهر دخول الحدود فی المحدود و استثنی من طوله ما کان علی ساحل البحر من غربیّ الدجلة التی تلیه البصرة مثل شط عثمان بن أبی العاص حیث إن أرضه کانت مواتاً إلی حین الفتح فأحیاها و هو مبنیّ علی عدم إجراء حکمها فی الموات، و بعض الشافعیة أدخلها فی أرض الصلح و بعض العامة تردد.

و منها الحیرة- و هی بلدة قریب الکوفة و أخری قریب عانة- و قیل صلحاً.

و منها خراسان مع الاختلاف فی بعض البلدان منها کنیشار و بلخ و هراة هل فتحت عنوة أو صلحاً.

و منها الشام و نواحیها و نقل اشتهار فتح العنوة فیها و فی اللتین قبلها، و قیل إن حلب و حمص و حمی و طرابلس فتحت صلحاً، و إن دمشق فتحت غیلة و غفلة، و ربما دخلت فی العنوة و إن کان بعد طلب الصلح.

و منها أراضی هوازن قبیلة من قیس مسکنها حول الطائف. و منها الری. و منها مکّة کما نقل فیه الإجماع، و قیل فتحت صلحاً، و قیل أعالیها عنوة و أسافلها صلحاً، و من تأمل فی السِیَر و اطلع علی التواریخ علم أن أکثر بلاد الإسلام فتح عنوة و علی تقدیر عدم الإذن فیها و دخولها فی الأنفال فأخذ مال الخراج و المقاسمة من ید الجائر لا بأس به أیضاً للعمومات أو الإطلاق و لا شک فی منع الاختصاص بتملک شی ء منها و بیعه و نقله بأی ناقل کان من وجوه النقل مع خلوّه عن الآثار و معموریّته حین الفتح للإجماع محصلًا منقولًا و فی الروایات المعتبرة ما یشهد بذلک و لاشتراکها بین المسلمین قاطبة و قد یقال بدخول المنافقین

ص: 222

و نحوهم من المبتدعین المجاهدین و غیر المجاهدین النساء و الرجال البالغین و الأطفال الموجودین و المعدومین إلی یوم الدین فلا یعرف أحد مقدار ماله حتی ینقله مع تعذر التسلیم علی إن جواز التصرف فیها لبعض خاص من المسلمین منافٍ لوضعها للمصالح العامة للمسلمین کما یظهر من بعض کلمات الأصحاب فلا یصحّ فیها بیع و لا هبة و لا وقف و لا رهن و لا إجارة و لا إرث و لا غیرها مما یفید نقل عین أو منفعة إجماعاً من غیر فرق بین زمان الغیبة و غیره و من خصّ المنع بالحظور فقد خالف الإجماع المذکور فضلًا عن القول المشهور. نعم قد یقال بأن والی المسلمین و إمامهم إذا رأی مصلحتهم ببیع أو غیره کان له ذلک و روایة شراء الحسین (أرواح العالمین فداه) أربعة أمیال من کلّ جهة مما یلی قبره الشریف و تصدقه بها علی أهلها مع اشتراط ضیافة الزوار علیهم لو نقل بطریق صحیح، أو فی کتاب معتمد لا بدّ من تنزیلها علی ما ذکرنا أو علی أنها کانت مواتاً حین الفتح أو کانت فیها آثاراً فاشتراها و وقفها تبعاً لها و یجوز التصرف فیها من دون إذن من أحد بالسیر و تناول المیاه و النباتات و الشجر و نصب الخیام و حفر الآبار للشرب و اصطیاد ما فیها من الحیوانات المباحة إلی غیر ذلک مع الحضور و الغیبة بدون إعطاء عوض و فی بناء الدور و المساکن من دونها إشکال، و أما اتخاذ المزارع و البساتین و استنماء الأراضی مع حضور سلطان العدل و بسط یده أو سلطان الجور کذلک فلا یجوز إلا مع الإذن و لو بالفحوی و یقوی الجواز مع تعذر الرجوع إلیهما مع البناء علی أداء الخراج، و أما مع غیبة الإمام العادل و فقد سلطان الجور أو ضعفه عن التسلط فلم یبقَ له سوی اسم اکتسبه بالنسب کسلطان الهند فالرجوع إلی النائب العام من علماء آل

ص: 223

محمد (ص) و یلزم تسلیم الخراج إلیهم علی الترتیب المذکور و مع فقد الجمیع فللمسلمین أن یتصرفوا فی الأرض و لا یعطلوها فیقع ضرر علی المسلمین و علیهم لأن لهم حقّاً فی الجملة و لکن یلزمهم تسلیم الخراج علی النحو المعروف إلی عدول المسلمین یصرفونه فی مصارف المسلمین فولایة الجائر إنما تثبت علی من دخل فی قسم رعیّته و دخل فی اسم خدمته حتی یکون فی سلطانه و کان مشمولًا لحفظه من الأعداء و حمایته فمَن بَعُد عن سلطانهم أو کان علی الحد فیما بینهم أو تقوّی علیهم فخرج عن مأموریتهم فلا یجری علیه حکمهم اقتصاراً علی المقطوع به من الأخبار و کلام الأصحاب فی قطع الحکم الثابت بالأصول و القواعد و تخصیص علی ما دلّ علی منع الرکون إلیهم و الإعانة لهم إلی الانقیاد لهم و إدخال السرور علیهم و علی الأمر بالتجنب عنهم و التباعد منهم و ذلک إنما یکون فی مقام التقیة أو خوف الفساد و إنما یکونان مع ثبوت السلطان علی خصوص ذلک المکان و مع ذلک فهو غاصب باغٍ ظالم لا یحلّ له التصرف فی شی ء من الأرض و لا من خراجها و لا المقاسمة علیها و لا الإقطاع و لا الإحالة و لا إعطاء شی ء مما یأخذه من نمائها و إن جاز للآخذ و لا یکون معیناً علی الإثم فی أخذه و علی فرض الإعانة فهو مأذون شرعاً و الفرق بین إعطائه بعد القبض و دونه فیحل الأخذ فی الأول دون الثانی قول بالتفصیل من دون دلیل و لا یشترط فی السلطان أن یکون مستطیلًا ذا رایات و جماعات و جمعات و أعیاد و کتّاب و قضاة و عمال بحیث یکون متصدیاً لما یراد من إمام الحقّ کما ذکره بعضهم لأن اسم الجائر فی الأخبار و کلمات الأصحاب یعمّ کلّ متغلب طلب الاستقلال لنفسه و لم یدخل فی خدمة غیره سواء عمل شی ء مما ذکر أو

ص: 224

لا و لفظ السلطان فیها لا یبعد انطباقه علی ذلک کما یظهر من أهل اللغة و یؤیده استناد المقاسمة و الأخذ فی الروایات إلیه و لزوم الحرج و الضیق و فساد نظام أکثر العالم یعطی ذلک فإن أکثر أهل الأطراف متغلبون کأهل خراسان إلا من شذّ و أهل الهند کذلک و کثیر من بلاد الإسلام و لزوم الخراج المتعدد و تحریم المعاملة علی ما یدخلهم من جهة التسلط حرج عظیم علی أن فی قوله (ع): ( (لو لم یأخذه لأخذه غیره)) و فی قوله (ع): ( (فیصنع بخراج المسلمین ما ذا؟)) یفید تسریة الحکم إلی کلّ متغلب و الرخصة لمن فقد السلطان أن یتصرف بالأرض مع إعطاء الخراج و الفرق فی السلطان بین المخالف و المؤالف و من یری إباحة الأخذ له و غیره مبنیّ علی ترجیح الأصل علی الأدلّة و دعوی الانصراف إلی الأخص لا وجه له و قد ظهر مما مر أنه لا یجوز بیع الأرض الخراجیة و لا نقلها بأی ناقل کان و علی أی نحو اتفق (إلا تبعاً لآثار التصرف) التی منها لا تقبل النقل و التملیک أو تقبله مستقلّةً أو مطلقةً وجوه فی کلماتهم و احتمالات فإنه یجوز کما علیه جمّ غفیر من أصحابنا لما روی فی أرض النیل و غیرها. و فی بیع دار عقیل و ما نقل فی" التذکرة" من بعض علماء القوم إن أرض العراق یبیعها الناس من أیام عمر إلی الآن و من تأمل فی السیرة و نظر بعین البصیرة، علم أن المسلمین خلفاً بعد سلف لا یتناکرون ذلک یبیعونها و یشترونها و یهبونها و یرهنونها و یؤجرونها و یوقفونها فلم تزل علی مرور الأیام توقف فیها المساجد و المدارس و الربط و الآبار و المصانع و غیرها من غیر نکیر بحیث یعدّ من الضروریات التی لا تخفی علی النساء و الأطفال مع إن تخصیص الخطاب بوضع المساجد و الأوقاف بغیرها کان أن یعدّ من الهذیانات و اشتراط

ص: 225

بقاء الملک أو الوقف بانضمام شی ء لیس بغریب و قد سبق مثله هذا کلّه فیما کان معموراً منها وقت الفتح، و أما مواتها حینه فیحتمل الخاصة بالمعمور کما ذکره بعض استناداً إلی العمومات و إطلاق أکثر العبارات و عملًا بأصالة عدم الاختصاص لأنه علی هذا یکون مشترکاً بین الإمام و غیره و علی غیره یکون خاصاً به دون غیره علی السیرة المألوفة و الطریقة المستمرة المعروفة فی ضرب الخراج علی کل معمور بحدوث عمارته أو سبقت من غیر فحص و سؤال و لا اطلاع علی حقیقة الحال بل مع العلم بسبق الموات أیضاً کما لا یخفی علی من تتبع الآثار و طاف حول الدیار و یحتمل جعله من الأنفال و من خصائص الإمام استناداً إلی إنه کان مالًا له فی أیدی الکفار علی الأقوی و لم یکن ملکاً لهم إلا مال الإمام و علی تقدیر دخوله تحت ملکهم، فالظاهر أنه لملوکهم فیکون من الصفایا و هی من الأنفال و لأن دلیل الموات بأقسامه للإمام بینه و بین ما دلّ علی أن المفتوح عنوة من المسلمین عموم من وجه غیر إن عموم هذا للموات لا یخلو من خفاء مع أن الأول مؤیداً بما دلّ علی إن ( (من أحیا أرضاً فهی له)) و هو لا یجری إلّا علی فرض أنّه للإمام علی ما تقتضیه القواعد و تدلّ علیه الشواهد علی أن الإمام یده أقوی، و هو أولی بالمؤمنین من أنفسهم هذا کلّه مع العلم بسبق الموات حین الفتح، و أما مع احتمال التجدد ج کما هو الغالب- فیحتمل البناء علیه و إلحاقه بالمعمور نظراً إلی إن ید المسلمین علی الجمیع و إلی أنه جمیع ما له قابلیته التعمیر یظن سبق المعموریة فیه لعلوِّ الهمم السابقة فلعلّه لا یحصل خراب قابل للعمارة لم یسبقه تعمیر إلا نادراً، أو لأن عادة المسلمین جرت علی وضع الخراج علیه و إلحاقه بالمعمور کما لا یخفی و لو لا ذلک لأشکل

ص: 226

الحکم فی کلّ معمور إذ لا یُعلم سبق عمارته مع العلم بسبق الموات له فی الجملة و الأصل فی الحادث تأخره فیلزم الملک فی کلّ أو جلّ الأراضی المفتوحة عنوة و هذا خلاف الإجماع و العمل علی مجرد الظن و إن خلی عن المدرک یقتضی علی نادر منها و إن کان التعویل علی الظنون القویّة فی مثل الوقوف و نحوها و ما نحن فیه من قبیله لا یخلو من قرب بعد العلم بأن وضع الخراج لا یخص المعمور القدیم لا یبقی فی الرجوع إلیه فی إثبات قدم العمارة قوّة و إن لم یکن خالیاً عن الوجه ثمّ إن مسألة الخراج فی زماننا بل فی أکثر الأزمنة لا یخصه أهل الجور بالأراضی المفتوحة عنوة بل یعمّونها و الأراضی المملوکة و لو کانت عن شراء و إرث و نحوها فالاعتماد علی ذلک لا یخلو من خفاء فقد ظهر أن الأصل بمعنی القاعدة أو الظاهر المعوّل علیه فی جمیع أجزاء الأرض الخراجیة أن یکون معموراً حین الفتح و لو کان مواتاً بالفعل، و أما ما علم موته حینه فالأقوی أنه للإمام و یملکه المحیی له بعد الغیبة کافراً کان أو مسلماً مخالفاً کان أو مؤمناً علی إشکال فی القسمین الأولَین ملکاً مشروطاً ببقاء التعمیر و تزول بزواله علی الأصح و بغیبة الإمام (روحی له الفداء) فإذا ظهر (عجّل اللّه فرجه) رجع المال إلی أهله، و لا یجوز التصرف إلا بإذنه و الظاهر أنه یأخذ منه ضریبة و یبقیه فی یده. و أما غیرها من الأراضی فأقسام مختلفة الأحکام:

منها أرض الصلح و له وجوه: أحدها أن یعقد علی أن الأرض للمسلمین کافة فهذه بحکم المفتوحة عنوةً یجری فیها جمیع ما مرّ و عدّ منها أذربیجان و طبرستان، و نقل أن بعض أرض خیبر من هذا القبیل أیضاً و إن خصّها ببعضهم اختصت به و إن خصها بنفسه کانت له، و إن

ص: 227

جُعِل کل جزئ منها بنحو اتبِع، و إن عقد علی أن الأرض لهم و عقد الجزیة علیها أو علی رءوسهم کانت لهم، و هل یقوم الجائر فی ذلک مقام العادل فیمضی صلحه و جزیته و یحلّ أخذها منه؟ الظاهر نعم لاتحاد المدرک.

و منها أرض الأمان و عدّ منها أصفهان و هنا إن جعل الأمان علیهم و الأرض لهم فهم ملّاکها و إن شرطت لغیرهم اتبع شرطها فتکون کالمفتوحة عنوة فی بعض الأحوال و کالأنفال فی بعضها علی نحو ما مرّ.

و منها ما أسلم أهلها علیها طوعاً و عدّ منها أرض المدینة و الطائف و الیمن و البحرین و بعض أرض الدیلم و هذه لأهلها لیس لأحد علیها سلطان ما داموا قائمین بعمارتها.

و منها أرض الأنفال و هی ضروب منها ما انجلی عنها أهلها. و منها ما سلّموها طوعاً من دون أن یرجف علیها بخیل و لا رکاب.

و منها ما لم یعلم مالکها.

و منها أرض الموات بالأصل کرءوس الجبال و بطون الأودیة و المفاوز و نحوها. و المدار علی العرف فی صدق الموات و تعریفه بما خلی عن الاختصاص و لا ینتفع به أمّا لعطلته لانقطاع الماء عنه أو لاستیلاء الماء علیه أو لاستیجامه أو لغیر ذلک رجوعاً إلی العرف، و تفسیره بالأرض الخراب الدارسة التی باد أهلها و اندرس رسومها بعید عنه. و هذه الأرض بأقسامها للإمام و لا یجوز التصرف بها مع الحضور و رخّص ذلک مع الغیبة مجّاناً. و یملک المحیی للموات بما یسمّی إحیاءٌ عرفاً ما لم یسبق علیه تحجیر أو حریم لعامر و لیس التحجیر منه خلافاً لبعضهم و إذا ظهر المالک (روحی له الفداء) رجع الملک إلی أهله، و إذا أخذ الجائر خراجاً

ص: 228

أو مالَ مقاسمةٍ من المحیی فالظاهر جواز أخذه منه کما هو الظاهر من الأخبار و إطلاق أکثر الأصحاب و ما استعدّ للعمارة فی نفسه لتسلط الماء أو زوال آجامه و نحو ذلک فهو للإمام، و یجری علیه حکم مثله. و ما وقع اشتباه فی خرابه و عمرانه فهو من الخراب إلّا مع قیام قرینةٌ علی خلافه، و إذا اشتبهت الأرض بعضها ببعض لعدم تعرض المؤرخین أو لعدم الاعتماد علیهم احتمل تقدیم المفتوحة عنوة أخذاً بالمظنة و عملًا بظاهر ید المسلمین و رجوعاً إلی أصل عدم الاختصاص بالإمام و سکوناً إلی جری الخراج فیما فیه ذلک و هو الأعم الأغلب و لو قیل بالرجوع إلی الإمام لأنه الأصل و لأنه الأوفق بالأصل لم یکن بعیداً هذا فیما لم یسبق علیه ید مسلم و أما فیه فالظاهر الاختصاص به.

بیع بیوت مکة

(و الأقرب جواز بیع بیوت مکة) و المعاملة علیها بأی ناقل کان مما یتعلق بالعین أو المنفعة مع التعلق بالأرض و توابعها معاً أو بخصوص التوابع فحاله کحال البیوت فی المفتوحة عنوة وفاقاً للشهرة المعلومة فی روایة بعض، أو المظنونة فی روایة بعض آخر. و لأنها من المفتوحة عنوة علی الأقوی لما مرّ للإجماع المنقول علی الأقوی و إلی شهادة السیر و التواریخ بفتحها و إطلاق أهلها و تسمیتهم الطلقاء فیجری فیها حکمها و فی بیع عقیل داره و إمضاء علی (ع) إیاه و بیع جماعة من الصحابة إن صحّ أنهما بعد الفتح أبیَن شاهد، و تحریم منع الحاج فی سکناها الثابت بالإجماع المنقول، علی أنه لا ینبغی ذلک المراد منه التحریم بشهادة فحوی الکلام و اقتضاء المقام و بما نُقِل من أخبار المنع عن المنع متواترة متلقاة بالقبول لا ینافی ذلک إذ لا مانع من أن یوجب من له

ص: 229

حقیقة الملک علی المالک الصوری کفایة إسکان الوافدین علی بیته الداخلین فی اسم ضیافته إکراماً لهم و احتراماً و لطفاً بهم و ترغیباً لهم علی فعل الطاعة و أنه لو لا ذلک للزم الحرج الکلی من جهة بعدهم عن الأوطان فیخشی علیهم من طوارق الحدثان و ربما جعل ذلک إمارة علی الملک أو الاختصاص و إلا لاستوی الحاج و غیره و حیث رجعت إلی حکم العنوة کانت الدور المعمورة حین الفتح لا تباع أرضها و لا توابعها إلا اجتماعاً و لا انفراد حتی تنضاف إلیها آثار مستجدة أو تعدم تلک الآثار و یستجدّ غیرها فتباع مستقلة أو منضمة إلی الأرض، و ما استجد من البیوت بعد الفتح فی أرض موات بالأصل تقدم مواتها علیه فتباع أرضاً و آثاراً علی الانفراد و الاجتماع علی الأقوی و قلع اللبن و حمل الآجر من المعمورة حین الفتح باعث علی تملکهما و هو متمشی فی کل مستخرج من أرض مشترکة بین المسلمین کسوق أو مقبرة أو نحوهما و ربما تمشی إلی الوقوف العامة فیما لا حرج فیه من ماء أو شجر و نحوهما فیخرج بفصله عن حکم أصله و یقوم فی ارتفاع الجهة المقصود منه مقام ما یعرض عنه فلا بُعْد فی جواز تملک تراب الحسین (ع) و سائر الأماکن المشرّفة مصنوعاً أو غیر مصنوع و لو أجرینا حکم الجزء فی الکل خُصَّ بالمصنوع ما دامت صنعته فإذا زالت زالت ملکیته و قد ظهر مما مر أن الاستناد إلی منع البیع من جهة فتح العنوة لا وجه له و کذا لا وجه للاستناد فی المنع إلی کونها مسجداً للزوم أحد أمرین أما منع تلویث أرضها بالنجاسات و وضع الخلاء فیها و الذبح و النحر و لبث الجنب و الجماع فیها و نحوها أو إعطائها حکماً خاصاً من بین المساجد معللًا بالحرج أو بغیره و اللازم بقسمیه باطل بدیهة و تنزیل الآیة غریب

ص: 230

و الأخبار العامیّة فیه مردودة بالضعف. نعم ینبغی استثناء أمکنة المشاعر منها کالمرمی و المسعی و الصفا و المروة فإنها لا یجوز تملکها و ظاهره نفی الخلاف فیه بین المسلمین (فلو حفر) حافر (بئرا) أو استنبط عنها أو ما ظهر منه ماء ثمداً و نحو ذلک (فی أرض مملوکة له) ملکهما أو مائهما بمجرد الوصول إلیه و فی اشتراط النیّة وجه مع احتمال ملکه بمجرد کونه تحت أرضه بناء علی ملکیة الأعلی و الأسفل لا تحل بحد أو محد بما یدخل البناء أو الماء فیه و لو کانت فی ملک الغیر أو وقف عام أو خاص تبعته فی الحکم و لو کانت لا عن إذن و أُلزم بالطمّ وجب علیه و أما ما کان فی أرض تعلّق بظاهرها حق المسلمین من طریق أو سوق أو مقبرة أو حریم بلد أو أرض مفتوحة عنوة و فی إجراء الوکیل مجری الأصیل بحث یأتی مثله فی حیازة المباحات و لو لم یکن حفرها مفوِّتاً لمصلحة (أو مباحة) کأن یکون فی أرض الموات و أن کان للإمام أو فی مطلق الأرض المملوکة مع الإذن فی التملک (مَلَک) البئر بحفرها (و مائها بالوصول إلیه) بشرط نیّة التملک فیهما علی الأقوی و لو حفرها من لم یقصده أو قصد خلافه کعابر سبیل لم یملک و کان له الاختصاص قبل الإعراض فمن نفی ملکیة الماء مطلقاً مستنداً إلی جواز استئجار الدار و البئر المشتملة علیه مردود بأن دخول الأعیان تبعاً فی الإجارة لا مانع منه و محجوج علیه بأصل الإباحة و عمومات الحیازة و ما نقل من الإجماع بلفظ مذهب الأصحاب أو مذهبنا الموافق لنقل الشهرة فیه و مقتضی ذلک أنه لا یجب بذل الفاضل فضلًا عن غیره لا من بِرکة و کوز و نحوهما مما نقل الإجماع فیه و لا من غیرها و أنه لا مانع من بیعه فاضلًا أو لا خارجاً للشرب أو الزرع أو لا عملًا بالأصول المتقنة و القواعد المحکمة و السیرة المألوفة و ما

ص: 231

روی من ( (أن الناس شرکاء فی ثلث النار و الماء و الکلأ)) و ما روی من النهی عن بیع فضل الماء مردودان بالضعف لأنهما من طرق العامة و لمخالفتهم القواعد الشرعیة و الضوابط المرعیّة و تخصیصهما أو تنزیلهما علی الکراهة أو الإذن فی التصرف من اللّه فی المیاه العظیمة علی نحو المارّة و علی القول بها غیر بعید (و کذا لو حفر نهراً فجری الماء المباح فیه فإنه للحافر خاصة) ما لم یکن معداً للمصالح العامة فإنه لا سلطان له حینئذٍ إلا علی مقدار حاجته کما هو المشهور علی الإطلاق فی روایة أو بین الأصحاب خصوصاً المتأخرین فی أخری المدلل علیها بالأصول و القواعد فلا وجه لنفی المدلل الملک مطلقاً و مع الأخذ من المباح من دون أن یصنع ما یصلح لسدّه و لیس التردد من ثالث فی محله (و کذا لو حفر فظهر معدن فی أرض مباحة) حین الظهور و إن کانت مملوکة للغیر حین الحفر علی وجه (أو مملوکة) من غیر فرق بینهما إلا باعتبار النیّة فی الأول دون الثانی و الأقوی ملک المعدن قبل ظهوره فی الأرض المملوکة إلا إذا تناهی فی العمق فیجی ء فیه الوجهان و لو حفر البئر أو النهر فی المباحة فلم یبلغ المقصد و لم یعرض و أتمه الغیر کان للشارع عند التنازع لثبوت حق الاختصاص له ثمّ تملک الأشیاء المتسعة التی لا یترتب علی صاحبها ضرر بانتفاع الغیر بها من ماء جارٍ أو کثیر راکداً أو کلأ أو أرض متسعة مما یضطر إلیه السالکون فی طرق المسلمین و یلزم الحرج و الضیق علی الناس بمنعهم منه فلا بأس بالانتفاع به من غیر حاجة إلی علم بطرائق الفحوی و لا ظن ببعض طرقه و لا استعلام حال المالک فی صغر أو جنون أو بلوغ أو رشد و نحوها و یقوی الجواز مع العلم بالمنع أیضاً اکتفاءً بإذن المالک من إذن المملوک ثمّ الشرکة فی البئر و نحوها مبنیة

ص: 232

علی جواز انتفاع کل من الشریکین بقدر ما یحتاج مع عدم الإضرار و لا حاجة إلی القسمة و معرفة المقدار و المعادلة و لو کان الشریک صغیراً أو مجنوناً و لو حصلت مشاحة رجعوا إلی المهایاة و للبحث مقام آخر.

بیع الوقف و أحکامه

(و یشترط فی الملک) المسوغ للنقل فی البیع کغیره من النواقل فی الأعیان و المنافع (التمامیة) فی السلطانیة إذ لا یعقل فی أصل الملک الزیادة و النقصان. (فلا یصح بیع) أرض (الوقف العام) مطلقاً لعدم التمامیة بل لعدم أصل الملکیة لرجوعها إلی اللّه و دخولها فی مشاعره أمکن الانتفاع بها فی الوجه الذی وضعت له أولًا و مع الیأس من الانتفاع بالجهة المقصودة تؤجر للزراعة و نحوها مع المحافظة علی الآداب اللازمة لها إن کانت مسجداً مثلًا و أحکام السجلات لئلا تقلب الید فتقضی بالملک دون الوقف المؤبد و تصرف فائدتها فیما یماثلها من الأوقاف مقدماً للأقرب و الأحوج و الأفضل احتیاطاً و مع التعارض فالمدار علی الترجیح و إن تعذر صرفت إلی غیر المماثل کذلک فإن عُذِر صرفت فی مصالح المسلمین. هذا حیث لا تکون من المفتوحة عنوة و أما ما کانت منها فقد سبق أنها بعد زوال الآثار ترجع إلی ملک للمسلمین و أما غیر الأرض من الآلات و الفرش و الحیوانات و ثیاب الضرائح و نحوها فإن بقیت علی حالها و أمکن الانتفاع بها فی خصوص المحل الذی أعدت له کانت علی حالها و إلا جعلت فی المماثل و إلا ففی غیره و إلا ففی المصالح علی نحو ما مر و إن تعذر الانتفاع بها باقیة علی حالها بالوجه المقصود منها أو ما قام مقامه اشبهت فی أمر الوقف الملک بعد إعراض المالک فیقوم فیها احتمال الرجوع إلی حکم الإباحة و العود ملکاً للمسلمین تصرف فی

ص: 233

مصالحهم و العود إلی المالک و مع الیأس عن معرفته یدخل فی مجهول المالک و یحتمل بقائه علی الوقف و یباع احترازاً عن التلف و الضرر و لزوم الحرج و یصرف مرتباً علی النحو السابق و لعل هذا هو الأقوی کما صرّح به بعضهم و لا مانع من بیع الوقف المحبوس فی ید الواقف باقیاً علی الملکیة فی أصله و نفعه خالیاً عن صیغة الوقف و غیر مشابه له أو مشابها للوقف و ربما أطلق علیه اسمه بقصد حبسه فی یده و صرف منافعه فی جهة مخصوصة استمر نفعه و یبقی أجره و جاز بیعه لبقاء الملک و سلطانه علی التصرف کیف شاء فإذا رأی صلاح الموقوف علیهم فی البیع و تقسیم الثمن کان ذلک أوفق له فی تحصیل الأجر ثمّ لا مانع أیضاً من بیع الوقف إذا جُعِل لقوم مخصوصین مع الإتیان بالصیغة و عدم الإقباض و لا معه مع الحکم بالفساد من وجه آخر و لا مع الحکم بصحته حبساً مع اتفاق الحابس و المحبوس علیه أو مع استثناء مدّة الحبس کل ذلک علی وفق القاعدة و الأخبار ظاهرة الدلالة علیه و أما فی صورة الحبس و عدم الحصر أو مع الحصر و عدم الاتفاق مع الخلو عن الاستثناء أو مع القول بأنه وقف مبتول فمقتضی القاعدة المنع کما یظهر من بعض الأصحاب لکن لا محیص عن القول بالجواز مع خوف الخراب لخوف الفتنة و ثبوت أعوَدیة البیع للإجماع المنقول و الأخبار الدالة علیه إما عموماً أو خصوصاً و إن کان العموم لبعض الأقسام لا یخلو عن کلام. و أما الوقف الخاص المأخوذ فیه الدوام فقد مَنَع منه جماعة و نفی بعضهم فیه الخلاف و نُزِّل عبارات المجیزین علی خصوص المبتول و حجتهم بعد الأصل المقرر بوجوه و الإجماع المنقول أن البیع و أضرابه ینافی حقیقة الوقف لأخذ الدوام فیه لا لعدم الملکیة لثبوتها فیه علی المشهور أو لأن

ص: 234

نفی المعاوضات علی الأعیان مأخوذ فیه ابتداءً فیکون کالتحریر للمملوک و لأن حقوق الأعقاب متعلقة به و لظهوره بین الناس حتی کاد لا یخفی علی الأطفال و النساء بحیث تعرف احتسابه من الضروریات، و فی أخبار الوقف دلالة ظاهرة لمن وقف علیها. و أما المجیزون فعباراتهم مختلفة و أقوالهم مضطربة حتی أن کثیراً منهم یختلف مذهبه فی الکتاب الواحد فضلًا عن الکتب المختلفة فبین معلق للجواز علی الخراب الذی لا یرجی عوده مقتصراً علی ذلک من غیر تقیید. و بین مقید له بأحد أمرین عدم وجدان من یراعیه بعمارة أو کونه لا یجدی نفعاً و مقتصر علی القید الأخیر راویاً فیه الإجماع و لعلّ المرجع إلی واحد مع التردد بینه و بین حصول ضرورة إلی ثمنه مطلقاً أو مع قید الشدیدة و المراد واحد أو بینه و بین حصول فتنة مطلقاً أو مقیدة بعدم إمکان استدراکها مع الإطلاق أو یقید بغایة و المراد واحد و بین معلق علی حصول أحد أمرین إما خوف الخراب أو حاجة شدیدة بأربابه و نقل فیه الإجماع و بین معلق علی خوف الخراب مطلق و مقید بالناشئ عن خلف الأرباب و فیه نقل الشهرة و بین مضیف إلی ذلک بحیث لا ینتفع به أصلًا و بین قائل بعدم جواز بیعه (إلا أن یؤدی بقاؤه إلی خرابه لخلف أربابه و یکون البیع أعود) و بین معلق علی مجرد الفتنة المثیرة للفساد أو مکتف بحصول الضرورة للموقوف علیهم و مقتضی علی الأعودیة و الأنفعیة و فی فهم مقاصدهم من عباراتهم کثیر اضطراب أیضاً ثمّ لهم خلاف فی صرف الثمن لبعضهم و لعلهم الأکثرون علی صرفه علی الموجودین من الموقوف علیهم و بعضهم فی شراء شی ء یُجعل وقفاً یسری نفعه إلی الأعقاب ملاحظاً فیه الأقرب فالأقرب إلی مراد الواقف، و کیف کان فإن بقیت

ص: 235

هذه العبارات علی ظاهرها من غیر تأویل فلا تری التوافق فی کلامهم إلا لأقلهم و الشهرة بسیطة و إن نقلت منکرة إلا مع التأویل و فیه بحث و مرکّبة علی معنی جواز بیع الوقف فی الجملة محصّلة و منقولة غیر أنها لا قوة فیها تطمئن النفس إلیها و فی کثیر من عبارات المتقدمین و المتأخرین ذِکرُ الخلف بین الأرباب و القسمة بینهم و کذا فی الأخبار و ما نُقِل فیه من الإجماع و فهم العموم فی المقسوم علیهم من أهل الوقف یعطی الانحصار و لذلک نزّل الحلّی کلام القوم و أخبارهم علی ذلک فیکون إطلاق الوقف اعتماداً علی ظهور المراد فاکتفوا عن البیان و التخصیص بالظهور کما اکتفوا عن التخصیص بالخاص به و یلزم علیه مخالفة القواعد المحکمة المتقنة برفع حقوق الأعقاب و أکل مالهم بالباطل و إبطال حکم الواقف و علیه إقدامه برفع الأبدیة و رفع الشرکة من الذریة فینافی تسلط الناس علی أموالهم، و فی الأخبار أن الوقوف علی نحو ما یقفها أهلها و إبطال حکم الوقف بل معناه من الدوام و الاستمرار و القول بجواز تولی البیع من لم یکن مالکاً و لا ولیاً إن باعه الواقف أو بعض الموقوف علیهم و عدم مراعاة الغبطة بل دفع المفسدة عن المولی علیه إن تولاه الحاکم و إعطاء حق الأعقاب لغیر المالک علی التقسیم کما هو المعروف بینهم و الخروج عن القاعدة فی الأحکام التی سوّغها الاضطرار فی النزول أولًا فأولًا إذ یلزم علیها الإجبار مع الخلف علی إیجاد بعض من بعض أو من خارج أو القسمة بالصلح علی المنفعة مدة معینة و تخصیص کلٌ بجانب أو المهایاة مع ضم القرعة للتعیین فکیف یجعل البیع أول المراتب مع أن فی فتح هذا الباب سد باب الوقف إما مع الاکتفاء بمجرد الأعودیة و الأنفعیة فواضح إذ لا یخلو أحد غالباً من

ص: 236

دیون و نفقات و عروض حاجات مهمات فبیعه أنفع له و کذا الخلف لم یزل واقعاً بین الموقوف علیهم فلا ینبغی الخروج عن ذلک لأتباع آراء مختلفة و منقول إجماعات متضادة و أخذ بروایات مقدوح فی سند بعضها، مشترکة فی عدم دلالتها، ظاهرة فی إرادة حصر الموقوف علیهم و عدم أخذ الدوام فی الوقف علیهم، مختلفة المدالیل ففی بعضها الاکتفاء بمطلق الأصلحیة و الأنفعیة للموقوف علیهم و فی آخر اعتبار الاختلاف بینهم بحیث یخشی تلف الأموال و النفوس، و ربما قیل فیه أن ارتکاب الحرام یجوز عند خوف تلف النفوس، و فی بعضها تولی الواقف البیع فما کان للإمام مطلقاً و فی غیره مع الشرط و هو ظاهر فی عدم الإقباض و فی غیره تولی الموقوف علیهم مع اشتراک الجمیع فی ظهور التقسیم فیما بینهم و ظهور اجتماع الموقوف علیهم علی ذلک فیما دلّ علی تولیتهم فبعد التأمل فیها لا یتحصل منها سوی الدلالة علی الأقسام الأولة بل علی الموافق منها للقواعد خاصة. (و لا) یصح (بیع) الأب الأدنی نسباً أو من قام مقامه و کذا نقله بأی النواقل کان لاتحاد الطریق و انتفاء الفائدة مع الاقتصار علی البیع (أم الولد) الدنیا کذلک کلًا أو بعضاً قِنّاً أو مبعضة مختصة بالواطئ أو مشترکة ذکراً کان الولد أو أنثی حملًا أو متولداً مجهولًا حین العقد أو معلوماً مع انعقاده حین ملکیتها علی وجه یلتحق به من وطئ محرم أو محلل للإجماع محصلًا و منقولًا حتی نقل أنه لا خلاف فیه بین المسلمین و ظنُّ المخالف لا وجه له و للأخبار الناهیة عن بیع أمهات الأولاد و النهی یقضی بالفساد فی المعاملة لأمر من خارج و الخروج إلی غیر المدلول بطریق التنقیح و التقیید له ببعض القیود للاقتصار علی محل الیقین فیما خالف الأصل کل ذلک (ما دام ولدها حیا)

ص: 237

أو مستعد للحیاة فلو مات جاز للأصل و الإجماع محصلًا و منقولًا و للأخبار و یعم المنع جمیع الأحوال (إلا) ما یکون (فی ثمن رقبتها) کلًا أو بعضاً (مع) الحلول و (إعسار المولی عنه) مقدمة أو حصول الحث عنه أو استلزام التأخیر الضار فی أصل المال أو فی عین المطلوب و أعم من أن یکون مستحقاً للبائع علیه أو خارجاً منه إلی غیره بضمان أو غیره و فی اشتراط عدم الباذل ابتداء وجه قوی و تعم الرخصة حینئذٍ حالی موت المولی و حیاته (و) إن کان (فی اشتراط موت المولی) و عدمه (نظر) أما الأول فللإجماع محصله و منقوله و ندرة المخالف تلحقه بالمعدوم و لا تنافی القطع بقول المعصوم و للأخبار القائمة بنفسها المنجبرة بالعمل المعتضدة فلا التفات إلی القول بالموقوف إلی بلوغ الولد بعد تقویمها فإذا بلغ جبر علی ثمنها و إن مات قبل ذلک بیعت فی ثمنها و لا إلی هذا بشرط وجود دین آخر غیر الثمن و لا إلی القول بعودها بولدها رقّاً و بقاء ثمنها فی ذمة سیدها و إن لم یکن له مال سواها و أما الثانی فمع کونه مذهب الأکثر فی روایة و الأشهر فی أخری و المشهور فی ثالثة و خلافه نادر فی رابعة و شهرته محصلة ظاهرة قد نقل فیه الإجماع صریحاً أو ظاهراً و دلت علیه إحدی روایتی عمر بن یزید فلا معنی للقول باشتراط الموت کما أُسند إلی بعض تمسکاً بعموم المانع فی غیر ما قام علیه الدلیل و هو القسم الأول خاصة لقیامه فی کلا القسمین و فی بعض الصحاح أن أم الولد حدّها حدّ الأمة إن لم یکن لها ولد و فیه إشعار بما هو الظاهر من عموم أدلة المنع من أن المنع ذاتی تعبدی لیس من جهة حق المولی فقط حتی یجوز بیعها حین یتعلق بها حق غالب علی حقّه معارض لحکم مقدم علی العلوق من رهانة أو حجر فلس أو حق جنایة علی الغیر أو شفعة

ص: 238

لو جرت فی المملوک أو نذر و شبهه أو اشتراط تملیک أو ضمان متعلق بها أو خیار أو استطاعة منحصرة بها أو حصول سبب تملک جدید بأسرها بعد خروج المالک من الذمة أو لحوقها بدار الحرب فاسترقت أو قبل قسمة المیراث بناءً علی الانتقال لا الکشف و لا لاحترامه حتی یجوز بیعها لکفنه و حنوطه و ماء غسله و سدره و باقی أموره مع امتناع المکلفین عن القیام به و دواء مرضه و نفقته و نفقة واجبی النفقة علیه مع الانحصار بها و بقاء کفره مع تجدد إسلامها أو إسلام أحد أبویها مع نقصها و قتلها له خطأ و جنایتها علیه و لا لاحترامها حتی یجوز بیعها عند إباقها وردتها أو لنفقتها و لکل ما یدفع الضرر عنها أو تعجیل عتقها بالبیع علی من تنعتق علیه أو بشرط العتق أو لانحصار الوارث بها و لا لرجاء عتقها من نصیب ولدها حتی یجوز بیعها لانقطاع الرجاء باستغراق الدین أو لعدم قابلیته للإرث لقتل أو کفر و لا یجوز بیعها لتوقف أمر مهم فی نظر الشارع به علیه حتی یرجح علی احترامها کحفظ دماء المسلمین و أعراضهم و حفظ الأماکن المحترمة و الکتب المعظمة من هدم أو حرق أو تلوث و نحوها حیث یصنع الجائر ذلک إذا لم یملک الجاریة و لا یبعد القول بالجواز عملًا بالأصل فی غیر محل الیقین و یکون الغرض من أدلة المنع إثباته علی وجه الإهمال و الإبطال لکلیة الجواز علی أن ما بین أدلة الجواز فی محالها و أدلة المنع عموماً من وجه و فیه بحث و الأدلة الأولة أقوی من الثانیة خصوصاً فی بعض محالها و لا سیما فیما یتعلق بحقوق المخلوقین و تنزیلها علی إرادة منع البیع من الأب لعدم تسلطه من جهة ملکه لغرض یعود علیه و فی جواز شرائها ممن یری جوازه من مخالف أو ذمی وجه قوی و یقوی جواز المعاطاة علیها بناء علی أنها مبیحة لکن لا یترتب

ص: 239

ملک علی التصرف بها و حمل الأَمة یلحق بسیدها مع تصرفه لها إن لم یکن جاعلًا بعتقها لغیره و لا ینتفی عنه إلا بالنفی کما سیجی ء فی محله و هذا المقام من مَزالّ الأقدام.

بیع الرهن و أحکامه

(و لا) یصح (بیع) الراهن فضلًا عن غیره (الرهن) لغیر المرتهن و لا له مع نسیانه و جهله بالرهانة فیبطل من أصله أو یصح و له الخیار و للثانی أوجه و ذلک لعدم تمام الملکیة فیه و لا نقله و لا انتقاله بأی وجه کان و لا تصرفه بما لا یجوز لغیره مما یستتبع ضرراً أو نقصاً للإجماع محصله و منقوله و للأخبار و قضاء الحکمة به و کذا التصرف الخالی عنهما وطئاً أو غیره علی أشهر القولین و الروایتین فلا وجه لتجویز خصوص وطئ الراهن لروایتین لا یلتفت إلی صحتهما بعد هجرهما کما ذکره بعض الأساطین و لا خصوص ما یعود نفعه إلی المرتهن کما زعمه جمع من المتأخرین ما لم یرجع إلی الفحوی لما مر. هذا إذا کان (بدون إذن المرتهن) و القائم مقامه سابقه أو لاحقه لعدم النقص عن الفضولی و ربما خص بعض الجواز بمثله لأن فضولیة الحقوق أهون من فضولیة الملک و قد یعکس ذلک لحصول الملک فیه دونه و حجة الفضولی إنما قامت فی الملک أو النکاح فقط و کلاهما مردود بما لا یخفی و یقوم الفکّ مقامها بعد بیع الراهن فی وجه و لو جاء ما ینزع الملک من الراهن لحق خیار أو شفعة أو جنایة سابقة أو السلطان منه مع المرتهن لردته مع کون الرهن قراناً، أو کفره مع تجدد إسلام العبد فی یده أو لجنایته عمداً بعد رهانته أو کان ما یقتضی سلطانه علی المرتهن لولایة علیه أو لکفره مع أسره أو لمثل الفضولی الشامل للملک و لاشتراط علیه، أو کان موجب شرعی

ص: 240

لتوقف حیاته علی بیعه لعجزهما عن النفقة مثلًا أو لغیر ذلک فله حکم آخر یُعلَم بالنظر و کذا المرتهن لیس له التصرف فیما لا یجوز لغیره بوطء و لا بغیره ضاراً أو نافعاً للراهن ما لم یشهد الفحوی به لقضاء معنی الرهانة بمنعه و لقبحه عقلًا و شرعاً و للإجماع و الأخبار إن کان بدون إذن الراهن سابقة أو لاحقة فیلحق بالفضولی إما مع الشرط أو المطل الباعث علی الضرر أو جنایة المملوک عمداً علیه و انتقاله إلیه بإرث و نحوه أو عروض نقص للراهن و للمرتهن ولایة علیه أو کان بالأصل منتقلًا للراهن منه و له سلطان الفسخ لبعض أسبابه إلی غیر ذلک فلا بأس. (و یجوز بیع) المملوک (الجانی) کلًا أو بعضاً و لم تبعث جنایته علی کفره الموجب لقتله أما فیه ففیه بحث و نقله بإحدی النواقل المشتملة علی الأعراض فضلًا عن غیرها (و إن کان) فعله أو فاعله مع التأویل (عمداً) یتخیّر فیه ولی المجنی علیه من القتل و الاسترقاق حیث یکون قتلًا أو یتعین فیه الأخیر حیث یرید المال کلًا أو بعضاً حیث یکون غیره کما هو المشهور نقلًا و تحصیلًا بل کاد أن یکون إجماعاً و الموافق لعمومات الکتاب و السنّة و کلمات الأصحاب و ندر القول بالمنع استناداً إلی الأصل بعد الشک فی عموم الکتاب و السنّة و الفتوی مع المنافاة لانتفاع المنقول إلیه و فوات الغرض الدافع لسفاهته و لزوم التعارض بین السلطانین و عدم إحراز القدرة علی التسلیم و عدم الاطمئنان بحصول العرض لمنع الشک و لحصول الغرض و ترتب النفع الرافع للسفه باحتمال العفو و الصلح علی الفکّ و الإجارة الموجبة لأخذ العوض و إیقاع التحریر لترتب الأجر و إن احتمل العود إلی الرق و بذلک یرتفع التعارض المذکور و احتمال القدرة کافٍ و الاطمئنان بحصول الغرض

ص: 241

لیس بشرط و لیس المریض و الحیوان المشرف علی الموت و الشجرة و السفینة و النقود و الأجناس المشرفة علی التلف أولی منه فی الجواز، و متی صح نقله بما اشتمل علی الأعراض صح نقله و انتقاله عن الملک بلا عوض و صح وقفه و حبسه و التصدق به (و عتقه) و تدبیره و جوازه فی العمد شاهد علی الجواز فی الخطأ و الأصل و السنّة و الإجماع فیه متوافقة و الشبهة فیه ضعیفة (و لا یسقط حق المجنیِّ علیه عن رقبته فی العمد) و الخیار إلیه و إلی ولیّه فإن أجاز من له الإجازة استمر بصحته و لا ینقص عن الفضولی و إن استوی قصاصاً أو استرقاقاً بَطل من حینه و لا بطریق الکشف علی الأقوی و النماء المتوسط ملک لمولاه فیما یقضی بالملک و محرز فی غیره (و یکون فی الخطأ) المقابل للعمد الباعث علی ثبوت الخیار للمولی بین الفداء و غیره مع التمکن من البذل بیساره أو بغیره لمجرد النقل أو لشرط لزومه و عدم عوده بفسخ أو تقایل و لعلّه الأقوی (التزاماً للفداء) و احتمالًا لبطلان العقد قیاساً علی الرهن و صحته و عدم الالتزام قیاساً علی الوعد فیبقی الخیار للمجنی علیه إن لم یصل إلیه الفداء مع ظهور الفرق فی المقامین ضعیفان (فیضمن المولی حینئذ أقل الأمرین من قیمته و أرش الجنایة علی رأی) هو المشهور تحصیلًا و قول الأکثر و الأقوی فی الفتوی نقلًا لأن الأرش نقص عن القیمة کان ما زاد علیه ظلماً و عدواناً و إن زاد فلا یجنی الجانی علی أکثر من نفسه فما نقل عن بعض من الحکم بلزوم الأرش و إن زاد و نَقْلُه الإجماع علیه مردود کتردد غیره. (ثمّ) إن حصل الأداء بقی العقد علی حاله و إلا کان (للمجنی علیه) أو ولیّه (خیار الفسخ إن عجز عن أخذ الفداء) أو قدر علیه مع التوقف علی التعب فی المطالبة مثلًا (ما لم یجز البیع) و نحوه

ص: 242

و إن کان من العقود الجائزة مبتدراً إلی الإجازة (أولًا) أو متراخیاً فیها فیجیزها آخر و لا ینقطع سلطانه بعدم المبادرة إلی الفسخ علی إشکال لتعلق الحق بعینه فیسرق منه مقدار حقه و لیس له من النماء شی ء کما مر و للمشتری الخیار المتزلزل الذی هو عیب أو فی ما حکمه مع العلم به لإیقاع الفسخ قبل الفکّ و عدم حصول ما یسقطه من سبق العلم علی العقد أو رضاه به بعده و لو تجدد العلم بعد الفکّ أو قبله فاختار الفسخ بعده ففیه وجهان و لأمثال هذه المباحث مقامات أُخر

فروع:
الأَول: بیع الآبق

(لو باع الآبق) الذاهب عن مالکه من غیر خوف و لا کدِّ عمل مع سبق الاختفاء و عدمه علی الأقوی و الجواز و عدمه علی إشکال و رجاء العود و عدمه و قوة الرجاء و عدمها علی إشکال کلًا أو بعضاً و فی دخول البعض من المُبَعَّض إشکال، متعدداً أو متحداً أو اشتری به أو جعله ثمناً أو مثمناً معاً أو نقله بغیرهما من الوجوه مع علم المتعاملین أو خصوص القابل بالإباق و عجزهما عن التسلیم و التسلم و الخلوّ عن اشتراط الإیصال إلی المنقول إلیه (منضماً) بالقصد أو مطلقاً (إلی غیره) أو مطلقاً أو منضماً غیره إلیه کذلک أو مع تساویهما فی القصد بما یصلح تعلق العقد به منفرداً کما صرّح به جماعة انضمام شطور لا شروط کما هو ظاهر الفتوی و الروایة متحداً أو متعدداً، خارجاً عن التمول بعد التوزیع علی عدد الإباق أو لا، سلعةً أو نقداً، و الاقتصار علی الأول فی بعض الأقوال محمول علی المثال مع وحدة المتملک لهما عملا بظاهر التعلیل و فی اعتبار وحدة المال نظر و مع العدم مخلّ أو مُسلّط علی الخیار من تلف أو ظهور عیب سابقین فیه، أو فی الضمیمة سوی الإباق ثمّ

ص: 243

استمر إباقه (و لم یظفر به) المشتری مثلًا لامتناعه أو تلفه بعد شراءه استمر العقد علی الصحة و اللزوم و (لم یکن له الرجوع علی البائع) مثلًا و نحوه (بشی ء) من عین أو منفعة (و کَان) العِوَض المدفوع من (الثمن) و شبهه بتمامه بحکم الشرع و إن خالف القصد (فی مقابلة المنضم) إلی الآبق وحده و إن کانت المقابلة فی الأصل لهما معاً للإقدام علی ذلک و للإجماع المحصل و المنقول المؤید بالشهرة محصّلةً و منقولةً و الأخبار المعتبرة فهو مستثنی من حکم التلف قبل القبض و ما اشتمل علی خصوص الثوب و المتاع محمولٌ علی المثال و ما یتوهم من المنع لعدم الانتفاع بالآبق فیکون فی حکم العدم فلا یفید الضم مردود بإمکان التمکن منه أو من نمائه أو میراثه أو أرش جنایته علیه أو من إعتاقه و لو حصل سبب الفسخ بالنسبة إلی الآبق و جاز ففسخ بقی العقد علی صحته و تبعضت الصفقة و کذا لو حصل فی الضمیمة أو حصل فیهما و اقتصر علی فسخ أحدهما إذ الشرط فی الابتداء لا یستلزم الشرط فی الاستدامة علی الأظهر. نعم لو انکشف فساد الضم من الأصل فسد العقد علی الأقوی بخلاف ما إذا بان الفساد من جهة الآبق کما إذا فقد مع الآباق شرط من شروط المعاملة فلیس سوی خیار التبعیض و ما ذُکِر من إطلاق أو عموم فیما ظاهر دلیله التقیید أو التخصیص فمن تنقیح أو أوْلَویَّة و ما ذکر من تقیید أو تخصیص فیما ظاهره الإطلاق أو العموم فمن ضعف الإطلاق و العموم و الاقتصار علی المتیقن فیما خالف الأصل و لو قال بعتک الآبق بکذا و کذا بکذا لم یکن من الضم فی شراءه فیما لو شری الآبق و فی إلحاق ضم العین بضم منفعته بالضم إلی العین وجه قوی. أما إلحاق ضمّ منفعته إلیه بضمّ غیرها وجه ردی ء کما یقتضیه

ص: 244

ظاهر التعلیل و فی جری الحکم فی العقود الجائزة و لا سیما الخالیة عن الأعواض بحثٌ و لو بیع فضولیاً أو الضمیمة کذلک فأبق قبل الإجازة ثمّ حصلت بعده صح علی الکشف فی وجه قوی و بطل علی النقل کذلک و لو أبِق من أحد الشریکین اختص الحکم به و لو اختلفا فی الإباق و عدمه و الضم و عدمه فالقول قول النافی فی الأول و المثبت فی الثانی. و لو تأخر الملک عن العقد لتأخر متممه أو تقدم الإباق العقد أو توسطه أو کان بینهما فعاد قبل حصول المتمم ففیه کلام لا یخفی علی ذوی الإفهام. أما (الضال) و الشارد و الطائر و ما اعتصم بالآجام و نحوها من الحیوان و المفقود و الهارب بلا إباق من الإنسان و الضائع و المحجور من باقی الأموال أو نحوها مما یتعذر تسلیمه و تسلمه حین العقد و یحتمل عوده و یبعد التمکن منه بعده (فیمکن) فی کل واحد منها مع الاختلاف قرباً و بعداً (حمله علی الآبق) فیقضی بالصحة مع الضم و البطلان بدونه کما ذکره جماعة علی وجه التردد و الاقتصار علی القسمین الأولین و التشبیه ببیع الثمار (لثبوت المقتضی) علی وجه یمکن الحکم به بطریق التنقیح لا القیاس الممنوع أو بإمکان الظهور من الأخبار (و هو تعذر التسلیم) و التسلم المشترک بین الجمیع (و) یمکن (العدم) فینتفی الحمل و یقال بالصحة مطلقاً من دون اشتراط الضم کما علیه جمع من الأصحاب (لوجود المقتضی لصحة البیع) مثلًا (و هو العقد) الداخل فیما دلَّ علی وجوب الوفاء بالعقود و الناس مسلطون علی أموالهم و عدم المانع لانتفاء المعارض فی غیر الآبق أو یقال بالبطلان مطلقاً و لعله قول الأکثر. و نُقِل أنه الأشهر لأنه قول من صرّح به و من استثنی الآبق مقتصراً علیه مع اشتراط القدرة علی

ص: 245

التسلیم و لا یخلو من قوة لاشتراط القدرة علی التسلیم الثابت بالأصل و قضاء الحکمة فی شرع المعاملة و لزوم الغرر و السفه و بالإجماع و مقتضاها عدم الفرق بین الضمّ و غیره و إلحاق الضال و نحوه من الممالیک بالآبق قیاس ضعیف و یزداد ضعفاً فی إلحاق غیر الإنسان من الحیوان به لإمکان المبادرة فیه دون غیره إلی التحریر و هو من أعظم الأغراض خصوصاً لمن کان مطلوباً به و یتضاعف فیما یکون من غیرهما أو یقال بالفرق بین العلم بالتعذر و خلافه لحصول السفه و العبث بالأول دون الثانی (فعلی الأول) و هو إجراء حکم الآبق فیه (یفتقر إلی الضمیمة) و یعتبر فیها ما اعتبر هناک و یجری فیه و فیها ما جری هناک (و) منه أنه (لو تعذر تسلیمه) و تسلمه (کان الثمن فی مقابلة الضمیمة) علی نحو ما مرّ فی السابق من حکم الآبق (و علی الثانی) و هو وجه الصحة علی الإطلاق (لا یفتقر) إلی ضمیمة (و یکون فی ضمان البائع إلی أن یسلمه) المشتری و لو لم یسلمه بقی فی ضمانه علی معنی انفساخ المعاملة مع تلفه أو تعذره و لزوم إرجاع الثمن إلی صاحبه کما فی غیره من أقسام المبیع (إلا مع الإسقاط) فیسقط به لأنه حقّه و علی الثالث یحتمل القول ببطلان العقد فی الکل لعدم حصول المقصود و العقود تتبع القصود و لحصول الغرر فیه لعدم معرفة ما یساویه من العوض و بطلانه فی خصوص غیر المقدور لاختصاص المانع به و تکون الصفقة مبعضة و یثبت خیارها، و فی الضمیمة یحتمل الفرق بین قصدها فتصح و الفرق بین قصد الضمیمة فتصح کذلک و الاستقلال فیهما أو اختصاص غیر المقدور به فتفسد و خیر الثلاثة أوسطها و علی الرابع یفسد فی الأول و یصح فی الثانی.

ص: 246

الثانی: بیع المغصوب

(لو باع المغصُوب) عالماً أو جاهلًا من غیر الغاصب أو نقله بناقل آخر لازم أو جائز مع العِوَض و بدونه علی إشکال فی دخول بعض الأقسام أو نقل منفعة کذلک مع استقلالها فی الغصب أو دخولها فیه (و) قد کان (تَعَذَّر) علی الناقل أخذه من الغاصب مجاناً و مع العوض المقدور ضارّ أو غیر ضارّ، مباشراً بنفسه أو بشفاعة، باعثة علی نقصه أو لا، و (تسلیمه) إلی المنتقل إلیه (لم یصح) للزوم السفه و العبث و الخلو عن الحکمة الباعثة علی شرع العقود و للإجماع المنقول مضافاً إلی الأصل حیث شُکَ فی شمول دلیل الصحّة و ما فیه ظهور فیه منصرف فیه إلی الفرد الشائع و لم یتعذر صحّ و إطلاق المنع علی ما قیل لا وجه له بعد وجود المقتضی و ارتفاع المانع (و لو قدر المشتری) و المنتقل إلیه مطلقاً حین العقد أو مطلقاً علی اختلاف الوجهین (علی انتزاعه دون البائع) بوجه من وجوه القدرة السابقة علی إشکال فی بعض أقسامها أو کان هو الغاصب (فالأقرب الجواز) کما صرّح به جماعة من الأصحاب لوجود المقتضی و عدم المانع و یظهر من کلامهم هنا عدم التأمل مع شمول العجز للمتعاملین معاً و الفرق بینه و بین ما أُلحق بالآبق لاشتراک العلّة نظر، و لو قیل بالفرق بین کون المغصوب عبداً أو غیره لم یکن بعیداً و فی البحث عن الضمیمة مع المتصف بالصفتین أو الصفات أو ضم بعض الموصوفات إلی بعض غنیة بما تقدم و قدرة المشتری و ما أشبهه مصححة للعقد لا قاضیة بلزومه إلا مع استمرارها (فإن عجز) مع الجهل بالحال لا بدونه علی الأقوی (تخیّر) و لا یخرج الغاصب عن العصیان و الضمان حتی یتسلمه المشتری مثلا بشرط إذن البائع فی العقد الجائز و جمیع ما

ص: 247

یتوقف علی القبض و مطلقاً فی غیره و التلف و العیب المضمونان علی البائع قبل التسلیم مضمونان علیه قبله. و أما ما کان بعد التسلیم کالتلف فی ید البائع الباعث علی انفساخ العقد بل کإتلافه أو إتلاف الأجنبی المثبت للخیار بین الفسخ و بین البقاء و الرجوع بالقیمة علی المتلف و لو دفع إلی البائع فی صورة اللزوم لزم الضمان و جاز للمشتری الرجوع. لکن الضمان یستقر علی البائع و للبحث مقام آخر یأتی فی محلّه. (و کذا) الأقرب الجواز کما علیه جلُّ الذاکرین لهذا الفرع فیما (لو اشتری) و تملک بأی عقد کان من العقود اللازمة (ما یتعذر تسلیمه إلا بعد مدة) تختلف الرغبات بسببها (و لم یعلم المشتری) مثلًا (کان له الخیار) فی فسخ المعاملة و کذا ما لا ینتفع به إلا بعد مدة کبذر لا ینبت إلا بعد حین و شجر لا یثمر حتی یزید علی العادة بسنین أو حب لا یصلح للتقوّت به إلا بعد مضی زمان متطاول و مثله ما یختص الانتفاع به ببعض الأحوال کدهن لا یجوز الإسراج به إلا تحت السماء و نحو ذلک (و لو باع) مثلًا (ما یعجز عن تسلیمه شرعاً) مطلقاً لترتب فساد فیه أو إضرار عام أو خاص أو إلی خصوص المشتری للعلم بأنه یستعمله فی معصیة علی رأی، أو لکفره و کون المبیع قرآناً أو عبداً مسلماً إلی غیر ذلک مما منع منه لا لتعلق حقّ به لم یصح مطلقاً. و لو تعلق به حق الغیر (کالمرهون) و مال المدیون المحجور علیه (لم یصح) فیه (إلا مع اجازة المرتهِن) و الغریم التسلیم، فلو أجاز البیع دون التسلیم لم تثمر إجازتهما شیئاً و بذلک ظهر الفرق بین هذه المسألة و المسألة المتقدمة فی بیع الرهن أو یرفع التکرار بالفرق عموماً و خصوصاً أو باختلاف الجهتین من حیث اعتبار تمامیة الملک هناک و القدرة علی التسلیم هنا.

ص: 248

الثالِث: بیع ما بُنیَ علی المداقة أو المسامحة

(لو باع) أو نقل بأی ناقل کان لازم أو جائز مبنی علی المداقة أو المسامحة علی تأمل فی القسمین الأخیرین من التقسیمین أو أجّر أو أعار أو رهن و هکذا (شاة من قطیع أو عبد من عبید) أو شجراً من شجر أو مَدَرَة من مَدَرٍ و هکذا (و لم یعیّن) حین العقد متعلقه لنفسه أو للمنقول إلیه أو من قام مقامه (بطل) فیما بُنیَ علی المداقة مطلقاً، و مع قید عدم الأوْلِ إلی العلم فی المبنیِّ علی المسامحة من لازم أو جائز، و مع الإبهام فی الواقع أو التعیین فیه و عدم الأوْلِ إلی العلم تستوی الجمیع فی البطلان ما عدا ما یتضمن الإسقاط، و قصد الإشاعة فی آحاد القیمیات غیر معقول، و قصد الواحد الکلی مردداً علی نحو الواجب التخییری لا یدفع الغرر (و لو) تعلق العقد بالمثلیّات و جاء بکلی کأن (قال بعتک) مثلًا (صاعاً من هذه الصیعان مما تماثل أجزاءه) أو ربعا من أرباعها مع العلم بعددها مثلًا بقصد الإشاعة مع الجمع أو التفریق (صح) لأن قصد القدر المشترک فی مثله من المثلیات یرفع الإبهام و لا یدع غرراً فی المقام، و الدقائق الحکیمة و لا تُبنی علیها الأحکام الشرعیة کما أن التهیؤ مع قصد الکلیة ینزل منزلة الوجود فی الآحاد الجزئیة و المعارضة بأن الکلی الطبیعی غیر موجود فلا یکون متعلقاً للعقود و إنه علی تقدیر وجوده داخل فی المجهول إذ لا یعرف کنهَهُ أجِلّاء الفحول علی ثبوت ما ذُکِر، و الاعتراف بصحة ما حُرِّر و سُطِّر مردودة بأن الأحکام الشرعیة مبنیة علی الظواهر العرفیة دون الحقائق الحکمیة و لذلک صح بیعه مع انتفائه بانتفاء الأفراد بمجرد القابلیة و الاستعداد و ذلک لا یسوغ فی جزئیات الآحاد کما لا یخفی علی الماهرین النقاد (و لو قسّم أو فرَّق الصیعان) أو

ص: 249

الکسور أو قصد طرفاً أو کسراً معینین و لم یبینهما أو فی جهتین معینتین کذلک أو أطلقهما و أراد التردید علی وجه الاحتمال (فقال بعتک أحدها لم یصح) إذ لا فرق حینئذٍ بینها و بین القیمیات المتقاربة الصفات و القِیَم فی ترتب الغرر و هو مانع فی نفسه و إن لم یترتب علیه ضرر و لحصول الإبهام و لدخوله فی بیع المعدوم و لا یرتبط الموجود به و لا یجوز تعلیق صیغة وجودیة کالملک و نحوه به و ربما ظهر من بعضهم نقل الإجماع فیه و فی أمثاله (و کذا یبطل لو قال بعتک) مثلًا (هذه العبید) أو الدواب أو الأشجار و کذا الصیعان المتفرقة مع ملاحظة الخصوصیة فی المخرج منه أو المخرج (إلا واحداً و لم یعیِّن) أو قال إلا مقدار قیمة درهم (أو) قال (بعتک عبداً علی أن) أختار أو (تختار) أو یختار ثالث من شئتُ أو (من شئتَ) أو من شاء (منهم) أما لو قال الأشیاء أو بعضاً أو ما سأعینه فلا شک فی بطلانه فی جمیع الأقسام سوی ما بنیَ علی المسامحة فإنه بالنسبة إلی الأخیر لا یخلو من نظر (و لو باع ذراعاً) مقدّراً بذراع متمیزة (من أرضِ أو ثوبِ یعلمان ذرعانهما) لتعرف نسبه الذراع إلیها فلا یبقی غرر فیهما (صح إن قصدا الإشاعة) و علم کل بقصد صاحبه لظهور من اللفظ أو لقرینة خارجة فترجع إلی بیع کسر المشاع اختلفت أجزائهما أو تماثلت لارتفاع الغرر فی الحالین عنهما (و إن قصد معینا) من غیر تعیین أو کلیا لا علی وجه الإشاعة (بطل) لحصول الغرر بالإبهام فی الأول و کونه من بیع المعدوم، و باختلاف الأغراض من الثانی غالباً فیلحق به النادر و للإجماع المنقول فیه و قد بیّنا حال العقود الجائزة و اللازمة المبنیّة علی المسامحة و لو عیّن الذراع من جانب واحد مبدءاً أو وسطاً أو آخراً و من جانب الأولَین أو الأخیرین فقیل بجوازه فی مستوی الأجزاء بما ینطبق

ص: 250

علی المبیع و ادعی بعضهم أنه أشهر القولین و فی الفرق بینه و بین القسم الأخیر بحث. نعم قد یقال بجوازهما فیما یتحد الغرض بالنسبة إلی أجزائه کحبل أو خیط و نحوهما و إن کان الأقوی العدم. و الظاهر بعد إمعان النظر و نهایة التتبع أن الغرر الشرعی لا یستلزم الغرر العرفی و بالعکس، و ارتفاع الجهالة فی الخصوصیة قد لا تثمر مع حصولها فی أصل الماهیّة و لعل الدائرة فی الشرع أضیق و إن کان بین المصطلحین عموم و خصوص من وجهین و فهم الفقهاء مقدم لأنهم أدری بمذاق الشارع و أعلم (و یجوز ابتیاع جزء معلوم النسبة) حین العقد لا یتوقف علی قاعدة ضرب أو جبر و مقابلة و نحوهما إلا مع الاستحضار بالفعل علی الأقوی (مشاعا من معلوم) لئلّا یتجهل بجهله (تساوت أجزاؤه أو اختلفت) إذ لا یختلف الحال مع الإشاعة سواء جعل کسراً تامّاً (کنصف هذه الدار أو هذه الصبرة مع علمهما قدراً) لئلّا تسری الجهالة إلیه منهما أو ناقصاً کنصف النصف أو معلوماً بالإضافة کجزء من أحد عشر للأصل و عدم الغرر و الإجماع محصله و منقوله و لا یتفاوت فیه بین المثلی و غیره (و یصح بیع الصاع) و نحوه علی الإطلاق أو مع النص علی الکلیة مع التقیید بکونه (من الصبرة) الواحدة أو المتعددة المحتویة علی الأجزاء المتماثلة مما قُدِّر بالکیل أو الوزن أو بالعدّ أو غیره فی وجه لا مع الاشتراط و لا مع النسبة إلی الصیعان فتغایر المسألتان (و إن کانت مجهولة الصیعان) مثلًا مع البناء علی الإشاعة و عدمه خلافاً لمن خص الجواز بالقسم الأخیر مجریاً لحکم الکسر مع قصدها و هو قیاس مع الفارق. نعم ذلک إنما یحکم بصحته (إذا عُرِف وجود المبیع فیها) أما لو لم یعرف وجود المبیع فیها احتمل البطلان و إن اتفق وجوده مع أن الأقوی فیه

ص: 251

الصحة مع الاشتمال و عدمه مع ثبوت خیار التبعیض فیه علی الفرض الأخیر و یشهد للقول بالصحة بعد الأصل المستفاد من عمومات الکتاب و من السیرة أن الکلی کلما زاد توصیفاً زاد تعریفاً فالصحة مع قید الکون من صبرة مخصوصة أولی منها مع الإطلاق و انعقاد الإجماع منقولًا علی الإطلاق و محصلًا مع عدم البناء علی الإشاعة و لو باع الصبرة بما فیها من الصیعان أو باع صیعانها مع عدم العلم بمقدارها بَطل و البیع مع ظن الوجود مثله مع العلم و مع الشک والوهم فی وجوده أو تملیکه أو قابلیته للنقل مع قصد الاحتیاط یحتمل الصحة و البطلان و لعلَّ الأخیر أقوی و المسألة ذات وجوه متکثرة و أنحاء مختلفة تعرف بالتأمل، و فی شرط العلم و القدرة لا ینبغی التأمل فیه و لو عبر بالصاع مثلًا أو بالکسر مقیداً بالإشاعة أو بالضمان أو مع العلم بأحدهما من القرائن فلا کلام و مع الإطلاق فی الکسر یُبنی علی الأول. (و هل ینزل) فی المقدر معه علی إرادة الفرد المضمون فی ضمن الجملة کما هو الأظهر الموافق لظاهر الأکثر و ظاهر اللفظ لغةً و عرفاً کأصالة بقاء الوجوب فی وجه و خبر الاطنان مع التسریة إلی غیرها بطریق التنقیح القائم مقام العموم الصریح أو (علی الإشاعة) مطلقاً کما نُسِب إلی القیل و جعل أحد الوجهین فی کلام البعض لحصول الشرکة و عدم الامتیاز و أصالة و وحدة النسبة أو فی خصوص معلوم الصیعان لدعوی ظهورها فیه دون المجهول کما نُسِب إلی بعض أهل العلم (فیه نظر) یتقوّی فی الأول لقوة دلیله، و یضعف فی الثانی لضعفه. و التردد فی التنزیل من جهل الغایات فلا یستدعی جهلًا و غرراً و لا یفسد عقداً و یختلف الحال باختلاف الوجهین (فإن جعلنا المبیع) مثلًا بظاهر الإطلاق أو للقرینة المعینة (صاعاً من

ص: 252

الجملة غیر مشاع) و لم یکن فی البین إقباض (بقی المبیع ما بقی صاع) و لا ینقص إلا مع نقصه فیکون من تلف بعض المبیع قبل قبضه (و علی تقدیر الإشاعة یتلف من البیع بالنسبة) فینقص و لو مع بقاء أضعاف مقداره و یکون من قسم التلف قبل الإقباض و فی إتلاف البائع أو المشتری أو الأجنبی حکم آخر سیجی ء فی مباحث القبض إن شاء اللّه.

الرابع: إبهام السلوک

(إبهام السلوک) و الشرب و سائر الحقوق اللازمة بإبهام محالها (کإبهام المبیع) فی ترتب الغرر (فلو باع أرضاً) أو داراً أو شجرةً أو نحوها محفوفة بأرضٍ مباحة أو مشترکة بین المؤمنین صحّ البیع مطلقاً و لو باع (محفوفة بملکه و) قد (شرط) أو اشترط علیه (الممر من جهة معینة صح البیع) أیضاً للأصل و العمومات و الإجماع محصلًا فی الجمیع و منقولًا فی القسم الأخیر (و إن أبهم) بتردیده لفظاً أو قصداً (بطل) و إن أبهم بإطلاقه فالأقرب الصحة کما ذهب إلیه بعض الأصحاب لإفادته دخول ما یتوقف علیه منفعة الاستطراق و مساواته لحق الحریم و الشفعة و الشرب و غیرهن، و الظاهر الفرق بین التوابع من الشروط و الحقوق و بین متبوعاتها فی المسامحة و المداقة و یکون التعیین إلی البائع و یضعف القول بإرجاعه إلی العموم کما ضعف القول ببطلانه. و لو شُرِط عدم الممر مع تمکن المشتری منه بابتیاع و غیره فلا مانع (و إن قال بعتکها بحقوقها صح) للأصل و ارتفاع الغرر الناشئ من الجهالة و یضعف احتمال البطلان معللًا بذلک (فیثبت للمشتری) و نحوه (السلوک) للاستطراق أو التوصل إلی الشرب مثلا (من جمیع الجوانب) عملًا بالعموم المستفاد من الجمع المضاف أو قضاء الحکمة به لقبح الإجمال فی

ص: 253

الخطاب بإرادة الإهمال و ربما ظهر من بعض نقل الإجماع فیه (و إن کانت إلی شارع أو ملک المشتری مشترکاً) أو ما یدخل تحت سلطانه بوقف و نحوه مع الاختصاص فیهن أو الاشتراک (علی إشکال) ینشأ من مخالفة الأصل فی نفی سلطان البائع و إن التسلط علی ملکه إنما کان لتوقف انتفاع المشتری علیه فمع حصول المندوحة له عنه لا یبقی سلطانه و لأن الظاهر إرادة العموم فی أنواع الحقوق و لا فی أشخاصها بمعنی أنه لا ینحصر خروجک بملکک و لعله الأقوی و من قضاء العام بالعموم فلیس للبائع حینئذٍ منعه عما عدا الطریق المألوف إلا أن یندر بحیث یشک فی فردیته علیه متی امتنع علیه بعض الطرق أو أعیب قبل القبض أو ظهر مستحقاً للغیر تسلط علی الخیار و بهذا و نحوه یظهر الفرق بین العموم و الإطلاق و لو اختلفا فی قید الحقوق کان القول قول المنکر علی المختار من القول بصحة العقد علی الإطلاق و لو شرط انتفاء الحقوق أو بعضها و بقی الانتفاع المعتبر صح الشرط و العقد و إلا بطلا معاً.

الخامس: کون العوض رکناً من العقود المبنیة علی المداقة

(لو عقد عقداً) مبنیاً علی المداقة و کان العوض رکناً فیه (کأن باع) أو اشتری أو أجر بحکم (أحدهما أو ثالث) أو عرفاً أو عادة و المرکب منها علی اختلاف أقسامها فی نفس المنقول أو فی شبهه لیقاس علیه بالنسبة إلی جنسه أو قدره أو وصفه أو بعض وجوهه التی یتوقف رفع الغرر علی بیانها فیکون العقد واقعاً (من غیر تعیین قدر الثمن فی البیع) أو العوض من غیره فی غیره أو جنسه (أو وصفه) أو نحوهما و یمکن أن یراد التقیید بعدم سبق البیان فإنه لا یبقی للحکم إذاً محلّ و لیس ذکره بالمخل. نعم لو اقتصر علی الحکم (بطل) للغرر الناشئ من عدم التعیین عند العقد

ص: 254

المتأکد باحتمال موت الحاکم أو لاشتباه حکمه فیحصل الغرر فی البدایة و الغایة فجمیع ما دلّ علی منع بیع الغرر بقول مطلق أو فی مقامات خاصة یقتضی التنقیح بتعمیمها من إجماع محصل و منقول أو أخبار مع ما دل علی الحکم فی خصوص المقام من إجماع منقول علی لسان جمع من الفحول معتضدٌ بالشهرة محصلةٌ و منقولةٌ شاهد علی الحکم المذکور قاض بضعف الروایة المعارضة لها و مخالفتها للقول المشهور و لذلک رمیت بالشذوذ فلا بد من الإعراض منها علی صحتها فی اصطلاح المتأخرین بطرحها کما هو الأقوی أو تنزیلها علی الهبة المعوضة لشبهها بالبیع أو علی قبض السوم أو علی جری العقد علی قلیل من العوض و طلب الحکم فی الزائد وعْداً أو علی اشتراط الخیار أو غیر ذلک و الکل بعید و إن اختلفت مراتب البُعْد منه. و حیث یتحقق البطلان یترتب فیه الضمان فی کل عقد بنی صحیحه علیه (فیضمن) البائع أو (المشتری) و نحوهما (العین) مع تلفها أو امتناعها أو حجبها إن أخذت بعقد مبنی علی الضمان (لو قبضها) بنفسه أو بقبض وکیله الغیر العالم بالفساد بإقباض من قبل التأمل أو بقبض لا من قِبَلِه مع علمهما أو جهلهما أو اختلافهما لاحترام مال المسلم و الإقدام علی طبیعة الضمان للأخذ لا بقصد المجان و قضاء الإجماع مع الأصول و القواعد بأن ما یُضمَن بالصحیح یُضمَن بالفاسد و للزوم أکل المال بالباطل لولاه و لوجوب رد العین مع یسره فرجع إلی المبدل مع عسره إذ لا یسقط المیسور بالمعسور و دخول رد العوض تحت ظاهر قوله (ص): ( (علی الید ما أخذت حتی تؤدی)) و دعوی الظهور فی خصوص رد العین و فی خصوص الغصب فی محل المنع و للإجماع محصلًا و منقولًا علی الضمان فیما نحن

ص: 255

فیه و للمالک إذا غرم الرجوع علی الوکیل مع علمه و إن کان جاهلًا کان مغروراً من جانبه فیستقر الضمان علی المالک و یرجع علیه الوکیل بعد تغریمه و إن کان عالماً استقر علیه الضمان و لا رجوع له ثمّ الرجوع (بالمثل) فی المثلی و قد مرَّ الفرق بینه و بین القیمی مع إمکانه و عدم التفاوت الفاحش بین قیمته وقت الإتلاف و قیمة وقت الاستیفاء أما معه فیتوجه القول بالرجوع إلی القیمة السابقة علی إشکال (أو القیمة) فی القیمی حین التلف کما هو الأشهر و قول الأکثر نقلًا و تحصیلًا و هو الأظهر لأنه زمان الانتقال إلیها و أُلحق به حین الإعواز فی المثلی لمثل ذلک و الأقوی فیه مراعاة وقت الاستیفاء لعدم فراغ الذمة من العین فیه لرجاء الإمکان بتغیّر الزمان بخلاف الأول أو (یوم القبض) أی حینه فیهما لتعلق الخطاب بها مرتبة علی العین فی القیمی و لحدیث البغل بزعم دلالته علیه مع موافقته لقول الأکثر کما قیل و تعلقه بالغصب لا ینافی عمومه للتنقیح و لتعلق التکلیف فی المثلی مرتباً علی العین بشرط الإعواز (أو أعلی القیم) فی القیمی (من حین القبض إلی حین التلف) کما هو الأشهر فی روایة لانتقال القیمة علی اختلاف أحوالها إلی المالک فیملک أعلاها و لحدیث البغل بزعم دلالته علی ذلک و بالتنقیح بنحو حکمه إلی غیر الغصب أو الأعلی من حینه إلی حین الإعواز فی المثلی للوجه السابق أو الأعلی من حین القبض إلی حین الاستیفاء فیها کما ادعاه بعضهم و فی نقل الخلاف هنا اقتصارٌ (علی خلاف) معروف بینهم و ربما قیل بضمان قیمة یوم الاستیفاء فیهما أو فی خصوص المثلی أو أعلاها فی القیمی من حین التلف إلی حین الاستیفاء و فی المثلی من حین الإعواز إلیه إلی غیر ذلک من الوجوه المرتبة علی اعتبار أحوالٍ أربعة فی القیمی: و هی

ص: 256

القبض، و التلف، و المطالبة، و الاستیفاء، و خمسةٍ فی المثلی بإضافة الإعواز معتبرة فی ذواتها أو باعتبار ملاحظة الأعلی من حال إلی حال و لو رجع القیمی مثلیاً مرة أو مرات أو المثلی قیمیاً کذلک احتمل التخیر و الأخذ بآخر الأحوال و بأولها (و علیه) مع رد العین أو عوضها (أرش النقص) فی العین أو فی صفتها کما هو مقتضی ضمانها و علیه طمّ الحفر و دفع الغرر (و) بذل (الأجرة) للردّ و إن بذلت نفسه له علی إشکال (إن کان ذا أجرة) و بذل نفس المنافع العینیة مع وجودها مع الغرور کذلک و عوضها مع تلفها مع الغرور و عوض المنافع العرضیة المستوفاة مع أهلیة العین لها و لیس له الرجوع بما صرفه فی منافعه بعد أن أخذ العین منه و لا بعوض ضرر أصابه فی مال أو بدن لذلک (و لا تفاوت السعر) مع رد العین ما لم یکن النقص بهزال و نحوه و یثبت الرجوع بما کان لذلک بالإجماع محصلًا و منقولًا. أما مع التلف فقد سبق الکلام و لیس له الرجوع علی مالک بنفقة أنفقها و لا بغرامة اغترمها و لا بدیة جرح أو عوض ضرر أصابه منها و فی رجوعه علی المالک مع الغرور بالنفقات و الغرامات و عدم رجوع المالک علیه بشی ء من المنافع مستوفاة أولًا سوی الأعیان الموجودة منها و لا بما زاد علی أقل الأمرین من المسمی و قیمة المثل وجه قوی و فی کلا الحالین تکون (و له الزیادة إن کانت من فعله عینا أو صفة) تشبه العین و غیره الشبهة ذات وجهین (و إلا) یکن فعله (فللبائع و إن کانت منفصلة) لأنها نماء ملکه و لو کانت المعاملة مما بنیت علی عدم الضمان فلا یتعقبها بعد الفساد ضمان للأصل و الإقدام علی عدمه و للقاعدة المتلقاة بالقبول من إن ما لا یُضمَن بصحیحه لا یُضمَن بفاسده و فی المقام مباحث مرّ شطر منها و یجی ء شطر آخر فی محلّه

ص: 257

إن شاء اللّه تعالی.

السادس: ارتفاع الجهالة الموجبة للغرر بالمشاهدة
اشارة

(و تکفی) فی رفع الجهالة الموجبة للغرر عن العین المنتقلة فی بیع أو نحوه مما یقع فی معاملة تفسدها الجهالة (المشاهدة) و الذوق و الشم و اللمس و هکذا کلٌّ فی بابه مع انفراده و انضیافه إلی غیره علی نحو یرتفع به الغرور عمّن انتقلت إلیه و الظاهر الاکتفاء بالظاهر ما لم یکن فی الباطن اضطراب من جهة الباطن و یندفع بها المحذور لإغنائها (عن الوصف) من مالکٍ أو غیره (و إن تقدمت بمدة لا) یحکم العادة بأنها (تتغیر) فیها (عادة) للأصل و الإجماع محصله عاماً و منقوله فی بعضها ملحقاً به الباقی بطریق التنقیح (و لو احتمل التغیر) موهوماً أو مشکوکاً بل مظنوناً علی رأی (صح للاستصحاب) المقتضی للحکم بالاستمرار فی الموضوعات و الأحکام الشرعیات و العادیات و هو من جملة القواعد التی لا ینقضها سوی العلم و لا تأثیر للظن فیها و بذلک یظهر ضعف القول بأن الظن بالتغیّر باعث علی حصول الغرر. نعم یمکن القول به فی بعض الظنون القویة المتاخمة مع العلم (فإن ثبت) بعد ذلک (التغیر) الباعث علی فوات بعض الأغراض المطلوبة أو علی مطلق النقص فی العین أو فی کمالها مع بقاء الاسم و بصدق الحقیقة لیتحقق شرط الصحة فیها أو فی قیمتها فاحشاً أو لا، داخلًا فی اسم العیب أو لا، مشروطاً عدمه معلوماً عند الناقل أو لا، و قد یکتفی بمطلق التغیّر عن الوصف الأول و لو إلی ما هو أکمل فی وجه (تخیّر) البائع فیما وصل إلیه من الثمن و (و المشتری) فیما وصل إلیه من المثمن و غیرهما فی غیرهما خیار وصف فقط أو مع خیار العیب أو الغبن أو التبعیض أو الشرط أو

ص: 258

التدلیس أو المرکب منها علی اختلاف أقسامه للإجماع محصلًا و منقولًا فی أمثاله فالتوقف من بعض فی ثبوت الخیار لاحتمال العمل علی أصالة اللزوم و فقد الدلیل المعتبر فی إثبات الخیار و جعل الفساد احتمالا من آخر إلحاق لتبدل الوصف بتبدل الحقیقة کلاهما بعید عن الصواب (و القول قوله) أی المشتری أو غیره من المنقول إلیه (لو ادعاه) علی وجه لا تقتضی خلاف العقد أو عیباً فی المبیع المنقول أو مطلقاً متقدماً علی العقد أو علی القبض لا مع التأخر عنهما و إن کان فی زمان ضمان الناقل من غیر فرق بین بقاء العین و تلفها لأصالة عدم وصول الحق إلی المنقول إلیه و عدم إیصال الناقل إلیه کما فی دعوی عدم وصول بعض الأجزاء المتصلة من المبیع و نحوه و لا یدور الحکم علی قوة الاحتمال و ضعفه حتی یقدم قول الناقل مع حضوره و قول غیره مع غیبته کما احتمله بعض أو یقدم قوله مع قصْرِ المدة و قول غیره مع طولها أو قوله مع عدم الاستعداد للتغییر أو عدم عروض عارض یقتضیه أو وثاقته و زیادة الاعتماد علیه أو نحوها من أسباب الظنون و قول غیره مع أضدادها لضعف الاحتمالات الوهمیة و الظنیة عن مقاومة الأصل الداخلة فی جملة الأدلة العقلیة و الشرعیة (علی إشکال) أوردَهُ جمع من الأصحاب منشؤه مما مر و من کون المنقول إلیه مدعیاً بالمعانی الثلاثة لمخالفته الأصل بمعنی الاستصحاب و بمعنی القاعدة و هو أصل بقاء الوصف و عدم تغییره و لزوم العقد و بقاء لزومه و عدم طروِّ صفة الجواز و عدم حصول سببها و لمخالفته الظاهر بِنَقصِ ما یُظَنُّ بقائه بعد حصوله غالباً و لأنه لو ترک الدعوی ترکه الناقل و لم یتعرضه و الأول أقرب لأصالة عدم وصول الحق علی ما هو علیه إلی أهله أقوی من جمیع

ص: 259

الأصول المقررة علی أن المدار فی تحقق اسم المدّعی علی العرف و جمیع ما ذُکِر لا یصرف الناقل عن ذلک الاسم ثمّ إثبات وصول حق الغیر إلیه و انقطاع دعواه بمثل هذه الأصول لا أصل له و لو ادعی الناقل بزیادة ما انتقل منه قبل النقل و لم یکن عالماً بالحال قوی تقدیم قول المنقول إلیه و لا سیما لو کانت الدعوی بعد الإقباض و لو ادعی کل منهما التضرر من جانبه قویَ تقدیم قول المنقول إلیه و یحتمل التداعی و لو توافقا علی التغیّر و اختلفا فی جنسه أو بلوغه حداً یسلط علی الخیار کان بمنزلة الاختلاف فی أصله و لو اختلفا فی إنه هل کان بحادث سماوی أو بإحداث محدث بنی علی الأول و لو کان لأحدهما شریک فأقرَّ لخصمه مضی الإقرار فی حقّه و کان شاهداً علی شریکه.

بیع السمک فی الآجام

(و لا یصح بیع السمک) و نحوه مما یصح بیعه و لا نقله بما بُنیَ علی المداقة من العقود (فی الآجام) جمع أجمة أو أُجُم جمعها و المراد هنا الماء المنقطع کما یظهر من کلام الأصحاب و أخبارهم لا الشجر الملتف کما یظهر من کتب اللغة مع جهالة عدد السمک مثلًا أو وصفه مملوکاً أو لا، مقدوراً علی تسلیمه أو لا، محصورا أو لا، (و إن ضُمَّ إلیه) ما کان داخلًا فی الأجمة من (القصب) ذی الأنابیب أو الشجر أو غیرهما أو خارجاً عنها من سمک أو غیره.

بیع اللبن فی الضرع و حکمه

(و کذا) لا یصح بیع (اللبن) الموجود (فی الضّرع) و لا ما سیوجد فیه مع اشتراط البروز و عدمه و لا ما کان مع ما یکون مع الضمیمة الخارجیة و لو (مع المحلوب منه) أو من غیرها و بدونها من غیر فرق بین أن یکون

ص: 260

المقصود بالأصالة هو المضموم إلیه من السمک أو اللبن أو المضموم أو هما معاً للأصل و ما دل علی منع بیع الغرر بقول مطلق من قضاء حکمة و إجماعٍ محصلٍ أو منقولٍ و أخبارٍ عامة کذلک أو خاصة فی بعض المقامات و یسری الحکم بمقتضی التنقیح إلی جمیع أفراد المعاملات المبنیة علی المداقة لإلغاء الخصوصیة کما فهمه الأصحاب و لِما نُقِل من الإجماع علی منع بیع السمک فی الماء بقول مطلق فیعمّ حال الضم و غیره علی إن الجواز هنا مقتضٍ للجواز فی کل مجهول عُلِم بعضه للمساواة فی الغرر و احتمال الضرر و توقع حصول النزاع و الشقاق و لو جاز کذلک جری فی أکثر المجهولات إذ ما یخلو منها من عَلِم بجزء منه فیجوز بیع الدار لبروز لَبِنةٌ منها و المملوک لبروز شی ء من بدنه و الأرض و الأشجار المتکثرة لبروز جزء منها و هکذا فینفتح الغرر فی باب لا یُسَدّ. کل ذلک مع التصریح فی بعض الأخبار بعدم جواز بیع الشی ء للاطلاع علی بعض أجزائه فلا وجه للقول بإطلاق الجواز فی بیع السمک استناداً إلی مرسلة لا یدفع ضعفها بالإرسال اعتبار سبق أصحاب الإجماع علیه لما تقرر فی محلّه و ضعیفة أخری مشترکتین فی الدلالة علی جواز بیع السمک فی الآجام مع ضمّ بعض الخارج منه إلیه فلا توافقان أکثر عبارات المجیزین أو إلی روایتی الهاشمی المشتملتین مع عدم صراحتهما علی ثبوت الجواز فی أشیاء کثیرة لا یُعرَف القائل بها أو موثقة منظور فی دلالتها أو فی بیع اللبن لصحیحة العیص المرمیة بالإجمال لقیام الاحتمال أو موثقة سماعة القابلة للحمل علی المساومة أو إرادة الوعد مع أنها مشترکة فی مخالفة الشهرة المنقولة عن غیر واحد و مخالفة قول جمیع المتأخرین کما نقل عن بعض و إجماع" الغنیة" لا یفید مفاد الخبرین

ص: 261

الأولین الذین هما الأصل فی هذا الحکم لاختصاصه بالبیع مع الغصب و إجماع الشیخ لا یفید مع مخالفته لنفسه فی مقام آخر مع اشتراک الإجماعین فی مخالفة قول الأکثر و التشبیه ببیع فأر المسک و إندار الظرف و بیع الحمل تبعاً لأُمِّه و الاکتفاء بالوزن بعد العد فی المعدود و نحوهما قیاس مع الفارق و کذا لا وجه لِما أسنده بعض المتأخرین إلی المتأخرین و ادعی بعضهم شهرته بینهم من القول بالتفصیل بین ما إذا کان المجهول مقصوداً بالاستقلال أو الاشتراک فیقضی بالبطلان و بین ما إذا کان ملحوظاً بالتبع فیقضی بالصحة استناداً إلی بعض ما نذکره مما یؤیده من جواز بیع المعدوم من الثمار منضماً إلی ما ظهر منها و ما لم یبدُ صلاحه منضماً إلی ما بدی و بیع الآبق مع الضمیمة و الأراضی و الجدران و السقف المجهول باطنها للعلم بظاهرها و بیع الدار و البستان و البئر و العین مع جهل حقوقها و الکل قیاس مع الفارق مع أن فیه خروجاً عن ظاهر الأخبار و کلام الأصحاب فالقول بالمنع مطلقاً فیما بنیَ علی المداقة من المعاملات هو الأقوی.

بیع الجلد و الصوف علی ظهر الغنم و بیع ما فی بطونها

(و کذا) لا یصح بیع (الجلد و الصوف) ما داما (علی ظهر الغنم) و فی بعض النسخ النِّعَم منضمین مع اتحاد المحل و اختلافه (و إن ضم إلیهما) منفردین أو مجتمعین (غیره) مما لم یکن من بطونها (و کذا) بیع الجلد منفرداً، و نحوه بیع (ما فی بطونها) مما تحت الجلد من لحم و شحم و أمعاء و حمل و نحوها و فی الاقتصار علی الأخیر إعادةً لحکم المَجْر- بفتح المیم و سکون الجیم ما فی الأرحام- (و کذا لو ضمها) إلی ما علی الظهور أو غیره من معلوم أو مجهول سوی الحیوان المشتمل علیها فإنه مع الضم

ص: 262

یکون المبیع کالشی ء الواحد، و جواز بیع الحمل مع الأم شرطاً أو شطراً مع قصد التبعیة مما تقضی به الأصول و الإجماع المنقول و مع قصد الاستقلال لا یخلو من إشکال و لا یجوز مع غیر أُمِّه من الضمائم علی نحو غیره و لو ذکر شی ء منها فی عقد مبنی علی المسامحة أو جُعِل شرطاً فی العقد بقسمیه فلا بأس علی الأقوی (و یجوز بیع الصوف) و الوبر و الشعر و الریش (علی الظهر منفردا علی رأی) مختار فی الکتاب موافق لرأی جمع من الأصحاب مستند إلی العمومات و إلی بعض الروایات المشتملة علی الجواز مع الضم إلی المجهول فمع الانفراد أولی مخالف للقول المشهور أو الأشهر علی اختلاف النقلین و الإجماع المنقول مردود بأخبار الغرر لحصول الجهالة عرفاً فالقول بالجواز مطلقاً لما مرّ و للإلحاق بالزرع و الثمر علی الشجر للتسامح فیهما و هو من القیاس مع الفارق لا وجه له کما لا وجه له للتفصیل بین إرادة الجزِّ حین العقد أو شرطه و بین الإطلاق فیجوز فی الأولین دون الثانی لئلا یلزم امتزاج المالین و یئول إلی النزاع بین المالکین لما ذکرنا مع أن الأَوْل إلی الاشتباه لا یستلزم غرراً کبیع الخضر. نعم لو باعه فی غیر وقت الجزّ و لم تضبط العادة أو شرط أجلًا و لم یعیّنه تضاعفت الجهالة و یشترک مختار أکثر الأصحاب و ما فی الکتاب فی أن (کل مجهول مقصود بالبیع) و نحوه (لا یصح بیعه) و لا نقله بما بنیَ علی المداقة من العقود (و إن انضم إلی معلوم و) ینفرد الأخیر بأنه (یجوز مع الانضمام إلی معلوم) جامع للشرائط (إذا کان تابعاً) و قد بان مما تقدم أن التابع إن کان معلوم الحکم بمجرد الحکم علی متبوعه أو صُرِّح بتبعیته جعله شرطاً فلا بأس به و إلا فالجهالة مانعة و الغرر لازم مطلقاً.

ص: 263

السابع: کفایة رؤیة بعض المبیع فی صحّة البیع

(رؤیة بعض المبیع) و نحوه فیما یندفع فیه الغرر بواسطة النظر أو إدراکه بنحو آخر فیما یتعلق بالحواس الأخر أو معرفته بواسطة الشهادة و الخبر کافیة فی صحة عقد البیع أو نحوه متعلقاً بالکل مجتمعة أجزاؤه أو لا علی الأقوی (إن دلت علی الباقی لکونه) مماثلًا له (من جنسه) فالعلم بالبعض علمٌ بالکل و به یندفع الغرر عنه و إن لم یکن مماثلًا کباطن الجدار و بعض مخفیات الدار و العقار. و فی الحقیقة جمیع المرکبات مثلیاتها و قیمیاتها کلّها أو جلّها لا تُعرَف و لا توصَف غالباً إلا بالاطّلاع علی أبعاضها (کظاهر) المائعات و (صبرة الحنطة) و غیرها من الحبوب و ظاهر الأرض و الجدار و الدار و مطلق العقار و نحوها فبالظاهر یهتدی إلی معرفة الباطن و لو اعتبرنا اختبار البواطن مطلقاً لزم الفساد فیما یفسده الاختبار من خیار أو بطیخ أو بیض أو جوز أو مسک أو دراهم أو دنانیر أو جواهر أو أدویة أو عقاقیر و نحوها (ثمّ) بعد معرفة الظاهر (إن وجد الباطن بخلافه) مغایراً للظاهر علی وجه یخرجه عن التقویم فسد العقد أو زائداً علی الظاهر زیادةً معتبرة تخیّر البائع من جهله أو ناقصاً نقصاً معتبراً (تخیّر) المشتری (فی الفسخ) خیار وصف أو رؤیة مع الإطلاق أو شرط مع الاشتراط منفردین أو مضافین إلی خیار غبن أو عیب أو تدلیس مع حصول أسبابها و هی مسألة من مسائل الخیار الآتیة فی بابه (و لا تکفی رؤیة ظاهر) شی ء لا یکشف عن باطنه کظاهر الحضیرة و مجمع الخشب المعد للعمارة و ظاهر (صبرة) کبار (البطیخ) و الخربز و نحوهما (و رأس سلّة العنب) و الرطب و الرمان (و) مطلق (الفاکهة) التی یکثر الاختلاف فی أفرادها و لا یدفع الغرر اشتراکها فی نوعها دون

ص: 264

المتقاربة الشکل المتماثلة الحجم فإن الغرر مدفوع عنها و فی اندفاع الغرر بوصف الظاهر دون رؤیته إشکال، (و لو) عامله علی شی ء من غیر رؤیة و لا وصف و لکن (أراه أُنموذجاً) بضمّ الهمزة کما فی المصباح و هو مثال الشی ء و جعل القاموس له لحناً مقتصراً علی النموذج مفتوح النون معرب النموذة شهادة نفی لا تسمع فی مقابلة المثبت من مثلی (و قال) له بعد ذلک (بعتک) مثلًا (من هذا النوع) أو الصنف فضلًا عن الجنس (کذا) مقداراً معیناً (بطل) لثبوت الغرر بحصول الجهالة (لأنه لم یعین مالًا) فیکون من معلوم الشخص (و لا وصف) وصفاً رافعاً للاشتباه عنه فیکون من معلوم الحقیقة فیبقی داخلًا فی قسم المجهول مشمولًا لأدلة الغرر منافیاً لحکمة شرع العقد لعدم انقطاع النزاع و الشقاق به مع بقائه فضلًا عن تلفه لعدم انضباط الأوصاف بمجرد الرؤیة لحصول الغفلة کثیراً عن کثیرٍ منها (و) أما (لو قال بعتک) مثلًا (الحنطة التی فی البیت) أو ما شابهها مما یُعرَف کلُّه بمعرفة جزئِه دون البطیخ و نحوه (و هذا الأُنموذج) جزء (منها) من غیر اکتفاء بوصفها لعدم الانضباط بذلک کما مرّ (صح) من غیر إشکال (إن أدخل الأنموذج فی البیع لرؤیة بعض المبیع) المفیدة مفاد رؤیة الکل کما یُعرِب عنه الاکتفاء بمعرفة ظاهر الصبرة عن معرفة باطنها و ما بان من أفراد المرکبات مما خفی منها (و) صح (إن لم یدخل) الأُنموذج (علی إشکال ینشأ: من کون المبیع غیر مرئی) الکلِّ و لا البعض (و لا موصوف) لیرجع إلی الوصف و لا اطمئنان بالمعرفة فی الأجرة (إذ لا یمکن الرجوع إلیه عند الإشکال) فصول الأشباه (بأن یُفقَد) أو یُحجَب و قد تقدم مِنا إن الظاهر من تتبع الروایات و کلمات الأصحاب إن صدق الجهالة شرعاً لا یتوقف علی صدقها عرفاً

ص: 265

و ربما کان أمرها فی الشرع أضیق.

الثامِن: ذکر الجنس و الوصف

(لو باع) أو نقل بعقد یفسده الجهالة (عینا) مما یعتبر فیه المشاهدة أو نحو آخر من جهات الإدراک (غیر مشاهدة) و لا مدرکة (افتقر) فی صحته (إلی ذکر الجنس) بمعناه أو المعبر عنه بالنوع أو الصنف (و الوصف) بمقدار یدفع الغرر و یختلف الحال فیه باشتراط تأخیر التسلیم فیه و عدمه و لا یلزم الاستقصاء فیه بل ربما کان مخلوٌّ فی بعض الأحوال (فلو قال بعتک) مثلًا (ما فی کُمّی) و نحوه مما یخفی علی الحس (لم یصح) و إن جمع الشروط الأُخر (ما لم یذکر الجنس و الوصف الرافع للجهالة) الدافع للغرر لدخوله حینئذٍ تحت النواهی المتعلقة به المقتضیة للفساد علی ما هو المقرر فی محلّه و لشهادة الإجماع عامّاً و خاصاً محصلًا و منقولًا علی منعه و ربما ادعی الإجماع علی اشتراط جمیع شروط السلم و لا فرق بعد ارتفاع الغرر بین أن یکون قد (اتحد الوصف أو تعدد و لا یفتقر) بعد ذکر الجنس و الوصف علی النحو المطلوب (معهما إلی الرؤیة) و شبهها (من المتعاقدین) الوکیلین أو الأصلیین أو المختلفین علی اختلاف الوجوه (فلو وصف) الجزئی المعیّن (للبائع أو للمشتری) و نحوهما ممن یعتبر علمه (أولهما) علی وجه یرفع الغرر (صح البیع) أو نحوه و لو لم یوصف أو وصف وصفاً لا یرفع الجهالة للاقتصار فیه أو لکون السلعة لا یوضحها الوصف کاللآلی و نحوها بطل لما مرّ و إذا صح البیع و نحوه (فإن خرج علی الوصف لزم) للأصل و الکتاب و السنّة و الإجماع بقسمیه (و إلا تخیر) خیار وصفٍ فقط ما لم یشترط سقوطه أو مع خیار الشرط أو العیب أو الغبن مع حصول أسبابها (من لم یشاهده) مثلًا مشاهدة مطلقة

ص: 266

علی الحال و إن لم یتضرر (ففی طرف الزیادة) المعتبرة فی البیع مثلًا (یتخیر البائع و فی طرف النقصان) کذلک (المشتری) و فی طرف النقصان للثمن یتخیر البائع و فی طرف زیادته یتخیر المشتری کل ذلک للإجماع محصلًا و منقولًا و حدیث الضرار و بعض الأخبار الظاهرة فیه و یحتمل ثبوت الخیار لمن عنده الزیادة مطلقاً أو تخصیصه بما عدا صورة الاستندار و إنما یثبت له الخیار بین الردّ و القبول دون الأرش علی الأشهر الأظهر ما لم یدخل فی قسم العیوب و القول بالبطلان ناشئ من عدم الفرق بین وصف غیر معینٍ و الوصف المعین و لا بین الذاتی و العرضی و لو حصلت زیادة تخیر النقص فالظاهر بقاء الخیار و کذا لو أعطی جُبِر النقصان و لو کان الموصوف کلیاً فلیس له مع القبول سوی أخذ البدل (و لو اختار صاحب الخیار اللزوم لم یکن للآخر) الخالی عنه (فسخه) و لو اختلفا صاحبا الخیار فالفاسخ مقدم لأن حکم الفسخ من جانب یقضی علی الجانب الآخر و لا کذلک الإلزام (و لو زاد و نقص باعتبارین تخیرا معاً) لحصول السبب من الجانبین (سواء بیع بثمن المثل) فلا یکون ضرر (أو لا و لو) استقل بمعرفة بعض و وصف له بعض کأن (رأی بعض الضیعة و وصف له الباقی تخیر فیها) أجمع (لو خرجت) القطعة الموصوفة (علی الخلاف) لا فیها خاصة للزوم التضرر بتبعیض الصفقة علی الآخر و لنقل الإجماع (و خیار الرؤیة) و ما یشبهها من اللمس و الشم و نحوهما (علی الفور) فلو أخره لا لعذر بطل کما علیه جمع من الأصحاب حتی قیل أنه الأشهر و أُسند إلی ظاهر الأصحاب للأصل و قضاء الحکمة أو لزوم الضرر لولاه لا إطلاق و لا عموم و لا استصحاب إلا الحکم علی العموم الزمانی المستفاد من لزوم العقد و لو أُخر لعذر من حصول مانع أو

ص: 267

نسیان للعقد أو للصفة السابقة أو عدم ظهور الملاحقة أو زعم صدور الفسخ منه أو جهل بحکم الخیار و بقی خیاره و جهل حکم الفوریة لیس بعذر.

التاسع: حکم الإندار للظروف

(یجوز الإندار) بعد معرفة مقدار الجملة (للظروف) التابعة للمظروف جامداً و مائعاً مع انضمامها إلیه کانضمام الأجزاء بعضها إلی بعض فی الدخول تحت الجملة کما هو المشهور و أسند إلی الأصحاب و فیه ظهور فی دعوی الاتفاق لوجود المقتضی من العمومات مع عدم المانع من الغرر لانتفائه عرفاً و للأخبار الواردة فی مقامات خاصة یقطع بإلغاء الخصوصیة فیها کموثقة حنان فی زقاق الزیت و روایة البطائنی فیها و فی ظروف السمن و روایة قرب الإسناد فی الجوالق و الناشبة و فی هاتین اشتراط التراضی و الأقوی الرجوع إلی القاعدة و البناء علی حصول الغرر عرفاً و عدمه فیسری الحکم إلی إندار مظروفات تعلق القصد بظروفها و إندار و سنح أو تراب أو أحجار صغار مثبتة فی الجواهر المنطبقة و غیرها و إنما یصح الإندار مع بقاء (ما یحتمل الزیادة و النقیصة) و الموافقة بعده (لا) مع بقاء (ما یزید) قطعاً (إلا بالتراضی) استناداً إلی بعض الروایات و لا مع ما ینقص قطعاً أو یدور بینهما مع العلم بعدم الموافقة. و فیه أن التراضی لا یدفع غرراً و لا یصحح عقداً فیما لم یقض العادة بالمسامحة فیه و العلم بالزیادة کالعلم بالنقص و جواز التصرف بالإذن لا یستلزم صحة العقد ثمّ ما مرّ من البحث متمشٍّ فی الإندار اللاحق للعقد دون السابق علیه فإنه لا ینعقد إلا بعقد صلح و نحوه مما لا تفسده الجهالة علی أصح الوجهین إلا إذا أخذ توطئة لا استثناءً (و یجوز

ص: 268

ضم الظرف) إلی المظروفات و بالعکس حیث یکونان کالشی ء الواحد بحیث یعرف مقدار کل منهما علی انفراده لیندفع الغرر (فی البیع) و شبهه (من غیر إندار) موزونین أو لا مختلفین متفقین بالسعر لو کان لهما سعراً و لا مع القابلیة المنضم للتقویم و عدمه فیکون کقشر الجوز و نوی التمر و تراب الطعام و شبهها و کیف کان فالظاهر أن المدار علی حصول الغرر عرفاً و عدمه.

العاشر: حکم البیع بدینار غیر درهم نسیئة مما یتعامل به وقت الأجل

(لو باعه) مثلًا شیئاً (بدینار غیر درهم) بقصد الاستثناء (نسیئة) فی الخارج أو المخرج فیهما (مما یتعامل به وقت الأجل أو نقدا) فیهما عینیاً أو ذمیاً (مع جهله بالنسبة) بینهما وقت المعاملة (أو بما یتجدد من النقد) فی صورة النسیئة و لو آل إلی العلم (بطل) و کذا کل متغایر للمستثنی منه من المستثنیات و أرید لهما القیمة (و لو قدّر الدرهم) بمقدار (من الدینار) فتعلق البیع بالدینار سوی کسر معلوم منه (صح) فی جمیع الصور و کذا لو وقعت فی شرط أو صلح صح أیضاً (و لو باعه) مثلًا (بعشرین درهما) أو نحوهما (من صرف العشرین بالدینار بطل مع تعدد الصرف بالسعر المذکور أو جهله) لاختلاف الدراهم فی الصفات و الرغبات أو لاختلاف الدنانیر حیث یکون لکل قسم منها عشرون من الدراهم غیر ما للآخر و قد یراد جنس السعر لا شخصه و کیف کان فالمدار فی أمثال هذه الصور علی حصول الغرر و عدمه و لو اتحد الصرف و ارتفع الغرر صح الأصل و حسن الحلبی (و لو باعه) مثلًا (بنصف دینار) و له فردان نصف صحیح و غیره و قد اتبع القید و إن أطلق نزل علی القدر المشترک بین الصحیح و غیره فإن لم یکن بینهما تفاوت صح العقد إذ لا غرر و تخیر

ص: 269

المشتری فی دفع ما شاء لأنه إنما (لزمه شق دینار و لا یلزمه صحیح إلا مع) قرینة داخلة أو خارجة تدل علی (إرادته عرفاً) و لو باعه بنصفین تخیّر بین دفع المتفرقین و دفع المجتمعین بأن یدفع دیناراً صحیحاً و لو أراد القیمة و لم یعیّن جنساً بطل البیع و کذا لو أُرید أحد الأمرین و کان مبهما عند أحد المتعاقدین و لو اختلفا فی التعیین و عدمه رجح مدعی الإطلاق ما لم یستلزم الفساد

الحادی عشر: حکم بیع الصبرة

(لو باعه الصبرة) مثلًا (کل قفیز بدینار) أو کل قفیز منها علی أن کلها بعشر دنانیر (و علما قدرها صح) موافقاً للمقدر به أو مخالفاً وافق المقرر أو خالفه علی إشکال لحصول العلم بالعوضین لکلا المتعاقدین فما یتوهم من لزوم عدم تعلق العقد بالجملتین مع أنهما المقصودان بالتبع فالعقد مخالف للقصد و أن فی ذلک جهلًا لهما مع الغفلة عنهما لأن العلم بالمفصل لا یستلزم العلم بالمجمل و هو الباعث علی ذکر المسألة مع تقدم ما یغنی عن ذلک ظاهر الفساد لأن الغرر ممنوع و عدم التعلق بالجملتین مدفوع فإن مفصل الشی ء و مجمله واحد (و ألا) یعلما أو أحدهما (بطل الجمیع) للزوم الجهل فی تمام المبیع و بالجملة فتعلق البیع و نحوه بالصبرة إما بمقدار مسمی منها کصاع و قفیز و نحوهما مع قصد الإبهام أو الإشاعة أو التخصیص بجانب أو الکلی المضمون أو المطلق أو بکسر منها مع الأقسام السابقة أو بها مطلقة أو علی إن کل مقدار منها کصاع و نحوه أو کسر بکذا مع العلم بالجملة علی نحو التقدیر أو نحو آخر أو الجهل بها و تزید علی أربع و عشرین صورة و معرفة ما فیه الغرر من الأقسام یستدعی إمعان النظر.

ص: 270

الثانی عشر: حکم استثناء الجزء المعلوم من أحد العوضین

(یجوز استثناء الجزء المعلوم) معیناً أو کلیاً أو کسراً دون المجهول فإنَّ جهل المستثنی یقضی بجهالة المستثنی منه (فی أحد العوضین) أو کلیهما (فیکون الآخر) بتمامه أو الباقی منه (فی مقابلة الباقی فلو قال) مثلًا: بعتک العبد إلا نصفه أو هذه الأرض المعروفة المسح إلا هذا الذراع منها أو الصبرة المعلومة المقدار إلا صاعاً منها بما یشبه ذلک من المثمن صح أما لو قال: (بعتک هذه السلعة بأربعة) دنانیر أو غیرها (إلا ما یساوی واحدا بسعر الیوم) فقد (قال) شیخ الطائفة (الشیخ) أبو جعفر (نور اللّه ضریحه): (یبطل مطلقاً للجهالة و الوجه ذلک إلا أن یعلما سعر الیوم) و کذا مقدار ما یساوی الواحد من السلعة فی وجه قوی مع کونه متحدا غیر مستغرق (و لو قال إلا ما یخص واحدا) فقد (قال) الشیخ فیه: (یصح فی ثلاثة أرباعها بجمیع) من (الثمن) و هو وجه لأن المراد ما یخص بحسب المعاملة الصوریة لا ما بعد الاستثناء من غیر إحالة إلی العرف أو السوق مع جهالة حالها أو إلی القیمة المتأخرة فتلزم الجهالة أیضاً فلا جهالة حینئذٍ و لا غرر فینبغی تخصیص قوله: (و الأقرب عندی البطلان) بإرادة حقیقة التخصیص و تعلق البیع بعده (لثبوت الدَّور) المعی (المفضی إلی الجهالة) لمن لم یعلم قواعد الحساب لأن معرفة المستثنی موقوفة علی معرفة المبیع و هو موقوفة علی معرفته (فإن علماه بالجبر و المقابلة أو غیرهما) کالأربعة المتناسبة و حساب الخطابین و نحوهما قبل العقد أو مطلقاً علی اختلاف الوجهین (صح البیع فی أربعة أخماسها بجمیع الثمن و لو باعه بعشرة و ثلث الثمن فهو خمسة عشر لأن الثمن شی ء یعدل عشرة و ثلث الشی ء فالعشرة تعدل ثلثی الثمن. و لو قال و ربع

ص: 271

الثمن فهو ثلاثة عشر و ثلث) لأن العشرة تعدل ثلاثة أرباع الثمن (و لو قال إلا ثلث الثمن فهو سبعة و نصف) لأن العشرة تعدل الثمن و ثلثه و إنما صح البیع فی هذه الصور لأن الدور المعی لا یفید جهالة بالنسبة إلی العالم بحقیقة الحساب و تفصیل القول فی حکم الجهالة أنها إما أن تکون فی جزء قد تعلق العقد بجملته کبیع الشرکاء جملة من غیر معرفة سهامهم أو مع عدم معرفة نسبة ما لهم من الحصة إلی المجموع کجزء من أحد عشر مع عدم العلم بما تبلغ إلیه نسبته من المائة هی ثمن المجموع و الظاهر دخول هذین القسمین تحت المعلوم و أما أن یکون فی مدلول لفظ خفی علی أحد المتعاقدین کتسمیة أحد العوضین باسم مغایر للغة أحدهما أو فی مقتضی حساب خفی علی أحدهما و لا بد فیهما من المعرفة المقارنة للعقد و لا تکفی اللاحقة علی أصح الوجهین و ما کان وسیلة العلم فیه مفقودة بالمرّة حین العقد فلا کلام فی بطلانه و الحاصل أن المدار علی صدق اسم الغرر و عدمه.

ص: 272

المقصد الثالث: أنواع المبیع

اشارة

و فیه فصول:

الفصل الأول: الحیوان
اشارة

و فیه مطلبان:

المطلب الأول: الأناسی

(المقصد الثالث) فی بعض (أنواع المبیع) مما یتفرد بأحکام خاصة (و فیه فصول الأول الحیوان و فیه مطلبان الأول الأناسی) جمع إنسان بإبدال النون لا إنسیّ (من أنواع الحیوان) لیس کباقی أنواعه التی تُمْلَک باشتمال آلة صید أو إبطال مَنَعَة أو إثخان جرح أو وضع ید (و إنما یملکون) بعد عدم ملکیتهم الدخول فی المباحات أو لحریتهم علی اختلاف الوجهین أو المالک مخصوص بعد کونهم ملکاً للمسلمین کافة علی وجه آخر مع أهلیة التملک لکونهم نساءً أو أطفالًا أو بالفی ء قد استرقهم الإمام و هم المعبر عنهم بالحربیین فی کلام بعض الأعلام و نحو ذلک (بسبب) صفة (الکفر الأصلی) أو التبعی له سواء أ کان من إنکار أو جحود أو عناد أو شرک من غیر أن یعذر کضرورة النظر فی ربوبیةٍ أو نبوةٍ أو معادٍ أو ما ترکب منها فی أصلها أو فی ضروری من ضروریاتها و غیر ذلک بکشف حاله عن حالها و فی دخول کفر الهتک و کفر النعمة فی هذا القسم خفاء أو التبعی له کل ذلک مع الخلو عن زمام أو عهد أو غیرهما مما یعتصم به عن أهل الإسلام دون الارتدادی فطریة و ملیة و دون ما کان من أهل القبلة بعد انتحال إذا أُسروا و أُخذوا بطریق القهر أو التملک بدونه لا للحفظ أو الرد إلی أهلهم و نحوهما و فی اشتراط قصد التملک مطلقاً وجه و الأوجه خلافه بمباشرة الإمام (ع) أو بإذنه أو

ص: 273

بدونهما بجهاد و غیره جهرة أو غیلة عُلِم نَسَبُ المسبی أو لا أمکن تولده من مسلم أو لا عملًا بظاهر الحال الباعث علی الإلحاق بالکفار و فی تشبیه ذلک إلی اللقیط وجه قوی و إن کان اشتراط عدم الإمکان فیه غیر بعید و فی عبارة الکتاب (إذا سُبیوا) و هی صحیحة المعنی فاسدة المبنی و فی بعض النسخ الشاذة سُبُوا علی الوجه الصحیح فیها و فی الأشذ منها سبؤا بالهمزة علی الوجه الفاسد فیهما و تبقی الأسیر تحت الملک و إن أسلم (ثمّ یسری الرق) سریان الملک إلی نتاج الحیوان الصامت و سائر نماء الأعیان المملوکة علی نحو ملکیة الزرع تبعاً للبذر (إلی ذریة المملوک) ما لم یحصل سبب الحریة و لاختصاص لفظ الذریة بالذکور أو الإناث فی قول ضعیف و عدم دخولها فی الجموع المصطلحة فلا یظهر العموم فیها ظهوره فیها احتاج إلی قوله (و أعقابه) و إن کان الأقوی أنهما واحداً یُراد بهما النسل من الأولاد و أولادهم ذکوراً و إناثاً (و إن أسلموا) بل آمنوا لإن الإسلام إنما یمنع الملک المبتدأ الناشئ عن الأسر و نحوه الموقوف علی الکفر دون المستدام و المبتدأ المستند إلی غیره کل ذلک للإجماع محصلًا و منقولًا و السیرة القاطعة بل الضرورة مذهباً بل دیناً و للأخبار المتواترة (ما لم ینعتقوا) و فی بعض النسخ یُعتَقوا مع جعله مبنیاً للفاعل یساوی السابق فی عموم الانعتاق القهری بأقسامه و علی البناء للمفعول یکون شموله لبعض أفراد الانعتاق القهری خفیاً یحتاج إلی علاج و لا بدَّ منه لتساوی أفراد الانعتاق فی الإخراج (و لو التقط) أو التحق أو أخذ (الطفل من) أرض تقام فیها أحکام الکفر فتدعی (دار الحرب) لأن أهلها حرب غیر معتصمین من المسلمین ببعض العواصم و عُلِم تولده منهم (مُلِک) مع نیة الملک أو مطلقاً علی نحو ما فی لقطة الأموال القابلة للتملک

ص: 274

من الوجهین (و لا یُملَک) لأصالة الحریة و دلالة الأخبار و احتیاطاً لحرمة الإسلام و نسب إلی الأصحاب حیث یکون ملتقطاً (من دار الإسلام) التی تقام فیها أحکام الإسلام أو خطها المسلمون مع بقاء نسبتها إلیهم أو کثروا فیها بحیث انتسب إلیهم مع إمکان التولد منهم (و لا من دار الحرب إذا) علم و کذا إن ظن أو احتمل بطریق الشک أو الوهم و (کان فیها مسلم) أو مسلمة أو معتصمة یمکن التولد منهم مستقرون علی أی نحو کان أو مستمرون فمن علق الإلحاق بالمسلم علی مجرد وجوده حتی نقل الإجماع فیه لعله أراد فیه الإمکان و إطلاق الأخبار فی حرمة اللقیط منزّل علی ذلک ثمّ الأخبار لا یُفهَم منها إلا ما فی دار الإسلام کما یفهم من أخبار لقطة المال و الحیوان. و کیف کان فکلام الأصحاب فی غایة الاضطراب و التعویل علی أصل الحریة المقرر بوجوه مع ضعف الاحتمال بعید عن الصواب للزوم عدم ترتب الملک علی الالتقاط إلا نادراً و لو أجرینا الحکم فی الأسر لوحدة المُدرک لعل ما یحکم بترتب الملک فیه أیضاً و لوجب فی الغالب الفحص و السؤال إذ قل ما ینتفی الاحتمال و اللّه أعلم بحقیقة الحال (فإن أقرّ) اللقیط مسلماً أو کافراً مع إمکان استناده إلی العلم (بعد بلوغه) الثابت بمجرد دعواه أن استند إلی الاحتلام و بالبینة أو المشاهدة إن استند إلی غیره و وصوله درجة الکمال و جمعه لباقی صحة شرائط الإقرار (بالرِّقّیّة) کلّا أو بعضاً لمالک مطلقاً أو معین مکذب للإقرار أو مصدق أو ساکت و ببعض عللها کأسرٍ أو اشترط رِقّیّة ینفی الحریة التبعیة علی القول به أو ببعض معلولاتها أو لوازمها الخاصة أو ملزوماتها متعقباً لأخبار بالحریة أو لا (حکم) الحاکم أو مطلق الناس (بها علیه) کباقی المالیات لعموم ما دلّ علی حکم

ص: 275

الإقرار و للصحیح و الحسن المعتضد بالشهرة الوارد فی خصوص المقام و لِما یظهر من نقل الإجماع فی کلام بعض الأعلام و تجری علیه جمیع أحکام الرقّیّة فیما تقدم الاقرار أو تعقبه مما بنی علی الدوام أو علی الانقطاع کما هو أقوی الوجوه المقررة فی هذا المقام و الفرق بین الإقرار بملک النفس و الإقرار بملک خبرها بقصر اشتراط الرشد علی الأخیر کدعوی بطلان الإقرار لتوقف صحته علی الحریة حتی لا یکون إقراراً فی حق الغیر المستلزمة لبطلانه و لاستلزامه نقض الحریة مع حکم الشرع بها و مخالفة ظهور الحال فیها مما لا وجه له. نعم إنما یُحکَم بصحة الإقرار (ما لم یکن) تظاهر الحریة کأن یکون (معروف النسب) فی الأحرار (و کذا) یقبل إقرار (کل من أقر بها بالغاً) رتبة الکمال (رشیداً) بحسب الدنیا من جهة المال (مجهولًا) لا یعرف بحریته أو لا برِقّیّته (و إن کان) المقرّ مسلماً و (المقرّ له کافراً) لأنه إخبار عن ملک لا تملیک مبتدأ و إنما یمضی الإقرار فی حق المقرّ فإقرار المرأة تحت الزوج لا یسمع فی حقه و کذا إقرار من عقد عقداً لازماً أو عمل متبرعاً أو أباح شیئاً فتلف إلی غیر ذلک مما یمضی علی تقدیر الحریة إلا إذا کان المطالب مصدقاً و لو استلزم رفع حد أو تخفیفه أو رفع وجوب نفقة أو نحوها قبله فیما له لا فیما علیه و لا یبعد اندفاع الحد و شبهه للشبهة (و لا یقبل رجوعه) بعد الإقرار لمعین علی تصدیق المُقِرّ له و تکذیبه إیاه فیلزم علی الأخیر إیصاله إلیه بإدخاله فی ماله سراً أو بنحو الهدیة و نحو ذلک و یأخذه الحاکم قهراً مع العلم بالحال و تجویز صدقهما و یجری علیه حکم مجهول المالک کما لو کان الإقرار و امتنع عن التصدق لأن الإقرار حجة علی المُقِرّ وافقه المُقِرّ له أو لا علی أصح القولین و الوجهین عملًا بعموم ما دلّ علی حجیة الإقرار

ص: 276

و لا تسمع بیّنة علی الحریة لو أقامها بعد الإقرار لتکذیبه لها بإقراره و لو ذکر للاشتباه وجها محتملا کأن یقول کنت أری أن رِقّیّه أحد الوالدین تقضی برِقّیّة الولد و إن شرط الرقّیّه مثبت لها علی الحرّ منهما أو إن المُقرّ له بذل لی أو سألنی أن أجعل نفسی رقّاً له بین الناس لیکون له بذلک شأن أو أنی کنت خائفاً من إجراء حدّ الأحرار أو من بطش ظالم أو نحو ذلک فلا یبعد القبول بشرط الیمین فیما لو کان لمعین و مطلقاً فی المطلق مع احتمال طلب الحاکم الیمین منه و لو رجع المُقَرّ له بعد ردّ إقراره إلی تصدیقه قوی قبوله إن لم یسنده إلی مالک آخر (و لو اشتری) أو تملک بوجه آخر مملوکاً (عبداً) أو أمَة (یباع) قبل الشراء تحقیقاً أو تعریفاً مع التصریح بالأصالة أو الولایة أو الوکالة أو مع السکوت أو ینقل بوجه آخر (فی الأسواق) أو فی غیرهما مشهور الرقّیّة أو لا داخلًا تحت الید أو لا صغیرین أو کبیرین مجنونین أو عاقلین مُقِرَّیْن بالرِّقِّیّة أو ساکتین جاز ذلک حملًا لفعل المسلم علی الصحة کما قضت به السیرة و دلّ علیه الإجماع و الأخبار ثمّ إنْ قبض و صدّق أو سکت فلا کلام (و) إن أنکر و (ادعی الحریة لم یقبل) منه بعد الإقرار و لو أقام البیّنة لم تسمع منه لتکذیبه إیاها کما لا تسمع الدعوی و لا تقبل البیّنة فی سائر الأموال بعد الإقرار و مع التثبت بالاحتمال فیه ما مر من الاحتمال و لا تقبل دعواه مع عدم الإقرار و مع مشهوریة الرقّیّة مع بلوغ حدّ الشیاع و عدمه علی أصح الوجهین أو جری أحکام الرق علیه من قبل أو استقرار الید المطلقة المتصرفة الظاهرتین فی الملک (إلا بالبیّنة) جزماً علی القاعدة کما فی بعض الروایات الصحیحة و بدونها یحکم برِقِّیَّته و ما یتبعها من تملک ما علیه و ما فی یده و أحکام نکاح و طلاق و إعتاق و نحوها و لو لم یکن ید

ص: 277

جاز حملًا لفعل المسلم علی الصحة و القول قوله بیمینه مع أن الإنکار و عدم قیام البیّنة علیه. (و) یجوز أن (یملک الرجل) المقابل للأنثی بنحو الحقیقة أو من عموم المجاز أو بجعله مثالًا فیعمّ الصبی بشرط أن یکون معلوم الذکوریة فلا یعمّ الخنثی ملکاً مستداما مع عدم مانع خارجی (کل) غریب و (بعید و قریب) له بنسب شرعی و لو بعلقة الشبهة و لا عبرة بعلقة الزنا و الأصل فی أصل الحکم الأصل و الإجماع و الأخبار (سوی أحد عشر الأب و الأم) و المتقرب بالأب أو الأم أو بهما من آحاد نوع (الجد و الجدة لهما) أو یزادان مع الأبوین فی وجه سقیم فیصح علی التقدیرین أن یکون (و إن علوا) بصیغة الجمع و إن أُرید ضمیر المثنی لم یکن عذباً و لکن لا حاجة إلی التکلف حینئذٍ مع أنه أنسب بالمقابلة (و الولد ذکراً) کان (أو أنثی) أو خنثی (و ولد الولد کذلک و إن نزل) و المتقرب بالأب أو الأم أو بهما من (الأخت و العمة و الخالة و إن علتا) دون عمة العمة و خالتها و خالة الخالة و عمتها حیث لا تکونان عمتین و خالتین (و بنت الأخ و بنت الأخت و إن نزلتا). و الحاصل أن لا یُملَک من دخل فی أحد العمودین أو دخل فی المحارم ممن عُلِم أنه من النساء للإجماع محصلًا و منقولًا علی لسان جماعة من الفقهاء بل الظاهر عدم الخلاف فیه، فمن اقتصر منهم علی ذکر البعض إنما أراد المثال و للروایات الدالة علی ذلک و أما دخول الصبیان فی حکم الرجال و النساء فللإجماع و التعلیل المستفاد من بعض الأخبار و الخنثی کالذکر فی المملوک و کالأنثی فی المالک (فمن ملک أحدهم) اختیاراً أو قهراً کلًا أو بعضاً عن علمٍ بالموضوع و الحکم أو جهل بهما أو بأحدهما (عتق علیه) الکل أصالةً فی الکلّ حیث یملکه و سرایةً فی البعض الآخر من حینه أو بعد أداء القیمة أو مع

ص: 278

البقاء مراعاً مع الاختیار أو مطلقاً علی ما سیجی ء فی محلّه مع ملک البعض متأخراً عن الملک ذاتاً فی الأظهر لازماً کما هو ظاهر الأکثر (و تملک المرأة) مقابلة لمعلوم الذکوریة لتدخل الصبیة و الخنثی ملکاً مستداما (کل أحد) بعیداً أو قریبا للأصل و العمومات (سوی) العمودین (الآباء) و الأمهات (و إن علو و الأولاد) و أولادهم (و إن نزلوا) ذکوراً أو إناثاً أو خناثاً للإجماع بقسمیه و ظاهر الأخبار و إلحاق البعض بعض المحارم فی المنع لا وجه له (و الرضاع) الشرعی فی البابین منعاً و جوازاً (کالنسب علی رأی) مشهور مذهب منصور لنقل الإجماع علیه و عن بعض أنه أشهر الروایتین و عن بعض مذهب الأکثر و عن آخر مذهب الشیخ و أتباعه و أکثر المتأخرین و فی بعض عباراتهم نسبته إلی الباقین بعد نسبة خلافه إلی قلیل من العلماء الماضین و الحجة فیه بعد ما مر الأخبار المتکثرة المتضمنة لأنه یحرم من الرضاع ما یحرم من النسب و لیست ظاهرة فی خصوص النکاح کیف ما رویت بصیغة الفاعل بقسمیه أو بصیغة المفعول و سواء جعلت من تعلیلیة أو بیانیة و ذکر ما یقوی الأول و علی فرض الظهور فهی مصروفة عنه بما دلّ من الأخبار علی إرادة العموم منها ثمّ الأخبار المستفیضة المشتملة علی الصحیح و غیره الدالة علی هذا الحکم بخصوصه و ما دلّ علی خصوص بعض الأفراد المحظورة یتسرّی حکمه علی وجه العموم بضمیمة الإجماع المرکب فالقول بإطلاق الجواز فی الذکر و غیره حتی نسب إلی المحصلین من الأصحاب للأصل مردود و الاستناد إلی الخبر لا وجه له بعد معارضة الأشهر و الأکثر و الأصح و مخالفة المشهور بل الإجماع المنقول علی أنه مشتمل علی ما لا قائل به من عدم جواز تملک الأخ مع إن أقصی ما اشتمل

ص: 279

علیه أنه إذا ملک الرجل أخاه و أباه فهو حرّ إلا إذا کان من قبل الرضاع و قد نزّله مَنْ نزله علی إرادة العطف بإلا أو الوصفیة أو علی رضاع غیر محرم أو التقیة و کذا لا معنی للقول تبعاً بالملک ممن یحرم بالرضاع إلا أنه لا یجوز البیع إلا مع الضرورة و هو آخر من یباع فی الدین استناداً إلی الصحیح و غیره فی أن بیع الأم من الرضاع لا بأس به إذا احتاج و یضعف بعدم المقاومة لما مرّ و معارضة شهرة العمل بل الإجماع فیطرح أو علی التقیة أو علی رضاع غیر محرم و علی کل حال فلا محیص عن اختیار القول الأول.

(و یکره) استعباد المحترم شرعاً لفضیلة علم أو صلاح أو شیخوخة أو علقة بنسب شریف کالهاشمیة علی اختلاف مراتبها و کذا من کان له حق لصداقة أو إحسان أو تأدیب و تعلیم و نحو ذلک و (و ملک القریب) ابتداءً و استدامة ممن یدعی قریباً عرفاً (غیر من) حرم فیه ذلک و قد (ذکرناه) و بیعه و نقله بأی ناقل کان و استعباده لإخلاله بصلة الأرحام و منافاته للاحترام و للنص فی البیع مع قطع بإلغاء الخصوصیة و فی الاستعباد أیضاً و خلوّ التملک عن النص غیر ضائر بعد ما سبق من التعلیل و فتوی جمهور الأصحاب کافیة فی إثبات المکروهات و الآداب و فی الخبر: ( (لا یملک الرجل أخاه من النسب و یملک ابن أخیه)) و یحمل علی شدة الکراهة فی الأول و خفتها فی الثانی و لا یحرم شی ء من ذلک للإجماع و النصوص و إذا حصلت بعض المرجحات دخل ذلک کله فی قسم المندوبات (و یصح أن یملک کل من الزوجین) ملکاً دائماً لازماً و جائزاً فی المتعة و الدوام و کذا المحلل له (صاحبه) ما لم یختلفا فی الإسلام و خلافه (فیبطل النکاح) فی المقامین و کذا التحلیل للإجماع محصلًا و منقولًا صریحاً

ص: 280

فی خصوص المقام و فی التحلیل ضمناً و علی وجه العموم و لامتناع اشتراک الأسباب المسوغة للوطی للإجماع و ظاهر الکتاب و السنّة و تضاد السلطان لتضاد اللوازم و التوابع فیبطل اللاحق من المتجانسین و یُبْطِل الملک النکاح لقوته علیه و النکاح التحلیل لمثل ذلک و الموقوف علیه خاصاً مالک دون العام فلا ینفسخ النکاح به علی الأقوی و کذا الحال فی المشتری من مال الزکاة و نحوه مما یملکه الفقراء أو مما یدخل فی ملک المسلمین مع دخول الآخر فی المالکین و یتولاه فی الابتداء الحاکم و لو ملک فزال ملکه لفَسْخِ من له الخیار لم یعد النکاح و الحکم فی المعاطاة و زمن الخیار و قبل القبض یتبع الملک و عدمه و لا فسخ فی الفضولی قبل الإجازة علی القول بالنقل و لا منع عن الوطء و علی الکشف تمنع عنه إن کانت الزوجة هی المشتریة و یتوقف العلم بحصول الفسخ من حین العقد علیها ثمّ إن اتفقا فی الاجتهاد أو التقلید فلا کلام و إلا وجب علی کل العمل بمقتضی تکلیفه و للقوی جبر الضعیف و لو إطاعة اختیاراً ففی لحوق النسب به بحث (و إن ملک البعض) قلیلا أو کثیرا فحاله کحال مالک الکل لجریان الحجة فی المقامین و للنص الوارد فی خصوص ملک الزوجة بعض الزوج مع الإجماع علی عدم الفرق (و ما یؤخذ من دار الحرب) فیلتحق بأهلها أو یؤخذ من أهلها حیث کانوا فی زمن النبی (ص) من دون إذنه فهو له لا یحل التصرف فیه لأحد و ما کان من إذنه کالمأخوذ بإذن الإمام و ما فی حکمه و ما یؤخذ فی زمن الأئمة (ع) (بغیر إذن الإمام) الموجود حین الاغتنام أو غیره لأن إذن الواحد إذن الکل و بغیر إذن منصوبهم الخاص من النواب فی زمن الغیبة الصغری و غیرهم فی زمن الحضور مع بسط الکلمة و عدمه أو فی زمن

ص: 281

الغیبة بحیازة لأرضٍ أو أشجارٍ أو أنهارٍ أو آبارٍ و نحوها أو استیلاء علی أموال أو نقود أجناس بإخراجٍ من بطن الأرض أو التقاط من ظهرها أو سرقة أو خیانة أو خدعة أو أسر أو قهر من غیر جیش أو جیش من غیر قهر إلی غیر ذلک فهو کالمأخوذ بإذنه لأخذه کافراً حربیاً أو معتصماً أو ذمیاً أو غیر کافر مؤمناً أو لا لأنه کالمال المباح یُملَک بالاستیلاء کلّ بما یناسبه و تملک الإمام بحیازة الغیر مخالف للأصل و للإجماع و الأخبار و فیما دل من الکتاب و السنّة و الإجماع بإطلاقه علی جواز اغتنام مال الکفار و سبیهم کفایة و إنما یلزم فیه الخمس کسائر الغنائم و للإمام نصیبه الموظف له لدخوله تحت الغنائم لقوله (ع): ( (خذ مال الناصب حیث وجدته ما دفع إلینا الخمس)) و أما ما أخذ بغیر إذن الإمام أو بإذنه علی المغتنم له بقهر جیش أو سریة (فهو للإمام) فی ذلک العصر (خاصة) لیس للغانمین و لا لغیرهم و لا لبیت مال المسلمین فیه نصیب للإجماع المنقول و الروایة المعتبرة فی نفسها المعتضدة بالشهرة تحصیلًا و نقلًا و لو لحقت الإجازة بعد الاغتنام لم یبعد إلحاقها لمسألة الفضولی و علیه لو أجاز بعضاً دون بعض لحق کلًا حکمه و لو ادعی الأخذ الإذن صدق بظاهر الید و الإذن منها عامةً کأن یقول: أذنت بالغزو و خاصة کأن یأذن لقوم بأعیانهم و لو أخذ بعض الجیش غیلة و بعض قهراً أو بعض بالإذن و بعض بدونها لحق کلًا حکمه و الظاهر أنه لا سلطان علی مال الخوارج کأهل البصرة إلا للإمام أو مأذونه الخاص فمن أخذ شیئاً غیلة أو نحوها ردّه إلی أهله و لو طلبه الإمام منه فادعی الغیلة صدق ما لم یکن مع الجیش القاهر فیتعارض الأصل و الظاهر و بمقتضی ملکهم (علیهم السلام) للکل فی صورة الاغتنام بالسریة من غیر إذن و للبعض فی غیرها تحرم جمیع

ص: 282

التصرفات علی جمیع من عداهم من سائر الناس لأنه من العدوان و أکل المال بالباطل فیلزم حینئذٍ الحفظ بإلقاءٍ فی بحرٍ أو دفن أو إبقاء حتی یظهر صاحبها أو إیصاءٍ أو دفعٍ بالفحوی أو إصلاحٍ لأرضٍ خرابٍ أو جبال أو دفع فی واجب کفائی أو دفع للفقراء أو فی بعض القرب (و لکن رخصوا لشیعتهم) من الفرقة المحقّة من الغزاة و غیرهم و للمأذون منهم و المنقول إلیه عنهم کائناً من کان (فی حال الغیبة) و ما فی حکمها من الحضور بشهادة الإجماع بقسمیه و السیرة و الأخبار دون غیرهم اقتصاراً علی المتیقن فیما خالف الأصل و للأخبار (التملک) بقصده و لو خلی عنه بقی أمانه له (ع) و یجری له فیه حکم التحجیر أو یعقد کلًا أو بعضاً لجمیع المملوکات و الأخذ من أیدی الغانمین مطلقاً بعقود هبات و فی جواز أخذهم قهراً بوجه الاستنقاذ لو کان الغانمون من غیرهم مع عدم منافاة التقیة وجه وجیه (و الوطء) و الموطوءات بتملک لهن بالاغتنام أو غیره أو نکاح بقسمیه أو تحلیل علی المغتنم أو ممن انتقل منه إلیه أو باعتیاض عن غیره من مال الغنیمة (و إن کانت) الغنیمة کلها (للإمام) کما فی محل الفرض حکماً من اللّه أو لأن السلطان سلطانه و به حصل الاستیلاء الموجب للتملک (أو بعضها) حیث یکون له البعض أما یجری الحکم علی غیر القاعدة بحصول الملک أو التحلیل حقیقةً من غیر عقد أو إجراء حکم الملک علی غیر المملوک تعبداً أو بجعله شرعیاً یتولی الإیجاب و القبول من المتملک بعد إذن الإمام فی حصته لأصالته و فی حصة المسلمین بولایته و الأول هو المختار و الأخیر أقرب إلی القاعدة و أبعد عن مقتضی السیرة و لتلک الرخصة العامة أصالةً و ولایةً کما یظهر من الأخبار (و لا یجب إخراج حصة غیر الإمام منها) أی الغنیمة کما لا

ص: 283

یجب إخراج حصته (ع) و لا حصة غیره فیما یتعلق بالمناکح و المساکن مطلقاً و المتاجر و یجری الحکم فی جمیع حقوق الإمام التی غصبها السلطان (و لا فرق) فی هذا الحکم (بین أن یسبیهم المسلم) مؤمنا کان أو لا و یسبیهم (الکافر) و لا بین کون أمیر الجیش کافراً أو لا (و کل) مسلم مؤمن أو غیر مؤمن أو ذمی أو معتصم بوجه آخر أو (حربی) ذکراً کان أو أنثی قهر ذمیاً أو معتصماً فباعه لم یصح علی أصح الوجهین مع احتمال الجواز مع کفر القاهر و الجواز فی مذهبه أو مذهب المقهور أو مذهبهما لأن المتیَقّن من أسباب الاعتصام منع ما یحصل ابتداءً من أهل الإسلام و یقوی للفرق بین ما یقضی بعموم الاعتصام و إطلاقه فیعمّ فی الأول دون الثانی أما لو قیّد بیع القید و لو (قهر) مسلم أو کافر غیر حربی أو حربی (حربیاً) بالنحو الجائز (فباعه) مثلًا (صح) لأنه ملکه مسلط علیه و لأنه عقد یجب الوفاء به و للإجماع بقسمیه و الأخبار و یجری علیه أحکام البیع و لو قصد المشتری مثلًا الاستنقاذ من الحربی کان العقد لاغیاً لا تجری علیه الأحکام و یجری الحکم فی القاهر الحربی أو مطلق الکافر حیث یوافق مذهبه (و إن کان) المقهور رحِمَه کأن یکون (أخاه) أو غیره ممن لم ینعتق علیه و إن حرم قهره للزوم قطیعة الرحم مع قطع الإسلام لها (أو زوجته) الدائمة فضلًا عن غیرها مع وجوب نفقتها و مضاجعتها و القسم لها و البیع و شبهه ینافیها أو قهرت زوجها أو زوجه و لو قهر زوجة المسلم غیره ردها إلیه (أو من ینعتق علیه) من أحد العمودین (کابنه و بنته) و إن نزلا (و أبویه) نسباً أو رضاعاً و إن تصاعدا (علی إشکال) یتمشی مثله فی مثله من قهر المسلم و (ینشأ من دوام القهر) المقتضی لدوام الملک (المبطل للعتق لو فرض و دوام القرابة الرافعة للملک

ص: 284

بالقهر) و یرجح الأول علی کل حال أما علی القول بتوقف العتق علی الملک زماناً فلا یقع مع المقارنة فواضح، لأن کل حین من أحیان العتق یقارنه سبب الملک فلم یزل مملوکاً عتیقاً و أما علی الذاتی فکذلک إذ السببان فی الاستمرار کفرسی رهان مع أن قاعدة سلطان الملک و تسلط الناس علی أموالهم أصل لا یُخرَج عنه فی محل الشک و احتمال ترجیح العتق بعدم اعتبار القهر المستدام ضعیف (و التحقیق) أنه لا حاجة إلی (صرف الشراء) و نحوه (إلی الاستنقاذ) حیث یکون القاهر حربیاً (و ثبوت الملک للمشتری بالتسلط) لما تقدم و علی فرضه (ففی لحوق أحکام البیع) مثلًا من خیار أو شفعة و غیرهما من أحکام المعاملات التفاتاً إلی الصورة و إغماضاً عن الحقیقة أو الجمع بین العقد و الاستنقاذ وجه ظاهر الضعف لا یحتاج (حینئذٍ) إلی تأمل فیه و لا (نظر) و لو قیل بأن عدم جواز التملک عندنا مع الجواز عندهم لا یمنع جواز الأخذ منهم لم یکن بعیداً ثمّ علی تقدیر عدم جواز شراء المملوک منهم لا مانع عن أخذ الثمن لو وقع البیع بینهم و لو کان الدافع له ذمیاً أو معاهداً و لو قهر الکافر بأقسامه معاهداً و نحوه أو غصب شیئاً من أمواله بُنیَ علی عموم العهد و الزّمام لجمیع ما وصل إلی أهل الإسلام و لو بواسطة أو وسائط و لو قبض القاهر الحربی العوض فأسلم أو اعتصم فلا رجوع إلیه مع البناء علی أنه عقد و علی الاستنقاذ فیه وجهان و لو أُعتق القاهر أو وقف بناء علی الجواز أو استولد ثمّ باع مخالفاً لمذهبه قوی احتمال البطلان و علی تقدیر الاستنقاذ لا فرق بین العقد و غیره إذ لا رجوع إلا من جهة العقد و لا عقد و لا یلتفت إلی حال العوض من جهة جهالة أو نجاسة أو عدْم أو عبث أو قدرة علی التسلیم أو حصول بعض الموانع الأخر عن صحة العقد علی

ص: 285

الأقوی متی ارتفع المانع بالإسلام عمل المقتضی عمله.

المطلب الثانی: الأحکام
اشارة

(المطلب الثانی: فی الأحکام یجوز ابتیاع بعض الحیوان) مع الحیاة أُکل لحمه أو لا من بین أقسامه الاثنی عشر لأنه إما کسر أو قدر أو عضو مطلق أو معیّن أو مردداً أو مبهم فهذه أثنی عشر لا تصح إلا واحدة و فی الاستثناء خمسة عشر لا تصح إلا واحدة مما أحاط به اسمه و لم یوضع علی الانفصال عنه فإن ما وضع علی الفصل سبق الکلام فیه فی غیر محل، أو انتقال بناقل لا یغتفر فیه الجهالة فی صورتین من سبع و عشرین صورة لأنه لا یصحّ فیه و فی کلما قصد فیه لهیئته الاجتماعیة من نخل و شجر و نحوه (بشرطین الإشاعة) مع اعتبار الکسر دون الکلی من الجزء إلا بقصد الکسر (و علم النسبة) بین الکل أو البعض للأصل المستفاد من العموم فی جنس العقد و نوعه و السیرة القاطعة و الإجماع بنوعیه و لا یجوز مع اختلال الشرطین (فلو) اختل الشرط الأول کأن (باعه) صاعاً من جملته مع العلم بها فضلًا عن جهلها أو (یده أو رجله أو نصفه الذی فیه رأسه أو الآخر) الذی فیه ذنبه أو نحوهما (بطل) للإجماع بقسمیه و لزوم الجهالة الباعثة علی الغرر و مثله کلما یراد الهیئة الاجتماعیة منها و لتعذر التسلیم فی الأبعاض لاشتباه موضع القطع فیها و فی الکسر المعین بجهة أیضاً لاشتباهه مع إرادة الوزن و المسح هذا فیما یراد لحمه و أما المستخدم و المرکوب و المحمول علیه فلا حاجة فی منعه فیه إلی شاهد و فی الجمیع لا فرق بین المذبوح مسلوخاً أو لا و بین غیره (و لو) اختل الشرط الثانی کأن باعه ما یوافق أحد الکسور أو (باعه شیئاً منه أو جزءاً أو نصیباً أو قسطاً) و نحوها من غیر تعیین (بطل) للزوم الغرر بجهالة المقدار

ص: 286

(و یصح لو باعه نصفه أو ثلثه) مقیداً بالإشاعة فی غیر المذبوح من مأکول اللحم و غیره و لا یصح فی المذبوح منهما لا سیما المسلوخ مع جهالة الأصل (و یحمل) فی الکسر (مطلقه علی) الوجه (الصحیح) من الإشاعة حملًا لعقد المسلم بل مطلق العقد بل مطلق الفعل علی الوجه الصحیح مضافاً إلی إنها المتبادرة عند الإطلاق و أن السکوت عن ذکر القید فی المطلقات قرینة إرادة إطلاقها (و لو استثنی البائع) مثلًا (الرأس و الجلد) فکان عالما لما عداهما من جزء معین غیر مشاع أو شرطهما فی وجه (فالأقرب) من الوجوه و الأقوال (بطلان البیع) من غیر فرق بین مأکول اللحم و غیره من المذبوح مسلوخاً أو لا غیره کما علیه جمع من الفحول لما تقدم فی بطلان بیع الجزء المعین علی الإطلاق و لا فرق بین أن یعلّق البیع بالحصة المحدودة بالرأس المقیدة بما عدا الجلد و بین أن یعلّقه علی الجمیع مع استثنائهما و اختلاف الحکم باختلاف الصورة اللفظیة لا وجه له. و قد صرّح بعضٌ ببطلان البیع مع استثناء قدر من اللحم و بعضٌ بعدم الفرق بین استثنائهما أو استثناء غیرهما و فی القول بالصحة إغماض عن قاعدة الغرر و الضرر و التزام بعدم مانعیة تعذر التسلیم فی بعض الصور و عدم البأس فی تصحیح ما یترتب علیه النزاع و التشاجر بین المتعاقدین و فی الحکم بالضرب بنسبة القیمة ردّ القاعدة تبعیة العقد للقصد فی حقّ کِلا المتعاقدین و قاعدة تسلط الناس علی أموالهم و أنه لا یحلّ مالُ آخر إلا بطیب نفسه فإنه لا یجوز أکلها بالباطل إلا أن تکون تجارة عن تراض أو ارتکاب التنزیل علی غیر المدلول فظهر من ذلک أنه لا وجه للأقوال الأخر و لا الوجوه المحتملة بعد إمعان النظر فمنها ما نسب إلی الشیخ و أتباعه و کثیر من الأصحاب من أن البائع باستثنائه

ص: 287

الرأس و الجلد، یکون شریکاً مع المشتری بنسبة قیمتهما إلی قیمة الحیوان فلو کان قیمته عشرة مثلًا و قیمتهما اثنان فللبائع الخمس استناداً إلی أن تعذر أخذ العین یوجب الشرکة بحسب القیمة إذ لا یسقط المیسور بالمعسور و ما لا یُدرَک کلُّه لا یُترَک کلُّه و إذا أمرتکم بشی ء فأتوا منه ما استطعتم. و فیه ما لا یخفی و إلی روایتین منظور فی دلالتهما إذ لیس فیهما سوی أن البائع یکون شریکاً فی البعیر علی قدر الرأس و الجلد و لیس من البعید إرادة استحقاق عینهما أو قیمتهما و أما السند فلا یخفی حاله ثمّ مدلولهما مقصور علی خصوص الاستثناء من خصوص البائع لهما معاً تامّین فی خصوص البعیر مع التصریح فی أحدهما بوقوع ذلک قبل الذبح و الظهور فی الآخر و الاقتصار فیما خالف الأصل علی خصوص منصوص مما لا محیص عنه إلا أن یدعی التنقیح فی المقام و هو ممنوع فی أکثر القیود و منها ما ذهب إلیه جمع من المتقدمین و المتأخرین و جُعِل من متفردات الإمامیة و نقل علیه إجماعهم من العمل بمقتضی ظاهر العقد و تملک عین الرأس و الجلد استناداً بعد ذلک إلی الأصل المستفاد من العموم فی جنس العقود و أنواعها و اندفاع الغرر بتمیّز الثنیا و معرفة الحدود. نعم إنما یتم فیما له بعد استثناء الرأس و الجلد قیمة تصحح العقد به و قد علمت ما فیه من تحقق الغرر عرفاً و التزام الفرق بین المتماثلین فإنه لا نعقل الفرق بین تعلق العقد ببعض الأعضاء مع التسمیة أو بواسطة الاستثناء و لا بین الرأس و الجلد و غیرهما (و) منها (الصحة فی المذبوح) مع العمل بمقتضی ظاهر العقد لعدم المانع و ارتفاع الغرر فیدخل فی العموم دون غیر المذبوح الملزوم للغرر الناشئ من وجود الحیاة الباعثة علی ملاحظة الجملة دون الأبعاض عادةً. و فیه ما مرّ من

ص: 288

عدم ارتفاع الغرر بالذبح حتی بعد إتمام السلخ قبل الوزن مع اتصالهما أو انفصالهما أو فصل أحدهما. و منها الصحة فی المذبوح و الضرب بالنسبة فی غیره مع عدم اشتراط الذبح و أما مع اشتراطه فإن وقع فلا کلام و إلا تخیّر بین الفسخ و القیمة استناداً إلی الأصل فی الحکم الأول و أما حکم الضرب فللروایتین الظاهرتین فیه، و أما الخیار فللقاعدة فی الشرط. و منها العمل بالروایتین فی خصوص الجلد و استناداً إلیهما و إلی أن الجلد یختلف فی الرقّة و مقابلها فتعلق الاستثناء به موجب للغرر فیتعین مراعاة قیمته و الضرب بنسبتها دون الرأس و القوائم لعدم الجهالة فیها لظهور حدودها ثمّ من الوجوه المتخیلة تخصیص الغرر بالرأس لجهالة حدِّه فلا یؤول إلی علم بخلاف الجلد. و منها الجمود علی مدلول الروایتین اقتصاراً علی المتیقن فیما خالف الأصل. و منها تخصیص المنع بالمذبوح لدخوله حینئذٍ تحت الموزون المشروط فیه الوزن و المفروض عدمه و لأن الوزن مع الجلد و الرأس لا یدفع الغرر. و منها الاقتصار فی المنع علی المسلوخ مع بقاء الرأس مطلقاً و مع عدمه بشرط عدم الوزن لدخوله تحت الموزون. و منها قَصْرُ المنع ما یؤکل لحمه و هو راجع علی الظاهر إلی القول بالجواز المطلق لأنه إنما یعقل فی المأکول (و لو اشترکا فی الشراء) و شبهه (و شرط أحدهما الرأس و الجلد) فلا یخلو إما أن یکون الاشتراط علی البائع فیرجع إلی شراء أحدهما مستثنی منه نصفهما و شراء الآخر النصف الآخر مع تمامهما فیرجع إلی شبه شراء الکلّ مع استثنائهما. و أما أن الشراء لأحدهما ثمّ باع النصف الآخر مستثنی منه الرأس و الجلد فیکون من قبیل استثناء الکل منهما فی بیع الکل أو بالعکس بأن یشترطهما للمشتری فیکون من بیع الأعضاء لأنه باعه

ص: 289

النصف المشتمل علی تمام الرأس و الجلد، و أما أن یراد اشتراط أحدهما علی الآخر أو علی البائع خصوص الرأس و الجلد بأن یکون مالکاً لهما فقط حتی یکون داخلًا فی مدلول الروایة و یکون من بیع الأعضاء متی وقع العقد علی نحو من الأنحاء السابقة (لم یصح) الشرط لمخالفته القواعد الشرعیة و فسد العقد لفساده و لدخوله تحت بیع الغرر بسببه قیل و حیث امتنع تنزیله علی الصحة مع البقاء علی ظاهره نزل شرطه علی الإشاعة (و کان له) من الحیوان (بقدر ماله) بالإضافة أو ماله من قیمة مشروطة منسوبة إلی قیمته للروایة عن الصادق (ع) فی رجل شهد بعیراً مریضاً یباع فاشتراه بعشرة دراهم فجاء و اشترک فیه رجل آخر بدرهمین بالرأس و الجلد فبرأ البعیر و بلغ ثمانیة دنانیر فقال (ع) لصاحب الدرهمین: ( (خمس ما بلغ فإن قال أرید الرأس و الجلد فلیس له ذلک هذا الضرر و قد أعطی حقّه إذا أعطی الخمس)). و فیه خروج عن الأصول الشرعیة و القواعد المرعیة بإلغاء ظاهر العقد و عدم تبعیة العقد للقصد و حصول الضرر التام غالباً إما علی البائع أو علی المشتری ففی العمل علی الروایة علی صحتها و قلّة المصرحین بردّها مع الجمود علی مضمونها و فرض صراحتها تهجّمٌ علی الشرع بالخروج عن مذاق الفقه و الفقهاء مع أنها لیست بمحکمة الدلالة لاحتمال أن یراد الاشتراک بنسبة الدرهمین ثمّ طلب منه الرأس و الجلد و إنما اشترک لأجل الرأس و الجلد معللًا لا مشترطاً، و فی قوله (ع) و قد أعطی حقّه إذا أعطی الخمس ما یرشد إلی ذلک أو أنه سبق الوعد بإعطائه و مطالبته من جهة لا من جهة الاستحقاق و علی کل حال فنطرح الروایة أو ننزلها علی نحو ما مرّ أو علی أن إعطاء الخمس له لتطیب نفسه أو لیهون أمر النزاع و الشقاق.

ص: 290

(و لو قال) أحد الشریکین لصاحبه بعد انعقاد الشرکة علی طریق الوعد (له: الربح بیننا و لا خسران علیک) لم یلتزم إذ لا یجب الوفاء بالوعد و لو قالها بعنوان الشرط فی التوکیل فی الشراء من ثالث کأن یقول أحدهما لصاحبه اشتری لی ذلک علی الشرط المذکور أو فی بیع أحدهما لصاحبه أو شرائه منه (فالأقرب بطلان الشرط) لمخالفته القواعد الشرعیة المقررة فی حکم الشرکة و الشرکاء و للمذهب أو أصول المذهب کما قیل و لبعض الأخبار المعتبرة و کذا الإجماع المنقول فی الشرکة فی رأس المال مع ظهور عدم الفرق بین المقامین و ببطلان الشرط یبطل العقد علی أصح القولین. و یضعف القول بصحة الشرط استناداً إلی عموم الوفاء بالشروط لتخصیصه بغیر المنافی أو إلی الإجماع المنقول لمعارضته بمثله، و أما ما استند إلیه من الأخبار فمورده الجاریة مع کون مالها هو المشارک فیها و فی ذیل الصحیح منها لا أری بهذا بأساً إذا طابت نفس صاحب الجاریة و لعل المراد الطیب بعد ظهور الخسران من باب الإحسان و فی ذیل الأخری لا بأس بذلک إذا کانت الجاریة للقابل و لا یخلو من إشعار بمثل مدلول السابقة (و لو) کان المشترک بینهما جاریة (و وطأها أحدهما) الوطء الذی تدور علیه الأحکام (لشبهة) الاختصاص به الداخلة فی شبهة موضوع الحکم أو شبهة الحکم لجهله به (فلا حدّ) لدرء الحدود بالشبهات و الإجماع بقسمیه مع استحقاق التعزیر فی هذا القسم لعصیانه بترک السؤال (و) لو لم یکن شبهة أصلًا فیوطئه لها (بدونها یسقط) من الحدّ (بقدر نصیبه) إذا لم یکن زانیاً من جهته و لا هاتکاً للحرمة کذلک و لحصول معنی الشبهة باستحقاقه و لقاعدة تبعض الأحکام بتبعض الأسباب کما یظهر بعد التتبع التام و لا سیما فی تبعیض الممالک مضافاً

ص: 291

إلی الإجماع المحصل من تتبع الفتاوی مع دلالة الخبر المنجبر بالشهرة المستفیضة علیه علی أن وجود المخالف باعث علی حصول الشبهة و لکن إنما یسقط من الحدّ مقدار نصیبه (خاصة) و یحدّ بمقدار نصیب شریکه حیث لا یکون ولداً له لأن معنی الزنا قد تحقق من جهته بل مطلقاً فیلزم تمام الحدّ لو لا قیام الدلیل علی خلافه و بعد خروج الخارج یبقی الباقی علی حاله و لأن الحکمة تقضّی بذلک للزوم التهجم علی الزنا و شیوع المنکر بدونه و التعزیر لا یفید لسهولته و لاختلاف الأنظار فیه و للإجماع المحصل من تتبع کلمات الأصحاب فلا حاجة إلی الاستنهاض بقول بعضهم و کأنه لا خلاف فیه و للخبر المنجبر بالشهرة بقسمیها بین القدماء و المتأخرین بل الإجماع کما مرّ ثمّ أن الأسواط لو قسمت علی و نسبة النصیبین فلم یکن کسر فی البین فالحکم واضح و إلا قبض السوط المتوسط علی نسبة مقدار الکسر إن نصفاً فنصف أو ربعاً فربع و هکذا لأنه الأقرب إلی الحقیقة بعد تعذرها و للصحیح فی ذلک و لو اعتبر التوزیع بالنسبة إلی قوة الضرب و ضعفه مع قبض السوط علی المعتاد أو رقة السوط و غلظه لم یکن بعیداً و الأول أقوی و بعد فرض التوزیع بتعین الجَلْد إذ لا معنی لتبعیض القتل و الرجم و لو ادعی فی حصته الزیادة علی شریکه و لم یعلم بکذبه و لا قامت بیّنة بصدقه درء عنه بنسبتها من الحدّ علی الأقوی و لو تصرف قبل تمام الملک عالماً بالحکم کالموهوبة قبل القبض و نحوها حُدّ و کذا الفضولی علی القول بالنقل عکس الناقل و علی الکشف فی البدار أو الانتظار أو العدم مطلقاً وجوه أقواها الأخیر لکنه یعزر لعصیانه (فإن حملت) مع إمکان إلحاق الحمل به و عدم شریک أو مشتبه شریک له فیه مع کونه لا ینفیه أُلحق به لتحقق

ص: 292

النسب بحصول البعضیة لغةً و عرفاً و کذا شرعاً لعدم صدق الزنا فیه (و قُوّمت علیه) تقویماً مستفاداً من طریق قطعی أو ظنی شرعی کخبر عدل علی الأقوی أو عدلین بالإجماع و النصوص (حصة الشریک) الواحد أو المتعدد حاملًا بحرٍّ أو حائلًا و مقدماً مراعاة جانب الشریک مات ولدها فی بطنها أو خارجاً أو لا علی خلاف فی زمن التقویم إذ هم بین أقوال أقواها حین الإحبال لأنه سبب الإتلاف دون زمان الوطء أو زمان التقویم أو الأکثر منهما أو أعلی القیم من حین الحمل إلی حین التقویم أو أعلاها من زمان الحمل إلی زمان الانتقال أو أکثر الأمرین من قیمة زمان التقویم و ثمنها الذی اشتریت بها و ورود بعض الأخبار و فی المقام وجدوه أُخَر اعتبار زمان الانتقال و الأعلی من زمان التقویم إلی زمان الانتقال و الأعلی من زمان الوطء إلی زمان الحمل أو إلی زمان التقویم أو إلی زمان الانتقال أو الأعلی من زمان الانعقاد إلی حین الولادة أو ما یختاره المظلوم من الشریکین و للکل وجه و لا یحصل الملک ابتداءً إجماعاً بل التقویم بل إیصال القیمة أو ضمانها عنه فحقّ الشریک فی المنافع الحاصلة قبل ثابت و یغنی التقویم عن الصیغة کما هو ظاهر کلام المعظم و ظاهر الأخبار و یکون کاستحقاق العوض بالتلف و یمکن إرجاعه کنظائره إلی حکم المعاطاة فیکون من شواهدها ثمّ التقویم قهری بالنسبة إلی الواطئ و الشرکاء فحالها کحال أمهات الأولاد و لیس فوریاً و لکن لا یسوَّغ الإهمال الباعث علی التعطیل و متی طلبه أحدهما أجابه الآخر و لو امتنع أحد الطرفین عن التقویم جبره الحاکم علیه فإن لم یتمکن منه قام مقامه و لا تجری علیه أحکام البیع فلا خیار مجلس أو حیوان أو نحوهما و یتعین علیه أخذ الأرش و عوض النقص و نحوه و لا

ص: 293

یجوز له الردّ و لو کان الإحبال من شریک کافر و هی مسلمة أو أسلمت بعد الإحبال جاء ما تقدم فی حکم أمهات الأولاد و لو اشترک شریکان فی الإحبال قوّمت علیهما و اشترکا فی الغرامة و بنی علی القرعة و کذا الولد و لو وطئها قبل الشرکة فظهر الحمل بعدها لم تلحق بأم الولد و لو فسخها بعد الوطء بخیار من الخیارات کان علیه تقویم الجمیع و لو ظهر فساد شرکته لم تکن أم ولد و علیه أرش نقصها إن کان و قیمة الولد و لو تعارض المجتهدون احتمل ترجیح من طلبه المدعی و ترجیح الأفضل و الإقراع بغیر الثلاثة أوسطها (و انعقد) هذا (الولد) بمجرد انعقاد النطفة أو العلقة لا بعد التولد أو التقویم أو دفع القیمة (حرّاً) لأصالة الحریة و قضاء حکم التبعیة و لعدم تحقق الزنا المانع من الانتساب لحصول الشبهة و أسند إلی ظاهر الأصحاب و للإجماع و ظاهر الأصحاب. و تظهر الثمرة فی اختلاف الوجهین فی الوصیة له و به و دخوله تحت الوقف تبعاً و فی الجنایة علی نفسه أو بعضه و تبعیته للأم منضماً أو مشترطاً و فی النفقة علی الأم بناء علی أنها للحمل لا للحامل و فی ولی التجهیز لو خرج میتاً بعضاً أو کلًا و فی لزوم بذل المال فی تجهیزه و عدمه و فی نماء حصته من الإرث قبل میلاده و فی عتقه منفرداً أو مع أمه إلی غیر ذلک و اختلاف الأحکام باختلاف أسباب الالتزام من نذرٍ و نحوه لا یخفی علی ذوی الأفهام (و علی أبیه قیمة حصة الشریک منه یوم الولادة) حین خروجه إلی الدنیا و لو تأخر وقت التقویم لوحظ الحال السابق و لو تراضیا علی التقویم حال الحمل سقط یوم الولادة و لو اختلفا فالمدار علی حین الولادة إلا إذا خرج ناقصاً فیتعیّن اعتبار قیمة الحمل إن زادت علی قیمته حین الولادة مع احتمال تقویمه تامّاً و مع الخروج میتاً تامّاً یفرض

ص: 294

حیّاً سلیماً و یقوّم و الأم باقیة علی حالها و یقوی اعتبار أعلی القیَم من حین الحمل إلی حین الولادة أو إلی حین التقویم، و لو ولدت متعدداً و قُوِّم الجمیع ثمّ معلوم الحال لا یجب فیه و أما الخنثی المشکل و الممسوح فیحتمل اعتبار أقل القیمتین فیه و یحتمل أخذ نصف القیمتین و القرعة و الأقوی اعتبار الصورة من غیر التفات إلی الحقیقة أو مع اختلاف المقومین یؤخذ بالراجح و مع عدم الترجیح یؤخذ بالأقل و یغنی مجرد التقویم من دون عقد لظاهر الإطلاق فی الأخبار و کلام الأصحاب و لذلک یصح تقویمه میتاً و لو خرج مریضاً أو ناقصاً بجنایة قوم صحیحاً و لو کان الحمل من محارم بعض الشرکاء أختاً له أو عمة أو خالة و نحوهن لم تقوّم حصة الشریک علیه و عتقت علی الشریک و لو کان الجمیع کذلک لم یقوّم علیه شی ء و یحتمل التقویم (و لا تقوّم) علیه (بنفس الوطء) قبل الإحبال کما زعمه بعض الأصحاب إذ لیس فیه إتلاف و لا إشراف علی التلف و مجرد الاحتمال یجری فی جمیع الحوادث المتعلقة بالأموال (علی رأی) قوی للأصل و الإجماع المحصل و المخالف مسبوق ملحوق به و بعض الأخبار المنجبرة بالشهرة المستفیضة حتی قیل کادت تکون إجماعاً بل لعلها الآن إجماع و ما فی بعض الأخبار من تعلیق التقویم علی مجرد الوطء مقید بما ذکرنا مع أن منها ما یشتمل علی الضد من جواز شراء الشرکاء لها بعد الاستبراء ثمّ عوض البعض داخل فی القیمة علی قول مستند إلی خلو الأخبار و کثیر من کلمات الأصحاب عنه و أُلحق لزوم العقر معها عشر القیمة فی البکر و نصف عشرها فی الثیب لأن الظاهر اعتبار ذلک فی الأَمة کما یظهر من التتبع و ربما قیل بمهر المثل و علی کل حال یسقط عنه ما

ص: 295

قابل حصته و یسلم الباقی، و أما لزوم أرش البکارة مضافاً إلی العقر فبعید عن ظاهر الأدلة و إنْ مال إلیه بعض الأصحاب ثمّ علی القول بالتقویم بنفس الوطء هل یفرق بین الفرج و الدبر و التقاء الختانین و الإنزال و خلافهما أو لا؟ وجهان أقواهما عدم الفرق فی الطرفین دون الواسطة و لو وطأ بعد نقله الحصة إلی الشریک بعقد جائز أو مع اشتراط الخیار له ففی کونه فسخاً أو لا وجهان و لو حرُم وطؤها علیه لوجه آخر کأن یکون قد نکح أمها قبله لم یجرِ علیه حکم الشبهة و لا یفرق فی لزوم العقر بین جهل الأَمة بالتحریم و علمها و لا بین إکراهها و مطاوعتها کما هو مقتضی إطلاق الفتوی و الروایة و الاستناد إلی کونها مع العلم و المطاوعة بَغِیّاً لا مهر لها مردود بأن ذلک ظاهر فی خصوص الحرّة إذ الظاهر من إطلاق المهر عن العقر من اللام التملیک فیخصّ الحرّة و علی القول بالتقویم بالوطی لا بدّ من العلم بکون الموطوءة أمة و الواطئ ذکراً. أما الخنثی المشکل فلا یقضی فیه بمجرده لاحتمال الذکوریة فی الموطوء و عکسها فی الواطئ و لو نقلها مع اشتراط الخیار لنفسه فوطأها ثمّ ردّها لم یکن من المسألة. و هل یتکرر العقر بتکرر الوطء مع عدم عروض شبهة أخری؟ وجهان أقواهما العدم. أما لو وطئها أولًا للشرکة ثمّ وطئها ثانیاً بزعم أنها صارت خالصة له و ثالثاً بزعم أنها زوجته احتمل التعدد و فی کون البکارة عبارة عن الغشاوة المخصوصة أو عن عدم سبق الوطء حتی لو ذهبت بحرقوص أو نزوة أو نحوهما جاءها حکم البکر وجهان أقواهما الأول. و لو ادعی الشریک علیه البکارة فأنکر کان القول قوله مع الیمین و لا وجه للرجوع إلی الأصل و لو کان الواطئ دون البلوغ و الموطوء صغیرة أو یائسة فلا یقوم احتمال الإجمال

ص: 296

فالظاهر عدم التقویم به علی القول به.

أحکام العیوب

(و یتخیر المشتری) و جمیع من له خیار الردّ بالعیب (إذا تجدد العیب فی الحیوان) أو غیره (بعد) تمام (العقد و قبل القبض) الذی لا یتوقف علیه صحة العقد و لو بعد انقضاء الثلاثة أو معه کما فی السابق علی العقد و المقارن له و المتأخر عنه المتقدم علی القبض الموقوفة علیه صحته بشرط عدم إسقاطه أو اشتراط سقوطه أو حدوثه بجهة مضمونة علی المنقول إلیه علی الأقوی (فی الفسخ) إذ بتلف الجمیع قبله ینفسخ العقد لعدم بقاء متعلقه فبتلف البعض ینفسخ فی البعض فتُبَعَّض الصفقة و یثبت الخیار لفوت المقصود فیلزم الضرار و لا یندفع إلا بالخیار و احتمال البطلان لاختلاف العقد و القصد مردود بأن فی فساد البعض حقیقة ابتداء لا یقضی بالفساد فکیف یحکم به فیما نزل منزلة البعض استدامة للأصل فی وجه و للإجماع محصلًا و منقولًا و ظاهر بعض الأخبار (و) فی (الإمساک) غیر مطالب فیکون (مجاناً) أو مع إسقاط حقه بإبراء و نحوه لثبوت الحق بحصول السبب من غیر توقف علی المطالبة و هذا أوفق بمقتضی القواعد و ظاهر الأخبار کما أن الأول أوفق بالسیرة المستمرة علی مرور الأعصار (و بالأرش) حیث لا مانع بأن یسترجع من الثمن بنسبة ما بین قیمة الصحیح و المعیب وقت حدوث العیب لأنه زمان الانتقال إلی العوض لا بالتفاوت بین القیمتین حین العقد أو حین حدوث العیب إلا إذا کان من جهة البائع أو الأجنبی فی وجه و إلا فربما جمع بین العوض أو ما زاد علیه و المعوض و اعتبار حین العقد أو حال التقویم أو التسلیم أو الإقباض أو الأعلی علی اختلاف وجوهه لا وجه له (علی

ص: 297

رأی) قوی مشهور تحصیلًا و نقلًا لأنه عوض عن جزء فائت من جملة مضمونه بمعنی انفساخ العقد بتلفها فیکون ضمانه بمعنی انفساخ العقد فی مقابله و لا مقتضی للفساد کما مرّ لأن الالتزام بفسخ الجمیع أو تسلیم جمیع الثمن من غیر إسقاط مقابل التالف ضرر منفی بالخبر لأن استحقاق الأرش فی العیب السابق أو المقارن بسبب المضمونیة و هو جارٍ فیما نحن فیه و فی بعض الأخبار ما یرشد إلیه و الاستناد إلی الأصل فی تعیین المجان فی الأخذ لا أصل له و نفی الخلاف فیه خلاف ما یظهر بعد التتبع و لإخبار البائع فی الفسخ لو طولب بالأرش خلافاً لمن زعم ذلک و لا یسقط خیار الردّ و لا خیار الأرش بإسقاطه قبل العقد أو بعده قبل حدوثه و یسقط کل واحد منهما بالإسقاط بعده و الأقوی سقوطه مع الاشتراط فی العقد کما مرّ و لو اختلفا فی الحدوث قبل القبض أو بعده و جهل التاریخ أو علم تاریخ القبض فلا خیار کما لو شکّ فی کونه عیباً و لو انعکس الحال قام الإشکال و لو بذل له الأرش أو لم یعلم بالعیب أو علم و نسی من جنسه حتی ارتفع بقی الخیار و لو اختلف المختارون قُدِّم الراد و لو قبض بعضاً فحدیث العیب فی الباقی من غیر جهة البائع أو کان و لم یعلم به تخیّر بین ردّ الجمیع مع بقاء المقبوض و أخذه مع الأرش و لو تلف الجمیع بسبب سماوی انفسخ العقد و ردّ العوض إلی صاحبه و هو المعنیّ بالضمان و الحجة فیه بعد الإجماع بقسمیه ما تضمنه من الأخبار فلا معنی لتلقّی بعض الأصحاب له بالإنکار و ما کان من جهة المشتری لا حکم له و العقد باق علی أصله و إن کان من أجنبی ففیه الخیار بین الفسخ و الإمضاء و مطالبة الأجنبی بالعوض و فی الرجوع علی البائع وجهان و إن کان من البائع فیقوی فیه ثبوت الخیار بین الفسخ

ص: 298

و الرجوع بالقیمة عملًا بالأصل فی غیر محلّ الإجماع و فی المقام کلام یأتی فی محله إن شاء اللّه تعالی.

(و لو تلف) الحیوان أو مطلق المنقول (بعد قبضه فی الثلاثة) أو غیرها و کان الخیار فیها للناقل أصالة فی الحیوان علی قول و اشتراطاً فی غیره أو أجنبی أو هما مع المنقول إلیه و بدونه فلا ضمان علی الناقل فی الصور الست و تتبدل الأحکام بتبدل أوقات الخیار و الالتزام و للحوق الاستئمان بالخیار وجه للأصل و ظاهر الأخبار الموافقة للشهرة بل الإجماع و علی القول بعدم ملکه حیث یکون الخیار للناقل یجری الحکم أیضاً لعدم منافاته الضمان أما المختص بالمشتری باشتراط أو غیره کما إذا کان حیوان و تلف فی أحد الأیام الثلاثة (فمن البائع) مثلًا (إن لم یحدث فیه المشتری) مثلًا ما یقتضی ضمانه (حدثاً) أو غیره من مسقطات الخیار من إسقاط أو صلح أو نحوهما للإجماع بقسمیه بظاهر الأخبار و ورودها فی مقامات خاصة لا یمنع التعدیة إلی غیرها بالإجماع المرکب و التعلیل المستفاد منها و القطع بإلغاء الخصوصیة ثمّ إن کان الحدث من السماء فمعنی ضمان البائع فیه إرجاع الثمن إلی صاحبه لانفساخ العقد مع احتمال بقاء الخیار للمشتری و إن کان من البائع أو أجنبی کان له الخیار بین الفسخ و عدمه و له الرجوع حینئذٍ علی المتلف بالقیمة أو المثل فی وجه قوی، و لا فرق بین کون الخیار مستمراً أو متجدداً و لو اختلفا فی التلف أو فی أصل الخیار لا فی اشتراکه قُدِّم قول الناقل، و کذا لو اختلفا فی وقت التلف مع جهل التاریخ أو جهله فیه و علمه فی انقضاء وقت الخیار و فی العکس إشکال و لو اختلفا فی اشتراک الخیار أو فی حصول بعض أسباب سقوطه أو فی کون الحادث من المنقول إلیه أو من غیره

ص: 299

قُدِّم قول المنقول إلیه لو کان الخیار لکافر و کان مائعاً فتنجس و له ثمن فی مذهبه أو عصیراً فصار خمراً فی یده أو نحوهما مما یعدّ تلفا فی ید المسلم و لم یکن بفعله و لا تفریطه فهل یعد تلفاً فی حقه؟ إشکال و فی إلحاق تعذره بالنسبة إلیه خاصة و إلحاق التعسر بالتعذر و تحدید التعسر بحث و فی تمشیة حکم الخیار إلی کلِّ ما فیه سلطان الرجوع من المعاطاة و نحوها لو حصل الالتزام من جانب الدافع فقط نظراً إلی التعلیل وجه. و کذا لو حدث سبب التلف فی الثلاثة أو غیرها من وقت الخیار المختص و حصل بعدها. و یقوی عدم الضمان علی المنقول إلیه لا سیما لو کان غیر مستقر الحیاة فیها و لو انعکس الأمر انعکس الحکم (و لو تجدد فیه) حیواناً کان أو غیره (عیب) و سیجی ء تفسیره (من غیر جهة) المنقول إلیه من (المشتری) و نحوه فإن ما کان من جهته مانع عن بقاء خیاره (فإن کان) من خیاره المختص به لخصوص سببه کخیار الحیوان (فی الثلاثة) و ما أشبهه من الخیارات الملحوظة وقت العقد أما ما حصل سببه وقت العقد و لم یعلم به کالغبن و العیب السابق و خلاف الوصف و نحوها أو تجدد سببه بعده رُدّ قبل القبض أو مطلقاً کعیوب السنة الحادثة بعد العقد ففیه وجهان (تخیّر کالأول) لاشتراک العلة فیهما و هی عدم المضمونیة علیه فلا یکون حدوثه مسقطاً للخیار الأول و لا منتفیا بانتفائه بعد حدوثه بإسقاطه بصلح أو غیره أو انقضاء الثلاثة کما أن إسقاطه من جهة العیب لا یقتضی سقوط الأول لثبوت الخیار له من وجهین و لا یستلزم سقوط أحدهما سقوط الآخر و لاقتضاء حدیث الضرار ثبوت الخیار و للإجماع المنقول بین القبول مجاناً الثابت بترک المطالبة أو بشرط المسقط للحق علی نحو ما مرّ و بین الردّ بالخیار أو بالعیب المتجدد أو بهما من

ص: 300

دون أرش (و فی) أخذ (الأرش) و هو ما قابل العیب من الثمن (نظر) ینشأ من أصل العدم و کونه من ضمان البائع و العمل بمقتضی العقد یقتضیه و یؤخذ علی فرضه من الناقل إن کان العیب منه أو من السماء مخیراً بینه و بین الأجنبی إن کان من الأجنبی و لو رجع علیه بالأرش کان له الرجوع علی الأجنبی إلا أن الرجوع علی الأجنبی من أیهما کان إنما هو بتفاوت القیمة لا بنسبة الثمن فلو قلّ تفاوت القیمة عن تفاوت الثمن سلم البائع من الرجوع إلیه بتفاوت الثمن مع احتماله أیضاً و لو رجع علی البائع بتفاوت الثمن لم یرجع البائع علی الأجنبی إلا بتفاوت القیمة فیدخله النقص و لو زادت القیمة بالعیب کان له الفسخ أو الإمضاء مجاناً و لو حدث فیه ما یرفع القیمة بمقدار ما یساوی نقص العیب أو یزید أو لم یعلم به حتی زال أو دفع إلیه أرش المعیب لم یرتفع خیاره و لو کان خیار الثلاثة مشترکاً فأعابه واحد من الشرکاء کان للباقین خیار بین الرجوع علی الشریک بتفاوت القیمة کالأجنبی و بین الرجوع بتفاوت حصتهم من الثمن علی البائع. و لو شک فی أن حدوثه فی الثلاثة أو بعدها حکم باللزوم و یحتمل مراعاة التاریخ علی نحو ما تقدم فی المقام السابق (و لا یمنع) العیب المتجدد فی الثلاثة و نحوها مما یختص الخیار فیه بالمنقول إلیه حیث لا یکون مضموناً علیه (من الرد) بأمثاله أو (بالعیب السابق) فضلًا عن اللاحق أو لشی ء من الخیارات الثابتة له باشتراط أو خلاف وصف أو غبن و نحوها و لا من أخذ الأرش حیث یستحق لعدم ضمانه علیه فحدوثه کعدمه و لو ارتفع العیب السابق بحدوث الجدید أو زال نقص القیمة بسببه فالحکم بحاله و لو حدث سببه فی الثلاثة و حصل بعدها أو حصل النزاع فی حدوثه فیها أو بعدها و علم

ص: 301

التأریخ أو لا أو فی أن الحدوث من جهة المشتری أو لا فقد مرّ الکلام فی تفسیره. و لو لم یکن حدوث العیب فی الثلاثة (بل کان بعدها) أو فیها (أو أحدث المشتری) مثلًا (فیه حدثا) غیر مضمون علی البائع (منع من الرد بالعیب السابق) أو غیره من أسباب الخیار و لو مع دفع عوض النقص للزوم الضرر علی الناقل بردّه إلیه و للإجماع بقسمیه و لا یمنع من الأرش إجماعاً و فی الأخبار دلالة علیه و لو کان إحداث المشتری غیر مضمون علیه لغروره من البائع أو لأخذ البراءة فی الطبابة أو البیطرة أو نحو ذلک لم یمنع من الردّ و لا فرق فی الحدث الصادر من المنقول إلیه بین ما یکون من علمٍ أو جهلٍ أو عمدٍ أو خطأ أو یراد منه مطلق التصرف أو خصوص المُغیِّر للصورة (و الحمل) للحیوان کائناً ما کان إنساناً أو غیر إنسان من کبار الحیوان أو صغاره علی إشکال فی القسم الثانی و لا سیما فی القسم الثانی منه لقضاء العرف الیوم بالدخول (حال) النقل للناقل دون المنقول إلیه فلو أجری صیغة (البیع) مثلًا علی الحامل کان الحمل (للبائع) مشترکاً له من غیر خلاف معتد به (علی رأی) للأصل و عمومات العقود أصنافاً و أنواعاً و عمومات الشروط و الإجماع و القول بمنعه إلحاقاً له بالجزء فیکون کاستثناء الجزء فی بیع الحیوان ظاهر البطلان أو مطلقاً کما هو المشهور حتی ادعی عدم الخلاف فیه للأصل و العمومات و ادعاء الجزئیة تردّه المغایرة القطعیة و اختلاف الأحکام الشرعیة إذ قد یثبت حکم التحریر و التدبیر و الوصیة و الوقف و غیرها لأحدهما دون الآخر و للحمل أحکام خاصة فی الإرث و الجنایة و غیرهما و لیس الحمل مدلول الحامل بوجه من وجوه الدلالات و الانفصال لا تنقص به الحامل بخلاف الأجزاء من یدٍ و رجلٍ و نحوهما (إلا أن) تقوم قرینة علی دخوله فی النقل

ص: 302

لقضاء العادة فی هذه الأیام فی نقل ما عدا الإنسان خصوصاً فی صغائر الحیوان کالغنم و الظباء و نحوهما و البناء علی التعبد ضعیف و یمکن أن یلتحق ظهور الدخول بحال المسامحات العرفیة خوفاً من حصول الشقاق و النزاع فی الآخرة حتی لو کان البناء علی المداقة حکم بعدم دخول الحمل فی المبیع أو بضمّه فی البیع تبعاً للحامل و الضم فی المجهول إن لم یؤثر فی غیره و لا محیص عن التأثیر فیه للإجماع و السیرة المستمرة من قدیم الأعصار و القول بجواز بیعه معها بدون قصد الضم قویّ لمثل ما ذکر و أما مع الانفراد فلا بد من اعتبار الشرائط فی المبیع المستقل فیه أو (یشترطه المشتری) للحامل و فی التسری إلی غیر الحمل قوة (فیثبت له معه) موافق شرطه وحدةً و تعدداً ذکورة و ضدها و فی جواز اشتراطه مع جهلهما أو جهل أحدهما بوجوده و فی سنة منفصلة عن العقد أو حملٍ سوی الموجود أو فی غیر الحامل وجهان، و یدخل الفرق بین الشرطیة و الشطریة فی ظهور العدم فإن له الإبقاء فی الأول مجاناً أو الردّ و یضاف إلیهما علی الثانی استرداد ما قبل الحمل من الثمن مع الإبقاء و مع انکشاف موته حین العقد تتبعض الصفقة علی فرض الشطریة و علی الشرطیة وجهان، و لو خرج میّتاً بعد الإقباض عمل بأصل تأخر المؤثر ما لم یُعلَم خلافه و یتحقق الحمل بالتکون علقة فیما بعدها و فی انعقاد النطفة بحث و ینبغی عدم الشک فی دخول البیض و السراجین إنْ فرض لها قیمة مع العلم بها و بدونه و لو شک فی زمان حدوثه کان للمشتری إلا أن یعلم تأریخ الحمل و یجهل تأریخ العقد ففیه إشکال، و لو حدث بُعْدٌ بین العقد و الإجازة کان للناقل علی النقل و للآخر علی الکشف و لو حدث قبل عام شروط الملک کالحادث قبل القبض حیث یکون الحامل

ص: 303

ثمناً فی السلم فهو للناقل و لو حدث بعد العقد أو قبله أو کان المشتری بوجه آخر ثمّ فسخ المشتری ببعض أسباب الخیار (فإن سقط قبل قبضه أو فی الثلاثة) مما فیه خیار یختص بالمشتری (من غیر فعله) و اختار أخذ الأرش (قُوِّمت) بملاحظة وقت العقد (فی الحالین) حاملًا و مجهضاً (و أخذ من الثمن بنسبة التفاوت) بین القیمتین حین العقد و لو جنی علیه جنایة أعابته أخذ منه أرش یوم الجنایة إن شاء مع اختیار البقاء و لو لوحظ نفس الحمل لا صفة الحاملیة اعتبر قیمته لا تفاوت الصفتین فی وجه فلو قبض الحامل مانعاً له عن الحمل فسقط قبل قبضه اختلف الحکم باختلاف القصد و لو اختلفا قُدِّم قول مدّعی اعتبار الصفة دون عین الحمل و فی الشرطیة و عدمها یقدم قول النافی و فیها و فی الشطریة یقدم مدّعی الشرطیة و یحتمل التداعی و فی اتحاد الحمل و تعدده یُقدَّم قول مُدّعی الاتحاد (و لو قال) شخص لآخر (اشتر) أو تملک بوجه من وجوه المعاوضات (حیواناً) أو غیره من المملوکات (بشرکتی أو بیننا) أو نحوهما مما یفید الاشتراک علی وجه الإشاعة (صح البیع) و نحوه (لهما) ثمّ إن کان بعین مشترکة ملک کل بنسبة نصیبه کما لو صرح کل منهما بسهم معین، و الظاهر أن الإذن بالشراء بها إذن بالتسلیم حیث یکون فی ید المأذون (و) إن کان فی الذمة کان علی (کل منهما نصف الثمن) و لا یطالب أحدهما بالجمیع مع الإعلام بالاشتراک قبل العقد و إلا فله مطالبة المتولی به (فإن أدی) کل منهما ما علیه فقط فلا کلام و إن أدی (أحدهما) متولیاً أو لا (الجمیع بإذن صاحبه فی الإنقاد عنه لزمه الغرم له) إذ بتأدیته عنه اشتغلت ذمته له فصار غریماً و (إلا) یکن مأذوناً فی الوفاء (فلا) رجوع له لکونه متبرعاً (و لو تلف) قبل قبض المشتری فقد سبق ما یغنی عن بیانه

ص: 304

و أما لو تلف بعده مع مأذونیته فی القبض و عدم حصول ما یسبب الضمان من تعدٍّ أو تفریط (فهو منهما و یرجع علی الآمر بما فقد عنه بإذنه) و لو اختلفا فی العین و الدین أو الجنس أو فی الإذن فی القبض و الأداء و عدمه و فی مقدار المأذون و فیه من الثمن مع ادعاء المشتری الزیادة قُدِّم قول الإذن مع احتمال التداعی فی الاختلاف فی الجنس و العین و الدین و فی الاختلاف فی قصد الوکیل أو حدوث الشراء أو مقدار الحصّة مع ادعائه النقصان فی حصة الإذن أو فی التلف بعد ثبوت المأذونیة فی القبض أو فی وصول الثمن المأذون بدفعه أو فی حصول عوض المدفوع بالإذن قُدِّم قول المشتری مع اتحاد الصفقة کما هو المفروض لو فسخ بالخیار أحدهما کان للبائع الفسخ لحدوث التبعیض کما لو کان سابقاً کعبد مسلم اشترک فیه کافر و مسلم و للمأمور أجرة العمل ما لم یظهر التبرع (و العبد) کلًا أو بعضاً قناً أو متشبثاً بالحریة لکتابة أو تدبیر أو ولاء أو وصیة بالعتق أو اشترط له فی عقد لازم مع التوقف علی إجراء الصیغة (لا یملک مطلقاً) لا عیناً و لا منفعة لا مستقراً و لا متزلزلًا لا فاضل الضریبة و لا أرش الجنایة و لا ما ملکه مولاه و لا ما ملکه أو کان وقفاً علیه حین الحریة و لا ما جعل له من زکاة أو نذور أو صدقات أو غیرها (علی رأی) مختارٍ مشهورٍ غایة الاشتهار بین المتقدمین و المتأخرین مدعی علیه الإجماع معبِّراً عنه بلفظه الصریح من جماعة و بما یفیده بظاهره بعبارات مختلفة من نقلة متعددین کمذهب الإمامیة و مذهب أصحابنا و عندنا لما مر و للأصل إلا فی بعض الأقسام النادرة و لأنه لیس إلا کسائر المملوکات من البهائم و جمیع الحیوانات و لأنه لا یعقل ملک المملوک علی وجه یختص به دون مولاه لأن نفسه و بدنه و صفاته و من جملتها سلطانه

ص: 305

مملوکه و سلطان السلطان غالب علیه و فی عدم وجوب الزکاة بل استحبابها مع ثبوته فی مال الطفل و الخمس و الحج و الکفارات المالیة و نفقة القریب و من فی یده من العبد و منعه من التصرفات و إن لم یکن مولاه قابلًا للولایة و جواز أخذ السید قهراً ما فی یده بالإجماع محصلًا و منقولًا بعمومه مع ما دلّ علی حرمته و عدم إجراء الأمانات و الولایات و الوکالات علیه و عدم بقاء ما فی یده له مع بیعه و إعتاقه و عدم ضمانه لمتلفاته إلا بعد عتقه و تعلق جنایاته برقبته أو کسبه و عدم استحقاقه للإرث إلا بعد عتقه و وجوب تجهیزه بعد الموت بما یتوقف علی بذل المال بخلاف من تجب نفقته من الأرحام و عدم جواز الوصیة و الوقف علیه و عدم حرمة التصرف بضروبه علی مولاه مع حرمة التصرف بأموال الناس عقلًا و شرعاً و یملک المولی ما کان من فوائد البدن کالحمل و اللبن و أعواض الجنایة علیه و عوض بضعه و نحوها فالخارج أولی و لزوم تملک کل من العبدین صاحبه فی بعض الصور ما یظهر من مجموعه ثبوت المدعی و إن کان أکثرها لا یخلو من مناقشة و لقوله تعالی: (ضَرَبَ اللّٰهُ مَثَلًا عَبْداً مَمْلُوکاً لٰا یَقْدِرُ عَلیٰ شَیْ ءٍ) الظاهر فی الکشف فی صفة عدم القدرة کظهورها منه فی صفة المملوکیة و ثبوت الحجر لا ینفی قدرة التملک و لأن قصد التقیید لا یُبقی للمملوکیة خصوصیة علی أن الاقتضاء الذاتی أَدخل فی ضرب المثل و أوفق بإرادة البرهان علی عدم القدرة و فی ذلک ما یغنی عن الاستناد فی عموم العبد و الشی ء إلی القواعد الأصولیة و قوله تعالی: (وَ مَنْ رَزَقْنٰاهُ مِنّٰا رِزْقاً حَسَناً) إن لم یؤید ما ذکرناه فلا ینافیه و لقوله تعالی: (ضَرَبَ لَکُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِکُمْ هَلْ لَکُمْ مِنْ مٰا مَلَکَتْ أَیْمٰانُکُمْ مِنْ شُرَکٰاءَ فِی مٰا رَزَقْنٰاکُمْ) فإنه لیس المراد فیما

ص: 306

خصصناکم به إذ لا یبقی للممالیک خصوصیة بل المراد الرزق العام فیفید المطلوب علی أن فی الآیتین إشارة إلی تقریر الامتناع العقلی فی تملک الممالیک و لما دلّ من الأخبار الصحیحة علی أن العبد و ماله لمولاه و تنزیل الصدر علی الجزء أولی من العکس لأن إضافة المال إلیه کسائر الإضافات یکفی فیها أدنی ملابسة و علی فرض المجازیة فالمجاز فیها أقرب من المجاز الآخر و ما دلّ منها علی أن ما فی ید العبد لمالکه إذا باعه و إذا اشترطه المشتری کان له و ما دلّ علی بطلان الوصیة للعبد إلا بمقدار ما تحرر منه و للسیرة المأنوسة و الطریقة المألوفة خلفاً بعد سلف فلا وجه للقول بأنه یملک مطلقاً و نسب إلی الأکثر فی أخری و یملک فاضل الضریبة فقط أو أرش 0 الجنایة کذلک و نسب إلی الشیخ و أتباعه أو ما ملکه مولاه و ربما عدّ منه فاضل الضریبة و ما إذن له فی ملکه أو المرکب منهما علی اختلاف أقسامه أو یملک ملکاً غیر تام أو التصرف خاصة.

و أما إباحة التصرف مع إذن المولی فلم یمنع منه أحد بل قیل أنه إجماعی بین المسلمین استناداً فی الأول إلی قضاء العمومات فی باب الالتقاط و الاصطیاد و الخیارات و قبول الهبات و جمیع أسباب المملکات و فیه منع دخول المملوک فیها و إلی قوله تعالی (وَ أَنْکِحُوا الْأَیٰامیٰ مِنْکُمْ وَ الصّٰالِحِینَ مِنْ عِبٰادِکُمْ وَ إِمٰائِکُمْ إِنْ یَکُونُوا فُقَرٰاءَ یُغْنِهِمُ اللّٰهُ مِنْ فَضْلِهِ) فإن الغنی عبارة عن ملک مئونة السنة. و فیه إن الغنی یتحقق بوجوب النفقة و لأجله لا یعطی واجبوا النفقة من حقوق الفقراء علی أنه یمکن إرادة الغنی بالإعتاق ثمّ الارتزاق مع أنه لم تقم حجة علی ثبوت الحقیقة الشرعیة فیه و إلی بعض الأخبار روی عن علی (ع) أنه أعتق عبداً فقال له: ( (إن ملکک لی و لک و قد ترکته لک)) و ضعفه یمنع عن الاستناد

ص: 307

إلیه علی أنه إنما یفید الملک فی الجملة ثمّ أن فی قوله (ع): ( (ملکک لی و لک)) منافاة، و إذا فتح باب الحمل فالتنزیل علی إرادة الاختصاص فی غایة القرب و إلی إن إباحة النکاح و التحلیل له یستلزم الملک. و فیه أن حال البضع لیس کحال باقی الأملاک و سلطانه سلطان اختصاص و إلی قول أبی الحسن (ع) فی رجل قال لمملوکه أنت حرّ ولی مالک: ( (لا یبدأ بالحریة قبل المال بل یقول لی مالک و أنت حر)). و فیه بعد الإعراض عن السند أنه لا یوافق القواعد الشرعیة و معارض بما هو أقوی ثمّ لا یستفاد منه إلا ثبوت الملک فی الجملة.

و فی الثانی إلی أن عقد الکتابة یقتضی عدم استحقاق المولی إلی سوی ما فرضه لنفسه فلو لم یکن الفاضل للعبد بقی بلا مالک. و فیه أنه لا منافاة بین کونه مالًا للمولی و کونه محجور علیه یملکه بعد تمام الأداء أو بعد وفاء بعضه و إلی الصحیح الدال علی أن ما اکتسب بعد الفریضة له و له أن یتصدق و أن یعتق. و فیه أنه مخالف لما دل علی أنه محجور علیه فی التصرفات مع أنه معارض بما هو أقوی منه.

و فی الثالث إلی أن المولی إنما یملک خدمته و الانتفاع و أما النفس فنفسه و البدن فبدنه فأرشهما له و لذلک تتعلق التکالیف بهما. و فیه ما لا یخفی و إلی ما روی عن الصادق (ع) من أن المولی إذا ضرب عبده ثمّ استحله بألف درهم لا یجوز للمولی أخذها و زکاتها علی العبد و لا یعطی من الزکاة شیئاً فإذا ملک عوض الضرب ملک عوض الجنایة بالأولی فی جنایة الغیر أولی و أولی. و فیه مع الإغماض عن السند اشتمالها علی ما یخالف الإجماع من منع المولی عن التصرفات و ثبوت الزکاة علی العبد.

ص: 308

و فی الرابع إلی أن العبد له ذمة و قابلیة التملک و جمیع أنواع التصرف و تعلق خطابات العبادات و المعاملات یجمعه العقل و الرشد و القصد و الاختیار علی نحو الأحرار فلا مانع سوی منع المولی فإذا ملکه ارتفع المانع. و ربما یستفاد منه مع ذلک جواز التملک فی الخیارات و نحوها بمجرد الإذن فیدل علی الوجه الخامس أیضاً. و فیه أن المانع ذاتی و هو عدم قابلیته للتملک و الفرق بین تعلق الخطابات و المعاملات و بین ما نحن فیه واضح و إلی روایة تملیک السید العبد فی مقابلة ضربه إیاه. و فیه ما مرّ مضافاً إلی أن الغرض من الدفع طلب طیب نفس العبد لدفع المؤاخذة الأخرویة فلو عاد بالمال لها و الوزر و من مجموع ما سبق یظهر وجوه المرکبات.

و فی السادس إلی الجمع بین ما دلّ علی سلطان السید علی منعه من التصرف بل عدم جواز تصرفه إلا بإذنه و ما دلّ علی ملکیة العبد بالحمل علی ملک غیر تام. و فیه أن شرط الجمع المعادلة و هو غیر حاصل علی أنه یرجع إلی القول بالملک حقیقة لأن الکل متفقون علی عدم جواز تصرف العبد إلا بإذن مولاه.

و فی السابع إلی أنه قام الإجماع و شهدت الأخبار بأن المولی إذا إذن لعبده فی التصرف جاز للعبد ذلک و هو معنی ملک التصرف. و فیه أن الفرق بین ملک التصرف و إباحته غیر خفی و إلی قضیة النکاح و التحلیل. و فیه أن للبضع حکماً آخر کما مرّت الإشارة إلیه و لذلک لا یدخله صلح و لا معاوضة بوجه من الوجوه و لو کان فی ید العبد المسلم عبد مسلم أو مصحف أو نحوه من المحترمات فی وجه قوی و مولاه کافر بیع علی جمیع الأقوال و لو انعکس الحال علی القول بملکیة العبد إذ تملکه المولی دون

ص: 309

القول الآخر و لو وطأ العبد جاریته حُدَّ علی القول بعدم ملکه حَدّ الزانی و عزر لعدم إذن المولی علی القول بالملک. و لا یجوز للمولی وطئ من تحت ید مملوکه مع القول بملکه إلا أن یقصد الملک و لا یبعد جعل التصرف مملکاً و لا یصحّ نکاحها إلا مع القول بملکیة العبد و لا نکاح العبد إلا مع عدم ملکه و لو وهب کل من السیدین عبده لعبد آخر دفعه علی القول بملکهما بطل التملیک إذ لا یکون السید ملکاً للعبد و کذا مع جهل التأریخ مع العلم بملک المتهب السابق اللاحق دون العکس و لو علم تاریخ أحدهما دون الآخر حکم بتقدم المعلوم و تأخر المجهول علی إشکال مر فی نظائره و لو ملک أحد الأبوین أو محرما بنی علی ما مرّ و لو کان السید مُحْرِماً و العبد مُحِلًاّ أو بالعکس بنی زوال ملک الصید و عدمه علی الوجهین و کذا استطاعة السید و وجوب الزکاة و وفاء دیونه و إنفاقه علی من وجبت نفقته من مملوک و غیره و تجهیز من وجب تجهیزه و نذوره و أیمانه المتعلقة بذلک المال إلی غیر ذلک (فلو کان بیده مال) و لم تقم قرینة علی الدخول معه فی النقل (فهو للبائع) و مطلق الناقل دون العبد و لو قلنا بملکه للإجماع و ظاهر الأخبار و دون المنقول إلیه سواء نقل بعقد معاوضة أو غیره جنساً کان أو نقداً إن جهله البائع بلا خلاف و لما سیجی ء مما یدل علی تساوی العالم و الجاهل بالحکم (و) کذا (إن علم به) علی أصح القولین مع اشتراطه له و عدمه کما هو المشهور فی روایة و الأشهر فی أخری و قول الأکثر فی ثالثة لأصالة البقاء علی ملک السید بناء علی ملکه أو بقاء سلطانه بناء علی عدمه و حیث حکمنا بالخروج عن العبد بقی سلطان مولاه و لیس ما یفید دخوله من داخل و لا خارج و للأخبار الدالة علی ذلک غیر فارقة بین العالم و الجاهل و لا

ص: 310

مانع من ذلک بعد ورود النص به و لا غرابة فیه إما علی القول بأن المال له فظاهر و أما علی القول بأنه للعبد فلا بُعد فیه لجواز اشتراط ملکه ببقائه فی مولاه و یکون خروجه بمنزلة موته الناقل لماله إلیه أو تغیّر بالانتقال غیر عزیز کما فی رجوع أمر نکاح العبد إلی مشتریه و إلی زوجته إذا أعتقت و نحوهما و ما دلّ علی الفرق بین العلم و الجهل و إن صحّ لا یقاوم ما دلّ علی خلافه لکثرته و انجباره بموافقة الأصل بمعنی الاستصحاب و غیره بالشهرة و السیرة و غیر ذلک فإن أدخله فی المبیع صریحاً أو قامت قرینة داخلة أو خارجة علی دخوله أو (فإن شرط المشتری) کما لو شرط غیره من أمواله (صحّ إن لم یکن) مانع کما إذا لم یکن (ربویا) أو کان و لم یزد زیادة عینیة أو معنویة أو حکمیة شطریة أو شرطیة (أو کان و اختلفا) جنساً أو اتفقا مع اشتمال کل منهما علی جنسین (أو تساویا) من کل وجه (و) لکن (زاد الثمن) زیادة عینیة أو غیرها علی نحو ما سبق مجانسة أو لا أو حصلت شرائط الربا بتمامها و کان المتعاملان ممن یغتفر الربا بینهم کالوالد و الولد و لو کان معاوضة بغیر البیع ففی دخول الربا فیها و عدمه وجهان علی ما سیجی ء تحقیقه فی محله إن شاء اللّه تعالی. و هل یلحق مال العبد بالتوابع کالشرب و الطریق و الحریم و نحوها فیسوغ فیه ما لا یسوغ فیما یدخل فی المبیع أصالةً أو لا بل یجری فیه حکم الأصالة؟ وجهان، و لا فرق فی المشهور بین جعله شطراً أو شرطاً و الأقوی أنه یجری فی الثانی من المسامحة ما لا یجری فی سابقه و لو وجد المشتری بالعبد عیباً و قد شرط المال له لم یکن له رده وحده بقی المال أو تلف و کذا لو کان العیب فی المال فلیس له ردّه دون العبد و لو شرط بعض المال مع العبد أو کل المال مع بعض العبد أو البعض مع

ص: 311

البعض و حصلت الشرائط جاء ما مرّ فی الکل و المال المستجد بعد العقد قبل القبض المملک کما فی الهبة للواهب و مع الشرطیة یتبع کیفیة الشرط و علی التبعیة یجی ء الوجهان و ما کان من عقد فضول و إجازته یبنی علی الکشف و النقل و فی الخیار یبنی علی القولین و لو أُعتق العبد فالمال لسیده للأصل و الأخبار و لو اختلف البائع و المشتری فی الاشتراط أو فی کون المال للعبد قدّم قول البائع کما لو اختلفا فی أصل المال (و لو قال له العبد) أو الأَمة (اشترنی) أو نحوها و عیّن له جهة التملک أو قال تملکنی بأی نحو کان أو ابعث مولای علی ذلک أو کن سفیراً بینه و بین غیره إلی غیر ذلک (و لک علی کذا) أو قال من فعل ذلک فله کذا (لم یلزم) علی فرض الصحة لکونه جعالة و هی عقد جائز بل لا یصح (علی رأی) فلا تشتغل ذمّة العبد له بشی ء بالعمل الذی أرید منه سواء کان للعبد مال أو لا ملکناه أو لا إذن له السید أو لا إلّا أن یعود إلی السید فتشتغل ذمته دون العبد کما هو المشهور بین الأصحاب شهرة تفید الإجماع لأن کل من ذکر هذا الفرع حکم بذلک و الساکت بعد أن مهد قاعدة أن العبد لا أهلیة له للتملک فی عین و لا منفعة یستفاد منه امتناع أن یملک المجعول له عملًا إلّا بعد العمل و لا قبله و أنه لا قابلیة له فی المعاملة الشاغلة للذمة و عموم نفی قدرته فی الکتاب أبین شاهد فی هذا الباب، و لو قال لسیده: بِعْنی أو ملّکنی من معین أو مطلقاً و لک علی کذا، فکما إذا قال للمشتری لما ذکر هناک و لأنه لا یکون لصاحب المال علی ماله مال و ما فی بعض الأخبار مما ینافیه مطروح أو مؤول بإرادة الوعد و نحوه لقوة المعارض و لأنه فی الصورتین یلزم علی القول بالصحة أما اشتغال ذمته بالدفع قبل انتقاله فذلک استحقاق قبل العمل مع أنه لا

ص: 312

تصرّف له بشی ء ملکناه أو لا و إن کان بعده کان ما فی یده للبائع أو للمشتری فلا شی ء له فی الحالین حق علی القول بملکه لزواله بانتقاله فالاستحقاق علیه بعد انتقاله الملزوم لذهاب ماله أو استحقاق المطالبة بعد العتق لا تصح معاملته لأن الإقدام علیها سفه ثمّ لو جاز ذلک لصحت إجارته و جعالاته و باقی معاملاته و فی البعض یحتمل التبعیض و البطلان، و لو قال: اعتقنی و لک کذا، توقف شغل ذمة المولی بالإعتاق علی شغل ذمة العبد الموقوف علی الملک للعمل فی ذمة المولی الموقوف علی الإعتاق و أما الکتابة فحکم خاص (و لو دفع) دافع بطریق الوصایة دون الوکالة کما هو الموافق لما یترتب من الأحکام ظاهراً (إلی) مملوک قناً أو غیره (مأذون) من مولاه فی التجارة و غیرها لیصح التفریع (مالًا) مطلقاً أو خصوص ألف درهم جموداً علی الروایة (لیشتری) به (رقبة) عبداً أو أمة إذ فی الروایة نسمة أو بتملکها له بأی وجوه التملک کان بأی عوض کان کما یقضی به التنقیح (و یعتقها و یحجّ) بنفسه کما هو ظاهر العبارة و صریح الروایة إلا أن تنزل علی إرادة الفعل دون خصوص الفاعل لتوافق القواعد (عنه بالباقی) و مات الدافع کما یقتضیه السوق (فاشتری) المأذون (أباه) کما هو مفروض الروایة بعین المال أو أی مملوک کان بناءً علی عدم الجمود و أعتقه (و دفع إلیه الباقی) من الألف أو من أی مال کان (للحجّ) علی وجه المعاملة أو المسامحة فحج کما فی الروایة (ثمّ ادعی کل من مولی الأب و المأذون) أو موالیهما أو المأذون نفسه أو الأب فی وجه (و ورثة الدافع) أو وارثه أو أولیائهم أو الأوصیاء (کون الثمن من ماله) الذی ملکه أو تولاه (فالقول قول مولی المأذون) فی کون المال له (مع الیمین) منه کما فی الروایة (و عدم البیّنة) لغیره و إلا لزام

ص: 313

العمل علیها لأن الید ید مالک المأذون فیصدق فی دعواه و کشف حقیقة الدعوی و الجواب بحیث یرتفع الحجاب فی هذا الباب أن المأذون إن قصرت إذنه علی التجارة لمولاه فهو عاد فی فعله باطل عمله و لا بد له حتی یصدق فی قوله إنما الید لمولاه و هو مصدق فیما ادعاه فیبطل العقد و یرجع المال إلی المولی و إن عمت إذنه التجارة له و لغیره و کان الشراء بالوکالة مع حیاة الدافع و إن کان خلاف ظاهر الروایة یصح الشراء و کان القول قول المأذون فی أنه للدافع و لورثته مع الیمین و تسقط دعوی مولاه و دعوی مولی الأب بعد الإقرار ببیعه و یحکم بفساد العتق و الحج و إن کانت عامة للتجارة و غیرها له و لغیره و کان القول قول المأذون فی ملکیة الدافع للرقبة و عتقها و حجها مع اعتراف الوارث بما ادعاه علی مورثهم. و إن اعترفوا بالتوکیل علی الشراء فقط کان الملک لهم و لا عتق و لا حج فیرجع الباقی إلیهم. و إن اعترفوا بالعتق دون الحج صح العتق و طولب بما بقی للحج. و إن أنکروا الجمیع فالعبد علی حاله فیبقی الأب ملکاً لصاحبه و أما دعوی مولی الأب فلا تسمع بعد إقراره و فعله الدالین علی صحة عمله. (و تُحمل الروایة) المطعون فی سندها من وجهین و سبق بعض أصحاب الإجماع مع ثبوت ذلک فیه علی من به الطعن لا یدفع ضعفها المشتملة علی السؤال عن عبد لقوم مأذون له فی التجارة دفع إلیه رجل ألف درهم فقال له: اشتر بها نسمة فأعتقها عنی و حج عنی بالباقی، ثمّ مات صاحب ألف درهم فانطلق العبد و اشتری أباه و أعتقه عن المیت و دفع إلیه الباقی لیحج عن المیت فحج عنه و بلغ ذلک موالی أبیه و موالیه و ورثة المیت فاختصموا جمیعاً فی الألف فقال مولی المعتق: إنما اشتریت أباک بمالنا و قال الورثة إنما اشتریته بمالنا، و علی جواب أبی

ص: 314

جعفر (ع) ب ( (أن الحجة قد مضت و أن المُعتَق ردّ فی الرقّ لموالیه و أی الفریقین أقام بیّنة کان لهم رقاً)) فکانت مخالفة للقواعد و الضوابط من وجوه.

(منها): أن ظاهر مأذونیته فی التجارة التجارة للمولی فکیف تصح المعاملة حتی تترتب علیها صحة الحج؟!

(و منها): أن المطلوب حج المأذون بنفسه لا إحجاجه فکیف یجامع صحة الحج أیضا؟!

(و منها): أن الظاهر منها الوکالة فتنفسخ بموت الموکل فیبطل البیع و العتق و الحج.

(و منها): إن الوصایة لیست من التجارة فلا تصح و لا یصح ما تفرع علیها من الثلاثة المذکورة.

(و منها): أن الإحجاج لا یدخل فی التجارة لسیده و لا لغیره.

(و منها): أنه رق حجّ بغیر إذن موالیه فکیف یصح حجّه؟!

(و منها): أن الغرض أن مولی الأب معترف بالبیع فیلزم بإقراره فکیف یسمع إنکاره؟!

(و منها): أنه مدع للفساد فلا تسمع دعواه.

(و منها): أن مولی الأب لم یفرض له مال عند المأذون فکیف تسمع دعواه؟!

(و منها): أنه کیف یمکن شراء مال شخص بماله منه (بالدفع إلی مولی الأب عبده کما کان علی إنکار البیع) فیقبل قوله مع الیمین و یبطل البیع و العتق و أما صحة الحج فتبنی علی أن أبا المأذون مأذون فی الحج تبرعاً عن المیت أو مطلقاً و لیس فی الروایة ما یفید استحقاق العبد لشی ء من

ص: 315

المال و ما ذکرناه أولی من إطراح الروایة بالمرّة أو العمل بها و ارتکاب مخالفة القواعد الموجودة الکثیرة المتقدم ذکرها کما علیه بعض أصحابنا أو العمل بها و الاعتذار عما ورد علیها من المخالفة بحمل المأذونیة علی ما یعمّ التجارة و غیرها له و لغیره و حمل استنابة الدافع له علی الوصایة و وجود مال مولی الأب فی ید المأذون غیر بعید و أن الفرض حصول الحجّ و لو بالإحجاج و أن العبد إنما تسمع دعواه الشراء علی سیده و لا علی غیره و صحّة الحج أمر أخروی لا تجری علی الحکم الظاهری فإذا علم ورثة الدافع بذلک حکموا بصحة الحج و إن لم یثبت ذلک ظاهراً و شراء المال بالمال اشتباهاً غیر غریب و لاستفاضتها عمل علیها بعض الأصحاب من دون ارتکاب تأویل بناءً علی أن الأصول مقطوعة بالروایة و لضعف سندها و مخالفة منها للقواعد المحکمة کما مرّ أضرب عنها أکثر الأصحاب فالأکثر منهم علی أن المعتق لمولی المأذون لأن ید المأذون یده و قد اشتراه و إقراره بل إقرار کل عبید لا یجری علی سیده و لو کان وکیلًا بخلاف المأذون أو الوکیل الحرّ و الظاهر ضعف هذا القول بعدم الفرق بین الحرّ و العبد علی الأقوی و بعض صح البیع و العتق و الحج لأن المأذون ذو ید فما ادعاه مسموع بیمینه کالوکیل و بعض قال بهذا بشرط عموم إذن المولی له لیکون إقراره مسموعاً علی مولاه و فعله ماضیاً بالنسبة إلی الدافع و مولی الأب بعد ثبوت الفرض و هذا هو الأقوی و قد یقال بأن مولی الأب إن اعترف بمأذونیته علی وجه یعم الشراء لغیره لم یسمع قوله و إلا سمع أو یقال بأن ورثة الدافع إن أقروا بتوکیل مورثهم المأذون علی البیع و الإعتاق و الإحجاج لزم الجمیع و إن أقروا بالبعض لزم ذلک البعض و إن أنکروا الجمیع أو أنکروا البیع

ص: 316

وحده فلا بیع إلا مع الإجازة. فبناء علی جواز الفضولی فیه (فإن أقام) من الخارجین و هما مولی الأب و ورثة الدافع (أحدهما) دون الآخر و دون مولی المأذون (بیّنة حکم له) ببینة علی القاعدة و إن أقامها الخارجان معاً فقط احتمل تقدیم مولی الأب لادعائه الفساد بخلاف ورثة الدافع مع الإقرار و تقدیم الورثة مع الإنکار بناءً فیهما علی تقدیم بیّنة الخارج و إدخال المسألة فی حکم التداعی (و لو أقام) الإذن مع أحدهما أو أقام (کل من الثلاثة بیّنة فإن رجحنا بیّنة ذی الید) مطلقاً أو مع الاستناد إلی سبب (فالحکم کالأول) فی تقدیم بیّنة مولی المأذون (و إلا فالأقرب ترجیح بیّنة) ورثة (الدافع عملًا بمقتضی) أصالة (صحة البیع مع احتمال تقدیم مولی الأب لادعائه ما ینافی الأصل و هو الفساد) و لا فی العقد فیکون کالخارج و لأن الأصل بقاء الأب علی ملکه و یحتمل الرجوع إلی حکم التداعی و تصادم البیّنات و لو انتقل العبد المأذون عن ملک الآذن بطلت إذنه لأنها مقرونة بالملک و نحوه الإذن للزوجة و الخادم و الأجیر و نحوهم مما یظهر فیه تقیید ببقاء الصفة فإن اشتری بعد الانتقال عن الإذن لنفسه أو للإذن بطل أو کان موقوفاً علی إجازة المولی بخلاف الإذن المطلقة کما إذا جعله وکیلًا علی الإطلاق و بقیت وکالته ما لم یصرّح بالتقیید (و لو اشتری کل من المأذونَیْن) مثنی أو المأذونِین جمعاً (صاحبه) لنفسه بناءً علی صحته أو لمولاه و سبق أحدهما أو أحدهم بالإتیان بآخِر جزء من القبول و إن سبق بأوَّله (فالعقد للسابق) و بطل عقد اللاحق حیث یکون للنفس إذ لا یمکن أن یملک مملوک مالکه و إن قصد کل سیده ملک مولی السابق اللاحق و توقف ملک مولی اللاحق علی الإجازة و لو تعلق العقد بغیر عینیهما کما إذا استأجر کل صاحبه

ص: 317

صح العقدان و لو وقف أحدهما صاحبه أو وهبه مع الإذن صح عقد من سبق إقباضه للموقوف علیه أو الموقوف و وقف الآخر علی الإجازة فیما یعتبر فیه و لو أعتق کل صاحبه صح إعتاق من سبق بالجزء الأخیر و بطل الآخر و لو انتقل أحدهما بعقد فیه خیار ارتفعت إذنه کالانتقال بالعقد اللازم و لو فسخ العقد و رجع إلی مولاه لم یفد حکم الإذن السابق مضیّ عقد، و لو شک فی السبق و اللحوق و جهل التأریخ منهما احتُمل الالتحاق بالاقتران أو القرعة لضعف احتماله و لو علم السبق و جهل السابق فلا محیص عن الرجوع إلی القرعة و لو دار بین الوجوه الثلاثة احتمل الرجوع إلیها و یکون بوقتین أو بواحدة علی الأول و بإقراعین أولهما برقعتین فی أحدیهما الاقتران و الثانیة السبق فإن ظهر السبق فبواحدة أو اثنتین للتعیّن أو بثلاثة ابتداءً و لو علم تأریخ أحدهما و جهل الآخر احتمل الحکم بسبق المعلوم و إلحاقه بالمجهول و لو اختلفا فی السبق رجع الحال إلی مسألة التداعی و ما دلّ علی اعتبار المسح مشتملًا علی صحة عقد الأقرب و بطلان غیره و البطلان مع التساوی و الإقراع بعده مع التساوی علی ما فیه من الضعف غیره معتبر لمخالفته القواعد الشرعیة من وجوه و الشهرة المستفیضة و لو نزل علی ما یحصل به الیقین فلا یبقی له خصوصیة و وافق الضوابط و لو وقع الخلاف فی الأول و الوکالة قدم قول مدعی الإذن (فإن اتفقا) بدایة و نهایة فقط (بطل) و بطلت إن کان للمأذونین لو ملّکناهم و یحتمل صحة المجاز من أحد الآذنین لو ردّه غیره أو المتقدم إجازته بناءً علی النقل و لو کان للآذنین و بطلت فلم یحکم بالصحة ابتداءً لتوقف الصحة علی بقاء الإذن الموقوف علی عدمها (إلا مع الإجازة) فیصح المجاز منها کلًا أو بعضاً

ص: 318

لعدم استناد الصحة حینئذٍ إلی الإذن بل إلیهما ثمّ علی الکشف لا یرجع بشی ء و یرجع علی الآخر بالمنافع المستوفاة منها قبلها و قد یقال بالصحة من دون توقف نظراً إلی أنها بعد تمام العقد و الإذن مقارنة له فیکون الانتقال بعد وقوع العقد عن المأذون و لا یشترط فی الإذن زائد علی ذلک (و لو کانا) أو کانوا (وکیلین) أو و کِلاء (صحّا معاً) من کل من وقع منه مع السبق و الاقتران لأنه لا یتوقف صحّة العقد علی بقاء الملک إلا مع قرینة التقیید فلو عقد علی أنه عبد مأذون فظهر حرّاً أو ملکاً لغیر الآذن بطل عقده علی نحو ما تقدم و لو کان وکیلًا صح و لو توکل علی أنه حرّ فعقد فظهر عبداً لغیر موکّله بطل و مع الإجازة من مولاه تقوی الصحة کما لو ظهر عبداً لموکّله و لو أذن له ثمّ باعه فعاد إلیه لم تعد إذنه علی الأقوی کما لو تحرر فعاد ملکاً له و الزوجة و الخادم و الشریک المأذونین تزول الإذن عندهم بزوال الصفات و لا تعود لو عادت علی الأقوی (و لو اشتری) تملک بأی وجوه التملک شاء، حیواناً أو مالًا صامتاً، أو عبداً مأخوذاً غیر محترم المال معتصم بإسلام أو جزیة أو صلح أو عهد أو أمان بغیر وجه شرعی و قبضه وجب ردّه علی صاحبه فوراً إن أمکن و إلا متراضیاً جهراً إن أمکن و إلا سراً و إن دار بین محصورین لزم التخلص بالصلح و إن تعذر إیصاله لجهل مطلق أو عجز یبعث علی الیأس تعیّن التصدق به علی الفقراء مع نیّة الضمان تعبداً و لو سلّمه إلی المجتهد أصاب الأولی بل الأحوط عملًا بمقتضی الأصول الممهدة و القواعد المقررة و أما الأَمة فإن کانت مضمونة غیر مسروقة أو (مسروقة من) غیر (أرض الصلح) مع العلم بها کما هو المتیقن فی الغرض من أهلها معلومین أو مشکوکا فیهم مشتراة و المشتری رجل فمقتضی

ص: 319

الأصول الممهدة و القواعد المشیدة إلحاقها بما مرّ من الأقسام لکن (قیل یردها علی البائع و یستعید الثمن فإن مات فمن وارثه فإن فقد استسعیت) و رویَ فی بعض الأخبار عن الأئمة الأطهار (ع) بطریق ضعیف نسب العمل به إلی الشیخ و أتباعه أو إلیه مع الاشتهار بین أتباعه ما یقتضی بإطلاقه لزم ردّها علی البائع و استعادة الثمن منه باقیاً أو تالفاً عالماً کان المشتری أو جاهلًا و إلا بقربها إن قدر علیه أو کان موسراً فإن مات و مات عقبه فمن وارثه فإن فقد استسعیت. و فیه مخالفة القواعد من وجوه أحدها الإرجاع إلی البائع الظالم و هو ظلم. ثانیها الحکم باسترجاع الثمن من البائع تالفاً أو لا عالماً کان المشتری أو لا و فیه ما فیه. ثالثها الفرق بین موت البائع و عقبه و خلافه من غیر فرق بین بقاء وارث له سواهم أو لا و بقاء مال له و عدمه. رابعها استسعاؤها و هی مملوکة الغیر غیر سلطان شرعی فإن کسبها لمولاه. خامسها أن ظاهرها أنه إن لم یکن قادراً علی البائع أو الردّ إلیه و کان البائع معسراً و المشتری علی اختلاف الوجهین فلا ردّ و تکون له عوض الثمن فما فیها من المخالفة للقواعد لا یمکن إصلاحه بحیث یوافقها فما فی" الدروس" عن إن الأقرب المروی تنزیلًا علی أن البائع مکلف بردّها إلی أهلها أما لأنه للسارق أو لأنه ترتبت یده علیها و استسعائها جمعاً بین حق المشتری و بین حقّ صاحبها و الأصل فیه أن مال الحربی فی ء فی الحقیقة و بالصلح صار محترماً احتراماً عرضیاً فلا یعارض ذهاب مال محترم فی الحقیقة و زاد علیها فی مقام آخر أن یده أقدم و مخاطبته بالردّ ألزم خصوصاً مع بعد دار الکفر بعد الوجه لأنه إن بنی علی محاولة توفیق الروایة مع القواعد و تطبیقها علیها فذلک غیر ممکن کیف و یلزم علی ذلک إلحاق

ص: 320

کل غاصب من کل ذی مال محترم من الکفار من أهل الجزیة و غیرهم بل بعض ما ذکره یجری فی الغاصب من أیدی المسلمین و إن أراد توجیهها بعد ثبوت الحکم بها تقریباً للأذهان ففیه أن الروایة المذکورة لا تلیق لدفع هذه القواعد المثبتة المحکمة ثمّ لم یبین حکمها بعد الاستسعاء ما ذا هل هو الحریة ابتداء و یلزمها السعی بعدها؟ أو بعد السعی و التسلیم فتحرر شیئاً فشیئاً؟ أو حمله بعد تسلیم الجملة أو أحد هذه الوجوه بتحریر الحاکم أو إجراء حکم اللقطة علیها أو وجوب التسلیم إلی الحاکم بعد الاستسعاء یفعل بها ما یوافق الشرع؟ وجوه أو أقوال (و الأقرب) جواز (تسلیمها إلی الحاکم) مع امتناع الوصول إلی مالکها بل مطلقاً (من غیر سعی) فی جمیع الأموال أما لزوم ذلک یلوح من السوق فلا ینطبق علی القواعد ثمّ علی الحاکم ردّها إن أمکن و إلّا فله الوضع فی بیت المال أو الصدقة عن صاحبها من دون شرط ضمان أو مع نیته من بیت المال أو من البائع أو المشتری أو کلیهما و إن عرف فمسألة الاستقرار و عدمه یظهر مما سیجی ء و عدم وصول العوض إلی الکافر لا ینافی التعبد و إذا انقضی زمان الصلح أو مات و الوارث حربی ففی المالک له حینئذٍ بحث و مئونة الرد علی البائع أو المشتری و یستقر علی المشتری إن لم یکن مغرورا و إلا فعلی الغار کسائر الغرامات و النفقة لو أدخلها فی بیت المال من کسبها أو منه و نفقة مدّة البقاء لو قبضها عن الفقراء من کسبها أو منهم و لو قبضها لصاحبها فالنفقة علیه مع احتمال لزومها علی ذی العدوان و لو سرقت من أرض الحرب مع احتمال کونها من أهلها أو من أهلها و لو من غیر أرضها فهی للسارق و بیعها ماض و لو سرقت من کافر فی غیر ملک الأرض و لا یعلم حالة أو بین

ص: 321

الحدّین احتمل عدم العصمة و ثبوتها و هو الأقوی و لو اختلف السارق و البائع و المشتری أنها من معصومی المال أو غیرهم قُدّم قول البائع عملًا بمقتضی الید و أصالة الصحة و لو دفع دافع شیئین مضمونین غیر عبدین عبد أو أَمة أو غیرهما أو أشیاء مضمونة عبیداً أو إماءً أو غیرهما أو ملفقة عن کلّی مستحق علیه أو غیر مستحق منطبقة علیه أولًا أو مختلفة فتلف أحدهما أو امتنع امتناعاً یشبه التلف کإباق و نحوه فیضمن التالف ثمّ إن کان الکل مطابقاً تخیّر بین قبول التالف و ردّ الباقی و بین قبول الباقی و غرامة عوض التالف من مثل أو قیمة و لو انحصر المطابق فی أحدهما فإن اختاره ردّ الباقی إن کان هو المخالف و إلا غُرّم عوض الفائت و حیث یأبی الاختبار مع وصول المطابق إلیه کان للدافع جبره علیه و یحتمل قویاً إلزامه بالتالف إن کان مطابقاً لحصول التقاص القهری (و) أما (لو دفع) رجل (بائع عبد موصوف فی الذمة) وصفاً یمنع الجهالة (عبدین لیتخیر) الرجل (المشتری) أو أحداً (فأبق أحدهما) فینبغی الحکم فیه علی نحو ما مرّ و (ضمنه بقیمته) یوم التلف أو بنحو آخر علی نحو ما فی مثله من الخلاف (و یطالب بما اشتراه) إن لم یعین علیه البائع ما بقی و إن أمکن الانطباق الکلی علیه أو منع مانع عن القبول کما هو المشهور و الذی تقضی به القواعد بعد الحکم بالتضمین فی قبض السوم و هذا إن لم یکن منه أو مساویاً له فهو أولی منه فی الحکم و دعوی تعیین الحق مع الانطباق علیه غیر بعید لدخوله فی حکم المقاصة القهری فما تضمنته الروایة و بعض الفتاوی حتی نسب إلی الأکثر من أنه إن اشتری رجل من رجل عبداً و کان عند البائع عبدان فقال له: اذهب بهما و اختر أیهما شئت و ردّ الآخر، و قبض الثمن منه و ذهب بهما المشتری فأبق أحدهما

ص: 322

من عنده فلیرد الذی عنده و یقبض نصف الثمن مما أعطی و یذهب فی طلب الغلام فإن وجده اختار حینئذٍ أیهما شاء و ردّ النصف الذی أخذه و إن لم یجده کان العبد بینهما نصفین لا ینطبق علی القواعد بوجه لأن المبیع إن فرض عبداً کلیاً موصوف برفع الجهالة منطبقاً علی کل من العبدین المدفوعین کما هو الظاهر فالحکم فیه ما مرّ علی تأمل و هو مباین لما تضمنته الروایة و إن فرض انطباقه علی أحدهما فقط فإن کان الموجود صحّ له أخذه و غُرِّم قیمة التالف و جعل ما لزمه من قیمة التالف عِوَض حقّه بمعاوضة جدیدة مع رضی للدافع ثمّ دفع الباقی إلیه و إن کان التالف جاز للدافع احتسابه علیه و أخذ الباقی بل لا یبعد لزوم ذلک بالتقاص القهری و للمدفوع إلیه احتسابه علی نفسه لجعل الاختیار إلیه و إن لم ینطبق علی شی ء منهما دفع قیمة التالف و ردّ الباقی و إن عمّت إذن الدافع لأخذه عوض الحق من غیر الجنس مطلقاً صحّ للمدفوع إلیه احتسابه ما شاء منهما استیفاءً لماله فی ذمة الدافع و إرجاع الآخر و إن کان المبیع مجهولًا لتردیده بین العبدین المدفوعین فالتالف مضمون و الباقی مردود و العقد باطل و فی رجوع الدافع مع علمه بالبطلان بما زاد علی المسمی بالنسبة إلی التالف بحث و إن کان المبیع نصفاً من العبدین مشاعاً فیهما فالتالف مضمون نصفه و علیه ردّ نصف الباقی فلا تنطبق الروایة و الفتوی علی شی ء من هذه الوجوه لاشتمالهما علی أحکام لا توافق حالًا من الأحوال المذکورة کالحکم علی المشتری بردّ الباقی بقول مطلق و أنه إذا وجد الآبق منهما اختار أیهما شاء و أخذ نصف الثمن و إن لم یجد کان العبد بینهما نصفین و جمیع ما ذکر منافٍ للقواعد الشرعیة و لذا جعله بعضهم منافیاً لما علیه الأمة بأسرها و لأصول

ص: 323

أصحابنا و فتاویهم و تصانیفهم و إجماعهم و طرح الروایة لما ذکر أولی من تنزیلها و تأویلها بتأویلات بعیدة غیر مفیدة و لو اشتری عبداً أو عبدین فصاعداً من عبید أو أمة من أمتین أو إماءٍ أو مملوکاً متحداً أو متعدداً من ممالیک مشتملة علی العبید و الإماء مع تحقق المبیع فما یزید علیه فقد مرّ الحکم ببطلانه و إن کلام بعضهم یؤذن بدعوی الإجماع علیه و الأصول و القواعد و الحکمة و الأخبار المانعة عن بیع الغرر قاضیة به. و کذا (لو اشتری عبداً من عبدین) مطلقاً (لم یصح) أیضاً لمثل ما ذکر و نسب إلی المشهور و إلی عامة من تأخر غیر أنه ذهب بعض المتقدمین فی بعض کتبه إلی الصحة هنا مع اشتراط ثبوت الخیار للمشتری بینهما مستنداً إلی إجماع الفرقة و أن المؤمنین عند شروطهم و الإجماع فی محل المنع فیبقی البیع علی أصله من الفساد و صحة الشرط موقوفة علی الشرط من صحة العقد و عدم مخالفة الکتاب و الشریعة و لذلک عدل القائل عن قوله فی مقام آخر فأفتی فی خلافه بخلافه مزیداً له بقوله فإن قلنا بذلک تبعنا فیه الروایة و لم نقس غیرها علیها و الظاهر کما ذکره جماعة أن مراده من الروایة الروایة السابقة المشتملة علی تسلیم العبدین و لا ربط لها بما نحن فیه إلا علی تأویل بعید سبق الکلام فیه و إن أراد غیرها لیتوجه الاستناد إلیها فلا یسوغ لنا العمل بما رواه فی إیجاب واجب أو تحریم محرم حتی نقف علیه و لیس ذلک منافیاً لحسن الظن بالنسبة إلیه و کونه شیخ الطائفة و أستاذها و مرجعها و عمادها لا یجوز لها العمل علی فتواه بل و لا علی ما لا یوقف علیه مما رواه إذ لا معوّل لها فی أحکامها إلا علی قول سیدها و إمامها.

ص: 324

وجوب استبراء الأمة

(و یجب) وجوباً شرطیاً کوجوب الوضوء للنافلة أو حقیقیاً بعد وجوب الغایة (علی البائع) مالکاً کان أو ولیاً أو وکیلًا بالإجماع بقسمیه و الأخبار بل مطلق الناقل و لو بعقد متزلزل موقوف علی الإجازة فیتعلق الحکم بالمجیز و یختلف حال الکشف و النقل هنا فی بعض الأحوال أو جائز اعتماداً علی التنقیح و إن لم یکن فیه من الأدلة تصریح (استبراء) الأمة (الموطوءة) للمالک خصیاً کان أو فحلًا منفرداً بالملک أو لا فی قُبُلٍ أو دُبُر مع إدخال الحشفة و بدونه عالما بالوطء أو محتملًا له مع العزل و بدونه مع لف الآلة بشی ء و بدونه تعلق بها حکم أمهات الأولاد من منع البیع علی تقدیر الحمل أو لا لسبق رهانه أو تحجیر أو إعسار بالثمن و نحوها علی إشکال (بحیضة) متعینة أو معینة بالاختبار فی مقام الحیرة واحدة کما یظهر من نقل الإجماع و للأخبار المنجبرة فما دلّ علی حیضتین مُطرَح أو مؤوَّل لما مر أو نفاس من تولد سقط أو بعض من نفاس أو من حیضة أو نفی ولد و لو بعد تولده فی وجه (أو خمسة و أربعین یوماً) تدخل اللیالی المتوسطة دون الأولی و الأخیرة و المنکسر لا یحسب یوماً مسقطاً و یقوی احتسابه بالأکل و الإجماع محصلًا و منقولًا و الأخبار المعتبرة فی نفسها المنجبرة بالإجماع فضلًا عن الشهرة و شاهدة علی ما ذکر دالة علی بطلان القول باعتبار ثلاثة أشهر و لا یبعد الاستناد إلی الأصل فی نفی الأکثر أما لو شک فی الانتهاء و العدم فالأصل مع العدّ و الظاهر أنه لیس شرطاً فی صحة البیع و نحوه لتوجه النهی إلی ترک الاستبراء لا إلیه و کونه ضداً خاصا للاستبراء المأمور به علی فرضه لا یقتضی توجه النهی لأن السبب فی الترک غیره و علی الاقتضاء فحاله لیس کحال المناهی الأصلیة و لو عصی و باع قبله لزمه التسلیم إلی

ص: 325

المشتری حسناء کانت أو لا شیخا کان المشتری أو شابا کان أو لا لأنه مسلط علی ماله و لأن البائع أجنبی فالقول بلزوم البقاء فی یده استناداً إلی الأصل لا أصل له و کذا إلزامهما بالوضع علی ید عدل و أظهر فی الحکم ما إذا صدق البائع فقبض منه ثمّ علم کذبه فإنه لا معنی للإجماع حینئذٍ و لو جامعها بعد العقد قبل القبض فعلیه الاستبراء قبل الإقباض و کذا لو عادت إلیه بفسخ بعد الوطء کما لو کان وطئها (قبل) تملکها قبیل (بیعها) مثلًا (إن کانت من ذوات الحیض) المتأهلات له و لیس معنی الاستبراء إلا ترک الجماع منویّاً أو لا و أما التلذذ بها بغیر ذلک من لمس و تقبیل و تفخیذ و استمناء بسائر بدنها فلا مانع منه (و کذا یجب علی المشتری) و کل متملک علی نحو وجوب علی البائع بالإجماع و المخالف عاد إلی الوفاق و الأخبار و إن خصت بتملک الأسر لکنها تعم بالتنقیح و الإجماع المرکب و بما یظهر من لفظ الاستبراء و سقوطه عن غیر محل شبهة الحمل فإنه ظاهر فی عدم البناء علی التعبد و أن المانع خوف حدوث الحمل أو وجوده فتختلط الأنساب (قبل وطئها) فی قُبل أو دُبر لأنه أحد المأتیین و إن خالف فیه بعض فلم یلحقه به و أما الاستمتاعات الباقیة من تقبیل أو لمس أو تفخیذ و نحوها فلا بأس بها للأصل و الإجماع المنقول و الأخبار و إلحاقها بالعدة قیاس مع الفارق و (لو جهل حالها) من جهة وطئ مالکها فضلًا عن أن یعلم حصول سبب الاستبراء فیها أو علم وطئ محترم من غیره و أما مع العلم بالعدم فلا یبقی للاستبراء صحة إطلاق و لا اسم فلا یثبت له حکم علی أن الأصل ینفیه و لو وطأ قبل انقضاء المدة ناسیاً أو مشتبها احتمل السقوط و العدم و یقوی الثانی مع العزل أو عدم الإمناء و الوطء قبل البلوغ فبلغ قبل انقضاء المدة و لو

ص: 326

وطأها أحد الشریکین لو یبعد سقوطه فی خصوص الواطئ لو اشتری حصة شریکه و لو اشتری عدة إماء و قد استبرأ البعض دون البعض لزم استبراء الجمیع (و یسقط) الاستبراء عن المشتری بالعلم ببراءة الرحم و بشهادة العدلین و بأخبار ولیّ المشتری أو وکیله و إن لم یکونا ثقتین و کذا (لو أخبر الثقة) ذکراً کان أو لا مالکاً کان أو لا (بالاستبراء) کما نسب إلی الأکثر و یظهر نقل الإجماع فیه للأصل الجاری علی بعض الوجوه و للأخبار و فی الاکتفاء بمجرد الوثاقة کما فی ظاهر الأکثر و یظهر أیضاً من بعض أکثر الأخبار للتعبیر بلفظها فی بعضها و بالأمانة منفردة أو مع قید الصدق فی بعض آخر منها وجه قریب و اعتبارها بشرط العدالة کما صرح به بعض لأن الظاهر من إطلاق الوثاقة دخول العدالة فیها أقرب، و أما الاکتفاء بمجرد العدالة کما یظهر من إطلاق آخرین فبعید و یمکن إرادة الوثاقة منها و الاجتزاء بذکرها عنها و أما ما ورد من الاکتفاء بضمان البائع بقول مطلق فمقید بما ذکر و لو تعارض خبر الثقتین و أحدهما مالک احتمل ترجیحه و ترجیح خبر المثبت أو النافی و لو اختلف الشرکاء فیها أخذ بالراجح کما لو اختلف الخارجون و مع التساوی یلزم الاستبراء و لو وطأ اعتماداً علی المخبر فعدل أو خرج عن العدالة فلا استبراء و لو أخبر عدلًا ففسق قبل الوطء عُوِّل علیه بخلاف العکس إلا أن یعید الخبر و لو کذب المالک فی دعوی الاستبراء ثمّ ظهر الحمل منه ردت إلیه و رجع المشتری بالثمن و کل غرامة غرمها أما لو علم بکذبه فأقدم رجع بالثمن مع بقائه و فی الرجوع به مع التلف و بالغرامة وجهان و مع العلم بفسقه و عدم المعذوریة شرعا بضعف احتمال عدم الرجوع و إن عصی فی وطئه و فی اعتبار خبر الأمة مع

ص: 327

الوثاقة وجهان أقواهما القبول. (أو کانت) خالصة (لامرأة) عُلِمَت أنثی لا رجل و لا خنثی کما هو المشهور حتی کاد أن یکون إجماعاً و تدل علیه الأخبار المعتبرة و لعل إطلاقها أو إطلاق الفتاوی مقید بعدم العلم بسبق وطئ محترم من المالک أو غیره لخوف لزوم الفساد باختلاط الأنساب الذی هو الحکمة فی وضع العدد و الاستبراء کما استفید من تتبع الأخبار و کلام الأصحاب فی تضاعیف الأبواب و حیث تقدم أن لزوم الاستبراء مع الاحتمال مقرون باحتمال وطئ المالک کما یظهر من الأخبار قوّی القول بسقوطه مع عدم قابلیة البائع للوطء لصغرٍ أو کبرٍ أو جبٍّ أو عننٍ أو غرضٍ أو مرضٍ أو علم بعدم الوطء کأن یشتری ثمّ یبیع فی المجلس أو یشتری غائباً عنها ثمّ یبیع قبل الحضور علی نحو النکاح (أو صغیرة) ثبت صغرها و لو بالاستصحاب علی إشکال و إن وطئها مالکها حراماً (أو آیسة) إجماعاً بقسمیه و للأخبار ثابتة الیأس علی نحو ما یُراد من معناه بأخبارها أو إخبار مالکها أو عدلین أو عدل واحد و لو حصل بعد البیع سقط الاستبراء (أو حاملًا) علی کلام یجی ء فیها إن شاء اللّه تعالی (أو حائضاً) فی أثناء حیضها کما هو المشهور و فی الحکمة الباعثة علی الحکم و الروایة إشارة إلیه أو کانت محترمة علی مالکها بتحلیل أو نکاح و لم یطأها من کانت حلالًا له أو صارت حرة فعادت إلی الملک أو تعلق بها حق النقل لجنایة أو رهانة أو فلس أو إعسار بثمن متقدم علی الوطء علی إشکال ینشأ من أن المانع من جهة خوف فساد البیع أو اختلاط النسب و کیف کان فالظاهر أن استبراء البائع و نحوه مبنی علی احتمال وطئ الملک أو القطع بوطء محترم من غیره علی الأقوی (و یحرم) بالعارض لا کحرمة الزنا (وطئ الحامل). من

ص: 328

غیره و إن تحقق الاستبراء بظهور الحمل بما یسمی وطئاً و إن لم یوجب الغسل مع الإمناء و عدمه مع العزل و بدونه مع مماسة البشرتین و خلافها بحرّة أو أمة أو مبعضة، عن نکاح دائم کان الحمل أو متعة أو تحلیل أو شبهة أو زنا و دخول منی فی الرحم بسبب مساحقة و نحوها قبلًا لا دبراً (قبل مضی أربعة أشهر و عشرة أیام) هلالیة مع الانعقاد فی ابتدائها أو مع الانکسار یوماً فما زاد بناءً علی تلفیق الأیام المنکسرة و بناء المنکسر علی هلالیته أما علی القول بانکسار الجمیع فی وجه ضعیف فتکون عددیة أو علی تلفیق المنکسر فقط عددیاً فی وجه قوی فیعود إلی ثلاثة هلالیة و عددی و عشرة أیام تدخل فیها و فی الشهور اللیالی المتوسطة دون اللیلتین الواقعتین علی الحدین و المنکسر من الأیام تسقط أو یبنی علی التکمیل أو یحتسب تامّاً و خیر الثلاثة أوسطها و لا تکمیل من اللیلة الأولی و لا انکسار بسببها و یقوی بالنسبة إلی الأخیرة (و یکره بعده إن کان) حملها (عن زناً) من الطرفین و من الأب فقط (و فی غیره) کزنا الأم فقط و الخالی من الزنا عدا ما لا إشکال فی تحریمه کوطئ عدّته وضع الحمل (إشکال) ینشأ من حصول الاختلاف التام فی فتاوی الأصحاب و فی الأدلة مما عدا الأخبار و فی الأخبار أما الأول فلأنهم مَنَّ اللّه علی بالدخول فی زمرتهم بین مطلق لجواز وطئ الأمة الحامل غیر مقتصر فیه علی عدد معین و لا فارق بین الزنا و غیره مدع أنه الأظهر من أقوال أصحابنا و الذی تقتضیه أصول المذهب، أو مطلق کذلک ناقل للإجماع علی کراهته فی الفروج و موافق له معبر بالقبل أو المرجع إلی واحد غیر ناقل للإجماع و محرم له قبل مضی أربعة أشهر و عشرة أیام مقید بالقبل غیر فارق بین الزنا و غیره و منهم نافٍ للریب مدع شبه

ص: 329

التواتر الناقل للشهرة أو مسند إلی ظاهر الأکثر أو إلی الأصحاب أو مطلق غیر معین للقُبل و بین قاطع علی الحرمة فی القُبل فی غیر الزنا إلی حین الوضع و مجوز فیه علی کراهة فیما نقص عن الحد نافٍ لها فیما زاد علیه و بین محرّم مطلق فی النکاح الصحیح ناقل فیه الإجماع قائل: و فیما إذا کان عن شبهة فکذلک و أما الزنا ففیه إشکال، و بین محرّم فی غیر الزنا مطلقاً و فیه قبل الأربعة أشهر قائل: و أما بعدها فیکره فیه، و ناقل فیه الشهرة و بین مجوز للوطء علی کراهة قبل الأربعة أشهر و عشرة أیام نافٍ لها بعدها مع جهل حال الحمل محرم له مطلقاً مع العلم بأنه من وطئ حلال نافٍ للکراهة مطلقاً مع العلم بالزنا و بین محرم قبلها مطلقاً مع التقیید فی القُبل مکره بعدها و بین محرم لها قبل الأربعة أشهر بشرط عدم العزل ففی الأقوال نهایة الاختلاف و أما الثانی فلاختلاف الأصول و الإجماع المنقول و ما یفهم من ظاهر الکتاب أما الأول فلأن الاستصحاب و لزوم الاحتیاط فی الفروج و کونه یحسب من الباطل أو یدخل فی کفته لو فرق بین الحق و بینه و کون الولد یتغذی من الرضاع فیرتبط بصاحب اللبن و المتغذی من الحیوان بلبن الخنزیر و یلحق به فالالتحاق باعتبار التغذی بالمنی أولی و فی الأخبار ما یفید ذلک و إخراج النصیب له من المیراث مبنیّ علی ذلک فیلزم اختلاط الأنساب و تنقیح المناط بأن عدّة الحامل لاشتغال الرحم به و تعلق حق صاحب الحمل إلی غیر ذلک مما یقضی بالمنع مطلقاً مع أن جمیع ما دلّ علی إباحة الأزواج أو المملوکات أو المحللات علی سلطان المالک علی مملوکه مع فقد المانع إذ لا مانع سوی خوف اختلاط الأنساب و هو منفی بعد ظهور الحمل إلی غیر ذلک مما یقضی بالجواز مطلقاً و لأن وجود المنع مقتضاه خوف

ص: 330

اختلاط النسب و لا نسب للزانی فلا حق له فالجواز مقصور علیه و لأن المنع مبنیّ علی خوف الاختلاط و إنما یحصل ذلک بما کان قبل أربعة أشهر أو مع زیادة عشرة أیام دون ما بلغ أو زاد فإنه لا مانع فیه فیخص الجواز به و لأن العمل بکلا الوجهین یقتضی الاکتفاء بأحد الأمرین أما بلوغ الحد أو کون الحمل عن زنا فیثبت الجواز بحصول أحدهما و لکل من القول بقصر المنع علی القبل أو علی المنزل بقید عدم العزل وجه و أما الثانی فلأن الإجماع منقول علی جواز وطئ الأزواج و الإماء بقول مطلق و علی خصوص وطئ الحامل من الغیر بقول مطلق و نقل علی المنع فیما نقص عن أربعة أشهر و ظاهره الجواز فیما زاد و نقل أیضاً علی المنع حیث یکون الحمل عن نکاح صحیح و أما الثالث فلأن فی بعض الآیات: إِلّٰا عَلیٰ أَزْوٰاجِهِمْ أَوْ مٰا مَلَکَتْ أَیْمٰانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَیْرُ مَلُومِینَ*، فَمِنْ مٰا مَلَکَتْ أَیْمٰانُکُمْ مِنْ فَتَیٰاتِکُمُ الْمُؤْمِنٰاتِ، فَوٰاحِدَةً أَوْ مٰا مَلَکَتْ أَیْمٰانُکُمْ، وَ الصّٰالِحِینَ مِنْ عِبٰادِکُمْ وَ إِمٰائِکُمْ، أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوٰالِکُمْ مُحْصِنِینَ غَیْرَ مُسٰافِحِینَ، وَ الْمُحْصَنٰاتُ مِنَ النِّسٰاءِ إِلّٰا مٰا مَلَکَتْ أَیْمٰانُکُمْ، إِلّٰا مٰا مَلَکَتْ یَمِینُکَ، وَ مٰا مَلَکَتْ یَمِینُکَ و غیر ذلک مما یدل علی جواز وطئ المملوکة مطلقاً و بإطلاقه یفید جواز وطئ الحامل المملوکة مطلقاً و فی بعضها ما یفید بنفسه لأن خصوص المقام لا یقتضی تخصیص العام أو بواسطة تفسیر الإمام أنه لا یجوز وطئ الحامل إلا بعد الوضع کقوله تعالی: وَ أُولٰاتُ الْأَحْمٰالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ یَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ، و أما الرابع فلأن من الأخبار ما یفید عموم إباحة الأزواج و الإماء.

ص: 331

و منها ما یفید تخصیص الإباحة بما بعد أربعة اشهر و عشرة أیام و هو من خصائص" التهذیب" و إرسال" الفقیه".

و منها ما یفید التحریم إلی الوضع من غیر فرق بین ما کان عن الوطء المباح و غیره و لا تعرض فی أکثرها لخصوص القبل و هذا القسم من الأخبار کاد یبلغ حدّ التواتر و یعضده أخبار الاستبراء و هی کثیرة جداً و ظاهره طلب براءة الرحم عن الحمل فحصل تمام الاختلاف فی الأخبار أیضاً فلا یلیق فی بادئ الرأی علی اختیار قول و الاستقرار لکن الذی یقتضیه التحقیق و یصل إلیه النظر الدقیق هو القول بالتحریم العام ما دام الحمل فی ظلمات الأرحام لتوفر الأخبار و تکاثرها حتی لا یبعد ادعاء تواترها مؤیدةً بموافقة الأصل و المحافظة علی الاحتیاط فی الفروج و مخالفة الهوی و النفس الأمارة من غیر فرق بین الوطء فی قبل أو دبر موجب للغسل أو غیر موجب غیر مقرون بالإمناء أو مقرون به مع العزل و بدونه مع مباشرة البشرتین أو بدونها و أما الاستمتاع بغیر الوطء فالأصول تقتضیه و الأدلة ترتضیه و القول بعدم جواز وطئ من کان حملها قبل التسلط علی البضع دون ما بعده لقولهم (ع): ( (لا یحرم الحرام الحلال)) غیر بعید (فإن وطأها) حیث یجوز الوطء أو مطلقاً فی وجه آخر ترک الإمناء أو فعل و (عزل) بین العردتین لیقع المنی خارج الفرج (استحباباً) و إن العزل عن الاستحباب بمعزل کما هو المشهور تحصیلًا و نقلًا و فی الأخبار ما یدل علیه و أوجبه بعضهم قبل مضی أربعة أشهر مدعیا علیه الإجماع (فإن لم یعزل) و لم یکن حاجب یمنع وصول الماء إلی باطن الرحم (کره) له خاصة من وجهین علقة الحریة و علقة البنوة و لکل من ملکها (بیع ولدها) و تملیکه بأی وجه کان و تملکه لتشبثه بالحریة و حرّمه بعضهم حیث یکون الوطء قبل أربعة أشهر و نقل فیه الإجماع و بعضهم مع إضافة عشرة أیام إلیها و منهم من أطلق التحریم

ص: 332

و لم یذکر عدداً مخصوصاً.

ما یستحب للمولی بالنسبة إلی مملوکه

(و یستحب أن یعزل له من میراثه قسطاً) مطلقاً و أوجبه بعضهم مقیداً بما کان قبل أربعة أشهر و عشرة أیام و بعض بما کان قبل أربعة أشهر من دون إضافة ناقلًا علیه الإجماع و لیس فی کلامهم و لا فی أخبارهم بیان لمقدار القسط. نعم فی البعض منها اعتبار الوصیة بما یعیش به و فیه إیذان بکثرة فی الجملة و الأولی جعله نصیب ولد علی وفق ما هو علیه من ذکوریة و غیرها و یستحب للواطئ أن یعتقه مطلقاً و أوجب بعضهم عتقه إن کان الواطئ مع عدم العزل متقدماً علی أربعة أشهر و عشرة أیام مدعیاً فیه الإجماع و جمیع ما مرّ من الأقسام یقوی البناء فیها علی الحکم الحتمی لدلالة الروایة المعتبرة و الإجماع المنقول غیر أن مخالفة الشهرة و الإجماع المنقول و المحکم من القواعد و الأصول یقتضی المصیر إلی الأصحاب و أما حرمة التحاقه به فمما تحکم به القواعد الشرعیة و الإجماع بقسمیه و الأخبار و یستحب للواطئ و أرحامه الإنفاق علیه و صلته و القیام بحقوقه من متعلقات موته و حیاته و یستحب له معاملة الواطئ معاملة الأب و معاملة أولاده معاملة الأخوة و هکذا و تتأکد الأحکام مع قلّة مدّة الحمل و مع کثرة الوطء و الإنزال و لو تعدد الواطئون الذین لا یعزلون تعلق الحکم بجمیعهم و لو شک فی الإنزال أو فی العزل انتفت الأحکام بالأصل و القسط یخرج بعد الوصیة من الثلث مؤخراً عن الحقوق المالیة و المنجزات و الواجب و فی تقدیمه علی باقی الوصایا المشتملة علی العطایا و التبرعات إشکال و الظاهر تمشیة الأحکام بالنسبة إلی کل متغذ بالنطفة حرة کانت أو أَمة زانیاً کان الواطئ أو

ص: 333

مشتبهاً علی تأمل فی نطفة الزانی (و یکره وطئ) من کانت حلالًا بل مطلق نکاح و إنکاح متعلقة من ولدت (ولداً من الزنا) أو محللة (بالملک و العقد) و الحاصل من الأبوین معاً و فی التسریة إلی زنا أحدهما وجه قریب و لو بالنسبة إلی من ولد أو ولدت منه للنقص و الغضاضة و فوات النجابة و ظاهر الأخبار و ادعی بعضهم أشدیتها فی العقد و لیس ببعید و الحرم المستند إلی کفر ولد الزنا مردود بمنع المقدمتین و بالأخبار و الأدلة عامة و خاصة و تشتد الکراهة بطلب النسل لترتب معظم الفساد علیه (فإن فعل) غیر متجنب للمکروه (فلا یطلب الولد منها) بأن یترک الإمناء أو یعزل أو یطأ فی غیر القبل أو الیأس أو الصغیرة البعیدة عن الحمل و الحامل و إن لزمه المحذور من وجه آخر و الحائل منه من قبل (و رؤیة المملوک ثمنه) بل مطلق عوضه أو لمسه (فی المیزان) أو غیرها مع الاتصال بوقت العقد أو مطلقاً. (و) یکره عقلًا و سمعاً بشهادة الأخبار المصروفة عن ظاهر التحریم بالأصل و تسلط الناس علی أموالهم و عمومات العقود و إن الأظهر بین الأصحاب خلافه نقلًا و تحصیلًا (التفرقة) فی مکانین متباعدین بسبب النقل ببیع أو عتق أو هبة أو قسمة أو وصیة أو ردّ بخیار أو غیر ذلک بل ربما یقال بثبوتها بمجرد النقل و إن اتحد الکل فکل منهما سبب تام فی الکراهة (بین الطفل ذکراً) کان أو أنثی لرشده أو لا دون ولد البهیمة و أمه النسبیة من دون رضاهما و مع ترتب الوحشة و لو من أحدهما و إلا فلا مرجوحیة فی وجه و مع عدم خوف ترتب التلف أو الضرر العظیم بتفرقتهما و إلا فیحرم و التمثیل برضاع اللّبأ بزعم أنه لا یعیش إن لم یشرب لبن أمه من مبدأ الولادة إلی ثلاثة أیام منظور فیه فإن التجارب تنفیه و تتمشی الکراهة إلی التفرقة مع

ص: 334

فقد الأم بینه و بین الأب ثمّ الجدّة و الجد ثمّ الأخت و الأخ ثمّ العمّة و العم و الخالة و الخال و هکذا إلی آخر الأرحام ثمّ إلی الأجانب المرتبطین به برضاع أو غیره و کل ذلک (قبل الاستغناء) برفع الحاجة فإن ظاهر الأدلة تعلیل الحکم بالاحتیاج و قد یوافق أیام الحضانة و قد ینقص لفطانة و جودة فهم أو یزید الاحتیاج لجنون أو نقص و للإجماع منقولًا علی تعلیق الحکم بالکراهة علی عدم الاستغناء و علی نفیها بعده و نسبه بعض إلی ظاهر الأصحاب فلا وجه للتحدید (ببلوغ سبع سنین أو مدة الرضاع علی خلاف) فی ذکر أو أنثی و التنقیح و طریق الأولویة فی محلّ المنع إذ للأسر و الملک مدخلیة أخری بسبب الذل و الانکسار و تأکید الوصیة بهم فی الکتاب و الأخبار (و قیل) و لعله الأقوی (یحرم) لنقل الشهرة فیه و الإجماع و شهادة الأخبار الکثیرة مع تأیدها باستلزام الظلم و قساوة القلب و عدم المروة بما دلّ علی تأکید الوصیة برعایة الأسراء و الممالیک و حسن الولایة لهم و لم یزل النبی (ص) یقول: ( (

من لا یَرحَم لا یُرحَم

)). نعم هذا القول ینبغی استثناءً من عدا الأم النسبیة من أب و غیره من الأرحام و أم رضاعیة و غیرها ممن تعلق بالرضاع للإجماع المنقول علی الجواز فی الأب و الأم الرضاعیة و باقی الأرحام و ینجرّ إلی غیرها ممن هو دونها فی الوصلة ثمّ علی القول بالکراهة ینبغی مراعاة صلاح الطفل و أمه فإن مات بسبب مراعاة الأنس نفع عظیم أو حصل ضرر فی الجملة لا یقابله انتفاع المؤانسة قدّمت التفرقة و بطلت ملاحظتها ثمّ مع تعدد الأرحام یراعی الأصلح فالأصلح لا الأقرب فالأقرب مع إسقاط الکبیر حقّه و الأقدم الأقرب علی إشکال و ذو السببین مع التساوی و لو رضی واحد ممن یعتبر رضاه منهما أو من أرحامهما

ص: 335

بالتفرقة دون الآخر قُدّم المانع و للراضی الرجوع ما لم یقع العقد فإن وقع فلا رجوع و یقوی علی التحریم فساد المعاملة و دعوی أن الجواز ظاهر المذهب فی محلّ المنع و لو حصلا فی الملک مفترقین لم یلزم جمعهما و لو باع مع الجهل بالنسب ثمّ علم جاء الحکم (و لو ظهر استحقاق الأَمة الموطوءة) مع إدخال الحشفة بزنا أو غیره من نکاح أو تحلیل أو ملک یمین أو شبهة بأحدها لعدم مالکیة المملک أو ظهور فساد العقد بسبب من الأسباب جاهلة بفساد العقد أو عالمة به قادرة علی الامتناع أو غیر قادرة و إدخالها فی البغِیّ المنفی مهرها فی الروایات لا وجه له لظهور لفظ المهر و لام الملک فی إرادة الحرة (غرم العشر) منفرداً من دون أرش الجنایة علی العذرة للأصل و لدخولها فیه بظاهر الروایة من حجیتها غیر موطوءة وقت الوطء و لو زادت به ففی اعتبار الزیادة وجهان (مع البکارة) التی هی عبارة عن السلامة من مماسة الرجال أو مع شرط بقاء العذرة و لعل الثانی أقوی (و نصفه لا معها) کما هو المشهور شهرة مستفیضة محصلةٌ و منقولةٌ للإجماع المنقول و ربما ادعی تحصیله و لصحیح الروایة و الورود فی محل خاص لا یمنع عموم الحکم و لِما یظهر من التحلیل باستحلال الفرج فالقول بمهر المثل کما علیه بعضهم اجتهاد فی مقابلة النص و لو اختلفا فی البکارة و خلافها قُدِّم قول الواطئ و یحتمل تقدیم قول المالک عملًا بالأصل و فی الممسوسة فی القبل من دون فض البکارة أو فی الدبر و فی الدبر وجهان أقواهما إجراء حکم البکارة فیها و لو تکرر الوطء فی الوقت الواحد قبل الغرامة عدّ واحداً و بعد الغرامة أو مع اختلاف الوقت یقوی إجراء حکم التعدد و لو کان المباشر للعقد الأب مع إعسار الولد احتمل تغریمه للعقر أو مقدار ما یساوی المهر

ص: 336

و عدمه و لعله الأقوی و لو دلسها غیر المولی فعلیه استقرار الغرم و لو کان المولی فلا شی ء له و لو کانت مبعضة احتمل الرجوع إلی مهر المثل و التوزیع و لعله أقوی (و الولد حر) إن کان من حرّ عن غیر زنا للأصل و لأن الولد یتبع أشرف الأبوین و للإجماع محصلًا و منقولًا و ظاهر الأخبار و القول بالخلاف خلاف التحقیق (و علی الأب قیمته للمولی) یقوّمه عدلان أو عدل واحد علی اختلاف الرأیین (یوم) بل حین (سقوطه) إن سقط (حیّاً) مستقر الحیاة علی نحو یکون مقوّماً لأنه أول أزمنة التقویم للإجماع و الأخبار بأن یقوم علی نحو ما هو علیه من نقص عضو أو صفة مع ملاحظة بقاء الرقِّیّة دون الأَوْل إلی الحریة و لو خرج میتاً أو لا قیمة له فلیس علی الأب شی ء و قوّی بعضهم تغریمه دیة جنین أمة و لیس یقوی و یقوی مراعاة قیمته حین الحمل فیضمن التفاوت بین القیمتین و لو اشتبه الحال فالأقوی عدم التغریم و یحتمل ثبوته عملًا بالأصل و هل یلحظ فی التقویم نسبة الأب الظاهر لا. (و یرجع) الأب عالماً أو جاهلًا (علی البائع) مثلًا مدلساً أو غیر مدلس علی أصح القولین (بما دفعه ثمناً) مع بقائه و مع التلف یرجع مع جهله بمثله إن کان مثلیاً و قیمته إن کان قیمیاً (و) بما (غرم) من القیمة (عن الولد) و الإجماع منقول فیهما و بما غرم مما یتوقف علیه التأدیة فی الرجوع بالغرامة الراجحة شرعاً أو عقلًا من غیر لزوم إشکال و أما النماء فحاله کحال الثمن (و فی الرجوع بالعقر و أجرة الخدمة) و عوض النماء المنتفع به کاللبن و الصوف و نحوهما مع الانتفاع فی مقابلها (نظر ینشأ من) الإقدام علیه بغیر عوض لأن (إباحة البائع له بغیر عوض من استیفاء عوضه) فإنه قد وصله عوض المدفوع فلا یکون غارماً و یحتمل الرجوع بما زاد

ص: 337

من العقر علی المهر لعدم إقدامه علیه (و یستحب لمن اشتری) أو تملک بأی وجوه الملک (مملوکاً أن یغیر اسمه و إطعامه حلاوة و الصدقة عنه بشی ء) و اختیار الأسماء الشریفة مما صدر بالعبودیة کعبد اللّه و عبد النبی و عبد علی و ما سمّی به عبیدهم کقنبر و بلال و فضة و نحوها، و أما التسمیة بأسماء الأنبیاء و الأئمة (ع) فالأولی ترکه لخوف إهانة الاسم باستخدامه و یتبعه مستحبات کثیرة کتقطیع الماء عند الشرب ثلاثاً مع الأخذ من یده و من ید الحر یشرب بنفس واحد و إلقامه من المأکول و تخصیصه منه و مناوبته علی المرکوب لو کان راجلًا مع مولاه راکباً و زیادة الشفقة علیه و الرأفة به و یجب تأدیبه علی فعل المعاصی و ترک الواجبات و ضربه إذا لم یجد الکلام معه و روی کراهة التسمیة بمبارک و میمون.

بیع الأمَة الحامل

(و یصح بیع) الأَمة (الحامل بحرّ) و نقلها بأحد وجوه النقل لوجود المقتضی و ارتفاع المانع و ما استند إلیه المانع من أنه کاستثناء الجزء فیلزم الغرر مردود بأنهما شیئان لا واحد ثمّ علی الجزئیة إنما هی فی حال قابلیتهما معاً للتملک لا من قبیل شاة حملت بکلب أو خنزیر أو حرّة حملت بمملوک و المرتد مطلقاً (و المرتد) عن ملّة (و إن کان) أو کانت بعد الاستتابة أربعاً أو کان (عن فطرة علی إشکال) ینشأ من بقاء الملکیة و عدم زوال المالیة و من الحکم علیه بحکم الأموات فهو کالتالف و الأقوی الأول و عدم القابلیة للتطهیر لا یجری حکمه إلی الحیوان و مبدئه کالعلقة بل إلی الجامد المطلوب استعمال ظاهره و إن کان بعد المیعان کالمصوغ المذاب فی ید الکفار و الطین المتحجر و نحو ذلک و مع القول بجواز عتق

ص: 338

الکافر یتقوّی المالیة (و المریض المأیوس من برئه) و المقود إلی الصلب و المحاط بالأعداء و قد أرادوا قتله و القریب إلی الأسد المفترس و الخاطر مع شدة الوباء و المطعون بطعن الخالق أو المخلوق و المجروح جرحاً منکراً إلی غیر ذلک لبقاء المالیة و فقد المانع و إمکان الانتفاع فی الجملة و لو مع الیأس (و لو باع) أو نقل بناقل (أمة و استثنی) خدمة معینة فلا مانع و لو استثنی (وطأها مدة معلومة لم یصح) لأنه شرط مخالف لکتاب اللّه و فساد الشرط یستدعی فساد المشروط. نعم لو شرط علیه أن یزوجها منه و یحللها علیه مطلقاً أو فی مدة معلومة فلا مانع منه کما أنه لا مانع من نقل بضعها قبل البیع و إن کان للمشتری الخیار لعدم التنافی حینئذٍ و فی تسریته إلی النکاح إشکال و فی التحلیل أقرب إلی الجواز و لو شرط عدم وطئه أو عدم استمتاعه بطل العقد إلا أن یکون مما استثنی شرعاً کأیام الاستظهار.

الفَصْلِ الثانِی: بیع الثمار
اشارة

(الفصل الثانی: فی الثمار) و جمع الثمر حمل الشجر و مساویه وزنا النبات القائم علی ساق مرادف الفاکهة أو أعم منها أو الثمر ما دام علی رأس النخل فبعض ما یذکر بعد مما لا یدخل فی الحد جاء بالتقریب و فیه مطلبان:

المطلب الأول: أحکام أنواعها

(الأول: فی) أحکام (أنواعها) و ما یلتحق بها یجوز تملک الثمار و ما یشبهها من جمیع الأشجار و نحوها من بطیخ و خیار و قثاء و کراث و أزهار و غیر ذلک مما حدث أو یحدث مع بقاء وجود أصوله بعقد الصلح أو باشتراطه فی ضمن العقد و بشرط الوجود کیف کان بعقد

ص: 339

الهبة و الدخول فی المهر و عوض الخلع و الجعل و السبق و نحوها مما یدخل فی عقود المسامحة و أما ما بُنیَ علی المداقة فتفصیله أنه (یجوز بیع ثمرة النخل) و شرائها و إجارتها و الاستیجار بها مع اتخاذها للجذ کثمرة الفحل من غیر بحث و مع البحث فی بعض الأقسام فی المعد للتبعیة کما سیجی ء بیانه إن شاء اللّه (بشرط الظهور) و لو فی کمامها و قابلیة الانتفاع عاماً أو نصف (عامٍ، واحداً و أزید) کعامین أو نصفی عام فما زاد فیما یثمر فی السنة مرّة أو مرتین (و لا یجوز) البیع و لا غیره من المملکات سوی الصلح و الاشتراط (قبله مطلقاً) مع اتحاد العام و تعدده و مع الضم و بدونه و مع اشتراط القطع و بدونه (علی رأی) قویَ للأصل مع الشک فی الدخول تحت أدلة العقود لظهورها فی خصوص الموجود و لأن صفة الملک و النقل و الانتقال و السلطان صفات وجودیة تقتضی محلًا وجودیاً و ظاهر إنشاء البیع حصول التعلق حین الإیقاع و هو ممتنع إذ الصفة الوجودیة لا تقوم إلا بوجودی و للزوم الغرر بما هو أعظم منه فی المجهول من الموجود فیؤول إلی الضرر و النزاع و عدم إحراز الانتفاع. نعم لو قام الدلیل علی جواز الغرر و تأخر الأثر أخذنا بالمدلول و ترکنا العمل علی القواعد و الأصول ثمّ الإجماع المحصل و المنقول بما یشبه التواتر و الأخبار المستفیضة شاهدة علی منع البیع عامّاً واحداً فنسبته إلی المشهور فی کلام بعض الأواخر لیس لها وجه ظاهر و دعوی وجود الخلاف فی کتابی الأخبار مع احتمال إرادة ما بعد الظهور أو مجرد احتمال الجمع ما بین الأخبار و إن لم یکن مذهباً له بعیدة عن الصواب و أما ما زاد علی العام الواحد فمع بعض ما ذکره فی الاحتجاج علی القسم السابق الإجماع المنقول بلفظه الصریح و ینفی الخلاف بقول مطلق أو عن غیر الصدوق

ص: 340

فیکون الخارج معلوم النسب مسبوقاً بالإجماع ملحوقاً به مع الانجبار بالشهرة محصلةً و منقولةً بلفظها الصریح و بما یقرب منه کلفظ الأشهر و لفظ الأکثر و فی الأخبار ما یدلّ بمنطوقه أو مفهومه علی ذلک و أخبار الجواز مع اشتمال بعضها علی لفظ الکراهة بالنسبة إلی العام الواحد و ظهور بعض فی إرادة الجواز بعد الظهور و یمکن حملها علی التقیة و أما مع الضمیمة فی العام الواحد ففی مطلقات الأخبار المانعة و الإجماعات المنقولة المؤیدة بالشهرة محصلةً و منقولةً حتی کادت تبلغ الإجماع أبْیَن شاهد علی المنع و بعض من ذهب إلی الجواز من القدماء رجع عن مقالته فالموثقة مطروحة أو مؤولة و من فصل فی الضمیمة بین التابعة و المعادلة و المتبوعة فیصح فی القسم الثانی دون الأولین غیر خال من المؤیدات فی تضاعیف الروایات غیر إن القول بالمنع مطلقاً عملًا بالأصل و ظاهر الأدلة أقرب و أما حال اشتراط القطع فکحال عدمه لوجود المحذورات السابقة و لعموم الروایات و الإجماعات المنقولة و یظهر من بعض المتأخرین القول بالجواز و هو بعید عن الصواب و أما حال المرکب من تلک القیود بأقسامه الأربعة فقد ظهر من حکم آحاده و بعد الظهور (لا یشترط فیما بدا إصلاحه و هو الحمرة أو الصفرة) و الشقرة و ما أدّی مؤداها من الخضرة و السواد و نحوهما و عُبّر عنه فی الأخبار ببُدُوِّ الصلاح و بالإدراک و بالإطعام و بالبلوغ و فی بعضها بالزهر مفسراً فیها بالتلوّن و الاحمرار و الاصفرار و فی اللغة بالبسر الملون و بالحمرة و الصفرة و مرجع الجمیع علی الظاهر إلی واحد و هو الاحمرار الطبیعی أو الاصفرار کذلک أو ما قام مقامهما من الألوان کما هو الأشهر فی روایة بل المشهور تحصیلًا و نقلًا فی أخری و نسب إلی أصحابنا فالقول أنه

ص: 341

حصول الأمن من حصول الفساد و عروض الآفة لو ثبت القائل به استناداً إلی ما دلّ علی ذلک ضعیف لضعف الدلیل فی نفسه و لمخالفته الشهرة أو الإجماع و لعدم الإهالة المعادلة لما قابله و أما القول بأنه ما طلعت علیه الثریا و دلیله إن لم یؤوّل فهو فی غایة الشذوذ. (و الضمیمة و لا زیادة علی العام و لا یشرط القطع) فیجوز بیعه بلا ضم و لا زیادة علی العام و مع اشتراط التبقیة أو الإطلاق (إجماعاً) بل ضرورة و العمومات فی الکتاب و السنّة قاضیة به و لا جهالة فیه لأنه مما یباع جزافاً قبل الجز و یرتفع الغرر عنه بمجرد الرؤیة و الخرص و جهالة مدة المکث فی رءوس النخل غیر ضارة لعدم بعثها علی الغرر عرفاً و لکونها مستفادة تبعاً لم یتعلق بها العقد أصالة بخلاف مدّة الإجارة و نحوها (و هل یشترط) من الثلاثة (أحدها فیما) ظهر و (لم یبْدُ إصلاحه) فلا یصح البیع لو فقدت بأجمعها أو لا؟ (قولان): أحدهما الاشتراط و أسند إلی الأکثر بل نقل علیه الإجماع و تدل علیه الأخبار الکثیرة و فیها الصحیح و غیره مع ما فیه و احتمال الضرر و خوف النزاع و الشقاق و لأن المقصود بالأصالة معدوم فیشبه بیع المعدوم إلی غیر ذلک و هو الأقوی. ثانیهما عدم الاشتراط و علیه جماعة استناداً إلی عمومات العقود جنساً و نوعاً و ظاهر الأخبار مع عدم المانع سوی ما یتخیل من خوف الفساد و عروض الشقاق و لزوم الغرر و نحوها و هی جاریة فی بیع الثمار و الزرع و الخضر و نحوها مع عدم الشک فی جوازه علی أن أصالة بقاء الصحة و عروض المفسد مانعة عن ملاحظة المانع و الذی یقتضیه التحقیق و النظر الدقیق أنه لا مقابلة فی شی ء مما ذکر للأخبار المعتبرة المنجبرة بنقل الإجماع و الشهرة علی أن ما ظاهره الجواز یمکن تنزیله علی ما قام علیه الإجماع محصلًا و منقولًا

ص: 342

من حصول أحد الشروط الثلاثة فظهر أن القولین (أقواهما) عدم (إلحاقه بالأول) فی الجواز بلا شرط، و أما القول بالصحة مع اعتبار شرط السلامة کما نقل عن بعض فضعیف مردود بأدلة الطرفین (و لو بیعت علی مالک الأصل) لاستحقاقها بالوصیة أو بغیرها مجردة عنه و بیعها علی الوارث أو غیره أو لبیع الأصل وحده ثمّ بیعها علی مشتریه أو مع الأصل و یرجع إلی حکم التتمة أو باع الأصل (و استثنی الثمرة) و لیس مما نحن فیه لکنه نظیره (فلا شرط إجماعاً) و فیه الحجة و لأنه فی الأولین کمالکهما معاً (و أما ثمرة الشجرة) مما عدا النخل فمقتضی الأصل و القاعدة المستفادة من عمومات الأدلة عدم اشتراط بُدُوّ الصلاح إن لم یفسر بمجرد الانعقاد المنقول علیه الأشهریة حتی یوافق معنی الظهور بل إضافة تناثر الورد کما ادعاه کثیر من متقدمی الفقهاء (فیجوز) إذن (بیعها مَع الظهور و حَدُّه انعقاد الحب) الذی به یتحقق الوجود و یخرج عن قسم العدم و یدخل فی اسم الثمرة (و لا یشترط الزیادة) علی ذلک من تعدد أعوام و بدو صلاح باحمرار أو اصفرار أو ما قام مقامهما أو بلوغ أو إدراک أو اشتراط قطع أو بیع علی صاحب الأصل أو نحوهما (علی رأی) قوی للأصل و العمومات و ما ورد مما یدل علی خلاف ذلک مطرح لمخالفة الشهرة و الأصول المقررة المستفادة من عمومات الکتاب و السنّة و ظاهر الأخبار الکثیرة أو منزل علی أولویة مراعاة البلوغ و الإدراک و نحوهما (و لا تجوز قبل الظهور عاما و لا اثنین) مع الضمیمة و بدونها و بشرط القطع و بدونه و علی مالک الأصل و غیره (علی رأی) قوی لما ذکر فی منع ثمرة النخل قبل الظهور من الأصول المقررة و القواعد الممهدة مع ظاهر الأخبار و التعلیلات المشتملة علیها روایات المنع الواردة

ص: 343

فی منع بیع ثمرة النخل قبل الظهور مضافاً إلی الإجماع المنقول بل المحصّل و المخالف لا یصغی إلیه (و لا فرق) بعد قضاء الأدلة بالعموم بین (البارز کالمشمش) و التفاح و الکمثری و نحوها (و الخفی کاللوز) و البلوط و الحبة الخضراء و شبهها لاشتراک القسمین فی وجود المانع فی محل المنع و المقتضی فی محل الجواز (و أما الخُضَر) کالخیار و البطیخ و الباذنجان و نحوها (فیجوز بیعها بعد ظهورها و انعقادها) حتی یسمی باسمها للأصل المستفاد من العمومات فی العقود جنساً و نوعاً و للإجماع ظاهراً و خروج البعض لا یُخلّ به و بعض عبارات من أسند إلیهم الخلاف لاشتراطهم بُدُوّ الصلاح و یمکن توقیفهم مع ما ذکرنا بجعل بُدُوّ الصلاح هنا بمعنی الظهور و (لا) یجوز (قبله) و بعده قبل بروز الورد و بعد ما لم یکن الثمرة و رداً للأصل و لزوم الجهالة و الغرر مع شرط القطع و بدونه مع ضم الأصل و بدونه مع الضمیمة الخارجیة و بدونها علی صاحب الأصل علی أنه من بیع المعدوم فتأتی فیه جمیع الموانع فیه و للتعلیلات المستفادة مما دلّ علی بیع ثمرة النخل و غیرها من الثمار و للإجماع محصلًا و منقولًا بصیغة نفی الخلاف (لقطةً) واحدة مثمرة و قد ظهرت بتمامها أو شطر صالح منها أو هی مع أخری فتباع لقطتین (و) مع أکثر فتباع (لقطات) معدودات متمیزات و المرجع فی التمیز إلی مجاری العادات و لو تأخر وقت الجز لإهمال أو عذر حتی حصل الاختلاط و الاشتباه انحصر العلاج بالصلح و لو وقع النزاع فی دخول شی ء من اللقطة الثانیة فالقول قول المشتری و الظاهر جریان ذلک کلِّه فی مثل لقطة الرطب و المشمش أو نحوها و لو باع لقطة أو کسراً معیناً من أخری أو کسراً من ممیزین من لقطتین أو ما زاد علی ذلک صح (و الزرع یجوز بیعه) و نقله بأی ناقل

ص: 344

کان بذراً فی الأرض قبل ظهوره علی إشکال أو بعد الظهور (سواء انعقد السنبل فیه أم لا) قبل انعقاد الحب و بعده قبل الإطعام و بعده قبل الاستواء و بعده بشرط الجز أو لا (قائماً و حصیداً منفرداً) و کدیساً متفرقاً و مبیدراً باقیاً علی حاله و مدیساً مقصولًا عن التبن أو مختلطاً منفرداً فی المعاملة (و مع أصوله) مضافاً إلی ضمیمة خارجیة أو لا (بارزاً کان) حبَّه (کالشعیر) و الذرة و الدخن و شبهها (أو مستوراً کالحنطة و العدس و الهرطمان و الباقلاء) کما هو المشهور حتی کاد یکون إجماعاً للأصل المستفاد من عمومات الکتاب و السنّة و الأخبار إلا أنه بعد انفصال الحب یعود إلی حکم المکیل و الموزون فلا یباع جزافاً بخلاف ما قبله و القول بالمنع قبل ظهور السنبل إلا مع اشتراط القطع قد یحکم بمخالفته الإجماع لکونه غیر مسبوق و لا ملحوق و مستنده من الأخبار علی ما فیه من البحث ضعیف بمخالفة الشهرة بل الإجماع مردود بمعارضة ما لا یقوی علی معارضته من الأخبار قابل للتنزیل علی الندب و بیع حبه قبل الظهور کبیع الثمار قبل ظهورها و لو علق البیع باسم الزرع فلا بأس به لعدم توجهه استقلالًا (و لو کان) الزرع (مما یستخلف بالقطع کالکراث و الرطبة)- بفتح الراء و سکون الطاء المعبر عنه بالقث- و (شبههما) من نبت أو شجر أو غیرهما (جاز بیعه) و نقله بأی ناقل کان قبل القابلیة للجز و بعدها (جزة) و جزتین (و جزات) أو کسراً مشاعاً منها (و کذا ما یخرط کالحناء و التوت خرطة) و خرطتین (و خرطات) أو کسراً منها متمیزاً (منفردة و) منضمة (مع الأصول) أو غیرها (بشرط الظهور فی ذلک کله) من مجزوز و مخروط و غیرهما، و أما اشتراط الاستعداد للجز و الخرط فغیر بعید و إن کان الأقوی خلافه و مستندة بعد التنقیح و ثبوت الأدلة بالنسبة

ص: 345

إلی بیع ثمرة النخل و الشجر أکثر من سنة الأصل المستفاد من العموم فی الکتاب و السنّة مع ما یظهر من الإجماع علیه و ما ورد فیه من الأخبار المعتبرة المنجبرة و امتزاج الجزات و الخرطات کامتزاج اللقطات و یجری فیهما ما یجری فی اللقطات (و لو باع الزرع) بشرط عمل علی الشرط و الإطلاق راجع إلیه و لو باعه (بشرط القصل وجب قطعه علی) من انتقل إلیه من (المشتری) و نحوه علی نحو ما اشترط من وقت أو کیف أو نحوهما (فإن) عصی و (لم یفعل فللبائع) مثلًا (قطعه) من دون استئذان الحاکم و کذا مع معذوریته و عدم إمکان الرجوع إلی الحاکم أو من قام مقامه و أما مع المعذوریة و الإمکان فلا یبعد التوقف علی الاستئذان (و) له (ترکه) علی حاله (بالأجرة) و إن تولی البائع فی موضع الجواز بنفسه أو بغیره رجع بأجرة المثل مع عدم التسمیة کما إذا تولاه بنفسه أو بالمسماة حیث یسمی لغیره من دون تعدّ و تجاوز عما یتوقف علیه العمل و کذا یرجع بأجرة إخراجه عن ملکه و جمع شتاته و أرش إفساده إلی غیر ذلک (و کذا لو باع الثمرة) أو نحوها أو نقلها بناقل آخر (بشرط القطع) أو الإبقاء أو أطلق فإن الحال فیه علی نحو ما ذکر.

المطلب الثانی: الأحکام
اشارة

(المطلب الثانی: لیس للبائع) و نحوه (تکلیف مشتری الثمرة) و نحوها و لا لمشتری الأصول فقط تکلیف مالکها (القطع قبل بُدُو صلاحها) الذی به حضور وقت أخذها و اقتطافها مع اشتراط البقاء حین البیع إلی حین وقت الأخذ أو الإطلاق (إلا أن یشترطه) علی من هی له أن تقضی العادة به أو یحصل ضرر کلّی ببقائها کما سیجی ء تفصیله إن شاء اللّه (بل یجب علیه تبقیتها إلی أوان أخذها عرفاً بالنسبة إلی جنس الثمرة) أو

ص: 346

صنفها الخاص مع حصول الخصوصیة بالعادة کما یجب فی ذلک الملفوظ إلی وقت لقطه و المجزوز إلی وقت جزّه و المخروط إلی وقت خرطه لشهادة العرف و العادة باشتراطه ضمناً و إن لم یصرّح به لفظاً و حکم الشرائط المفهومة ضمناً مغایر لحکم المصرحة فلا یلزم من ترتب الغرر علی القسم الثانی ما لم یکن مؤکداً لما فی الضِّمن ترتبه علی الأول و لو اختلفا فی الوقت رجعا إلی أهل العرف فإن اختلفوا فالمرجع إلی الأعدل ثمّ الأکبر ثمّ الأبصر و قد یقوی علی المتقدم فی الترتیب المؤخر لقوة الأضعف و ضعف الأقوی و مع التعادل یقرع أو یقدم قول المشتری أو البائع وجوه أوسطها الوسط و لو بلغ البعض دون البعض مع اختلاف المکان کاختلاف البستان أو تفاوت الزمان تفاوتا فاحشاً لکلٍّ حکمه و مع اختلاف الشجرة وجهان و الأوفق بالعادة انتظار استواء الجمیع أما الشجرة الواحدة فلا تأمل فی جواز الانتظار إلا فیما اعتید التقاطه أولًا فأولًا و کیف کان فالمرجع إلی العادة و لو تجاوز وقت الأخذ و دخل فی وقت یفسده الأخذ، و لا یصلح إلا بالانتظار کان للبائع قطعه بأجرة إن کان مع إهمال المشتری و تقصیره و بدونه وجهان و علی الإبقاء للبائع الأجرة (فما قضت العادة بأخذه) حشیشاً أو سنبلًا أو حصرماً أو عنباً أو صغاراً أو کباراً قبل الصیرورة (بسراً) خالصاً أو مترطب البعض (اقتصر علی بلوغه ذلک و ما قضت بأخذه رطباً أو قسباً) أو حباً أو زبیباً (أُخّر إلی وقته و کذا لو باع الأصل) أو ملکه بناقل آخر (و استثنی الثمرة و أطلق) فضلًا عن أن یشترط البقاء (وجب علی) المنقول إلیه (المشتری) و غیره (إبقاؤها و لکل من مشتری الثمرة) أو اللقط أو الخرطة أو الجزة و نحوه و المستدیم تملکها بعد نقل الأصل عنه (و صاحب الأصل سقی الشجر) و ما

ص: 347

بحکمها (مع انتفاع الضرر) مع انتفاعهما و انتفاع أحدهما و خلو الآخر من النفع و الضرر أو خلوهما منهما علی إشکال فی تسلط صاحب الثمرة و نحوها و لا فرق بین کون الماء مباحاً أو ملکاً للبائع معداً لسقی أشجاره مع حصول الانتفاع به أما لو کان ملکاً للمشتری فلا سلطان للبائع علیه (و لو تضررا) معاً (منعاً) بمنع أحدهما صاحبه و إن رضی بضرر نفسه أو بمنع الحاکم و إن رضیا إجراء حکم السفاهة علیهما و لو تضرر أحدهما و خلی الآخر عن النفع و الضرر منع الضرار لحدیث الضرار و لو تعارض ضررهما رجحنا الراجح و لو تساویا رجحنا المنقول إلیه علی الناقل لأنه ضرر نفسه ببیعه و لعله قول الأکثر و الأقوی فی النظر، و لو تعارض نفعهما قویَ تقدیم المنقول إلیه مطلقاً و یحتمل تقدیم الراجح (و لو تقابل ضرر أحدهما و نفع الآخر رجحنا مصلحة) المنقول إلیه من (المشتری) و غیره و إن قابلت ما فات عن الآخر و لعله قول الأکثر أو مطلقاً (و لا یبعد ترجیح جانب الضرر مطلقاً و لو اختلفا فی ترتیب الضرر رجعا إلی أهل الخبرة) فإن تعذر قُدّم مدعیه لأنه مانع عن التصرف بماله و یحتمل تقدیم المنقول إلیه و تقدیم صاحب الأصل و لا ضمان علی المأذون فیما یترتب علی صاحبه علی الأقوی و یضمن غیره مقدار ما أصابه من الضرر بل ما فات علیه من النفع علی إشکال و لو توقف السعی علی إجراء ماء ضار لما یمر به من مال الغیر فلا ضمان علیه إن کان الإجراء مستحقاً قبل تعلق حق الغیر بخلاف ما لو کان معه أو بعده و یشترط فی عدم ضمان الساقی و جوازه شرعا أنه لا یزید علی قدر الحاجة و یرجع فیه مع الاشتباه إلی أهل الخبرة و مع اختلافهم إلی الأعدل أو الأکثر مع ملاحظة المیزان مع التعارض بینهما و مع التساوی

ص: 348

یقدم احتمال الضرر علی الأقوی مع احتمال تقدیم عدمه للأصل (و لو انقطع الماء) أو حصلت فیه صفة تمنع من السقی به (لم یجب قطع الثمرة و إن تضرر الأصل بمص الرطوبة) و لکن فی إطلاق الحکم بعدم الفرق بین أن یتضرر صاحب الثمرة بالإبقاء أو لا إعراضاً عن قول الفارق و لا بین کون الضرر لصاحب الثمرة أو النفع العائد مقابلًا لضرر الأصل أو لا، و لا بین کون ضرر الأصل آل إلی تلفه و اضمحلاله أو لا، لا یخلو من إشکال، و حیث یلزمه القطع فهل له المطالبة بالأرش و أجرة المدّة؟ إشکال، و لو أخر بعد الوجوب ضَمِن ما فات علی صاحب الأصل بسبب البقاء، و لو تضرر الأصل باقتطاف الثمرة بعد بلوغها بعارض فلیس لصاحب الأصل المنع مع احتمال ذلک لو زاد الضرر علی ما یفوت من صاحب الثمرة و علیه ضمان التفاوت، أما لو تضررت بالاقتطاف قبل الأوان فله المنع علی إشکال، و لو اقتطفها ثمّ تجددت فإن کان متعلق العقد الموجود منها حینه فالمتجدد لصاحب الأصل و إن دخل فی عموم العقد استحقه المشتری و لیس لأحدهما أن یمنع صاحبه مع عدم تضرره و عدم فوات نفعه عن إصلاح ماله بتلقیح أو تطیین أو ترکیس أو تعکیس أو قطع لزائد و قلع لمفسد و نحوها أو قطع ما یملکه من حطب و نحوه أو تصرف بصعود- و نزول و نحو ذلک و مع التضرر أو فوات النفع یجی ء نحو ما مرّ. (و لو اعتاد قوم قطع الثمار) و نحوها (قبل انتهاء الصلاح کقطع الحصرم) و البسر و القصیل و نحوها (فالأقرب حمل الإطلاق) الواقع بین آحادهم (علیه) تقدیما له علی العادة و العرف العامّین أو الشرعیین و علی نحو ما یقال فی سائر التملکیات فی الأعیان و المنافع و سائر الأعمال من حِرَف و صناعات و عبادات قد استؤجر علیها إلی غیر ذلک و لیس

ص: 349

هذا من تقدیم الحقائق علی المجازات أو المجازات بعض علی بعض و نحو ذلک کما ظُنّ من قبیل تنزیل المعاملات عملًا بقرینة الحال علی مقتضی العادات و لو عیّنا شیئاً اتبع و إن خالف العادة و لو اختلفت العادة عامّة و خاصة و لا ترجیح احتمل البناء علی الناقص و علی الزائد و الإقراع و البطلان و الأول لا یخلو من قوّة و لو اتحدت إحداهما و تعددت الأخری و لا ترجیح کان البناء علی المتحدة و لو کان لکلّ واحد منهما عادة تخصه احتمل تقدیم المخاطب و المخاطب و الإقراع و البطلان و لو اتفقا علی وحدة العادة و اختلفا فی صفة الثمار لتعذر الاختبار قُدّم قول الناقل علی الأقوی و لو کانت العادة علی حال حین العقد ثمّ تغیرت قبل الاستواء فالمدار علی وقت العقد فیرجع بالأرش أو الأجرة للتفاوت و یحتمل اختصاص الرجوع بالبائع و یحتمل إلغاء العادة فلا رجوع و لو حکما بعادة فظهر تقدمها أو تأخرها احتمل الأجرة و الأرش لمن علیه التفاوت و العدم و الفرق بین الحکم علی نفسه و حکم الآخر علیه (و لو ظهر بعض الثمرة) أو اللقطة أو الخرطة أو الجزة (فباعه) مثلًا (مع المتجدد) فی سنة أو لقطة أو خرطه أو جزة ثانیة مضی البیع لوجود المقتضی من العمومات و الإطلاقات و التعلیلات المستفادة من الروایات و عدم المانع، و أما لو باعه مع ما یحدث (فی تلک السنة) أو اللقطة أو الخرطة أو الجزة لمثل ما ذکروا للإجماع صریحاً منقولًا علی وجه التصریح من بعض و بلفظ الظهور أو عندنا أو عدم معرفة الخلاف من آخرین و الاختصاص بالثمار لا تنافی إثبات العموم بتنقیح مناط أو بدعوی الأولویة (صحّ سواء اتحدت الشجرة) و الخضرة أو الزرع أو (تکثرت و سواءٌ اختلف الجنس أو اتحد) لشمول ما مرّ من الأدلة لجمیع الأقسام و ما فی الموثّق من

ص: 350

اشتراط وحدة الجنس لا عمل علیه لما فی سنده من الوهن و لمعارضة الشهرة و مطلقات الأخبار و سواء اتحد المکان و البستان و الخضرة أو تعددت مع اتحاد العقد لنحو ما مرّ و دعوی الإجماع علی المنع فی محل المنع و لیس فی الموثقة ما ینافیه و ینبغی تقیید البادئ صلاحه بالاتصاف بالمالیة و القابلیة فی الجملة لیکون باعثاً علی الإقدام علی المعاملة و سواء اتحد الناقل أو تعدد و إنما یعتبر وحدة العقد و المنقول إلیه و سواء کان بمثله من الثمرة أو بغیره و سواء حمل فی التعبیر عنها أو فصل و لو انفصلت کانت کسائر الضمائم الخارجیة (و یجوز أن یستثنی) بعد التعمیم أو علی وجه الإخراج من الأصل (ثمرة شجرة أو نخلة معینتین) أو حصصاً من لقطة أو خرطه أو جزة معینات لعدم الإبهام فیرتفع المانع و یعمل المقتضی من حکمة أو عموم أو إطلاق عمله و للإجماع مصرحان و بلفظ نفی الخلاف فی الأولیین و بتنقیح المناط فی البواقی و فی حکمه استثناء الغذق و بعض ثمرة الشجرة الواحدة مع التعیین و أما (لو أبهم) المستثنی و لم یعینه باسم و لا وصف (أو شرط) صفة مبهمة کأن شرط (الأجود) أو شرط علیه الأدنی أو المتوسط و لم یتمیز (بطل البیع) للإجماع محصلًا و منقولًا و للزوم الغرر الباعث علی الضرر و یلحق به کل عقد بُنیَ علی المداقة و فی العقود المبنیة علی المسامحات یدور الأمر مدار الخصوصیات لتفاوت المقامات (و) یجوز (أن یستثنی حصة مشاعة) فی تمام المبیع أو فی بعض معین من الثمر أو الملقوط أو المخروط أو المجزوز أو السنین دون بعض (أو أرطالًا) و نحوها (معلومة) بالوزن فیما یوزن أو مطلقاً علی اختلاف الوجهین أو بالکیل فیما یکال مع النسبة إلی المجموع کرطل من مائة من الحاصل حتی یعود إلی الأول و بدونه للأصل المستفاد من

ص: 351

العمومات و الإطلاقات للإجماع محصلًا و منقولًا و مصرحاً و غیر مصرح و نقل الشهرة فیه لا ینافیه و للأخبار نصاً و تقریراً أو یلحق المعدود بهما لوحدة الطریق و للعمومات و ینبغی تقیید الحکم فی الأخیر علی الوجه الأخیر بما إذا ظُنّ بقاء شی ء بعد إخراج المستثنی یصلح للمقابلة بالعوض و بما إذا ظُنّ بقائه من السنة الأولی أو اللقطة الأولی هکذا و بما إذا رأی البادی صلاحه و الصلح ضمه علی مقداره و لو لا قضاء الإجماع المنقول و شهادة الأخبار مع التأیید بکمال الاشتهار لکان فی جمیع أقسام القسم الأخیر ما لم یرجع إلی الأول بحث (فإن اجتیحت الثمرة) الباقیة بعد الاستثناء للمشتری و نحوه بآفة سماویة غیر مستتبعة بضمان المشتری (سقط من المستثنی) فی مقام الإشاعة بقسمیها بالنسبة و إن المتلف المشتری و لو کان التلف مستتبعاً لضمانه کانت کالباقیة فی یده فلا یکون للمشتری مثلًا رجوع علی البائع و کان الذاهب من حقّه خاصة غیر أن له الضرب فی الباقی بنسبة حصته و غرامة عوض التالف من مثله و لو من خارج المبیع و لو کان من أجنبی فلهما الرجوع علیه کل بحصته و لو اختلفت جهات التلف عمل فی کل جهة بحسبها و لا یسقط فی استثناء النخلة و الشجرة و نحوها من البائع بشی ء و فی الإشاعة أصالة أو بالأوْل یتوزع التالف (بالنسبة) و لو استثنی الصوع من دون قرینة الإشاعة أمکن بناءه علی مسألة أرطال من الصبرة و حیث کان الأقوی هناک المضمونیة علی البائع و لو لم یبقَ سوی المبیع کان الحکم کذلک هنا و یمکن الفرق بین المقامین بالتفاوت بین حکم الابتداء و حکم الاستثناء أو بین النقل و الإبقاء و یحتمل الفرق بین المسألتین بفرض الأولی فیما قبل القبض بخلاف الثانیة و فیه بحث (و لو احتیجت الثمرة بعد الإقباض و هو التخلیة

ص: 352

هنا) أو مطلقاً علی اختلاف القولین و سیجی ء تحقیقه (أو سرقت) و لم یکن فی ضمان البائع (فهی من مال المشتری) لوصول الحق إلیه و حصول التلف فی یده (و لو) لم یکن استثناء أو (کان) و کان تلف الجمیع (قبل القبض) بوجه لا یکون مضموناً علی المشتری مثلًا أو بعده مع اختصاص الخیار به (فمن البائع) أو مطلق الناقل (و لو تلف البعض) کان حکم التالف ما مرّ و (أخذ) المشتری (الباقی بحصته من الثمن) إن شاء (و له الفسخ) لتبعیض الصفقة علیه و لا فسخ للبائع لمضمونیته علیه (و لو أتلفه أجنبی) بوجه لا یترتب فیه ضمان علی البائع (تخیر المشتری بین الفسخ) فیرجع الثمن إلیه و لا یکون له بحث مع المتلف بنحو رجوع المشتری (و) بین (إلزام المتلف) بالثمن مثلًا أو قیمة (و الأقرب إلحاق البائع به) و کل ناقل متلف لمساواته للسابق فی التلف قبل القبض فیسلط المشتری علی الفسخ دفعاً للضرر و فی إن الأصل بقاء العقد علی صحته فله امضاؤه علی حاله و المطالبة بعوض ماله (و إتلاف المشتری) أو نحوه قبل القبض (کالقبض) الواقع منه لأصالة لزوم العقد و عدم سلطان المشتری علی البائع فیلزم الحکم به ما لم یقم دلیل علی نفیه و من أراد معرفة الأقسام لیتبصر فی متعلقات الأحکام فلیعلم أن التلف إما من الناقل أو المنقول إلیه أو أجنبی أو أمر سماوی أو ما ترکب من اثنین منها أو ثلاثة أو أربعة فهذه خمسة عشر ثمّ إما أن یکون التالف بعضاً أو کلًا قبل القبض أو بعده للکل أو البعض عن إذنٍ أو بدونه فی عقد لازم و جائز بالأصالة أو الخیار عن سبب أو شرط للناقل أو المنقول إلیه أو لأجنبی أو ما ترکّب من ذلک مشروط فیه الضمان أو عدمه أو خالٍ عن الشرط إلی غیر ذلک من الأقسام و یظهر حکم الجمیع مما مرّ أو لداعٍ

ص: 353

یُعرَف بأدنی نظر. (و لا یجب علی البائع السقی) للثمرة أو ناقل آخر لها من ملّاک الأصل ملکاً لا یجب له القیام لحفظ أصوله القیام بما یحفظها أو یصلحها من السعی و الحفظ و التلقیح و التطیین و الرکس و قطع الأطراف و شقّ الأرض و قطع الخلیط من النبات و وضع ما یمنع الحرّ و البرد و التراب و الحیوانات المؤذیات و نحو ذلک لا بمباشرة عمل و لا بذل مال (بل) إنما یجب (التمکین منه مع الحاجة) عرفاً و فی إلزامه بما یتوقف علیه حفظ الأصول کإلزام مؤجر الدار و الدابة و السفینة و الحیوان أو الأمة المصالح علی ما فی بطنها و نحو ذلک و إن ترتب التلف علی سلطان الفسخ إشکال و لا یخلو القول بلزوم ذلک استناداً إلی فهم الشرطیة منه (فلو تلفت) بعد الإقباض (بترک السقی) و نحوه (فإن لم یکن قد منع فلا ضمان علیه) للأصل بمعانیه (و إن منع) لا لمعارضة نفعه أو دفع ضرره من سقی أو غیره من أسباب الحفظ فتلفت أو نقصت (ضمن) کما لو منع صاحب الثمر صاحب الأصول و منع أجنبی أحدهما فإن المانع بجمیع أقسامه ضامن بالمثل أو القیمة علی ما یقتضیه الحال کما یضمن المانع عن إصلاح الدار حتی انهدمت و من سعی الحیوان حتی مات من العطش و عن الانتفاع بمأکول أو مشروب أو ملبوس حتی أفسده المکث إلی غیر ذلک (و کذا لو تعیبت) بمنعه عن شی ء مما مرّ أو قصرت عن بلوغ وصف یکمل نفعها و یزید قیمتها فإنه یضمن تفاوت الحالین کما یضمن نقصان العین و فی حدیث الضرار ما یغنی فی البین و لو أدی ذلک إلی طول الزمان فترتب علیه من جهة السوق بعض النقصان لم یترتب علیه الضمان و لو أتلف أحدهما ما للآخر أو عابه علیه بمباشرة ماله لإصلاح أو دفع فساد فلا ضمان و لو ترتب الضرر الخطیر لإصلاح ضرر یسیر

ص: 354

احتمل التضمین أیضاً فیلحظ المیزان علی إشکال و لو منع أحدهما صاحبه عن الوصول إلی ماله لخوف خیانة أو نمیمة أو سعی إلی ظالم و کل غیره ممن لا یخشی ضرره فإن امتنع عن ذلک نصب الحاکم قیّماً عنه فإن تعذر ذلک عُذِر المانع فی منعه. (و یجوز) من غیر تحریم و لا فساد (بیع الثمرة و الزرع) و نقلها بأی ناقل کان (بالأثمان و العروض) و بهما معاً عملًا بالإجماع المحصل و عمومات الکتاب و السنّة و الإجماعات المنقولة و خصوصیاتها.

المزابنة

(إلا) خصوص البیع فی خصوص (بیع) خصوص ثمرة النخل فی رءوس الأمهات فإنه لا یحلّ و لا یصح مطلقاً أو خلالًا أو بلحاً أو بسراً أو رطباً أو تمراً أو قسباً أو شیصاً أو معافارة أو أم جعرور من دون تعمیم لباقی العقود و لا لباقی الثمار اقتصاراً فیما خالف الأصل المستفاد من عمومات الکتاب و السنّة علی محل النص و الإجماع المحصل و لا تخصیص فی المنع لثمر النخل بخصوص (التمر) خلافاً لکثیر من العبارات لاستفادة عموم المنع من الروایات و الإجماع المنقول من بیع ثمرة النخل (بالتمر) أو شرائها به أو بغیره من ثمرة النخل بعد بلوغ حدّ الاستواء من الرطب و غیره فی وجه قوی. أما ما کان من البسر فما دون فلا بأس به فی وجه قوی من دون تقیید بکونه منها عملًا بعمومات المنع فی الأخبار و الإجماع المنقول و فی دخول ما کان من الضمیمة من جانب أو جانبین تحت عموم المنع وجهان و الأقوی أن المنع تعبدی لا للزوم الربا و الجهالة لأن الثمرة ما دامت لم تقطف لا تدخل فی وزن و لا کیل (و) تلک المعاملة التی (هی) عبارة من بیع التمر علی رءوس النخل لا خصوص

ص: 355

الرطب و لا مطلق الثمار فی الشجر بخصوص التمر لا مطلق الثمرة و لا مطلق ثمرة النخل کما هو المشهور و دلّ علیه الإجماع المنقول و الأخبار و ما فیه مخالفة لذلک مؤوّل.

(المزابنة): من الزبن و منه الحرب الزبون و هو الدفع لدفع البائع عن نفسه معالجة الثمرة و المشتری یدفع البائع عن السلطان علیها و هو معنی شرعی لا یوافق اللغة و لا العرف ففیه کلفظ النکاح و الخلع و الربا و الاحتکار و نحوها شاهد علی ثبوت الحقیقة الشرعیة و لیس لطول البحث فی بیان معنی المزابنة بعد ظهور المراد فی متعلق الحکم کثیر فائدة (و إلا) بیع سنبل (الزرع) قائماً و حصیداً سلیماً و مخالفاً لا مطلقةً وفاقاً لما فی أکثر العبارات للأصل و منقول الإجماعات و بعض الروایات و ما فی بعض الروایات و العبارات مما یخالفه معارض بأقوی منه بشرط انعقاد الحب للأصل المذکور و لأنه بدونه یکون علفاً کسائر النباتات کما قیل (بالحب) مطلقاً فی أکثر العبارات أو لخصوص الحنطة کما فی بعض العبارات و هو مدلول الروایات و نُقِل فیه الإجماع و أوفق بکلام أهل اللغة و لعله الأقوی لا بقید کونه منه کما قیل و إن کان أولی بالمنع لما ذُکِر (و) هذه المعاملة (هی المحاقلة) من الحقل محل الزرع أو الزرع نفسه فیشبه إطلاق الحال علی المحل و یلتحق بالمجاز المرسل و لو جعل عبارة عن اکتراء الأرض بالحنطة أو المزارعة علی الربع أو الثلث أو أقل أو أکثر أشبه بالاستعارة و فسرت المحاقلة بهذین المعنیین أیضا و بیع التمر بالرطب و الزبیب بالعنب و بیع التمر بالزبیب و الکل من المعانی النادرة علی الظاهر و لیس المنع منوطاً بصدق الاسم لتصریح الأدلة من إجماع و غیره لمنع بیع السنبل بالحنطة و المراد علی الظاهر ما کان بعد الانعقاد

ص: 356

حباً مع التقیید بکونه منه و بدونه سمّیَ محاقلة أو لا کما أنه لیس من منوطاً بحصول ربا أو لزوم جهالة لمثل ما مرّ لحکم المزابنة و قد ظهر مما مرّ أن المنع إنما هو فی بیع سنبل الحنطة بعد انعقاد الحب بحنطة منه أو من غیره (و) أما (لو اختلف الجنس) أو اتحد و لم یکن حنطة بحنطة (جاز کما لو باع زرع حنطة بدخن) و شعیر و إن کان مجانساً لها فی الربا للأصل و شهادة الإجماع بجواز بیع مختلف الجنس بعض ببعض و فی بیع المخلوط بالسنبل حنطة بغیرها بحنطة خالصة أو مخلوط و لم یغلب اسم الحنطة علیه وجهان أقواهما الجواز خصوصاً مع غلبة اسمه علی اسمها، و لو شُکَّ فی صدق اسم الحنطة فالعمل علی أصل الجواز (و هل یسری المنع) مع حصول شرطه من ثمرة النخل (إلی ثمرة الشجر؟ الأقرب) خلاف (ذلک) للأصل و لأن المنع أما للجهالة و لا جهالة لعدم اعتبارها بالوزن و الکیل قبل الجزاز و إلا لم یجز بیعها بنقد أو عوض مطلقاً، و أما (لتطرق الربا) و لا ربا لمثل ذلک و ما دلَّ علی منع بیع الرطب بالتمر مع تسریة العلّة فیه ظاهر فی المجزوز أو مخصوص به لما دلّ علی نفی الربا فی غیر المکیل و الموزون مع أن بیع التمر بالتمر و الرطب بالرطب ظاهر الحدیث جوازه (علی إشکال) ینشأ مما مرّ من قضاء ظاهر العلّة و دعوی الشهرة علی المنع و یجری الکلام فی الزروع و الخضر و غیرها مما یکال أو یوزن و لو بیع مجزوز بمجزوز لوحظت الزیادة حین المعاملة أو فی الآخرة مع العمل بالعلّة (و الأصح عدم اشتراط کون الثمن من المثمن و استثنی من) القسم (الأول) و هو بیع التمر بالتمر أو النخل باعتبار الثمرة و الثمرة نفسها (بیع العرایا) علی الأول و نفسها أو ثمرتها علی الثانی و الثالث جمع عریة- فعیلة- من العرور و هو الحلو أو الهبة أو الإتیان أو من

ص: 357

العاریة أو العراء و الوجه فی الجمیع واضح (فإنه یجوز بیع العریة) إجماعاً تحصیلًا و نقلًا عن جماعة و للأخبار القاضیة علی أخبار المنع عن المزابنة بالتخصیص و قد یلحق به باقی العقود و بطریق الأولویة متعددة فی المکان المتعدد و متحدة (و هی النخلة) دون غیرها من باقی الشجر و إن ساواها فی الجواز (التی تکون فی دار الإنسان أو بستانه) کما نسب إلی اللغة و نقل فیه الإجماع لا عن مطلق النخلة المعارة للأکل و لا عن النخلة فی بستان غیره یشقّ الدخول إلیها و لا عن النخلة المعزولة عن المساومة عند بیع النخل و لا عن النخلة المعراة التی أکل ما علیها و لا عن النخلة فی خصوص الدار و لا عن النخلة تکون للإنسان فی ملک غیره و لا التی یعزلها صاحبها محتاجاً و لا التی فیما یعمّ الدار و البستان و القصر و الخان و البزارة و الدباسة (بخرصها تمراً) لا رطباً و نحوه مما یدخل فی حکم المزابنة فی أقوی الوجهین و أقوی الخرص الواقع أو خالفه عملًا بالإطلاق و موافقةً للشهرة بقسمیها مطلقاً أو مقیداً بکونه من غیرها (لا) مقیداً بکونه (منها) علی الأظهر و الأشهر تحصیلًا و نقلًا أخذٌ بالمتیقن فیما خالف الأصل و تحرزاً عن الدور و اتحاد العوضین کلًا أو بعضاً و وحدة مالکهما کذلک ففیما دلّ علی استثناء العریة أبْیَن شاهد علی تحریم المزابنة إذ لولاه لم یبق للاستثناء وجه. (و لا یجوز) بیع علی مع (ما زاد) (علی) ثمر (الواحدة مع اتحاد المکان و یجوز) بیع الأفراد المتکثرة منها مع (تعدده) کما یجوز مع وحدتها و تعدد الملّاک لها أو لمحلها و مع تعلق الشراء بکلّها أو بعضها علی إشکال (و لا یشترط التقابض فی بیع العریة قبل التفرق) عملًا بإطلاق الرخصة مع التأیید بظهور نقل الإجماع (بل) یشترط مجرد (الحلول فلا یجوز أسلاف أحدهما فی الأخر) لأن إطلاق

ص: 358

العقود و الإذن لها إنما ینصرف إلی الحلول و مجرد الشک کاف فی نفی الحکم المخالف للأصل.

(فروع):-
الأول: [لا یجب التماثل فی الخرص بین ثمرتها عند الجفاف]

(لا یجب التماثل فی الخرص بین ثمرتها عند الجفاف و) بین ما جعل (ثمنها) فلا مانع من ظهور النقص فی أحدهما و زیادة الآخر علیه عملًا بإطلاق الأخبار و کلام الأصحاب و استصحاباً للحکم الظاهر فی الصحة بناءً علی احتمال الکشف الواقعی بناء علی الانفساخ من الظهور (و لا یجوز التفاضل عند العقد) المنافی لحقیقة الخرص و ظاهر الأخبار.

الثانی: [لا تثبت العریة فی غیر النخل]

(لا تثبت) حکم (العریة) و لا موضوعها (فی غیر النخل إن منعنا بیع ثمر الشجر بالمماثل) فیها بما یکون من غیرها، أما لو خصصنا بما کان منها استوی الجمیع فی المنع و لو منعنا البیع للربا أو الجهالة جری فی باقی الثمار أیضاً إذ لا وجه لاستثناء ما عدا النخلة لعدم النص فیه.

الثالث: [یجوز بیع العریة و إن زادت علی خمسة أوسق]

(یجوز بیع العریة و إن زادت علی خمسة أوسق) عبارة عن ثلاثمائة صاع- ألفین و سبعمائة رطل بالعراقی- للعموم المستفاد من أخبار الباب و إجماع الأصحاب و دعوی أنها إذا بلغت هذا المقدار ساوت نخیلًا عدیدة فی المحلّ الواحد أو أنها تتعلق بها الزکاة فتتعدد الشرکاء أو أنها بذلک تدخل فی الأفراد النادرة فلا یدخل فی العموم أو أنها یعظم أمرها علی مالکها فتلزم المشقة العظیمة ظاهرة المنع.

الرابع: [إنما یجوز بیعها علی مالک الدار أو البستان أو مستأجرهما]

(إنما یجوز بیعها علی مالک) عین (الدار أو البستان أو مستأجرهما) أو مالک منفعتهما بوجه آخر لازم أو جائز أو المستعیر (أو مشتری ثمرة البستان) أو مالکها بوجه آخر (علی إشکال) فی أصل الحصر

ص: 359

فیکون میلًا إلی الرخصة فیما عدا المذکور و فیه بعد أو فی الأخیر لحصول الضرر علیه من جانب و من شبهة بالمستعیر و موافقة الأصل من جانب آخر فقد ظهر مما مرّ أن لجواز بیعها شروط کثیرة منها کونها نخلة و وحدتها و وحدة مکانها و کونها فی دار أو بستان و بیعها لا بشرط الکون منها و حلول الثمن بتمامه و اعتبار المساواة حین العقد و کون الثمرة تمراً لا رطباً و نحوه مما یلحقه حکم التمر فی المزابنة و معلومیّته قدراً و وصفاً کما سیجی ء و کون المشتری مالکاً أو مستأجراً أو مشتریاً لما عداها من الثمرة علی إشکال تقدم وجهه و کون المالک لها غیر شریک فی الدار أو البستان و کون البستان و الدار محجوبتین عن المارة و کون مالکهما لا یستحق دخولهما بوجه آخر و کونه لا ولایة له علی مالکهما و کون دخول صاحبها لیس فیه صلاح لهما و کون ثمرتها غیر مائلة عن حدود الملک بحیث یمکن قطفها من خارجها و کونه قریب المکان منهما مثلًا بحیث یخشی تردده فیهما و فی اشتراط عدم کره الشرکاء فیها و فیهما وجه و مبنی کثیر من هذه الوجوه علی کون الحکمة فی الرخصة دفع الضرر عنهما.

الخامس: [لو جاء بعقد مبنیّ علی المداقة کأن قال مثلًا بعتک هذه الصبرة من الغلة]

(لو) جاء بعقد مبنیّ علی المداقة کأن (قال) مثلًا (بعتک هذه الصبرة من الغلة أو الثمرة) أو نحوهما مما یدخل فی قسم المکیل أو الموزون أو نحوهما (بهذه الصبرة) مما ذکر (سواء بسواء) مع إرادة التقدیر دون التعدیل (فإن عرفا) معاً (المقدار) فیهما معاً (صح) العقد (و إلا بطل و إن تساویا عند الاعتبار) لأن المدار علی المعرفة حین العقد لا حینه (سواء اتحد الجنسان أو اختلفا) إذ لیس المنع من جهة الربا حتی یختلف معه المتحد و المختلف و لو أُرید مجرد التعدیل أعنی بیع المساوی

ص: 360

بمساویه وزناً و نحوه من غیر علم بکمیته فإن أُرید بالسواء التمام بالتمام مع عدم العلم بالمساواة فلا ریب فی البطلان و مع العلم بها أو إرادة تمام ما حصل به التساوی من الطرفین ففیه وجهان و الأقرب البطلان إذ لیس المنع فی الجهالة دائراً مدار الإبهام و إن کانت به حکمة المنع کما فی قصر المسافر و لما کانت من شأنها ترتب المانع و هو الغرر علیها عمّ الحکم بالنسبة إلیها و لذلک کان الأقوی منع البیع بربح المعاملة و إن لم یکن فیه غرر و لا ترتب ضرر و فی تتبع ما دلّ علی منع بیع المجهول من غیر تفصیل أبْیَن شاهد و أوضح دلیل.

السادس: [یجوز ان یتقبل أحد الشریکین بحصة صاحبه]

(یجوز) و یصح إجماعاً و المخالف غیر مخلّ (أن یتقبل أحد الشریکین) أو الشرکاء أو المتعدد منهم (بحصة صاحبه) أو حصص أصحابه أو ببعض منها (من الثمرة) تمراً أو غیره بالغاً حد الانتفاع أو لا مع تمیز یرفع الجهالة و قدرة علی التسلیم إلی غیرهما مما یعسر فی سائر العقود اللازمة بعد تقبیلهم إیاه بصیغة القبالة مشتملة علی إیجاب و قبول ماضویین متصلین مترتبین إن أرید العقد للأصل و ما یظهر من تتبع کلماتهم فی سائر العقود و یقوی الاجتزاء بمطلق العبارات أو الأفعال المفیدة للمعنی مع قصد المعاطاة (بشی ء معلوم منها) جامع للشرائط المعتبرة فی العقود المبنیّة علی المداقة من البیع و نحوه موافق للمظنون من المقدار أو مخالف و إن کان الأول أوفق بالاحتیاط مقیّد بکونه منها لا مطلقاً و لا مقیّد بالکون من غیرها کما هو المشهور عملًا بظاهر الأخبار من الصحیح و غیره فلا منع بعد ذلک من جهة اتحاد العوضین أو المالکین و الدور بحکم الشرع یصیر معیّاً و إنما یصح العقد علی سبیل القبالة (لا علی سبیل البیع) فلا تدخل فی المزابنة حیث تتعلق بالنخل علی اصح

ص: 361

الرأیین و لا یتمشی فیها خیار مجلس و لا شرط بُدُوّ صلاح و لا شفعة بناء علی جریانها فی کلّ مبیع و لا جواز بیع سنین و لا غیرها من أحکام البیوع و لا علی سبیل الصلح حتی یغتفر فیها بعض ضروب الجهالة و لا الهبة المعوضة حتی یغتفر فیها ذلک و یتوقف الملک علی القبض و لا غیرها من العقود بل هی أصل برأسه علی أصح الآراء و نُسِب إلی ظاهر الأصحاب فلو جی ء بها علی إرادة قسم من العقود خاص أو مطلق فیها و فی غیرها أو إرادة الحصة مطلقاً أو مقیّدة بالکون من غیرها و لم یدخل فی مسألة العریة کما هو الأقوی أو خالیة عن الإیجاب و القبول علی النحو المقبول بطلت أو رجعت إلی المعاطاة، ثمّ إنْ نقصت عن وجه القبالة للاشتباه فی الخرص أو تلفت بإتلاف متلف کلًا أو بعضاً فالنقص علی المتقبِّل و إن زادت فله الزائد للأصل و ظاهر الأخبار و کلام الأصحاب أما لو کان بآفة سماویة ففیه وجهان أقواهما عدم الضمان علی الأخذ أخذاً من مفهوم القبالة فیفسخ العقد أو یتخیّر علی إشکال و فی إجراء حکم خیار التبعیض أو الوصف فی تلف البعض وجه قوی و حیث کان علی خلاف الأصل لزم الاقتصار علی ما یدخل فی اسم الثمار دون غیرها من زرع أو غیره و هو عقد لازم للأصل و ظاهر الفتوی و الروایة فلا یجری فیه من الخیار إلا ما کان مُشْتَرَطاً أو مبنیّاً علی حدیث الضرار من خیار عیب أو غبن أو تدلیس أو وصف أو نحوها و لو قُبّل ما یصح تقبیله کالثمرة و ما لا یصح کالزرع و نحوه صح فیما صح و فسد فیما فسد و یثبت خیار التبعیض بمعناه المتعارف للجاهل و یجری فیه الفضولی جریانه فی غیره و لو قَبّل من حصته بعضاً و باع بعضاً و وهب آخر صحّ الجمیع کیف ما کان الترتیب و یجوز دور الترتیب و ترامیه کلًا

ص: 362

و بعضاً (و) لا مانع من (أن یبیع الثمرة) و نحوها أو ینقلها بأی ناقل کان (مشتریها) أو متلقیها بأی تلقٍّ کان (بزیادة أو نقصان) کما فی غیرها من المثمنات و الأثمان للأصل و نقل الاتفاق فی البیع و یلحقه غیره بطریق التنقیح أو غیره (قبل القبض و بعده) لقضاء الدلیل بالعموم و إن شرطنا بعدیّة القبض فی بیع المکیل و الموزون لخروجه عن اسمهما و مع فرض الدخول یکون خارجاً بالإجماع و الروایة (و لو اشتری) أو تملک بنحو آخر (لقطة من الخَضراوات) بفتح الخاء أو خرطة من الخرطات أو جزّة من الجزات (فامتزجت بالمتجددة) المملوکة لمالک الأصل (من غیر) إمکان (تمییز) من دون إهمال المشتری و نحوه مطلقاً و مع إهماله من دون امتناع قبل القبض (فالأقرب) مطلقاً أو (مع مماحکة) و العربی مماحکة (البائع) و نحوه عبارة عن لجّة و مداقته (ثبوت الخیار للمشتری) و نحوه بحدیث الضرار (بین الفسخ و الشرکة و لا خیار) مع عدم المماحکة کما (لو وهبه البائع) الخلیط (علی إشکال) ینشأ من ثبوته لثبوت سببه فیستصحب و الهبة منه لا یجب قبولها و من ارتفاع الضرر بالهبة و الأول أقوی و لو امتنع عن القبض فلا خیار له و لو شُکّ فی الامتزاج نُفیَ بالأصل و لا طریق بعد تحقق الامتزاج سوی التخلص بالصلح بعین أو ثمن کسائر الأموال بین الملاک إذا امتزجت و تعسر تمییزها.

السابع: [یشترط فی الثمن الذی یشتری به ثمرة العریة العلم بالکیل أو الوزن]

(یشترط فی الثمن الذی یشتری به ثمرة العریة) إن لم یکن جملًا فی رءوس النخل أو مطلقاً علی اختلاف الوجهین کغیره و من الأعراض المکیلة أو الموزونة، (العلم بالکیل أو الوزن) لأن التمر یباع بهما معاً (و لا تکفی المشاهدة) و لا الخرص و لا العدّ و هو ظاهر.

الثامن: [لا یجوز بیع ما المقصود منه بتمامه مستوراً]

(لا یجوز بیع) و لا شراء تمام (ما المقصود منه) بتمامه

ص: 363

(مستوراً) و أنّ ظهور غیر المقصود منه (کالجزر و الثوم) و الشلجم أو ببعضه کالبصل و الفجل و السلق و لا نقله بعقد مبنیّ علی المداقة (إلا بعد قلعه و مشاهدته) أو وصفه أو کیله أو وزنه أو عدّه علی حسب حاله للزوم الغرر بدونه و لا بأس ببیع و شراء ما المقصود منه بارز و إن کان غیر المقصود منه مستور کالشجر غالباً و الخضر و نحوها (و لو اشتری الزرع) و نحوه مما کان أصله غیر مقصود (قصیلًا مع أصوله فقطعه) و أبقی الأصول (فنبت فهو له) لأنه نماء ملکه و کذا کل أصل لم یعرض عنه مالکه فهو له (أما لو لم یشترط الأصل) أو استثنی فی البیع (فهو للبائع و لو سقط من الحب المحصود) أو تخلف من الحب بعد الحصاد أو تناثر من الحب المجهول فی الأرض شی ء (فنبت فی القابل) أو قبله أو بعده من دون اعراض أو مطلقاً بناءً علی عدم تأثیره و لم یشترط فی عقد لازم انتقاله (فهو لصاحب البذر لا الأرض) سواء سقی من مائها أو من غیره و توهم التثلیث من جهة کون الزرع من الماء و التراب و الحب مردود ببناء الأحکام علی الظواهر العرفیة دون الدقائق الحکمیة و لو کان الأصل مشترکاً تبعه الفرع و لو تعددت ملّاک الأصول و جهل الخارج أو کان من بعض أصول و من غیره بذر و جهل النابت فإن اشترکت الأرض بینهم أو خرجت عنهم حکم بالشرکة و إن اختصت بأحدهم احتمل ذلک و اختصاص صاحب الأرض و لو ربّاه غیر مالکه کان متبرعاً و لا أجرة له و لو کان صاحب الأرض و لو رباه مالکه استحقت علیه أجرة مثل الزرع فی مثل ذلک و فی تربیة غیره من مالک أرض أو غیره أو من قبل السماء یستحق علیه أجرة الأرض علی الأقوی فیهما و لو أراد المالک القلع لیسلم من الأجرة کان له ذلک و علیه طمّ الحفر و دفع الضرر و لو

ص: 364

امتنع عن بذل الأجرة أو بذلها لصاحب الأرض فلم یقبل کان علی صاحبها القلع و طمّ الحفر و دفع الضرر و إن امتنع استأجر عنه الحاکم من یقلع و یدفع و لو شکّ فی الإعراض و عدمه أخذ بمقتضی العادات فإن اختلفت بنی علی عدم الإعراض.

الفَصْلِ الثالث: فی بیع الصرف

و هو القلب و التحویل و الوزن و التعدیل و علقة النقل واضحة (و) فی الشرع أو عند المتشرعة (هو) خصوص (بیع الأثمان) من ذهب أو فضة أو منهما (بمثلها) کذلک مسکوکة أو لا منفردة أو منضمة إلی غیر ملحوظ متصلًا کما فی المغشوشة أو منفصلًا علی إشکال دون غیره من سائر العقود و دون مالک بالشرط و دون غیرها من الأجناس و إن قامت مقام النقود کالدراهم السود فما شُکّ فی إطلاق اسم البیع علیه کالمعاطاة و نحوها و فی اسم الثمن کبعض أفراد المغشوش شُکّ فی حکمه و رجع فیه إلی الأصل (و شرطه) فی ترتب المالک أو بقاء صحة (التقابض) عن إذن کلّ من المتصرفین لصاحبه بین المتعاقدین مالکین أو نائبین أو مختلفین متصرفین أو غیر متصرفین قبل التصرف الناشئ عنهما أو عن أحدهما (فی المجلس) و المکان الذی انتهی به العقد کائناً ما کان تقاربا فیه أو تباعدا (و إن کانا موصوفین) فی الذمة (غیر معینین) أو مختلفین لقضاء الدلیل بالعموم فی البین و فی الأخبار الصحیحة المعتبرة و غیرها من المنجبرة بنقل الاشتهار من جماعة علی أطوار بلفظ المشهور أو الأشهر أو عامّة من تقدم و تأخر عدا من شذّ و ندر و بنقل الإجماع صریحاً علی البتّ أو ظهوراً أو بلفظ ربما أو بنفی الخلاف مع عدم الاستثناء أو مع استثناء فقیه واحد أو بانعقاد عمل الأصحاب أو

ص: 365

متروکیة قول المخالف علی اختلاف العبارات فالمخالف من القدماء و إن کان صدوقاً لا یُخلّ بالإجماع خلافه و إن تبِعه المقدس و صاحب" البشری" و" الکفایة" و التشکیک فی دلالة الأخبار بعدم الصراحة فی الاشتراط و إن أفهمت ترتب الإثم و عدم ظهور یداً بیَد فی اعتبار المجلس و إن ما أحب ظاهر فی الاستحباب و أصالة الصحة و معارضة الأخبار مردود بإجماع الأصحاب و فهمهم من الأخبار ذلک مع وجود الصریح منها فی المطلوب و حیث اعتبر البیع فی معناه لم یجرِ حکمه فی باقی العقود من صلح أو هبة معوضة و نحو ذلک. و لو وقعت صیغة مشترکة بین البیع و غیره کملّکت و ظهر القصد اتبع، و مع الإطلاق یجری فیه حکم البیع بناءً علی أصالته، و لو اختلف القصد و قلنا بصحة مثله احتمل صحته صرفاً أو غیر صرف و بطلانه و لو اختلفا فی أصل العقد هل هو مما یتوقف علی القبض أو لا؟ قوّی تقدیم قول النافی مطلقاً أو المثبت کذلک أو تقدیم النافی إن کانت الدعوی قبل التفرق و المثبت بعده و فی الفرق بین وضع الید و عدمه وجه و فی اعتبار النیّة إشکال و علی اعتبارها بزعم أنه جنس مستحق لا نقد فلا یکون قبضاً فظهر أنه النقد المتعلق للصرف اتحد الوجهان و کذا لو قبض علی أنه أجرة أو جعل أو هبة أو عوض أو غیرها فظهر کذلک أما لو قبضه علی أنه عاریة أو ودیعة أو رهن أو نحوها فلا ینبغی الشکّ فی عدم تحقق القبض (و التساوی قدرا مع اتفاق الجنس) فلا یصح مع التفاوت فیه لدخوله فی الموزون القاضی بدخوله فی الربا الجاری فی البیع قولًا واحداً و للأخبار المعتبرة فی نفسها الموافقة للإجماع محصلًا و منقولًا بلفظه الصریح أو بنفی الخلاف إلا من ابن عباس و المشکوک تساویه کالمعلوم الاتفاق (فلو

ص: 366

افترقا) عن محل تمام العقد (قبله) بالأرواح علی إشکال أو بتمام الأبدان بالجزء الذی بقیت به الروح حیث یعدّ تفرق عرفاً عن حرکتهما معاً أو عن حرکة أحدهما اختیاراً أو اضطراراً من أحد الجوانب أو العلو و الهبوط بمقدار خطوة فما زاد کما فی أخبار المجلس من الخطأ المتعارفة کما صرح به بعضهم لیصدق عرفاً إذ لو بُنیَ علی التفرق الحکمی أو اللغوی لم یصحّ صرف غالبا خصوصا من الماشیَین و قد یراعی فی کل خطوته علی بعض الوجوه (بطل) و لا عبرة فی الافتراق بالکلام أو بالإدراک لعروض جنون أو نوم أو إغماء و لو استطال مکان العقد لحصوله حال العدو فعاد أحدهما بعد التمام إلی بعض المسافة دون الآخر حصل الافتراق و لو تکثّرت الخطأ علی وجه الاستدارة فلا افتراق و لو تعذرت الافتراق لوحدة العاقد عن الجانبین أو لکونهما مجتمعین علی حقو واحد استمر وقت القبض و لو جوزنا اشتراک العاقدین فی العقد الواحد أغنی تفرق أحدهم کأن یقول أحد الوکلاء: بعتک یا زید، و یقول الآخر: یا عمر و هکذا، أو یقول: بعتک الدرهم و الآخر الدینار، فیقول المشتری: قبلت، و یحتمل إعطاء کل حکمه و لو اختلفا فی التفرق و عدمه قُدّم النافی و لو تعددت العقود من الوکلاء المتعددین دفعة أجزأ بقاء موجب واحد و قابل (و لا یتحقق الافتراق مع مفارقة المجلس مصطحبین) إجماعاً و للأخبار (و لو) وکّلا فی القبض و (قبض الوکیل قبل تفرقهما) أو لم یوکّلا فقبض الفضولی و تقدمت الإجازة علی التفرق أو تأخرت عنه علی القول بالکشف و فی اعتبار الإجازة فی مجلس العقد علی القول بالنقل فلا تجزی لو وقعت بعد التفرق و القبض فی مجلس الإجازة أو البطلان مطلقاً وجوه (صح) و (لا) یصح (بعده و لو قبض)

ص: 367

بعض من لهم ولایة القبض (البعض) و قبض الباقون الباقی صح فی الجمیع و لو اختص القبض ببعض مورد المعاملة (صح فیه) و فیما یعادله (خاصة) لوجود المقتضی فیه و ارتفاع المانع و قد سبق فی غیر هذا المقام لبعض المقدسین کلام و یتخیر کل منهما فی الفسخ للتبعیض حیث یکون التفرق قهریاً أو عن عذر و هل یکون للذاکر المختار خیار؟ إشکال و لو زاد مقبوض أحدهما علی مقبوض الآخر صح علی النسبة فی غیر المتجانسین و کذا فی المتجانسین علی الأقوی و الإتلاف من أحدهما لما فی ید صاحبه قبض علی إشکال و لو وکّل أحدهما صاحبه علی القبض فنواه عنه أجزأ علی إشکال و لو ترادا ما قبضا من غیر فسخ العقد کانا قرضاً و صح الصرف و فی صحة فسخ القبض لیحتاج إلی إعادته قبل التفرق و قضائه ببطلان العقد بعده احتمال مبنیّ علی إجراء حکم الفسخ فی مثله و کونه کشفاً (و لو) باعه ثمناً من الأثمان کائناً ما کان عیناً أو ذمة و (اشتری) به (منه دراهم) کذلک لا بغیر البیع من العقود و لا ناقلًا لما عدا الأثمان و النقود لیتم الصرف المتوقف علی القبض (ثمّ اشتری بها) منه أو من غیره نقداً آخر معیناً أو فی الذمة من دراهم مخالفة لها فی الاعتبار لیرغب فیه مساویه لها فی المقدار أو فضة من غیرها أو ذهباً غیر مسکوک أو مسکوکاً (دنانیر) أو غیرها أو غیر نقد (قبل قبض الدراهم) و قبل التفرق قیل فی المشهور نقلًا من بعض و فی قول الأکثر من آخر و لعل الشهرة محصلة غنیة عن نقل النقلة (بطل الثانی) خاصة إذ لا بیع إلا فی ملک و لا ملک قبل القبض و لعدم جواز بیع المکیل و الموزون قبل القبض و لمنع بیع الدین بالدین و فیه أنه راجع إلی الإذن فی القبض لبناء فعل المسلم علی الصحة و أنه لا مانع من بیع المکیل و الموزون قبل القبض

ص: 368

و لا سیما إذا لم یکن طعاماً کما سیجی ء بیانه و أن الحال فی الذمة لیس بدین و لو وکّل البائع فی قبض ما فی ذمته من الدراهم فنواه صحّ علی الأقوی ثمّ إذا کانت الدراهم معیّنة کان العقد الثانی فضولیا یتوقف علی الإجازة من البائع و فی غیر المعیّنة یحتمل ذلک علی بعد (فإن افترقا) و کان العقدان صرفا (بطلا) و إن اختص الصرف بالشراء الأول اختص به البطلان و کان الثانی فضولیاً و لو خرجا عن الصرف معاً لم یبقَ مانع إلا من جهة بیع المکیل و الموزون قبل القبض أو من جهة بیع الدین و لو دخلا فی أحد القسمین و لو اختلفا فی أن العقد الثانی هل وقع بعد الإقباض فی الأول أو قبله أو فی حصول التفرق و عدمه؟ قُدِّم مدعی الصحة و لو أطلقا صیغة التملیک علی وجه ینطبق علی البیع و غیره و یحصل التفرق قبل القبض تعارض أصل الصحة و أصالة البیع و لو شکّا فی وقوع العقد الثانی بعد الإقباض فی الأول أو قبله تمسکا بالأصل فی صحة فعلهما و نحوه کل شاکّ فی معاملة صدرت منه هل هی صحیحة أو لا فی الأثناء و بعد الانصراف و بذلک تفترق عن بعض العبارات مطلقاً أو فی بعض أحوالها (و لو کان له) علیه شی ء من الذهب (دنانیر) أو غیرها (فأمره) بعد الحصر المتعلق بالتصرف بأموال الناس لصیغة أو ما یفید مفادها فی هذا المقام (بأن یحولها) بنقلها (إلی) فضة من (دراهم) أو غیرها حتی یکون مطلوباً بالمحول إلیه دون المحول و بالثانی دون الأول أو إلی ذهب آخر مساوٍ فی الوزن لغرض ما (أو بالعکس) کما فی الروایة (بعد المساعرة) مع التعیین و مطلقاً مع التفویض فحولها (علی جهة التوکیل) أو الإذن أو الإجازة بعد الفضولی (صح) معاطاةً بمجرد القصد و لو اکتفینا به فیها أو مع القول الخالی عن بعض شرائط العقد أو الفعل أو

ص: 369

بیعاً لازماً إن جی ء بالعقد لانصراف الإذن إلیه (و إن افترقا قبل القبض) فلا مانع إن لم یکن بیع إذ لا صرف أو کان (لأن النقدین من واحد) و قبض الوکیل قبض الموکّل و هو حاصل مطلقاً أو بشرط النیّة من المأمور ثمّ التوکیل و الإذن و إن لم یصرح بهما لکن الأمر بالشی ء و الإذن فیه أمر بمقدماته و إذن فیها (علی إشکال) ینشأ من عدم المانع کما مرّ و من احتمال إن ما فی الذمة لیس بمقبوض لا مع النیة و لا بدونها و لزوم تولّی الإیجاب و القبول من واحد و بیع الدین بالدَین و فی هذا الوجه نظر یظهر مما مرّ. هذا کلِّه مع الرجوع إلی الأصول و القواعد و أما مع الجمود علی الأخبار کالصحیحة علی الأصح عن أبی عمار و مثلها المنجبرة بنقل الشهرة و نسبة ما یخالفها إلی الندرة و عدم معرفة الخلاف أو استظهار ذلک علی اختلاف عباراتهم لزم الاقتصار علی خصوص الأمر بالتحویل للدراهم بدنانیر و مع المساعرة من غیر شرط عقد و لا قبض زائد علی الکون فی الذمة و لا توکیل و لا قصد زائد علی ما تضمنه الأمر اللهم إلا أن یدعی تنقیح المناط فی تبدیل الأمر بما یقوم مقامه و التحویل بالجعل و النقل و التبدیل و من الدراهم إلی الدنانیر إلی العکس و إلی جمیع مضروب الصرف بل جمیع ما فی الذمة و لو بغیر عنوان الصرف من غیر موازنة و لا مناقدة کما یؤذن به قوله ( (بعد السؤال عن الوزن و النقد أ لیس الدراهم من عندک و الدنانیر من عندک؟ فلا بأس))، و لا بأس بترامی التحویل و دوره و الحق أن ترمی الروایة بالإجمال إذ لا یفهم منها سوی الإهمال فإن الجواز فی الجملة یکفی فیه وجود صورة صحیحة علی إن إرادة العموم خلاف الإجماع و یؤیده نقل نفی الخلاف عن بعض فی بعض الصور و لیس فی البین إجماع یعوّل علیه و لا حدیث

ص: 370

یرکن إلیه فلا منصرف عن القواعد المحکمة و الأصول المتقنة و لو تعلق طرفا العقد أو أحدهما بکلی من النقدین فأقبض مجهولًا (و لو تفرقا قبل النقد أو الوزن) و کان من الجنس صح العقد فی تمام متعلقه (مع اشتمال المقبوض علی الحق) المطلوب مساویاً له أو زائداً لحصول الشرط و عدم ترتب الغرر بالنسبة إلی القبض فیندرج فی عمومات العقود بقسمیها علی إشکال و فی بعضه حیث یختص به لوجود مقتضیه و حصول المانع فی غیره لا یقتضی حصوله فیه و یترتب خیار التبعیض علیه إنْ لم یستند التقصیر فی ترک البعض إلیه و أما معه فإشکال و لو تعلق بجزئی معین فکذلک مع سبق العلم به حین العقد و إلا فهو من بیع الغرر و لو تعاملا علی نقد بنقد و بعد التفرق حصل الإقباض تدریجاً فإن کان القرض فی الأصل مقصوداً أو الصرف و لم یحصل شرطه و تلفت العین و کان الدفع وفاءً فلا کلام و إن قصد بدفع العوض معاملة سوی البیع لوحظت شرائطه و إن قصد به الصرف بطل و المدار فی ثبوت اتحاد الجنس و اختلافه وحدة الذات دون الصفات فاختلاف اللون (و الجودة) و الأجودیة (و الرداءة) و الأردئیة و المرغوبیة و عدم المرغوبیة (و الصیاغة و الکسر لا توجب الاثنینیة) لغةً لا عرفاً فتثبت معها حکم الوحدة للإجماع محصلًا و منقولًا بلفظ نفی الخلاف و للأخبار و إن اختصا بما فی المتن لوحدة الطریق و للإجماع المرکب فیثبت العموم (و یجوز) فی حال عقد بیع الصرف و معاطاته إن کانت منه فضلًا عن غیره أو فی حال إقباضه أو فیهما معاً کما فی بیع سائر ما فیه الربا من المکیلین و الموزونین و مختلفین فی الصفتین (التفاضل) و إن کان مقَیداً به (مع اختلاف الجنس) دون الصنف و الوصف للأصل و العموم و الخصوص و منقول الإجماع

ص: 371

و مع الاتحاد لا یجوز مع العلم و الجهل المرکب و البسیط و الممزوج من الجنس من النقدین و غیرهما (و المغشوش) و المخلوط کذلک مع حصول التموّل فی الخلیط فلا یجری الحکم فی الصفر و الرصاص مثلًا (یباع بغیر جنسه) أو بنقل ناقل آخر کذلک کما دلّ علیه الأصل و الإجماع و الأخبار إن أرید بیعه مثلًا بجنس واحد من غیر زیادة أو زیادة غیر متعد بها (إن جهل قدره) أو اندفع الغرر بالسکة أو بالاکتفاء بوزن المجموع فی وجه قوی و بنی علی المداقة أما مع المسامحة و بذل الزائد علی مجانسة فلا بأس و إن أرید بیعه بمغشوش مثلًا من النقدین أو من أحدهما و جنس آخر من غیرهما أو بالمتحد منهما زائداً أو مساویاً أو ناقصاً مع الإضافة إلی جنس آخر فی القسمین الأخیرین صح و کلما صححه الضم فلا بدّ من التمول فی ضمیمة و حکم الصرف کحکم الکیل و الوزن و غیرهما من الصفات التی تختلف الأحکام باختلافها تجری فی المستقل و المنضم ما لم تخرج بالانضمام عن اسم الصرف و حکم هذا کلّه إذا کان مجهول القدر (و إلا) یجهل قدره (جاز) بیعه (بجنسه).

هذا آخر ما شرحه قدوة العلماء و رئیس الفقهاء و شیخ الفضلاء و الأستاذ الأکبر الشیخ جعفر قدس اللّه روحه و نور ضریحه علی قواعد العلامة أعلی اللّه مقامه. و قد کتب ولده الفقیه المتبحر الشیخ حسن صاحب" أنوار الفقاهة" (" قدس سره") تکملة لهذا الشرح ابتدأها من أول بیع الصرف إلی آخر کتاب بیع القواعد و ستخرج إلی نور الوجود بمشیئة اللّه و توفیقه و تسدیده و ببرکة من لذنا بجواره إمام المتقین و مُرْسی قواعد أحکام الدین مولانا أمیر المؤمنین (ع) و الحمد لله الذی بنعمته تتم الصالحات.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.